سفر أيوب | 26 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
جواب أيوب لبلدد وشكره له تعزيته متهكماً وبعده كلام في عظمة الله الظاهرة في الهاوية وعلى الأرض وفي السموات.
١ – ٤ «١ فَقَالَ أَيُّوبُ: ٢ كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعاً لاَ عِزَّ لَهَا؟ ٣ كَيْفَ أَشَرْتَ عَلَى مَنْ لاَ حِكْمَةَ لَهُ، وَأَظْهَرْتَ ٱلْفَهْمَ بِكَثْرَةٍ؟ ٤ لِمَنْ أَعْلَنْتَ أَقْوَالاً، وَنَسَمَةُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْكَ؟».
ص ٦: ١١ و١٢ مزمور ٧١: ٩
رأى أيوب أنه لا يقلّ عن بلدد معرفة وأنه ليس محتاجاً إلى التعليم والإنذار وأشار إلى ضعف كلام بلدد وعجزه عن حل المشكل الذي كان أيوب وقع فيه.
كَيْفَ أَعَنْتَ (ع ٢) أي لم تُعِن وما خلّصت الخ وأظهر بلدد بكلامه أنه اعتبر أيوب كمن لا قوة له ولا عزّ ولا حكمة فتنازل ليعلّمه (١٢: ٤).
وَأَظْهَرْتَ ٱلْفَهْمَ بِكَثْرَةٍ (ع ٣) لعله أشار تهكماً إلى كلام بلدد المختصر.
نَسَمَةُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْكَ (ع ٤) أي بإلهام من تكلمت هل بإلهام الله وأشار تهكماً إلى ركاكة كلام بلدد.
ويرى بعضهم أن بقية الكلام في هذا الأصحاح يوافق كلام بلدد في (ص ٢٥) ولا يوافق كلام أيوب فيظنون أن كلام بلدد هو (ص ٢٥ و٢٦) ما عدا الأعداد (١ – ٤ في ص ٢٦) التي كان مكانها الأصلي في أول (ص ٢٧) مع غيرها من كلام أيوب. والآية الأولى من الأصحاح ٢٨ زائدة يجب تركها.
٥ – ٨ «٥ الأخيلة (اَلأَرْوَاحُ) تَرْتَعِدُ مِنْ تَحْتِ ٱلْمِيَاهِ وَسُكَّانِهَا. ٦ ٱلْهَاوِيَةُ عُرْيَانَةٌ قُدَّامَهُ وَٱلْهَلاَكُ لَيْسَ لَهُ غِطَاءٌ. ٧ يَمُدُّ ٱلشِّمَالَ عَلَى ٱلْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ ٱلأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ. ٨ يَصُرُّ ٱلْمِيَاهَ فِي سُحُبِهِ فَلاَ يَتَمَزَّقُ ٱلْغَيْمُ تَحْتَهَا».
ص ٣: ١٣ ومزمور ٨٨: ١٠ ع ٦ – ١٤ وص ٩: ٥ – ١٠ و٣٨: ١٧ و٤١: ١١ ص ٢٨: ٢٢ و٣١: ١٢ انظر ص ٩: ٨ ص ٣٧: ١١ وأمثال ٣: ٤
الأخيلة (اَلأَرْوَاحُ) الأموات (إشعياء ١٤: ٩ و٢٦: ١٤) ومسكن الأخيلة تحت مياه البحر وأبعد ما يكون في السماء مسكن الله ومع ذلك ترتعد منه الأخيلة لأن قوته ممتدة إليها.
ٱلْهَاوِيَةُ (ع ٦) (انظر ٣: ١٣ وتفسيره). والهاوية عريانة أي مكشوفة قدامه لأن الله في كل مكان ويرى كل شيء.
يَمُدُّ ٱلشِّمَالَ عَلَى ٱلْخَلاَءِ (ع ٧) الأرجح أنه أشار لا إلى شمال الأرض بل إلى شمال السموات وهو المكان الذي تجتمع فيه أجمل النجوم وهذه النجوم راكزة في السماء على الخلاء لا شيء يسندها من تحت. وكان القدماء يتصورون الفلك قبة راكزة في كرة الأرض (إشعياء ٤٠: ٢٢) والكلام هنا شعري لا علمي.
وَيُعَلِّقُ ٱلأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ أي إن الأرض ليست معلقة بالسماء. فتظهر عظمة الخالق لأن السماء من فوق لا تتعلق بشيء والأرض من تحت لا تستند على شيء. والقدماء لم يعرفوا إن الأرض والأجرام السماوية كلها كرات تدور وتسير في الخلاء بقوَّتي الجذب والدفع.
يَصُرُّ ٱلْمِيَاهَ (ع ٨) (انظر ٣٨: ٣٧) يضع الناس الماء في أزقاق وأحياناً تتمزق هذه من كثرة الماء وأما الله فيصر مياه السماء والأمطار الغزيرة في سحبه التي هي كنسيج رفيع من الحرير ومع ذلك لا تتمزّق.
٩ – ١٤ «٩ يَحْجِبُ وَجْهَ كُرْسِيِّهِ بَاسِطاً عَلَيْهِ سَحَابَهُ. ١٠ رَسَمَ حَدّاً عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ عِنْدَ ٱتِّصَالِ ٱلنُّورِ بِٱلظُّلْمَةِ. ١١ أَعْمِدَةُ ٱلسَّمَاوَاتِ تَرْتَعِدُ وَتَرْتَاعُ مِنْ زَجْرِهِ. ١٢ بِقُوَّتِهِ يُزْعِجُ ٱلْبَحْرَ وَبِفَهْمِهِ يَسْحَقُ رَهَبَ. ١٣ بِنَفْخَتِهِ ٱلسَّمَاوَاتُ مُشْرِقَةٌ، وَيَدَاهُ أَبْدَأَتَا ٱلْحَيَّةَ ٱلْهَارِبَةَ. ١٤ هَا هٰذِهِ أَطْرَافُ طُرُقِهِ، وَمَا أَخْفَضَ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ! وَأَمَّا رَعْدُ جَبَرُوتِهِ فَمَنْ يَفْهَمُ؟».
ص ٢٢: ١٤ ومزمور ٩٧: ٢ و١٠٥: ٣٩ ص ٣٨: ٨ – ١١ وأمثال ٨: ٢٩ ص ٣٨: ١٩ و٢٠ و٢٤ إشعياء ٥١: ١٥ وإرميا ٣١: ٣٥ انظر ص ١٢: ١٣ ص ٩: ١٣ ص ٩: ٨ إشعياء ٢٧: ١ ص ٤: ١٢ ص ٣٦: ٢٩ و٣٧: ٤ و٥
وَجْهَ كُرْسِيِّهِ أي خارجه وما كان يظهر للناس لو رأوه (مزمور ٩٧: ٢).
رَسَمَ حَدّاً (ع ١٠) تصوّر القدماء أن مياه البحر تحيط بالأرض كلها كدائرة وضمن الدائرة نور الشمس وخارجها ظلمة ورسم الله الحد عند اتصال النور بالظلمة.
أَعْمِدَةُ ٱلسَّمَاوَاتِ (ع ١١) الجبال العالية تصل رؤوسها إلى السماء حسب الظاهر فترتعد عند هزيم الرعود أو حدوث الزلازل وقبة الفلك راكزة على دائرة الأرض (ع ١٠) ولها أعمدة أيضاً.
يَسْحَقُ رَهَبَ (ع ١٢) (انظر ٩: ١٣ وتفسيره) أي الله بقوته يهيج البحر وبقوّته يسكنه كأنه يسحق حيواناً هائجاً.
بِنَفْخَتِهِ (ع ١٣) الريح التي تطرد الغيم فتُسفر السموات.
ٱلْحَيَّةَ ٱلْهَارِبَةَ (انظر ٣: ٨ وتفسيره) والمعنى أن كل ما تراه في الطبيعة هو من الله فالنور منه والظلمة منه ويداه أبدأتا الحيّة أي إن الكسوف والخسوف منه إشارة إلى اعتقاد القدماء إن حية كبيرة تبلع الشمس عند الكسوف أو القمر عند الخسوف. والحيّة دُعيت هاربة نظراً سرعة حركاتها.
هَا هٰذِهِ أَطْرَافُ (ع ١٤) كل ما نراه من أعمال الله كأطراف طرقه فقط وكل ما نسمعه هو كلام منخفض أو وسوسة بالنسبة إلى الرعد.
السابق |
التالي |