سفر المزامير | 101 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلْوَاحِدُ
لِدَاوُدَ. مَزْمُورٌ
«١ رَحْمَةً وَحُكْماً أُغَنِّي. لَكَ يَا رَبُّ أُرَنِّمُ. ٢ أَتَعَقَّلُ فِي طَرِيقٍ كَامِلٍ. مَتَى تَأْتِي إِلَيَّ؟ أَسْلُكُ فِي كَمَالِ قَلْبِي فِي وَسَطِ بَيْتِي. ٣ لاَ أَضَعُ قُدَّامَ عَيْنَيَّ أَمْراً رَدِيئاً. عَمَلَ ٱلزَّيَغَانِ أَبْغَضْتُ. لاَ يَلْصَقُ بِي».
(١ – ٦) يحكى عن أحد أمراء الجرمان أن أحد عماله أذنب في القرن السابع عشر فأرسل له نسخة عن هذا المزمور لكي يطالعه ويتعظ حتى ذهب ذلك مثلاً بين الناس فيقولون أرسل له المزمور المئة والواحد. وفي نص التوراة التي ترجمها لوثيروس يسمي هذا المزمور «مرآة داود عن ملك». وقد يكون أنه أي داود يعاهد الله عهوداً عظيمة أن يسلك في فرائضه ولا يرتكب إثماً فيما بعد. وقد يكون في المزمور إشارة لحادث معين (راجع ٢صموئيل ٦: ٨ وما بعده). لم يشأ داود أن يجلب تابوت العهد إلى بيته خوفاً ورهبة مع أنه تيقن أن بركات كثيرة تأتي إليه بواسطته فيتأوه قائلاً «متى تأتي إليّ؟» في العدد الأول يلخص حياة داود كلها الرحمة والحكم فلأن هذه هي من الله لذلك يغنيها أمام الرب. فالرحمة لأن الله صالح وأما الحكم فلأن بيده كل شيء والملك نفسه ليس سوى وكيل على شعب الله ويجب أن يجري حكمه بالواسطة ليس إلا. إن الله يطلب الرحمة والحكم من كل إنسان فكم بالأحرى من الملك (راجع ميخا ٦: ٨ وقابله مع متى ٢٣: ٢٣) والقصد من ذلك أن يطبقه عملياً (راجع دانيال ٩: ١٣). ويطلب أن يتعقل في سلوكه (راجع خروج ١٧: ١٦ و١٩ و٢صموئيل ١٩: ١٢). ويكون قدوة لأهل بيته ويعيش بقلب حر وسلوك حسن. ثم يلتفت في العدد الثالث بلهجته السلبية ويقول إنه لن يزيغ عن الحق فيما بعد ولا يفكر في أمر رديء لأنه قد أبغض كل شر حتى لا يمكن أن يلصق به فيما بعد.
«٤ قَلْبٌ مُعَوَّجٌ يَبْعُدُ عَنِّي. ٱلشِّرِّيرُ لاَ أَعْرِفُهُ. ٥ ٱلَّذِي يَغْتَابُ صَاحِبَهُ سِرّاً هٰذَا أَقْطَعُهُ. مُسْتَكْبِرُ ٱلْعَيْنِ وَمُنْتَفِخُ ٱلْقَلْبِ لاَ أَحْتَمِلُهُ. ٦ عَيْنَايَ عَلَى أُمَنَاءِ ٱلأَرْضِ لِكَيْ أُجْلِسَهُمْ مَعِي. ٱلسَّالِكُ طَرِيقاً كَامِلاً هُوَ يَخْدِمُنِي. ٧ لاَ يَسْكُنُ وَسَطَ بَيْتِي عَامِلُ غِشٍّ. ٱلْمُتَكَلِّمُ بِٱلْكَذِبِ لاَ يَثْبُتُ أَمَامَ عَيْنَيَّ. ٨ بَاكِراً أُبِيدُ جَمِيعَ أَشْرَارِ ٱلأَرْضِ، لأَقْطَعَ مِنْ مَدِينَةِ ٱلرَّبِّ كُلَّ فَاعِلِي ٱلإِثْمِ».
إن أهم شيء يجب أن ينتبه له الحاكم أن لا يتسرع في أحكامه ولا يجد الظلم إليه سبيلاً. فلا يبالغ ولا يحابي الوجوه ولا يؤثر عليه شيء لئلا يحيد عن الطريق المستقيم وهكذا يبتعد عن الإثم ولا يتعرف بالأشرار. ولأنه ينوي هكذا فإنه سيرفض كل مغتاب والمتكبر المتشامخ والمعتد بذاته فإنه لا يحتملهم قط. إن المرنم يتكلم عن اختبارات شخصية فقد صادف المرتشي والمغتاب والظالم والمتكبر وذا اللسانين وكان له مع كل منهم اختبارات مرة. وإذا استطاع الإنسان أن يحتملهم فإنما ذلك إلى حين وبعد ذلك يطفح الكيل ويخرج الإنسان عن صبره وجلده.
ولكنه في العدد السادس يعاهد نفسه أن يصحب الأمناء والشرفاء هؤلاء الذين يسلكون بالكمال يكون نصيبهم الوقار وبالتالي يخدمون الملك بخدمة رعيته بإخلاص وإنصاف.
(٧ – ٨) في العدد السابع يتناول نوعين من الناس فمنهم الذين يعملون بالغش. هؤلاء لا يجوز أن يكونوا في بيت الملك لأنهم لا يوصلون الأموال المتوجبة ولا يجرون العدالة للناس. ومن جهة ثانية فهو يبغض الكذاب الذي قد يكون له مجال أن يقف بعض الوقت أمام الملك ولكن إلى أن تنكشف حقيقته وإلى أن يُعرف كما هو وحينئذ يجب أن يذهب أيضاً لأن الملك لا يعتمد على عامل كهذا.
وأخيراً في الصباح الباكر سوف ينهض لكي يبيد الأشرار من الأرض – أي أرض الملك التي يحكمها (راجع مزمور ٧٨: ١٤ وإشعياء ٣٣: ٢ ومراثي ٣: ٢٣). والملك في عمله هذا يجري إرادة الرب الساكن في أورشليم التي يريدها مسكناً له مقدساً وكريماً لذلك فالأشرار لا يجوز أن يسودوا ويبقوا هكذا سائدين بل هم كالعشب اليابس يضمحلون.
السابق |
التالي |