سفر أيوب | 14 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
تكملة خطاب أيوب
١ – ٦ «١ اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ ٱلْمَرْأَةِ قَلِيلُ ٱلأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَباً. ٢ يَخْرُجُ كَٱلزَّهْرِ ثُمَّ يَذْوِي، وَيَبْرَحُ كَٱلظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ. ٣ فَعَلَى مِثْلِ هٰذَا حَدَّقْتَ عَيْنَيْكَ، وَإِيَّايَ أَحْضَرْتَ إِلَى ٱلْمُحَاكَمَةِ مَعَكَ. ٤ مَنْ يُخْرِجُ ٱلطَّاهِرَ مِنَ ٱلنَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! ٥ إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ، ٦ فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحَ، إِلَى أَنْ يُسَرَّ كَٱلأَجِيرِ بِٱنْتِهَاءِ يَوْمِهِ».
انظر ص ٥: ٧ مزمور ٩٠: ٥ و٦ و١٠٣: ١٥ وإشعياء ٤٠: ٦ و٧ ص ٨: ٩ مزمور ٨: ٤ و١٤٤: ٣ ص ١٥: ١٤ و٢٥: ٤ ص ٢١: ٢١ انظر ص ٧: ١٩
مَوْلُودُ ٱلْمَرْأَةِ (تكوين ٣: ١٦) «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً» فبالنتيجة يكون أولادها ضعفاء وكثيري الأتعاب.
حَدَّقْتَ عَيْنَيْكَ (ع ٣) ليجد فيه ذنباً وإن كان صغيراً فيقاصّه ولا يليق بالقدير أن يُحضر إلى المحاكمة إنساناً ضعيفاً.
مَنْ يُخْرِجُ ٱلطَّاهِرَ مِنَ ٱلنَّجِسِ (ع ٤) الجنس كله نجس ولا يمكن أن يخرج طاهر منه فليس من العدل أن الله يطلب منه الكمال.
كَٱلأَجِيرِ (ع ٦) إن حياة الإنسان قصيرة كيوم واحد ومتعبة كيوم أجير وليس فيها إلا قليل من السرور وأكثر سرور الأجير في انتهاء يومه فيطلب أيوب من الله أن يقصر عن الإنسان ولا يمنعه عن هذا السرور القليل.
٧ – ١٢ «٧ لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً. إِنْ قُطِعَتْ تُخْلِفْ أَيْضاً وَلاَ تُعْدَمُ أَغْصَانُهَا. ٨ وَلَوْ قَدُمَ فِي ٱلأَرْضِ أَصْلُهَا وَمَاتَ فِي ٱلتُّرَابِ جِذْعُهَا، ٩ فَمِنْ رَائِحَةِ ٱلْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعاً كَٱلْغَرْسِ. ١٠ أَمَّا ٱلرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. ٱلإِنْسَانُ يُسْلِمُ ٱلرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ! ١١ قَدْ تَنْفَدُ ٱلْمِيَاهُ مِنَ ٱلْبَحْرِ، وَٱلنَّهْرُ يَنْشَفُ وَيَجِفُّ، ١٢ وَٱلإِنْسَانُ يَضْطَجِعُ وَلاَ يَقُومُ. لاَ يَسْتَيْقِظُونَ حَتَّى لاَ تَبْقَى ٱلسَّمَاوَاتُ وَلاَ يَنْتَبِهُونَ مِنْ نَوْمِهِمْ».
ع ١٠ – ١٥ وانظر ص ٣: ١٣ ص ١٣: ١٩ إشعياء ١٩: ٥ ص ٣: ١٣
ٱلْبَحْرِ (ع ١١) مجموع ماء فصل الشتاء لأجل سقي الأرض أو البهائم في فصل الصيف فيقلّ هذا الماء رويداً رويداً حتى ينفذ تماماً وهكذا حياة الإنسان.
حَتَّى لاَ تَبْقَى ٱلسَّمَاوَاتُ (ع ١٢) أي لا يستيقظون أبداً.
١٣ – ١٧ «١٣ لَيْتَكَ تُوارِينِي فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَتُخْفِينِي إِلَى أَنْ يَنْصَرِفَ غَضَبُكَ، وَتُعَيِّنُ لِي أَجَلاً فَتَذْكُرَنِي. ١٤ إِنْ مَاتَ رَجُلٌ أَفَيَحْيَا؟ كُلَّ أَيَّامِ جِهَادِي أَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بَدَلِي. ١٥ تَدْعُو فَأَنَا أُجِيبُكَ. تَشْتَاقُ إِلَى عَمَلِ يَدِكَ. ١٦ أَمَّا ٱلآنَ فَتُحْصِي خُطُوَاتِي! أَلاَ تُحَافِظُ عَلَى خَطِيَّتِي. ١٧ مَعْصِيَتِي مَخْتُومٌ عَلَيْهَا فِي صُرَّةٍ، وَتُلَفِّقُ عَلَيَّ فَوْقَ إِثْمِي».
انظر ص ٣: ١٣ إشعياء ٢٦: ٢٠ انظر ص ١٠: ٣ ص ٣١: ٤ و٣٤: ٢١ ص ١٠: ٦ تثنية ٣٢: ٣٢ – ٣٤
إِلَى أَنْ يَنْصَرِفَ غَضَبُكَ حسب اعتقاد العبرانيين لا يتلاشى الإنسان عند الموت بل تنزل نفسه إلى الهاوية ولكن بقاؤها هذا ليس حياة حقيقية لأن ليس لها شركة مع الأحياء على الأرض ولا مع الله (إشعياء ٣٨: ١٨) ولكن من طبيعة الإنسان أن يشتاق إلى البقاء وإلى الله وتصوّر أيوب رجوع الله إليه بعد انصراف غضبه فيذكره الله إذ ذاك ويدعوه فيجيبه ويشتاق إلى عمل يديه كما يشتاق الإنسان إلى خالقه وذلك من تصورات أيوب ولكنه بعدما تأمل رأى ان هذا أمر مستحيل فقال «إن مات رجل أفيحيا» (ع ١٤) ولكن بالآخر غلب إيمانه على شكوكه وقال «أما أنا فقط علمت إن وليي حي» (١٩: ٢٥ – ٢٧).
إننا نرى في بعض المزامير (١٦: ١٠ و٤٩: ١٥ و٧٣: ٢٤) وفي (إشعياء ٢٦: ١٩) إن الأتقياء كانوا يرجون أن شركتهم مع الله لا تنقطع عند الموت وأما أيوب فظن أن شركته مع الله مقطوعة لأنه اعتبر مصائبه كعلامة غضب الله عليه بعدما كان مضى عليه زمان في الهاوية وبناء على هذا الرجاء قال «اصبر إلى أن يأتي بدلي» (ع ١٤) أي حتى تُبدل حالته الحاضرة بما هو أحسن منها فينتهي جهاده كما تنتهي نوب الحارس عندما يأتي بدله.
تُلَفِّقُ عَلَيَّ (ع ١٧) شبّه نفسه بصرّة وإثمه الدراهم فيها والله ختم على الصرّة ولفقها أيضاً أي إنه حاسبه على كل شيء ولم يترك شيئاً من مطاليبه.
١٨ – ٢٢ «١٨ إِنَّ ٱلْجَبَلَ ٱلسَّاقِطَ يَنْتَثِرُ، وَٱلصَّخْرَ يُزَحْزَحُ مِنْ مَكَانِهِ. ١٩ ٱلْحِجَارَةُ تَبْلِيهَا ٱلْمِيَاهُ، وَتَجْرُفُ سُيُولُهَا تُرَابَ ٱلأَرْضِ. وَكَذٰلِكَ أَنْتَ تُبِيدُ رَجَاءَ ٱلإِنْسَانِ. ٢٠ تَتَجَبَّرُ عَلَيْهِ أَبَداً فَيَذْهَبُ. تغيّر (تُشَوِّهُ) وَجْهَهُ وَتَطْرُدُهُ. ٢١ يُكْرَمُ بَنُوهُ وَلاَ يَعْلَمُ، أَوْ يَصْغِرُونَ وَلاَ يَفْهَمُ بِهِمْ. ٢٢ إِنَّمَا عَلَى ذَاتِهِ يَتَوَجَّعُ لَحْمُهُ وَعَلَى ذَاتِهَا تَنُوحُ نَفْسُهُ».
انظر ص ٧: ٦ ص ٤: ٢٠ و٢٠: ٧
الجبال والصخور أثبت ما يكون في الكون ومع ذلك تبليها المياه بفعلها الدائم على زمان طويل فكم بالحري الإنسان يبلى بضربات الله المتواصلة. واللفظة ينتثر يغلب استعمالها لأوراق الأشجار والمعنى هنا أن الجبل ينحل ويسقط ترابه كسقوط الأوراق من الأشجار. وسقوط الجبل يختلف عن سقوط الأوراق بما أنه لا يقوم أيضاً وكذلك الإنسان فليس له رجاء. إن بعض المخلوقات كالأشجار تفرخ إذا قُطعت وبهذا يلمح على حياة للإنسان بعد الموت وبالحجارة التي تبليها المياه يلمح إلى عدم الحياة بعد الموت وإثبات الحياة بعد الموت لا يمكن إلا بإعلان الله في الكتاب المقدس.
تَتَجَبَّرُ عَلَيْهِ أَبَداً (ع ٢٠) لا يمكن الإنسان أن يقاوم حكم الله عليه بالموت.
تغيّر (تُشَوِّهُ) وَجْهَهُ إشارة إلى تغيّر وجه الإنسان حين المرض والموت.
يُكْرَمُ بَنُوهُ (جامعة ٩: ٥ و٦) بكرامة الأولاد نوع من الخلود للوالدين ولكن ليس في ذلك تعزية للإنسان لأن الميت لا يعلم ما يحدث للأحياء وهم لا يعلمون ما يحدث له فيتوجع هو على ذاته وينوح. ومضمون هذا القول (١) إن الجسد في القبر يشعر بأوجاع الفساد (إشعياء ٦٦: ٢٤) والنفس تشعر بالوحدة (٢) إن الجسد وإن كان في القبر فهو لا يزال متحداً مع النفس والنفس هي الإنسان ذاته فلا يقال إن الجسد النفس هي الإنسان ذاته فلا يقال أن الجسد وحده في القبر بل الإنسان ذاته في القبر. وذلك حسب أفكار القدماء. ونرى أن القدماء لقلة معرفتهم بالمسيح كانوا عرضة للقنوط واليأس والتردد في أمر خلاصهم.
السابق |
التالي |