سفر زكريا

سفر زكريا | 12 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر زكريا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ

١ – ٩ «١ وَحْيُ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. يَقُولُ ٱلرَّبُّ بَاسِطُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَمُؤَسِّسُ ٱلأَرْضِ وَجَابِلُ رُوحِ ٱلإِنْسَانِ فِي دَاخِلِهِ: ٢ هَئَنَذَا أَجْعَلُ أُورُشَلِيمَ كَأْسَ تَرَنُّحٍ لِجَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ حَوْلَهَا، وَأَيْضاً عَلَى يَهُوذَا تَكُونُ فِي حِصَارِ أُورُشَلِيمَ. ٣ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنِّي أَجْعَلُ أُورُشَلِيمَ حَجَراً مِشْوَالاً لِجَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ، وَكُلُّ ٱلَّذِينَ يَشِيلُونَهُ يَنْشَقُّونَ شَقّاً. وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا كُلُّ أُمَمِ ٱلأَرْضِ. ٤ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ أَضْرِبُ كُلَّ فَرَسٍ بِٱلْحَيْرَةِ وَرَاكِبَهُ بِٱلْجُنُونِ. وَأَفْتَحُ عَيْنَيَّ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا، وَأَضْرِبُ كُلَّ خَيْلِ ٱلشُّعُوبِ بِٱلْعَمَى. ٥ فَتَقُولُ أُمَرَاءُ يَهُوذَا فِي قَلْبِهِمْ: إِنَّ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ قُوَّةٌ لِي بِرَبِّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهِهِمْ. ٦ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَجْعَلُ أُمَرَاءَ يَهُوذَا كَمِصْبَاحِ نَارٍ بَيْنَ ٱلْحَطَبِ، وَكَمِشْعَلِ نَارٍ بَيْنَ ٱلْحُزَمِ، فَيَأْكُلُونَ كُلَّ ٱلشُّعُوبِ حَوْلَهُمْ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلْيَسَارِ، فَتَثْبُتُ أُورُشَلِيمُ أَيْضاً فِي مَكَانِهَا بِأُورُشَلِيمَ. ٧ وَيُخَلِّصُ ٱلرَّبُّ خِيَامَ يَهُوذَا أَوَّلاً لِكَيْلاَ يَتَعَاظَمَ ٱفْتِخَارُ بَيْتِ دَاوُدَ وَٱفْتِخَارُ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ عَلَى يَهُوذَا. ٨ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَسْتُرُ ٱلرَّبُّ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَيَكُونُ ٱلْعَاثِرُ مِنْهُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِثْلَ دَاوُدَ، وَبَيْتُ دَاوُدَ مِثْلَ ٱللّٰهِ، مِثْلَ مَلاَكِ ٱلرَّبِّ أَمَامَهُمْ. ٩ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنِّي أَلْتَمِسُ هَلاَكَ كُلِّ ٱلأُمَمِ ٱلآتِينَ عَلَى أُورُشَلِيمَ».

إشعياء ٤٢: ٥ و٤٤: ٢٤ وإرميا ٥١: ١٥ أيوب ٢٦: ٧ ومزمور ١٠٢: ٢٥ و٢٦ وعبرانيين ١: ١٠ – ١٢ إشعياء ٥٧: ١٦ وعبرانيين ١٢: ٩ مزمور ٧٥: ٨ وإشعياء ٥١: ٢٢ و٢٣ ص ١٤: ١٤ دانيال ٢: ٣٤ و٣٥ و٤٤ و٤٥ متّى ٢١: ٤ ص ١٤: ٢ ص ٩: ١٠ و١٠: ٥ و١٤: ١٥ ص ١٠: ٦ و١٢ ص ١١: ١ وإشعياء ١٠: ١٧ و١٨ وعوبديا ١٨ ص ٢: ٤ و٨: ٣ – ٥ إرميا ٣: ١٨ عاموس ٩: ١١ ص ٩: ١٤ و١٥ ويوئيل ٣: ١٦ لاويين ٢٦: ٨ ويشوع ٢٣: ١٠ وميخا ٧: ٨ مزمور ٨: ٥ و٨٢: ٦ خروج ١٤: ١٩ و٣٣: ٢ ص ١: ٢١ و١٤: ٢ و٣

وَحْيُ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ عنوان الباقي من السفر (ص ١٢ – ١٤) وإسرائيل هنا شعب الله بالإجمال لأن في زمان النبي لم يكن إلا البقية من المملكتين إسرائيل ويهوذا. والنبي يذكر أولاً مقاومة الأمم لإسرائيل وغلبته عليها وهذه المقاومة ليست من أمة واحدة بل من جميع مقاومي شعب الله في كل جيل وغلبة الكنيسة الأخيرة على كل أعدائها.

بَاسِطُ ٱلسَّمَاوَاتِ ذكر صفات الله يقوي الإيمان بأنه يقدر أن يفي ما وعد به.

جَابِلُ رُوحِ ٱلإِنْسَانِ ليس فقط حياته الجسدية بل أيضاً نفسه الخالدة (انظر مزمور ٣٣: ١٥) «المصور قلوبهم جميعاً» أي لكل إنسان جسده الخاص ونفسه الخاصة. وأنفس خائفيه عزيزة عنده وأنفس غيرهم بيده فلا يمكنهم أن يعملوا شيئاً من المقاومة لشعبه بلا علمه وإذنه.

كَأْسَ تَرَنُّحٍ (ع ٢) عندما يرى الأعداء أن رب الجنود حال في أورشليم يتحيرون وينقلبون كأن المدينة ضمن أسوارها كأس خمر يشربون منها ويسكرون.

وَأَيْضاً عَلَى يَهُوذَا يقول البعض أن يهوذا قاوم أورشليم أي أهل بلاد يهوذا قاوموا أهل مدينة أورشليم وكانت هذه المقاومة وقتية فرجعوا واتحدوا مع أهل أورشليم. وأما البعض فيترجمون الجملة بمعنى «وأيضاً على يهوذا يكون حصار أورشليم» أي يكون على أهل بلاد يهوذا حصار في مدنهم كما كان على أهل أورشليم في مدينتهم. ولا ذكر في التاريخ أن يهوذا كان مع أعداء أورشليم.

حَجَراً مِشْوَالاً (ع ٣) حجر كبير وثقيل يتعب فيه الذين يرفعونه وفي بناء الأبنية القديمة كأهرام مصر وقلعة بعلبك قُتل وجُرح كثيرون من الفعلة إذ وقعت عليهم تلك الحجارة. انظر قول المسيح (متّى ٢١: ٤٤) «مَنْ سَقَطَ عَلَى هٰذَا ٱلْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».

وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا كُلُّ أُمَمِ ٱلأَرْضِ وهذا القول مما يدل على أن هذه النبوة لم تتم بحادثة تاريخية بل تشير إلى كل مقاومة لشعب الله ونجاتهم منها.

كُلَّ فَرَسٍ بِٱلْحَيْرَةِ وَرَاكِبَهُ بِٱلْجُنُونِ (ع ٤) يجفل خيل الجيش أجمع فلا يقدر ركابها أن يضبطوها والرب متسلط على عقول الناس كما على أجسادهم فيعطي الشجاعة لمن يريد ويمنعها عمن يريد. وكان الإسرائيليون يخافون نوعاً من الخيل والمركبات الحربية.

وَأَفْتَحُ عَيْنَيَّ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا يرضى الرب عنهم ويعينهم.

فَتَقُولُ أُمَرَاءُ يَهُوذَا (ع ٥) في زمان زكريا كان سور أورشليم لا يزال منهدماً وأبوابها محرقة بالنار ومع ذلك تنبأ النبي بأن أورشليم ستثبت في مكانها وينصرها رب الجنود فتكون قوة ليهوذا كما كانت قديماً فيؤمن أمراء يهوذا بذلك.

نَارٍ بَيْنَ ٱلْحَطَبِ (ع ٦) إن قليلاً من النار يشعل كثيراً من الحطب وجيشاً صغيراً ملك جيشاً عظيماً بقوة الرب.

خِيَامَ يَهُوذَا أَوَّلاً (ع ٧) الساكنون في بلاد يهوذا لئلا يفتخر أهل المدينة وبيت داود فيعرف الجميع أن الخلاص من الرب. والخيام مساكن ولعلها كانت بيوتاً ولكن بيوتاً حقيرة بالنسبة إلى بيوت أورشليم.

فَيَكُونُ ٱلْعَاثِرُ مِثْلَ دَاوُدَ (ع ٨) كان داود أعظم الملوك. ويكون بيت داود مثل الله أي أنهم أجمعين صغاراً وكباراً يعملون أعمالاً عظيمة لأن الله هو العامل فيهم وبواسطتهم. انظر قول يسوع (يوحنا ١٤: ١٢) «مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَٱلأَعْمَالُ ٱلَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضاً، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا».

أَلْتَمِسُ هَلاَكَ (ع ٩) من تفاسير اليهود أن الرب يفحص ويسأل عن الأمم فيجازيهم حسب أعمالهم. لا يشاء الرب أن يهلك الناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة (٢بطرس ٣: ٩) (انظر زكريا ٢: ١١) «فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً».

١٠ – ١٤ «١٠ وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ ٱلنِّعْمَةِ وَٱلتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، ٱلَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ، وَيَكُونُونَ فِي مَرَارَةٍ عَلَيْهِ كَمَنْ هُوَ فِي مَرَارَةٍ عَلَى بِكْرِهِ. ١١ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَعْظُمُ ٱلنَّوْحُ فِي أُورُشَلِيمَ كَنَوْحِ هَدَدْرِمُّونَ فِي بُقْعَةِ مَجِدُّونَ. ١٢ وَتَنُوحُ ٱلأَرْضُ عَشَائِرَ عَشَائِرَ عَلَى حِدَتِهَا: عَشِيرَةُ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى حِدَتِهَا وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى حِدَتِهِنَّ. عَشِيرَةُ بَيْتِ نَاثَانَ عَلَى حِدَتِهَا وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى حِدَتِهِنَّ. ١٣ عَشِيرَةُ بَيْتِ لاَوِي عَلَى حِدَتِهَا وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى حِدَتِهِنَّ. عَشِيرَةُ شَمْعِي عَلَى حِدَتِهَا وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى حِدَتِهِنَّ. ١٤ كُلُّ ٱلْعَشَائِرِ ٱلْبَاقِيَةِ عَشِيرَةٌ عَشِيرَةٌ عَلَى حِدَتِهَا وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى حِدَتِهِنَّ».

إشعياء ٤٤: ٣ وحزقيال ٣٩: ٢٩ ويوئيل ٢: ٢٨ و٢٩ ص ٧: ٩ و٢صموئيل ٩: ٣ يوحنا ١٩: ٣٧ ورؤيا ١: ٧ إرميا ٦: ٢٦ وعاموس ٨: ١٠ متّى ٢٤: ٣٠ ورؤيا ١: ٧ ص ٧: ٣

رُوحَ ٱلنِّعْمَةِ أي روح الله العامل في قلوب الناس فينشئ فيهم التوبة للخلاص (انظر حزقيال ٣٩: ٢٩) وفيضان الروح ابتدأ يوم الخمسين.

فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ في بعض النسخ «إليه».

ٱلَّذِي طَعَنُوهُ إذا أذنب ابن إلى أب يحبه فهو كأنه طعنه في قلبه. وإذا رفض شعب الرب النبي أو غيره من المرسلين إليهم من قلبه أحزنوا الرب الذي أرسله فطعنوه (انظر إشعياء ٦٣: ٧ – ١٠) «أحزنوا روح قدسه» و(أفسس ٤: ٣٠) «لا تحزنوا روح الله القدوس». ولا نعرف من هو المشار إليه هنا أنبي مجهول الاسم مات شهيداً أو الملك يوشيا الذي قُتل في مجدّو وناح عليه كل يهوذا وأورشليم (انظر ٢أيام ٣٥: ٢٠ – ٢٥) وأما إيضاح الكلام جلياً فهو في الرب يسوع المسيح الذي طعنه واحد من العكسر في جنبيه بحربته (انظر يوحنا ١٩: ٣٤ – ٣٧) وناحوا عليه يوم الخمسين لما فهموا من كلام بطرس أن يسوع الذي صلبوه هو المسيح فنخسوا في قلوبهم وقالوا ماذا نصنع (انظر أعمال ٢: ٣٧) ونحن نطعن قلب المسيح حينما ينظر إلينا بالمحبة ونغض النظر عنه وحينما يستودعنا خدمة ونستعفي منها وحينما ينظر إلينا طالباً منا أن نشهد له أمام الناس وننكره كما أنكره بطرس.

كَنَوْحِ هَدَدْرِمُّونَ (ع ١١) لا نعرف هذا المكان والظاهر من القرينة أنه اسم مكان في بقعة مجدو حيث قُتل يوشيا ملك يهوذا الصالح وناح عليه كل إسرائيل فضرب به المثل.

وَتَنُوحُ ٱلأَرْضُ (ع ١٢) أي نوحاً عمومياً وانفرادياً أيضاً فإن الروح القدس يعمل في قلب كل إنسان بمفرده لينظر كل إنسان خطايا نفسه فيقول «اللهم ارحمني أنا الخاطي».

عَشِيرَةُ بَيْتِ دَاوُدَ هم الملوك المتسلسلون منه بابنه سليمان وعشيرة ناثان هم المتسلسلون من داود بابنه ناثان الذي من نسله زربابل والمسيح. وعشيرتان من اللاويين وهما لاوي وشمعي ابنا جرشوم ابن لاوي. أي عشائر إسرائيل كلها.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى