سفر عزرا

سفر عزرا | 01 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر عزرا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

١ – ٤ «١ وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ عِنْدَ تَمَامِ كَلاَمِ ٱلرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، نَبَّهَ ٱلرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَبِالْكِتَابَةِ أَيْضاً قَائِلاً: ٢ هٰكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ: جَمِيعُ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ دَفَعَهَا لِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلسَّمَاءِ، وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتاً فِي أُورُشَلِيمَ ٱلَّتِي فِي يَهُوذَا. ٣ مَنْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ شَعْبِهِ لِيَكُنْ إِلٰهُهُ مَعَهُ وَيَصْعَدْ إِلَى أُورُشَلِيمَ ٱلَّتِي فِي يَهُوذَا فَيَبْنِيَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ. هُوَ ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. ٤ وَكُلُّ مَنْ بَقِيَ فِي أَحَدِ ٱلأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ فَلْيُنْجِدْهُ أَهْلُ مَكَانِهِ بِفِضَّةٍ وَبِذَهَبٍ وَبِأَمْتِعَةٍ وَبِبَهَائِمَ مَعَ ٱلتَّبَرُّعِ لِبَيْتِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ».

٢أيام ٣٦: ٢٢ ص ٥: ١٣ إشعياء ٤٤: ٢٦ و٤٥: ١ و١٢ و١٣ دانيال ٦: ٢٦

إن فاتحة هذا السفر تطابق خاتمة سفري أخبار الأيام (٢أيام ٣٦: ٢٢ و٢٣) وفي ترتيب الأسفار في التوراة العبرانية سفرا أخبار الأيام آخر الأسفار وانضم سفرا عزرا ونحميا إلى الأسفار القانونية قبل أخبار الأيام مع أن موضوعهما يأتي بعد موضوع أخبار الأيام استحسن أن ينقل من عزرا هذه الأبيات الافتتاحية التي فيها يذكر إتمام مواعيد الله الصالحة ويختم سفريه بها فلا يكون آخر كلامه في الخراب والعقاب. وبما أنه كان قد ذكر أن مدة السبي هي سبعون سنة (٢أيام ٣٦: ٢١) كان موافقاً أن يذكر أيضاً نهايتها.

ٱلسَّنَةِ ٱلأُولَى أي السنة الأولى من ملكه في بابل فإنه ملك في مملكة عيلام عشرين سنة وفي مملكة فارس وعيلام معاً عشر سنين قبلما ملك في بابل.

كُورَشَ وُلد في عيلام نحو السنة ٥٩٠ ق.م. وملك في عيلام نحو السنة ٥٥٨ وفتح مادي السنة ٥٤٩ وفتح فارس السنة ٥٤٨ ولوداً السنة ٥٤٠ وبابل السنة ٥٣٨ ومات السنة ٥٢٩ وتلقّب بملك فارس لأن فارس كانت أهم أجزاء مملكته وكان من أفضل الملوك القدماء في كرم أخلاقه كما في اقتداره في الحرب.

كَلاَمِ ٱلرَّبِّ (انظر إرميا ٢٩: ١٠) «عِنْدَ تَمَامِ سَبْعِينَ سَنَةً لِبَابِلَ أَتَعَهَّدُكُمْ وَأُقِيمُ لَكُمْ كَلاَمِي ٱلصَّالِحَ بِرَدِّكُمْ إِلَى هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ» ويظهر أن نداء كورش كان في نهاية السبعين سنة ولكن تاريخ بداءة السبي ليس معروفاً تماماً فيقول بعضهم إن معنى السبعين سنة زمان غير محدود يكون طويلاً ويكون قصيراً. لاحظ كثرة ورود العدد «سبعون» في الكتاب (تكوين ٤٦: ٢٧ وقضاة ٩: ٢ و١٢: ١٤ و٢صموئيل ٢٤: ١٥ و٢ملوك ١٠: ١ الخ) وكذلك الأعداد سبعة وعشرة واثنا عشر وأربعون (اطلب «عدد» في قاموس الكتاب). ويقول غيرهم إن القول يشير إلى سبعين سنة تماماً لا أكثر ولا أقل ويحسبون من نبوءة إرميا (إرميا ٢٥: ١) التي كانت في السنة الرابعة ليهوياقيم أي ٦٠٦ ق.م. إلى السنة ٥٣٦ وهي السنة التي فيها ابتدأ كورش يملك بنفسه لأن داريوس المادي (دانيال ٥: ٣١) ناب عنه من السنة ٥٣٨ إلى السنة ٥٣٦ كما يُظن.

نَبَّهَ ٱلرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ لم يكن كورش من القائلين بإله واحد ويُعرف من الكتابات البابلية إنه كان يحترم آلهة بابل وخدمها ككاهن ودعا نفسه وابنه بعابدي نبو ومردوخ. وكان من سياسته احترام آلهة الممالك التي تسلط عليها رغبة في إرضائهم وإرضاء عبادتهم أيضاً فنستنتج من هذه العبارة إن الرب يستخدم أناساً وإن كانوا من غير المؤمنين. ولكورش هذا الفضل إنه أطاع الرب في هذا الأمر. ولعله اجتمع ببعض اليهود الأتقياء كدانيال وعرف منهم النبوءة برجوع اليهود عن يده (إشعياء ٤٤: ٢٨ و٤٥: ١ – ٤). ويُعلم من الكتابات إن نابونيدوس ملك بابل السابق أغضب الشعوب الذين تسلط عليهم بنقله إلى بابل آلهتهم فأرضى كورش بردّه لهم آلهتهم وبما أن اليهود لم تكن لهم أصنام سمح لهم بإرجاع آنية الهيكل المقدسة.

وَبِالْكِتَابَةِ أي نداء قانونياً والكتابة محفوظة في سجل الحكومة.

دَفَعَهَا لِي ٱلرَّبُّ (ع ٢) لا نستنتج أن كورش كان عابداً للرب الإله الواحد بل إنه أكرم إله اليهود ومجّده.

أَوْصَانِي إما أنه شعر بنفسه بقوة دافعة نسبها إلى إله اليهود أو إنه سمع كلاماً من أنبياء الرب.

مَنْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ شَعْبِهِ (ع ٣) هذا استفهام. وبعضهم يترجمون «فمن منكم من كل شعبه ليكن إلهه مع» الخ.

فَيَبْنِيَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ كانت غاية كورش الأولى بناء البيت. وقوله «منكم» موجّه إلى جميع سكان مملكته. وقوله «شعبه» يشير إلى أهل يهوذا وأورشليم وليس للمسبيين من المملكة الشمالية في زمان ملك أشور نحو السنة ٧٢١ ق.م. مع أنه من المحتمل أن بعض أفراد المملكة الشمالية بقوا إلى زمان كورش ورجعوا مع أهل يهوذا.

ٱلَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ (في نهاية ع ٣) أي البيت الذي في أورشليم.

فَلْيُنْجِدْهُ أَهْلُ مَكَانِهِ (ع ٤) إما اختباراً أو إجباراً لأن كل كلمة من الملك كوصية. ولا شك في أن الإسرائيليين كانوا محبوبين عند بعض البابليين.

مَعَ ٱلتَّبَرُّعِ (انظر ٨: ٢٥) أي المذكور سابقاً من الفضة والذهب الخ وفوق ذلك مهما أرادوا أن يقدموه.

٥، ٦ «٥ فَقَامَ رُؤُوسُ آبَاءِ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ، وَٱلْكَهَنَةُ وَٱللاَّوِيُّونَ، مَعَ كُلِّ مَنْ نَبَّهَ ٱللّٰهُ رُوحَهُ، لِيَصْعَدُوا لِيَبْنُوا بَيْتَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. ٦ وَكُلُّ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُمْ أَعَانُوهُمْ بِآنِيَةِ فِضَّةٍ وَبِذَهَبٍ وَبِأَمْتِعَةٍ وَبِبَهَائِمَ وَبِتُحَفٍ، فَضْلاً عَنْ كُلِّ مَا تُبُرِّعَ بِهِ».

ع ١ نحميا ٦: ٢٢ وإشعياء ٣٥: ٣

كُلِّ مَنْ نَبَّهَ ٱللّٰهُ رُوحَهُ اختار بعض اليهود أن يبقوا في بابل لأسباب شتى فاستصعبوا أن يتركوا بيوتهم وأرزاقهم وأصدقاءهم. وكما رأينا عمل الله في قلب الملك هكذا نرى عمله في قلوب الذين اختاروا أن يذهبوا ويحتملوا مشقات السفر والعمل وما سيصيبهم من التعب والخسارة والخطر.

٧ – ١١ «٧ وَٱلْمَلِكُ كُورَشُ أَخْرَجَ آنِيَةَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَعَلَهَا فِي بَيْتِ آلِهَتِهِ. ٨ أَخْرَجَهَا كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ عَنْ يَدِ مِثْرَدَاثَ ٱلْخَازِنِ، وَعَدَّهَا لِشِيشْبَصَّرَ رَئِيسِ يَهُوذَا. ٩ وَهٰذَا عَدَدُهَا: ثَلاَثُونَ طَسْتاً مِنْ ذَهَبٍ، وَأَلْفُ طَسْتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَتِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ سِكِّيناً، ١٠ وَثَلاَثُونَ قَدَحاً مِنْ ذَهَبٍ، وَأَقْدَاحُ فِضَّةٍ مِنَ ٱلرُّتْبَةِ ٱلثَّانِيَةِ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَعَشَرَةٌ، وَأَلْفٌ مِنْ آنِيَةٍ أُخْرَى. ١١ جَمِيعُ ٱلآنِيَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ خَمْسَةُ آلاَفٍ وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. ٱلْكُلُّ أَصْعَدَهُ شِيشْبَصَّرُ عِنْدَ إِصْعَادِ ٱلسَّبْيِ مِنْ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ».

ص ٥: ١٤ و٦: ٥ ٢أيام ٣٦: ٧ ص ٥: ١٤ ص ٨: ٢٧

وَٱلْمَلِكُ كُورَشُ أَخْرَجَ آنِيَةَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ كانت هذه الآنية كثيرة وثمينة ومن العجب أولاً أنها بقيت محفوظة إلى زمان كورش وثانياً إن كورش ردّها إلى اليهودية.

مِثْرَدَاثَ اسم فارسي معناه عطية مثراس أي الشمس التي كان الفرس يعبدونها.

شِيشْبَصَّرَ (ع ٨) أي زربابل. (انظر ٣: ٢ و٨) وقابل ما أتى في حجي ١: ١: «زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ وَالِي يَهُوذَا» بما أتى في عزرا ٥: ١٤ «شِيشْبَصَّرُ ٱلَّذِي جَعَلَهُ وَالِياً» وربما شيشبصر كان اسمه في بلاط الملك وزربابل اسمه عند اليهود.

رَئِيسِ يَهُوذَا وفي ٢: ٦٣ «الترشاثا» واللقب الثاني كلمة فارسية بمعنى رئيس. وهنا ذكر شيشبصر وحده وبعد وصول اليهود إلى أورشليم ذكر يشوع رئيس الكهنة وزربابل رئيس يهوذا معاً.

جَمِيعُ ٱلآنِيَةِ خَمْسَةُ آلاَفٍ وَأَرْبَعُ مِئَةٍ (ع ١١) إذا جمعنا أعداد الآنية المذكورة سابقاً يكون المجموع ٢٤٩٩ فقط والظاهر أنه وقع غلط في كتابة الأرقام إما في الأعداد المفردة أو في جمعها.

والسفر من بابل إلى أورشليم يشغل من الوقت نحو ثلاثة أشهر أو أربعة وأما المؤرخ فلم يذكر شيئاً من تفاصيله.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى