سفر هوشع

سفر هوشع | 10 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر هوشع

للقس . وليم مارش

 

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

١ – ٣ «١ إِسْرَائِيلُ جَفْنَةٌ مُمْتَدَّةٌ. يُخْرِجُ ثَمَراً لِنَفْسِهِ. عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ ثَمَرِهِ قَدْ كَثَّرَ ٱلْمَذَابِحَ. عَلَى حَسَبِ جُودَةِ أَرْضِهِ أَجَادَ ٱلأَنْصَابَ. ٢ قَدْ قَسَمُوا قُلُوبَهُمْ. اَلآنَ يُعَاقَبُونَ. هُوَ يُحَطِّمُ مَذَابِحَهُمْ، يُخْرِبُ أَنْصَابَهُمْ. ٣ إِنَّهُمُ ٱلآنَ يَقُولُونَ: لاَ مَلِكَ لَنَا لأَنَّنَا لاَ نَخَافُ ٱلرَّبَّ، فَٱلْمَلِكُ مَاذَا يَصْنَعُ بِنَا؟»

إشعياء ٥: ١ – ٧ وحزقيال ١٥: ١ – ٥ ص ٨: ١١ و١٢: ١١ وإرميا ٢: ٢٨ ص ٣: ٤ و١ملوك ١٤: ٢٣ و١ملوك ١٨: ٢١ وصفنيا ١: ٥ ص ١٣: ١٦ ع ٨ وميخا ٥: ١٣ مزمور ١٢: ٤ وإشعياء ٥: ١٩

جَفْنَةٌ مُمْتَدَّةٌ (انظر مزمور ١٨: ٨ – ١٥) جفنة أثيثة لها أوراق كثيرة. امتدت المملكة في ملك يربعام الثاني من مدخل حماه إلى بحر العربة (انظر ٢ملوك ١٤: ٢٣ – ٢٩) ولكن إسرائيل أخرج فروعاً وأوراقاً لنفسه ولم يخرج عنباً للكرّام. وكان نجاح إسرائيل في الأمور الجسدية فقط وليس بما للرب. كان يجب أن تكون جودتهم كجودة أرضهم ولكن الأمر بالعكس فكثرت عبادتهم الصنمية كما كثرت أثمار الأرض (٤: ٧).

قَدْ قَسَمُوا قُلُوبَهُمْ (ع ٢) بين الرب والبعل. انظر قول إيليا (١ملوك ١٨: ٢١) «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ ٱلْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ ٱلرَّبُّ هُوَ ٱللّٰهَ فَٱتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ ٱلْبَعْلُ فَٱتَّبِعُوهُ» وقول يسوع (متّى ٦: ٢٤) «لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا ٱللّٰهَ وَٱلْمَالَ» والرب يحطم مذابحهم ويخرب أصنامهم وكان الأشوريين آلات بيد الرب.

يَقُولُونَ: لاَ مَلِكَ لَنَا (ع ٣) كان لهم ملك ولكن وجوده كعدم وجوده لأنه لا يصنع بهم شيئاً فتعلّموا أن لا نجاح إلا من الرب.

٤ – ٨ «٤ يَتَكَلَّمُونَ كَلاَماً بِأَقْسَامٍ بَاطِلَةٍ. يَقْطَعُونَ عَهْداً فَيَنْبُتُ ٱلْقَضَاءُ عَلَيْهِمْ كَٱلْعَلْقَمِ فِي أَتْلاَمِ ٱلْحَقْلِ. ٥ عَلَى عُجُولِ بَيْتِ آوِنَ يَخَافُ سُكَّانُ ٱلسَّامِرَةِ. إِنَّ شَعْبَهُ يَنُوحُ عَلَيْهِ، وَكَهَنَتَهُ عَلَيْهِ يَرْتَعِدُونَ عَلَى مَجْدِهِ، لأَنَّهُ ٱنْتَفَى عَنْهُ. ٦ وَهُوَ أَيْضاً يُجْلَبُ إِلَى أَشُّورَ، هَدِيَّةً لِمَلِكٍ عَدُوٍّ. يَأْخُذُ أَفْرَايِمُ، خِزْياً، وَيَخْجَلُ إِسْرَائِيلُ عَلَى رَأْيِهِ. ٧ اَلسَّامِرَةُ مَلِكُهَا يَبِيدُ كَغُثَاءٍ عَلَى وَجْهِ ٱلْمَاءِ، ٨ وَتُخْرَبُ شَوَامِخُ آوِنَ، خَطِيَّةُ إِسْرَائِيلَ. يَطْلُعُ ٱلشَّوْكُ وَٱلْحَسَكُ عَلَى مَذَابِحِهِمْ، وَيَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: غَطِّينَا وَلِلتِّلاَلِ: ٱسْقُطِي عَلَيْنَا».

ص ٤: ٢ وحزقيال ١٧: ١٣ – ١٩ تثنية ٣١: ١٦ و١٧ و٢ملوك ١٧: ٣ و٤ ص ٨: ٥ و٦ ص ٤: ١٥ و٥: ٨ ص ٩: ١١ ص ١١: ٥ ص ٥: ١٣ ص ٤: ٧ إشعياء ٣٠: ٣ وإرميا ٧: ٢٤ ص ١٣: ١١ ص ٤: ١٣ ع ٥ و١ملوك ١٢: ٢٨ – ٣٠ و١٣: ٣٤ ع ٢ وص ٩: ٦ وإشعياء ٣٢: ١٣ ولوقا ٢٣: ٣٠ ورؤيا ٦: ١٦

يَتَكَلَّمُونَ كَلاَماً كلام بلا فعل وكلام كاذب وكثرة الأقسام دليل على بطل الكلام.

يَقْطَعُونَ عَهْداً مع الأمم الوثنية كأشور ومصر.

كَٱلْعَلْقَمِ رجاء المملكة كاستقامة قضاتها وإذا فسد القضاة يتحول الرجاء إلى المرارة ونتائج القضاء الفاسد كالعلقم في المرارة وفي الكثرة. وكما يُطلب من أتلام الحقل أثمار جيدة لا علقم هكذا يُطلب من شعب الله أعمال البر لا كلام باطل ومعاشرة الأشرار وبيت آون (ع ٥) هي بيت إيل (انظر ٤: ١٥) والسامرة يُكنى بها عن بلاد إسرائيل كلها.

عُجُولِ بَيْتِ آوِنَ (ع ٥) كان العجل من ذهب (انظر ١ملوك ١٢: ٢٨) وخافوا أن يطمع العدو فيه. والعجل هو المعبود والمحامي عن الشعب فإذا سقط هو سقط الشعب. انظر قول سنحاريب ملك أشور لحزقيا (٢ملوك ١٨: ٣٤) «هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ ٱلأُمَمِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضَهُ مِنْ يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ» فإذا كان إلههم لا يقدر ان يخلّص نفسه فكيف يخلّص شعبه. الرب يحمل شعبه وأما آلهة الوثنيين فهي محمولة منهم (انظر إشعياء ٤٦: ١ – ٤).

شَعْبَهُ يَنُوحُ عَلَيْهِ أي شعب العجل.

لأَنَّهُ ٱنْتَفَى عَنْهُ انتفى مجده عن العجل أو انتفى العجل عن شعبه إسرائيل فإذا انتفى إلههم فماذا يكون للشعب.

وَهُوَ أَيْضاً (ع ٦) العجل يُجلب إلى أشور.

وَيَخْجَلُ إِسْرَائِيلُ عَلَى رَأْيِهِ الرأي الذي اخترعه يربعام فصار رأي إسرائيل أي الانفصال عن يهوذا وإقامة عبادة العجول فإن هذا الرأي ظهر لهم في الأول رأياً حسناً ولكنهم سيخجلون عليه.

يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ (ع ٨) (انظر رؤيا ٦: ١٦) حالة يُرثى لها حتى صاروا يطلبون الموت.

٩ – ١١ «٩ مِنْ أَيَّامِ جِبْعَةَ أَخْطَأْتَ يَا إِسْرَائِيلُ. هُنَاكَ وَقَفُوا. لَمْ تُدْرِكْهُمْ فِي جِبْعَةَ ٱلْحَرْبُ عَلَى بَنِي ٱلإِثْمِ. ١٠ حِينَمَا أُرِيدُ أُؤَدِّبُهُمْ، وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِمْ شُعُوبٌ فِي ٱرْتِبَاطِهِمْ بِإِثْمَيْهِمْ. ١١ وَأَفْرَايِمُ عِجْلَةٌ مُتَمَرِّنَةٌ تُحِبُّ ٱلدِّرَاسَ، وَلَكِنِّي أَجْتَازُ عَلَى عُنُقِهَا ٱلْحَسَنِ. أُرْكِبُ عَلَى أَفْرَايِمَ. يَفْلَحُ يَهُوذَا يُمَهِّدُ يَعْقُوبُ!»

ص ٥: ٨ و٩: ٩ حزقيال ٥: ١٣ ص ٤: ٩ ص ٤: ١٦ وإرميا ٥٠: ١١ إرميا ٢٨: ١٤ مزمور ٦٦: ١٢

أَيَّامِ جِبْعَةَ (انظر قضاة ص ١٩ و٢٠) (انظر ٩: ٩ وتفسيره) يقول النبي أن إسرائيل في أيامه كما كان إسرائيل في أيام جبعة وخطاياهم كخطايا أهل جبعة الفظيعة. أول يوم وثاني يوم لم تدركهم في جبعة الحرب ولكنها أدركتم وأهلكتهم في اليوم الثالث وهكذا إسرائيل في زمان النبي فإنهم بالوقت الحاضر بلا عقاب ولكنه سيدركهم. بقي قوم من البنياميين أي ست مئة لم يهلكوا ولكن من إسرائيل في أيام النبي لا يبقى منهم من ينجو من العقاب ولا تنجو أرضهم من الخراب وذلك حينما يريد الرب.

بِإِثْمَيْهِمْ (ع ١٠) وهما إثمهم السياسي بترك بيت داود وإقامة ملوك من عندهم وإثمهم الديني بترك الرب وإقامة عبادة العجول وارتبطوا بهذين الإثمين لأنهم بعدما كانوا اختاروا تلك السياسة وتلك العبادة لم يقدروا أن يغيّروهما. «كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يوحنا ٨: ٣٤).

عِجْلَةٌ مُتَمَرِّنَةٌ (ع ١١) الدارس أهون من الفلاحة وفيه فرح ورجاء أكثر مما يكون بالفلاحة (تثنية ٢٥: ٤) «لاَ تَكُمَّ ٱلثَّوْرَ فِي دِرَاسِهِ» وأما أفرايم فسمن ورفس ورفض الإله الذي عمله وأحسن إليه (انظر تثنية ٣٢: ١٥).

١٢ – ١٥ «١٢ اِزْرَعُوا لأَنْفُسِكُمْ بِٱلْبِرِّ. ٱحْصُدُوا بِحَسَبِ ٱلصَّلاَحِ. ٱحْرُثُوا لأَنْفُسِكُمْ حَرْثاً، فَإِنَّهُ وَقْتٌ لِطَلَبِ ٱلرَّبِّ حَتَّى يَأْتِيَ وَيُعَلِّمَكُمُ ٱلْبِرَّ. ١٣ قَدْ حَرَثْتُمُ ٱلنِّفَاقَ، حَصَدْتُمُ ٱلإِثْمَ، أَكَلْتُمْ ثَمَرَ ٱلْكَذِبِ. لأَنَّكَ وَثَقْتَ بِطَرِيقِكَ، بِكَثْرَةِ أَبْطَالِكَ. ١٤ يَقُومُ ضَجِيجٌ فِي شُعُوبِكَ، وَتُخْرَبُ جَمِيعُ حُصُونِكَ كَإِخْرَابِ شَلْمَانَ بَيْتَ أَرَبْئِيلَ فِي يَوْمِ ٱلْحَرْبِ. اَلأُمُّ مَعَ ٱلأَوْلاَدِ حُطِّمَتْ. ١٥ هٰكَذَا تَصْنَعُ بِكُمْ بَيْتُ إِيلَ مِنْ أَجْلِ رَدَاءَةِ شَرِّكُمْ. فِي ٱلصُّبْحِ يَهْلِكُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ هَلاَكاً».

أمثال ١١: ١٨ إرميا ٤: ٣ ص ١٢: ٦ ص ٦: ٣ إشعياء ٤٤: ٣ و٤٥: ٨ أيوب ٤: ٨ وغلاطية ٦: ٧ ص ٤: ٢ و٧: ٣ و١١: ١٢ مزمور ٣٣: ١٦ إشعياء ١٧: ٣ ص ١٣: ١٦ ع ٥ وص ٤: ١٥

اِزْرَعُوا لأَنْفُسِكُمْ بِٱلْبِرِّ لا حصاد بلا زرع ويكون الحصاد كالمزروع جيداً أو ردياً ويلزم الأرض الحرث استعداداً لقبول البذار. والناس يلزمهم استعداد قلوبهم لقبول كلام الله فينزعون منها الكبرياء والعناد ومحبة المال وغيرها من الخطايا السرية.

ٱحْرُثُوا… حَرْثاً أي احرثوا جيداً وعميقاً فلا يكون الصلاح بالخارج فقط أو بالكلام بل من صميم القلب.

حَتَّى يَأْتِيَ على الإنسان أن يزرع ويحرث ولكن الأثمار من الله الذي يشرق الشمس ويرسل المطر.

فَإِنَّهُ وَقْتٌ لِطَلَبِ ٱلرَّبِّ «هوذا الآن وقت مقبول». كان أفرايم سقطوا في أعظم الخطايا وكان إصلاحهم مستحيلاً حسب الظاهر ولكن الله قادر على كل شيء حتى قيامة الأموات بالذنوب والخطايا (انظر أفسس ٢: ١ – ٥) فالنبي بعدما كان رأى مرض أفرايم أنه عديم الشفاء وخطاياهم بلا رجاء يطلب منهم أن يرجعوا إلى الرب فيعلّمهم البر ويخلصهم. وأما إسرائيل فكانوا عملوا عكس ذلك لأنهم كانوا حرثوا النفاق (ع ١٣) وحصدوا الإثم أي عوضاً عن الاجتهاد في الأعمال الصالحة ومقاومة الإثم كانوا يجتهدون في تركيب الكذب وبإجراء الظلم. وأكلوا من ثمر الكذب أي بيوتهم وحقولهم وجميع أرزاقهم من مال الظلم ووثقوا في طريقهم أي في رأيهم.

ضَجِيجٌ فِي شُعُوبِكَ (ع ١٤) كانوا واثقين بأبطالهم ولكن خراب المملكة كان من أولئك الأبطال فإنهم فتنوا على الملوك وحاربوا بعضهم بعضاً فأصبحت المملكة بلا نظام. لا نعرف من هو شلمان ولا موقع بيت أربئيل ولا الحادثة المشار إليها. تقول الترجمة السبعينية والترجمة اللاتينية «صلمناع» (انظر قضاة ص ٨) ويقول البعض شملناسر. ويظنون أن المكان هو إربد شرقي بحر طبرية. والظاهر أن الحادثة كانت معروفة عند الجميع في زمان هوشع.

هٰكَذَا تَصْنَعُ بِكُمْ بَيْتُ إِيلَ (ع ١٥) أي خطيتهم في بيت إيل تكون سبب هلاكهم.

فِي ٱلصُّبْحِ أي هلاك بغتة وعن قريب كأن الناس أمسوا مطمئنين وأصبحوا هالكين.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى