سفر المزامير | 108 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلثَّامِنُ
تَسْبِيحَةٌ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ
«١ ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اَللّٰهُ. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ. كَذٰلِكَ مَجْدِي. ٢ ٱسْتَيْقِظِي أَيَّتُهَا ٱلرَّبَابُ وَٱلْعُودُ. أَنَا أَسْتَيْقِظُ سَحَراً. ٣ أَحْمَدُكَ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ يَا رَبُّ، وَأُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ ٱلأُمَمِ».
يحمل هذا المزمور عنوانه أنه تسبيحة وهو لا شك قديم العهد حتى أنه يحمل اسم داود ويرجح أنه مأخوذ من كتابات داودية ولكنه لأنه لا يحمل «لإمام المغنين» فيعني ذلك أن صياغته الأخيرة كانت متأخرة عن العصر الداودي بل يعزى إلى ما بعده. وهذا المزمور مأخوذ من قطعتين قديمتين تنتميان للنسق الألوهيمي ولكنهما أخذتا من قرينتهما التاريخية حتى لا نعرف علاقة الواحدة بالأخرى. ولا يعقل أن شاعراً في طبقة داود يأخذ هاتين القطعتين ليؤلف منهما مزموراً واحداً ينسب إليه لذلك يرجح أنه مزمور حديث العهد.
(١ – ٣) أما القطعة الأولى فهي مأخوذة من (المزمور ٥٧: ٨ – ١٢) ولكنه هنا لا يكرر قوله ثابت قلبي. وقوله كذلك مجدي أي أن مجده أيضاً يغني ويرنم للرب.
وهو يستنجد بآلات الطرب منها الرباب والعود لكي تساعده على هذا الحمد والتسبيح وعليه أن تنهض معه باكراً.
بل هو بهجة بأن يرنم بين الأمم ويحمد الله بين الشعوب. ليس فقط أنه لا يخجل من ذلك بل يجد فيه بهجة وسروراً.
«٤ لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ فَوْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ، وَإِلَى ٱلْغَمَامِ حَقُّكَ. ٥ ٱرْتَفِعِ ٱللّٰهُمَّ عَلَى ٱلسَّمَاوَاتِ، وَلْيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ ٱلأَرْضِ مَجْدُكَ. ٦ لِكَيْ يَنْجُوَ أَحِبَّاؤُكَ. خَلِّصْ بِيَمِينِكَ وَٱسْتَجِبْ لِي. ٧ اَللّٰهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِقُدْسِهِ. أَبْتَهِجُ، أَقْسِمُ شَكِيمَ وَأَقِيسُ وَادِيَ سُكُّوتَ. ٨ لِي جِلْعَادُ لِي مَنَسَّى. أَفْرَايِمُ خُوذَةُ رَأْسِي. يَهُوذَا صَوْلَجَانِي».
(٤ – ٥) هوذا الرحمة والحق تظهران عظمة الرب فهوذا الرحمة قد ارتفعت إلى السموات كما أن الحق قد وصل إلى السحاب ولذلك فهو يرى مجد الله فوق السموات كلها كما أنه مرتفع فوق الأرض وجميع ساكنيها (راجع إرميا ٥١: ٩).
(٦ – ٨) والغرض هو التماس من الرب أن ينجي ويخلّص بيمينه ويستجيب لأحبائه وأتقيائه الذين يخشون اسمه ويعملون مرضاته في كل حين. هوذا الله يتكلم ويعدّد أرضه المقدسة من شكيم إلى وادي سكوت إلى جلعاد إلى منسى وحينما يصل إلى أفرايم وهي كناية عن مملكة الشمال يجعلها الخوذة كما لا يقلل من قيمة يهوذا فيجعله الصولجان. فكما أن من أفرايم الرؤساء والعظماء كذلك من يهوذا الملوك حاملو شارات السطوة والسلطان.
«٩ مُوآبُ مِرْحَضَتِي. عَلَى أَدُومَ أَطْرَحُ نَعْلِي. يَا فِلِسْطِينُ ٱهْتِفِي عَلَيَّ. ١٠ مَنْ يَقُودُنِي إِلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلْمُحَصَّنَةِ؟ مَنْ يَهْدِينِي إِلَى أَدُومَ؟ ١١ أَلَيْسَ أَنْتَ يَا اَللّٰهُ ٱلَّذِي رَفَضْتَنَا، وَلاَ تَخْرُجُ يَا اَللّٰهُ مَعَ جُيُوشِنَا؟ ١٢ أَعْطِنَا عَوْناً فِي ٱلضِّيقِ، فَبَاطِلٌ هُوَ خَلاَصُ ٱلإِنْسَانِ. ١٣ بِٱللّٰهِ نَصْنَعُ بِبَأْسٍ، وَهُوَ يَدُوسُ أَعْدَاءَنَا».
(٩ – ١٣) وأما موآب فهي كناية عن وعاء لغسل الأرجل وهذا دليل على عدم الالتفات إليها والاهتمام بها وكذلك أدوم فهي تزدري أيضاً وأرض الفلسطينيين كلها فلتهتف هتاف المكسور تجاه المنصورين.
ذلك الإله الذي يلتفت إليه المؤمن ويرجو منه العون والهداية حتى ضد ألد الأعداء وهي أدوم. إن الله الذي رفض من قبل يرضى الآن. وهو الذي امتنع عن المساعدة تأديباً لنا إذا به الآن يخرج للإسعاف والنصرة. ويعود إلى نفسه ولا يرى أي خلاص من دون الله. ذلك الإله المحب الذي يعين في الضيق ولولا ذلك لكان خلاص الإنسان باطلاً لا ينفع شيئاً.
إلهنا وحده يصنع كل شيء بقوته وقدرته فهو الذي ينصر متقيه ويسندهم على كل الأشرار وفي الوقت ذاته يدوس الأعداء ويرفضهم إلى التمام بل يدوسهم تحت الأقدام.
السابق |
التالي |