سفر هوشع | 07 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر هوشع
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
١، ٢ «١ حِينَمَا كُنْتُ أَشْفِي إِسْرَائِيلَ أُعْلِنَ إِثْمُ أَفْرَايِمَ وَشُرُورُ ٱلسَّامِرَةِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ صَنَعُوا غِشّاً. ٱلسَّارِقُ دَخَلَ وَٱلْغُزَاةُ نَهَبُوا فِي ٱلْخَارِجِ. ٢ وَلاَ يَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنِّي قَدْ تَذَكَّرْتُ كُلَّ شَرِّهِمْ. اَلآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ. صَارَتْ أَمَامَ وَجْهِي».
ع ١٣ وص ٦: ٤ و١١: ٨ وحزقيال ٢٤: ١٣ ص ٤: ٢ ص ٦: ٩ ص ٨: ١٣ و٩: ٩ ومزمور ٢٥: ٧ وإرميا ١٤: ١٠ وعاموس ٨: ٧ ص ٤: ٩ وإرميا ٢: ١٩ و٤: ١٨
أُعْلِنَ إِثْمُ أَفْرَايِمَ يظهر المرض كما هو عندما يبتدئ الطبيب بمعالجته وتظهر قوة الخطية عند استعمال وسائط الخلاص كخبث الفريسيين لما كان يسوع بينهم كنور في الظلمة وتعصّب اليهود في تسالونيكي لما ابتدأ بولس في تبشيرهم وكما تظهر قوة الخطية في قلب الإنسان حينما يبتدئ أن يقاومها (رومية ٧: ٧ – ١١). ويُكنى بأفرايم والسامرة العاصمة. دخل السارق البيوت كالذين يسرقون ليلاً والغزاة نهبوا في الطرقات. وقال الرب إنه يذكر كل شرهم أي لم يعرفه فقط بل يعرفه فيجازيهم عليه ولا ينسى شيئاً منه. افتكروا أن يخفوا أفكارهم وأعمالهم الشريرة عن الناس ولم يفتكروا أنها ظاهرة أمام الله. أحاطت بهم أعمالهم الشريرة وهي كثيرة وعلى كل جانب وتشهد عليهم أمام وجه الرب. كانوا اعتادوا على الخطية حتى صارت عندهم كشيء زهيد لا يُذكر وظنوا أنه شيء زهيد عند الله أيضاً.
٣ – ٧ «٣ بِشَرِّهِمْ يُفَرِّحُونَ ٱلْمَلِكَ وَبِكَذِبِهِمِ ٱلرُّؤَسَاءَ. ٤ كُلُّهُمْ فَاسِقُونَ كَتَنُّورٍ مُحْمًى مِنَ ٱلْخَبَّازِ. يُبَطِّلُ ٱلإِيقَادَ مِنْ وَقْتِمَا يَعْجِنُ ٱلْعَجِينَ إِلَى أَنْ يَخْتَمِرَ. ٥ يَوْمُ مَلِكِنَا يَمْرَضُ ٱلرُّؤَسَاءُ مِنْ سَوْرَةِ ٱلْخَمْرِ. يَبْسُطُ يَدَهُ مَعَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ. ٦ لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ قُلُوبَهُمْ فِي مَكِيدَتِهِمْ كَٱلتَّنُّورِ. كُلَّ ٱللَّيْلِ يَنَامُ خَبَّازُهُمْ، وَفِي ٱلصَّبَاحِ يَكُونُ مُحْمًى كَنَارٍ مُلْتَهِبَةٍ. ٧ كُلُّهُمْ حَامُونَ كَٱلتَّنُّورِ وَأَكَلُوا قُضَاتَهُمْ. جَمِيعُ مُلُوكِهِمْ سَقَطُوا. لَيْسَ بَيْنَهُمْ مَنْ يَدْعُو إِلَيَّ».
ع ٥ وإرميا ٢٨: ١ – ٤ وميخا ٧: ٣ ص ٤: ٢ و١١: ١٢ إرميا ٩: ٢ و٢٣: ١٠ ع ٣ إشعياء ٢٨: ١ و٧ و٨ إشعياء ٢٨: ١٤ مزمور ٢١: ٩ ص ١٣: ١٠ ع ١٦ ع ١٠
يُفَرِّحُونَ ٱلْمَلِكَ بالكذب والتمليق والقبائح وهذا دليل على شره وضعف عقله والرؤساء مثله (انظر رومية ١: ٣٢) والملك هو زكريا وهو الجيل الرابع من ياهو (٢ملوك ١٥: ٨ – ١٢) «مَلَكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَعَمِلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ».
فَاسِقُونَ (ع ٤) هم التاركون أمر الله والخارجون عن الحق وهم كتنور. والتنور هو القلب والخباز هو الإنسان نفسه والنار الشهوة وكما يحمي الخباز التنور هكذا كانوا يهيجون شهواتهم بأفكارهم وكلامهم ونظرهم الردي والمنادمة والمعاشرات الردية. ويبطل الإيقاد أي يكف الإنسان عن السكر والزنى لأن شهوته سكنت قليلاً ولكنها ترجع بقوة جديدة. ويوم ملكهم (ع ٥) يوم ميلاده (انظر متّى ١٤: ٦) أو عيد جلوسه.
يَبْسُطُ يَدَهُ (ع ٥) أي الملك يبسط يده ويمسك أيدي المستهزئين علامة الاتحاد معهم.
يُقَرِّبُونَ قُلُوبَهُمْ (ع ٦) أي يهيئونها للعمل الذي قصدوه سراً وهو مكيدة. ولعل العمل هو قتل الملك (٢ملوك ١٥: ١٠) «فَتَنَ عَلَيْهِ (على زكريا) شَلُّومُ… وَضَرَبَهُ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضاً عَنْهُ».
يَنَامُ خَبَّازُهُمْ يسكتون وينتظرون سنوح الفرصة لإتمام مقصودهم كما ينتظر الخباز حتى يختمر العجين.
أَكَلُوا قُضَاتَهُمْ (ع ٧) كان زمان تشويش وفتن وقتل ملوك (انظر ٢ملوك ١٥: ٨ – ٣١) من يربعام الملك الأول بعد انقسام المملكة إلى هوشع الملك الأخير مدة نحو ٢٦٠ سنة وملك عشرون ملكاً وقتل منهم تسعة وأما في يهوذا فلم تتغير الخلافة من داود إلى صدقيا الملك الأخير على مدة ٤٦٠ سنة.
قُضَاتَهُمْ أي ملوكهم.
سَقَطُوا أي تركوا الرب وسقطوا في خطية عبادة الأصنام ولم يكن منهم ولا واحد صالحاً ولا من يدعو إلى الرب.
٨ – ١٢ «٨ أَفْرَايِمُ يَخْتَلِطُ بِٱلشُّعُوبِ. أَفْرَايِمُ صَارَ خُبْزَ مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ. ٩ أَكَلَ ٱلْغُرَبَاءُ ثَرْوَتَهُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ، وَقَدْ رُشَّ عَلَيْهِ ٱلشَّيْبُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ. ١٠ وَقَدْ أُذِلَّتْ عَظَمَةُ إِسْرَائِيلَ فِي وَجْهِهِ، وَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِمْ وَلاَ يَطْلُبُونَهُ مَعَ كُلِّ هٰذَا. ١١ وَصَارَ أَفْرَايِمُ كَحَمَامَةٍ رَعْنَاءَ بِلاَ قَلْبٍ. يَدْعُونَ مِصْرَ. يَمْضُونَ إِلَى أَشُّورَ. ١٢ عِنْدَمَا يَمْضُونَ أَبْسُطُ عَلَيْهِمْ شَبَكَتِي. أُلْقِيهِمْ كَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ. أُؤَدِّبُهُمْ بِحَسَبِ خَبَرِ جَمَاعَتِهِمْ».
ع ١١ وص ٥: ١٣ إشعياء ١: ٧ ص ٤: ٦ ص ٥: ٥ ع ٧ و١٤ وص ٥: ٤ ص ٤: ٦ و١١ و١٤ و٥: ٤ ع ١٦ وص ٨: ١٣ و٩: ٣ و٦ ص ٥: ١٣ و٨: ٩ و١٢: ١ حزقيال ١٢: ١٣
يَخْتَلِطُ بِٱلشُّعُوبِ اختلطوا بهم وضاعوا فيهم ولم تنتفع الشعوب منهم روحياً. كان الرب نهاهم عن هذا الاختلاط وحذّرهم من الشرور الناتجة عنه (انظر تثنية ٧: ١ – ٦).
خُبْزَ مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ أي خبز مستو على الوجه الواحد وغير مستو على الوجه الآخر. فيشير (١) إلى حالة الهيئة الاجتماعية لأن البعض كانوا أغنياء والبعض فقراء (٢) إلى حالتهم الدينية لأنهم كانوا متدينين جداً بالطقوس والفرائض وعديمي التقوى بالسلوك والأدب (٣) إلى سياستهم لأنهم كانوا متقلبين أحياناً ميلهم إلى أشور وأحياناً إلى مصر.
وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ (ع ٩) لأنهم لم يريدوا أن يعرفوا حالتهم وهم كجاهل لا يريد أن يصلح بيته الخرب فيقول البيت جيد.
ٱلشَّيْبُ ما يدل على الانحطاط الجسدي.
أُذِلَّتْ عَظَمَةُ إِسْرَائِيلَ (ع ١٠) (انظر ٥: ٥ وتفسيره).
فِي وَجْهِهِ انحطاط واضح وأمر لا يُنكر.
حَمَامَةٍ رَعْنَاءَ (ع ١١) الرعونة هي نقصان العقل والحماقة فتختلف عن البساطة التي أوصى المسيح بها.
