سفر هوشع | 08 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر هوشع
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
١، ٢ «١ إِلَى فَمِكَ بِٱلْبُوقِ! كَٱلنَّسْرِ عَلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ. لأَنَّهُمْ قَدْ تَجَاوَزُوا عَهْدِي وَتَعَدَّوْا عَلَى شَرِيعَتِي. ٢ إِلَيَّ يَصْرُخُونَ: يَا إِلٰهِي، نَعْرِفُكَ نَحْنُ إِسْرَائِيلَ».
ص ٥: ٨ حبقوق ١: ٨ ص ٦: ٧ ع ١٢ وص ٤: ٦ ص ٧: ١٤
أمر الرب النبي أن ينادي كرقيب بصوت مثل صوت البوق بقدوم العدو. والعدو مشبه بنسر ينزل بسرعة على فريسته. واختصار الجملة يدل على سرعة وقوع الضربة والعدو تغلث فلاسر ملك أشور (٢ملوك ١٥: ٢٩) وبعده شلمناسر (٢ملوك ١٧: ٣ و٦) وليس «بيت الرب» الهيكل في أورشليم بل مملكة إسرائيل وهي بيت الرب لأن الرب اختار إسرائيل كشعبه الخاص وجعل مسكنه عندهم. وبقوله «لأنهم» أظهر عدله فإنه لا يحكم عليهم حتى يوضح لهم سبب هلاكهم.
تَجَاوَزُوا عَهْدِي وَتَعَدَّوْا عَلَى شَرِيعَتِي العبارتان بمعنى واحد والعهد هو شريعة الرب (انظر خروج ٢٤: ٧).
إِلَيَّ يَصْرُخُونَ (ع ٢) (متّى ٧: ٢٢) «كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ الخ». ولكن صراخهم في وقت غير مقبول. وللتشديد يقولون «نحن إسرائيل» أي يذكرون الرب أن الصارخين إليه هم من نسل إسرائيل ومن شعب الله ولهم المواعيد وهو إلههم.
٣ – ٦ «٣ قَدْ كَرِهَ إِسْرَائِيلُ ٱلصَّلاَحَ فَيَتْبَعُهُ ٱلْعَدُوُّ. ٤ هُمْ أَقَامُوا مُلُوكاً وَلَيْسَ مِنِّي. أَقَامُوا رُؤَسَاءَ وَأَنَا لَمْ أَعْرِفْ. صَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ مِنْ فِضَّتِهِمْ وَذَهَبِهِمْ أَصْنَاماً لِيَنْقَرِضُوا. ٥ قَدْ زَنِخَ عِجْلُكِ يَا سَامِرَةُ. حَمِيَ غَضَبِي عَلَيْهِمْ. إِلَى مَتَى لاَ يَسْتَطِيعُونَ ٱلنَّقَاوَةَ! ٦ إِنَّهُ هُوَ أَيْضاً مِنْ إِسْرَائِيلَ. صَنَعَهُ ٱلصَّانِعُ وَلَيْسَ هُوَ إِلٰهاً. إِنَّ عِجْلَ ٱلسَّامِرَةِ يَصِيرُ كِسَراً».
ص ٣: ٥ ص ١٣: ١٠ و١١ ص ٢: ٨ و١٣: ١ و٢ ع ٦ وص ١٠: ٥ و١٣: ٢ مزمور ١٩: ١٣ وإرميا ١٣: ٢٧ ص ١٣: ٢
ٱلصَّلاَحَ الذي كرهه إسرائيل هو حفظ وصايا الرب. لو تبعوا الرب ما تبعهم العدو.
وَلَيْسَ مِنِّي (ع ٤) قال أخيا النبي ليربعام (١ملوك ١١: ٣١) «هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: هَئَنَذَا أُمَزِّقُ ٱلْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ سُلَيْمَانَ وَأُعْطِيكَ عَشَرَةَ أَسْبَاطٍ» (انظر أيضاً ١ملوك ١٢: ٢٢ – ٢٤) أي سمح الرب بانقسام المملكة لقساوة قلوبهم ووعد يربعام ببركات إذا حفظ شريعته ولكنه هو وجميع الملوك الذي خلفوه تركوا شريعته وأكثرهم تبوّأوا العرش بواسطة الفتنة والقتل. والكهنة كذلك لم يكونوا من سبط لاوي وبيت هارون.
لِيَنْقَرِضُوا نتيجة عملهم الانقراض ولكنهم من جهلهم ظنوا أنهم عملوا بالحكمة ولإثبات المملكة. وأما مسح ياهو (١ملوك ١٩: ١٥ – ١٧) فكان من الرب ولكنه كمسح حزائيل ملك آرام وغيره من ملوك الأمم لتتميم مقاصد الرب فكان يستعملهم كآلات بدون إرادتهم.
زَنِخَ عِجْلُكِ (ع ٥) أولاً في عيني الرب وبالآخر في عيونهم أيضاً. والنبي يخاطب السامرة وهي العاصمة كناية عن المملكة كلها. لم يستطيعوا النقاوة لأنهم بعدوا كثيراً عنها فلا يعرفونها ولا يشتهونها.
إِنَّهُ هُوَ أَيْضاً (ع ٦) أي العجل من إسرائيل وليس من الرب. صنعه صانع فلا يمكن أن يكون إلهاً.
٧ – ١٠ «٧ إِنَّهُمْ يَزْرَعُونَ ٱلرِّيحَ وَيَحْصُدُونَ ٱلزَّوْبَعَةَ. زَرْعٌ لَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ لاَ يَصْنَعُ دَقِيقاً. وَإِنْ صَنَعَ، فَٱلْغُرَبَاءُ تَبْتَلِعُهُ. ٨ قَدِ ٱبْتُلِعَ إِسْرَائِيلُ. ٱلآنَ صَارُوا بَيْنَ ٱلأُمَمِ كَإِنَاءٍ لاَ مَسَرَّةَ فِيهِ. ٩ لأَنَّهُمْ صَعِدُوا إِلَى أَشُّورَ مِثْلَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ مُعْتَزِلٍ بِنَفْسِهِ. ٱسْتَأْجَرَ أَفْرَايِمُ مُحِبِّينَ. ١٠ إِنِّي وَإِنْ كَانُوا يَسْتَأْجِرُونَ بَيْنَ ٱلأُمَمِ، ٱلآنَ أَجْمَعُهُمْ فَيَنْفَكُّونَ قَلِيلاً مِنْ ثِقْلِ مَلِكِ ٱلرُّؤَسَاءِ».
ص ١٠: ١٣ إشعياء ٦٦: ١٥ وناحوم ١: ٣ ص ٢: ٩ إرميا ٥١: ٣٤ ص ١٣: ١٥ وإرميا ٢٥: ٣٤ ص ٧: ١١ حزقيال ١٦: ٣٣ حزقيال ٢٢: ٢٠ إرميا ٤٢: ٢ إشعياء ١٠: ٨
يَزْرَعُونَ ٱلرِّيحَ من الأمور الطبيعية أن الحصاد يكون من جنس البذار وأكثر منه. زرعوا بذار الأعمال الباطلة والردية فيحصدون الدمار الكامل.
لاَ يَصْنَعُ دَقِيقاً لا تنفعهم أعمالهم الشريرة حتى ولو نتج منها شيء من الخير يكون للغرباء وليس لهم.
قَدِ ٱبْتُلِعَ إِسْرَائِيلُ (ع ٨) الفعل الماضي يدل على أمر لا بد من حدوثه وهم كإناء لا مسرة فيه فيُوضع فيه أقدار إشارة إلى ما يكون لهم من الاحتقار والذل في زمان السبي من أعدائهم وحالة اليهود في بعض الممالك حتى اليوم.
صَعِدُوا إِلَى أَشُّورَ (ع ٩) كانت أشور أوطى جبال إسرائيل ولكن قيل إنهم صعدوا لأنهم طلبوا معونة من أشور وليس كما قال المرنم «أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى ٱلْجِبَالِ مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ، صَانِعِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ» (مزمور ١٢١: ١ و٢) وكانوا مثل حمار وحشي حيوان بطر منفرد بلا عقل لا يسمع ولا يطيع. واستأجروا محبين كامرأة بلا حياء (انظر حزقيال ١٦: ٢٨ و٣٤) بما أنهم تركوا الرب وطلبوا معاهدة أشور ودفعوا من مالهم للذين لا يخلصونهم بل يستعبدونهم.
ٱلآنَ أَجْمَعُهُمْ (ع ١٠) فلا يكونون فيما بعد فالتين مثل حمار وحشي يعمل كما يريد بل يُجمعون تحت أمر متسلط. وملك الرؤساء هو ملك أشور. انظر قوله «أَلَيْسَتْ رُؤَسَائِي جَمِيعاً مُلُوكاً» (إشعياء ١٠: ٨) فينفكون قليلاً من ثقله. في الترجمة السبعينية «ينفكون قليلاً عن مسح ملك ورؤساء» إشارة تهكم إلى أنهم كانوا أقاموا ملوكا كثيرين في المدة الأخيرة من مملكتهم وأما في بلاد أشور فيستريحون من هذا الثقل لأنه لا يكون لهم ملك من عندهم. وأكثر المفسرين المحدثين يقبلون هذه الترجمة. وغيرهم يترجمون «يبتدئون أن يقلوا لسبب ثقل ملك الرؤساء» ولعل معنى الجملة كما هي في ترجمتنا العربية وعد من الرب بأنه يجمعهم فلا يشردون كالحمار الوحشي ويرحمهم قليلاً في زمان ضيقتهم من ملك أشور.
١١ – ١٤ «١١ لأَنَّ أَفْرَايِمَ كَثَّرَ مَذَابِحَ لِلْخَطِيَّةِ، صَارَتْ لَهُ ٱلْمَذَابِحُ لِلْخَطِيَّةِ. ١٢ أَكْتُبُ لَهُ كَثْرَةَ شَرَائِعِي، فَهِيَ تُحْسَبُ أَجْنَبِيَّةً. ١٣ أَمَّا ذَبَائِحُ تَقْدِمَاتِي فَيَذْبَحُونَ لَحْماً وَيَأْكُلُونَ. ٱلرَّبُّ لاَ يَرْتَضِيهَا. ٱلآنَ يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطِيَّتَهُمْ. إِنَّهُمْ إِلَى مِصْرَ يَرْجِعُونَ. ١٤ وَقَدْ نَسِيَ إِسْرَائِيلُ صَانِعَهُ وَبَنَى قُصُوراً وَكَثَّرَ يَهُوذَا مُدُناً حَصِينَةً. لٰكِنِّي أُرْسِلُ عَلَى مُدُنِهِ نَاراً فَتَأْكُلُ قُصُورَهُ».
ص ١٠: ١ و١٢: ١١ ع ١ وص ٤: ٦ ص ٥: ٦ و٩: ٤ إرميا ٦: ٢٠ و٧: ٢١ ص ٧: ٢ ولوقا ١٢: ٢ و١كورنثوس ٤: ٥ ص٤: ٩ و٩: ٧ ص ٩: ٣ و٦ ص ٢: ١٣ و٤: ٦ و١٣: ٦ إشعياء ٩: ٩ و١٠ إرميا ١٧: ٢٧
مَذَابِحَ لِلْخَطِيَّةِ أي لعبادة الأصنام والقبائح الناتجة عنها فإنهم كرهوا خدمة الرب ووصاياه التي تأمر بالأعمال الحسنة والسلوك الطاهر وإنكار الشهوات وأحبوا العبادة الوثنية التي هيجت الشهوات وقدستها حتى صارت الخطية فضيلة فكانت هذه المذابح تحملهم على الخطية وكثرة المذابح دليل على كثرة الخطايا. وغالباً الضعفاء في الحياة الروحية يزدادون في ممارسة الطقوس الخارجية.
أَكْتُبُ لَهُ كَثْرَةَ شَرَائِعِي (ع ١٢) المتضمنة في أسفار موسى وأقوال الأنبياء وكانوا حفظوا بعض الشرائع الطقسية وأما الشرائع الأدبية ولا سيما المتضمنة في سفر التثنية فكانوا أهملوها فصارت أجنبية كأنها ليست لهم.
فَيَذْبَحُونَ لَحْماً (ع ١٣) لحماً فقط وللأكل وليس ذبيحة ذات قيمة روحية.
إِلَى مِصْرَ يَرْجِعُونَ وفي ١١: ٥ «لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ، بَلْ أَشُّورُ هُوَ مَلِكُهُ» فيظهر أن الرجوع إلى مصر هو الرجوع إلى عبودية كالعبودية القديمة في مصر وأما مكان العبودية فيكون بلاد أشور. والرجوع إلى مصر المذكور في (إرميا ص ٤٣) هو رجوع بقية فقط من يهوذا وليس الشعب إجمالاً الذين سباهم ملك أشور قبل زمان إرميا بنحو ١٣٠ سنة.
قُصُوراً (ع ١٤) اتكلوا على قصورهم فالرب سيخرب ما اتكلوا عليه. كان خراب القصور من ملك أشور (انظر ٢ملوك ١٨: ١٣). ومدن يهوذا التي بناها رحبعام مذكورة في (٢أيام ١٢: ٥ – ١٠) وخربها ملك بابل (انظر ٢ملوك ٢٥: ٩) وكان ذلك من الرب «أرسل على مدنه ناراً» لأنه سلّم شعبه لأعدائهم لأنهم أخطأوا إليه.
السابق |
التالي |