سفر أستير | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أستير
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
١ – ٨ «١ وَلَمَّا عَلِمَ مُرْدَخَايُ كُلَّ مَا عُمِلَ، شَقَّ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ مِسْحاً بِرَمَادٍ وَخَرَجَ إِلَى وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ وَصَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً مُرَّةً ٢ وَجَاءَ إِلَى قُدَّامِ بَابِ ٱلْمَلِكِ، لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ بَابَ ٱلْمَلِكِ وَهُوَ لاَبِسٌ مِسْحاً. ٣ وَفِي كُلِّ كُورَةٍ حَيْثُمَا وَصَلَ إِلَيْهَا أَمْرُ ٱلْمَلِكِ وَسُنَّتُهُ كَانَتْ مَنَاحَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ ٱلْيَهُودِ، وَصَوْمٌ وَبُكَاءٌ وَنَحِيبٌ. وَٱنْفَرَشَ مِسْحٌ وَرَمَادٌ لِكَثِيرِينَ. ٤ فَدَخَلَتْ جَوَارِي أَسْتِيرَ وَخِصْيَانُهَا وَأَخْبَرُوهَا، فَٱغْتَمَّتِ ٱلْمَلِكَةُ جِدّاً وَأَرْسَلَتْ ثِيَاباً لإِلْبَاسِ مُرْدَخَايَ وَلأَجْلِ نَزْعِ مِسْحِهِ عَنْهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ. ٥ فَدَعَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ، وَاحِداً مِنْ خِصْيَانِ ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِي أَوْقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ لِتَعْلَمَ مَاذَا وَلِمَاذَا. ٦ فَخَرَجَ هَتَاخُ إِلَى مُرْدَخَايَ إِلَى سَاحَةِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي أَمَامَ بَابِ ٱلْمَلِكِ، ٧ فَأَخْبَرَهُ مُرْدَخَايُ بِكُلِّ مَا أَصَابَهُ، وَعَنْ مَبْلَغِ ٱلْفِضَّةِ ٱلَّذِي وَعَدَ هَامَانُ بِوَزْنِهِ لِخَزَائِنِ ٱلْمَلِكِ عَنِ ٱلْيَهُودِ لإِبَادَتِهِمْ، ٨ وَأَعْطَاهُ صُورَةَ كِتَابَةِ ٱلأَمْرِ ٱلَّذِي أُعْطِيَ فِي شُوشَنَ لإِهْلاَكِهِمْ لِيُرِيَهَا لأَسْتِيرَ وَيُخْبِرَهَا وَيُوصِيَهَا أَنْ تَدْخُلَ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَتَطْلُبَ مِنْهُ لأَجْلِ شَعْبِهَا».
ص ٣: ٨ – ١٠ و٢صموئيل ١: ١١ ويونان ٣: ٥ و٦ ع ١٦ ص ٣: ٩ ص ٣: ١٤
لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ وَهُوَ لاَبِسٌ مِسْحاً (ع ٢) لم يهتم الملك بشيء إلا براحة نفسه وأراد لو أمكن أن لا يعرف الصراخ والمناحة والبكاء الجارية في مملكته فلم يسمح لأحد ولو كانت امرأته المحبوبة أن يدخل إلى الدار الداخلية إن لم يُدعَ لئلا يسمع أو يرى ما يزعجه. ولم تدخل أستير إلى الملك منذ ثلاثين يوماً وكذلك نساء الملك الكثيرات.
٩ – ١٧ «٩ فَأَتَى هَتَاخُ وَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ بِكَلاَمِ مُرْدَخَايَ. ١٠ فَكَلَّمَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ: ١١ إِنَّ كُلَّ عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ وَشُعُوبِ بِلاَدِ ٱلْمَلِكِ يَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ دَخَلَ أَوِ ٱمْرَأَةٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ إِلَى ٱلدَّارِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ وَلَمْ يُدْعَ، فَشَرِيعَتُهُ وَاحِدَةٌ أَنْ يُقْتَلَ، إِلاَّ ٱلَّذِي يَمُدُّ لَهُ ٱلْمَلِكُ قَضِيبَ ٱلذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَحْيَا. وَأَنَا لَمْ أُدْعَ لأَدْخُلَ إِلَى ٱلْمَلِكِ هٰذِهِ ٱلثَّلاَثِينَ يَوْماً. ١٢ فَأَخْبَرُوا مُرْدَخَايَ بِكَلاَمِ أَسْتِيرَ. ١٣ فَقَالَ مُرْدَخَايُ أَنْ تُجَاوَبَ أَسْتِيرُ: لاَ تَفْتَكِرِي فِي نَفْسِكِ أَنَّكِ تَنْجِينَ فِي بَيْتِ ٱلْمَلِكِ دُونَ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ. ١٤ لأَنَّكِ إِنْ سَكَتِّ سُكُوتاً فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ يَكُونُ ٱلْفَرَجُ وَٱلنَّجَاةُ لِلْيَهُودِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، وَأَمَّا أَنْتِ وَبَيْتُ أَبِيكِ فَتَبِيدُونَ. وَمَنْ يَعْلَمُ إِنْ كُنْتِ لِوَقْتٍ مِثْلِ هٰذَا وَصَلْتِ إِلَى ٱلْمُلْكِ! ١٥ فَقَالَتْ أَسْتِيرُ أَنْ يُجَاوَبَ مُرْدَخَايُ: ١٦ ٱذْهَبِ ٱجْمَعْ جَمِيعَ ٱلْيَهُودِ ٱلْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَاراً. وَأَنَا أَيْضاً وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذٰلِكَ. وَهٰكَذَا أَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَلِكِ خِلاَفَ ٱلسُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ هَلَكْتُ. ١٧ فَٱنْصَرَفَ مُرْدَخَايُ وَعَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَتْهُ بِهِ أَسْتِيرُ».
ص ٥: ١ و٦: ٤ دانيال ٢: ٩ ص ٥: ٢ و٨: ٤ ص ٥: ١
يَكُونُ ٱلْفَرَجُ وَٱلنَّجَاةُ لِلْيَهُودِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ الخ (ع ١٤) وإن كان هذا السفر لا يذكر اسم الله نستنتج من قول مردخاي أنه اعتقد بعناية الله الخصوصية بشعبه فلا يتركهم وعنده وسائل لنجاتهم لا يعرفها الناس.
وَأَنْتِ وَبَيْتُ أَبِيكِ فَتَبِيدُونَ من وجد حياته يضيعها (متّى ١٠: ٣٩) ولو خلّصت أستير حياتها بسكوتها لأضاعت حياتها الروحية وهي الحياة الحقيقية.
لِوَقْتٍ مِثْلِ هٰذَا وَصَلْتِ إِلَى ٱلْمُلْكِ يشير هذا القول إلى إيمان مردخاي بتدبير الله فإن الله هو الذي أعطى أستير النعمة والجمال وقصد بذلك خلاص شعبه بواسطتها. وكل مواهب الله كالغنى والعلوم والرتب العالمية والسلطة تستلزم مسؤولية وهي ليست لأصحابها وحدهم.
صُومُوا مِنْ جِهَتِي (ع ١٦) ولا شك في أنهم صلّوا وهم صائمون وكانت صلاتهم بنفس واحدة هي وجواريها وجميع اليهود المقيمين في مدينة شوشن.
فَإِذَا هَلَكْتُ هَلَكْتُ ترى (١) مقاصدها السامية فإنها لم تهتم كثيراً بالزينة الجسدية والإكرام ولا خدمة من عبيدها والراحة والسرور بل طلبت خدمة لشعبها ومجد إلهها (٢) محبتها لشعبها اليهود وكان عندها خلاصهم أهمّ من خلاص نفسها. وهي لم تعرف الله كما نعرفه بالمسيح ولكن كان فيها الروح الذي كان في الرسل الذين تركوا كل شيء وتبعوا يسوع.
السابق |
التالي |