سفر نحميا

سفر نحميا | 05 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر نحميا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ

١ – ٥ «١ وَكَانَ صُرَاخُ ٱلشَّعْبِ وَنِسَائِهِمْ عَظِيماً عَلَى إِخْوَتِهِمِ ٱلْيَهُودِ. ٢ وَكَانَ مَنْ يَقُولُ: نَحْنُ وَبَنُونَا وَبَنَاتُنَا كَثِيرُونَ. دَعْنَا نَأْخُذْ قَمْحاً فَنَأْكُلَ وَنَحْيَا! ٣ وَكَانَ مَنْ يَقُولُ: حُقُولُنَا وَكُرُومُنَا وَبُيُوتُنَا نَحْنُ رَاهِنُوهَا حَتَّى نَأْخُذَ قَمْحاً فِي ٱلْجُوعِ! ٤ وَكَانَ مَنْ يَقُولُ: قَدِ ٱسْتَقْرَضْنَا فِضَّةً لِخَرَاجِ ٱلْمَلِكِ عَلَى حُقُولِنَا وَكُرُومِنَا. ٥ وَٱلآنَ لَحْمُنَا كَلَحْمِ إِخْوَتِنَا وَبَنُونَا كَبَنِيهِمْ، وَهَا نَحْنُ نُخْضِعُ بَنِينَا وَبَنَاتِنَا عَبِيداً، وَيُوجَدُ مِنْ بَنَاتِنَا مُسْتَعْبَدَاتٌ، وَلَيْسَ شَيْءٌ فِي طَاقَةِ يَدِنَا، وَحُقُولُنَا وَكُرُومُنَا لِلآخَرِينَ».

لاويين ٢٥: ٣٥ وتثنية ١٥: ٧ وعزرا ٤: ١٣ و٧: ٢٤ تكوين ٣٧: ٢٧ لاويين ٢٥: ٣٩

وَكَانَ صُرَاخُ من قلة الأمان في الخارج وكثرة العمل في ترميم الأسوار. أُهملت أعمالهم الاعتيادية كالعمل في الأرض والتجارة فافتقروا واضطروا إلى الاستقراض. و «الشعب» هم الكثيرون المتضايقون و «إخوتهم اليهود» هم الدائنون لهم بالفائدة وكونهم إخوة أي من ملتهم مما زاد خطيئة طمعهم.

دَعْنَا نَأْخُذْ قَمْحاً (ع ٢) يئسوا لأنهم بلا طعام لأنفسهم ولبنيهم ولبناتهم وكانوا قد رهنوا حقولهم وكرومهم وبيوتهم ورأوا أن الدائنين وهم إخوتهم اغتنوا بفقرهم بلا شفقة. ولعل في قولهم تهديداً أي إن لم يعطوهم يأخذوا غصباً.

خَرَاجِ ٱلْمَلِكِ (ع ٤) كانت الضرائب ثقيلة عليهم وهم في الضيق. وكان ملتزمو الضرائب يعاملونهم بالظلم والقساوة.

لَحْمُنَا كَلَحْمِ إِخْوَتِنَا (ع ٥) كانوا هم والدائنون يهوداً من ملة واحدة فلا يليق بالدائنين أن يستعبدوا بنيهم وبناتهم. وكانت العبودية جائزة حسب شريعة موسى غير أن الشريعة كانت تلطف حالة العبيد قدر الإمكان (خروج ٢١: ٢ – ٦ ولاويين ٢٥: ٣٩ – ٤١). والشكوى هنا أن الدائنين اضطروهم إلى بيع حقولهم وكرومهم وبيوتهم حتى أولادهم أيضاً مما يدل على طمعهم وقساوتهم المفرطة. ولم يذكروا شريعة اليوبيل (لاويين ٢٥: ٨ – ١٧ و٣٩ و٤٠) إما لأنه لم يأت اليوبيل إلا بعد سنين كثيرة أو لأنه لم يمارَس حسب الشريعة.

٦ – ١٣ «٦ فَغَضِبْتُ جِدّاً حِينَ سَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ وَهٰذَا ٱلْكَلاَمَ. ٧ فَشَاوَرْتُ قَلْبِي فِيَّ، وَبَكَّتُّ ٱلْعُظَمَاءَ وَٱلْوُلاَةَ وَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تَأْخُذُونَ ٱلرِّبَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَخِيهِ. وَأَقَمْتُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً عَظِيمَةً. ٨ وَقُلْتُ لَهُمْ: نَحْنُ ٱشْتَرَيْنَا إِخْوَتَنَا ٱلْيَهُودَ ٱلَّذِينَ بِيعُوا لِلأُمَمِ حَسَبَ طَاقَتِنَا. وَأَنْتُمْ أَيْضاً تَبِيعُونَ إِخْوَتَكُمْ فَيُبَاعُونَ لَنَا. فَسَكَتُوا وَلَمْ يَجِدُوا جَوَاباً. ٩ وَقُلْتُ: لَيْسَ حَسَناً ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي تَعْمَلُونَهُ. أَمَا تَسِيرُونَ بِخَوْفِ إِلٰهِنَا بِسَبَبِ تَعْيِيرِ ٱلأُمَمِ أَعْدَائِنَا! ١٠ وَأَنَا أَيْضاً وَإِخْوَتِي وَغِلْمَانِي أَقْرَضْنَاهُمْ فِضَّةً وَقَمْحاً. فَلْنَتْرُكْ هٰذَا ٱلرِّبَا. ١١ رُدُّوا لَهُمْ هٰذَا ٱلْيَوْمَ حُقُولَهُمْ وَكُرُومَهُمْ وَزَيْتُونَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَٱلْجُزْءَ مِنْ مِئَةِ ٱلْفِضَّةِ وَٱلْقَمْحِ وَٱلْخَمْرِ وَٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي تَأْخُذُونَهُ مِنْهُمْ رِباً. ١٢ فَقَالُوا: نَرُدُّ وَلاَ نَطْلُبُ مِنْهُمْ. هٰكَذَا نَفْعَلُ كَمَا تَقُولُ. فَدَعَوْتُ ٱلْكَهَنَةَ وَٱسْتَحْلَفْتُهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. ١٣ ثُمَّ نَفَضْتُ حِجْرِي وَقُلْتُ: هٰكَذَا يَنْفُضُ ٱللّٰهُ كُلَّ إِنْسَانٍ لاَ يُقِيمُ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ مِنْ بَيْتِهِ وَمِنْ تَعَبِهِ، وَهٰكَذَا يَكُونُ مَنْفُوضاً وَفَارِغاً. فَقَالَ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ: آمِينَ! وَسَبَّحُوا ٱلرَّبَّ. وَعَمِلَ ٱلشَّعْبُ حَسَبَ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ».

خروج ٢٢: ١٥ ولاويين ٢٥: ٣٦ لاويين ٢٥: ٤٨ ص ٤: ٤ و٢أيام ٢٨: ١٥ ص ١٠: ٣١ عزرا ١: ٥ أعمال ١٨: ٦ ص ٨: ٦

فَغَضِبْتُ جِدّاً (انظر مزمور ١١٩: ٥٣) «ٱلْحَمِيَّةُ أَخَذَتْنِي بِسَبَبِ ٱلأَشْرَارِ تَارِكِي شَرِيعَتِكَ».

ٱلرِّبَا (ع ٧) التزموا أن يقترضوا بسبب الضيق فكان يجب على الغني أن يرحم أخاه اليهودي ويعطيه بلا رباً مع أنه يجوز أن يقرض الأجنبي برباً (تثنية ٢٣: ١٩ و٢٠). وفي أيامنا يجب أن نرحم الفقير ونقرضه بلا رباً أو نهب له هبة وأما التاجر الذي يقترض مالاً ليتاجر به والشركات التجارية كالسكك الحديدية والمعامل وغيرها فيجوز لنا أن نأخذ منها الربا (متّى ٢٥: ٢٧).

جَمَاعَةً عَظِيمَةً لا جماعة الأغنياء والعظماء فقط بل جماعة الشعب لأن الظالمين لا يطلبون الإصلاح بل المظلومون.

نَحْنُ ٱشْتَرَيْنَا إِخْوَتَنَا (ع ٨) ربما أشار إلى ما كانوا قد عملوه في مكان السبي أي أنه افتدوا إخوتهم من العبودية. وأما الدائنون فاستعبدوا إخوتهم وباعوهم وذلك في المدينة المقدسة.

تَسِيرُونَ بِخَوْفِ إِلٰهِنَا (ع ٩) (تثنية ١٠: ١٢ وأعمال ٩: ٣١).

وَأَنَا أَيْضاً وَإِخْوَتِي وَغِلْمَانِ (ع ١٠) ربما لم يكن نحميا نفسه الذي أقرضهم بل غلمانه الذين كان هو مسؤولاً عنهم. واعترف بهذه الخطيئة وجعل نفسه كأحد الدائنين ليسهل عليهم أن يسيروا معه في طريق الإصلاح.

وَٱلْجُزْءَ مِنْ مِئَةِ (ع ١١) الظاهر أن الفائدة كانت جزءاً من مئة كل شهر أو ١٢ بالمئة عن سنة.

فَقَالُوا نَرُدُّ (ع ١٢) أي يردُّون الحقول والكروم والبيوت التي كانوا ارتهنوها منهم وفي المستقبل لا يطلبون فائدة المال. ولا نفهم أنهم ردُّوا الفائدة التي كانوا قد أخذوها في الماضي.

فَدَعَوْتُ ٱلْكَهَنَةَ ليسمعوا ما يقوله الدائنون الذين استحلفهم نحميا بحضور الكهنة.

نَفَضْتُ حِجْرِي (ع ١٣) كان الثوب مشدود بالزنار وفوق الزنار أي في الحضن مكان توضع فيه الأشياء «كجيبة» (٢ملوك ٤: ٣٩ وأمثال ١٧: ٢٣ وحجي ٢: ١٢) ولما نفض نحميا حجره أخرج منه كل ما كان فيه ورماه كأنه بلا قيمة مطلقاً ومعناه الرمزي أن الله ينقض أي يرفض كل من لا يعمل بموجب كلامه فيكون محروماً عند جماعة إسرائيل.

وَسَبَّحُوا ٱلرَّبَّ لأنهم خلصوا من ضيقهم وخلصوا أيضاً من الانشقاق.

١٤ – ١٩ «١٤ وَأَيْضاً مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي أُوصِيتُ فِيهِ أَنْ أَكُونَ وَالِيَهُمْ فِي أَرْضِ يَهُوذَا، مِنَ ٱلسَّنَةِ ٱلْعِشْرِينَ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ وَٱلثَّلاَثِينَ لأَرْتَحْشَسْتَا ٱلْمَلِكِ، ٱثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، لَمْ آكُلْ أَنَا وَلاَ إِخْوَتِي خُبْزَ ٱلْوَالِي. ١٥ وَلٰكِنِ ٱلْوُلاَةُ ٱلأَوَّلُونَ ٱلَّذِينَ قَبْلِي ثَقَّلُوا عَلَى ٱلشَّعْبِ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ خُبْزاً وَخَمْراً، فَضْلاً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاقِلاً مِنَ ٱلْفِضَّةِ حَتَّى إِنَّ غِلْمَانَهُمْ تَسَلَّطُوا عَلَى ٱلشَّعْبِ. وَأَمَّا أَنَا فَلَمْ أَفْعَلْ هٰكَذَا مِنْ أَجْلِ خَوْفِ ٱللّٰهِ. ١٦ وَتَمَسَّكْتُ أَيْضاً بِشُغْلِ هٰذَا ٱلسُّورِ. وَلَمْ أَشْتَرِ حَقْلاً. وَكَانَ جَمِيعُ غِلْمَانِي مُجْتَمِعِينَ هُنَاكَ عَلَى ٱلْعَمَلِ. ١٧ وَكَانَ عَلَى مَائِدَتِي مِنَ ٱلْيَهُودِ وَٱلْوُلاَةِ مِئَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلاً، فَضْلاً عَنِ ٱلآتِينَ إِلَيْنَا مِنَ ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ حَوْلَنَا. ١٨ وَكَانَ مَا يُعْمَلُ لِيَوْمٍ وَاحِدٍ ثَوْراً وَسِتَّةَ خِرَافٍ مُخْتَارَةٍ. وَكَانَ يُعْمَلُ لِي طُيُورٌ، وَفِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ كُلُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْخَمْرِ بِكَثْرَةٍ. وَمَعَ هٰذَا لَمْ أَطْلُبْ خُبْزَ ٱلْوَالِي لأَنَّ ٱلْعُبُودِيَّةَ كَانَتْ ثَقِيلَةً عَلَى هٰذَا ٱلشَّعْبِ. ١٩ ٱذْكُرْ لِي يَا إِلٰهِي لِلْخَيْرِ كُلَّ مَا عَمِلْتُ لِهٰذَا ٱلشَّعْبِ».

ص ١: ١ ص ١٣: ٦ عزرا ٤: ١٣ و١٤ ع ٩ و١ملوك ١٨: ١٩ و١ملوك ٤: ٢٢ و٢٣ و٢تسالونيكي ٣: ٨ ص ١٣: ١٤ و٢٢ و٣١

خُبْزَ ٱلْوَالِي كناية عن كل ما كان على الشعب أن يقدموه للوالي.

فَضْلاً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاقِلاً (ع ١٥) قيمتها نحو خمس ليرات إنكليزية والظاهر أن ذلك هو المطلوب من الشعب كل يوم نقداً.

غِلْمَانَهُمْ تَسَلَّطُوا بلا نظام وبلا رحمة ويعلم سادتهم وأما نحميا فقام بنفقاته ولم يثقل على الشعب وكان كريماً وأضاف كثيرين (ع ١٧ و١٨) وفضلاً عن ذلك تمسك هو وغلمانه بشغل السور (ع ١٦).

وَلَمْ أَشْتَرِ حَقْلاً كان له فرصة أن يشتري حقولاً وكروماً وبيوتاً بالرخص ولكنه فضّل بالأحرى أن ينفق ماله على المتضايقين.

ٱلْيَهُودِ وَٱلْوُلاَةِ (ع ١٧) اليهود الذين أتوا من بابل ليسكنوا في أورشليم والولاة كانوا يهوداً أو أجانب.

ٱلْخَمْرِ بِكَثْرَةٍ (ع ١٨) ليس المعنى أنهم شربوا الخمر كل عشرة أيام مرة بل إنه أتاه مؤونة من الخمر كل عشرة أيام مرة.

ٱذْكُرْ لِي يَا إِلٰهِي (ع ١٩) قال يسوع (لوقا ١٧: ١٠) «مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا». وقال أيضاً في (متّى ١٠: ٤٢ و٢٥: ٤٠) إنه ينظر إلى أعمالنا الحسنة أيضاً وليس إلى السيئات فقط (انظر ١كورنثوس ١٥: ٥٨).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى