سفر هوشع

سفر هوشع | 13 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر هوشع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

١ – ٣ «١ لَمَّا تَكَلَّمَ أَفْرَايِمُ بِرَعْدَةٍ تَرَفَّعَ فِي إِسْرَائِيلَ. وَلَمَّا أَثِمَ بِبَعْلٍ مَاتَ. ٢ وَٱلآنَ يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً، وَيَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً مِنْ فِضَّتِهِمْ، أَصْنَاماً بِحَذَاقَتِهِمْ، كُلُّهَا عَمَلُ ٱلصُّنَّاعِ. عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ: ذَابِحُو ٱلنَّاسِ يُقَبِّلُونَ ٱلْعُجُولَ. ٣ لِذٰلِكَ يَكُونُونَ كَسَحَابِ ٱلصُّبْحِ وَكَالنَّدَى ٱلْمَاضِي بَاكِراً. كَعُصَافَةٍ تُخْطَفُ مِنَ ٱلْبَيْدَرِ، وَكَدُخَانٍ مِنَ ٱلْكُوَّةِ».

أيوب ٢٩: ٢١ و٢٢ قضاة ٨: ١ و١٢: ١ ص ٢: ٨ – ١٧ و١١: ٢ ص ٢: ٨ وإشعياء ٤٦: ٦ وإرميا ١: ٤ إشعياء ٤٤: ١٧ – ٢٠ ص ٨: ٦ ص ٨: ٥ و٦ و١٠: ٥ ص ٦: ٤ مزمور ١: ٤ وإشعياء ١٧: ١٣ ودانيال ٢: ٣٥ مزمور ٦٨: ٢

بِرَعْدَةٍ كان أفرايم كمتسلط بين الأسباط العشرة فارتعدوا منه (انظر قضاة ٨: ١ و١٢: ١) ولما أثم ببعل مات أي كان سقوطه نتيجة خطيته بعبادة الأصنام (انظر ١ملوك ١٢: ٣٠ – ٣٣ و١٩: ١٤).

مِنْ فِضَّتِهِمْ (ع ٢) كانت العجول مغشاة بذهب وكانت التماثيل من الفضة لأنها أرخص وكانت التماثيل كثيرة عمل الصناع وبحذاقتهم وكما استحسنوا فكان الطول والعرض والهيئة كذا وكذا ثم سجدوا لها كأنها آلهة وأعلى منهم (انظر كلام إشعياء في بطل عبادة الأصنام ٤٤: ٩ – ٢٠).

عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ عن الأصنام يقول الناس على سبيل مثل «ذابحوا الناس يقبّلون العجول» أي الأقوياء والعظماء كالأبطال في الحروب يقبّلون العجول وهي صنعة أيدي البشر. ولكن أكثر المفسرين يترجمونه «الناس الذابحون يقبّلون العجول» أي يقدمون ذبائح للعجول على سبيل العبادة ولا يليق بالإنسان الذي صنعه الله على صورته وسلطه على أعمال يديه وجعل كل شيء تحت قدميه الغنم والبقر جميعاً (مزمور ٨) أن يقبّل عجولاً أي يسجد للبقر الذي جعله الله تحت قدمي الإنسان. وفي العدد الثالث تشبيهات تدل على زوال كل ما كانوا يتكلون عليه. فالدخان يظهر عظيماً وبالحقيقة هو لا شيء (انظر ٢ملوك ١٤: ٢٣ – ٢٩ و١٥: ٨ – ٣١ وص ١٧) فيظهر من هذه الشواهد أن أعظم نجاح إسرائيل كان قبل سقوطه بمدة قليلة فكان السقوط سريعاً جداً.

٤ – ٨ «٤ وَأَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَإِلٰهاً سِوَايَ لَسْتَ تَعْرِفُ، وَلاَ مُخَلِّصَ غَيْرِي. ٥ أَنَا عَرَفْتُكَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ ٱلْعَطَشِ. ٦ لَمَّا رَعَوْا شَبِعُوا. شَبِعُوا وَٱرْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ، لِذٰلِكَ نَسَوْنِي. ٧ فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى ٱلطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. ٨ أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ، وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ، وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ ٱلْبَرِّيَّةِ».

ص ١٢: ٩ خروج ٢٠: ٣ و٢ملوك ١٨: ٣٥ إشعياء ٤٣: ١١ و٤٥: ٢١ و٢٢ تنثية ٣٢: ١٠ تثنية ٨: ١٢ و١٤ و٣٢: ١٣ – ١٥ وإرميا ٥: ٧ ص ٧: ١٤ ص ٢: ١٣ و٤: ٦ و٨: ١٤ ص ٥: ١٤ إرميا ٥: ٦ مزمور ٥٠: ٢٢

مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أي من أول ما صاروا شعباً وهو وحده أخرجهم من مصر واعتنى بهم في القفر ولم يكن إسرائيل غريباً عنده بل عرفه وأحبه كابن له.

شَبِعُوا وَٱرْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ (ع ٦) (انظر تثنية ٣٢: ٩ – ١٥) «فسمن يشورون ورفس».

أَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ (ع ٧ و٨) أي الأب الحنون صار كأسد مفترس. ولكن الرب لم يتغير. كما أن الأب الحنون يضرب ابنه المحبوب بتلك اليد التي بها كان يطعمه ويعانقه وذلك لأن الولد ترك الطاعة لأبيه وليس لأن الأب ترك محبته لابنه. فما أعظم خطية من ازدرى بمحبة الله (انظر عبرانيين ١٠: ٢٦ – ٣١).

٩ – ١٣ «٩ هَلاَكُكَ يَا إِسْرَائِيلُ أَنَّكَ عَلَيَّ، عَلَى عَوْنِكَ. ١٠ فَأَيْنَ هُوَ مَلِكُكَ حَتَّى يُخَلِّصَكَ فِي جَمِيعِ مُدُنِكَ؟ وَقُضَاتُكَ حَيْثُ قُلْتَ: أَعْطِنِي مَلِكاً وَرُؤَسَاءَ؟ ١١ أَنَا أَعْطَيْتُكَ مَلِكاً بِغَضَبِي وَأَخَذْتُهُ بِسَخَطِي. ١٢ إِثْمُ أَفْرَايِمَ مَصْرُورٌ. خَطِيَّتُهُ مَكْنُوزَةٌ. ١٣ مَخَاضُ ٱلْوَالِدَةِ يَأْتِي عَلَيْهِ. هُوَ ٱبْنٌ غَيْرُ حَكِيمٍ إِذْ لَمْ يَقِفْ فِي ٱلْوَقْتِ فِي مَوْلِدِ ٱلْبَنِينَ».

إرميا ٢: ١٧ و١٩ وملاخي ١: ١٢ و١٣ تثنية ٣٣: ٢٦ و٢٩ ص ٨: ٤ و٢ملوك ١٧: ٤ ص ٧: ٧ و١صموئيل ٨: ٧ ص ١٠: ٧ و١ملوك ١٤: ١ – ٧ تثنية ٣٢: ٣٤ و٣٥ وأيوب ١٤: ١٧ ورومية ٢: ٥ ميخا ٤: ٩ و١٠ وص ٥: ٤ وتثنية ٣٢: ٦ إشعياء ٣٧: ٣ و٦٦: ٩

أوضح لهم الرب أن هلاكهم هو لأنهم عصوه وقاوموا من كان مستعداً أن يكون لهم عوناً. طلب الإسرائيليون ملكاً لأنهم لم يتكلوا على الرب (انظر ١صموئيل ١٠: ١٩) وأشهد صموئيل عليهم وأخبرهم بما يكون لهم من الملك ولكنهم أصروا على طلبهم فأعطاهم الرب الملك ولكن بغضبه وآخر ملك هو هوشع (انظر ٢ملوك ١٧: ١ – ١٨) ثم سقطت المملكة فأخذ الرب ملكهم بسخطه. أعطاهم ملكاً ولكن كأنه لم يعطهم لأنهم لم يجدوا فيه ما كانوا محتاجين إليه أي ملكاً يقودهم في طريق الحق ومخافة الرب. وفي وقت ضيقهم يسألهم تهكماً «أين هو ملكك حتى يخلصك» (ع ١٠ و١١) يجب أن نقول بطلباتنا ليس كما نريد نحن بل كما تريد أنت لأننا لا نعرف ما هو لخيرنا وربما مطلوبنا يكون مضراً لنا.

إِثْمُ أَفْرَايِمَ مَصْرُورٌ (ع ١٢) لا ينسى الرب إثمه ولا يغض النظر عنه (انظر تثنية ٣٢: ٣٤ و٣٥).

مَخَاضُ ٱلْوَالِدَةِ (ع ١٣) أفرايم مشبه بولد لا يريد أن يولد فلا يقف في مولد البنين بل يستحسن أن يبقى في بطن أمه. والأمر واضح أن هذا هو تشبيه فقط ولا يمكن أن يكون حقيقة وكثيرون لا يريدون أن يولدوا من فوق (يوحنا ٣: ٣) ولا أن يدخلوا الحياة الروحية بالمسيح. والمخاض يشير إلى التأديب والضيقات والمصائب المعيّنة للناس من الله وغايتها انتباههم وخروجهم من حالة الموت الروحي ودخولهم الحياة الروحية.

١٤ «مِنْ يَدِ ٱلْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ ٱلْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي ٱلنَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ».

مزمور ٤٩: ١٥ وحزقيال ٣٧: ١٢ و١٣ و١كورنثوس ١٥: ٥٥ إرميا ٢٠: ١٦ و٣١: ٣٥ – ٣٧

كان الرب حكم على إسرائيل بالهلاك الزمني وهذا الهلاك لا بد منه ولكنه في هذه الآية يشير إلى القيامة من ذلك الهلاك والغلبة حتى على الموت والهاوية (انظر ١كورنثوس ١٥: ٥٤ و٥٥). والقدماء لم يفهموا هذه المواعيد تماماً وربما فهموا فقط أن الله يقدر أن يخلص شعبه من أعظم الضيقات والخطايا إذا تابوا. والموت والهاوية يشيران إلى الانحطاط الكلي وعدم الرجاء مطلقاً والعهد الجديد يوضح هذا الأمر تماماً. وتختفي الندامة من عيني الرب أي لا يرجع عن وعده (رومية ١١: ٢٩) «هِبَاتِ ٱللّٰهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ». ولكن بعض المفسرين المعتبرين يقولون إنه إذا نظرنا إلى القرينة نرى هنا وعيداً لا وعداً. والجملتان في أول الآية استفهام إنكاري أي «هل من يد الهاوية أفديهم هل من الموت أخلصهم» والجواب «لا» ثم سؤالان «أين اوباؤك يا موت أين شوكتك يا هاوية» والجواب «هي نصيبك يا أفرايم» ثم يقول «تختفي الندامة عن عيني» أي كلام نهائي بلا مراجعة. وبولس الرسول اقتبس هذه الآية (١كورنثوس ١٥: ٥٥) بالمعنى الإيجابي كما في ترجمتنا العربية بغض النظر عن القرينة (كما في رومية ١٠: ١٨ و٢كورنثوس ٨: ١٥) لأن المؤمنين بالمسيح يرون في هذه الآية ما يعبر عن القيامة مع أنها كانت لإسرائيل في زمان هوشع بمعنى آخر.

١٥، ١٦ «١٥ وَإِنْ كَانَ مُثْمِراً بَيْنَ إِخْوَةٍ تَأْتِي رِيحٌ شَرْقِيَّةٌ. رِيحُ ٱلرَّبِّ طَالِعَةً مِنَ ٱلْقَفْرِ فَتَجِفُّ عَيْنُهُ وَيَيْبَسُ يَنْبُوعُهُ. هِيَ تَنْهَبُ كَنْزَ كُلِّ مَتَاعٍ شَهِيٍّ. ١٦ تُجَازَى ٱلسَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلٰهِهَا. بِٱلسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَٱلْحَوَامِلُ تُشَقُّ».

ص ١٠: ١ وتكوين ٤٩: ٢٢ تكوين ٤١: ٦ وحزقيال ١٧: ١٠ و١٩: ١٢ (ص ١٤: ١ في العبراني) إرميا ٥١: ٣٦ إرميا ٢٠: ٥ ص ١٠: ٢ ص ٧: ١٤ ص ١١: ٦ ص ١٠: ١٤ و٢ملوك ١٥: ١٢

وَإِنْ كَانَ مُثْمِراً معنى الاسم أفرايم «مثمر» (انظر تكوين ٤١: ٥٢) أي وإن كان أفرايم مثمراً كاسمه تأتي ريح شرقية أي ريح مضرة «ريح الرب» أي ريح قوية جداً تُتلف وتخرب جميع أملاكهم (انظر ٢ملوك ٨: ١٢ و١٥: ١٦ و١٧: ١ – ٩) ومدينة السامرة سقطت أولاً عن يد الأشوريين وسقطت أيضاً من الكلدانيين نحو ١٣ سنة قبل المسيح وتجددت في زمان هيرودس وأخذت اسم سبسطية ثم خربت عن يد الإسلام وهي اليوم قرية حقيرة. (انظر إشعياء ص ٢٨) الذي يخبر عن جمال السامرة وحسن موقعها والخطايا الدارجة فيها (انظر قاموس الكتاب المقدس «السامرة»).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى