سفر أيوب

سفر أيوب | 27 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أيوب 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ

مضمونه جواب أيوب على ما قاله أليفاز في (ص ٢٢) في خطايا أيوب الفظيعة فتمسك أيوب ببره (١ – ٧) ورأى بعضهم أن الكلام من ع ٧ – ٢٣ لا يوافق كلام أيوب السابق لأن مضمونه أن الشرير لا ينجو من دينونة الله العادلة وأن بنيه للسيف وذريته لا تشبع خبزاً ولبسه وفضته تكون لغيره والأهوال تدركه ويُلقي الله عليه ولا يشفق. وكان أيوب قال سابقاً «لِمَاذَا تَحْيَا ٱلأَشْرَارُ وَيَشِيخُونَ، نَعَمْ وَيَتَجَبَّرُونَ قُوَّةً… بُيُوتُهُمْ آمِنَةٌ… يَقْضُونَ أَيَّامَهُمْ بِٱلْخَيْرِ» (٢١: ٧ و٩ و١٣) ويرون أيضاً إن الكلام في هذا الفصل (٧: ٢٣) يوافق كلام صوفر (انظر ص ٢٠) فيظنون أن الذين جمعوا سفر أيوب ورتبوه وضعوا في هذا الأصحاح خطاب صوفر الثالث. ويظن غيرهم أن الكلام هنا كله كلام أيوب واختلف كلامه هنا عن كلامه السابق لأنه في الآخر سلم أن أصحابه صدقوا في بعض أقوالهم وإنه هو تطرّف في بعض كلامه والحقيقة إن الأشرار غالباً يجازون حسب أعمالهم والذين ينجون من المجازاة هم شواذ عن القانون فلا يصح قول أصحابه إن الأشرار يجازون دائماً ولا يصح قول أيوب أنهم لا يجازون مطلقاً. في آخر (ع ١٢) التي لا أصل لها في العبراني دليلاً على أن الكلام التالي (١٣ – ٢٣) هو كلام أصحاب أيوب فذكره هنا ليجاوب عليه في (ص ٢٨).

١ – ٦ «١ وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ: ٢ حَيٌّ هُوَ ٱللّٰهُ ٱلَّذِي نَزَعَ حَقِّي وَٱلْقَدِيرُ ٱلَّذِي أَمَرَّ نَفْسِي، ٣ إِنَّهُ مَا دَامَتْ نَسَمَتِي فِيَّ وَنَفْخَةُ ٱللّٰهِ فِي أَنْفِي، ٤ لَنْ تَتَكَلَّمَ شَفَتَايَ إِثْماً وَلاَ يَلْفِظَ لِسَانِي بِغِشٍّ. ٥ حَاشَا لِي أَنْ أُبَرِّرَكُمْ! حَتَّى أُسْلِمَ ٱلرُّوحَ لاَ أَعْزِلُ كَمَالِي عَنِّي. ٦ تَمَسَّكْتُ بِبِرِّي وَلاَ أَرْخِيهِ. قَلْبِي لاَ يُعَيِّرُ يَوْماً مِنْ أَيَّامِي».

ص ١٣: ١٢ و٢٩: ١ ص ١٦: ١١ و٣٤: ٥ ص ٩: ١٨ ص ٣٢: ٨ و٣٣: ٤ ص ٦: ٢٨ و٣٣: ٣ انظر ص ٦: ٢٩ ص ٢: ٣ و١٣: ١٨

حَيٌّ هُوَ ٱللّٰهُ (ع ٢) لم يزل يتمسك باعتقاده بالله غير أنه نسب إليه الظلم لأنه نزع حقه وأمرّ نفسه.

لَنْ تَتَكَلَّمَ شَفَتَايَ (ع ٤) أشار إلى ما سيذكره أي إنه لا يبرر أصحابه في ما كانوا قالوه عليه ولا يسلم بأنه أخطأ كما ادعوا.

لاَ يُعَيِّرُ يَوْماً مِنْ أَيَّامِي (ع ٦) أي لا يوبخه ضميره على خطيئة فظيعة ارتكبها في أحد أيامه ولكنه لا يدعي العصمة.

٧ – ١٠ «٧ لِيَكُنْ عَدُوِّي كَٱلشِّرِّيرِ وَمُعَانِدِي كَفَاعِلِ ٱلشَّرِّ. ٨ لأَنَّهُ مَا هُوَ رَجَاءُ ٱلْفَاجِرِ عِنْدَمَا يَقْطَعُهُ، عِنْدَمَا يَسْلِبُ ٱللّٰهُ نَفْسَهُ؟ ٩ أَفَيَسْمَعُ ٱللّٰهُ صُرَاخَهُ إِذَا جَاءَ عَلَيْهِ ضِيقٌ؟ ١٠ أَمْ يَتَلَذَّذُ بِٱلْقَدِيرِ؟ هَلْ يَدْعُو ٱللّٰهَ فِي كُلِّ حِينٍ؟».

ص ٨: ١٣ و١١: ٢٠ ص ١٢: ١٠ ص ٣٥: ١٢ و١٣ ومزمور ١٨: ٤١ وأمثال ١: ٢٨ وإشعياء ١: ١٥ وإرميا ١٤: ١٢ وميخا ٣: ٤ أمثال ١: ٢٧ ص ٢٢: ٢٦ و٢٧ ومزمور ٣٧: ٤ وإشعياء ٥٨: ١٤

في هذه الآيات وصف نصيب الشرير وهو هائل جداً حتى لو أراد أحدهم أن يدعو أعظم دعوة على عدو له كان يقول ليكن كالشرير.

مَا هُوَ رَجَاءُ ٱلْفَاجِرِ (ع ٨) ليس له رجاء في موته وفي الضيق لا يسمع الله صراخه وتنقطع كل آماله.

أَمْ يَتَلَذَّذُ بِٱلْقَدِيرِ (ع ١٠) تأتي كل إنسان أيام ضيق أو مرض أو حزن أو خوف ولا يجد تعزية في غناه ولا في أصدقائه فيطلبها من الله ولكن من ترك الله في أيام راحته لا يجده في أيام ضيقه (انظر أمثال ١: ٢٤ – ٣٢ ولوقا ١٣: ٢٥) وأما أيوب فلم يسلم أنه كالفاجر الذي ليس له رجاء لا يسمع الله صلاته وهو لا يتلذذ بالقدير. ومصائب أيوب وإن كانت عظيمة فليست كمصائب الفاجر.

١١ – ٢٣ «١١ إِنِّي أُعَلِّمُكُمْ بِيَدِ ٱللّٰهِ. لاَ أَكْتُمُ مَا هُوَ عِنْدَ ٱلْقَدِيرِ. ١٢ هَا أَنْتُمْ كُلُّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ، فَلِمَاذَا تَتَبَطَّلُونَ تَبَطُّلاً قَائِلِينَ: ١٣ هٰذَا نَصِيبُ ٱلإِنْسَانِ ٱلشِّرِّيرِ مِنْ عِنْدِ ٱللّٰهِ، وَمِيرَاثُ ٱلْعُتَاةِ ٱلَّذِي يَنَالُونَهُ مِنَ ٱلْقَدِيرِ. ١٤ إِنْ كَثُرَ بَنُوهُ فَلِلسَّيْفِ، وَذُرِّيَّتُهُ لاَ تَشْبَعُ خُبْزاً. ١٥ بَقِيَّتُهُ تُدْفَنُ بِٱلْوَبَإِ، وَأَرَامِلُهُ لاَ تَبْكِي. ١٦ إِنْ كَنَزَ فِضَّةً كَٱلتُّرَابِ، وَأَعَدَّ مَلاَبِسَ كَٱلطِّينِ، ١٧ فَهُوَ يُعِدُّ وَٱلْبَارُّ يَلْبِسُهُ، وَٱلْبَرِيءُ يَقْسِمُ ٱلْفِضَّةَ. ١٨ يَبْنِي بَيْتَهُ كَٱلْعُثِّ أَوْ كَمِظَلَّةٍ صَنَعَهَا ٱلْحَارِسُ. ١٩ يَضْطَجِعُ غَنِيّاً وَلٰكِنَّهُ لاَ يُضَمُّ. يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَلاَ يَكُونُ. ٢٠ ٱلأَهْوَالُ تُدْرِكُهُ كَٱلْمِيَاهِ. لَيْلاً تَخْتَطِفُهُ ٱلزَّوْبَعَةُ ٢١ تَحْمِلُهُ ٱلشَّرْقِيَّةُ فَيَذْهَبُ وَتَجْرُفُهُ مِنْ مَكَانِهِ. ٢٢ يُلْقِي ٱللّٰهُ عَلَيْهِ وَلاَ يُشْفِقُ. مِنْ يَدِهِ يَهْرُبُ هَرْباً. ٢٣ يَصْفِقُونَ عَلَيْهِ بِأَيْدِيهِمْ وَيَصْفِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَانِهِ».

ع ١٣ ص ٢٠: ٢٩ ص ١٥: ٢٠ ص ١٥: ٢٢ و١٨: ١٩ ص ٢٠: ١٠ مزمور ٧٨: ٦٤ ص ٢٠: ١٨ – ٢١ ص ٨: ١٥ و١٨: ١٤ ص ٧: ٨ و٢١ و٢٠: ٧ انظر ص ١٥: ٢١ ص ٢٠: ٨ و٣٤: ٢٠ ص ٢١: ١٨ انظر ص ٧: ١٠ إرميا ١٣: ١٤ وحزقيال ٥: ١١ و٢٤: ١٤ انظر ص ١١: ٢٠ ص ١٨: ١٨ و٢٠: ٨

بِيَدِ ٱللّٰهِ أي ما يعمله الله بيده وقصد أيوب أن يعلّم أصحابه بالكلام الآتي ما هي معاملة الله.

لاَ أَكْتُمُ مَا هُوَ عِنْدَ ٱلْقَدِيرِ بنفس المعنى ولا يشير إلى قضاء الله ومقاصده السرية.

تَتَبَطَّلُونَ تَبَطُّلاً (ع ١٢) أي تتكلمون كثيراً بأباطيل.

قَائِلِينَ ما يرد بعد هذه الكلمة إلى آخر الأصحاح هو ذكر أباطيل أصحابه وفي (ص ٢٨) يرد الجواب عليها (انظر مقدمة هذا الأصحاح).

نَصِيبُ ٱلإِنْسَانِ ٱلشِّرِّيرِ (ع ١٣) من نصيب الشرير أن بنيه وإن كانوا كثيرين فللسيف أو للجوع أو للوباء. والموتان (ع ١٥) مرض يصيب المواشي. وبنو الشرير يُدفنون بالموتان أي يموتون بوباء كريه كوباء المواشي ويدفنون دفنهم فلا تُقام لهم صلاة ولا يبكيهم أحد. والجمع «أرامله» لا يثبت أنه تزوج أكثر من امرأة واحدة لأن الانتقال من الجمع إلى المفرد ومن المفرد إلى الجمع من اصطلاحات اللغة العبرانية.

فِضَّةً كَٱلتُّرَابِ (ع ١٦) إشارة إلى الكثرة وقلة القيمة (زكريا ٩: ٣) وكان الأغنياء في القديم يذخرون الملابس بالكثرة ويهدون منها هدايا كما فعل عبد إبراهيم لرفقة ويوسف لبنيامين ونعمان لأليشع.

بَيْتَهُ كَٱلْعُثِّ (ع ١٨) أو كالفليجة (الشرنقة) الخفيفة والضعيفة ومظلة الناطور وقتية (إشعياء ١: ٨).

لاَ يُضَمُّ (ع ١٩) لا يضم إلى جماعة الأفاضل وإن كان غنياً حين موته. لا يأخذ معه شيئاً ولا ينفعه غناه بعد موته (تكوين ٢٥: ٨ و٣٥: ٢٩ و٤٩: ٢٩ وتثنية ٣٢: ٥٠).

يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ يضطجع مساء وصباحاً حين اعتاد أن يفتح عينيه يكون ميتاً (٢ملوك ١٩: ٣٥).

تُدْرِكُهُ كَٱلْمِيَاهِ (ع ٢٠) الأهوال مشبهة بمياه فائضة (مزمور ١٨: ١٦ وناحوم ١: ٨) وكان أليفاز قال عن أيوب «فَيْضُ ٱلْمِيَاهِ يُغَطِّيكَ» (٢٢: ١١).

يُلْقِي ٱللّٰهُ عَلَيْهِ أي سهامه المهلكة.

يَصْفِقُونَ عَلَيْهِ (ع ٢٣) إن الشرير مطرود من الناس وليس له مجد أو راحة لا في هذا العالم ولا في الآخرة. وتصفيق الأيادي علامة الفرح بسقوط الشرير (مراثي ٢: ١٥) والصفير علامة الازدراء (إرميا ٤٩: ١٨).

إلى هنا أفكار أصحاب أيوب كما ذكرها وكما كانوا ذكروها سابقاً وخلاصتها أن جميع الأشرار يعاقبون في هذا العالم وعند موتهم.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى