إشعياء

سفر إشعياء | 59 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلْخَمْسُونَ

١، ٢ «١ هَا إِنَّ يَدَ ٱلرَّبِّ لَمْ تَقْصُرْ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلَمْ تَثْقَلْ أُذُنُهُ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ. ٢ بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلٰهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ».

عدد ١١: ٢٣ وص ٥٠: ٢

في هاتين الآيتين موضوع الأصحاح كله. «لم تقصر يد الرب» فهو يقدر أن يعمل كل ما وعد شعبه به في الكلام السابق. «ولم تثقل أذنه» فهو يسمع ويستجيب الصلاة ولكن خطايا إسرائيل هي المانع لهم من الخلاص وهي كالغيم الفاصل بين الأرض والشمس لأن الفاصل هو من الأرض ومن تحت لا من فوق ووجه الرب كالشمس لا يتغير لكنه يضيء بوجهه على الناس أو يستر وجهه عنهم حسب أحوالهم الروحية كما تضيء الشمس في أيام الصحو ولا تضيء في أيام الغيم ولكن الشمس لا تتغير. وشعب الله في كل عصر يضطربون ويخافون لأنهم ينسوا أن الرب يقدر أن يخلّص ويريد أن يخلّص ولا صعوبة في نيل الخلاص ولا مانع منه إلا عدم إيمانهم وعدم طاعتهم. الخطية تحرم الناس كل خير لأن مصدره هو الله. وزوال الخطية يكون منا بالتوبة وترك الخطية ومن الله بأنه يغفر لنا ويطهّرنا بدم المسيح.

٣ «لأَنَّ أَيْدِيكُمْ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِٱلدَّمِ، وَأَصَابِعَكُمْ بِٱلإِثْمِ. شِفَاهُكُمْ تَكَلَّمَتْ بِٱلْكَذِبِ وَلِسَانُكُمْ يَلْهَجُ بِٱلشَّرِّ».

ص ١: ١٥

يذكر النبي بعض أعضاء الجسد كاليدين والأصابع والشفتين واللسان ولكل منها عمل خاص لمجد الله ولكنها صارت آلات للخطية.

تَنَجَّسَتْ بِٱلدَّمِ دم أولادهم الذين كانوا قد ذبحوهم لمولك ودم الأنبياء والأتقياء الذين كانوا قد قتلوهم حتى امتلأت أورشليم دماً بريئاً ودم الفقراء والضعفاء الذين قتلوهم ظلماً.

٤ «لَيْسَ مَنْ يَدْعُو بِٱلْعَدْلِ، وَلَيْسَ مَنْ يُحَاكِمُ بِٱلْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى ٱلْبَاطِلِ وَيَتَكَلَّمُونَ بِٱلْكَذِبِ. قَدْ حَبِلُوا بِتَعَبٍ وَوَلَدُوا إِثْماً».

أيوب ١٥: ٣٥ ومزمور ٧: ١٤

ليس أحد يريد العدل بل كل من رفع دعوى إلى الحكومة حاول أن يثبتها بشهادة زور ورشوة وغايته الظلم والانتقام. والحاكم أيضاً لم يسأل عن الحق بل عن الربح لنفسه فقط.

يَتَّكِلُونَ عَلَى ٱلْبَاطِلِ على الكذب وشهود زور وذكائهم واتحادهم وسطوتهم على المساكين.

حَبِلُوا بِتَعَبٍ وَوَلَدُوا إِثْماً استعدوا لما يُتعب الناس وفعلوه.

٥، ٦ «٥ فَقَسُوا بَيْضَ أَفْعَى، وَنَسَجُوا خُيُوطَ ٱلْعَنْكَبُوتِ. ٱلآكِلُ مِنْ بَيْضِهِمْ يَمُوتُ، وَٱلَّتِي تُكْسَرُ تُخْرِجُ أَفْعَى. ٦ خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْباً وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ. أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَفِعْلُ ٱلظُّلْمِ فِي أَيْدِيهِمْ».

أيوب ٨: ١٤ و١٥

بَيْضَ أَفْعَى مقاصدهم مضرّة كبيض الأفعى. والأفعى أحياناً تفقس بيضها في بطنها وتلدها وأحياناً تبيض فتنقف البيض كغيرها من أجناس الحيات.

خُيُوطَ ٱلْعَنْكَبُوتِ أراد بها حيَل الأشرار.

ٱلآكِلُ مِنْ بَيْضِهِمْ الذي يشترك معهم في أعمالهم الشريرة يموت أدباً وروحاً ولو انتفع وقتياً انتفاعاً جسدياً.

وَٱلَّتِي تُكْسَرُ ما دام الإنسان عازماً على فعل الشر لا شيء يمنعه عنه بل إن كان لا يقدر أن يعمله على طريقة يجد طريقة أخرى فيكسر البيض أي لا يتم الشر كما قصد ولكنها تُخرج أفعى أي الروح الشرير باقٍ.

خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْباً ثوب واهي الخيوط رقيق لا ينفع لابسه وأعمال باطلة لا تنفع عاملها.

أَعْمَالُ إِثْمٍ وهي الخراب فلا تبني ولا تنفع بل تخرب الناس جسداً ونفساً. وجوهر الخطية هو محبة الذات فلا يسأل الخاطئ عن مصلحة غيره ولا يهمه خسارة غيره بل يطلب ما لنفسه فقط.

٧ «أَرْجُلُهُمْ إِلَى ٱلشَّرِّ تَجْرِي وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ ٱلدَّمِ ٱلزَّكِيِّ. أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارُ إِثْمٍ. فِي طُرُقِهِمِ ٱغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ».

أمثال ١: ١٦ ورومية ٣: ١٥

أَرْجُلُهُمْ جميع أعضاء الجسد آلات للشر أي الأيدي والأصابع والشفاه والألسنة (ع ٣) والأرجل. فالجسد الذي خلقه الله يتمجد به صار عبداً للشيطان. ولعل المراد بذلك تسلط العادات الردية على الجسد. فإنه إذا اعتاد الإنسان المشي في طريق ما مشى فيه بلا فكر وترك الأمر إلى رجليه. وربما الكلام كله يشير إلى كثرة ذبح الأتقياء كما حدث في زمان منسى.

أَفْكَارُهُمْ أي مصدر شرورهم وهي قلوبهم الشريرة وفي هذا إشارة إلى أن الله يعرف أفكارهم كما يعرف أعمالهم وكلامهم. واغتصاب وسحق في طرقهم كما في طريق الوباء وفي طرق الحرب المهلك فاغتصبوا حيثما ذهبوا وسحقوا الضعفاء والفقراء ولم يتركوا لهم شيئاً.

تُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ ٱلدَّمِ هذا دليل على رغبتهم ونشاطهم في الشر وكثيراً ما يطلب الضعيف في عمل الخير الشهرة باقتداره بفعل الشر لأن الخراب أهون من البناء وسفك الدم أهون من تخليص الحياة.

٨ «طَرِيقُ ٱلسَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ، وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ. جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلاً مُعَوَّجَةً. كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَماً».

مزمور ١٢٥: ٥ وأمثال ٢: ١٥

طَرِيقُ ٱلسَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ فهم لا يسلكون فيه مطلقاً. لا يسالمون الناس ولا يجدون سلاماً لأنفسهم وهذا كله ناتج عن أعمالهم الردية كالكذب والظلم وسفك الدم.

سُبُلاً مُعَوَّجَةً قال داود (مزمور ٢٧: ١١) «عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَكَ، وَٱهْدِنِي فِي سَبِيلٍ مُسْتَقِيمٍ» أي طريق الصدق والعدل وأما طريق الأشرار فمعوجة لأنهم لا ينظرون إلى الله ولا يقصدون مجده بالإخلاص بل ينظرون إلى الأحوال ويميلون تارة إلى هنا وأخرى إلى هناك كما يظنون أنه موافق لمصلحتهم.

٩ «مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ ٱبْتَعَدَ ٱلْحَقُّ عَنَّا وَلَمْ يُدْرِكْنَا ٱلْعَدْلُ. نَنْتَظِرُ نُوراً فَإِذَا ظَلاَمٌ. ضِيَاءً فَنَسِيرُ فِي ظَلاَمٍ دَامِسٍ».

إرميا ٨: ١٥

مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ ٱبْتَعَدَ ٱلْحَقُّ عَنَّا نظر النبي إلى أعداء إسرائيل من الخارج واستعمل كلمة «الحق» هنا بمعنى الخلاص من هؤلاء الأعداء لأن الخلاص منهم يكون إظهار الحق. و«ابتعد الحق» أي الرب لم يخلّص شعبه من ظالميهم من أجل شرورهم كما ذُكر في الكلام السابق. والنبي تكلم بالنيابة عن المنتبهين والتائبين من الشعب. فإنهم أقروا بأن عدم إظهار العدل في خلاصهم من أعدائهم هو على سبيل القصاص من الرب وتأسفوا على أمرين أولهما وجود الشرور بينهم وثانياً ابتعاد الرب عنهم بسبب هذه الخطايا فصاروا كعمي لأن الرب هو النور.

١٠ «نَتَلَمَّسُ ٱلْحَائِطَ كَعُمْيٍ، وَكَٱلَّذِي بِلاَ أَعْيُنٍ نَتَجَسَّسُ. قَدْ عَثَرْنَا فِي ٱلظُّهْرِ كَمَا فِي ٱلْعَتَمَةِ، فِي ٱلضَّبَابِ كَمَوْتَى».

تثنية ٢٨: ٢٩ وأيوب ٥: ١٤ وعاموس ٨: ٩

كَعُمْيٍ كما تنبأ موسى (تثنية ٢٨: ٢٩) وهم كعمي لأن السبب منهم وليس من الرب فعثروا في الظهر والنور محيط بهم.

فِي ٱلضَّبَابِ كَمَوْتَى أي كانوا كموتى أو كأناس ماشين في ضباب لأنهم لم يبصروا. وكثيراً ما شبّه الكتاب غير المؤمنين بالأموات والمؤمنين بالأحياء والانتقال من حال الخطية إلى حال الخلاص بولادة ثانية.

١١ «نَزْأَرُ كُلُّنَا كَدُبَّةٍ، وَكَحَمَامٍ هَدْراً نَهْدِرُ. نَنْتَظِرُ عَدْلاً وَلَيْسَ هُوَ، وَخَلاَصاً فَيَبْتَعِدُ عَنَّا».

ص ٣٨: ١٤ وحزقيال ٧: ١٦

صوت الدبّة وصوت الحمام كصوت الموجوع والمحزون وسبب حزنهم ابتعاد الخلاص عنهم.

نَنْتَظِرُ عَدْلاً العدل هنا عدل الله في خلاص شعبه من ظالميهم فيكون معنى الكلمة هنا كمعنى كلمة «خلاص» التي تتبعها.

١٢ «لأَنَّ مَعَاصِيَنَا كَثُرَتْ أَمَامَكَ، وَخَطَايَانَا تَشْهَدُ عَلَيْنَا، لأَنَّ مَعَاصِيَنَا مَعَنَا وَآثَامَنَا نَعْرِفُهَا».

أَمَامَكَ معاصيهم أمام الرب لأنه رآها وعرفها ولم يقدروا أن يخفوا عنه شيئاً وهي أمامه أيضاً كحاكم لينظرها ويحكم عليها.

تَشْهَدُ عَلَيْنَا لا يلزم شاهد لأن الله رأى كل ما فعلوه وهم أيضاً لم يقدروا أن ينكروا فهم كسارق أمسك وهو يسرق فعلاً.

مَعَاصِيَنَا مَعَنَا فلم يقدروا أن ينسوها ولو تركوها وعملوا كل واجباتهم. قال إبراهيم للغني في المثل «يا ابني اذكر». ومن أشد آلام الهالكين في الآخرة ذكر الخطايا التي ارتكبوها بالفعل وبترك الواجبات. وما أعظم رحمة بالله للتائبين في قوله «قد محوت كغيم ذنوبك». وقول الرسول «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية».

١٣ – ١٥ «١٣ تَعَدَّيْنَا وَكَذِبْنَا عَلَى ٱلرَّبِّ، وَحِدْنَا مِنْ وَرَاءِ إِلٰهِنَا. تَكَلَّمْنَا بِٱلظُّلْمِ وَٱلْمَعْصِيَةِ. حَبِلْنَا وَلَهَجْنَا مِنَ ٱلْقَلْبِ بِكَلاَمِ ٱلْكَذِبِ. ١٤ وَقَدِ ٱرْتَدَّ ٱلْحَقُّ إِلَى ٱلْوَرَاءِ، وَٱلْعَدْلُ يَقِفُ بَعِيداً. لأَنَّ ٱلصِّدْقَ سَقَطَ فِي ٱلشَّارِعِ، وَٱلاِسْتِقَامَةَ لاَ تَسْتَطِيعُ ٱلدُّخُولَ. ١٥ وَصَارَ ٱلصِّدْقُ مَعْدُوماً، وَٱلْحَائِدُ عَنِ ٱلشَّرِّ يُسْلَبُ. فَرَأَى ٱلرَّبُّ وَسَاءَ فِي عَيْنَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَدْلٌ».

متّى ١٢: ٣٤

الاعتراف بالخطايا. ومما يفيدنا ما يأتي:

  1. إنهم اعترفوا بجميع الخطايا كالتعدي أي الخطية بالفعل والكذب على الرب والحيدان ومن ورائه أي تركهم الواجبات المطلوبة منهم والخطايا بالكلام والخطايا أفراداً والخطايا إجمالاً.
  2. إنهم اعترفوا بخطايا لا يذكرها ولا يعترف بها أكثر الناس كخطية الكذب. قال أحد القسوس إنه سمع كثيرين يعترفون بخطاياهم ولكنه لم يسمع أحد يعترف بخطية الكذب ولكن النبي ذكر بالنيابة عن الشعب خطية الكذب مراراً.
  3. إنهم لا يخففون خطاياهم ولا يعتذرون.
  4. إنهم يعترفون ولهم رجاء فإنهم يقولون «إلهنا» فرجاؤهم هو أنه لم يتركهم بل سيغفر لهم خطاياهم ويقبلهم أيضاً شعباً له.

لأَنَّ ٱلصِّدْقَ سَقَطَ فِي ٱلشَّارِعِ في القديم كان الحكام يجلسون في أماكن الاجتماع كباب المدينة أو الساحة أو الشارع.

وَصَارَ ٱلصِّدْقُ مَعْدُوماً النبي يذكر خطية الكذب أكثر من غيرها لأن الصدق جوهر جميع الفضائل وأساس الهيئة الاجتماعية فبلا الصدق لا تصلح حكومة ولا تجارة ولا اتحاد في عمل ما ويكون الناس في حال التوحش التام.

وَٱلْحَائِدُ عَنِ ٱلشَّرِّ يُسْلَبُ لأن جميع الناس اعتصموا بالكذب والغش والظلم. فالصادق والمستقيم والعادل لم يقدر أن يسلك معهم وهم سلبوه.

١٦، ١٧ «١٦ فَرَأَى أَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ، وَتَحَيَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ شَفِيعٌ. فَخَلَّصَتْ ذِرَاعُهُ لِنَفْسِهِ، وَبِرُّهُ هُوَ عَضَدَهُ. ١٧ فَلَبِسَ ٱلْبِرَّ كَدِرْعٍ، وَخُوذَةَ ٱلْخَلاَصِ عَلَى رَأْسِهِ. وَلَبِسَ ثِيَابَ ٱلانْتِقَامِ كَلِبَاسٍ، وَٱكْتَسَى بِٱلْغَيْرَةِ كَرِدَاءٍ».

حزقيال ٢٢: ٣٠ مرقس ٦: ٦ مزمور ٩٨: ١ وص ٦٣: ٥ أفسس ٦: ١٤ و١٧ و١تسالونيكي ٥: ٨

فَرَأَى أي الرب فإنه رأى وعرف كل شيء منذ الأزل ولكنه أظهر قوته إجابة لصلاة الأتقياء واعترافهم.

تَحَيَّرَ الرب لا يتحير لأنه يعرف كل شيء وهو القادر على كل شيء ولكننا نضطر أحياناً أن نعبر عن المعاني الإلهية باللغة البشرية والمعنى أن الشعب وصلوا إلى درجة من الخطية والشقاء لا يقدر أحد من بني البشر أن يخلّصهم منها وهذا أمر عجيب من شأنه أنه يوجب الحيرة. ولم يوجد بينهم مخلّص كموسى أو جدعون وهذا أيضاً أمر عجيب فأظهر الرب قوته وصار هو وحده المخلّص والشفيع الوحيد فخلّص شعبه. ومن صفات المخلّص المذكورة هنا:

  1. البر «بره هو عضده».
  2. الشفقة «خوذة الخلاص».
  3. الغيرة «لبس ثياب الانتقام».
  4. التكريس لهذا العمل «واكتسى بالغيرة كرداء». والكلام كله نبوءة بما سيكون وصيغة الماضي لتأكيد الوقوع وهو كثير في اللغات وكلام النبوءة.

١٨ «حَسَبَ ٱلأَعْمَالِ هٰكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً. جَزَاءً يُجَازِي ٱلْجَزَائِرَ».

ص ٦٣: ٦

مبغضو الرب هم الأشرار من الإسرائيليين المشار إليهم في (ص ٥٧ و٥٨ وفي هذا الأصحاح). وأعداؤه هم الأمم الذين اضطهدوا وظلموا الإسرائيليين فالرب يجازي الجميع حسب أعمالهم الشريرة المتنوعة.

يُجَازِي ٱلْجَزَائِرَ أي الأمم المضطهدين في جهات البحر وهم تحت رئاسة أشور وبابل.

١٩ «فَيَخَافُونَ مِنَ ٱلْمَغْرِبِ ٱسْمَ ٱلرَّبِّ وَمِنْ مَشْرِقِ ٱلشَّمْسِ مَجْدَهُ. عِنْدَمَا يَأْتِي ٱلْعَدُوُّ كَنَهْرٍ فَنَفْخَةُ ٱلرَّبِّ تَدْفَعُهُ!».

مزمور ١١٣: ٣ وملاخي ١: ١١ رؤيا ١٢: ١٥

حين يظهر الرب قوته في خلاص شعبه أمام جميع الشعوب يخافون فيخضعون له بعضهم خضوع الإيمان فينضمون إلى شعب الله والبعض خضوع الخوف فيتركون المقاومة. وهكذا يثرون لما سمع من موسى الخبر بما صنعه الرب لإسرائيل الذي أنقذه من أيدي المصريين (خروج ١٨: ٩). وبالاق لما رأى جميع ما فعل إسرائيل بالأموريين (عدد ٢٢: ٢) والكنعانيون لما سمعوا الرب قد يبّس مياه الأردن (يشوع ٥: ١). والعدو هو كل من يقاوم الله كأشور وبابل والعدو الأخير (رؤيا ١٩: ١٩).

كَنَهْرٍ لعله أراد نهر الفرات (ص ٨: ٧) لأنه كناية عن ملك أشور وكل قوة مهلكة. وأما نفخة الرب فكنهر أيضاً (ص ٣٠: ٢٨) ويبيد جميع أعدائه (٢تسالونيكي ٢: ٨).

٢٠ «وَيَأْتِي ٱلْفَادِي إِلَى صِهْيَوْنَ وَإِلَى ٱلتَّائِبِينَ عَنِ ٱلْمَعْصِيَةِ فِي يَعْقُوبَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ».

رومية ١١: ٢٦

يَأْتِي ٱلْفَادِي إِلَى صِهْيَوْنَ لاحظ ترتيب المواعيد أولاً للذين من الغرب ومن الشرق (ع ١٩) ثم لصهيون وهذا يطابق تعليم الرسول (رومية ١١: ٢٥ و٢٦) قال بولس «سيخرج من صهيون» فيشير إلى ناسوت المسيح فإنه من نسل داود حسب الجسد ومن جنس اليهود.

٢١ «أَمَّا أَنَا فَهٰذَا عَهْدِي مَعَهُمْ قَالَ ٱلرَّبُّ: رُوحِي ٱلَّذِي عَلَيْكَ، وَكَلاَمِي ٱلَّذِي وَضَعْتُهُ فِي فَمِكَ لاَ يَزُولُ مِنْ فَمِكَ وَلاَ مِنْ فَمِ نَسْلِكَ وَلاَ مِنْ فَمِ نَسْلِ نَسْلِكَ قَالَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلآنَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ».

عبرانيين ٨: ١ و١٠: ١٦

أَمَّا أَنَا الرب هو المتكلم.

مَعَهُمْ أي مع التائبين المذكورين وجميع التائبين أمماً ويهوداً. ومواعيد الله ليست إلا للتائبين أكانت للأمم أم كانت لليهود.

كَلاَمِي هو كلامه الذي في الكتاب المقدس.

رُوحِي ٱلَّذِي عَلَيْكَ أي الروح القدس.

فِي فَمِكَ لا يقول في أذنك لأن شعب الله يكونون مبشرين بالكلمة لا سامعين فقط. وجوهر هذا الوعد الثمين هو أن الروح القدس سيمكث مع شعب الله إلى الأبد وهو يطهرهم ويرشدهم ويثبتهم فلا يكون ارتداد عما كما كان في القديم بل الكنيسة تبقى إلى الأبد.

فوائد للوعاظ

تباطؤ الرب (ع ١)

الناس يحسبون تباطؤ الرب علامة عدم الانتباه أو عدم المحبة مع أنه قادر على كل شيء ويعتني بجميع خلائقه. ومن أسباب تباطؤ الرب ما يأتي:

  1. إشعار الناس بضعفهم وبوجوب الاتكال عليه.
  2. ليعلّمهم أن يسهروا ويصلوا.
  3. زيادة قيمة البركات المنتظرة

خيوطهم لا تصير ثوباً (ع ٦) نتعلم

  1. إن النفس تحتاج إلى ما يكفّر خطاياها كما يحتاج الجسد إلى ما يستر عورته.
  2. من الخيوط التي لا تصير ثوباً. (١) العضوية في الكنيسة. (٢) الفرائض كالمعمودية والعشاء الرباني. (٣) السلوك الحسن وحفظ الوصايا. فإن هذه كلها واجبة ولكنها لا تكفّر الخطية.
  3. لا ثوب يسد احتياجات النفس إلا ثوب بر المسيح (متّى ٢٢: ١١ ورومية ٥: ١ و٨: ١ وفيلبي ٣: ٧ – ٩).

أفكارهم أفكار إثم (ع ٧) الخطايا بالأفكار

نلاحظ في ذلك ما يأتي:

  1. أهمية الأفكار لأن الإنسان يخطئ بالفكر قبلما يخطئ بالفعل والأعمال الصالحة أيضاً تكون أولاً بالفكر والله يعرف الأفكار ويحكم على الناس بموجب النية.
  2. إن الأفكار تحت حكم الإنسان فعليه أولاً أن لا يفتكر إلا في ما يوافق ولا يقبل في قلبه الأفكار الردية. وثانياً أن يجبر نفسه على التأمل في الأمور الصالحة ويمنع نفسه عن التأمل في الشرور.

فهذا عهدي معهم (ع ٢١)

الكنيسة مجموعة من أناس ضعفاء وخطأة فتكون عرضة للسقوط نظراً إلى نفسها ولكنها لا تسقط ويظهر ذلك مما يأتي:

  1. إن الله بالأنبياء صرّح أنه يقيم على الأرض ملكوتاً أبدياً (٢صموئيل ٧: ١٢ و١٣ ومزمور ٤٨: ٨ وإشعياء ٩: ٦ و٧).
  2. إن الله في العهد الجديد خصّ الكنيسة بهذه المواعيد (متّى ١٦: ١٨ و٢٨: ١٩ و٢٠ و١كورنثوس ١١: ٢٦).
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى