سفر أيوب

سفر أيوب | 12 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أيوب 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ

الأصحاحات ١٢ – ١٤ تتضمن جواب أيوب لصوفر. وقد أثر كلام صوفر في أيوب تأثيراً شديداً وأغضبه لما فيه من سوء الفهم وعدم المعرفة في ما لله وكان صوفر ادعى الفضل وسمو المعرفة حاسباً أن مصائب أيوب جعلته مذنباً محتاجاً إلى التوبيخ والإنذار فقال أيوب تهكماً «صَحِيحٌ إِنَّكُمْ أَنْتُمْ شَعْبٌ وَمَعَكُمْ تَمُوتُ ٱلْحِكْمَةُ» (١٢: ٢) و «لَيْتَكُمْ تَصْمُتُونَ صَمْتاً. يَكُونُ ذٰلِكَ لَكُمْ حِكْمَةً» و «خُطَبُكُمْ أَمْثَالُ رَمَادٍ، وَحُصُونُكُمْ حُصُونٌ مِنْ طِينٍ» (١٣: ١٢).

ولكلام أيوب ثلاثة أقسام (١) رفضه ادعاء أصحابه الفضل من جهة المعرفة في أحكام الله (ص ١٢) (٢) رفع دعواه إلى الله (ص ١٣) (٣) اليأس لأن الله لم يستجب له وفي يأسه لمحة نور إذ قال «تَدْعُو فَأَنَا أُجِيبُكَ. تَشْتَاقُ إِلَى عَمَلِ يَدِكَ» (١٤: ١٥).

١ – ٦ «١ فَقَالَ أَيُّوبُ: ٢ صَحِيحٌ إِنَّكُمْ أَنْتُمْ شَعْبٌ وَمَعَكُمْ تَمُوتُ ٱلْحِكْمَةُ! ٣ غَيْرَ أَنَّهُ لِي فَهْمٌ مِثْلَكُمْ. لَسْتُ أَنَا دُونَكُمْ. وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِثْلُ هٰذِهِ؟ ٤ رَجُلاً أُضْحُوكَةٌ لِصَاحِبِهِ صِرْتُ. دَعَا ٱللّٰهَ فَٱسْتَجَابَهُ. أُضْحُوكَةٌ هُوَ ٱلصِّدِّيقُ ٱلْكَامِلُ. ٥ لِلْمُبْتَلِي هَوَانٌ فِي أَفْكَارِ ٱلْمُطْمَئِنِّ، مُهَيَّأٌ لِمَنْ زَلَّتْ قَدَمُهُ. ٦ خِيَامُ ٱلْمُخَرِّبِينَ مُسْتَرِيحَةٌ، وَٱلَّذِينَ يُغِيظُونَ ٱللّٰهَ مُطْمَئِنُّونَ، ٱلَّذِينَ يَأْتُونَ بِإِلٰهِهِمْ فِي يَدِهِمْ!».

ع ٢ و٣ وص ١٦: ١ و٢ و١٧: ١٠ ص ١٣: ٢ ص ١٧: ٦ و٣٠: ١ و٩ و١٠ و٣٤: ٧ انظر ص ٦: ٢٩ ص ٩: ٢٤ و٢١: ٩ ص ٢٤: ٢٣ ص ٢٢: ١٨

أَنْتُمْ شَعْبٌ تهكّم أيوب على أصحابه لأنهم تكلموا كأن كلامهم معروف ومصدق عند جميع الناس وتكلموا بالنيابة عن الشعب.

مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِثْلُ هٰذِهِ (ع ٣) أشار إلى كلام صوفر في (١١: ٧ – ١٢) «أإلى عمق الله تتصل الخ» أي إن كلامه كله صحيح ولكن كله معروف ومفهوم عند أيوب وعند جميع الناس.

دَعَا ٱللّٰهَ فَٱسْتَجَابَهُ (ع ٤) أيوب هو الذي كان دعا الله فاستجابه وهو الصدّيق الكامل الذي صار سخرة لأصحابه فإنهم بكلامهم الركيك وإنذارهم جعلوه رجلاً عادم المعرفة وبلا اعتبار.

لِلْمُبْتَلِي هَوَانٌ (ع ٥) رأى أيوب أن النجاح هو المقياس الوحيد يُقاس الناس عليه فالهوان للمبتلي وإن كان باراً والاطمئنان للمخربين والذين يغيظون الله. ورأى أيوب بذلك مناقضة أي إن الله يقي الذي يغيظونه.

إِلٰهِهِمْ فِي يَدِهِمْ (ع ٦) اتكالهم على يدهم القوية أو على ما بيدهم كسيف أو آلة (حبقوق ١: ١١ و١٦).

٧ – ١٢ «٧ فَٱسْأَلِ ٱلْبَهَائِمَ فَتُعَلِّمَكَ وَطُيُورَ ٱلسَّمَاءِ فَتُخْبِرَكَ. ٨ أَوْ كَلِّمِ ٱلأَرْضَ فَتُعَلِّمَكَ وَيُحَدِّثَكَ سَمَكُ ٱلْبَحْرِ. ٩ مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنْ كُلِّ هٰؤُلاَءِ أَنَّ يَدَ ٱلرَّبِّ صَنَعَتْ هٰذَا! ١٠ ٱلَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ ٱلْبَشَرِ. ١١ أَفَلَيْسَتِ ٱلأُذُنُ تَمْتَحِنُ ٱلأَقْوَالَ كَمَا أَنَّ ٱلْحَنَكَ يَسْتَطْعِمُ طَعَامَهُ؟ ١٢ عِنْدَ ٱلشَّيْبِ حِكْمَةٌ، وَطُولُ ٱلأَيَّامِ فَهْمٌ».

إشعياء ٤١: ٢٠ أعمال ١٧: ٢٨ ص ٢٧: ٣ و٣٣: ٤ ص ٣٤: ٣ ص ١٥: ١٠ و٣٢: ٧

بعد كلامه في معاملة الله للناس وتفوّق الأقوياء على الضعفاء ذكر أن معاملة الله لخلائقه غير الناطقة كمعاملته للناس لأن في يده نفس كل حي ومنه كل ما يجري من الخير والشر ومن الحياة والموت والبنيان والخراب وافتراس الأقوياء للضعفاء والطغيان والقيظ الخ.

يَدَ ٱلرَّبِّ (ع ٩) لم يأت الاسم «الرب» في سفر أيوب إلا هنا وفي (٢٨: ٢٨) ولذلك يظن بعضهم أن أحد الكتّاب أو النساخ قد أدخله سهواً.

بعد ما ذكر ما يتعلمه الناس بالنظر إلى الخليقة ذكر ما يتعلمونه بواسطة الأذن من أقوال الحكماء (ع ١١ و١٢) وما نتعلمه بالأذن أوسع مما نتعلمه بالنظر لأن اختبار كثيرين في أجيال كثيرة أوسع من اختبار واحد فقط. وكما أن للإنسان حنكاً يميّز به الطعام المفيد هكذا له ذوق أو فهم في الأمور الأدبية والروحية ليميّز الحق عن البطل.

١٣ – ٢٥ «١٣ عِنْدَهُ ٱلْحِكْمَةُ وَٱلْقُدْرَةُ. لَهُ ٱلْمَشُورَةُ وَٱلْفِطْنَةُ. ١٤ هُوَذَا يَهْدِمُ فَلاَ يُبْنَى. يُغْلِقُ عَلَى إِنْسَانٍ فَلاَ يُفْتَحُ. ١٥ يَمْنَعُ ٱلْمِيَاهَ فَتَيْبَسُ. يُطْلِقُهَا فَتَقْلِبُ ٱلأَرْضَ. ١٦ عِنْدَهُ ٱلْعِزُّ وَٱلْفَهْمُ. لَهُ ٱلْمُضِلُّ وَٱلْمُضَلُّ. ١٧ يَذْهَبُ بِٱلْمُشِيرِينَ أَسْرَى وَيُحَمِّقُ ٱلْقُضَاةَ. ١٨ يَحُلُّ مَنَاطِقَ ٱلْمُلُوكِ وَيَشُدُّ أَحْقَاءَهُمْ بِوِثَاقٍ. ١٩ يَذْهَبُ بِٱلْكَهَنَةِ أَسْرَى وَيَقْلِبُ ٱلأَقْوِيَاءَ. ٢٠ يَقْطَعُ كَلاَمَ ٱلأُمَنَاءِ وَيَنْزِعُ ذَوْقَ ٱلشُّيُوخِ. ٢١ يُلْقِي هَوَاناً عَلَى ٱلشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ ٱلأَشِدَّاءِ. ٢٢ يَكْشِفُ ٱلْعَمَائِقَ مِنَ ٱلظَّلاَمِ، وَيُخْرِجُ ظِلَّ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلنُّورِ. ٢٣ يُكَثِّرُ ٱلأُمَمَ ثُمَّ يُبِيدُهَا. يُوَسِّعُ لِلأُمَمِ ثُمَّ يُشَتِّتُها. ٢٤ يَنْزِعُ عُقُولَ رُؤَسَاءِ شَعْبِ ٱلأَرْضِ وَيُضِلُّهُمْ فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيقٍ. ٢٥ يَتَلَمَّسُونَ فِي ٱلظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ ٱلسَّكْرَانِ».

انظر ص ٩: ٤ انظر ص ٩: ٤ ص ١١: ٦ و٢٦: ١٢ و٣٢: ٨ و٣٦: ٥ و٣٨: ٣٦ ص ١٩: ١٠ وإشعياء ٢٥: ٢ ص ٣٧: ٧ تثنية ١١: ١٧ و١ملوك ٨: ٣٥ و١٧: ١ تكوين ٧: ١١ – ٢٤ ص ١٣: ٧ و٩ ص ٣: ١٤ ص ١٩: ٩ ص ٩: ٢٤ مزمور ١١٦: ١٦ ص ٢١: ٧ و٢٢: ٨ و٢٤: ٢٢ و٣٤: ٢٤ – ٢٨ و٣٥: ٩ ص ١٧: ٤ و٣٢: ٩ ص ٣٤: ١٩ ومزمور ١٠٧: ٤٠ ع ١٨ دانيال ٢: ٢٢ و١كورنثوس ٤: ٥ إشعياء ٩: ٣ و٢٦: ١٥ ع ٢٠ انظر ص ٥: ١٤ إشعياء ٢٤: ٢٠

عِنْدَهُ ٱلْحِكْمَةُ أي عند الله. قال «طول الأيام فهم» (ع ١٢) فكم بالحري الله الذي ليس له بداءة ولا نهاية.

يَهْدِمُ (ع ١٤) المدن المحصنة.

يُغْلِقُ عَلَى إِنْسَانٍ في السجن (إرميا ٢٢: ٢٤ – ٣٠).

يَمْنَعُ ٱلْمِيَاهَ (ع ١٥) المطر كما في أيام إيليا (١ملوك ١٧: ١).

ٱلْمُضِلُّ (ع ١٦) هو الحاكم الظالم والمضل هو المظلوم والناس يميزون الواحد عن الآخر فيخافون الواحد ويحتقرون الآخر ولكن كلاهما بيد الله (أمثال ٢٢: ٢).

مَنَاطِقَ ٱلْمُلُوكِ (ع ١٨) المنطقة المشدودة علامة القوة. والله يحل مناطق الملوك أي ينزع قوتهم ويشد أحقاءهم بوثاق أي وثاق السجن أو العبودية.

كان للكهنة في القديم (ع ١٩) اعتبار كما للملوك كملكي صادق ويثرون وعالي ويهوياداع.

يَنْزِعُ ذَوْقَ ٱلشُّيُوخِ (ع ٢٠) كأخيتوفل (٢صموئيل ١٥: ٣١).

يَكْشِفُ ٱلْعَمَائِقَ (ع ٢٢) أفكار الناس ومقاصدهم السرّية (إشعياء ٢٩: ١٥) والعمائق أيضاً أمور الله الفائقة عقول الناس (رومية ١٦: ٢٥ – ٢٧).

ثُمَّ يُشَتِّتُها (يُجليها) (ع ٢٣) يوسع للأمم تخومهم ثم يجليها أي يضيّقها فيعمل بهم كما يشاء. ويظهر من كلام أيوب معرفته الواسعة بتاريخ العالم.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى