سفر أيوب

سفر أيوب | 35 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أيوب 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلثَّلاَثُونَ

خطاب أليهو الثالث

١ – ٨ «١ وَقَالَ أَلِيهُو: ٢ أَتَحْسِبُ هٰذَا حَقّاً؟ قُلْتَ: أَنَا أَبَرُّ مِنَ ٱللّٰهِ. ٣ لأَنَّكَ قُلْتَ: مَاذَا يُفِيدُكَ؟ بِمَاذَا أَنْتَفِعُ أَكْثَرَ مِنْ خَطِيَّتِي؟ ٤ أَنَا أَرُدُّ عَلَيْكَ كَلاَماً وَعَلَى أَصْحَابِكَ مَعَكَ. ٥ اُنْظُرْ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ وَأَبْصِرْ وَلاَحِظِ ٱلْغَمَامَ. إِنَّهَا أَعْلَى مِنْكَ. ٦ إِنْ أَخْطَأْتَ فَمَاذَا فَعَلْتَ بِهِ؟ وَإِنْ كَثَّرْتَ مَعَاصِيَكَ فَمَاذَا عَمِلْتَ لَهُ؟ ٧ إِنْ كُنْتَ بَارّاً فَمَاذَا أَعْطَيْتَهُ، أَوْ مَاذَا يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِكَ؟ ٨ لِرَجُلٍ مِثْلِكَ شَرُّكَ، وَلٱبْنِ آدَمٍ بِرُّكَ».

ص ٢٧: ٢ ص ٣٤: ٩ ص ٩: ٣٠ و٣١ تكوين ١٥: ٥ ومزمور ٨: ٣ ص ٢٢: ١٢ ص ٧: ٢٠ وأمثال ٨: ٣٦ وإرميا ٧: ١٩ ص ٢٢: ٢ و٣ وأمثال ٩: ١٢ ولوقا ١٧: ١٠

أَتَحْسِبُ هٰذَا حَقّاً (ع ٢) أشار أليهو إلى قول أيوب المار ذكره أي إن البر لا ينفعه أكثر من الخطية (٢١: ١٥) ومعنى أيوب بالنفع هو النفع في الجسديات كالأملاك والصحة والراحة وهكذا أليهو أيضاً ولم ينظرا إلى الأفراح الروحية كما قال المرنم (مزمور ٧٣: ٢٣ – ٢٦) «وَلٰكِنِّي دَائِماً مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي ٱلْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. مَنْ لِي فِي ٱلسَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئاً فِي ٱلأَرْضِ. قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي. صَخْرَةُ قَلْبِي وَنَصِيبِي ٱللّٰهُ إِلَى ٱلدَّهْرِ».

ولما نظر أيوب إلى هذه الخيرات الجسدية ورأى أنها تُعطى أحياناً للأشرار وليس للأبرار حكم إن الله ليس عادلاً (٢٧: ١ – ٧) وكل من يتذمر ويحكم على الله يجعل نفسه أبرّ من الله.

عَلَى أَصْحَابِكَ مَعَكَ (ع ٤) لعله أشار إلى جميع الأصحاب وليس فقط الثلاثة.

اُنْظُرْ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ (ع ٥) وكل من نظر إلى السموات وتأمّل يقول (مزمور ٨: ٤) «فَمَنْ هُوَ ٱلإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَٱبْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ!» فإن الله كامل في ذاته ولا يحتاج ملوك العالم إلى خدمة أتباعهم فلا يمكن إن الله يظلم خلائقه ولا يطمع فيهم لأن له كل شيء انظر قول أليفاز (٢٢: ٢).

٩ – ١٦ «٩ مِنْ كَثْرَةِ ٱلْمَظَالِمِ يَصْرُخُونَ. يَسْتَغِيثُونَ مِنْ ذِرَاعِ ٱلأَعِزَّاءِ. ١٠ وَلَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ ٱللّٰهُ صَانِعِي، مُؤْتِي ٱلأَغَانِيِّ فِي ٱللَّيْلِ؟ ١١ ٱلَّذِي يُعَلِّمُنَا أَكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ ٱلأَرْضِ، وَيَجْعَلُنَا أَحْكَمَ مِنْ طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ. ١٢ ثَمَّ يَصْرُخُونَ مِنْ كِبْرِيَاءِ ٱلأَشْرَارِ وَلاَ يَسْتَجِيبُ. ١٣ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِباً وَٱلْقَدِيرُ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. ١٤ فَإِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَسْتَ تَرَاهُ، فَٱلدَّعْوَى قُدَّامَهُ، فَٱصْبِرْ لَهُ. ١٥ وَأَمَّا ٱلآنَ فَلأَنَّ غَضَبَهُ لاَ يُطَالِبُ، وَلاَ يُبَالِي بِكَثْرَةِ ٱلزَّلاَّتِ، ١٦ فَغَرَ أَيُّوبُ فَاهُ بِٱلْبَاطِلِ، وَكَبَّرَ ٱلْكَلاَمَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ».

انظر ص ١٢: ١٩ ص ٢١: ١٤ و٢٧: ١٠ و٣٦: ١٣ ص ٨: ٢١ ومزمور ٤٢: ٨ و٧٧: ٦ و١٤٩: ٥ وأعمال ١٦: ٢٥ ص ٣٦: ٢٢ ومزمور ٩٤: ١٢ وإرميا ٣٢: ٣٣ ص ٢٧: ٩ وأمثال ١٥: ٢٩ وإشعياء ١: ١٥ وإرميا ١١: ١١ وميخا ٣: ٤ ص ٩: ١١ و٢٣: ٨ و٩ ص ٣١: ٣٥ ص ٣٤: ٣٥

كان أليهو قال إن الله في السموات والإنسان إذا أخطأ لا يؤثر فيه شيئاً وإذا كان باراً لا يعطيه شيئاً (ع ٦ و٧) ومع ذلك كما تفيد هذه الآيات يهتم الله بخلائقه ويسمع صلاتهم.

يَصْرُخُونَ (ع ٩) ولكن صراخهم كصراخ وحوش الأرض فلا ينظرون إلى صانعهم.

مُؤْتِي ٱلأَغَانِيِّ فِي ٱللَّيْلِ الأغاني علامة الفرح والفرح الحقيقي من الله. والليل وقت الحزن والخوف وكناية عن الضيقات فينجي الله أتقياءه منها (مزمور ٣٢: ٧) «بِتَرَنُّمِ ٱلنَّجَاةِ تَكْتَنِفُنِي» كما سبّح بولس وسيلا في الليل وهما في السجن في فيلبي (أعمال ١٦: ٢٥) ولكن أغاني العالم كثيراً ما تستر قلباً مكتئباً.

يُعَلِّمُنَا أَكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ ٱلأَرْضِ لا يريد الله أن الإنسان يكون كالوحوش والطيور التي لا تعرف إلا ما للجسد ولا تنظر إلى شيء أعلى من الإنسان المتسلط عليها.

ٱللّٰهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِباً (ع ١٣) لا يستجيب صلاة الصارخين لأنها ليست مقدمة من قلب طاهر ونية مخلصة.

فَٱصْبِرْ لَهُ (ع ١٤) على المتضايقين أن ينظروا إلى الله بالإيمان (ع ١٠) ويصلوا بلا رياء (ع ١٣) وعليهم أيضاً أن يصبروا (يعقوب ١: ٣ و٤) «ٱمْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا ٱلصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ». وأما أيوب (ع ١٥ و١٦) ففغر فاه بالباطل وكبّر الكلام بلا معرفة ولم يصبر لأن غضب الله لم يطالب في الوقت الحاضر وحسب الظاهر لم يبال بكثرة الزلات.

وخلاصة كلام أليهو أن الله لا يظلم الناس لأنه ليس كملوك العالم الذين يظلمون رعاياهم لكي يربحوا منهم ويهتم بخلائقه المظلومين ويستجيب صلاتهم غير أنه يطلب منهم الإيمان به والصلاة بنية مخلصة والصبر في انتظار الجواب.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى