سفر المزامير | 98 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلثَّامِنُ وَٱلتِّسْعُونَ
مَزْمُورٌ
«١ رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً لأَنَّهُ صَنَعَ عَجَائِبَ. خَلَّصَتْهُ يَمِينُهُ وَذِرَاعُ قُدْسِهِ. ٢ أَعْلَنَ ٱلرَّبُّ خَلاَصَهُ. لِعُيُونِ ٱلأُمَمِ كَشَفَ بِرَّهُ. ٣ ذَكَرَ رَحْمَتَهُ وَأَمَانَتَهُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. رَأَتْ كُلُّ أَقَاصِي ٱلأَرْضِ خَلاَصَ إِلٰهِنَا».
هذا هو المزمور الوحيد الذي يحمل هذه التسمية فقط «مزمور». ولذلك فقد سماه بعضهم المزمور اليتيم. وهذه الترنيمة الجديدة ليست بالطبع ترنيمة موسى ولكن لأجل المقابلة والتمعن (انظر رؤيا ١٥: ٣). هنا انتصار نهائي للحكم الإلهي طالما الرب نفسه هو الذي يحكم على العالمين ويتصرف بكل شيء حسب مشيئته المقدسة. هنا تكمل هذه السلطنة وتظهر بجلالها وروعتها إلى تمام حقيقتها. فقد جلس للقضاء وقد أتم كل شيء. إن بداءة هذا المزمور كما ونهايته فهما مأخوذان من (مزمور ٩٦). كما وأن أغلب ما ورد من الأفكار فيما بقي من الأعداد فهي مأخوذة من الجزء الثاني من إشعياء (أي من إشعياء ٤٠: ٦٦).
(١ – ٣) نجد العدد الأول في (مزمور ٩٦: ١ وما يتبعه حتى العدد الثالث فهي من إشعياء ٥٢: ١٠ و٦٣: ٥ و٧ و٥٩: ١٦ وقابله مع ٤٠: ١٠).
هذا الإله يستحق أن يرنم له من جديد فقد صنع عجائب وأجرى خلاصاً وكل ذلك بقدرته وبواسطة قداسته. وهذا الخلاص لا نخبر به قط بل هو ظاهر للعيان فكل من له عينان يستطيع أن يرى ولا يحتاج إلا أن ينزع أي ستر فيفهم حقيقة هذا الخلاص العجيب.
وهو يذكر أتقياءه كما في (مزمور ١٠٦: ٤٥ وقابل ذلك مع لوقا ١: ٥٤ وما بعده).
«٤ اِهْتِفِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ ٱلأَرْضِ. ٱهْتِفُوا وَرَنِّمُوا وَغَنُّوا. ٥ رَنِّمُوا لِلرَّبِّ بِعُودٍ. بِعُودٍ وَصَوْتِ نَشِيدٍ. ٦ بِٱلأَبْوَاقِ وَصَوْتِ ٱلصُّورِ ٱهْتِفُوا قُدَّامَ ٱلْمَلِكِ ٱلرَّبِّ. ٧ لِيَعِجَّ ٱلْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ، ٱلْمَسْكُونَةُ وَٱلسَّاكِنُونَ فِيهَا. ٨ ٱلأَنْهَارُ لِتُصَفِّقْ بِٱلأَيَادِي ٱلْجِبَالُ لِتُرَنِّمْ مَعاً ٩ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ لِيَدِينَ ٱلأَرْضَ. يَدِينُ ٱلْمَسْكُونَةَ بِٱلْعَدْلِ وَٱلشُّعُوبَ بِٱلٱسْتِقَامَةِ».
(٤ – ٦) وهذه الدعوة تتناول فرحاً قلبياً وعلى اللسان عندئذ أن يظهر هذا الفرح. وحينئذ يظهر على أشكال مختلفة فأولاً الهتاف وهو أعظم دليل على السرور. بل عليهم أن يرنموا وأن يغنوا لكي تصعد أصوات الموسيقى إلى العلاء وتكون لائقة بهذا الإله العظيم المحب الذي أظهر خلاصه في الماضي ولا يزال يظهره على الدوام.
ويطلب المرنم أن يصير مشاركة أيضاً من ذوات الأوتار وأهمها العود وحينئذ يشترك كثيرون بالنشيد. بل يستعمل البوق والصور وهي من آلات النفخ وكل هذه الأصوات تمتزج معاً لكي تصير أكثر جمالاً ولياقة بالملك الرب العظيم (راجع إشعياء ٤٤: ٢٣ و٤٩: ١٣ و٥٢: ٩ وايضاً ١٤: ٧).
(٧ – ٩) أيضاً هذه الأعداد مرة أخرى هي صدى لما ورد من قبل في المزامير والأنبياء. فالعدد ٧ تجده في (مزمور ٩٦: ١١ و٢٤: ١). والعدد ٨ تجده في (إشعياء ٥٥: ١٢). والعدد ٩ تجده في (مزمور ٩٦: ١٣ وقابله مع العدد ١٠ أيضاً).
يطلب من البحر أن يشترك كما وأن المسكونة كلها عليها أن تترنم. كذلك الأنهار والجبال. والخلاصة فإن كل شيء في الوجود عليه أن يفرح ويبتهج مع أتقياء الله والسبب هو لأنه قد جاء للدينونة فهو يدين كل إنسان بالعدل والاستقامة فلا يذهب حق فيما بعد ولا يُداس بل كل شيء يجري بمشيئته تعالى ولخير جميع من يتقونه. فليفرحوا إذن وليطمئنوا.
السابق |
التالي |