الملوك الثاني

سفر الملوك الثاني | 22 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ

١ – ٧ «١ كَانَ يُوشِيَّا ٱبْنَ ثَمَانِ سِنِينٍ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَٱسْمُ أُمِّهِ يَدْيَدَةُ بِنْتُ عَدَايَةَ مِنْ بُصْقَةَ. ٢ وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ وَسَارَ فِي جَمِيعِ طَرِيقِ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَلَمْ يَحِدْ يَمِيناً وَلاَ شِمَالاً. ٣ وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّامِنَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ يُوشِيَّا أَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ شَافَانَ بْنَ أَصَلْيَا بْنِ مَشُلاَّمَ ٱلْكَاتِبَ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ قَائِلاً: ٤ ٱصْعَدْ إِلَى حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنِ ٱلْعَظِيمِ فَيَحْسِبَ ٱلْفِضَّةَ ٱلْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي جَمَعَهَا حَارِسُو ٱلْبَابِ مِنَ ٱلشَّعْبِ، ٥ فَيَدْفَعُوهَا لِيَدِ عَامِلِي ٱلشُّغْلِ ٱلْمُوَكَّلِينَ بِبَيْتِ ٱلرَّبِّ، وَيَدْفَعُوهَا إِلَى عَامِلِي ٱلشُّغْلِ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ لِتَرْمِيمِ ثُلَمِ ٱلْبَيْتِ: ٦ لِلنَّجَّارِينَ وَٱلْبَنَّائِينَ وَٱلنَّحَّاتِينَ، وَلِشِرَاءِ أَخْشَابٍ وَحِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ لأَجْلِ تَرْمِيمِ ٱلْبَيْتِ. ٧ إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُحَاسَبُوا بِٱلْفِضَّةِ ٱلْمَدْفُوعَةِ لأَيْدِيهِمْ لأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَمِلُوا بِأَمَانَةٍ».

٢أيام ٣٤: ١ الخ يشوع ١٥: ٣٩ تثنية ٥: ٣٢ ويشوع ١: ٧ ص ١٢: ٤ و٩ و١٠ ص ١٢: ١١ – ١٤ ص ١٢: ١٥

يَدْيَدَةُ محبوبة، وبُصقة من مدن يهوذا بقرب لخيش إلى الجنوب الغربي من أورشليم.

وَسَارَ فِي جَمِيعِ طَرِيقِ دَاوُدَ أَبِيهِ (ع ٢) ولم يُقل ذلك في غيره إلا في حزقيا (١٨: ٣) فكان داود وحزقيا ويوشيا الملوك الثلاثة الأفاضل.

ٱلسَّنَةِ ٱلثَّامِنَةَ عَشَرَةَ (ع ٣) في ٢أيام ٣٤: ٣ – ٧ إنه في السنة الثامنة من ملكه ابتدأ يطلب إله داود أبيه وفي السنة الثامنة عشرة ابتدأ يطهّر يهوذا وأورشليم من المرتفعات والسواري والتماثيل وفي مدن منسى وأفرايم وشمعون حتى نفتالي أيضاً هدم المذابح والسواري وقطع التماثيل. وفي ذلك الوقت ابتدأ إرميا يتنبأ (إرميا ١: ٢) وكان بلا شك مساعداً ومنشطاً للملك في عمله المذكور.

شَافَانَ ومعه معسيا رئيس المدينة ويوآخ المسجل (٢أيام ٣٤: ٨) وشافان مذكور في سفر إرميا وكان أبا أخيقام الذي خلّص إرميا من الذين طلبوا قتله (إرميا ٢٦: ٢٤) وكان شافان أبا جمريا الذي في مخدعه قرأ باروخ سفر كلام إرميا (إرميا ٣٦: ١٠) وكان جدليا بن أخيقام بن شافان الموكل على الشعب الذين أبقاهم نبوخذ ناصر.

فَيَحْسِبَ ٱلْفِضَّةَ (ع ٤) (انظر ١٢: ٤ وتفسيره) نستنتج أن الملك كان قد أمر الكهنة أن يحسبوا الفضة استعداداً لترميم الهيكل كما فعل الملك يوآش (١٢: ٤ – ١٤) وكان قد أُهمل الهيكل وكل ما يختص بعبادة الرب في زمان آمون ومنسى. وكان حساب الفضة لكي تُدفع للعمال فيبتدئون في العمل.

لِلنَّجَّارِينَ وَٱلْبَنَّائِينَ الخ (ع ٦) كثرة العملة وأنواعهم دليل على عظمة الخراب الذي أحوج إلى هذا الترميم.

لَمْ يُحَاسَبُوا (ع ٧) كانوا كلهم لاويين (٢أيام ٣٤: ١٢) (انظر ١٢: ١٥ وتفسيره).

٨ – ١٣ «٨ فَقَالَ حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ ٱلْعَظِيمُ لِشَافَانَ ٱلْكَاتِبِ: قَدْ وَجَدْتُ سِفْرَ ٱلشَّرِيعَةِ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ. وَسَلَّمَ حِلْقِيَّا ٱلسِّفْرَ لِشَافَانَ فَقَرَأَهُ. ٩ وَجَاءَ شَافَانُ ٱلْكَاتِبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَقَالَ: قَدْ أَفْرَغَ عَبِيدُكَ ٱلْفِضَّةَ ٱلْمَوْجُودَةَ فِي ٱلْبَيْتِ وَدَفَعُوهَا إِلَى يَدِ عَامِلِي ٱلشُّغْلِ وُكَلاَءِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ١٠ وَأَخْبَرَ شَافَانُ ٱلْكَاتِبُ ٱلْمَلِكَ: قَدْ أَعْطَانِي حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ سِفْراً. وَقَرَأَهُ شَافَانُ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ. ١١ فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ كَلاَمَ سِفْرِ ٱلشَّرِيعَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ. ١٢ وَأَمَرَ ٱلْمَلِكُ حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنَ وَأَخِيقَامَ بْنَ شَافَانَ وَعَكْبُورَ بْنَ مِيخَا وَشَافَانَ ٱلْكَاتِبَ وَعَسَايَا عَبْدَ ٱلْمَلِكِ: ١٣ ٱذْهَبُوا ٱسْأَلُوا ٱلرَّبَّ لأَجْلِي وَلأَجْلِ ٱلشَّعْبِ وَلأَجْلِ كُلِّ يَهُوذَا مِنْ جِهَةِ كَلاَمِ هٰذَا ٱلسِّفْرِ ٱلَّذِي وُجِدَ. لأَنَّهُ عَظِيمٌ هُوَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي ٱشْتَعَلَ عَلَيْنَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ آبَاءَنَا لَمْ يَسْمَعُوا لِكَلاَمِ هٰذَا ٱلسِّفْرِ لِيَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيْنَا».

تثنية ٣١: ٢٤ – ٢٦ و٢أيام ٣٤: ١٤ و١٥ تكوين ٣٧: ٣٤ ويشوع ٧: ٦ ص ٢٥: ٢٢ وإرميا ٢٦: ٢٤ و٢أيام ٣٤: ٢٠ تثنية ٢٩: ٢٣ – ٢٨ و٣١: ١٧ و١٨

وَجَدْتُ سِفْرَ ٱلشَّرِيعَةِ أي أسفار موسى الخمسة أو سفر التثنية كما يظن بعضهم. وكانت نسخ الشريعة قليلة جداً وفي زمان الملوك الأشرار لم يسأل أحد عنها وكان الكهنة واللاويون يخدمون خدمتهم الدينية بلا كتاب.

قَدْ أَفْرَغَ عَبِيدُكَ ٱلْفِضَّةَ (ع ٩) أي أفرغوا الصندوق (١٢: ٩) الذي كانت الفضة فيه وأكملوا الحساب.

أَعْطَانِي حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ سِفْراً (ع ١٠) لم يقل سفر الشريعة وربما لم يعرف كما عرف الكاهن أنه سفر الشريعة.

وَقَرَأَهُ ربما لم يقرإ السفر كله بل أقوالاً مختارة منه.

مَزَّقَ ثِيَابَهُ (ع ١١) علامة الحزن وكان حزنه دليلاً على تصديقه كلام التهديد المخيف (تثنية ٢٨: ١٦ – ٦٨ ولاويين ٢٦: ١٤ – ٣٩) والشعور بخطاياه وخطايا الشعب بإهمالهم أقوال الشريعة.

ٱذْهَبُوا ٱسْأَلُوا (ع١٣) يسألون من الرب عن فم نبي ويسألون عن العمل المطلوب من الملك ومن شعبه ليخلصوا من غضب الرب الآتي.

لَمْ يَسْمَعُوا لِكَلاَمِ هٰذَا ٱلسِّفْرِ نستنتج من قوله إن سفر الشريعة كان موجوداً في زمان آبائهم وفُقد في زمان حديث.

١٤ – ٢٠ «١٤ فَذَهَبَ حِلْقِيَّا ٱلْكَاهِنُ وَأَخِيقَامُ وَعَكْبُورُ وَشَافَانُ وَعَسَايَا إِلَى خَلْدَةَ ٱلنَّبِيَّةِ، ٱمْرَأَةِ شَلُّومَ بْنِ تِقْوَةَ بْنِ حَرْحَسَ حَارِسِ ٱلثِّيَابِ. وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي أُورُشَلِيمَ فِي ٱلْقِسْمِ ٱلثَّانِي وَكَلَّمُوهَا. ١٥ فَقَالَتْ لَهُمْ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ. قُولُوا لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي أَرْسَلَكُمْ إِلَيَّ: ١٦ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا جَالِبٌ شَرّاً عَلَى هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ، كُلَّ كَلاَمِ ٱلسِّفْرِ ٱلَّذِي قَرَأَهُ مَلِكُ يَهُوذَا، ١٧ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَأَوْقَدُوا لآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي بِكُلِّ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ، فَيَشْتَعِلُ غَضَبِي عَلَى هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ وَلاَ يَنْطَفِئُ. ١٨ وَأَمَّا مَلِكُ يَهُوذَا ٱلَّذِي أَرْسَلَكُمْ لِتَسْأَلُوا ٱلرَّبَّ فَهٰكَذَا تَقُولُونَ لَهُ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ جِهَةِ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي سَمِعْتَ: ١٩ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ وَتَوَاضَعْتَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ حِينَ سَمِعْتَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَى هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ دَهَشاً وَلَعْنَةً، وَمَزَّقْتَ ثِيَابَكَ وَبَكَيْتَ أَمَامِي. قَدْ سَمِعْتُ أَنَا أَيْضاً يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٢٠ لِذٰلِكَ هَئَنَذَا أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ، وَلاَ تَرَى عَيْنَاكَ كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَى هٰذَا ٱلْمَوْضِعِ. فَرَدُّوا عَلَى ٱلْمَلِكِ جَوَاباً».

٢أيام ٣٤: ٢٢ صفنيا ١: ١٠ ص ٢١: ٢٢ وتثنية ٢٩: ٢٥ و٢٦ و١صموئيل ٢٤: ٥ ومزمور ٥١: ١٧ خروج ١: ٣ و١ملوك ٢١: ٢٩ لاويين ٢٦: ٣١ إرميا ٢٦: ٦ ع ١١ ص ٢٣: ٣٠

خَلْدَةَ ٱلنَّبِيَّةِ (ع ١٤) ومن النبيّات مريم (خروج ١٥: ٢٠) ودبورة (قضاة ٤: ٤) وحنّة (لوقا ٢: ٣٦) كان الرب يكرّم النساء ويكلّم شعبه بواسطتهنّ.

حَارِسِ ٱلثِّيَابِ إما ثياب الكهنة التي كانوا يلبسونها عند الخدمة في بيت الرب أو ثياب محفوظة تحت أمر الملك كالتي أرسلها ملك آرام مع نعمان (٥: ٥).

أُورُشَلِيمَ فِي ٱلْقِسْمِ ٱلثَّانِي أي القسم الجديد من المدينة خارجاً عن مدينة داود القديمة (٢أيام ٣٣: ١٤ صفنيا ١: ١٠) أو قسم من القسمَين اللذين كان وادي الجبانيين بينهما.

قُولُوا لِلرَّجُلِ (ع ١٥) وفي ع ١٨ ملك يهوذا.

تُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ (ع ٢٠) مات يوشيا بعدما ملك ٣١ سنة ودُفن في قبور آبائه وناح عليه كل يهوذا وأورشليم ورثاه إرميا وندبه جميع المغنين والمغنيات في مراثيهم وجعلوها فريضة على إسرائيل فترك ذكراً طيباً وانضم إلى قبره بسلام وإن كان قد قتل في الحرب.

فوائد

  1. إن الإنسان يعمل الأحوال ولا تعمل الأحوال الإنسان. فإنه كان ليوشيا أب شرير وجدٌّ شرير وكان سفر الشريعة مفقوداً وكان أكثر الشعب والرؤساء يميلون إلى عبادة الأصنام والاتحاد مع الأجانب. وعلى رغم هذه الأحوال غير الموافقة طلب يوشيا الرب وثبت في خدمته كل حياته وأباد عبادة الأصنام وأقام عبادة الرب وأمال شعبه إلى نفسه فأحبوه وأكرموه.
  2. إن الكتاب المقدس هو الواسطة العظمى لتبكيت الناس على خطاياهم وإرجاعهم إلى الله وإرشادهم وحفظهم في الطريق المستقيم.
  3. إن الكتاب المقدس هو كتاب مفقود عند كثيرين في أيامنا لأن بعضهم لا يعرفونه مطلقاً والبعض لا يعرفون إلا اسمه فقط والبعض لا يعتبرونه ولا يفهمونه ولا يستفيدون منه وهو عندهم ككنز مخفيّ.
  4. إنه على كل من وجد الكتاب وعرفه حق المعرفة أن يخبر غيره به ويقرأه عليهم.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى