سفر التثنية

سفر التثنية | 10 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التثنية

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

١ «فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: ٱنْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ ٱلأَوَّلَيْنِ، وَٱصْعَدْ إِلَيَّ إِلَى ٱلْجَبَلِ، وَٱصْنَعْ لَكَ تَابُوتاً مِنْ خَشَبٍ».

خروج ٣٤: ١ و٢ خروج ٢٥: ١٠

فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ الأربعون يوماً التي هي أيام الشفاعة المذكورة في الأصحاح السابق كانت على أثر هذا الأمر (خروج ٢٤: ١ و١٨).

ٱنْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ… وَٱصْنَعْ لَكَ تَابُوتاً أُمر بصنع التابوت قبل الأربعين يوماً (خروج ٢٥: ١٠). وأُمر بنحت اللوحين بعد أن رأى مجد الله (خروج ص ٣٣) من نقرة في الصخرة لكن قبل أن شغل الأربعين يوماً بالشفاعة. رأى راشي وهو أحد مفسري اليهود أنه كان عند الإسرائيليين تابوتان يخرجون بأحدهما إلى الحرب ويبقون الآخر في الخيمة لكن لا سند لهذا الرأي. وربما كان هنالك إناء وقتي للوحين من صنع موسى كالخيمة الوقتية المذكورة في (خروج ٣٣: ٧) كان يُحفظ اللوحين فيه إلى أن يكمل التابوت الذي كان بصلئيل يصنعه وهذا لم يكن قد تم إلا بعد أن نزل موسى باللوحين الثانيين (انظر خروج ص ٢٥ الخ).

٢ «فَأَكْتُبُ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ ٱلأَوَّلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ كَسَرْتَهُمَا، وَتَضَعُهُمَا فِي ٱلتَّابُوتِ».

خروج ٢٥: ١٦ و٢١

فَأَكْتُبُ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ من الخطإ القول بأن موسى كتب الوصايا العشر على اللوحين الجديدين. وهذا الخطأ نشأ من توهم أن الضمير في قوله في سفر الخروج «فكتب» يرجع إلى موسى وهو يرجع إلى الرب (انظر خروج ٣٤: ٢٨ وقابل به خروج ٣٤: ١). وبقي ان المعنى الروحي في ذلك هو أن لوحي الحجر يمثلان القلب البشري كما يعلمنا القديس بولس في (٢كورنثوس ٣: ٢). وكان اللوحان الأولان يمثلان قلب آدم الذي خرج جديداً من يد صانعه وكلمات الشريعة مكتوبة عليه لكنهما أتلفا بالسقوط تحت جبل الشريعة والناسوت الذي صعد ليقبل الروح لنا كان قد أعده الوسيط على الأرض وهو «الإنسان الثاني» الذي قبل العهد الجديد «لا الحرف بل الروح» الذي وضع شريعة الله في ذهن الإنسان وكتبها على قلبه وجعله هيكل الله. فالتابوت والخيمة اللذان كانت الشريعة فيهما هما مثال هيكل الله البشري وقلب الإنسان الجديد.

٣ «فَصَنَعْتُ تَابُوتاً مِنْ خَشَبِ ٱلسَّنْطِ، وَنَحَتُّ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ ٱلأَوَّلَيْنِ، وَصَعِدْتُ إِلَى ٱلْجَبَلِ وَٱللَّوْحَانِ فِي يَدِي».

خروج ٢٥: ٥ و١٠ و٣٧: ١ خروج ٣٤: ٤

ٱلسَّنْطِ شجرة عظيمة شائكة تُعصر منها الأقاقيا ويُستخرج منها القرظ وهو دبغ حسن تنبت في البرية حول بحر لوط وفي غور الأردن وبادية التيه وسيناء خشبها صلب ثقيل جداً كثير القوة طويل البقاء قلبه إلى السواد والحمرة وأوراقها ريشية مزدوجة وأزهارها صغيرة مجتمعة كأزهار العنبر الذي هو نوع من الجنس السنطي تحمل قروناً لولبية لكن أزهارها بيضاء وأزهار العنبر صفراء ويفرز من أغصانها الصمغ العربي المشهور.

٤ «فَكَتَبَ عَلَى ٱللَّوْحَيْنِ مِثْلَ ٱلْكِتَابَةِ ٱلأُولَى، ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرَ ٱلَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ فِي يَوْمِ ٱلاجْتِمَاعِ، وَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ إِيَّاهَا».

خروج ٣٤: ٢٨ خروج ٢٠: ١ خروج ١٩: ١٧ وص ٩: ١٠ و١٨: ١٦

مِثْلَ ٱلْكِتَابَةِ ٱلأُولَى، ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْعَشَرَ أي أن الوصايا التي كتبها الله على اللوحين الجديدين هي الوصايا التي كتبها على اللوحين القديمين.

يَوْمِ ٱلاجْتِمَاعِ أو يوم الكنيسة على مصطلح العهد الجديد فإن اليوم الخمسين في العهد القديم هو اليوم الذي أُعطي فيه «الحرف» وإن اليوم الخمسين في العهد الجديد هو اليوم الذي أُعطي فيه «الروح المحيي» وكل من العهدين له كنيسة بحسبه.

٥ «ثُمَّ ٱنْصَرَفْتُ وَنَزَلْتُ مِنَ ٱلْجَبَلِ وَوَضَعْتُ ٱللَّوْحَيْنِ فِي ٱلتَّابُوتِ ٱلَّذِي صَنَعْتُ، فَكَانَا هُنَاكَ كَمَا أَمَرَنِيَ ٱلرَّبُّ».

خروج ٣٤: ٢٩ خروج ٤٠: ٢٠ و١ملوك ٨: ٩

وَضَعْتُ ٱللَّوْحَيْنِ فِي ٱلتَّابُوتِ ٱلَّذِي صَنَعْتُ، فَكَانَا هُنَاكَ إنه يستفاد من نبإ الخروج أن التابوت صُنع بعد ذلك ويوفق بين النبأين بأن معنى قوله «صنعت» أمرت بأن يُصنع فإن موسى لم يصنع التابوت بل أمر بصلئيل بأن يصنعه على الصفة التي ذكرها له.

٦ «وَبَنُو إِسْرَائِيلَ ٱرْتَحَلُوا مِنْ آبَارِ بَنِي يَعْقَانَ إِلَى مُوسِيرَ. هُنَاكَ مَاتَ هَارُونُ وَهُنَاكَ دُفِنَ. فَكَهَنَ أَلِعَازَارُ ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ».

عدد ٣٣: ٣١ عدد ٣٣: ٣٠ عدد ٢٠: ٢٨ و٣٣: ٣٨

آبَارِ بَنِي يَعْقَانَ اسم مكان رُجح أنه المكان المعروف بالماين وهو على غاية ستين ميلاً من غربي جبل حور.

مُوسِيرَ أي رباط. وذُكر هذا المكان في سفر العدد بالجمع العبراني أعني «مسيروت» أي رُبط وهو بعد حشمونة (عدد ٣٣: ١٠ و ٣١). وكانت موسير في البلاد التي فيها جبل حور.

هُنَاكَ مَاتَ هَارُونُ وَهُنَاكَ دُفِنَ أي في موسير.

٧ «مِنْ هُنَاكَ ٱرْتَحَلُوا إِلَى ٱلْجِدْجَادِ وَمِنَ ٱلْجِدْجَادِ إِلَى يُطْبَاتَ، أَرْضِ أَنْهَارِ مَاءٍ».

عدد ٣٣: ٣٢ و٣٣

ٱلْجِدْجَادِ زعم بعضهم أنه وادٍ يُعرف اليوم بوادي الجدجودة أو الغدغودة وهو غربي العربة وظنه بعضهم حور الجدجاد.

يُطْبَاتَ محلة في غربي العربة معناها طيب.

وبقي هنا أن هذه الآية والتي قبلها أي الآيتين السادسة والسابعة من أصعب ما في كل سفر التثنية من الصعوبات ولولا علاقتها الروحية الحسنة بسياق الكلام لما وُجد من داع لذكرهما هنا. وفوق ذلك نقول إن نبأ موت هارون هنا يختلف عن النبإ الذي في سفر العدد وكذلك المحلات الأربع في سفر الإسرائيليين تختلف في الزمان عما في ذلك السفر (عدد ٣٣: ٣١ – ٣٤) فيحصل من ذلك ارتباك عظيم. وزادت نسخة الأسفار الخمسة السامرية الارتباك بإدخالها هنا المحلات المذكورة في (عدد ٣٣: ٣٤ – ٣٧) بغية الموافقة بين النبأين. والترجمة اليونانية المعروفة بترجمة السبعين تؤيد الأصل العبراني في تينك الآيتين. والواقع أن دفن هارون ذُكر في هذا الموضع فقط. ويدل على أن الآيات في سفر التثنية ليست هي المذكورة في سفر العدد ويظهر لك الخلاف من جدول المقابلة الآتي.

الزمن الرابع للخروج (عدد ٣٣: ٣٠ – ٣٣)

ارتحل بنو إسرائيل من حشمونة إلى مسيروت ومن مسيروت إلى بني يعقان ومن بني يعقان إلى حور الجدجاد ومن حور الجدجاد إلى يطبات وذكر ثلاث محلات بين يطبات وجبل خحور حيث مات هارون وهي عبرونة وعصيون جابر وقادش في الزمن الخامس للخروج في اليوم الأول من الشهر.

والزمن الرابع للخروج لم يُذكر تاريخه.

والزمن الخامس بداءته من موت مريم في قادش في اليوم الأول من السنة الأربعين للخروج (عدد ٢٠: ١).

الزمن الخامس للخروج (تثنية ١٠: ٦ و٧)

ارتحل بنو إسرائيل من آبار بني يعقان إلى موسير (حيث مات هارون ودُفن) ومن موسير إلى الجدجاد ومن الجدجاد إلى يطبات أرض أنهر الماء وموسير مفرد ومسيروت جمع. ومعنى حور الجدجاد جبل جدجاد وهو يختلف عن الجدجود بالحركة (أو حرف العلة) ومعنى الجدجودة جوار الجدجود أو الجدجاد. والجدجاد ويطبات كلاهما في سفر العدد والتثنية في السبعينية. وسُميت بأسماء أخرى مع شيء من الاختلاف في اللفظ.

والأماكن لم تذكر على ترتيب واحد في السفرين والاختلاف في صور الكلمات يدل على إن ما في سفر التثنية غير منقول عما في سفر العدد والمواقع الأربعة مجهولة اليوم. والزيادة في سفر التثنية تنبه على علة أن الإسرائيليين كرروا النزول في مكانين من الأمكنة الأربعة. وهي كون الماء في آبار بني يعقان وفي يطبات «أرض أنهر الماء».

ورجوع بني إسرائيل في الزمن الأخير من أزمنة الخروج إلى تلك الأماكن مما يستحق الاعتبار هنا فقد أخبرنا الكتاب أنهم اضطروا قرب زمن موت هارون إلى الرحيل من جبل هور إلى أرض أدوم ولم يسمح لهم الأدوميون أن يجتازوا (عدد ٢١: ٤ و٢٠: ٢١). والرجوع إلى المحلات السابقة زاد مشقة الشعب وعذابه «فضاقت نفس الشعب في الطريق» وإذا سافروا في طريق مختلفة اقتضت الضرورة عكس ترتيب الأماكن وما كان من الضروري أن ينزلوا حيث نزلوا في السفر الأول. فإنه لم يُذكر أنهم سافروا من أحدها إلى الآخر فلا سبب لأن يُقال هنا لماذا لم تُسم أرض جبل حور موسير أو موسيروت. وربما سمى موسى بعض المواضع أسماء جديدة اقتضتها الحال كما سمى غيرها على ما عُرف في سفر الخروج مثل مريبة وقبروت هتأوة.

وبقي ما يحملنا على الحكم بسبب خاص لجعل عدد رحلات بني إسرائيل في سفر العدد اثنين وأربعين (عدد ص ٣٢) كجعل متّى الأجيال كذلك (متّى ص ١) مع أنه ترك ثلاثة منها. ولذلك لا نعجب من ذكر الأماكن المتروكة في هذه القائمة في موضع آخر. ولم يُذكر في سفر العدد السير إلى المكان الواحد مرتين مع أن بني إسرائيل كانوا مرتين في قادش على سبيل التحقيق (لأنه ليس في عدد ٢٣: ٢٦ و٢٠: ١ من إشارة إلى وحدة الزمان وإن وحدة الزمان فيها مما لا يمكن ويرجح أنهم كانوا مرتين في عدة أماكن غير قادش).

والصعوبة الحقيقية ليست في الواقعات المحكية في (تثنية ١٠: ٦ و٧) بل في هذه المسئلة وهي لماذا قُصت هنا ثم أنها قُصت بضمير الغيبة هنا وفي سائر أجزاء السفر بضمير المتكلم (تثنية ١: ١٩ و٢٥: ١ و٨ و١٣ و٣: ١ و٢٦). فقارئ سفر التثنية الذي لم يعهد الكتب السابقة يتوهم أن بني إسرائيل سافروا في وقت هذا الخطاب لكن بعد إمعان النظر يتبين إن الآية تشير إلى وقت سبق وقت هذا السفر لكنه كان بعد الحوادث المحكية في (ص ١٠: ٥ و٨).

وهاتان الآيتان بالنظر إلى صورتهما يتدرجان في القسم التاريخي من هذا السفر فإن بعضه تاريخي وبعضه وعظي وإنهما لم يذكرا في موضعهما إلا لما فيهما من المعنى الروحي كما ذُكر آنفاً وإن الروحيات كانت حينئذ في ذهن موسى شبيه سلسلة ما في هاتين الآيتين بعض حلقاتها وبهذا يُدفع الإشكال كله. فموت رئيس كهنة إسرائيل الذي هو هارون أول رؤساء الكهنة له علاقة روحية بكسر لوحي الشريعة الأولين ولكليهما علاقة بموت الحبر الأعظم السماوي الذي مات عنا وحررنا من شريعة اللوحين فكأنه كسرهما بمعنى أن خلاصنا لا يتوقف على تمام قيامنا بالوصايا. وقام نائبنا الكاهن الأعظم بعد موته كاهناً آخر لا حسب شريعة الوصية الجسدية بل حسب قوة الحياة التي لا نهاية لها. وهذا يتعلق بما سبق فإن فرز سبط لاوي «ليحمل تابوت عهد الرب» أي ليحمل ثقل الشريعة هو الشيء الواحد بصورة أخرى فإن ذلك عراهم من الميراث الأرضي كما أن نائبنا الكاهن الآعظم بذل نفسه تقدمة وذبيحة لله «وحياته أُخذت من الأرض». وبقي فوق ذلك أن لأسماء الأماكن في هذا الاعتبار معنىً روحياً فمن «آبار الماء» آبار بني يعقان (اعوجاج) شرع شعب الله في السفر إلى مشهد موت الكاهن الأعظم ومن ثم إلى حور الجدجاد أو الجدحود جبل الجيش أو الكتيبة (سيناء هو جبل الجماعة في العهد القديم وهو صهيون في العهد الجديد). ومن ثم إلى أرض أنهار ماء. وهو صورة أخرى للسير من آبار الشريعة إلى أنهار ماء الحياة المفتوحة ينابيعه بالإنجيل لكن يجب أن نمر على طريق صليب المسيح.

٨ «فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أَفْرَزَ ٱلرَّبُّ سِبْطَ لاَوِي لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلِيَقِفُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِٱسْمِهِ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

عدد ٣: ٦ و٤: ٤ و٨: ١٤ و١٦: ٩ عدد ٤: ١٥ ص ١٨: ٥ لاويين ٩: ٢٢ عدد ٦: ٢٣ وص ٢١: ٥

فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ أي حين كانوا في سيناء بعد نزول موسى الثاني من الجبل على أن موت هارون وفرز سبط لاوي حادثتان متشابهتان في طريقهم فكلاهما خسران الميراث الأرض بحمل أثقال الشريعة.

لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلِيَقِفُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِٱسْمِهِ قام هنا اعتراض على أن كاتب سفر التثنية لم يعرف التمييز بين اللاويين والكهنة (وهذا لا يلزم من نص الآية) وسيأتي البيان في التفسير (انظر تفسير ص ١١: ٦) وأصاب راشي أحد مفسري اليهود بقوله «ليحمل اللاويون تابوت عهد الرب ويقف الكهنة أمام الرب ويباركوا باسمه».

٩ «لأَجْلِ ذٰلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلاَوِي قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِخْوَتِهِ. ٱلرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا كَلَّمَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

عدد ١٨: ٢٠ و٢٤ وص ١٨: ١ و٢ وحزقيال ٤٤: ٢٨

ٱلرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ لأنه كان نصيب هارون أخي موسى الذي كان قد اختاره لنفسه حينئذ وقد أشار موسى إلى وفاته.

١٠ «وَأَنَا مَكَثْتُ فِي ٱلْجَبَلِ كَٱلأَيَّامِ ٱلأُولَى، أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَسَمِعَ ٱلرَّبُّ لِي تِلْكَ ٱلْمَرَّةَ أَيْضاً، وَلَمْ يَشَإِ ٱلرَّبُّ أَنْ يُهْلِكَكَ».

خروج ٣٤: ٢٨ وص ٩: ١٨ و٢٥ خروج ٣٢: ١٤ و٣٣ و٣٤ و٣٣: ١٧ وص ٩: ١٩

(شغل موسى هذه الأيام بالشفاعة في بني إسرائيل ولم ينسب عفو الرب عنهم إلى شفاعته فيهم بل إلى مشيئته تعالى).

١١ «ثُمَّ قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱذْهَبْ لِلارْتِحَالِ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ فَيَدْخُلُوا وَيَمْتَلِكُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ أَنْ أُعْطِيَهُمْ».

خروج ٣٢: ٣٤ و٣٣: ١

قَالَ لِيَ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱذْهَبْ لِلارْتِحَالِ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ هذا مع أنكم كنتم قد تركتموه وعبدتم العجل.

١٢ – ١٤ «١٢ فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، ١٣ وَتَحْفَظَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِخَيْرِكَ. ١٤ هُوَذَا لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلسَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا».

ميخا ٦: ٨ ص ٦: ١٣ ص ٥: ٣٣ ص ٦: ٥ و١١: ١٣ و٣٠: ١٦ و٢٠ ومتّى ٢٢: ٣٧ ص ٦: ٢٤ و١ملوك ٨: ٢٧ ومزمور ١٥: ١٦ و١٤٨: ٤ تكوين ١٤: ١٩ وخروج ١٩: ٥ ومزمور ٢٤: ١

فَٱلآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إنك بعدما ارتكبت كل تلك الآثام والمعاصي لم يزل يرحمك ويشفق عليك ومع هذا كله خطئت أمامه وهو لا يطلب منك الآن إلا أن تخشاه الخ (كذا قال راشي). واستنتج الربانيون من هذا قولهم «كل شيء في يد الرب (فيمنحه) إلا تقوى الرب» أي فهي مما يجب على الإنسان أن يقوم به. لكن ينافي قاعدتهم هذه قوله تعالى «أَجْعَلُ مَخَافَتِي فِي قُلُوبِهِمْ فَلاَ يَحِيدُونَ عَنِّي» (إرميا ٣٢: ٤٠ قابل أيضاً بما في ميخا ٦: ٨ متّى ٢٣: ٢٣).

١٥ «وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا ٱلْتَصَقَ بِآبَائِكَ لِيُحِبَّهُمْ، فَٱخْتَارَ مِنْ بَعْدِهِمْ نَسْلَهُمُ ٱلَّذِي هُوَ أَنْتُمْ فَوْقَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ».

ص ٤: ٣٧

وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ إِنَّمَا ٱلْتَصَقَ إن كل العالمين للرب ومع هذا اختار آباءك على كل شعب.

١٦ «فَٱخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ، وَلاَ تُصَلِّبُوا رِقَابَكُمْ بَعْدُ».

لاويين ٢٦: ٤١ وص ٣٠: ٦ وإرميا ٤: ٤ ورومية ٢: ٢٨ و٢٩ وكولوسي ٢: ١١ ص ٩: ٦ و١٣

فَٱخْتِنُوا غُرْلَةَ قُلُوبِكُمْ إن الختان هو ختان القلب في الروح لا بالحرف (رومية ٢: ٢٩) ومعنى الآية طهروا قلوبكم وأطيعوا. وهذا كقول الرسول «ٱسْلُكُوا بِٱلرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ» (غلاطية ٥: ١٦).

١٧ «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكُمْ هُوَ إِلٰهُ ٱلآلِهَةِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ، ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمَهِيبُ ٱلَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِٱلْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً».

يشوع ٢٢: ٢٢ ومزمور ١٣٦: ٢ ودانيال ٢: ٤٧ و١١: ٣٦ رؤيا ١٧: ١٤ و١٩: ١٦ ص ٧: ٢١ و٢أيام ٣٤: ١٩ وأعمال ١٠: ٣٤ ورومية ٢: ١١ وغلاطية ٢: ٦ وأفسس ٦: ٨ وكولوسي ٣: ٢٥ و١بطرس ١: ١٧

ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمَهِيبُ ومع هذا يتنازل إلى صنع الحق لليتيم والأرملة ويعطي الغريب طعاماً ولباساً (ع ١٨) ويشفي انكسار القلوب ويعصب جراحها.

١٨ «ٱلصَّانِعُ حَقَّ ٱلْيَتِيمِ وَٱلأَرْمَلَةِ، وَٱلْمُحِبُّ ٱلْغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَاماً وَلِبَاساً».

مزمور ٦٨: ٥ و١٤٦: ٩

ٱلْمُحِبُّ ٱلْغَرِيبَ لِيُعْطِيَهُ طَعَاماً وَلِبَاساً هذا جُمع كله في قول أبينا يعقوب «إِنْ كَانَ ٱللّٰهُ مَعِي… وَأَعْطَانِي خُبْزاً لآكُلَ وَثِيَاباً لأَلْبِسَ» (تكوين ٢٨: ٢٠) (راشي).

١٩ «فَأَحِبُّوا ٱلْغَرِيبَ لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ».

لاويين ١٩: ٣٣ و٣٤

لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ «لا تنظر في قريبك العيب الذي في نفسك» (راشي). فاشعر مع الغريب بما كنت تشعر به وأنت غريب وأحسن عليه في غربته كما أحسن الله عليك في غربتك.

٢٠ «ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِهِ تَلْتَصِقُ، وَبِٱسْمِهِ تَحْلِفُ».

ص ٦: ١٣ ومتّى ٤: ١٠ ولوقا ٤: ٨ ص ١١: ٢٢ و١٣: ٤ مزمور ٦٣: ١١

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ وفي العهد الجديد «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» وهذا آخر أجوبة ربنا للمجرب في البرية.

بِٱسْمِهِ تَحْلِفُ قال راشي أحد كبراء المفسرين عند اليهود ما معناه إن الكتاب وضع في هذه الآية الأوامر على الترتيب وكان قوله باسمه تحلف آخرها ليبين إن من اتقى الرب وإياه عبد وبه التصق لا يحلف باسمه باطلاً.

٢١ «هُوَ فَخْرُكَ وَهُوَ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي صَنَعَ مَعَكَ تِلْكَ ٱلْعَظَائِمَ وَٱلْمَخَاوِفَ ٱلَّتِي أَبْصَرَتْهَا عَيْنَاكَ».

خروج ١٥: ٢ ومزمور ٢٢: ٣ وإرميا ١٧: ١٤ و١صموئيل ١٢: ٢٤ و٢صموئيل ٧: ١٣ ومزمور ١٠٦: ٢١ و٢٢

فَخْرُكَ إن الله هو فخر إسرائيل ولولا الله ما كان له سوى الخزي.

٢٢ «سَبْعِينَ نَفْساً نَزَلَ آبَاؤُكَ إِلَى مِصْرَ، وَٱلآنَ قَدْ جَعَلَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ».

تكوين ٤٦: ٢٧ وخروج ١: ٥ وأعمال ٧: ١٤ تكوين ١٥: ٥ وص ١: ١٠ و٢٨: ٦٢

سَبْعِينَ نَفْساً نَزَلَ آبَاؤُكَ إن الله أكثر بني إسرائيل في مصر إكثاراً عجيباً ولم يُبن لنا كيف أكثرهم كذلك والظاهر من نص الآية إن إكثاره إياهم لم يكن من المقتضيات الطبيعية بل مما يخالفها فكانت بعناية خاصة من الله إتماماً لوعده لإبراهيم. ولنا من أمثلة إكثارهم ما جاء في سفر الأيام الأول. ففيه أنه «كَانَ لِشَمْعِي سِتَّةَ عَشَرَ ٱبْناً وَسِتَّ بَنَاتٍ. وَأَمَّا إِخْوَتُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَنُونَ كَثِيرُونَ، وَكُلُّ عَشَائِرِهِمْ لَمْ يَكْثُرُوا مِثْلَ بَنِي يَهُوذَا» (١أيام ٤: ٢٧). والإحصاءات الحديثة لم يكن فيها مثل معدل زيادة الإسرائيليين (انظر أيضاً تفسير ص ٣٢: ٨).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى