سفر أيوب | 22 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
في هذا الأصحاح ابتدأ الدور الثالث من الخطب. في الدور الأول كان الموضوع بالإجمال صفات الله كعدله وقدرته وحكمته وفي الدور الثاني عقاب الأشرار وفي الدور الثالث أوضح أصحاب أيوب ما كانوا ألمعوا إليه أي إن أيوب قد ارتكب خطايا فظيعة.
١ – ٥ «١ فَأَجَابَ أَلِيفَازُ ٱلتَّيْمَانِيُّ: ٢ هَلْ يَنْفَعُ ٱلإِنْسَانُ ٱللّٰهَ؟ بَلْ يَنْفَعُ نَفْسَهُ ٱلْفَطِنُ! ٣ هَلْ مِنْ مَسَرَّةٍ لِلْقَدِيرِ إِذَا تَبَرَّرْتَ، أَوْ مِنْ فَائِدَةٍ إِذَا قَوَّمْتَ طُرُقَكَ؟ ٤ هَلْ عَلَى تَقْوَاكَ يُوَبِّخُكَ أَوْ يَدْخُلُ مَعَكَ فِي ٱلْمُحَاكَمَةِ؟ ٥ أَلَيْسَ شَرُّكَ عَظِيماً وَآثَامُكَ لاَ نِهَايَةَ لَهَا!».
ص ٣٥: ٧ ولوقا ١٧: ١٠ ص ١٤: ٣ و١٩: ٢٩ ص ١١: ٦ و١٥: ٥
إن كلام أليفاز قياس منطقي. فالمقدمة الكبرى إن مشقات الإنسان منه وليست من الله لأنه الله لا يحتاج إلى شيء وأعمال الأشرار وأعمال الأتقياء على حد سوى لا تؤثر فيه (ع ٢ و٣). والمقدمة الصغرى إن مشقات الإنسان ليست من تقواه لأن الله لا يجازي الخير بالشر (ع ٤) والنتيجة إن مشقات أيوب هي من خطاياه. وفي هذا القياس خطاءان: الأول جهله محبة الله الأبوية التي من شأنها الاشتياق إلى محبة الإنسان (هوشع ٦: ٨ ولوقا ١٣: ٣٤ و١٩: ٤١) والخطأ الثاني جهله إن الأتقياء يحتملون مشقات على سبيل التأديب «لأَنَّ ٱلَّذِي يُحِبُّهُ ٱلرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ» (عبرانيين ١٢: ٥ – ١٠).
هَلْ مِنْ مَسَرَّةٍ لِلْقَدِيرِ (ع ٣) استفهام استنكاري جوابه حسب أفكار أليفاز أن القدير لا يُسر أي لا يستفيد من بر الناس كما يستفيد السيد من خدمة عبيده.
هَلْ عَلَى تَقْوَاكَ يُوَبِّخُكَ (ع ٤) والجواب إنه لا يوبخ إنساناً على تقواه بل على شره فبالنتيجة إن مشقات أيوب العظيمة تثبت القول إن خطاياه عظيمة.
٦، ٧ «٦ لأَنَّكَ ٱرْتَهَنْتَ أَخَاكَ بِلاَ سَبَبٍ، وَسَلَبْتَ ثِيَابَ ٱلْعُرَاةِ. ٧ مَاءً لَمْ تَسْقِ ٱلْعَطْشَانَ، وَعَنِ ٱلْجَوْعَانِ مَنَعْتَ خُبْزاً».
ص ٢٤: ٣ و٩ وخروج ٢٢: ٢٦ وتثنية ٢٤: ٦ وحزقيال ١٨: ١٦ ص ٣١: ١٩ و٢٠ ص ٣١: ١٦ و١٧ ص ٣١: ٣١
إن الخطايا المذكورة هي خطايا الأغنياء والأقوياء كالطمع والظلم وعدم الشفقة (خروج ٢٢: ٢٦ وتثنية ٢٤: ٤٠) والعراة هم الفقراء الذين ليس لهم ثياب كافية. انظر جواب أيوب (٣١: ١٩) «إِنْ كُنْتُ رَأَيْتُ هَالِكاً لِعَدَمِ ٱللِّبْسِ أَوْ فَقِيراً بِلاَ كِسْوَةٍ الخ» و(٣١: ١٦ و١٧) «إِنْ كُنْتُ مَنَعْتُ ٱلْمَسَاكِينَ عَنْ مُرَادِهِمْ، أَوْ أَفْنَيْتُ عَيْنَيِ ٱلأَرْمَلَةِ، أَوْ أَكَلْتُ لُقْمَتِي وَحْدِي فَمَا أَكَلَ مِنْهَا ٱلْيَتِيمُ».
٨ «أَمَّا صَاحِبُ ٱلْقُوَّةِ فَلَهُ ٱلأَرْضُ، وَٱلْمُتَرَفِّعُ ٱلْوَجْهِ سَاكِنٌ فِيهَا».
ص ١٢: ١٩ ص ٩: ٢٤ إشعياء ٣: ٣ و٩: ١٥
حسب قول أليفاز كان أيوب يحابي الغني ويظلم الفقير (يعقوب ٢: ١ – ٤) و «صاحب القوة» هو أيوب الذي قال فيه أليفاز إنه تكبّر كأن الأرض كلها له.
٩ «ٱلأَرَامِلَ أَرْسَلْتَ خَالِيَاتٍ، وَذِرَاعُ ٱلْيَتَامَى ٱنْسَحَقَتْ».
ص ٢٤: ٣ و٢١ و٢٩: ١٣ و٣١: ١٦ و١٨ انظر ص ٦: ٢٧
انظر قول أيوب (٢٩: ١٣) «بَرَكَةُ ٱلْهَالِكِ حَلَّتْ عَلَيَّ، وَجَعَلْتُ قَلْبَ ٱلأَرْمَلَةِ يُسَرُّ» وذراع اليتامى هي حقوقهم.
١٠، ١١ «١٠ لأَجْلِ ذٰلِكَ حَوَالَيْكَ فِخَاخٌ، وَيُرِيعُكَ رُعْبٌ بَغْتَةً ١١ أَوْ ظُلْمَةٌ فَلاَ تَرَى، وَفَيْضُ ٱلْمِيَاهِ يُغَطِّيكَ».
انظر ص ١٨: ٨ انظر ص ١٥: ٢١ انظر ص ٥: ١٤ ص ٣٨: ٣٤ ومزمور ٦٩: ٢ و١٢٤: ٥ ومراثي ٣: ٥٤
فَلاَ تَرَى من الظلمة الدامسة وأشار إلى مصائب أيوب الشديدة.
١٢ – ١٤ «١٢ هُوَذَا ٱللّٰهُ فِي عُلُوِّ ٱلسَّمَاوَاتِ. وَٱنْظُرْ رَأْسَ ٱلْكَوَاكِبِ مَا أَعْلاَهُ. ١٣ فَقُلْتَ: كَيْفَ يَعْلَمُ ٱللّٰهُ؟ هَلْ مِنْ وَرَاءِ ٱلضَّبَابِ يَقْضِي؟ ١٤ ٱلسَّحَابُ سِتْرٌ لَهُ فَلاَ يُرَى، وَعَلَى دَائِرَةِ ٱلسَّمَاوَاتِ يَتَمَشَّى».
ص ١١: ٧ – ٩ مزمور ١٠: ١١ و٥٩: ٧ و٦٤: ٥ و٩٤: ٧ وإشعياء ٢٩: ١٥ وحزقيال ٨: ١٢ ص ٢٦: ٩
زعم أليفاز إن أيوب قال في قلبه إن الله في علو السموات عند رأس الكواكب فلا يلاحظ ولا يهتم بما يحدث على الأرض فتشدد في شروره (مزمور ٩٤: ٦ و٧) «يَقْتُلُونَ ٱلأَرْمَلَةَ وَٱلْغَرِيبَ وَيُمِيتُونَ ٱلْيَتِيمَ. وَيَقُولُونَ: ٱلرَّبُّ لاَ يُبْصِرُ» (وإشعياء ٢٩: ١٥ وحزقيال ٨: ١٢).
١٥، ١٦ «١٥ هَلْ تَحْفَظُ طَرِيقَ ٱلْقِدَمِ ٱلَّذِي دَاسَهُ رِجَالُ ٱلإِثْمِ، ١٦ ٱلَّذِينَ قُبِضَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ٱلْوَقْتِ؟ ٱلْغَمْرُ ٱنْصَبَّ عَلَى أَسَاسِهِمِ».
ص ٣٤: ٣٦ ص ١٥: ٣٢ و٢١: ١٣ و١٨ ص ١٤: ١٩ ومزمور ٩٠: ٥ وإشعياء ٢٨: ٢ ومتّى ٧: ٢٦ و٢٧
أشار إلى طوفان نوح وسأل أيوب هل تحفظ طريق القِدم أي هل تسلك كما سلك الأشرار قبل الطوفان فهلكوا.
قُبِضَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ٱلْوَقْتِ (ع ١٦) أي ماتوا فجأة وليس من موت طبيعي.
أَسَاسِهِمِ الأرض التي وقفوا عليها والتي ظنوها ثابتة إلى الأبد ويظن بعضهم أن الإشارة إلى انقلاب سدوم وعمورة.
١٧، ١٨ «١٧ ٱلْقَائِلِينَ لِلّٰهِ: ٱبْعُدْ عَنَّا. وَمَاذَا يَفْعَلُ ٱلْقَدِيرُ لَهُمْ. ١٨ وَهُوَ قَدْ مَلأَ بُيُوتَهُمْ خَيْراً. لِتَبْعُدْ عَنِّي مَشُورَةُ ٱلأَشْرَارِ».
ص ٢١: ١٤ و١٥ ص ١٢: ٦ ص ٢١: ١٦
كان القدماء عادمي الشكر فرفض أليفاز مشورتهم كل الرفض (انظر ٢١: ١٤ – ١٦).
١٩، ٢٠ «١٩ ٱلأَبْرَارُ يَنْظُرُونَ وَيَفْرَحُونَ، وَٱلْبَرِيءُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ قَائِلِينَ: ٢٠ أَلَمْ يُبَدْ مُقَاوِمُونَا، وَبَقِيَّتُهُمْ قَدْ أَكَلَتْهَا ٱلنَّارُ؟».
مزمور ٥٢: ٦ و٥٨: ١٠ و١٠٧: ٤٢ انظر ص ١٥: ٣٠
ٱلأَبْرَارُ يَنْظُرُونَ وَيَفْرَحُونَ بملاشاة كل تعليم فاسد وكل عواطف شريرة وكل مقاومة للحق ولكننا نطلب خلاص الأشرار ونحزن على هلاكهم (حزقيال ١٨: ٢٣ و٣٢ و٢بطرس ٣: ٩).
قَدْ أَكَلَتْهَا ٱلنَّارُ أشار إلى انقلاب سدوم ومدن الدائرة وإلى ما أصاب (أيوب ١: ١٦).
٢١ «تَعَرَّفْ بِهِ وَٱسْلَمْ. بِذَلِكَ يَأْتِيكَ خَيْرٌ».
مزمور ٣٤: ١٠
حرّض أليفاز أيوب على التوبة والرجوع إلى الله ليكون له سلام وخير. فكانت خاتمة خطاب أليفاز فصيحة ومؤثرة وأظهر بها صداقته الحقيقية لأيوب وإن كان بعض كلامه السابق قاسياً وغير صحيح.
٢٢ «ٱقْبَلِ ٱلشَّرِيعَةَ مِنْ فَمِهِ، وَضَعْ كَلاَمَهُ فِي قَلْبِكَ».
ص ٦: ١٠ و٢٣: ١٢ وأمثال ٢: ٦
ٱلشَّرِيعَةَ هي كل ما يخرج من فم الله (تثنية ٨: ٣ ومزمور ١٣٨: ٤ وأمثال ٢: ٦) ولا تشير إلى ناموس موسى ولا ترد الكلمة في سفر أيوب إلا هنا. (انظر جواب أيوب (٢٣: ١١ و١٢) «بِخَطَوَاتِهِ ٱسْتَمْسَكَتْ رِجْلِي. حَفِظْتُ طَرِيقَهُ وَلَمْ أَحِدْ».
٢٣ «إِنْ رَجَعْتَ إِلَى ٱلْقَدِيرِ تُبْنَى. إِنْ أَبْعَدْتَ ظُلْماً مِنْ خَيْمَتِكَ».
ص ٨: ٥ و١١: ١٣ وإشعياء ١٩: ٢٢ و٣١: ٦ وزكريا ١: ٣ ص ١١: ١٤
تُبْنَى أي ترجع إلى حالتك الأولى.
٢٤ – ٢٦ «٢٤ وَأَلْقَيْتَ ٱلتِّبْرَ عَلَى ٱلتُّرَابِ وَذَهَبَ أُوفِيرَ بَيْنَ حَصَا ٱلأَوْدِيَةِ. ٢٥ يَكُونُ ٱلْقَدِيرُ تِبْرَكَ وَفِضَّةَ أَتْعَابٍ لَكَ. ٢٦ لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِٱلْقَدِيرِ وَتَرْفَعُ إِلَى ٱللّٰهِ وَجْهَكَ».
ص ٣١: ٢٤ و٢٥ ص ٢٧: ١٠ ومزمور ٣٧: ٤ وإشعياء ٥٨: ١٤
وَأَلْقَيْتَ ٱلتِّبْرَ الخ أي وزعت مالك وتركت الاتكال عليه وحسبته كلا شيء عندك. والتبر الذهب غير المضروب وأوفير في بلاد العرب على الأرجح وذهبها أحسن ما يكون (انظر متّى ٦: ٢٠ و١٩: ٢١).
يَكُونُ ٱلْقَدِيرُ تِبْرَكَ (ع ٢٥) (انظر مزمور ١٦: ١١) «أَمَامَكَ شَبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى ٱلأَبَدِ» (ومزمور ٧٣: ٢٥) «مَنْ لِي فِي ٱلسَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئاً فِي ٱلأَرْضِ».
٢٧، ٢٨ «٢٧ تُصَلِّي لَهُ فَيَسْتَمِعُ لَكَ وَنُذُورُكَ تُوفِيهَا. ٢٨ وَتَجْزِمُ أَمْراً فَيُثَبَّتُ لَكَ، وَعَلَى طُرُقِكَ يُضِيءُ نُورٌ».
ص ١١: ١٣ و٣٣: ٢٦ وإشعياء ٥٨: ٩ ص ٣٤: ٢٨ ص ١١: ١٧ ومزمور ١١٢: ٤
تُوفِيهَا لأن الله يكون قد أعطاه مطلوبه.
٢٩، ٣٠ «٢٩ إِذَا وُضِعُوا تَقُولُ: رَفْعٌ. وَيُخَلِّصُ ٱلْمُنْخَفِضَ ٱلْعَيْنَيْنِ. ٣٠ يُنَجِّي غَيْرَ ٱلْبَرِيءِ وَيُنْجَى بِطَهَارَةِ يَدَيْكَ».
ص ٥: ١١ و٣٦: ٧ ومتّى ٢٣: ١٢ ويعقوب ٤: ٦ و١بطرس ٥: ٥ ص ٤٢: ٧ و٨ ومزمور ١٨: ٢٠ و٢٤: ٣ و٤
إِذَا وُضِعُوا اي إذا سقطوا بمصائب يرفعهم أيوب. والمنخفض العينين هو الحزين والبائس حتى غير البريء يخلص بصلاة أيوب التي يقدمها لأجله بقلب نقي ويدين طاهرتين (أعمال ٢٧: ٢٤ ويعقوب ٥: ١٦ و١يوحنا ٥: ١٦). وبالآخر صلى أيوب من أجل أصحابه الثلاثة (٤٢: ٧ – ٩).
السابق |
التالي |