أَبْسُطُ عَلَيْهِمْ شَبَكَتِي (ع ١٢) انخدعوا من أشور ومصر ولكن الشبكة التي انتسبوا فيها هي شبكة الرب الذي سلّمهم لأعدائهم بعدما كانوا تركوه.
خَبَرِ جَمَاعَتِهِمْ كان جماعة إسرائيل سمعوا خبراً أي كانوا تعلموا شريعة الرب عن يد موسى (انظر لاويين ٢٦: ١٤).
١٣ – ١٦ «١٣ وَيْلٌ لَهُمْ لأَنَّهُمْ هَرَبُوا عَنِّي. تَبّاً لَهُمْ لأَنَّهُمْ أَذْنَبُوا إِلَيَّ. أَنَا أَفْدِيهِمْ وَهُمْ تَكَلَّمُوا عَلَيَّ بِكَذِبٍ. ١٤ وَلاَ يَصْرُخُونَ إِلَيَّ بِقُلُوبِهِمْ حِينَمَا يُوَلْوِلُونَ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. يَتَجَمَّعُونَ لأَجْلِ ٱلْقَمْحِ وَٱلْخَمْرِ وَيَرْتَدُّونَ عَنِّي. ١٥ وَأَنَا أَنْذَرْتُهُمْ وَشَدَّدْتُ أَذْرُعَهُمْ وَهُمْ يُفَكِّرُونَ عَلَيَّ بِٱلشَّرِّ. ١٦ يَرْجِعُونَ لَيْسَ إِلَى ٱلْعَلِيِّ. قَدْ صَارُوا كَقَوْسٍ مُخْطِئَةٍ. يَسْقُطُ رُؤَسَاؤُهُمْ بِٱلسَّيْفِ مِنْ أَجْلِ سَخَطِ أَلْسِنَتِهِمْ. هٰذَا هُزْؤُهُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ».
ص ٩: ١٢ ص ٩: ١٧ وإرميا ١٤: ١٠ وحزقيال ٣٤: ٦ ع ١ وإرميا ٥١: ٩ ومتّى ٢٣: ٣٧ ص ٨: ٢ قضاة ٩: ٢٧ وعاموس ٢: ٨ وميخا ٢: ١١ ص ١٣: ١٦ ص ١١: ٣ ناحوم ١: ٩ مزمور ٧٨: ٥٧ ع ٧ مزمور ١٢: ٣ و٣ و١٧: ١٠ ودانيال ٧: ٢٥ وملاخي ٣: ١٣ و١٤ حزقيال ٢٣: ٣٢ ع ١١
وَيْلٌ لَهُمْ لأَنَّهُمْ هَرَبُوا عَنِّي أعظم ويل هو الابتعاد عن الله الذي هو مصدر الحياة وكل خير.
تَبّاً لَهُمْ ألزمهم الله هلاكاً.
أَنَا أَفْدِيهِمْ كان هلاكهم منهم لأن الله قادر وراض أن يخلصهم (انظر ع ١). تكلموا على الله بالكذب بما أنهم أنكروا قدرته بالخلاص وأنكروا محبته وأمانته كما يظهر في (ع ١٥).
وَلاَ يَصْرُخُونَ إِلَيَّ (ع ١٤) ولولوا على مضاجعهم من الوجع ولكنهم لم يلتفتوا إلى الرب كداود الذي قال (مزمور ٦٣: ٥ و٦) «بِشَفَتَيْ ٱلٱبْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي. إِذَا ذَكَرْتُكَ عَلَى فِرَاشِي».
لأَجْلِ ٱلْقَمْحِ كانت كل أفكارهم وكل مقاصدهم جسدية ونفسانية. وفي هذا الأمر كانوا جهلاء لأن الخيرات الجسدية من الرب وليس من أصنامهم. وهو أنذرهم وشددهم والحكمة في التدبير والبأس في الحرب منه.
يَرْجِعُونَ لَيْسَ إِلَى ٱلْعَلِيِّ (ع ١٦) وهم متقلبون فإنهم يسلكون في طريق وحينما يرون أنه لا يؤدي إلى غايتهم يرجعون ويختارون طريقاً آخر ولكنهم لا يختارون طريق الرب وهم كقوس مخطئة بما أنهم لم يصيبوا غرضهم. وأما الغرض الحقيقي فهو مجد الله كما قال بولس (فيلبي ٣: ١٤) «جِعَالَةِ دَعْوَةِ ٱللّٰهِ ٱلْعُلْيَا فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ» وسخط ألسنتهم كلام التشويش والفتن. «ٱللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ ٱلإِثْمِ… يُضْرِمُ دَائِرَةَ ٱلْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ» (يعقوب ٣: ٦).
هُزْؤُهُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ (انظر إشعياء ٣٠: ٥) «قَدْ خَجِلَ ٱلْجَمِيعُ مِنْ شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُهُمْ. لَيْسَ لِلْمَعُونَةِ وَلاَ لِلْمَنْفَعَةِ، بَلْ لِلْخَجَلِ وَلِلْخِزْيِ».
السابق |
التالي |