سفر نحميا

سفر نحميا | 01 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر نحميا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

١ – ٤ «١ كَلاَمُ نَحَمْيَا بْنِ حَكَلْيَا: حَدَثَ فِي شَهْرِ كِسْلُو فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْعِشْرِينَ بَيْنَمَا كُنْتُ فِي شُوشَنَ ٱلْقَصْرِ ٢ أَنَّهُ جَاءَ حَنَانِي، وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِي، هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ يَهُوذَا، فَسَأَلْتُهُمْ عَنِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ نَجَوْا، ٱلَّذِينَ بَقُوا مِنَ ٱلسَّبْيِ، وَعَنْ أُورُشَلِيمَ. ٣ فَقَالُوا لِي: إِنَّ ٱلْبَاقِينَ ٱلَّذِينَ بَقُوا مِنَ ٱلسَّبْيِ هُنَاكَ فِي ٱلْبِلاَدِ هُمْ فِي شَرٍّ عَظِيمٍ وَعَارٍ. وَسُورُ أُورُشَلِيمَ مُنْهَدِمٌ وَأَبْوَابُهَا مَحْرُوقَةٌ بِٱلنَّارِ. ٤ فَلَمَّا سَمِعْتُ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّاماً، وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إِلٰهِ ٱلسَّمَاءِ»

ص ١٠: ١ زكريا ٧: ١ ص ٢: ١ أستير ١: ٢ ودانيال ٨: ٢ ص ٧: ٢ ص ٧: ٦ ص ٢: ١٧ ص ٢: ١٧ ص ٢: ٣ عزرا ٩: ٣ و١٠: ١ ص ٢: ٤

كَلاَمُ نَحَمْيَا إن ما يأتي هو بصيغة المتكلم «كنت في شوشن الخ» فيلزم القارئ أن يعرف أولاً من هو المتكلم. وبعضهم يترجمون العبارة العبرانية «تاريخ نحميا» أي التاريخ الذي كتبه نحميا أو «أعمال نحميا» لأن أكثر السفر هو تاريخ أعماله.

حَكَلْيَا بذكر أبيه يتميز نحميا عن غيره بنفس الاسم (عزرا ٢: ٢ ونحميا ٣: ١٦) ولا نعرف من أي سبط هو ويُظن أنه من سبط لاوي لأن أخاه حناني مذكور مع البوابين والمغنيين واللاويين (٧: ١).

كِسْلُو الشهر التاسع (عزرا ١٠: ٩) يوافق شهر كانون الأول.

ٱلسَّنَةِ ٱلْعِشْرِينَ لملك أرتحشستا. وفي ٢: ١ ذكر شهر نيسان من السنة العشرين. وأما نيسان فهو الشهر الأول من السنة الجديدة فيجب أن تكون المذكورة في ٢: ١ السنة الحادية والعشرين. وبعضهم يظنون أن الكاتب لم يقصد الضبط. وآخرون يفرضون سنة أولها شهر تسري أي تشرين الأول. وآخرون يحسبون السنة من الشهر الذي جلس الملك فيه على العرش.

شُوشَنَ اسم قصبة مملكة فارس موقعها إلى الشرق من بابل وعلى بعد نحو مئتي ميل منها. كان الملوك يشتون فيها ويصطافون في أكبتانا في الجبال وكان شوشن القصر في المدينة شوشن (أستير ٣: ١٥) بناه داريوس وسكنه ابنه أحشويروش وأولم فيه الوليمة الموصوفة في (أستير ١: ٣ – ٨) واحترق القصر وجدده أرتحشستا بجمال ومجد أعظم مما كان عليه سابقاً (اطلب شوشن في قاموس الكتاب).

حَنَانِي (ع ٢) ربما كان أخاه الحقيقي أو أحد أنسبائه.

رِجَالٌ مِنْ يَهُوذَا أي رجال كانوا قد أتوا حديثاً من اليهودية.

ٱلَّذِينَ بَقُوا مِنَ ٱلسَّبْيِ (ع ٣) نسل المسبيين في أيام نوخذ ناصر وكانوا في شر عظيم لأن الأسوار قد انهدمت وأهل البلاد يحتقرونهم.

جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ (ع ٤) كان خراب أورشليم وهدم أسوارها قبل زمان نحميا بنحو ١٤٢ سنة وكان ذلك كله معروفاً عنده فلم يحتج إلى أحد ليخبره به فنستنتج أن الخبر الذي سمعه كان عن حادثة جديدة. والمظنون أن عزرا ابتدأ في بناء الأسوار ولم يقدر أن يكملها لسبب مقاومة أهل البلاد (عزرا ٤: ٧ – ٢٢) وهذا هو الخبر الذي سمعه نحميا فجلس وبكى.

٥ – ١١ «٥ وَقُلْتُ: أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلسَّمَاءِ، ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْمَخُوفُ، ٱلْحَافِظُ ٱلْعَهْدَ وَٱلرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ ٦ لِتَكُنْ أُذُنُكَ مُصْغِيَةً وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِكَ ٱلَّذِي يُصَلِّي إِلَيْكَ ٱلآنَ نَهَاراً وَلَيْلاً لأَجْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ، وَيَعْتَرِفُ بِخَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي أَخْطَأْنَا بِهَا إِلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا. ٧ لَقَدْ أَفْسَدْنَا أَمَامَكَ، وَلَمْ نَحْفَظِ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَمَرْتَ بِهَا مُوسَى عَبْدَكَ. ٨ ٱذْكُرِ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي أَمَرْتَ بِهِ مُوسَى عَبْدَكَ قَائِلاً: إِنْ خُنْتُمْ فَإِنِّي أُفَرِّقُكُمْ فِي ٱلشُّعُوبِ، ٩ وَإِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيَّ وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمُوهَا إِنْ كَانَ ٱلْمَنْفِيُّونَ مِنْكُمْ فِي أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ أَجْمَعُهُمْ وَآتِي بِهِمْ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُ لإِسْكَانِ ٱسْمِي فِيهِ. ١٠ فَهُمْ عَبِيدُكَ وَشَعْبُكَ ٱلَّذِي ٱفْتَدَيْتَ بِقُوَّتِكَ ٱلْعَظِيمَةِ وَيَدِكَ ٱلشَّدِيدَةِ. ١١ يَا سَيِّدُ، لِتَكُنْ أُذُنُكَ مُصْغِيَةً إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَصَلاَةِ عَبِيدِكَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ مَخَافَةَ ٱسْمِكَ. وَأَعْطِ ٱلنَّجَاحَ ٱلْيَوْمَ لِعَبْدِكَ وَٱمْنَحْهُ رَحْمَةً أَمَامَ هٰذَا ٱلرَّجُلِ. لأَنِّي كُنْتُ سَاقِياً لِلْمَلِكِ».

ص ٤: ١٤ و٩: ٣٢ دانيال ٩: ١٧ عزرا ١٠: ١ ودانيال ٩: ٢٠ و٢أيام ٢٩: ٦ دانيال ٩: ٥ تثنية ٢٨: ١٤ لاويين ٢٦: ٣٣ تثنية ٣٠: ٢ و٣ تثنية ٣٠: ٤ تثنية ١٢: ٥ خروج ٣٢: ١١ وتثنية ٩: ٢٩ ع ٦ ص ٢: ١ وتكوين ٤٠: ٢١

إِلٰهُ ٱلسَّمَاءِ (ع ٥ و٢: ٤ و٢٠) لم يقل إله إبراهيم ولا إله الهيكل في أورشليم بل إله السماء الذي يُسجد له بالروح والحق في كل مكان وهو إله الأرض كلها وكل الشعوب.

ٱلإِلٰهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْمَخُوفُ (ع ٥) (تثنية ٧: ٢١ و١٠: ١٧) ظهرت عظمة الله في تأديب شعبه ورأى نحميا يده في كل ما أصابهم. وأما رجاؤه فكان برحمة الله وأمانته والعهد هو العهد مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب (خروج ٣٢: ١٣) والمشار إليه في (ع ٨ و٩).

لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ تظهر المحبة بحفظ الوصايا. انظر قول يسوع «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَٱحْفَظُوا وَصَايَايَ» (يوحنا ١٤: ١٥).

وَعَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ لِتَسْمَعَ صَلاَةَ عَبْدِكَ الصلاة تُسمع بالأذن وليست بالعينين ولكننا لا نفهم هذه العبارات حرفياً (١ملوك ٨: ٢٥).

بَنِي إِسْرَائِيلَ عَبِيدِكَ كانوا قد أخطأوا ومع ذلك لا يزالون عبيد الرب (لاويين ٢٥: ٥٥ إشعياء ٦٣: ١٧ ورومية ٢: ١١).

أَنَا وَبَيْتُ أَبِي قَدْ أَخْطَأْنَا (ع ٦) كان نحميا رجلاً تقياً وثابتاً بإيمانه واتكاله على الله وحافظاً الناموس وإن كان في بلاد وثنية محاطاً بتجارب ديوان الملك. ولكنه حسب نفسه واحداً من الشعب وشعر بخطاياه السرية القلبية وعدم كماله في حفظ الناموس.

مُوسَى عَبْدَكَ (ع ٧) لقب خصوصي لموسى يرد كثيراً في سفر يشوع وغيره. (انظر أيضاً عبرانيين ٣: ٢ – ٥ ورؤيا ١٥: ٣).

وما أتى في ع ٨ و٩ لا نجده حرفياً في أسفار موسى بل نجد معناه. فتفريقهم في الشعوب مذكور في تثنية ٤: ٢ والوعد بالرجوع في لاويين ٢٦: ٤٠ – ٤٢ وتثنية ٣٠: ٤ و٥ والكلام في تثنية ٣٠: ١ – ٥ أقرب ما يكون لما أتى هنا.

فَمِنْ هُنَاكَ أَجْمَعُهُمْ (ع ٩) كما يفتش الراعي عن الخراف الضالة (انظر حزقيال ٣٤: ١١ – ١٦).

وَآتِي بِهِمْ إِلَى ٱلْمَكَانِ أي إلى أورشليم والهيكل (١ملوك ٨: ٢٩).

فَهُمْ عَبِيدُكَ (ع ١٠) ذكر أولاً عظمة الله ورحمته ثم اعترف بخطايا الشعب وذكر المواعيد بالغفران للذين يتوبون. وهنا يقول أن بني السبي الموجودين في أورشليم هم شعب الله ونسل الذين فداهم قديماً لما أخرجهم من مصر وهو هنا يطلب إنجاز المواعيد. وطلبته الخصوصية التي طلبها لنفسه هي منح الرحمة أمام الملك فأظهر ثقته بأن الرب يهتم بهذا الأمر وإنه يقدر أن يميل قلب الملك إليه وكان أرتحشستا هذا هو الملك الذي أوقف بناء الأسوار (عزرا ٤: ١١ – ٢٢) وكان كغيره من ملوك فارس ملكاً مطلقاً يقدر أن يقتل ويستحيي كما يريد وبلا شريعة كما يظهر من نبإ أبيه أحشويروش في سفر أستير (٣: ١٣ و٧: ٩ و٨: ١١).

سَاقِياً لِلْمَلِكِ متوظفاً شريفاً في بيت الملك يُركن له لأن الخمر من المحتمل مزجها بالسم. وبما أنه وقف أمام الملك كثيراً وفي وقت السرور كان له فرصة للتكلم مع الملك وأحياناً كان خدام الملك كالسقاة وغيرهم يفصّلون سياسة المملكة.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى