إشعياء

سفر إشعياء | 52 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْخَمْسُونَ إلى ع ١٢

مضمونه:

من ص ٥١: ١٧ – ص ٥٢: ١٢ فصل واحد مضمونه التصريح بأن الرب يرد سبي شعبه وتحريضهم على النهوض والفرح بالرب والاستعداد للخروج. والحق الأساسي الانتقال من النظام القديم إلى النظام المسيحي فيتضمن تجديد حياة إسرائيل الروحية ومجيء المسيح.

١ «اِسْتَيْقِظِي ٱسْتَيْقِظِي! ٱلْبِسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! ٱلْبِسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، ٱلْمَدِينَةُ ٱلْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ».

ص ٥١: ٩ و١٧ نحميا ١١: ١ وص ٤٨: ٢ ومتّى ٤: ٥ ورؤيا ٢١: ٢ ص ٣٥: ٨ و٦٠: ٢١ وناحوم ١: ١٥ رؤيا ٢١: ٢٧

ٱسْتَيْقِظِي (رومية ١٣: ١١ و١٢) كانت صهيون في حال الذل فشبّه النبي هذه الحال بالليل والظلام وبشرها بإقبال الصبح فعليها أن تستيقظ وتقوم وتلبس ثيابها.

وفي الأصحاح السابق ع ٩ قال النبي «استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب» أراد أن الرب يعمل لأجل شعبه وهم يطلبون منه أن يعمل. وفي هذا الأصحاح قال النبي لأورشليم «استيقظي» لأن الرب لا يعمل لأجل شعبه فقط بل يعمل فيهم أيضاً إذ يجعل فيهم الإيمان والرجاء والنشاط وبلا عمل منهم لا يعمل لأجلهم. لما خلّص شعبه من مصر قال لهم أن يقوموا ويخرجوا ولما رد الرب سبيهم قاموا هم وتركوا أملاكهم واحتملوا مشقات السفر وأخطاره وبنوا أسوار أورشليم بأيديهم وبالتعب والخوف. وكذلك يعطي شعبه في كل عصر بركات عظيمة ولكنه يأمره بأن يطلبوها. ويقدم لهم الخلاص والحياة الأبدية مجاناً ولكن عليهم أن يجتهدوا أن يدخلوا من الباب الضيّق وأن يمسكوا بالحياة الأبدية.

عِزَّكِ ليس عز القوة الجسدية ولا عز المال لأن ليس لهم عز كهذا بل عز الثبات في إيمانهم بالكتاب المقدس وبالله وبصدق مواعيده وعزهم بالصلاة والسلوك بلا لوم.

ثِيَابَ جَمَالِكِ هذا إشارة إلى القداسة فعلى الذين يعملون مع الرب أن يكونوا قديسين لأنه قدوس وإلى الخلاص لأن ثياب العبيد لا توافق الأحرار في المسيح وإلى الفرح لأن الخلاص هو فرح لا حزن ولا خوف.

لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ لم تتم هذه النبوءة حقيقة عند الرجوع من بابل لأن الأغلف والنجس دخلا كأنتيوخس أبيفانس والرومانيين فيكون التتميم الحقيقي عند خلاص شعب الله من الخطية وإقامة الكنيسة المجيدة التي لا دنس فيها (أفسس ٥: ٢٧) وإقامة الملكوت السماوي الذي لا يدخله شيء دنس.

٢ «اِنْتَفِضِي مِنَ ٱلتُّرَابِ. قُومِي ٱجْلِسِي يَا أُورُشَلِيمُ. ٱنْحَلِّي مِنْ رُبُطِ عُنُقِكِ أَيَّتُهَا ٱلْمَسْبِيَّةُ ٱبْنَةُ صِهْيَوْنَ».

ص ٣: ٢٦ و٥١: ٢٣ زكريا ٢: ٧

اِنْتَفِضِي… قُومِي وهذا الأمر عكس ما قيل لبابل (ص ٤٧: ١) «اِنْزِلِي وَٱجْلِسِي عَلَى ٱلتُّرَابِ» فإن السيدة صارت أَمة والأَمة صارت سيدة.

ٱجْلِسِي أي على كرسي فلا ترجعي إلى الجلوس على الأرض. لا يجوز للكنيسة أن تفتخر أو تطلب لنفسها المجد من العالم وكذلك لا يجوز أن تحتقر نفسها أو تخاف من الناس لأنها ليست أَمة بل عروس المسيح ونور العالم وعمود الحق.

ٱنْحَلِّي مِنْ رُبُطِ عُنُقِكِ رُبُط بابل ورُبُط الخطية. ومن الرُبُط التي تربط الكنيسة في أيامنا ما يأتي:

  1. الحكم المطلق في ما تعتقده وما تعمله كحكم الباب والمجامع.
  2. حكم ملوك العالم في ما يختص بالعبادة والإيمان.
  3. حكم العالم على الكنيسة وتسلط محبة المال والمجد العالمي والعادات الرديئة والفتور والكسل والخوف. الرب هو الذي حلّ الرُبُط ومع ذلك على كل مؤمن أن يحل رُبُط نفسه كأن الرب فتح القفل ثم قال للأسير ارفع الرُبُط عن عنقك. كما قال المسيح لصاحب اليد اليابسة «مد يدك» وللمقعد «قم وامش» الخ أي الخلاص هو عمل الرب في الإنسان لا مجرد عمله خارجاً عنه.

٣ «فَإِنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مَجَّاناً بُعْتُمْ، وَبِلاَ فِضَّةٍ تُفَكُّونَ».

مزمور ٤٤: ١٢ وص ٤٥: ١٣ وإرميا ١٥: ١٣

مَجَّاناً بُعْتُمْ ينفك العبد بدفع المال الذي بيع به وبما أن بني إسرائيل بيعوا مجاناً ينفكون مجاناً أي لا شيء يمنع فكهم فإنهم ليسوا كأملاك أهل بابل التي تعبوا فيها كبيوتهم وأراضيهم بل هم شعب الله وكانوا في بابل كأمتعة مسروقة فيجوز لصاحبها أن يأخذها بلا ثمن. حين يبيع الخاطئ نفسه للخطية يعطي ما يفوق كل ثمن ولا يأخذ شيئاً ذا قيمة وحين يخلص بالمسيح يأخذ ما يفوق الثمن ولا يُعطي شيئاً.

٤ «لأَنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: إِلَى مِصْرَ نَزَلَ شَعْبِي أَوَّلاً لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ. ثُمَّ ظَلَمَهُ أَشُّورُ بِلاَ سَبَبٍ».

تكوين ٤٦: ٦ وأعمال ٧: ١٤

إن بني إسرائيل سُبوا ثلاث مرات أولاً في مصر وثانياً في أشور وثالثاً في بابل فيكفيهم ما كانوا قد احتملوه من العبودية.

٥، ٦ «٥ فَٱلآنَ مَاذَا لِي هُنَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ حَتَّى أُخِذَ شَعْبِي مَجَّاناً؟ ٱلْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِ يَصِيحُونَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَدَائِماً كُلَّ يَوْمٍ ٱسْمِي يُهَانُ. ٦ لِذٰلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ ٱسْمِي. لِذٰلِكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ ٱلْمُتَكَلِّمُ. هَئَنَذَا».

حزقيال ٣٦: ٢٠ و٢٣ ورومية ٢: ٢٤

مَاذَا لِي هُنَا تكلم الرب كإنسان والمعنى أنه ليس راضياً بهذه الحالة بل قاصداً أن يقوم لخلاص شعبه. ومما يستدعي التفات الرب لشعبه ما يأتي:

  1. إنهم بيعوا مجاناً.
  2. إن البابليين عاملوهم بالقساوة.
  3. إن البابليين أهانوا اسم الرب.

أهان البابليون اسم الرب بعدم خوفهم منه لأنهم ظلموا شعبه كأنه ليس موجوداً ولا يقدر أن يخلّصهم. وشعب الله عرفوا اسم الرب لما ظهر لخلاصهم من ظالميهم وفي ذلك اليوم عرفوا أن الذي كلمهم ووعدهم بالخلاص هو الفاعل أيضاً والوافي بمواعيده. وليست معرفة الله الحقيقية المعرفة من مجرد أخبار الكتاب المقدس التاريخية ولا معرفة من شهادة غير الكتاب من الناس بل هي أيضاً المعرفة من الاختبار الشخصي وشعور المؤمن بأن الله يعرفه ويحبه ويدبر أمور حياته ويسمع صلاته ويستجيبها.

٧ «مَا أَجْمَلَ عَلَى ٱلْجِبَالِ قَدَمَيِ ٱلْمُبَشِّرِ، ٱلْمُخْبِرِ بِٱلسَّلاَمِ، ٱلْمُبَشِّرِ بِٱلْخَيْرِ، ٱلْمُخْبِرِ بِٱلْخَلاَصِ، ٱلْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: قَدْ مَلَكَ إِلٰهُكِ!».

ناحوم ١: ١٥ ورومية ١٠: ١٥ مزمور ٩٣: ١ و٩٦: ١٠ و٩٧: ١

ٱلْجِبَالِ هي الجبال حول أورشليم والنبي يصور مبشراً آتياً من بابل إلى أورشليم ليخبر أهلها بخلاص المسبيين وإقامة ملك إلههم. وذكر «قدمي المبشر» لأنه يتوقف عليهما وصول الخبر فالساعي أتى بالسرعة. وبولس الرسول (رومية ١٠: ١٥) خصص هذا القول للمبشرين بالمسيح لأن الخلاص من الخطية وإقامة ملكوت المسيح الروحي على الأرض. وليس الجمال للمبشر بل للبشارة فلا يليق به أن يفتخر بل أن يوجه أفكار السامعين إلى البشارة.

قَدْ مَلَكَ إِلٰهُكِ تكفي هذه البشارة لأنه إذا ملك الله يكون بالنتيجة السلام والخلاص وكل خير.

٨ «صَوْتُ مُرَاقِبِيكِ. يَرْفَعُونَ صَوْتَهُمْ. يَتَرَنَّمُونَ مَعاً، لأَنَّهُمْ يُبْصِرُونَ عَيْناً لِعَيْنٍ عِنْدَ رُجُوعِ ٱلرَّبِّ إِلَى صِهْيَوْنَ».

مُرَاقِبِيكِ ينادي المراقبون في أورشليم بقدوم المبشر ويترنمون أيضاً من فرحهم بالخلاص. والمراقبون هم الأنبياء أو المؤمنون من الشعب أو الملائكة أو مراقبون حقيقيون.

يُبْصِرُونَ عَيْناً لِعَيْنٍ (انظر عدد ١٤: ١٤) «أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لَهُمْ عَيْناً لِعَيْنٍ» و(تثنية ٣٤: ١٠) «مُوسَى ٱلَّذِي عَرَفَهُ ٱلرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ» أي الرب سيرجع إلى صهيون ويقترب حتى يراه المراقبون عيناً لعين أو وجهاً لوجه فيكون هذا القول تأكيداً لرجوع الرب وحضوره بين شعبه وتكون سعادة المفديين التامة عندما ينظرون وجهه في السماء (رؤيا ٢٢: ٤).

٩ «أَشِيدِي تَرَنَّمِي مَعاً يَا خِرَبَ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ. فَدَى أُورُشَلِيمَ».

ص ٥١: ٣ ص ٤٨: ٢٠

للخرَب فرح خصوصي لأنها ستُبني. وكانت مدينة أورشليم قد خربت كلها تقريباً فلم يبق منها إلا بيوت قليلة حقيرة.

١٠ «قَدْ شَمَّرَ ٱلرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ ٱلأُمَمِ، فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ ٱلأَرْضِ خَلاَصَ إِلٰهِنَا».

مزمور ٩٨: ٢ و٣ لوقا ٣: ٦

شَمَّرَ ٱلرَّبُّ أي أظهر قوته.

ذِرَاعِ قُدْسِهِ يستعمل الرب قدرته غير المحدودة بالقداسة وليس كبني البشر بالظلم والشرور وبما أن الرب قدوس صارت عبارة «ذراع قدسه» بمعنى «ذراع الرب» (مزمور ٩٨: ١).

أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ ٱلأُمَمِ إن خلاص اليهود من بابل لم يُفعل في زاوية فإن محاربة الفرس وسقوط بابل ورجوع اليهود من الأمور المعروفة والمشهورة انظر مناداة كورش (عزرا ١: ١ – ٣) فإنه أطلق نداء في كل مملكته وقال إن له جميع ممالك الأرض وإن الرب هو الذي دفعها له واعترف بأنه هو الإله وهو أوصاه أن يبني له بيتاً في أورشليم. ولا ترى أطراف الأرض خلاص اليهود فقط بل أيضاً خلاص الرب في ما بينهم فيخلصون هم أيضاً.

١١ «اِعْتَزِلُوا. ٱعْتَزِلُوا. ٱخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ. لاَ تَمَسُّوا نَجِساً. ٱخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهَا. تَطَهَّرُوا يَا حَامِلِي آنِيَةِ ٱلرَّبِّ».

ص ٤٨: ٢٠ وإرميا ٥٠: ٨ و٥١: ٦ و٤٥ وزكريا ٢: ٦ و٧ و٢كورنثوس ٦: ١٧ ورؤيا ١٨: ٥ لاويين ٢٢: ٢ الخ

ٱخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ من بابل لأن مركز النبي في الرؤيا في أورشليم. وربما البعض من المسبيين احتاجوا إلى أمر كهذا لأنهم استصعبوا السفر في القفر وترك أملاكهم في بابل. أما الذين بقوا في بابل وهم متحدون مع الأشرار فكانوا متحدين معهم في سقوط مدينتهم وخسارة كل شيء. وكل من يخاف من الأتعاب والأخطار فلا يدخل لخدمة المسيح سيقع في أتعاب وصعوبات أعظم.

لاَ تَمَسُّوا نَجِساً أي لا تأخذوا معكم شيئاً من أصنام بابل ولا تعاويذها.

آنِيَةِ ٱلرَّبِّ هي التي أخذها نبوخذنصر (٢ملوك ٢٥: ١٤ – ١٦) فرجعها كورش (عزرا ١: ٧ – ١١) وعلى حامليها أن يتطهروا حسب الشريعة (٢أيام ٢٩: ٣٤). وها تنبيه لجميع الذين يخدمون الرب في التعليم والتبشير وغيرهما من الرتب الروحية فإنه لا موافقة لرتبة مقدسة مع شخص شرير ورسامة القسيس الحقيقية ليست مجرد وضع الأيدي من الكنيسة بل حلول الروح القدس عليه وشهادة السلوك الطاهر والمحبة للنفوس والغيرة في تخليصهم وهذه هي الأولى.

١٢ «لأَنَّكُمْ لاَ تَخْرُجُونَ بِٱلْعَجَلَةِ، وَلاَ تَذْهَبُونَ هَارِبِينَ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ سَائِرٌ أَمَامَكُمْ، وَإِلٰهَ إِسْرَائِيلَ يَجْمَعُ سَاقَتَكُمْ».

خروج ١٢: ٣٣ و٣٩ ميخا ٢: ١٣ خروج ١٤: ١٩ وعدد ١٠: ٢٥ وص ٥٨: ٨

لاَ تَخْرُجُونَ بِٱلْعَجَلَةِ كما خرجوا من مصر ولا بالخوف كهاربين بل كغالبين لأن الرب معهم.

فوائد للوعاظ

ثياب جمالك (ع ١)

جمال الكنيسة يكون بما يأتي:

  1. في عبادتها. فإنها تقدم للرب أفضل ما عندها من جهة جمال المكان وترتيب الصلاة والتسبيح والتعليم وتقديم هذه العبادة من قلب طاهر وبالإيمان والمحبة.
  2. في سلوكها أي الصدق والطهارة والمحبة والأمانة.
  3. في خدمتها للمحتاجين وتبشيرها واقتدائها بالمسيح في عمل الخير.

ما أجمل على الجبال (ع ٧) انظر

أولاً: المرسلين وهم عاملو الخير فيتبعهم السلام والفرح وأما المحاربون فيتبعهم سفك الدماء وخراب البيوت والأملاك واليتامى والأرامل والخوف والبكاء. والمرسلون هم من قبل الله.

ثانياً: مضمون الرسالة وهو

  1. السلام في قلب الإنسان وفي بيته وبين إنسان وإنسان وبين أمة وأمة.
  2. الخلاص وهو من الأعداء ومن الخطية ومن العذاب الأبدي.
  3. ملك الله فينا وحوالينا في هذا العالم وملاشاة كل إثم.

اخرجوا (ع ١١) (٢كورنثوس ٦: ١٧)

الانفصال عن الأشرار واجب

  1. لعدم وجود وسائط النعمة عندهم (انظر لوط وعائلته في سدوم).
  2. لفساد الأخلاق الجيدة من المعاشرات الرديئة.
  3. لأجل الاعتراف بالحق والشهادة له.
  4. لأجل الاتحاد مع شعب الله في انتشار الإنجيل وعمل الخير.

تطهروا يا حاملي آنية الرب (ع ١١)

وهذه الوصية موجهة:

  1. إلى كهنة العهد القديم. انظر الوصايا الكثيرة بالغسلات (خروج ٤٠: ٣٠ – ٣٢). وغضب الله على عزّة (٢صموئيل ٦: ٦ و٧). وغضب الله على ابني هارون وابني عالي.
  2. إلى قسوس العهد الجديد (١تيموثاوس ص ٣ وأعمال ٢٠: ٢٨ – ٣٥).
  3. إلى جميع خدام الإنجيل فعليهم مسؤولية خصوصية والامتناع عن كل شر وشبه شر.

سياحة المسيحي (ع ١١ و١٢)

مدينة بابل كناية عن العالم الشرير ومدينة أورشليم كناية عن السماء.

  1. الله يأمر كل إنسان أن يقوم من بابل ويسير نحو أورشليم والعقل يصدق هذا الأمر لأنه بالحقيقة خير للإنسان.
  2. لا ينبغي القيام والسير في هذه الطريق بالعجلة أي بلا فكر وبلا استعداد بل على كل إنسان أن يستخبر ويتعلم ويتأمل ويحسب النفقة لئلا يندم ويرجع.
  3. يُطلب من السائرين في الطريق المقدس أن يكونوا مقدسين فيتطهروا من كل طمع ونجاسة وكبرياء ويسيرون بالسهر والصلاة.
  4. الرب مع السائرين فيحفظهم من المخاطر التي أمامهم ومن التي وراءهم أي من كل خطر باختلاف أنواعه.

الأصحاح الثاني والخمسون من ع ١٣ والأصحاح الثالث والخمسون

هذا الفصل هو الرابع والأخير من الفصول المختصة بعبد الرب (ص ٤٢: ١ – ٤ و٤٩: ١ – ٦ و٥٠: ٤ – ٩ و٥١: ١٣ – ٥٣: ١٢) ولا شك في أن عبد الرب هنا هو المسيح. وهكذا فسره اليهود إلى القرن الثاني عشر فاضطروا مع جدالهم مع المسيحيين أن يفتشوا عن تفسير آخر فقال بعضهم إن «عبد الرب» هو شعب اليهود وبعضهم أنه إرميا وبعضهم أنه يوشيا الخ. غير أن كثيرين من اليهود قد آمنوا بالمسيح بواسطة مطالعتهم هذا الفصل ومقابلته بالعهد الجديد. وأسقط اليهود في أيامنا هذا الأصحاح من الأصحاحات المنتخبة للقراءة الأسبوعية لكثرة ما فيه من تعليم الفداء بالمسيح.

ومما يمتاز به هذا الفصل:

ذكر آلام المسيح فإن موضوع النبوءات السابقة هو مجده وامتداد ملكوته وأمثلة ذلك «تَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً، إِلٰهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ» (ص ٩: ٦ و٧). «وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ ٱلرَّبِّ، رُوحُ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْفَهْمِ، رُوحُ ٱلْمَشُورَةِ وَٱلْقُوَّةِ» (ص ١١: ٢). «وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ ٱلْحَقَّ لِلأُمَمِ» (ص ٤٢: ١). «وَتَنْتَظِرُ ٱلْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ» (ص ٤٢: ٤) وأما هذا الفصل فيذكر أنه محتقر ومخذول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن ومجروح ومسحوق ومظلوم وكنعجة صامتة أمام جازيها.

ذكر أن المسيح احتمل الآلام لأجل شعبه «أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا… مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا،… تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا… ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي».

ذكر أن المسيح احتمل هذه الآلام ليخلص شعبه من خطاياهم «جعل نفسه ذبيحة إثم».

إن آلام المسيح وموته أثرت نوعاً ولم تزل تؤثر في قلوب الناس وهي أعظم واسطة لإنشاء التوبة عن الخطية والمحبة له والغيرة وإنكار الذات في خدمته.

وتُعد هذه النبوءة من أهم نبوءات العهد القديم ونسبتها إلى غيرها من النبوءات كنسبة قدس الأقداس إلى القدس لأننا بها نقترب إلى الله وننظر إلى سر الفداء ونرى محبته للخطأة الفائقة المعرفة.

١٣ – ١٥ «١٣ هُوَذَا عَبْدِي يَعْقِلُ، يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدّاً. ١٤ كَمَا ٱنْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَداً أَكْثَرَ مِنَ ٱلرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. ١٥ هٰكَذَا يَنْضِحُ أُمَماً كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ».

ص ٤٢: ١ و٥٣: ١٠ وإرميا ٢٣: ٥ فيلبي ٢: ٩ مزمور ٢٢: ٦ و٧ وص ٥٣: ٢ و٣ حزقيال ٣٦: ٢٥ وأعمال ٢: ٣٣ وعبرانيين ٩: ١٣ و١٤ ص ٤٩: ٧ و٢٣ ص ٥٥: ٥ ورومية ١٥: ٢١ و١٦: ٢٥ و٢٦ وأفسس ٣: ٥ و٩

مضمون هذه الآيات ارتفاع المسيح (ع ١٣) واتضاعه (ع ١٤) والفوائد الناتجة منهما للعالم أجمع (ع ١٥).

يَعْقِلُ الكلمة العبرانية الأصلية تفيد الحكمة والعمل بالحكمة وأظهر المسيح هذه الحكمة بكل كلامه وكل أعماله فلم يقدر أحد من أعدائه أن يبكته على خطية ولا على أدنى غلط. فبالحكمة أطاع الناموس مع أنه حر منه وبالحكمة عاشر الناس وهو مثلهم في كل شيء ما عدا الخطية. وبالحكمة اختار الرسل وهم فقراء وبسطاء ليظهر أن نجاحهم بقوة الله. وبالحكمة خضع للسلاطين ليظهر أن مملكته ليست من هذا العالم. ونتيجة هذا العمل بالحكمة أن المؤمنين به كثروا والكنيسة امتدت وبعد مرور ١٩ قرناً لا يزال تعليمه يوافق عقول العلماء وقلوب الجميع من كل أجناس البشر.

يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي (فيلبي ٢: ٩ – ١١) وهذه الصفات عينها منسوبة إلى الله في (ص ٦: ١ و٥٧: ١٥).

الجملة الثانية في ع ١٤ إيضاح الجملة الأولى وبيان لسبب اندهاش الكثيرين. ومتعلق كلمة «كما» في ع ١٤ تأتي في ع ١٥ أي «كَمَا ٱنْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ… هٰكَذَا يَنْضِحُ» الخ فيكون معنى الآيتين أن ارتفاع المسيح يكون بمقدار اتضاعه. اندهش اليهود من يسوع لأنهم انتظروا مسيحاً مجيداً لا مسيحاً متألماً. واندهش جميع الناس من علامات غير المعتاد من الآلام والأحزان الظاهرة في منظره. قال بيلاطس لليهود تهكماً «هوذا ملككم». والنبي يصف منظر المسيح كأنه واقف عند الصليب وناظر إلى يسوع يرى في جسده علامات الضربات والجلدات ورأسه مجروح من الشوك يسيل منه الدم وعلى وجهه علامات الأوجاع والأحزان.

يَنْضِحُ (لاوين ١٦: ١٤) كان رئيس الكهنة يأخذ يوم الكفارة من دم الثور وينضح على وجه الغطاء دلالة على التطهير. وهكذا المسيح ينضح دمه على جميع المؤمنين به وهم من أمم كثيرة. وملايين من الناس اليوم ينسبون إلى يسوع كل ما عندهم من الطهارة وكل ما يرجونه من جهة الخلاص.

يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ إمارة على الاعتبار له.

قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ أبصروا مجداً أعظم من كل مجد في العالم وفهموا كلام أعلى من حكمة البشر.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى