سفر المزامير

سفر المزامير | 99 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلتِّسْعُونَ

«١ اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. تَرْتَعِدُ ٱلشُّعُوبُ. هُوَ جَالِسٌ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ. تَتَزَلْزَلُ ٱلأَرْضُ. ٢ ٱلرَّبُّ عَظِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ، وَعَالٍ هُوَ عَلَى كُلِّ ٱلشُّعُوبِ. ٣ يَحْمَدُونَ ٱسْمَكَ ٱلْعَظِيمَ وَٱلْمَهُوبَ. قُدُّوسٌ هُوَ. ٤ وَعِزُّ ٱلْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ ٱلْحَقَّ. أَنْتَ ثَبَّتَّ ٱلٱسْتِقَامَةَ. أَنْتَ أَجْرَيْتَ حَقّاً وَعَدْلاً فِي يَعْقُوبَ».

هذا المزمور هو أحد المزامير الملكية الثلاثة التي تبدأ الرب قد ملك وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي من العدد ١ – ٣ ثم من العدد ٤ – ٥ ثم ما بقي. وكما قال أحد الأفاضل إن هذا المزمور هو احتفاء بالرب. احتفاء بأنه سيجيء. احتفاء بأنه الكائن واحتفاء بأنه الذي كان. وفي ختام كل قسم من هذه الأقسام تتردد هذه العبارة «قدوس هو».

(١ – ٣) هو الملك العظيم لذلك فهيبته تملأ الشعوب كلها فتخاف وترتعد. وجلوسه على الكروبيم يدل على أنه يملك وهو جالس على العرش يحيط به الكروبيم لخدمة جلاله الأقدس (راجع مزمور ٨٠: ٢ وقابله مع مزمور ١٨: ١١). ولكن عظمته في الدرجة الأولى متجلية بنوع خاص فيجلب صهيون حيث يقوم الهيكل وحينئذ يرتفع على جميع الشعوب. وهذه بدورها لا تفتأ أن تحمد اسم الله العظيم المهوب لأنه قدوس في ذاته وفي جميع تصرفاته. وهنا مرة أخرى يشير المرنم إلى أن الرب هو إله العالمين. فلم يعد محصوراً بفئة من الناس يدعون أنهم شعبه بل هو خالق الشعوب وهي التي تعترف بذلك علناً الآن (راجع تثنية ١٠: ١٧). وحينئذ فإن ديانة الرب لا تبقى محصورة في أرض معينة بل سوف تعمم. وإن ما حمله هذا المرنم قد تم بصورة كاملة بواسطة الديانة المسيحية التي ضمت إليها جميع الشعوب وأصبح إسرائيل الحقيقي هو إسرائيل الله أي كنيسة الأبكار المكملين. كنيسة الله الحي التي تحوي كل أجناس البشر ولغاتهم ونحلهم.

(٤ و٥) ويصح أن يترجم العدد الرابع «ويحمد عز الملك الذي يحب الحق…».

أي أن الله يثبت الملك ليس بالنسبة لأنه من نسل ملكي بل لأنه يحب العدل والاستقامة ويجريهما للناس. ذلك لأن الرب نفسه هو إله الحق والعدل. فالملك الذي ثبته الله على هذه الوظيفة عليه أن يجريها كذلك. أما قوله «أنت أجريت حقاً وعدلاً في يعقوب». لكي يثبت للناس الذين كان لهم أعظم الاختبار في هذا الصدد بصورة خاصة وهم شعب الملك ذاته (راجع ٢صموئيل ٨: ١٥ و١أخبار ١٨: ١٤ و١ملوك ١٠: ٩ وإشعياء ١٦: ٥). لذلك فلنرفع اسم الرب عالياً ولنسجد له مكرمين لأنه قدوس هو. والسجود عند موطئ قدميه أي في الهيكل لأنه هو الذي يسمى هكذا (راجع ١أخبار ١٨: ٢ وقابله مع مراثي ٢: ١ وإشعياء ٦٠: ١٣).

«٥ عَلُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَنَا وَٱسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. قُدُّوسٌ هُوَ. ٦ مُوسَى وَهَارُونُ بَيْنَ كَهَنَتِهِ، وَصَمُوئِيلُ بَيْنَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِٱسْمِهِ. دَعُوا ٱلرَّبَّ وَهُوَ ٱسْتَجَابَ لَهُمْ. ٧ بِعَمُودِ ٱلسَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَٱلْفَرِيضَةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهُمْ. ٨ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، أَنْتَ ٱسْتَجَبْتَ لَهُمْ. إِلٰهاً غَفُوراً كُنْتَ لَهُمْ وَمُنْتَقِماً عَلَى أَفْعَالِهِمْ. ٩ عَلُّوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَنَا، وَٱسْجُدُوا فِي جَبَلِ قُدْسِهِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَنَا قُدُّوسٌ».

(٦ – ٩) لا يكتفي المرنم بذكر الملوك بل يعود بالذاكرة إلى الأيام القديمة المفعمة بالجلال والمجد. فيذكر موسى وهارون وصموئيل الذين يعتبرون بمنزلة الشفعاء لشعب الله. فموسى هو الذي أوجد الأمة الإسرائيلية وأخرجها من مصر بيد قديرة. وهارون هو أول الكهنة وصموئيل هو أول الأنبياء الذين مسحوا الملوك. فهؤلاء جميعاً كانوا رجال الله الذين قادوا شعبه في مختلف الظروف وفي أشد الضيقات وهكذا يذكرنا بعمود السحاب لدى عبور البحر الأحمر. كما يذكرنا في برية سيناء حينما أعطيت الشريعة الإلهية وأمرهم أن يحفظوها ويتمموا فرائضها. ولكن هذا الشعب كان في حماية الله حيناً بعد حين فغفر لهم كثيراً وانتقم كثيراً أيضاً أي أنه أدبهم لكي يرعووا عن ضلالهم ويعودوا إليه بالتوبة وطلب الغفران.

ويختم المرنم بإعادة العدد الخامس لولا قليل حرفياً فيستعمل «اسجدوا في جبل قدسه» بدلاً من اسجدوا عند موطئ قدميه فهو الإله الذي يستحق التكريم كل حين.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى