سفر ناحوم | 01 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ناحوم
للقس . وليم مارش
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
١ «وَحْيٌ عَلَى نِينَوَى. سِفْرُ رُؤْيَا نَاحُومَ ٱلأَلْقُوشِيِّ».
إشعياء ١٣: ١ و١٩: ١ وإرميا ٢٣: ٣٣ و٣٤ وحبقوق ١: ١ وزكريا ٩: ١ وملاخي ١: ١ ص ٢: ٨ و٣: ٧ و٢ملوك ١٩: ٣٦ ويونان ١: ٢ وصفنيا ٢: ١٣
لا نعرف عن ناحوم إلا المذكور بنبوته ولا نعرف وطنه القوش. قال أحد آباء الكنيسة في القرن الرابع بعد المسيح «إن ناحوم كان من القوش وراء بيت جبر من سبط شمعون» وبيت جبر هي بيت جبرين الحالية إلى جهة الجنوب الغربي من أورشليم وعلى بعد نحو ٢٥ ميلاً منها. وتاريخ النبوة هو بين ٦٢٥ و٦١٠ ق م ونبوة ناحوم تشبه نبوة يونان بما أن موضوعها نينوى وتختلف عنها لأن ليس فيها شيء من الرحمة نحو نينوى. وخطايا نينوى المذكورة في نبوة يونان هي الخطايا المذكورة في نبوة ناحوم. وكانت نينوى عاصمة مملكة أشور وهي مدينة عظيمة على ضفة نهر دجلة قبالة الموصل الحالية. وملوك أشور المذكورون في الكتاب هم فول وتغلث فلاسر وشملناسر وسرجون وسنحاريب وأسرحدون واسم الملك الأخير سنشار شكن وباليونانية سراقس وفي أيامه قام عليه الماديون فحاصروا مدينة نينوى ثلاث سنين ولم يقدروا عليها بسبب علو أسوراها ومتانتها وبالآخر فاضت مياه نهر دجلة وطمت وجرفت جانباً من الأسوار وسقطت المدينة وقيل أن الملك سراقس لما أيقن هلاكه جمع نساءه في قصره وشب فيه النار فاحترقن جميعهن وكان ذلك نحو سنة ٦٠٧ ق م وانتقلت السلطة إلى بابل وفي القرن التاسع عشر اكتشف بعض العلماء آثار نينوى فوجدوا تماثيل وصوراً كثيرة وكتابات تاريخية. والبعض من هذه التماثيل تشخص حيوانات مركبة من جسم ثور وجناحي نسر ورأس إنسان فتشير إلى القوة والسرعة والفهم. وتُذكر بهذه الكتابات أمور كثيرة توافق أخبار الكتاب المقدس وتساعد في تفسيره.
كانت مملكة أشور قوية في الحرب وبلا رحمة وحق. في أيام حزقيا ملك يهوذا أرسل سنحاريب جيشه وحلوا في أرض يهوذا كلها وفتحوا ٤٦ مدينة. ولم تخلص مدينة أورشليم إلا بمد يد الرب وإهلاك قسم كبير من جيش الأشوريين. والملك أشور بانيبال دخل مصر وأخذ عاصمتها تو وهي ثيبة. والكتابات الأشورية تذكر الغنيمة العظيمة التي أخذها من الفضة والذهب والجواهر والثياب الثمينة والخيل والعبيد من الرجال والنساء ثم حارب بلاد عيلام. والكتابات تذكر أنه قطع رأس ملكها وذبح عظمائها وأهلها فغطّى الأرض بجثثهم وسالت دماؤهم كنهر وأخذ كل كنوزهم وهدم مدنهم وقال مفتخراً إن البلاد كلها خربت حتى لم يبق فيها لا أناس ولا بهائم كما قال إشعياء (١٠: ١٣ و١٤) «نَقَلْتُ تُخُومَ شُعُوبٍ وَنَهَبْتُ ذَخَائِرَهُمْ، وَحَطَطْتُ ٱلْمُلُوكَ كَبَطَلٍ. فَأَصَابَتْ يَدِي ثَرْوَةَ ٱلشُّعُوبِ كَعُشٍّ، وَكَمَا يُجْمَعُ بَيْضٌ مَهْجُورٌ جَمَعْتُ أَنَا كُلَّ ٱلأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ مُرَفْرِفُ جَنَاحٍ وَلاَ فَاتِحُ فَمٍ وَلاَ مُصَفْصِفٌ» فكان أشور بين الشعوب كوحش مفترس فلا عجب أن جميع ممالك الأرض خافت منه وأبغضته بغضاً تاماً. ويظهر ذلك من نبوة ناحوم بألفاظ شديدة ومؤثرة.
٢ – ٨ «٢ اَلرَّبُّ إِلٰهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. ٱلّرَبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. ٱلّرَبُّ مُنْتَقِمٌ مِنْ مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ. ٣ ٱلرَّبُّ بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَعَظِيمُ ٱلْقُدْرَةِ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُبَرِّئُ ٱلْبَتَّةَ. ٱلرَّبُّ فِي ٱلزَّوْبَعَةِ، وَفِي ٱلْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَٱلسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ. ٤ يَنْتَهِرُ ٱلْبَحْرَ فَيُنَشِّفُهُ وَيُجَفِّفُ جَمِيعَ ٱلأَنْهَارِ. يَذْبُلُ بَاشَانُ وَٱلْكَرْمَلُ، وَزَهْرُ لُبْنَانَ يَذْبُلُ. ٥ اَلْجِبَالُ تَرْجُفُ مِنْهُ وَٱلتِّلاَلُ تَذُوبُ، وَٱلأَرْضُ تُرْفَعُ مِنْ وَجْهِهِ وَٱلْعَالَمُ وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهِ. ٦ مَنْ يَقِفُ أَمَامَ سَخَطِهِ، وَمَنْ يَقُومُ فِي حُمُوِّ غَضَبِهِ؟ غَيْظُهُ يَنْسَكِبُ كَٱلنَّارِ، وَٱلصُّخُورُ تَنْهَدِمُ مِنْهُ. ٧ صَالِحٌ هُوَ ٱلرَّبُّ. حِصْنٌ فِي يَوْمِ ٱلضِّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ. ٨ وَلكِنْ بِطُوفَانٍ عَابِرٍ يَصْنَعُ هَلاَكاً تَامّاً لِمَوْضِعِهَا، وَأَعْدَاؤُهُ يَتْبَعُهُمْ ظَلاَمٌ».
خروج ٢٠: ٥ تثنية ٣٣: ٣٥ و٤١ مزمور ٩٤: ١ خروج ٣٤: ٦ و٧ إشعياء ٢٩: ٦ وعاموس ١: ١٤ مزمور ١٠٤: ٣ وإشعياء ١٩: ١ مزمور ١٠٦: ٩ وإشعياء ٥٠: ٢ إشعياء ٣٣: ٩ خروج ١٩: ١٨ ميخا ١: ٤ إشعياء ٢٤: ١ و٢٠ مزمور ٩٨: ٧ إرميا ١٠: ١٠ إشعياء ١٣: ١٣ إشعياء ٦٦: ١٥ و١ملوك ١٩: ١١ مزمور ٢٥: ٨ و٣٧: ٣٩ و٤٠ إشعياء ٢٨: ٢ و١٨ إشعياء ١٣: ٩ و١٠
إِلٰهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ غيور لشعبه ومنتقم من نينوى. والنقمة للرب فلا يجوز للإنسان أن ينتقم لنفسه.
بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ (ع ٣) في (خروج ٣٤: ٦ و٧ «ٱلرَّبُّ إِلٰهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَكَثِيرُ ٱلإِحْسَانِ وَٱلْوَفَاءِ. حَافِظُ ٱلإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ ٱلإِثْمِ وَٱلْمَعْصِيَةِ وَٱلْخَطِيَّةِ. وَلٰكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً» كان بطيء الغضب على أهل نينوى فإنه لم يهلكهم إلا بعد مرور مئات من السنين ولكنه قدوس فلا يُبرئ المصرّين على خطاياهم. مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي العظيم القوة الحافظ الغضب.
ٱلسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ الرب مشبّه بقائد جيش آتٍ للحرب.
يَنْتَهِرُ ٱلْبَحْرَ (ع ٤) كبحر سوف لما خرجوا من مصر ويجفف الأنهار كنهر الأردن لما عبروه. كانت قوة الأشوريين وجمالهم كباشان والكرمل ولبنان وعساكرهم كأرز لبنان بالقامة والكثرة ولكنهم يذبلون كعشب الأرض.
وَٱلأَرْضُ تُرْفَعُ (ع ٥) تُرفع وتهبط كما من زلزلة وتنهدم الصخور (ع ٦) تشبيهات شعرية تعبّر عن عظمة الرب وغضبه.
صَالِحٌ هُوَ ٱلرَّبُّ (ع ٧) وجّه كلامه إلى شعب الرب المتكلين عليه فلا يخافون ولو ارتجت الطبيعة يكونون مطمئنين «ذُو ٱلرَّأْيِ ٱلْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِماً سَالِماً، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ» (إشعياء ٢٦: ٣).
لِمَوْضِعِهَا (ع ٨) أي موضع نينوى ولعل الطوفان المذكور هنا فيضان نهر دجلة الذي به تهدمت أسوار المدينة. قال العالم نيبور الذي اكتشف خرائب نينوى إنه عند أول مجيئه مرّ في وسط موضع المدينة ولم ير شيئاً يدل على وجود مدينة بل ظن أنه راكب في البرية لأن آثار المدينة كانت مطمورة تحت الأرض ومنظرها كمنظر تلال طبيعية.
٩ – ١٤ «٩ مَاذَا تَفْتَكِرُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ؟ هُوَ صَانِعٌ هَلاَكاً تَامّاً. لاَ يَقُومُ ٱلضِّيقُ مَرَّتَيْنِ. ١٠ فَإِنَّهُمْ وَهُمْ مُشْتَبِكُونَ مِثْلَ ٱلشَّوْكِ وَسَكْرَانُونَ كَمِنْ خَمْرِهِمْ، يُؤْكَلُونَ كَٱلْقَشِّ ٱلْيَابِسِ بِٱلْكَمَالِ. ١١ مِنْكِ خَرَجَ ٱلْمُفْتَكِرُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَرّاً، ٱلْمُشِيرُ بِٱلْهَلاَكِ. ١٢ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: إِنْ كَانُوا سَالِمِينَ وَكَثِيرِينَ هٰكَذَا فَهٰكَذَا يُجَزُّونَ فَيَعْبُرُ. أَذْلَلْتُكِ. لاَ أُذِلُّكِ ثَانِيَةً. ١٣ وَٱلآنَ أَكْسِرُ نِيرَهُ عَنْكِ وَأَقْطَعُ رُبُطَكِ. ١٤ وَلكِنْ قَدْ أَوْصَى عَنْكَ ٱلرَّبُّ: لاَ يُزْرَعُ مِنِ ٱسْمِكَ فِي مَا بَعْدُ. إِنِّي أَقْطَعُ مِنْ بَيْتِ إِلٰهِكَ ٱلتَّمَاثِيلَ ٱلْمَنْحُوتَةَ وَٱلْمَسْبُوكَةَ. أَجْعَلُهُ قَبْرَكَ، لأَنَّكَ صِرْتَ حَقِيراً».
ع ١١ إشعياء ٢٨: ٢٢ ميخا ٧: ٤ إشعياء ٥٦: ١٢ إشعياء ٥: ٢٤ و١٠: ١٧ ع ٩ وإشعياء ١٠: ٧ – ١١ حزقيال ١١: ٢ إشعياء ١٠: ١٦ – ١٩ و٣٣ و٣٤ إشعياء ٥٤: ٧ و٨ ومراثي ٣: ٣١ – ٣٣ إشعياء ٩: ٤ و١٠: ٢٧ وإرميا ٢: ٢٠ أيوب ١٨: ١٧ ومزمور ١٠٩: ١٣ وإشعياء ١٤: ٢١ و٢٢ وإرميا ٢٢: ٣ إشعياء ٤٦: ١ و٢ وميخا ٥: ١٣ و١٤ حزقيال ٣٢: ٢٢ و٢٣
النبي يخاطب الأشوريين. والذي صنع لهم هلاكاً هو الرب فليسو قادرين عليه. ولا يقوم الضيق مرتين لأن هلاكهم هلاك تام.
مُشْتَبِكُونَ مِثْلَ ٱلشَّوْكِ (ع ١٠) أي مجتمعون بكثرة ومنظمون ومتحدون كسياج من الشوك لا يقدر أحد أن يخترقه. ولكنهم في يوم هلاكهم يكونون متحيرين كأنهم سكرانون بالخمر وبلا عقل. ومن التقليدات أنهم كانوا سكرانين سكراً حقيقياً لما دخل الماديون والبابليون مدينتهم. والأسوار التي كانوا متكلين عليها صارت كسياج من الشوك تأكلها النار.
مِنْكِ خَرَجَ أي من نينوى خرج سنحاريب المفتكر على الرب شراً أي على شعب الرب وهو مشير بالهلاك أي قاصد هلاك أورشليم. قال سنحاريب (إشعياء ٣٦: ١٩ و٢٠) «أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ… مَنْ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ هٰذِهِ ٱلأَرَاضِي أَنْقَذَ أَرْضَهُمْ مِنْ يَدِي، حَتَّى يُنْقِذَ ٱلرَّبُّ أُورُشَلِيمَ مِنْ يَدِي» ولكن الرب أهلك منهم بليلة واحدة مئة وخمسة وثمانين ألفاً وهكذا جزهم كصوف.
أَذْلَلْتُكِ (ع ١٢) الرب يكلم أورشليم. كان أدّبهم ولكن انتهى التأديب فيكسر عن شعبه نير أشور.
قَدْ أَوْصَى عَنْكَ (ع ١٤) وهنا يكلم أشور.
لاَ يُزْرَعُ مِنِ ٱسْمِكَ كما في (إشعياء ١٤: ٢٠) «لاَ يُسَمَّى إِلَى ٱلأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ» أي سيسقط أشور ولا يقوم إلى الأبد.
أَقْطَعُ مِنْ بَيْتِ إِلٰهِكَ يظهر من الكتابات الأشورية كثرة آلهتهم وعظمة هياكلهم وأما الرب فيقول إنه يجعل بيت آلهتهم قبرهم أي يموتون هم وآلهتهم معاً وكما كانوا في حياتهم هكذا يكونون في موتهم دليلاً على أن آلهتهم لا يقدرون أن يخلصوا عبدتهم. قال حزقيال (٣٢: ٢٢ و٢٣) «هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِٱلسَّيْفِ… ٱلَّذِينَ جَعَلُوا رُعْباً فِي أَرْضِ ٱلأَحْيَاءِ».
صِرْتَ حَقِيراً كان افتخر بقوته وكان عظيماً في عيني نفسه وأما عند الرب فحقير وأما الرب الإله الحقيقي وحده فهو مصدر الحياة كلها المتكلين عليه. واليوم كثيرون من المسمين مسيحييين يسجدون للمال (انظر متّى ٦: ٢٤) أو لبطونهم (انظر رومية ١٦: ١٨) أو للعالم (انظر يوحنا ٥: ٤٤) وهكذا يفقدون الحياة الحقيقية. والمال يفنى والجسد يفسد والمجد العالمي يزول فتهلك كلها والمتكلون عليها معاً فيكون قبر الإنسان ما كان يسجد له.
١٥ «هُوَذَا عَلَى ٱلْجِبَالِ قَدَمَا مُبَشِّرٍ مُنَادٍ بِٱلسَّلاَمِ: عَيِّدِي يَا يَهُوذَا أَعْيَادَكِ. أَوْفِي نُذُورَكِ، فَإِنَّهُ لاَ يَعُودُ يَعْبُرُ فِيكِ أَيْضاً ٱلْمُهْلِكُ. قَدِ ٱنْقَرَضَ كُلُّهُ».
إشعياء ٤٠: ٩ و٥٢: ٧ ورومية ١٠: ١٥ لاويين ٢٣: ٢ و٤ إشعياء ٥٢: ١ ويوئيل ٣: ١٧ ع ١١ إشعياء ٢٩: ٧ و٨
المبشر يبشر يهوذا بسقوط عدوها النهائي ويقول لها عيّدي أعيادك فإنهم لم يقدروا أن يحضروا إلى أورشليم ليعيّدوا حسب الشريعة خوفاً من الأشوريين وبعدما ينقرض المهلك يرجعون ويعيّدون بفرح. قال إشعياء ٣٣: ٢٠ «اُنْظُرْ صِهْيَوْنَ مَدِينَةَ أَعْيَادِنَا. عَيْنَاكَ تَرَيَانِ أُورُشَلِيمَ مَسْكَناً مُطْمَئِنّاً، خَيْمَةً لاَ تَنْتَقِلُ. لاَ تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى ٱلأَبَدِ» في العشاء الرباني تذكر الكنيسة موت المسيح الذي بموته أبطل الموت وأنار الحياة والخلود. فلا يعبر فيها المهلك فيما بعد ولا الشيطان وهو خصم الإنسان القديم وهو الروح الساكن في جميع المقاومين لملكوت الله. عيّدي يا كنيسة المسيح أعيادك.
السابق |
التالي |