إشعياء

سفر إشعياء | 27 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

الآيتان الأخيرتان من الأصحاح السابق تتضمنان موضوع هذا الأصحاح وهو حفظ الله شعبه في أثناء معاقبته سكان الأرض على آثامهم.

١ «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يُعَاقِبُ ٱلرَّبُّ بِسَيْفِهِ ٱلْقَاسِي ٱلْعَظِيمِ ٱلشَّدِيدِ لَوِيَاثَانَ، ٱلْحَيَّةَ ٱلْهَارِبَةَ. لَوِيَاثَانَ ٱلْحَيَّةَ ٱلْمُتَحَوِّيَةَ، وَيَقْتُلُ ٱلتِّنِّينَ ٱلَّذِي فِي ٱلْبَحْرِ».

مزمور ٧٤: ١٣ و١٤ ص ٥١: ٩ وحزقيال ٢٩: ٣ و٣٢: ٢

بِسَيْفِهِ الكتاب المقدس ينسب إلى الرب عينين وأذنين ويدين الخ من أعضاء جسد الإنسان وسيفاً أيضاً لأننا لا نقدر أن نصف الروحيات إلا بألفاظ مأخوذة من الجسديات. والسيف يختص بالمحارب وبالحاكم فالرب يحارب أعداءه ويقضي لشعبه.

لَوِيَاثَانَ كلمة عبرانية معناها ملتو أو ملتف أو مترحّ كالحية المترحية. والكلمة هنا تشير إلى وحش كبير يُحتمل أن يكون تمساحاً (أيوب ص ٤١) أو حوتاً (مزمور ١٠٤: ٢٦) أو حية كبيرة كما في هذه الأصحاح. وكلمة «تنين» مثلها ومعناها الأصلي «الممدود» أو حيوان طويل كالحية أو التمساح. ومعنى لوياثان المجازي هو الأمم الوثنية التي ظلمت شعب الله وهذه القوة الوثنية تشبه الحية والتنين لكونها مكروهة وعظيمة لا يقدر أحد أن يغلبها إلا الله.

ورأى بعضهم أن لوياثان والحية والتنين تشير إلى مملكة واحدة وهي بابل وآخرون أنها تشير إلى ثلاث ممالك وهي بابل وأشور ومصر. وزاد بعضهم ممالك أخرى والمرجح أنه أُشير بها إلى الأمم الوثنية بالإجمال.

٢، ٣ «٢ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ ٱلْمُشْتَهَاةِ: ٣ أَنَا ٱلرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ. لِئَلاَّ يُوقَعَ بِهَا أَحْرُسُهَا لَيْلاً وَنَهَاراً».

ص ٥: ١ مزمور ٨٠: ٨ وص ٥: ١ وإرميا ٢: ٢١ مزمور ١٢١: ٤ و٥

لِلْكَرْمَةِ ٱلْمُشْتَهَاةِ شعب الله وهذه الكرمة محبوبة إلى صاحبها فيستعمل لها كل الوسائط ولا يسلمها إلى حارس بل الرب هو حارسها وهو يسقيها كل لحظة أي لا يتأخر عن شيء من الخدمة الواجبة.

أَحْرُسُهَا لَيْلاً أي أحفظها في ليل الضيقات.

وَنَهَاراً أي يحفظها أيضاً من التجارب الناتجة عن الأمن والنجاح.

رأينا في (ص ٥: ١ – ٧) غضب الله على كرمه لأن الكرم صنع عنباً رديئاً فقال إنه ينزع سياجه ويهدم جدرانه ويجعله خراباً ولكن هنا نرى المحبة الشديدة والخدمة الدائمة فإن الكرم الأول هو إسرائيل في زمان إشعياء وبعده قليلاً والكرمة هنا إسرائيل في المستقبل والكنيسة بعد ما تطهر بواسطة التأديب.

٤ «لَيْسَ لِي غَيْظٌ. لَيْتَ عَلَيَّ ٱلشَّوْكَ وَٱلْحَسَكَ فِي ٱلْقِتَالِ فَأَهْجِمَ عَلَيْهَا وَأَحْرِقَهَا مَعاً».

٢صموئيل ٢٣: ٦ وص ٩: ١٨

الشوك والحسك يشيران إلى أعداء الله وغيظه الشديد عليهم لا على شعبه لأنه يؤدب شعبه تأديباً وقتياً لنفعهم وأما أعداؤه فيهلكهم كالشوك في النار.

٥ «أَوْ يَتَمَسَّكُ بِحِصْنِي فَيَصْنَعُ صُلْحاً مَعِي. صُلْحاً يَصْنَعُ مَعِي».

ص ٢٥: ٤ أيوب ٢٢: ٢١

أَوْ يَتَمَسَّكُ بِحِصْنِي أي ملجإي (١ملوك ١: ٥ و٢: ٢٨) ومعنى الجملة كلها أن الرب وإن كان مغتاظاً على أعداء شعبه يرحمهم إذا التجأوا إليه بالتوبة والإيمان.

فَيَصْنَعُ صُلْحاً مَعِي ما أبعد أفكار الرب عن أفكار الإنسان لأن الرب في كل وقت حتى وقت الغضب يطلب من الخاطئ أن يصالحه ويدله على طريق الصلح. وهذه الآية تعلمنا أن الفرق بين التأديب والعقاب ليس في الرب لأنه لا يشاء هلاك الناس بل الفرق في المؤدبين. كما أن المطر يُنمي أثمار الأرض وهو نفسه يُنمي الشوك. والنار تنقي الذهب والنار نفسها تحرق الهشيم. والمرض يعلم الإنسان الصالح صبراً وهو نفسه يحمل الشرير على الضجر والكفر. ولكن إذا كان الشرير يقسي قلبه ويرفض فوائد التأديب يهلك أخيراً بلا رحمة.

٦ «فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ يَتَأَصَّلُ يَعْقُوبُ. يُزْهِرُ وَيُفْرِعُ إِسْرَائِيلُ، وَيَمْلأُونَ وَجْهَ ٱلْمَسْكُونَةِ ثِمَاراً».

ص ٣٧: ٣١ وهوشع ١٤: ٥ و٦

نبوءة برجوع إسرائيل وقد شُبّه بدالية متأصلة فتزهر وتأتي بثمر كثير. والكنيسة حين تتأصل كما يجب في نعمة الله تزهر فضائل روحية وتثمر أعمالاً صالحة.

٧ «هَلْ ضَرَبَهُ كَضَرْبَةِ ضَارِبِيهِ أَوْ قُتِلَ كَقَتْلِ قَتْلاَهُ؟».

استفهام إنكاري أي الرب لم يضرب إسرائيل كما ضرب ضاربيه وقتلى إسرائيل أقل من قتلى العدو. وضاربو إسرائيل هم أشور وبابل خصوصاً فضربهم الرب وسقطوا وأما إسرائيل فضربهم بالسبي ورجعوا إلى بلادهم بعد التأديب.

٨، ٩ «٨ بِزَجْرٍ إِذْ طَلَّقْتَهَا خَاصَمْتَهَا. أَزَالَهَا بِرِيحِهِ ٱلْعَاصِفَةِ فِي يَوْمِ ٱلشَّرْقِيَّةِ. ٩ لِذٰلِكَ بِهٰذَا يُكَفَّرُ إِثْمُ يَعْقُوبَ. وَهٰذَا كُلُّ ٱلثَّمَرِ نَزْعُ خَطِيَّتِهِ: فِي جَعْلِهِ كُلَّ حِجَارَةِ ٱلْمَذْبَحِ كَحِجَارَةِ كِلْسٍ مُكَسَّرَةٍ. لاَ تَقُومُ ٱلسَّوَارِي وَلاَ ٱلشَّمْسَاتُ».

أيوب ٢٣: ٦ ومزمور ٦: ١ وإرميا ١٠: ٢٤ و٣٠: ١١ و٤٦: ٢٨ ويوحنا ٣: ٤٣ و١كورنثوس ١٠: ١٣ مزمور ٧٨: ٣٨ ص ١٧: ٨ وحزقيال ٦: ٤ و٦

بِزَجْرٍ إِذْ طَلَّقْتَهَا شبه شعب الله بامرأة طلقها رجلها بسبب خطيتها ثم غفر لها وقبلها أيضاً زوجة له.

يَوْمِ ٱلشَّرْقِيَّةِ الشرقية ريح قوية مضرة أريد بها غضب الله على شعبه لما أزالهم بسبي بابل.

وَهٰذَا كُلُّ ٱلثَّمَرِ ثمر التأديب هو نزع الخطية.

فِي جَعْلِهِ كُلَّ حِجَارَةِ ٱلْمَذْبَحِ إسرائيل سيجعل حجارة مذبح الأصنام كحجارة كلس مكسرة أي يهدمها. والسواري والشمسات كانت مستعملة في عبادة عشتروث والبعل.

١٠، ١١ «١٠ لأَنَّ ٱلْمَدِينَةَ ٱلْحَصِينَةَ مُتَوَحِّدَةٌ. ٱلْمَسْكَنُ مَهْجُورٌ وَمَتْرُوكٌ كَٱلْقَفْرِ. هُنَاكَ يَرْعَى ٱلْعِجْلُ وَهُنَاكَ يَرْبُضُ وَيُتْلِفُ أَغْصَانَهَا. ١١ حِينَمَا تَيْبَسُ أَغْصَانُهَا تَتَكَسَّرُ، فَتَأْتِي نِسَاءٌ وَتُوقِدُهَا. لأَنَّهُ لَيْسَ شَعْباً ذَا فَهْمٍ، لِذٰلِكَ لاَ يَرْحَمُهُ صَانِعُهُ وَلاَ يَتَرَأَّفُ عَلَيْهِ جَابِلُهُ».

ص ١٧: ٢ و٣٢: ١٤ تثنية ٣٢: ٢٨ وص ١: ٣ وإرميا ٨: ٧ تثنية ٣٢: ١٨ وص ٤٣: ١ و٧ و٤٤: ٢ و٢١ و٢٤

من المحتمل أن المدينة المذكورة هي بابل والأرجح أنها أورشليم.

مُتَوَحِّدَةٌ متروكة وحدها إلى حين وعلاقاتها التجارية مقطوعة.

يَرْعَى ٱلْعِجْلُ دليل على خراب المدينة لأنها صارت مرعى وصارت بساتينها وعراً تحتطب النساء منه وهكذا كانت حال أورشليم في مدة السبي.

لأَنَّهُ لَيْسَ شَعْباً ذَا فَهْمٍ انظر قول موسى (تثنية ٣٢: ٢٨) «إنهم أمة عديمة الرأي» لأنهم تركوا الرب ولم يصدقوا أن كل الخيرات منه وهو القادر على كل شيء ونجاحهم وراحتهم في خدمته. وهذا وصف حالة اليهود قبل السبي.

١٢، ١٣ «١٢ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ ٱلرَّبَّ يَجْنِي مِنْ مَجْرَى ٱلنَّهْرِ إِلَى وَادِي مِصْرَ. وَأَنْتُمْ تُلْقَطُونَ وَاحِداً وَاحِداً يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ. ١٣ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّهُ يُضْرَبُ بِبُوقٍ عَظِيمٍ، فَيَأْتِي ٱلتَّائِهُونَ فِي أَرْضِ أَشُّورَ وَٱلْمَنْفِيُّونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَيَسْجُدُونَ لِلرَّبِّ فِي ٱلْجَبَلِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي أُورُشَلِيمَ».

ص ٢: ١١ متّى ٢٤: ٣١ ورؤيا ١١: ١٥

بعدما أنبأ بالويل والخراب أخذ يعزّي الشعب بالوعد بالرجوع إلى الله والاجتماع بعد التشتيت.

«النهر» هنا هو نهر الفرات. و«الوادي» هو وادي العريش على الحدود بين مصر وفلسطين.

وَاحِداً وَاحِداً أي أن الله يخلّص شعبه أفراداً فلا يضيع أحد كما أن الراعي في المثل ترك التسعة والتسعين وفتش عن الخروف الضال. فيجب على المبشر أن يعرف قيمة النفس الواحدة ولا يكتفي بالوعظ على المنبر.

كان البوق لجمع العساكر في الحرب وللأنباء بالأعياد والمعنى أن الله سيجمع شعبه ليردهم إلى بلادهم. والنبوءة تمت أولاً في نداء كورش ثم بانضمام كثيرين من اليهود إلى الكنيسة وستتم أخيراً بخلاص جميع إسرائيل.

فوائد للوعاظ

يتمسك بحصني ويصنع صلحاً معي (ع ٥).

دعوة الله للخطأة. نرى في هذا الأصحاح ما يأتي:

  1. قوة الله في عقاب لوياثان.
  2. عناية الله بشعبه كعناية الكرّام بكرمه.
  3. قداسة الله بتطهير شعبه.
  4. محبة الله للمؤمنين أفراداً.

بوق عظيم (ع ١٣)

بوق الإنجيل. فينادي المبشر بما يأتي:

  1. تجسد المسيح وموته وقيامته.
  2. دعوة كل بني البشر إلى الخلاص.
  3. الحرب المقدسة مع الخطية.
  4. اتحاد جميع شعب الله في انتشار الإنجيل في العالم.
  5. القيامة من الأموات في اليوم الأخير.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى