أخبار الأيام الأول

سفر أخبار الأيام الأول | 28 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أخبار الأيام الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ

لنا في هذا الأصحاح والأصحاح ٢٩ خطاب داود الأخير لشعبه وصلاته. وهذا الخطاب والصلاة خاتمة موافقة لحياة داود الذي ملك ٤٠ سنة ونظم المملكة ونجاها من أعدائها ومجّدها ونظم خدمة العبادة والتسبيح لشعب الله القديم وللكنيسة المسيحية أيضاً. واهتم في آخر حياته لدوام عبادة الرب واعترف بإيمانه بأن نجاح المملكة وثباتها يكونان في ثباتها في خدمة الرب والطاعة لوصاياه واعترف أيضاً بأنه ارتفع من حالة الذل إلى حالة المجد والغنى ببركة الرب ونعمته. وكان داود أعظم ملوك إسرائيل محبوباً ومكرماً في كل الأجيال ورجلاً حسب قلب الله مختاراً ليكون رمزاً للمسيح الذي دُعي ابن داود من جهة الجسد.

١ – ٨ «١ وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ، رُؤَسَاءَ ٱلأَسْبَاطِ وَرُؤَسَاءَ ٱلْفِرَقِ ٱلْخَادِمِينَ ٱلْمَلِكَ، وَرُؤَسَاءَ ٱلأُلُوفِ وَرُؤَسَاءَ ٱلْمِئَاتِ، وَرُؤَسَاءَ كُلِّ ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَمْلاَكِ ٱلَّتِي لِلْمَلِكِ وَلِبَنِيهِ، مَعَ ٱلْخِصْيَانِ وَٱلأَبْطَالِ وَكُلِّ جَبَابِرَةِ ٱلْبَأْسِ، إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٢ وَوَقَفَ دَاوُدُ ٱلْمَلِكُ وَقَالَ: اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي. كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلٰهِنَا، وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ. ٣ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ قَالَ لِي: لاَ تَبْنِي بَيْتاً لٱسْمِي لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلُ حُرُوبٍ وَقَدْ سَفَكْتَ دَماً. ٤ وَقَدِ ٱخْتَارَنِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبِي لأَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلأَبَدِ، لأَنَّهُ إِنَّمَا ٱخْتَارَ يَهُوذَا رَئِيساً، وَمِنْ بَيْتِ يَهُوذَا بَيْتَ أَبِي، وَمِنْ بَنِي أَبِي سُرَّ بِي لِيُمَلِّكَنِي عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٥ وَمِنْ كُلِّ بَنِيَّ (لأَنَّ ٱلرَّبَّ أَعْطَانِي بَنِينَ كَثِيرِينَ) ٱخْتَارَ سُلَيْمَانَ ٱبْنِي لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَةِ ٱلرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. ٦ وَقَالَ لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ٱبْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي، لأَنِّي ٱخْتَرْتُهُ لِي ٱبْناً، وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً، ٧ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى ٱلأَبَدِ إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ وَأَحْكَامِي كَهٰذَا ٱلْيَوْمِ. ٨ وَٱلآنَ فِي أَعْيُنِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ مَحْفَلِ ٱلرَّبِّ، وَفِي سَمَاعِ إِلٰهِنَا، ٱحْفَظُوا وَٱطْلُبُوا جَمِيعَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ لِتَرِثُوا ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ وَتُوَرِّثُوهَا لأَوْلاَدِكُمْ بَعْدَكُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ».

وَجَمَعَ دَاوُدُ (ع ١) عظماء مملكته من رؤساء الخدمة العسكرية والمدنية ليقبلوا وصاياه الأخيرة بشأن بناء الهيكل والخلافة ومستقبل المملكة ولتجديد عهودهم مع الرب.

ٱلْخِصْيَانِ الخادمون في بيت الملك ولا سيما في غرف النساء وكانوا أحياناً من المأمورين الكبار.

وَوَقَفَ دَاوُدُ (ع ٢) من عجزه كان قاعداً أو نائماً ووقف وإن كان بصعوبة ليظهر اعتباره للحضور وأهمية الكلام الذي كان مزمعاً أن يتكلم به.

يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي خاطبهم بالمحبة والتواضع.

كَانَ فِي قَلْبِي (١٧: ١ و٢) كان اشتهاؤه وقصده.

بَيْتَ قَرَارٍ كان التابوت ينتقل من مكان إلى مكان في البرية وبعدما وصلوا إلى أرض كنعان.

مَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلٰهِنَا أمجد مكان على الأرض لا يستحق أن يكون إلا موطئ قدمين للرب.

ع ٣ (انظر ٢٢: ٨).

وقصد داود أن يثبت للعظماء المجتمعين أن الرب قد عيّن ابنه سليمان ملكاً كما كان عيّن داود سابقاً فعليهم الطاعة له.

إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ (ع ٧) إن مواعيد الله لسليمان وجميع مواعيده بشرط العمل حسب وصاياه.

٩، ١٠ «٩ وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ٱبْنِي ٱعْرِفْ إِلٰهَ أَبِيكَ وَٱعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِلٍ وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ ٱلْقُلُوبِ وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ ٱلأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ، وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٠ اُنْظُرِ ٱلآنَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱخْتَارَكَ لِتَبْنِيَ بَيْتاً لِلْمَقْدِسِ، فَتَشَدَّدْ وَٱعْمَلْ».

ٱعْرِفْ إِلٰهَ أَبِيكَ (ع ٩) معرفة حقيقية وقلبية كمعرفة الأبناء لوالدهم أي معرفة مقترنة بالمحبة والطاعة وأما قول داود «إله أبيك» فلا شك أنه أثّر في سليمان كثيراً لأنه عرف صلواته وغيرته للرب فاشتهى سليمان أن يكون مثله ويسجد لإله أبيه.

يَفْحَصُ جَمِيعَ ٱلْقُلُوبِ (ع ٩) (حزقيال ص ٨) لا تكفي العبادة بالظاهر أو تقديم ذبائح أو سجود خارجي بل الخدمة بالأفكار كما بالكلام.

١١ – ١٩ «١١ وَأَعْطَى دَاوُدُ سُلَيْمَانَ ٱبْنَهُ مِثَالَ ٱلرِّوَاقِ وَبُيُوتِهِ وَخَزَائِنِهِ وَعَلاَلِيِّهِ وَمَخَادِعِهِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ وَبَيْتِ ٱلْغِطَاءِ، ١٢ وَمِثَالَ كُلِّ مَا كَانَ عِنْدَهُ بِٱلرُّوحِ لِدِيَارِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَلِجَمِيعِ ٱلْمَخَادِعِ حَوَالَيْهِ، وَلِخَزَائِنِ بَيْتِ ٱللّٰهِ وَخَزَائِنِ ٱلأَقْدَاسِ، ١٣ وَلِفِرَقِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱللاَّوِيِّينَ، وَلِكُلِّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ، وَلِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ١٤ فَمِنَ ٱلذَّهَبِ بِٱلْوَزْنِ لِمَا هُوَ مِنْ ذَهَبٍ لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ، وَلِجَمِيعِ آنِيَةِ ٱلْفِضَّةِ فِضَّةً بِٱلْوَزْنِ لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ. ١٥ وَبِٱلْوَزْنِ لِمَنَائِرِ ٱلذَّهَبِ وَسُرُجِهَا مِنْ ذَهَبٍ بِٱلْوَزْنِ لِكُلِّ مَنَارَةٍ فَمَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا، وَلِمَنَائِرِ ٱلْفِضَّةِ بِٱلْوَزْنِ لِكُلِّ مَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا حَسَبَ خِدْمَةِ مَنَارَةٍ فَمَنَارَةٍ. ١٦ وَذَهَباً بِٱلْوَزْنِ لِمَوَائِدِ خُبْزِ ٱلْوُجُوهِ لِكُلِّ مَائِدَةٍ فَمَائِدَةٍ، وَفِضَّةً لِمَوَائِدِ ٱلفِضَّةِ. ١٧ وَذَهَباً خَالِصاً لِلْمَنَاشِلِ وَٱلْمَنَاضِحِ وَٱلْكُؤُوسِ. وَلأَقْدَاحِ ٱلذَّهَبِ بِٱلْوَزْنِ لِقَدَحٍ فَقَدَحٍ، وَلأَقْدَاحِ ٱلْفِضَّةِ بِٱلْوَزْنِ لِقَدَحٍ فَقَدَحٍ. ١٨ وَلِمَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ ذَهَباً مُصَفّىً بِٱلْوَزْنِ، وَذَهَباً لِمِثَالِ مَرْكَبَةِ ٱلْكَرُوبِيمِ ٱلْبَاسِطَةِ أَجْنِحَتَهَا ٱلْمُظَلِّلَةِ تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ. ١٩ وَقَالَ: قَدْ أَفْهَمَنِي ٱلرَّبُّ كُلَّ ذٰلِكَ بِٱلْكِتَابَةِ بِيَدِهِ عَلَيَّ، أَيْ كُلَّ أَشْغَالِ ٱلْمِثَالِ».

أعطى داود مثال الهيكل لسليمان وأخذه داود بالروح من الله كما أخذ موسى رسم المسكن (خروج ٢٥: ٨ و٩) وكان الهيكل على رسم المسكن مضاعفاً أي كان الطول مضاعف طول المسكن والعرض والعلو كذلك وله محلان القدس وقدس الأقداس وآنيته كآنية المسكن (١ملوك ص ٦ و٧).

بُيُوتِهِ (ع ١١) أي بيوت الهيكل.

بَيْتِ ٱلْغِطَاءِ غطاء التابوت الذي كان الكروبيم فوقه وجلس الرب عليهما (مزمور ٩٩: ١) وبيت الغطاء أي بيت التابوت قدس الأقداس.

مَوَائِدِ خُبْزِ (ع ١٦) (٢أيام ٤: ٨) في سفر الخروج وفي الملوك الأول مائدة واحدة فقط وهي لخبز الوجوه ولا نعرف لأي شيء من الموائد وموائد الفضة مذكورة هنا فقط.

قَدْ أَفْهَمَنِي ٱلرَّبُّ كُلَّ ذٰلِكَ بِٱلْكِتَابَةِ (ع ١٩) رسم الهيكل بإرشاد الرب وإلهامه ككتبة الأسفار المقدسة فإنهم كتبوها بأيديهم ورتبوها كل واحد حسب نَفَسه الخاص وأما مضمونها فمن الله بالوحي.

٢٠، ٢١ «٢٠ وَقَالَ دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ ٱبْنِهِ: تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ وَٱعْمَلْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلإِلٰهَ إِلٰهِي مَعَكَ. لاَ يَخْذُلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ حَتَّى تُكَمِّلَ كُلَّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ٢١ وَهُوَذَا فِرَقُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱللاَّوِيِّينَ لِكُلِّ خِدْمَةِ بَيْتِ ٱللّٰهِ. وَمَعَكَ فِي كُلِّ عَمَلٍ كُلُّ نَبِيهٍ بِحِكْمَةٍ لِكُلِّ خِدْمَةٍ وَٱلرُّؤَسَاءُ، وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ تَحْتَ كُلِّ أَوَامِرِكَ».

تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ كان سليمان ابن نحو ٢٠ سنة فقط وكان أمامه واجبات وتجارب عظيمة جداً. وشجعه أبوه بالرب وقال له إن الرب يكون معه وبنعمته يقدر أن يعمل كل شيء وقال له أيضاً إن معه رجالاً مقتدرين كهنة ولاويين ورؤساء وكل الشعب أيضاً.

فوائد

  1. إن الرجل الصالح يهتم لما سيكون بعد موته ويترك ما ينفع العالم بعد انتقاله.
  2. إن الرب أعطى داود رسماً للهيكل وهكذا أعطانا أجمعين رسماً لحياتنا مكتوباً في الكتاب المقدس (ع ١٩).الرب الإله إلهي (ع ٢٠) يقول المؤمن (١) أؤمن بأن الله خلقني وهو يحبني ويعتني بي فأقول له يا أبي (٢) أخصص نفسي له وكما اختارني أنا أختاره فأكون له وأعمل مشيئته في كل شيء فأقول له يا ملكي (٣) إنه بذل ابنه الوحيد ومات يسوع لأجلي واشتراني بدمه فأقول يا مخلصي وفاديّ.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى