سفر الجامعة

سفر الجامعة | 03 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الجامعة

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

مضمونه أنه في الكون ترتيب معيّن من الله وأعظم خير للإنسان هو التسليم لترتيب الله ومن يبتعد عن الله ويطلب أن يستوفي خيراته في هذا العالم فهو كالبهائم.

١ – ٨ «١ لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَقْتٌ. ٢ لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ. لِلْغَرْسِ وَقْتٌ وَلِقَلْعِ ٱلْمَغْرُوسِ وَقْتٌ. ٣ لِلْقَتْلِ وَقْتٌ وَلِلشِّفَاءِ وَقْتٌ. لِلْهَدْمِ وَقْتٌ وَلِلْبِنَاءِ وَقْتٌ. ٤ لِلْبُكَاءِ وَقْتٌ وَلِلضِّحْكِ وَقْتٌ. لِلنَّوْحِ وَقْتٌ وَلِلرَّقْصِ وَقْتٌ. ٥ لِتَفْرِيقِ ٱلْحِجَارَةِ وَقْتٌ وَلِجَمْعِ ٱلْحِجَارَةِ وَقْتٌ. لِلْمُعَانَقَةِ وَقْتٌ وَلِلانْفِصَالِ عَنِ ٱلْمُعَانَقَةِ وَقْتٌ. ٦ لِلْكَسْبِ وَقْتٌ وَلِلْخَسَارَةِ وَقْتٌ. لِلصِّيَانَةِ وَقْتٌ وَلِلطَّرْحِ وَقْتٌ. ٧ لِلتَّمْزِيقِ وَقْتٌ وَلِلتَّخْيِيطِ وَقْتٌ. لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ. ٨ لِلْحُبِّ وَقْتٌ وَلِلْبُغْضَةِ وَقْتٌ. لِلْحَرْبِ وَقْتٌ وَلِلصُّلْحِ وَقْتٌ».

ع ١٧ وص ٨: ٦ أيوب ١٤: ٥ و عبرانيين ٩: ٢٧ رومية ١٢: ١٥ مزمور ١٢٦: ٢ خروج ١٥: ٢٠ عاموس ٥: ١٣ مزمور ١٠١: ٣ وأمثال ١٣: ٥

الأرجح أن الكاتب لم يقصد التمييز بين لفظة «زمان» ولفظة «وقت» بل وضع جملتين متشابهتين بالمعنى حسب اصطلاح اللغة العبرانية. وذكر أولاً أعظم حوادث حياة الإنسان وهما الولادة والموت وكلاهما من الله فإن الحياة منه ومنه أجل الحياة أيضاً. ومن الأزمنة الثلاثة أي الماضي والحاضر والمستقبل ليس للإنسان إلا الحاضر فقط. والغرس (ع ٢) في النباتات كالولادة في الحيوانات وقلعها كالموت. وللغرس والزرع أوقات معينة من الله ومعروفة عند الحارث فلا ينجح في حراسته إلا بتسليمه لترتيب الله. والبعض يرى هنا إشارة إلى قيام مدن وهدمها (إرميا ١: ١٠) «قَدْ وَكَّلْتُكَ هٰذَا ٱلْيَوْمَ عَلَى ٱلشُّعُوبِ وَعَلَى ٱلْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ».

لِلْقَتْلِ وَقْتٌ (ع ٣) في ع ٢ إشارة إلى الولادة الطبيعية والموت الطبيعي والإشارة هنا إلى القتل بيد الإنسان والتعليم هو أن القتل ضروري وجائز في الأوقات التي تستوجبه كإعدام المجرم بموجب حكم شرعي.

وَلِلشِّفَاءِ وَقْتٌ إشارة إلى وسائط طبية وغيرها لأجل حفظ الحياة وفي الحروب يتوقف القتال عندما يسلم أحد الجيشين للآخر فيجتهد الغالبون في حفظ حياة المغلوبين. ووقت الله للشفاء الروحي هو بعد رجوع الخاطئ إليه تعالى بالتوبة (هوشع ٦: ١) «هَلُمَّ نَرْجِعُ إِلَى ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ هُوَ ٱفْتَرَسَ فَيَشْفِينَا، ضَرَبَ فَيَجْبِرُنَا».

لِلْهَدْمِ وَقْتٌ وَلِلْبِنَاءِ وَقْتٌ هُدمت مدن قديمة لسبب خطايا أهلها ثم بُنيت ثانية كأورشليم لما رجعوا إلى الرب. وبمعنى روحي قال بولس (غلاطية ٢: ١٨) «فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَبْنِي أَيْضاً هٰذَا ٱلَّذِي قَدْ هَدَمْتُهُ الخ» فأشار إلى هدم الفرائض الموسوية وبناء الكنيسة المسيحية التي بها تمت الفرائض وعرف بولس بالحكمة المعطاة له من الله ملء الأزمنة أي وقت الهدم ووقت البناء.

لِلْبُكَاءِ وَقْتٌ (ع ٤) لا يليق البكاء في وقت الفرح كما أنه لا يليق الضحك في وقت البكاء. والضحك جائز في وقته ويساعد في احتمال المشقات وإتمام الواجبات. ووقت البكاء ووقت الضحك من الله فلا يقول أحد غداً أبكي أو غداً أضحك لأن لا أحد يعلم ماذا يلده يوم.

لِتَفْرِيقِ ٱلْحِجَارَةِ (ع ٥) الأرجح أن الإشارة إلى ما يصير في الحرب (٢ملوك ٣: ١٩) «وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِٱلْحِجَارَةِ» وجمع الحجارة بالعكس (إشعياء ٥: ٢ عن الكرم) «نَقَبَهُ وَنَقَّى حِجَارَتَهُ وَغَرَسَهُ الخ» والمعانقة إشارة إلى المعاهدة والاتحاد. والانفصال عن المعانقة إشارة إلى إشهار الحرب.

لِلْخَسَارَةِ وَقْتٌ (ع ٦) قد تكون الخسارة حكمة (أعمال ٢٧: ١٨) «وَإِذْ كُنَّا فِي نَوْءٍ عَنِيفٍ جَعَلُوا يُفَرِّغُونَ فِي ٱلْغَدِ» وكما يحدث في التجارة لأن أحياناً خسارة وقتية تأتي بالربح في الآخر. وفي الروحيات كما قال يسوع (متّى ١٦: ٢٥) «مَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا».

لِلتَّمْزِيقِ وَقْتٌ (ع ٧) إشارة إلى الحزن (أيوب ١: ٢٠) «مزّق أيوب جبته» أو إلى الانقسام (انظر ١ملوك ١١: ٣٠) قبض أخيا النبي على الرداء الجديد الذي كان يربعام لابسه ومزقه ١٢ قطعة إشارة إلى انقسام المملكة. والتعليم هنا أن الانشقاق واجب أحياناً. قال يسوع (متّى ١٠: ٣٥) «فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ ٱلإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَٱلابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا» أي الاتحاد مع المسيح ألزم من الاتحاد مع الناس حتى أهل بيتنا وليس اتحاد حقيقي وثابت إلا المؤسس على الاتحاد بالمسيح. والانشقاق غالباً يكون لأسباب غير كافية فيكون خطية. ومثل الرقعة من قطعة جديدة على ثوب عتيق (متّى ٩: ١٦) مثل الخياطة في غير وقتها.

لِلسُّكُوتِ وَقْتٌ كأصحاب أيوب (أيوب ٢: ١٢ و١٣) الذين قعدوا معه على الأرض سبعة أيام بالسكوت. وهارون (لاويين ١٠: ٣) لما مات ابناه. ويجب السكوت عن كلام الغباوة (انظر أمثال ١٠: ٨ ويعقوب ١: ١٩).

وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ (أمثال ١٥: ٢٣) «ٱلْكَلِمَةُ فِي وَقْتِهَا مَا أَحْسَنَهَا» و(إشعياء ٥٠: ٤) «لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ ٱلْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ» و(أمثال ٢٥: ١١) «تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا».

لِلْحَرْبِ وَقْتٌ (ع ٨) كل صالح يريد أن يحب جميع الناس ولكن ما دامت الخطية في العالم لا بد من الحرب والبغض. (هوشع ٩: ١٥) «أَبْغَضْتُهُمْ. مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِهِمْ أَطْرُدُهُمْ مِنْ بَيْتِي. لاَ أَعُودُ أُحِبُّهُمْ» و(مزمور ١٣٩: ٢١) «أَلاَ أُبْغِضُ مُبْغِضِيكَ يَا رَبُّ» ولنا تعزية في القول «للحرب وقت» فإن الله لا يزال حاكماً في العالم ولا تقع حرب إلا بعلمه وتنتهي الحرب بأمره فلا تبقى الحروب إلى الأبد ولا يسمح الله لبني البشر أن يُبطلوا مقاصده الصالحة. وعدد «الأوقات» المذكورة ٢٨ والخلاصة أن الله يعين كل شيء ويعتني بكل شيء فمن الحكمة التسليم له والاتكال عليه.

٩ – ١٥ «٩ فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِمَنْ يَتْعَبُ مِمَّا يَتْعَبُ بِهِ! ١٠ قَدْ رَأَيْتُ ٱلشُّغْلَ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ ٱللّٰهُ بَنِي ٱلْبَشَرِ لِيَشْتَغِلُوا بِهِ. ١١ صَنَعَ ٱلْكُلَّ حَسَناً فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضاً جَعَلَ ٱلأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، ٱلَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ ٱلإِنْسَانُ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي يَعْمَلُهُ ٱللّٰهُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ. ١٢ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ خَيْرٌ إِلاَّ أَنْ يَفْرَحُوا وَيَفْعَلُوا خَيْراً فِي حَيَاتِهِمْ. ١٣ وَأَيْضاً أَنْ يَأْكُلَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْراً مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ، فَهُوَ عَطِيَّةُ ٱللّٰهِ. ١٤ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ ٱللّٰهُ أَنَّهُ يَكُونُ إِلَى ٱلأَبَدِ. لاَ شَيْءَ يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلاَ شَيْءَ يُنْقَصُ مِنْهُ، وَأَنَّ ٱللّٰهَ عَمِلَهُ حَتَّى يَخَافُوا أَمَامَهُ. ١٥ مَا كَانَ فَمِنَ ٱلْقِدَمِ هُوَ. وَمَا يَكُونُ فَمِنَ ٱلْقِدَمِ قَدْ كَانَ. وَٱللّٰهُ يَطْلُبُ مَا قَدْ مَضَى».

ص ١: ٣ و٢: ١١ و٥: ١٦ ص ١: ١٣ و٢: ٢٦ تكوين ١: ٣١ ص ٧: ٢٣ و٨: ١٧ وأيوب ٥: ٩ ورومية ١١: ٣٣ ص ٢: ٣٤ ص ٢: ٢٤ و٥: ١٩ ص ٥: ٧ و٧: ١٨ و٨: ١٢ و١٣ و١: ١٣ ص ١: ٩ و٦: ١٠

فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ ليس منفعة لمن يتكل على هذه الأمور الزائلة.

صَنَعَ ٱلْكُلَّ حَسَناً (ع ١١) وهو حسن للإنسان الذي يستعمله حسناً وحسب ما رسمه الله ولكن الله لا يعطي الإنسان هذه الخيرات بلا تعب ولا يعطيه ما يدوم ولا ما يشبع النفس لئلا يتكل عليها ويكتفي بها فينسى الله والأبدية.

جَعَلَ ٱلأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ أي خلقهم على صورته وجعل فيهم نفساً خالدة تشتاق إلى معرفة سر الحياة فلا يكتفي بالنظر إلى حوادث الحياة واحدة واحدة بل يطلب أن يعرف معنى الحياة كلها من بدايتها إلى نهايتها وذلك كإنسان يرى كومة حجارة البعض منها منحوت ومنقوش على هيئة جميلة ويرى أنها مجموعة ومهيأة لغاية ولكنه لا يعرف ما هي الغاية. ولا نستنتج من قول الكاتب أن الله جعل في قلبهم معرفة الأبدية بل أنه جعل فيهم الشوق إلى تلك المعرفة وذكر ما أصابهم من التعب واليأس من عدم الحصول عليها.

وَيَفْعَلُوا خَيْراً (ع ١٢) أي الخير لأنفسهم كما يظهر من العدد التالي «أن يأكل كل إنسان ويشرب الخ». فإن أفضل شيء للإنسان هو أن يقبل خيرات هذا العالم بالشكر ويستعملها بالحكمة والاعتدال (انظر ١تيموثاس ٤: ٣ – ٥).

يَكُونُ إِلَى ٱلأَبَدِ (ع ١٤) بلا تغيّر لا زيادة ولا نقصان وكما كان من الأول هكذا يكون إلى الأبد.

حَتَّى يَخَافُوا أَمَامَهُ حينما يتأملون في نواميس الله الثابتة والغير المتغيرة يخافون من التعدي عليها.

ٱللّٰهُ يَطْلُبُ مَا قَدْ مَضَى (ع ١٥) أو يعيد الله ما قد مضى كأنه أكمل دوراً من الحوادث ثم رجع إلى الأول وأعاد الدور. ونلاحظ أن طابع سفر الجامعة هو طابع اليأس لا طابع الرجاء والمفهوم هنا من سياق الكلام (انظر ٢: ٢٠ – ٢٥) أنه مهما تعب الإنسان لا يحصل على النتيجة المطلوبة لأنه مقيّد بحكم الله المطلق. والبعض يرى في الكلام تعزية أي أن الله لا يتغير (ملاخي ٣: ٦) «لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنَوْا».

١٦ – ٢٢ «١٦ وَأَيْضاً رَأَيْتُ تَحْتَ ٱلشَّمْسِ: مَوْضِعَ ٱلْحَقِّ هُنَاكَ ٱلظُّلْمُ، وَمَوْضِعَ ٱلْعَدْلِ هُنَاكَ ٱلْجَوْرُ! ١٧ فَقُلْتُ فِي قَلْبِي: ٱللّٰهُ يَدِينُ ٱلصِّدِّيقَ وَٱلشِّرِّيرَ. لأَنَّ لِكُلِّ أَمْرٍ وَلِكُلِّ عَمَلٍ وَقْتاً هُنَاكَ. ١٨ قُلْتُ فِي قَلْبِي: مِنْ جِهَةِ أُمُورِ بَنِي ٱلْبَشَرِ، إِنَّ ٱللّٰهَ يَمْتَحِنُهُمْ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهُ كَمَا ٱلْبَهِيمَةِ هٰكَذَا هُمْ. ١٩ لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي ٱلْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هٰذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى ٱلْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. ٢٠ يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ ٱلتُّرَابِ، وَإِلَى ٱلتُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا. ٢١ مَنْ يَعْلَمُ رُوحَ بَنِي ٱلْبَشَرِ هَلْ هِيَ تَصْعَدُ إِلَى فَوْقٍ، وَرُوحَ ٱلْبَهِيمَةِ هَلْ هِيَ تَنْزِلُ إِلَى أَسْفَلَ، إِلَى ٱلأَرْضِ؟ ٢٢ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَفْرَحَ ٱلإِنْسَانُ بِأَعْمَالِهِ، لأَنَّ ذٰلِكَ نَصِيبَهُ. لأَنَّهُ مَنْ يَأْتِي بِهِ لِيَرَى مَا سَيَكُونُ بَعْدَهُ؟»

ص ١٤: ١ و٥: ٨ و٨: ٩ ص ١١: ٩ وتكوين ١٨: ٢٥ ومزمور ٩٦: ١٣ و٩٨: ٩ ومتّى ١٦: ٢٧ ورومية ٢: ٦ – ١٠ و٢تسالونيكي ١: ٦ – ٩ ع ١ وص ٨: ٦ مزمور ٤٩: ١٢ و٢٠ و٧٣: ٢٢ ص ٩: ١٢ ص ١٢: ٧ وتكوين ٣: ١٩ ومزمور ١٠٣: ١٤ ص ١٢: ٧ ص ٢: ٢٤ ص ٢: ١٨ و٦: ١٢ و٨: ٧ و١٠: ١٤

فَقُلْتُ فِي قَلْبِي (ع ١٧) بعد ما كان تأمل في وجود الظلم في موضع الحق والجور في موضع العدل رأى لمحة نور أي أن الله يدين الصديق والشرير ويجازيهما كليهما حسب أعماله وفي كلمة «هناك» إشارة إلى حكم الله في الآخرة وبالترجمة اليسوعية «هنا لكل غرض وقت لكن هناك على كل عمل حساب». قال في قلبه ولكنه رجع إلى ما كان فيه من اليأس.

يَمْتَحِنُهُمْ فلا يفتخرون بل يعلمون أنهم يموتون كما تموت البهيمة فلا فرق بين الصديق والشرير ولا بين بني البشر والبهائم وللكل حادثة واحدة ونسمة واحدة وليس للإنسان مزية على البهيمة.

مَنْ يَعْلَمُ (ع ٢١) من جهة الجسد الأمر واضح فإن الجسد يموت كما تموت البهيمة وينزل إلى أسفل إلى التراب ولكن من جهة روح بني البشر فالكاتب مشكك «من يعلم».

إِلَى فَوْقٍ أي إلى مكان البقاء بعد موت الجسد.

إِلَى أَسْفَلَ أي إلى القبر حيث يتلاشى الجسد والنفس كلاهما حسب فكر الكاتب وغالباً الذين يسلّمون أنفسهم لتسلط الشهوات وأفراح العالم يشكون في وجود الله والآخرة ويحبون لو أمكن أن ينكروا وجودهما.

فَرَأَيْتُ الخ (ع ٢٢) وهذه نتيجة بحثه والقول مكرر كثيراً في هذا السفر (انظر ٢: ٢٤ و٣: ١٢ و٥: ١٨ و٨: ١٥ و٩: ٧).

لأَنَّ ذٰلِكَ نَصِيبَهُ أي ما يحدث له (ع ١٩) وهو عطية الله (ع ١٣) والكلام يشبه مذهب القدرية أي أن كل شيء من الله ولا يقدر الإنسان أن يغير ما قضى الله به.

لأَنَّهُ مَنْ يَأْتِي بِهِ أي يأتي به من الأموات ليرى ما يكون بعده فلا يهمه ذلك. وليس الكلام هنا تعليماً لنا لنقبله ونعمل بموجبه بل كلام المشكك ويشبه تعليم مذهب الأفيكوريين القدماء وجوابه في أقوال كثيرة من الكتاب المقدس ومن هذا السفر نفسه (١١: ١ و١٢: ٧ و١٣).

وكيف يتميز الإنسان عن البهيمة. ليس بالقوة الجسدية. وبالوظائف الجسدية كالبصر والسمع والشم تفوق البهائم الإنسان. وبموت جسد الإنسان كما يموت جسد البهيمة وأما الإنسان فيتميز بما أن الله خلقه على صورته تعالى وجعل فيه نفساً ناطقة خالدة تقدر أن تعرف الله والأمور الروحية وماهية الصلاة والواجب وغير الواجب وتشتاق إلى الخلاص والأبدية. فمن يهتم بما للجسد فقط فهو حيوان ليس إنساناً غير أنه لا يقدر أن يهرب من المسؤولية كإنسان. ومما يدل على أن البهيمة ليس لها بقاء بعد الموت أن الله سمح للإنسان أن يذبح الحيوان (انظر تكوين ٩: ٣) ومنعه عن سفك دم الإنسان (انظر تكوين ٩: ٦).

فوائد

  1. إن الله يدبر أمور العالم وأمور كل إنسان بمفرده فمن الحكمة الخضوع له والاتحاد معه (ع ١ – ١٠).
  2. إن الله صنع الكل حسناً وجميع الأتعاب والأحزان ناتجة عن الخطية (ع ١١).
  3. إنه إذا ترك الإنسان الله يتركه الله ليتعلم بالاختبار ضعفه وعواقب الخطية.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى