سفر أخبار الأيام الثاني | 31 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أخبار الأيام الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ
١ – ١٠ «١ وَلَمَّا كَمَلَ هٰذَا خَرَجَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ ٱلْحَاضِرِينَ إِلَى مُدُنِ يَهُوذَا وَكَسَّرُوا ٱلأَنْصَابَ وَقَطَعُوا ٱلسَّوَارِيَ وَهَدَمُوا ٱلْمُرْتَفَعَاتِ وَٱلْمَذَابِحَ مِنْ كُلِّ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَمِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى حَتَّى أَفْنَوْهَا، ثُمَّ رَجَعَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مُلْكِهِ إِلَى مُدُنِهِمْ. ٢ وَأَقَامَ حَزَقِيَّا فِرَقَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱللاَّوِيِّينَ حَسَبَ أَقْسَامِهِمْ، كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ خِدْمَتِهِ: ٱلْكَهَنَةَ وَٱللاَّوِيِّينَ لِلْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ ٱلسَّلاَمَةِ، لِلْخِدْمَةِ وَٱلْحَمْدِ وَٱلتَّسْبِيحِ فِي أَبْوَابِ مَحَلاَّتِ ٱلرَّبِّ. ٣ وَأَعْطَى ٱلْمَلِكُ حِصَّةً مِنْ مَالِهِ لِلْمُحْرَقَاتِ، مُحْرَقَاتِ ٱلصَّبَاحِ وَٱلْمَسَاءِ، وَٱلْمُحْرَقَاتِ لِلسُّبُوتِ وَٱلأَشْهُرِ وَٱلْمَوَاسِمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ. ٤ وَقَالَ لِلشَّعْبِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنْ يُعْطُوا حِصَّةَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱللاَّوِيِّينَ لِيَتَمَسَّكُوا بِشَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ. ٥ وَلَمَّا شَاعَ ٱلأَمْرُ كَثَّرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ أَوَائِلِ ٱلْحِنْطَةِ وَٱلْمِسْطَارِ وَٱلزَّيْتِ وَٱلْعَسَلِ وَمِنْ كُلِّ غَلَّةِ ٱلْحَقْلِ وَأَتَوْا بِعُشْرِ ٱلْجَمِيعِ بِكَثْرَةِ. ٦ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا ٱلسَّاكِنُونَ فِي مُدُنِ يَهُوذَا أَتَوْا هُمْ أَيْضاً بِعُشْرِ ٱلْبَقَرِ وَٱلضَّأْنِ وَعُشْرِ ٱلأَقْدَاسِ ٱلْمُقَدَّسَةِ لِلرَّبِّ إِلٰهِهِمْ وَجَعَلُوهَا صُبراً صُبراً (كَوْمَةً كَوْمَةً). ٧ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّالِثِ ٱبْتَدَأُوا بِتَأْسِيسِ ٱلْكُوَمِ وَفِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ أَكْمَلُوا. ٨ وَجَاءَ حَزَقِيَّا وَٱلرُّؤَسَاءُ وَرَأَوْا ٱلْكُوَمَ فَبَارَكُوا ٱلرَّبَّ وَشَعْبَهُ إِسْرَائِيلَ. ٩ وَسَأَلَ حَزَقِيَّا ٱلْكَهَنَةَ وَٱللاَّوِيِّينَ عَنِ ٱلْكُوَمِ ١٠ فَأَجَابَ عَزَرْيَا ٱلْكَاهِنُ ٱلرَّأْسُ لِبَيْتِ صَادُوقَ: مُنْذُ ٱبْتَدَأَ بِجَلْبِ ٱلتَّقْدِمَةِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ أَكَلْنَا وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ عَنَّا بِكَثْرَةِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ بَارَكَ شَعْبَهُ، وَٱلَّذِي فَضَلَ هُوَ هٰذِهِ ٱلْكَثْرَةُ».
(انظر ٢ملوك ١٨: ٤).
ٱلأَنْصَابَ حجارة منصوبة تذكاراً لحادثة ولا سيما حادثة دينية كالحجر الذي أخذه يعقوب في بيت إيل وأقامه عموداً وصبّ زيتاً على رأس الحجر ودعا اسم المكان بيت إيل. والوثنيون أقاموا حجارة في أماكن مقدسة وسجدوا لها. وأحياناً كان الحجر بسيطاً وأحياناً منقوشاً ومصوّراً.
ٱلسَّوَارِيَ جذوع أشجار أقاموها كعواميد وعليها صور منقوشة كانوا يسجدون لها وهي تمثل القمر أو إلاهة القمر وسموها عشتاروث كما كان بعل إله الشمس. وبعل قوة الخليقة الذكرية وعشتاروث قوة الخليقة الأنثوية وعبادتهما خلاعة تحت صورة التقوى.
ٱلْمُرْتَفَعَاتِ (١٤: ٣ و١ملوك ٣: ٢) كانت للعبادة الوثنية وأحياناً لعبادة الرب. وبعض الملوك الصالحين هدموها كحزقيا ويوشيا والبعض كآسا ويهوشافاط تركوها. وكان في المرتفعات أشجار ومناظر جميلة وكان فيها أكل وشرب ولعب فكانت لبني إسرائيل تجربة وشرَكاً (حزقيال ٦: ١ – ٧). واجتماع الشعب ١٤ يوماً في أورشليم وتقديمهم ذبائح كثيرة وتجديد العهد مع الرب مما هيّج غيرتهم للرب فخرجوا كلهم جيشاً لا يقاوم. ووصولهم إلى أفرايم ومنسى يدل على انحطاط المملكة الشمالية.
وَأَقَامَ حَزَقِيَّا الخ (ع ٢) لأن الترتيب الذي رتبه داود كان قد أُبطل في زمان آحاز وقصد حزقيا أن يردّ كل شيء إلى ما كان عليه في زمان داود حسب شريعة الرب (١ايام ص ٢٣ – ٢٧).
أَبْوَابِ مَحَلاَّتِ ٱلرَّبِّ كانت أبنية الهيكل تشبه محلة عسكر فكان محل الملك أي بيت الرب في الوسط ومحلات خدامه أي الكهنة حواليه والدار حول الكل وللدار أبواب.
وَأَعْطَى ٱلْمَلِك (ع ٣) جعل نفسه قدوةً للشعب.
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ أي في (عدد ص ٢٨ و٢٩ ولاويين ص ٢٣) ومجموع المطلوب لأجل هذه التقادم على مدة سنة يكون ١١٠٠ خروف و١١٣ ثوراً و٣٧ كبشاً و٣٠ تيساً مع كمية عظيمة من الدقيق والزيت والخمر.
حِصَّةَ ٱلْكَهَنَةِ (ع ٤) (عدد ١٨: ١١ – ٢٧).
لِيَتَمَسَّكُوا بِشَرِيعَةِ ٱلرَّبِّ لا يليق بهم أن يتركوا خدمة الرب ليحصلوا لوازمهم بخدمة أخرى ولا أن يتأخروا عن خدمتهم بسبب الفقر والهموم (نحميا ١٣: ١٠ – ١٤).
ٱلسَّاكِنُونَ فِي مُدُنِ يَهُوذَا (ع ٦) «بنو إسرائيل» في ع ٥ الساكنون في أورشليم الذين أتاهم أمر الملك «وبنو إسرائيل» في ع ٦ هم الساكنون في مدن يهوذا ومن هؤلاء كان بعض الذين أتوا من المملكة الشمالية وسكنوا في مدن يهوذا لكي يتمتعوا بالوسائل الروحية فيها (٣٠: ٢٥). إن الأولين (ع ٥) أتوا بعشر جميع غلال الحقل على اختلاف أنواعها وأما المذكورون في (ع ٦) فأتوا بعشر البقر والضأن وعشر الأقداس أي التقدمة الباقية من وقائد الرب. (انظر عدد ١٨: ٩) «هٰذَا يَكُونُ لَكَ (أي لهارون وبنيه الكهنة) مِنْ قُدْسِ ٱلأَقْدَاسِ مِنَ ٱلنَّارِ… قُدْسُ أَقْدَاسٍ هِيَ لَكَ وَلِبَنِيكَ» (انظر أيضاً لاويين ١٠: ١٢ – ١٥).
صُبراً صُبراً (كَوْمَةً كَوْمَةً) (ع ٦) يظهر أنهم وضعوا العشور من الحنطة وغيرها في الدار وابتدأوا في الشهر الثالث وأكملوا في الشهر السابع أي من حزيران إلى تشرين الأول. وكانت هذه الصُبر هي الفاضلة بعدما أكل الكهنة واللاويون وشبعوا. ولما رأى حزقيا والرؤساء الصُبر أمر الملك بإعداد مخادع في بيت الرب (١ملوك ٦: ٥ و٨ و١أيام ٩: ٢٦ – ٣٤) أي بتنظيف المخادع الموجودة وترتيبها. ونستنتج من كثرة التقادم أولاً ان الشعب انتبهوا إلى الأمر وعملوا بالغيرة الواجبة المهملة على مدة طويلة. وثانياً إن الرب كان قد بارك عليهم في غلال أرضهم (أمثال ٣: ٩ و١٠).
١١ – ٢١ «١١ وَأَمَرَ حَزَقِيَّا بِإِعْدَادِ مَخَادِعَ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ، فَأَعَدُّوا. ١٢ وَأَتَوْا بِٱلتَّقْدِمَةِ وَٱلْعُشْرِ وَٱلأَقْدَاسِ بِأَمَانَةٍ. وَكَانَ رَئِيساً عَلَيْهِمْ كُونَنْيَا ٱللاَّوِيُّ وَشَمْعِي أَخُوهُ ٱلثَّانِي ١٣ وَيَحِيئِيلُ وَعَزَزْيَا وَنَحَثُ وَعَسَائِيلُ وَيَرِيمُوثُ وَيُوزَابَادُ وَإِيلِيئِيلُ وَيَسْمَخْيَا وَمَحَثُ وَبَنَايَا وُكَلاَءَ تَحْتَ يَدِ كُونَنْيَا وَشَمْعِي أَخِيهِ، حَسَبَ تَعْيِينِ حَزَقِيَّا ٱلْمَلِكِ وَعَزَرْيَا رَئِيسِ بَيْتِ ٱللّٰهِ. ١٤ وَقُورِي بْنُ يَمْنَةَ ٱللاَّوِيُّ ٱلْبَوَّابُ نَحْوَ ٱلشَّرْقِ كَانَ عَلَى ٱلْمُتَبَرَّعِ بِهِ لِلّٰهِ لإِعْطَاءِ تَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ وَأَقْدَاسِ ٱلأَقْدَاسِ. ١٥ وَتَحْتَ يَدِهِ: عَدَنُ وَبِنْيَامِينُ وَيَشُوعُ وَشَمَعْيَا وَأَمَرْيَا وَشَكَنْيَا فِي مُدُنِ ٱلْكَهَنَةِ بِأَمَانَةٍ لِيُعْطُوا لإِخْوَتِهِمْ حَسَبَ ٱلْفِرَقِ ٱلْكَبِيرِ كَٱلصَّغِيرِ، ١٦ فَضْلاً عَنِ ٱنْتِسَابِ ذُكُورِهِمْ مِنِ ٱبْنِ ثَلاَثِ سِنِينَ فَمَا فَوْقُ مِنْ كُلِّ دَاخِلٍ بَيْتَ ٱلرَّبِّ، أَمْرَ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ حَسَبَ خِدْمَتِهِمْ فِي حِرَاسَاتِهِمْ حَسَبَ أَقْسَامِهِمْ، ١٧ وَٱنْتِسَابِ ٱلْكَهَنَةِ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ، وَٱللاَّوِيِّينَ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ حَسَبَ حِرَاسَاتِهِمْ وَأَقْسَامِهِمْ، ١٨ وَٱنْتِسَابِ جَمِيعِ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَبَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ، لأَنَّهُمْ بِأَمَانَتِهِمْ تَقَدَّسُوا تَقَدُّساً. ١٩ وَمِنْ بَنِي هَارُونَ ٱلْكَهَنَةِ فِي حُقُولِ مَرَاعِي مُدُنِهِمْ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ، ٱلرِّجَالُ ٱلْمُعَيَّنَةُ أَسْمَاؤُهُمْ لإِعْطَاءِ حِصَصٍ لِكُلِّ ذَكَرٍ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ وَلِكُلِّ مَنِ ٱنْتَسَبَ مِنَ ٱللاَّوِيِّينَ. ٢٠ هٰكَذَا عَمِلَ حَزَقِيَّا فِي كُلِّ يَهُوذَا، وَعَمِلَ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ وَحَقٌّ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِهِ. ٢١ وَكُلُّ عَمَلٍ ٱبْتَدَأَ بِهِ فِي خِدْمَةِ بَيْتِ ٱللّٰهِ وَفِي ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْوَصِيَّةِ لِيَطْلُبَ إِلٰهَهُ إِنَّمَا عَمِلَهُ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَأَفْلَحَ».
ٱلْبَوَّابُ نَحْوَ ٱلشَّرْقِ (ع ١٤) كان ستة بوابين (١أيام ٢٦: ١٧) ونستنتج أن قوري المذكور هنا كان رئيسهم.
لإِعْطَاءِ تَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ كانت التقدمة للرب وأُعطيت بأمر الملك للاويين (لاويين ٧: ١٤ و٣٢ و١٠: ١٤ و١٥).
أَقْدَاسِ ٱلأَقْدَاسِ ما يُعطي للكهنة من ذبائح الخطيئة وذبائح الإثم وكانوا يأكلونه في مكان مقدس (لاويين ٢: ٣ و١٠ و٧: ٦).
فِي مُدُنِ ٱلْكَهَنَةِ (ع ١٥) الكلام هنا عمّا يُعطي للكهنة الذين ليسوا في الهيكل في أورشليم لأن الذين كانوا في أورشليم كانوا يأكلون من الهيكل (ع ١٦).
فَضْلاً عَنِ الخ (ع ١٦) المذكورون هنا هم الكهنة في أورشليم مدة خدمتهم في الهيكل فإنهم لم يأخذوا كما أخذ إخوتهم في مدن يهوذا لأنهم أكلوا من الهيكل.
وَٱنْتِسَابِ ٱلْكَهَنَةِ (ع ١٧) جملة معترضة بين (ع ١٦ و١٨) وفائدتها أن انتساب الكهنة كان حسب بيوت آبائهم من ابن عشرين سنة (١أيام ٢٣: ٢٤ – ٢٧).
ٱنْتِسَابِ جَمِيعِ أَطْفَالِهِمْ (ع ١٨) رجع الكلام إلى ع ١٦ أي كان على اللاويين الستة المذكورون (ع ١٢ و١٣) أن يعطوا حصصهم للاويين في مدن الكهنة وعليه أيضاً (ع ١٨) أن يكتبوا أطفالهم ونساءهم الذين لهم حق أن يأكلوا من تقادم الرب.
بِأَمَانَتِهِمْ تَقَدَّسُوا كانت وظيفتهم مقدسة وكان ما وزعوه مقدساً وكانوا هم أيضاً مقدسين لأنهم عملوا بأمانة. والتقديس ليس بالاسم ولا بالوظيفة بل بالصدق والأمانة في المستخدم.
ٱلْكَهَنَةِ فِي حُقُولِ مَرَاعِي مُدُنِهِمْ (ع ١٩) لهم أيضاً رجال معينون ليعطوهم حصصهم حسب الشريعة.
عَمِلَهُ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَأَفْلَحَ (ع ٢١) هذا قانون النجاح في أي عمل كان ولا سيما في عمل الرب (جامعة ٩: ١٠ وفيلبي ٣: ١٣ وكولوسي ٣: ٢٣).
السابق |
التالي |