سفر إشعياء | 07 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر إشعياء
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
مضمونه:
يُعتبر هذا الأصحاح بداءة قسم جديد يمتد إلى (ص ١٤: ٢٨) وزمانه في ملك آحاز ومواضيعه ذات الشأن محاربة ملك آرام وملك إسرائيل لأورشليم وخوف آحاز الشديد من جرى ذلك واستغاثته بأشور (٢ملوك ١٦: ٥ – ١٨). وإرسال الله إشعياء ليشجعه على التوكل عليه تعالى وينبئه بأنهما لا يفوزان وإن الرب يخلّصه منهما. وعرض الله على آحاز آية وإباؤه طلب آية ثم جعل الله له آية على تحقق نبوته وهي أن العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمع عمانوئيل. ومن ع ١٧ وما بعده نبوءة بأن أرض يهوذا أيضاً ستخرب عقاباً للملك وشعبه على عدم إيمانهم وإنها تخربها الأمة التي لجأوا إليها واستغاثوا بها.
١ «وَحَدَثَ فِي أَيَّامِ آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا أَنَّ رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ صَعِدَ مَعَ فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِمُحَارَبَتِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُحَارِبَهَا».
٢ملوك ١٦: ٥ و٢أيام ٢٨: ٥ و٦
كان في عصر آحاز مملكتان عظيمتان أشور ومصر وبينهما ممالك صغيرة منها فلسطين ويهوذا وإسرائيل وحماة وآرام وموآب وأدوم. وكان لها أهمية لأن كلا من الملكين العظيمين لا يقدر أن يحارب الآخر إن لم يتفق أولاً مع الممالك الصغيرة الفاصلة بينهما. وكانت الممالك الصغيرة تتفق تارة مع أشور وتارة مع مصر. وكان رأي الأكثرين في عصر آحاز الاتفاق مع مصر ولكن آحاز استحسن الاتفاق مع أشور ولذلك تحالف ملك آرام وملك إسرائيل على محاربة يهوذا. وكانت بداءة هذه المحاربة في أيام يوثام (٢ملوك ١٥: ٣٧) على أنهما لم يقدرا أن يتمما مقاصدها. ولكنهما وجدا فرصة موافقة حين جلس ابنه آحاز لكونه صغير السن وضعيفاً في كل صفاته. وأخذ رصين إيلة وسبى سبياً عظيماً وأتى بالمسبيين إلى دمشق وقتل فقح مئة وعشرين ألفاً وسبى مئتي ألف لكنه أرجع المسبيين اعتباراً لمشورة عوديد النبي (٢ملوك ص ١٦ و٢أيام ص ٢٨). وبعد قليل من ذلك افتتح الفلسطينيون جنوبي يهوذا والأدوميين تخومه الشرقية. ولم يرجع آحاز مع هذه المصائب إلى الرب بل زاد رغبة في عبادة الأصنام.
٢ «وَأُخْبِرَ بَيْتُ دَاوُدَ: قَدْ حَلَّتْ أَرَامُ فِي أَفْرَايِمَ. فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِهِ كَرَجَفَانِ شَجَرِ ٱلْوَعْرِ قُدَّامَ ٱلرِّيحِ».
وَأُخْبِرَ بَيْتُ دَاوُدَ كان قصد الملكين أن يعزلا آحاز ويملكا رجلاً من بيت آخر يكون تحت سلطانهما فكانا يخالفان ترتيب الرب ومواعيده لبيت داود.
حَلَّتْ أَرَامُ فِي أَفْرَايِمَ اتفقت مع أفرايم وجيشها اجتمع مع جيش أفرايم فخاف آحاز وشعبه منهما لأنهم كانوا قد اختبروا قوتهما وقساوتهما.
أَفْرَايِمَ سُميت المملكة كلها باسم السبط الأقوى.
٣ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ: ٱخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ، أَنْتَ وَشَآرَ يَاشُوبَ ٱبْنُكَ، إِلَى طَرَفِ قَنَاةِ ٱلْبِرْكَةِ ٱلْعُلْيَا، إِلَى سِكَّةِ حَقْلِ ٱلْقَصَّارِ».
ص ٦: ١٣ و١٠: ٢١ و٢ملوك ١٨: ١٧ وص ٣٦: ٢
بعث الله إشعياء إلى آحاز ليشجعه ويسكّن خوفه بوعده بصيانة الله له. وأخذ النبي معه شأرياشوب ابنه امتثالاً لأمر الله وتنشيطاً لآحاز لأن اسم ابن إشعياء معناه بقية ترجع.
إِلَى طَرَفِ قَنَاةِ ٱلْبِرْكَةِ المحل المعيّن لالتقاء النبي وابنه لآحاز وموقعه إلى الغرب من أورشليم على رأس وادي ابن هنوم. وكان الداعي لذهاب آحاز إلى هناك أنه خاف أن العدو يحول الماء عن المدينة فذهب قصد منعه عن ذلك.
٤، ٥ «٤ وَقُلْ لَهُ: اِحْتَرِزْ وَٱهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ مِنْ أَجْلِ ذَنَبَيْ هَاتَيْنِ ٱلشُّعْلَتَيْنِ ٱلْمُدَخِّنَتَيْنِ، بِحُمُوِّ غَضَبِ رَصِينَ وَأَرَامَ وَٱبْنِ رَمَلْيَا. ٥ لأَنَّ أَرَامَ تَآمَرَتْ عَلَيْكَ بِشَرٍّ مَعَ أَفْرَايِمَ وَٱبْنِ رَمَلْيَا قَائِلَةً».
ذَنَبَيْ هَاتَيْنِ ٱلشُّعْلَتَيْنِ ٱلْمُدَخِّنَتَيْنِ قال النبي ذلك تقوية لآحاز فأبان أن رصين وفقح مثَلهما مثَل شعلتين لا تقدران أن تضرا بعد إلا قليلاً.
ٱبْنِ رَمَلْيَا كنية تدل على الاحتقار.
٦ «نَصْعَدُ عَلَى يَهُوذَا وَنُقَوِّضُهَا وَنَسْتَفْتِحُهَا لأَنْفُسِنَا، وَنُمَلِّكُ فِي وَسَطِهَا مَلِكاً ٱبْنَ طَبْئِيلَ».
ٱبْنَ طَبْئِيلَ لا نعرف من أمره شيئاً غير أن هذا الاسم سرياني ونستنتج من القرينة أنه كان من حزب آرام وإسرائيل على أشور.
٧ «هٰكَذَا يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ!».
أمثال ٢١: ٣٠ وص ٨: ١٠
لا تَقُومُ! لاَ تَكُونُ تصريح الله بقصده أنه لا يدعهما ينتصران عليه.
٨ «لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ دِمَشْقَ، وَرَأْسَ دِمَشْقَ رَصِينُ. وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً».
٢صموئيل ٨: ٦
لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ الخ رأس مملكة أرام هو رصين وهو واحد من بني البشر وأما رأس مملكة إسرائيل فهو الله القادر على كل شيء ومن هو الإنسان حتى يقاوم الله ويمنع مقاصده. رصين رأس آرام وسيبقى كذلك وفقح سيبقى رأس السامرة أي أن كلا منهما يبقى على حالة بدون أن يستوليا على مملكة يهوذا.
خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً قد ابتدأ إذلال أفرايم أو الأسباط العشرة بعد هذه النبوة بقليل وتم عن يد آسرحدون (٢ملوك ١٧: ٢٤) بعد خمس وستين سنة من ذلك الوقت. ونقل الملك المذكور جميع شعوب مملكة إسرائيل إلى بلاد أشور فانحطت عظمة أفرايم ولم يُعتبر شعباً بعد.
٩ «وَرَأْسُ أَفْرَايِمَ ٱلسَّامِرَةُ، وَرَأْسُ ٱلسَّامِرَةِ ٱبْنُ رَمَلْيَا. إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا».
٢أيام ٢٠: ٢٠
إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا آحاز لم يؤمن بل كان ينظر إلى الأمور الحاضرة فقط وإلى الخطر الذي عليه من رصين وفقح وظنّ أنه لا يوجد خلاص إلا بملك أشور ولم ينظر إلى الخطر البعيد عن نظره الناتج عن الاستغاثة بذلك الملك. ولم ينظر بالإيمان إلى الرب القادر على كل شيء الذي يجازي الذين يبغضونه. وفي ضيقه زاد خيانة للرب… وذبح لآلهة دمشق. فكانت سبب سقوطه وسقوط كل إسرائيل. ولم يأمن ولا آمن. ولكن كل من ينظر إلى الأمور المستقبلة والأمور التي لا ترى يكون مستعداً لكل شيء وآمناً من كل خطر.
١٠ «ثُمَّ عَادَ ٱلرَّبُّ فَقَالَ لآحَازَ».
عَادَ ٱلرَّبُّ فَقَالَ لآحَازَ بفم إشعياء كما كلمه سابقاً.
١١ «اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْقٍ».
قضاة ٦: ٣٦ الخ ومتّى ١٢: ٣٨
آيَةً طلب الآية قد يكون خطية وقد يكون واجباً. فالفريسيون طلبوا آية في عدم إيمان ولو أعطيت لهم آية لم يؤمنوا. وجدعون طلب آية بالإيمان وبواسطة الآية ازداد إيمانه. وإذا كان الرب نفسه يعرض لنا الآية يكون رفضها احتقاراً وإهانة.
ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ كان آحاز قد ترك الرب وسجد للأصنام ولكنه كان من نسل داود وملك شعب الله ولذلك الرب لم يرفضه كل الرفض.
عَمِّقْ طَلَبَكَ أي اطلب ما تريد لأن الرب قادر على كل شيء.
١٢ «فَقَالَ آحَازُ: لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ ٱلرَّبَّ».
لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ ٱلرَّبَّ هذا الجواب يدل على عدم الإيمان وعدم الثقة تحت صورة الاحترام. وربما كان سبب رفضه آية هو أنه كان قد اعتمد على الاستغاثة بملك أشور وإذا قبل من الرب آية اضطر أن يترك رأيه (يوحنا ٣: ٢٠).
١٣ «فَقَالَ: ٱسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا ٱلنَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلٰهِي أَيْضاً؟».
ٱسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ وبخ النبي بيت داود لأن آحاز كان ينوب عنه بجوابه.
هَلْ هُوَ قَلِيلٌ أي ألا يكفيكم أن تضجروني أنا النبي حتى تضجروا الله أيضاً الذي أرسلني.
إِلٰهِي قال في ع ١١ «إلهك» ولكن آحاز برفضه الآية المعروضة له كان قد رفض الرب نفسه.
١٤ «وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ ٱلسَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ».
متّى ١: ٢٣ ولوقا ١: ٣١ و٣٤ ص ٩: ٦ تكوين ٤: ١ و٢٥ و١٦: ١١ و٢٩: ٣٢ و٣٠: ٦ و٨ و١صموئيل ٤: ٢١ وص ٨: ٨
هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ الخ من خواص بعض النبوءات أن يتم مرتين إحداهما في المستقبل القريب والأخرى في المستقبل البعيد. ومن أمثلة ذلك النبوءات برجوع اليهود التي تمت أولاً برجوعهم من بابل وستتم ثانياً برجوعهم إلى الله بإيمانهم بيسوع المسيح. والنبوءات بمجد أورشليم التي تمت بتجديد أسوارها بعد السبي ستتم كل التمام بمجد الكنيسة المسيحية.
ومن الطبع أن الذين سمعوا إشعياء نظروا أولاً إلى تمام النبوءة في المستقبل القريب وفهموا من الكلام المتضمن في (ع ١٤ – ١٦) إن عذراء غير مذكورة باسمها ستتزوج وتحبل وتلد ابناً وهو يأكل الزبد والعسل علامة لخراب البلاد وقبل أن يعرف أن يرفض الشر ويختار الخير أي قبل أن يبلغ نحو سن الثلاث تخلو الأرض من ملكيها أي يموت رصين وفقح كلاهما. والمراد بالنبوءة أمران أولهما خراب الأرض وثانيهما موت رصين وفقح بعد نحو ثلاث سنين ولكن هذا التفسير مع أنه صحيح ومقبول هو تفسير جزئي فإن سياق الكلام يدل على حادثة أعظم من المذكورة.
قيل في ع ١٣ «ٱسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ» وفي ع ١٤ «يُعْطِيكُمُ ٱلسَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً» أي هذه المقدمة تنبيه للسامعين ليسمعوا أمراً غريباً وعظيماً. وقيل «ها العذراء» أي عذراء تستحق النظر والذكر واسم الولد مذكور «عمانوئيل» وهو اسم غريب وعظيم فنلتزم أن ننظر إلى المستقبل البعيد فنرى تمام النبوءة في يسوع المسيح (متّى ١: ٢٣) الذي وُلد من مريم العذارء بقوة الروح القدس هو إنسان تام وإله تام فكان بالحقيقة عمانوئيل أي الله معنا.
إن ولادة المسيح كانت بعد عصر آحاز بمدة ما ينيف على سبع مئة سنة ولكنها آية له لأن تتميم الوعد يستلزم بقاء الأمة اليهودية وبيت داود إلى الوقت المعين من الله.
١٥، ١٦ «١٥ زُبْداً وَعَسَلاً يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ ٱلشَّرَّ وَيَخْتَارَ ٱلْخَيْرَ. ١٦ لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ ٱلصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ ٱلشَّرَّ وَيَخْتَارَ ٱلْخَيْرَ تُخْلَى ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا».
ص ٨: ٤ و٢ملوك ١٥: ٣٠ و١٦: ٩
وجود زبد وعسل دون غيرهما من المأكولات يشير إلى خراب البلاد وقلة سكانها لأن الأرض كلها تصير مرعى. وكانت الحال هكذا في زمن آحاز بسبب الحروب الكثيرة وقتل الناس والسبايا وقلة الأمان (٢أيام ٢٨: ١٦ – ١٩). والمراد بملكيها رصين وفقح فإن تلغث فلاسر ملك أشور أخذ دمشق وقتل رصين (٢ملوك ١٦: ٩) وفي ذلك الوقت فتن هوشع على فقح وقتله (٢ملوك ١٥: ٣٠) وكان ذلك بعد نحو ثلاث سنين من زمان هذه النبوءة.
نبوءة بخراب البلاد وتهديد الله آحاز بمجيء ملك أشور ليغزو بلاده ع ١٧ إلى ٢٥
١٧ «يَجْلِبُ ٱلرَّبُّ مَلِكَ أَشُّورَ عَلَيْكَ وَعَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى بَيْتِ أَبِيكَ، أَيَّاماً لَمْ تَأْتِ مُنْذُ يَوْمِ ٱعْتِزَالِ أَفْرَايِمَ عَنْ يَهُوذَا».
٢أيام ٢٨: ١٩ و١ملوك ١٢: ١٦
أَيَّاماً لَمْ تَأْتِ مُنْذُ يَوْمِ ٱعْتِزَالِ أَفْرَايِمَ عَنْ يَهُوذَا أي أيام كثيرة الخطوب والمخاوف والضيقات. كان خوف آحاز الحالي وهمياً ولكن في تلك الأيام تكون المخاوف حقيقية.
مَلِكَ أَشُّورَ الأرجح أن المراد هنا بملك أشور ملك بابل وكل الملوك الآتين من الشرق لخراب اليهودية لأن الخراب المشار إليه هنا أعظم من الخراب الذي حدث بواسطة تغلث فلاسر وحده فإنهم كانوا قد خسروا رجالاً ومالاً ولكنهم كانوا من الآن وصاعداً على وشك أن يخسروا استقلالهم وهي خسارة أعظم (٢أيام ٢٨: ٢٠ – ٢٤ و٢ملوك ١٨: ١٣ – ١٦ وص ٢٤ و٢٥).
١٨ «وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْفِرُ لِلذُّبَابِ ٱلَّذِي فِي أَقْصَى تُرَعِ مِصْرَ، وَلِلنَّحْلِ ٱلَّذِي فِي أَرْضِ أَشُّورَ».
ص ٥: ٢٦
إِنَّ ٱلرَّبَّ يَصْفِرُ لِلذُّبَابِ الخ أي الجيوش المصرية والمعنى أن المصريين يشاركون الأشوريين في غزوا أرض يهوذا ودمارها. وأراد «بالذباب» جيوش المصريين التي تفوق الإحصاء. و«بالنحل» جيوش الأشوريين. واختار هاتين اللفظتين لكثرة الذباب في أرض مصر ولكثرة النحل في أرض الأشوريين. وهذه الجيوش الوثنية كلها تحت أمر الرب «يصفر لها فتأتي».
تُرَعِ مِصْرَ القسم البحري حيث ينقسم نهر النيل إلى ترع أو مجار كثيرة. ويوشيا ملك يهوذا قُتل في محاربة نخو ملك مصر (٢أيام ٣٥: ٢٠).
١٩ «فَتَأْتِي وَتَحِلُّ جَمِيعُهَا فِي ٱلأَوْدِيَةِ ٱلْخَرِبَةِ وَفِي شُقُوقِ ٱلصُّخُورِ وَفِي كُلِّ غَابِ ٱلشَّوْكِ وَفِي كُلِّ ٱلْمَرَاعِي».
ص ٢: ١٩ وإرميا ١٦: ١٦
فَتَأْتِي وَتَحِلُّ جَمِيعُهَا الأرض تمتلئ من جيوش الأعداء.
٢٠ – ٢٥ «٢٠ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَحْلِقُ ٱلسَّيِّدُ بِمُوسَى مُسْتَأْجَرَةٍ فِي عَبْرِ ٱلنَّهْرِ بِمَلِكِ أَشُّورَ، ٱلرَّأْسَ وَشَعْرَ ٱلرِّجْلَيْنِ، وَتَنْزِعُ ٱللِّحْيَةَ أَيْضاً. ٢١ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ ٱلإِنْسَانَ يُرَبِّي عِجْلَةَ بَقَرٍ وَشَاتَيْنِ. ٢٢ وَيَكُونُ أَنَّهُ مِنْ كَثْرَةِ صُنْعِهَا ٱللَّبَنَ يَأْكُلُ زُبْداً، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أُبْقِيَ فِي ٱلأَرْضِ يَأْكُلُ زُبْداً وَعَسَلاً. ٢٣ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ كَانَ فِيهِ أَلْفُ جَفْنَةٍ بِأَلْفٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ، يَكُونُ لِلشَّوْكِ وَٱلْحَسَكِ. ٢٤ بِٱلسِّهَامِ وَٱلْقَوْسِ يُؤْتَى إِلَى هُنَاكَ، لأَنَّ كُلَّ ٱلأَرْضِ تَكُونُ شَوْكاً وَحَسَكاً. ٢٥ وَجَمِيعُ ٱلْجِبَالِ ٱلَّتِي تُنْقَبُ بِٱلْمِعْوَلِ لاَ يُؤْتَى إِلَيْهَا خَوْفاً مِنَ ٱلشَّوْكِ وَٱلْحَسَكِ، فَتَكُونُ لِسَرْحِ ٱلْبَقَرِ وَلِدَوْسِ ٱلْغَنَمِ».
٢ملوك ١٦: ٧ و٨ و٢أيام ٢٨: ٢٠ و٢١ وحزقيال ٥: ١ ص ٥: ٦
هنا يشير إلى خراب البلاد بكناية أخرى وهي الحلق بموسى إظهاراً لعظم ما يجري من الخراب في البلاد والموسى المستأجرة تشير إلى استئجار آحاز ملك أشور (٢ملوك ١٦: ٨). فالرب استعمل تلك الآلة أي ملك أشور لإذلال آحاز.
عَبْرِ ٱلنَّهْرِ نهر الفرات.
ٱلرَّأْسَ وَشَعْرَ ٱلرِّجْلَيْنِ الخ أي أن يهوذا تخرب تماماً.
يُرَبِّي عِجْلَةَ (ع ٢١) يشير إلى ما سيحدث وقت الخراب أي أن الأرض تكون متروكة حتى أن البقرة والشاتين ترعى في أي محل تراه مناسباً بدون مانع ولهذا تعطي حليباً كثيراً. أما الحاصلات المعتادة فتكون مفقودة لفقد السكان ومصير الأرض مرعى للمواشي جميعها.
أَلْفُ جَفْنَةٍ بِأَلْفٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ (ع ٢٣) أي ألف شاقل وقيمتها نحو خمسة عشر ألف غرش. والمعنى أن الكرم الكبير والجيد يصير شوكاً وحسكاً.
بِٱلسِّهَامِ وَٱلْقَوْسِ يُؤْتَى إِلَى هُنَاكَ (ع ٢٤) أي تكون الأرض مسكن وحوش فيقصدها الناس للصيد. وكل ما قيل بيان لتمام الخراب.
فوائد للوعاظ
إن لم تأمنوا فلا تأمنوا ع ٩
الأول الإيمان
- الإيمان بالله وهو الثقة بأنه القادر على كل شيء وإن آرام وإسرائيل ويهوذا بيده. وبأنه صادق بكل مواعيده.
- بالأمور التي لا تُرى كجيش الرب الذي رآه يعقوب (تكوين ٣٢: ١ و٢) وأليشع (٢ملوك ٦: ١٧) وهو حولنا غير أننا لا نراه. وانتصار ملكوت الله بالمستقبل فإن نجاح الأشرار وقتي فقط.
- بالصلاة
الثاني الأمان – إن الذين يؤمن يأمن
- لأنه واثق بنفسه ويقدر أن يستعمل كل قواه الجسدية والعقلية. وأما الخائف فلا يقدر أن يعمل شيئاً من اضطراب أفكاره وارتجاف جسده.
- لأنه مؤمن بالله ومتحد بالذي منه كل قوة والنصرة.
- لأنه يقدر أن يصير ويحتمل الضيقات الوقتية بإيمانه بأنه ينال المجد الأبدي.
السابق |
التالي |