سفر المزامير

سفر المزامير | 15 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ

مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

«١ يَا رَبُّ، مَنْ يَنْزِلُ فِي مَسْكَنِكَ؟ مَنْ يَسْكُنُ فِي جَبَلِ قُدْسِكَ؟ ٢ ٱلسَّالِكُ بِٱلْكَمَالِ، وَٱلْعَامِلُ ٱلْحَقَّ، وَٱلْمُتَكَلِّمُ بِٱلصِّدْقِ فِي قَلْبِهِ. ٣ ٱلَّذِي لاَ يَشِي بِلِسَانِهِ، وَلاَ يَصْنَعُ شَرّاً بِصَاحِبِهِ، وَلاَ يَحْمِلُ تَعْيِيراً عَلَى قَرِيبِهِ. ٤ وَٱلرَّذِيلُ مُحْتَقَرٌ فِي عَيْنَيْهِ، وَيُكْرِمُ خَائِفِي ٱلرَّبِّ. يَحْلِفُ لِلضَّرَرِ وَلاَ يُغَيِّرُ. ٥ فِضَّتُهُ لاَ يُعْطِيهَا بِٱلرِّبَا، وَلاَ يَأْخُذُ ٱلرَّشْوَةَ عَلَى ٱلْبَرِيءِ. ٱلَّذِي يَصْنَعُ هٰذَا لاَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى ٱلدَّهْرِ».

(١) في هذا المزمور وصف لطيف لسجايا الإنسان المتقي الله. ويفتتح بسؤال وجيه يجدر بكل إنسان أن يسأله لنفسه. ونذكر أن المزمور السابق يتكلم عن «الجيل البار» وهنا يود المرنم أن يعرفنا ماذا يعني بذلك. وجبل القدس «جبل سوريا» أي صهيون حيثما بني الهيكل وفيه تابوت عهد الله ولنا في (إشعياء ٣٣: ١٣ – ١٦) زيادة إيضاح. ويمكن ترجمة العدد يا رب يا من يجاور مسكنك؟ وهنا تكرار الترادف من قبيل التوكيد لسس إلا.

(٢) السالك بالكمال (راجع أمثال ٢٨: ١٨) والتعبير لطيف لأن الكمال هو سلوك وسيرة في هذه الحياة (راجع أيضاً إشعياء ٣٣: ١٥). أي طريقه مستقيم لا عوج فيه ولا التواء. ثم يصفه بأنه يعمل الحق أي يمارسه في حياته اليومية فديانته ديانة العمل لا الكلام فقط. ولكنه لا يقلل من قيمة الكلام فيصف كلامه بالصدق أيضاً. إن إيمان التقي وعلاقته مع الله يجب أن تعقبها علاقته بنفسه ومع الآخرين أيضاً. ولا يتكلم الصدق بلسانه فقط بل بقلبه أيضاً أي أنه مخلص سليم النية والطوية. وهكذا فهو ذو سلوك لا يعاب ويمارس عقيدته ويخلص فيها.

(٣) هنا المرنم يتناول زيادة الإيضاح بالوصف السلبي. وفي العبرانية التعبير أقوى فهو يفيد أن ليست الوشاية على لسانه فيستمر بها كعادة لا يستطيع التغلب عليها بسهولة. ثم ينتقل إلى العمل فهو لا يصنع شراً ولا سيما بالصاحب الذي يدعي الخلوص له. ثم ينتقل للقريب فهو يحمّله التعيير ولا يرميه به فقط.

(٤) يحتقر الرذيل لأنه فاضل ويحترم الفضلاء. ويكرم خائفي الرب مهما خفض مقامهم الاجتماعي كما أنه يحتقر الأراذل مهما سما مقامهم وتعظم. إن ميزانه للناس ليس بما يحوونه من أمور مادية أو جاه أو نفوذ بل بالنسبة للقيمة الروحية. وهو بذلك شجاع لا يهاب أحداً ومميّز للناس الحقيقيين.

(٥) هنا المرنم يضع الناموس الإلهي أمامه كما في (لاويين ٢٥: ٣٧ وخروج ٢٢: ٢٤ وتثنية ٢٣: ٢٠ وحزقيال ١٨: ٨). من جهة الربا. وكذلك من جهة الرشوة كما في (حزقيال ٢٣: ٨ وتثنية ١٦: ١٩) وبالأخص على البريء (راجع تثنية ٢٧: ٢٥).

ولا يختم المرنم كإنما يجيب على السؤال الذي افتتح به فكنا ننتظر أن يقول هذا سينزل في مسكن الله. بل نراه يقول إنه لا يتزعزع فلم يعد السكن والنزول كافيين بل هو ثابت راسخ لا يتزعزع إلى الأبد. فلا شيء من ويلات الحياة أو تجاربها تستطيع أن تغيّره.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى