إشعياء

سفر إشعياء | 44 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلأَرْبَعُون

مضمونه:

نبؤة بانسكاب الروح القدس والبركات الناتجة عنه والتصريح بسمو الرب وبطل الأصنام والوعد بالغفران والخلاص والإنباء برجوع اليهود بواسطة كورش.

١، ٢ «١ وَٱلآنَ ٱسْمَعْ يَا يَعْقُوبُ عَبْدِي وَإِسْرَائِيلُ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ. ٢ هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ صَانِعُكَ وَجَابِلُكَ مِنَ ٱلرَّحِمِ، مُعِينُكَ: لاَ تَخَفْ يَا عَبْدِي يَعْقُوبُ وَيَا يَشُورُونُ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ».

ع ٢١ وص ٤١: ٨ و٤٣: ١ وإرميا ٣٠: ١٠ و٤٦: ٢٧ و٢٨ ص ٤٣: ١ و٧ تثنية ٣٢: ١٥

عبد الرب هنا المختارون وليس جميع اليهود.

صَانِعُكَ وَجَابِلُكَ مِنَ ٱلرَّحِمِ الرب خالقهم أفراداً ولكنه يشير هنا إلى إفراز إسرائيل شعباً عند خروجهم من مصر. والبركات السابقة هي عربون بركات جديدة.

يَشُورُونُ دعي إسرائيل بهذا الاسم أربع مرات في الكتاب المقدس (تثنية ٣٢: ١٥ و٣٣: ٥ و٢٦) ومعناه الأصلي «المستقيم» فيشير إلى المحبة والاعتبار وأما استقامة إسرائيل فهي الاستقامة الواجبة أو الاستقامة المحسوبة لهم وليست الاستقامة بالفعل. لشعب الله ثلاثة أسماء وهي:

  1. يعقوب أي القائم مقام أخيه.
  2. إسرائيل أي الذي جاهد الله بالصلاة وقدر.
  3. يشورون أي المستقيم.

٣ «لأَنِّي أَسْكُبُ مَاءً عَلَى ٱلْعَطْشَانِ وَسُيُولاً عَلَى ٱلْيَابِسَةِ. أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى نَسْلِكَ وَبَرَكَتِي عَلَى ذُرِّيَّتِكَ».

ص ٣٥: ٧ ويوئيل ٢: ٢٨ ويوحنا ٧: ٣٨ وأعمال ٢: ١٨

لأَنِّي أَسْكُبُ مَاءً المراد بالماء هنا الروح القدس كما يظهر من الكلام الآتي «أسكب روحي». والروح يشبه الماء في أربعة أمور:

  1. إنه نزل من فوق كالمطر.
  2. إنه يطهّر القلوب كالماء للجسد.
  3. إنه يحيي إحياء الماء للأرض اليابسة ويُكثر الأثمار الروحية في القلوب القاسية.
  4. إنه يحل على البشر بالقوة والكثرة كالمطر الغزير (يوحنا ٧: ٣٧ – ٣٩) والوعد بانسكاب الروح القدس هو للذين يسألونه (يوحنا ١١: ١٣).

عَلَى نَسْلِكَ يشير إلى داوم البركة الموعود بها. وأما النسل فهو أولاد يعقوب بالإيمان لا مجرد نسله حسب الجسد. وهنا أيضاً وعد ثمين للوالدين فلا يمكنهم أن يطلبوا لأولادهم بركة أعظم من عطية الروح القدس وهي العطية التي تشمل كل العطايا الصالحة.

٤ «فَيَنْبُتُونَ بَيْنَ ٱلْعُشْبِ مِثْلَ ٱلصَّفْصَافِ عَلَى مَجَارِي ٱلْمِيَاهِ».

فَيَنْبُتُونَ يشير إلى النتائج الروحية الوافرة بفعل الروح فهي كأثمار أشجار في أرض كثيرة الماء.

٥ «هٰذَا يَقُولُ: أَنَا لِلرَّبِّ وَهٰذَا يُكَنِّي بِٱسْمِ يَعْقُوبَ، وَهٰذَا يَكْتُبُ بِيَدِهِ: لِلرَّبِّ، وَبِٱسْمِ إِسْرَائِيلَ يُلَقِّبُ».

هٰذَا يَقُولُ أَنَا لِلرَّبِّ نستنتج أنه يجب على كل مؤمن بالمسيح أولاً أنه يقف نفسه تماماً للرب ويتعاهد بأنه يعمل ويحتمل ويتكلم كما يأمره الرب. ثم يقول أمام الناس إنه للرب وإنه قاصد خدمته الكاملة. فيجب أن لا ننسى هذه العهود الخطيرة التي بينه وبين الرب وبينه وبين شعب الله.

يُكَنِّي بِٱسْمِ يَعْقُوبَ انضمام الأمم ودعوتهم باسم يعقوب يشير إلى انضمام المؤمنين إلى الكنيسة ودعوتهم باسم المسيح. فإن المؤمنين ينسون نسبتهم إلى أب أو إلى بلاد ويفتخرون بالاسم «مسيحي» أي نسبتهم إلى المسيح ونسبتهم بعضهم إلى بعض (غلاطية ٣: ٢٨).

وَهٰذَا يَكْتُبُ بِيَدِهِ وبالأصل كلمة «يده» بلا حرف الجر فمن المحتمل المعنى أنه يكتب على يده (ص ٤٩: ١٦) «هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ» و(غلاطية ٦: ١٧) «لأَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ» و(رؤيا ٧: ٣) «حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلٰهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ». لاحظ صيغة المفرد «أنا للرب… يكتب بيده» أي يكون انضمام المؤمنين إلى الكنيسة أفراداً وبموجب عهد خصوصي بين كل منهم وبين ربه. واعلم أن انضمام المريض إلى جماعة الأصحاء لا يجعله صحيحاً وانضمام المذنب إلى جماعة الأبرار لا يجعله باراً.

٦ «هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَنَا ٱلأَوَّلُ وَأَنَا ٱلآخِرُ وَلاَ إِلٰهَ غَيْرِي».

ع ٢٤ وص ٤٣: ١ و١٤ ص ٤١: ٤ و٤٨: ١٢ ورؤيا ١: ٨ و١٧ و٢٢: ١٣

ٱلرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فيحق له السجود والطاعة وهو فاديه أيضاً فصار مقتنى الرب.

رَبُّ ٱلْجُنُودِ (ص ١: ٩).

لاَ إِلٰهَ غَيْرِي هذا موضوع الكلام الآتي (ع ٦ – ٢٠).

٧ «وَمَنْ مِثْلِي يُنَادِي فَلْيُخْبِرْ بِهِ وَيَعْرِضْهُ لِي مُنْذُ وَضَعْتُ ٱلشَّعْبَ ٱلْقَدِيمَ. وَٱلْمُسْتَقْبَلاَتُ وَمَا سَيَأْتِي لِيُخْبِرُوهُمْ بِهَا».

ص ٤١: ٤ و٢٢ و٤٥: ٢١

المعنى من مثلي ينادي بما سيحدث وإذا وُجد أحد فليخبر به أي بما سيحدث ويعرضه لي وأنا أنادي بواسطة الأنبياء منذ خلق الإنسان الأول ووضع الشعوب في العالم. والمطلوب من الأصنام أن يقدموا لي نبوءات كاذبة بل نبوءات بما سيأتي.

٨ «لاَ تَرْتَعِبُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا. أَمَا أَعْلَمْتُكَ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ وَأَخْبَرْتُكَ؟ فَأَنْتُمْ شُهُودِي. هَلْ يُوجَدُ إِلٰهٌ غَيْرِي؟ وَلاَ صَخْرَةَ لاَ أَعْلَمُ بِهَا».

ص ٤١: ٢٢ ص ٤٣: ١٠ و١٢ تثنية ٤: ٣٥ و٣٩ و٣٢: ٣٩ و١صموئيل ٢: ٢ و٢صموئيل ٢٢: ٣٢ وص ٤٥: ٥ تثنية ٣٢: ٤

لاَ تَرْتَعِبُوا من دمار الممالك الوثنية لأن هذا كله من الله وبموجب علمه السابق وقضائه.

وَلاَ صَخْرَةَ (ص ١٧: ١٠) الأصنام تغش كل من يتكل عليها لأن ليس لها قوة ولا ثبات ولا وجود.

لاَ أَعْلَمُ بِهَا التي لا يعلم الله بها ليس لها وجود.

٩ «ٱلَّذِينَ يُصَوِّرُونَ صَنَماً كُلُّهُمْ بَاطِلٌ، وَمُشْتَهَيَاتُهُمْ لاَ تَنْفَعُ، وَشُهُودُهُمْ هِيَ. لاَ تُبْصِرُ وَلاَ تَعْرِفُ حَتَّى تَخْزَى».

ص ٤١: ٢٤ و٢٩ مزمور ١١٥: ٤ الخ

كُلُّهُمْ بَاطِلٌ هم بشر فقط ومحدودو القدرة والمعرفة والبقاء فكم بالحري صنعة أيديهم. الوثنيون الفاهمون والذين يستعملون الصور والتماثيل يقولون إنهم لا يعتبرون نفس الصورة أو التمثال بل هي واسطة تساعدهم في عبادة الإله غير المنظور. والوثنيون بعدما يصنعون صنماً يصلون عليه فيحل فيه روح إلههم. فلذلك أضاف الله إلى الوصية الأولى الوصية الثانية التي تنهي عن استعمال الصور والتماثيل في العبادة مطلقاً فإن ما ينظره الإنسان ويقبّله ويركع أمامه ويبخر له فهو إلهه مهما قال الفلاسفة واللاهوتيين.

مُشْتَهَيَاتُهُمْ الأصنام التي تعبوا فيها وزينوها وقدموا لها تقدمات ثمينة واتكلوا عليها فهذه الأصنام لا تنفعهم.

وَشُهُودُهُمْ هِيَ الأصنام تشهد على نفسها.

حَتَّى تَخْزَى أي عبدة الأصنام لا الأصنام نفسها لأنها لا تبصر ولا تعرف فالساجدون لها يخزون.

١٠، ١١ «١٠ مَنْ صَوَّرَ إِلٰهاً وَسَبَكَ صَنَماً لِغَيْرِ نَفْعٍ؟ ١١ هَا كُلُّ أَصْحَابِهِ يَخْزَوْنَ وَٱلصُّنَّاعُ هُمْ مِنَ ٱلنَّاسِ. يَجْتَمِعُونَ كُلُّهُمْ، يَقِفُونَ يَرْتَعِبُونَ وَيَخْزَوْنَ مَعاً».

إرميا ١٠: ٥ وحبقوق ٢: ١٨ مزمور ٩٧: ٧ وص ١: ٢٩ و٤٢: ١٧ و٤٥: ١٦

صَوَّرَ… وَسَبَكَ أولاً سكبوا الصنم من معدن كالفضة أو الذهب ثم صوروه بالإزميل (خروج ٣٢: ٤).

كُلُّ أَصْحَابِهِ أصحاب الصنم هم الساجدون له. كانوا أصحابه وهو لهم وأما الإله الحقيقي فهو صاحبنا ونحن له. كانوا يقدمون ذبيحة أو تقدمة ثم يجلسون ويأكلون مما كانوا قدموه له أي أكلوا من مائدته واشتركوا فيها (١كورنثوس ١٠: ٢٠).

١٢ «طَبَعَ ٱلْحَدِيدَ قَدُوماً، وَعَمِلَ فِي ٱلْفَحْمِ، وَبِالْمَطَارِقِ يُصَوِّرُهُ فَيَصْنَعُهُ بِذِرَاعِ قُوَّتِهِ. يَجُوعُ أَيْضاً فَلَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ. لَمْ يَشْرَبْ مَاءً وَقَدْ تَعِبَ».

ص ٤٠: ١٩ و٤١: ٦ وإرميا ١٠: ٣ الخ

صنع الصنم أولاً عمل آلاته من الحديد وتعب في عمله وجاع وعطش أي هو إنسان ضعيف ذو جسد فانٍ فكم بالحري صنعة يديه. وعادة بعض الوثنيين أنهم حينما يصنعون صنماً لا يأكلون ولا يشربون حتى يكملوا عمله.

١٣ «نَجَّرَ خَشَباً. مَدَّ ٱلْخَيْطَ. بِٱلْمِخْرَزِ يُعَلِّمُهُ، يَصْنَعُهُ بِٱلأَزَامِيلِ، وَبِالدَّوَّارَةِ يَرْسِمُهُ. فَيَصْنَعُهُ كَشَبَهِ رَجُلٍ، كَجَمَالِ إِنْسَانٍ، لِيَسْكُنَ فِي ٱلْبَيْتِ!».

بعدما أكمل الآلة بنجر الخشب ووصف عمله بالتدقيق لبيان بطل الصنم الذي أصله من الخشب وعملته يد الإنسان كشبه رجل وكبرته على قياس الخيط وجماله من المخرز والإزميل والدوارة. صنع الله الإنسان على صورته فأكرمه وأما الإنسان فصنع الله على صورته فأهانه.

كَجَمَالِ إِنْسَانٍ بعض الوثنيين ولا سيما اليونان اشتهروا بجمال تماثيلهم فلم يوجد أجمل منها ولا مثلها إلى هذا اليوم. وأما جمال التمثال والصورة فهو جمال جسدي فقط والساجدون له هم جسديون ودنسون ومغلوبو الشهوات وفاقدو الحياة الروحية.

لِيَسْكُنَ فِي ٱلْبَيْتِ بيت الصنم أي هيكله أو بيت الإنسان فيصير إلهاً له ولعياله وهو في البيت فلا يقدر أن يخرج منه ليعمل خيراً أو شراً.

١٤ – ١٧ «١٤ قَطَعَ لِنَفْسِهِ أَرْزاً وَأَخَذَ سِنْدِيَاناً وَبَلُّوطاً، وَٱخْتَارَ لِنَفْسِهِ مِنْ أَشْجَارِ ٱلْوَعْرِ. غَرَسَ سَنُوبَراً وَٱلْمَطَرُ يُنْمِيهِ. ١٥ فَيَصِيرُ لِلنَّاسِ لِلإِيقَادِ. وَيَأْخُذُ مِنْهُ وَيَتَدَفَّأُ. يُشْعِلُ أَيْضاً وَيَخْبِزُ خُبْزاً، ثُمَّ يَصْنَعُ إِلٰهاً فَيَسْجُدُ! قَدْ صَنَعَهُ صَنَماً وَخَرَّ لَهُ. ١٦ نِصْفُهُ أَحْرَقَهُ بِٱلنَّارِ. عَلَى نِصْفِهِ يَأْكُلُ لَحْماً. يَشْوِي مَشْوِيّاً وَيَشْبَعُ! يَتَدَفَّأُ أَيْضاً وَيَقُولُ: بَخْ! قَدْ تَدَفَّأْتُ. رَأَيْتُ نَاراً. ١٧ وَبَقِيَّتُهُ قَدْ صَنَعَهَا إِلٰهاً، صَنَماً لِنَفْسِهِ! يَخُرُّ لَهُ وَيَسْجُدُ، وَيُصَلِّي إِلَيْهِ وَيَقُولُ: نَجِّنِي لأَنَّكَ أَنْتَ إِلٰهِي».

غَرَسَ سَنُوبَراً الإنسان غرس الصنوبر الذي سيكون إلهاً.

وَٱلْمَطَرُ يُنْمِيهِ والمطر من الله وهو الذي خلق المواد التي منها صُنعت الأصنام. والأشرار يقاومون الله بالقوة التي نالوها منه. وأبان بعض مؤلفي الوثنيين بطل عبادة الأصنام بكلام يشبه كلام إشعياء غير أنهم لم يعرفوه ولا عرفوا الإله الحقيقي قال هورس الشاعر اللاتيني إن حطاباً قطع شجرة ثم جلس ليفتكر هل يصنع منها كرسياً أو يعمل إلهاً. وقال مرشل إن إنساناً وضع صنماً في أجمته ليحفظها من السرقة وقال للصنم «إن لم تحفظ هذه الأجمة جيداً فأنا أحرقك». ليس كل تمثال صنماً لأن التمثال لا يصير صنماً إلا بالسجود له وكل ما نسجد له غير الله فهو صنم. وأمثلة ذلك المال والمجد العالمي والعلوم وكل ما نجعله في مكان الله.

١٨، ١٩ «١٨ لاَ يَعْرِفُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ لأَنَّهُ قَدْ طُمِسَتْ عُيُونُهُمْ عَنِ ٱلإِبْصَارِ وَقُلُوبُهُمْ عَنِ ٱلتَّعَقُّلِ. ١٩ وَلاَ يُرَدِّدُ فِي قَلْبِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَعْرِفَةٌ وَلاَ فَهْمٌ حَتَّى يَقُولَ: نِصْفَهُ قَدْ أَحْرَقْتُ بِٱلنَّارِ، وَخَبَزْتُ أَيْضاً عَلَى جَمْرِهِ خُبْزاً، شَوَيْتُ لَحْماً وَأَكَلْتُ. أَفَأَصْنَعُ بَقِيَّتَهُ رِجْساً وَلِسَاقِ شَجَرَةٍ أَخُرُّ؟».

ص ٤٥: ٢٠ ٢وتسالونيكي ٢: ١١ ص ٤٦: ٨

وسبب هذه الغباوة ليس ضعف العقل أو قلة المعرفة لأن بعض الوثنيين كانوا حكماء وفهماء بل قساوة القلب ومحبة الخطية لأن الناس لا يريدون أن يعرفوا الإله الطاهر القدوس الذي لا يرضى بالخطية فيغمضون عيونهم ويقسون قلوبهم بإرادتهم.

٢٠ «يَرْعَى رَمَاداً. قَلْبٌ مَخْدُوعٌ قَدْ أَضَلَّهُ فَلاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ وَلاَ يَقُولُ: أَلَيْسَ كَذِبٌ فِي يَمِينِي؟».

هوشع ٤: ١٣ ورومية ١: ٢١ و٢تسالونيكي ٢: ١١

يَرْعَى رَمَاداً (هوشع ١٢: ١ «أَفْرَايِمُ رَاعِي ٱلرِّيحِ») أشار بهذا إلى من ينتظر ما يلتذ به ويشبع منه ولا يجد إلا المرارة والضيق والموت.

فَلاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ عبادة الأصنام شر عبودية فإن الوثنيين يخافون من الأرواح الشريرة ومن الطبيعة ومن الموت ويتعذبون من الضمير ومن تسلط الشهوات ولا يقدرون أن ينجوا أنفسهم.

كَذِبٌ فِي يَمِينِي أي غلط في الأمور الجوهرية.

٢١، ٢٢ «٢١ اُذْكُرْ هٰذِهِ يَا يَعْقُوبُ، يَا إِسْرَائِيلُ، فَإِنَّكَ أَنْتَ عَبْدِي. قَدْ جَبَلْتُكَ. عَبْدٌ لِي أَنْتَ. يَا إِسْرَائِيلُ لاَ تُنْسَى مِنِّي. ٢٢ قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. اِرْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ».

ع ١ و٢ ص ٤٣: ٢٥ ص ٤٣: ١ و٤٨: ٢٠ و١كورنثوس ٦: ٢٠ و١بطرس ١: ١٨ و١٩

اُذْكُرْ هٰذِهِ يَا يَعْقُوبُ على إسرائيل أن يذكر بطل الاتكال على الأصنام ويذكر أيضاً نسبته إلى الله أي أنه عبد الله. إن الإنسان لا ينسى ما له كاملاً وأولاده ويعقوب عبد الرب فلا ينساه الرب.

لاَ تُنْسَى مِنِّي وأما الشعب فظنوا أنه نسيهم وتركهم بسبب خطاياهم.

قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ الذنوب كالغيم في خمسة أمور:

  1. إنها كثيرة.
  2. إنها فاصلة بين الله والناس كالغيم بين الشمس والأرض.
  3. إنها من تحت ومن الأرض أي من الإنسان لا من الله.
  4. إنها تجلب على الإنسان غضب الله كالرعود والبروق من الغيم.
  5. إن الله يزيلها كما يزيل ضوء الشمس الغيم.

اِرْجِعْ إِلَيَّ عليهم أولاً أن يرجعوا إلى الله فيرجعهم إلى أرضهم. ولهم ثقة به عند رجوعهم إليه لأنه فداهم فالأولى أن يرجع الخاطئ في أيامنا إلى الله بالتوبة وله ثقة لأن المسيح مات لأجله.

٢٣ «تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ فَعَلَ. اِهْتِفِي يَا أَسَافِلَ ٱلأَرْضِ. أَشِيدِي أَيَّتُهَا ٱلْجِبَالُ تَرَنُّماً، ٱلْوَعْرُ وَكُلُّ شَجَرَةٍ فِيهِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ فَدَى يَعْقُوبَ، وَفِي إِسْرَائِيلَ تَمَجَّدَ».

مزمور ٦٩: ٣٤ و٩٦: ١١ و١٢ وص ٤٢: ١٠ و٤٩: ١٣ وإرميا ٥١: ٤٨ ورؤيا ١٨: ٢٠

لا فرح كالفرح برجوع الخطأة إلى الله. يفرح الملائكة بخاطئ واحد يتوب فكم يفرحون برجوع شعب كثير.

٢٤، ٢٥ «٢٤ هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ فَادِيكَ وَجَابِلُكَ مِنَ ٱلْبَطْنِ: أَنَا ٱلرَّبُّ صَانِعٌ كُلَّ شَيْءٍ، نَاشِرٌ ٱلسَّمَاوَاتِ وَحْدِي. بَاسِطٌ ٱلأَرْضَ. مَنْ مَعِي؟ ٢٥ مُبَطِّلٌ آيَاتِ ٱلْمُخَادِعِينَ وَمُحَمِّقٌ ٱلْعَرَّافِينَ. مُرَجِّعٌ ٱلْحُكَمَاءَ إِلَى ٱلْوَرَاءِ وَمُجَهِّلٌ مَعْرِفَتَهُمْ».

ص ٤٣: ١٤ وع ٦ ص ٤٣: ١ أيوب ٩: ٨ ومزمور ١٠٤: ٢ وص ٤٠: ٢٢ و٤٢: ٥ و٤٥: ١٢ و٥١: ١٣ ص ٤٧: ١٣ إرميا ٥٠: ٣٦ و١كورنثوس ١: ٢٠

مُبَطِّلٌ آيَاتِ ٱلْمُخَادِعِينَ كلما يحدث يوافق أقوال الرب تماماً ويكذب أقوال العرافين.

مُرَجِّعٌ ٱلْحُكَمَاءَ أي المدعين الحكمة.

٢٦ – ٢٨ «٢٦ مُقِيمٌ كَلِمَةَ عَبْدِهِ، وَمُتَمِّمٌ رَأْيَ رُسُلِهِ. ٱلْقَائِلُ عَنْ أُورُشَلِيمَ: سَتُعْمَرُ، وَلِمُدُنِ يَهُوذَا: سَتُبْنَيْنَ، وَخِرَبَهَا أُقِيمُ. ٢٧ ٱلْقَائِلُ لِلُّجَّةِ: ٱنْشَفِي وَأَنْهَارَكِ أُجَفِّفُ. ٢٨ ٱلْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ: رَاعِيَّ، فَكُلَّ مَسَرَّتِي يُتَمِّمُ. وَيَقُولُ عَنْ أُورُشَلِيمَ: سَتُبْنَى، وَلِلْهَيْكَلِ: سَتُؤَسَّسُ».

زكريا ١: ٦ إرميا ٥٠: ٣٨ و٥١: ٣٢ و٣٦ و٢أيام ٣٦: ٢٢ و٢٣ وعزرا ١: ١ الخ وص ٤٥: ١٣

مُقِيمٌ كَلِمَةَ عَبْدِهِ أي نبوءات إشعياء وغيره من الأنبياء.

رُسُلِهِ الأنبياء كإرميا (إرميا ٢٩: ١٠ – ١٤) وحزقيال (حزقيال ٣٩: ٢٥ – ٢٨) ويوئيل (يوئيل ٣: ١) وعاموس (عاموس ٩: ١٤) وعوبديا (عوبديا ٢) وميخا (ميخا ٤: ١٠) وصفنيا ٣: ١٤ – ٢٠).

ٱلْقَائِلُ لِلُّجَّةِ أي نهر الفرات الذي نشفه كورش لما أخذ بابل وهذا عمل الله لأنه أنهض كورش وأرسله.

ٱلْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ الرب ذكر كورش باسمه قبلما ملك بما ينيف على مئة سنة. يغلب أن النبوءات تكشف عن المستقبل بعبارات غامضة كما ينظر إنسان منظراً بعيداً فيميز الأمور الكبيرة فقط كالجبال والسهول والأنهر والمدن ولا يقدر أن يميز الأشياء فرداً فرداً. وشذ عن هذا القياس ذكر اسم يوشيا (١ملوك ١٣: ٢) قبلما وُلد بمدة ثلاث مئة سنة وذكر اسم كورش هنا (انظر أيضاً دانيال ص ١١). ولعل الرب ذكر اسم كورش على أنه الإله الحقيقي فلا أحد من الأصنام ولا من العرافين والحكماء يقدر أن يعمل شيئاً مثل ذلك. قال يوسيفوس إن كورش عرف هذه النبوءة وأشار إليها في ندائه بقوله «ٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلسَّمَاءِ، وَهُوَ أَوْصَانِي الخ» (عزرا ١: ٢). وكان دانيال النبي في بابل لما أخذها كورش ولعل كورش تعرف به وسمع منه هذه النبوءات فإن دانيال كان إنساناً مشهوراً ومعتبراً ومشيراً للملوك.

كُورَشَ رَاعِيَّ قيل إن كورش أحب هذا اللقب وقال إنه يجب على الملك أن يكون راعياً صالحاً وكان كورش راعياً للرب لأنه اعتنى بشعب الله وأحسن إليهم فكان عمله هذا عكس المنتظر من ملك وثني وبخلاف ما عمله سلفاؤه ملوك بابل وأشور الظالمون.

فوائد للوعاظ

لا يعرفون ولا يفهمون (ع ١٨)

مطابقة الدين الحقيقي للعقل

  1. اعترض بعض العلماء على الذين بقولهم أنه يوافق البسطاء وأما العلماء والفهماء فلا يقدرون أن يصدقوه.
  2. جميع الذين يرفضون الدين الحق يُستعبدون للخرافات والأباطيل فيرفضون العبادة الروحية ويقبلون تعليم الناس ويرفضون شفاعة المسيح ويقبلون شفاعة بني البشر ويرفضون الخلاص بالمسيح ويطلبون الخلاص بواسطة السحر والشعوذة الخ.
  3. شهادة أفضل العلماء في أيامنا وفي كل جيل للدين وخضوعهم له. إنه في الدين أمور كثيرة تفوق العقل ولا شيء يخالفه.

يرعى رماداً (ع ٢٠)

رماد وخبز

  1. تجوع النفس كما يجوع الجسد وللجسد طعام وللنفس طعام. وجوع النفس هو إلى المعرفة والقداسة والسعادة.
  2. لا تتقوت النفس بما للجسد كالمأكولات والملبوسات والمال والمجد العالمي فإن هذه الخيرات وإن كانت تناسب الجسد هي رماد النفس. ولا تتقوت النفس من الكذب كالتعليم الذي ينفي وجود الله والآخرة أو عقاب الخطية أو المسيح باعتبار كونه فادياً وشفيعاً.
  3. الخبز الحقيقي هو المسيح الذي يحل بالإيمان في القلب. وهذا الخبز خبز مكسور أي المسيح مات ليعطينا الحياة.

لا يقول أليس كذب في يميني (ع ٢٠)

  1. الكذب في اليد وليس في الفم أي كثيرون يتكلمون كلاماً صالحاً ويعملون أعمالاً رديئة.
  2. الكذب في اليمين وهي اليد التي يتكل الناس عليها. فيكون الكذب جوهر كل ما يعملونه وأساس رجائهم.
  3. الكذب في اليد التي تكتب مقالات الطعن والكفر والقبائح واليد التي تضرب لمقاومة الحق.
  4. ليكن في اليمين سيف الروح الذي هو كلمة الله بدلاً من الكذب.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى