الملوك الثاني

سفر الملوك الثاني | 11 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ

١ – ٣ «١ فَلَمَّا رَأَتْ عَثَلْيَا أُمُّ أَخَزْيَا أَنَّ ٱبْنَهَا قَدْ مَاتَ، قَامَتْ فَأَبَادَتْ جَمِيعَ ٱلنَّسْلِ ٱلْمَلِكِيِّ. ٢ فَأَخَذَتْ يَهُوشَبَعُ بِنْتُ ٱلْمَلِكِ يَهُورَامَ (أُخْتُ أَخَزْيَا) يَهُوآشَ بْنَ أَخَزْيَا وَسَرِقَتْهُ مِنْ وَسَطِ بَنِي ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا هُوَ وَمُرْضِعَتَهُ مِنْ مِخْدَعِ ٱلسَّرِيرِ، وَخَبَّأُوهُ مِنْ وَجْهِ عَثَلْيَا فَلَمْ يُقْتَلْ. ٣ وَكَانَ مَعَهَا فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ مُخْتَبِئاً سِتَّ سِنِينَ وَعَثَلْيَا مَالِكَةٌ عَلَى ٱلأَرْضِ».

٢أيام ٢٢: ١٠ – ١٢ ع ٢١ وص ١٢: ١

عَثَلْيَا ابنة أخآب وإيزابل وأرملة يهورام ملك يهوذا وكانت قد أدخلت عبادة البعل إلى إسرائيل وكانت مثل أمها في شرورها وفي قوّتها وشجاعتها. كانت تشبه الرجال فلم تتأخر عن سفك الدم لأجل إتمام غاياتها. وتسلطت على زوجها (٨: ١٨ و٢٧ و٢أيام ٢١: ٦) وعلى ابنها (٢أيام ٢: ٢ – ٤).

فَأَبَادَتْ كان يهورام قد قتل إخوتها (٢أيام ٢١: ٤) وكان الفلسطينيون والعرب قد قتلوا أولاد يهورام (٢أيام ٢٢: ١) وكان ياهو قد قتل إخوة أخزيا أي أولاد إخوته (١٠: ١٣ و١٤) والذين أبادتهم عثليا هم أولاد أخزيا ما عدا يوآش. كان الرب قد وعد داود أن كرسيه يكون ثابتاً إلى الأبد فبعنايته حفظ واحداً من أولاد أخزيا.

يَهُوشَبَعُ (ع ٢) يُظن أنها بنت الملك يهورام من امرأة غير عثليا فكانت أخت أخزيا من الأب وليس من الأم. وبما أنها أخت الملك كان لها حرية في الدخول والخروج وربما أن خدام البيت اتفقوا معها وأشفقوا على الطفل الصغير.

مَعَهَا فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ (ع ٣) كان في بيت الرب غرف كثيرة توضع فيها التقادم فريضة اللاويين (نحميا ١٣: ٤ و٥) وكانت يهوشبع امرأة الكاهن يهوياداع (٢أيام ٢٢: ١١).

وَعَثَلْيَا مَالِكَةٌ عَلَى ٱلأَرْضِ أي مدة ست سنين كانت عبادة البعل قائمة وأُهملت عبادة الرب وبُني معبد للبعل وتعيّن له كاهن (١١: ١٨) وكان رئيسهم يهوياداع فلم تتجاسر عثليا أن تضع يدها عليهم.

٤ – ١٦ «٤ وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ أَرْسَلَ يَهُويَادَاعُ فَأَخَذَ رُؤَسَاءَ مِئَاتِ ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ وَأَدْخَلَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، وَقَطَعَ مَعَهُمْ عَهْداً وَٱسْتَحْلَفَهُمْ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَأَرَاهُمُ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ. ٥ وَأَمَرَهُمْ: هٰذَا مَا تَفْعَلُونَهُ. ٱلثُّلُثُ مِنْكُمُ ٱلَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي ٱلسَّبْتِ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، ٦ وَٱلثُّلْثُ عَلَى بَابِ سُورٍ، وَٱلثُّلْثُ عَلَى ٱلْبَابِ وَرَاءَ ٱلسُّعَاةِ. فَتَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ ٱلْبَيْتِ لِلصَّدِّ. ٧ وَٱلْفِرْقَتَانِ مِنْكُمْ، جَمِيعُ ٱلْخَارِجِينَ فِي ٱلسَّبْتِ، يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ حَوْلَ ٱلْمَلِكِ. ٨ وَتُحِيطُونَ بِٱلْمَلِكِ حَوَالَيْهِ، كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ. وَمَنْ دَخَلَ ٱلصُّفُوفَ يُقْتَلُ. وَكُونُوا مَعَ ٱلْمَلِكِ فِي خُرُوجِهِ وَدُخُولِهِ. ٩ فَفَعَلَ رُؤَسَاءُ ٱلْمِئَاتِ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ يَهُويَادَاعُ ٱلْكَاهِنُ، وَأَخَذُوا كُلُّ وَاحِدٍ رِجَالَهُ ٱلدَّاخِلِينَ فِي ٱلسَّبْتِ مَعَ ٱلْخَارِجِينَ فِي ٱلسَّبْتِ وَجَاءُوا إِلَى يَهُويَادَاعَ ٱلْكَاهِنِ. ١٠ فَأَعْطَى ٱلْكَاهِنُ لِرُؤَسَاءِ ٱلْمِئَاتِ ٱلْحِرَابَ وَٱلأَتْرَاسَ ٱلَّتِي لِلْمَلِكِ دَاوُدَ ٱلَّتِي فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ١١ وَوَقَفَ ٱلسُّعَاةُ كُلُّ وَاحِدٍ سِلاَحُهُ بِيَدِهِ مِنْ جَانِبِ ٱلْبَيْتِ ٱلأَيْمَنِ إِلَى جَانِبِ ٱلْبَيْتِ ٱلأَيْسَرِ حَوْلَ ٱلْمَذْبَحِ وَٱلْبَيْتِ، حَوْلَ ٱلْمَلِكِ مُسْتَدِيرِينَ. ١٢ وَأَخْرَجَ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ ٱلتَّاجَ وَأَعْطَاهُ ٱلشَّهَادَةَ، فَمَلَّكُوهُ وَمَسَحُوهُ وَصَفَّقُوا وَقَالُوا: لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ ١٣ وَلَمَّا سَمِعَتْ عَثَلْيَا صَوْتَ ٱلسُّعَاةِ وَٱلشَّعْبِ دَخَلَتْ إِلَى ٱلشَّعْبِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، ١٤ وَنَظَرَتْ وَإِذَا ٱلْمَلِكُ وَاقِفٌ عَلَى ٱلْمِنْبَرِ حَسَبَ ٱلْعَادَةِ، وَٱلرُّؤَسَاءُ وَنَافِخُو ٱلأَبْوَاقِ بِجَانِبِ ٱلْمَلِكِ، وَكُلُّ شَعْبِ ٱلأَرْضِ يَفْرَحُونَ وَيَضْرِبُونَ بِٱلأَبْوَاقِ. فَشَقَّتْ عَثَلْيَا ثِيَابَهَا وَصَرَخَتْ: خِيَانَةٌ خِيَانَةٌ! ١٥ فَأَمَرَ يَهُويَادَاعُ ٱلْكَاهِنُ رُؤَسَاءَ ٱلْمِئَاتِ قُوَّادَ ٱلْجَيْشِ: أَخْرِجُوهَا إِلَى خَارِجِ ٱلصُّفُوفِ، وَٱلَّذِي يَتْبَعُهَا ٱقْتُلُوهُ بِٱلسَّيْفِ. لأَنَّ ٱلْكَاهِنَ قَالَ: لاَ تُقْتَلُ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ١٦ فَأَلْقَوْا عَلَيْهَا ٱلأَيَادِيَ، وَمَضَتْ فِي طَرِيقِ مَدْخَلِ ٱلْخَيْلِ إِلَى بَيْتِ ٱلْمَلِكِ وَقُتِلَتْ هُنَاكَ».

٢أيام ٢٣: ١ – ٢١ ع ١٩ و٢صموئيل ٢٠: ٢٣ و١أيام ٩: ٢٥ عدد ٢٧: ١٦ و١٧ و٢صموئيل ٨: ٧ و١أيام ١٨: ٧ و٢صموئيل ١: ١٠ خروج ٢٥: ١٦ و٣١: ١٨ و١صموئيل ١٠: ٢٤ ص ٢٣: ٣ و٢أيام ٣٤: ٣١ و١ملوك ١: ٣٩ و٤٠ تكوين ٣٧: ٢٩ و٤٤: ١٣ ص ٩: ٢٣

ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ (انظر ٢صموئيل ٨: ١٨ وتفسيره) لم يكونوا تحت أمر يهوياداع ولكنه أرسل ودعاهم فأتوا بإرادتهم. وعددهم خمسة وأسماؤهم مذكورة في (٢أيام ٢٣: ١).

أَدْخَلَهُمْ إِلَيْهِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ أي إلى غرفة من غرفه الكثيرة. وأدخلهم لأجل معاهدة سرية وليروا ابن الملك وبعدما رأوا وعرفوا أنه ابن الملك حلفوا له يمين الطاعة. ولا شك في أنهم كانوا هم كثيرون من بني يهوذا مشتاقين إلى الخلاص من اغتصاب عثليا ورجوع الملك لبيت داود. ونعرف من (٢أيام ٢٣: ٢) أنهم بعد معاهدتهم السرّية جالوا في يهوذا وجمعوا اللاويين ورؤوس آباء إسرائيل وأتوا بهم إلى أورشليم وقطعوا هم أيضاً عهداً مع الملك في بيت الرب. وسلّحهم يهوياداع بالحراب والمجانّ والأتراس التي في بيت الله.

ٱلثُّلُثُ مِنْكُمُ (ع ٥) كان الحراس ثلاثة أقسام وأمر يهوياداع أن ثلثهم يحرسون حراسة بيت الملك أي القصر الذي كانت عثليا ساكنة فيه. وثلثان يحرسون حراسة بيت الرب حول الملك يوآش (ع ٧) والثلث الأول أي حراس بيت الملك انقسموا إلى ثلاثة أقسام الواحد منهم على باب سور والقسم الثاني على باب الأساس في (٢أيام ٢٣: ٥). وربما أن مواقفهم المذكورة هي مواقفهم الاعتيادية وقصد يهوياداع أن لا ترى الملكة عثليا شيئاً يدل على خيانة.

ٱلْخَارِجِينَ فِي ٱلسَّبْتِ (ع ٧) الذين كانوا قد أكملوا مدة خدمتهم ولكن عليهم أن يحضروا إلى بيت الرب ليحرسوا حراسة بيت الرب حول الملك ولا ينصرفوا حسب العادة.

يَهُويَادَاعُ ٱلْكَاهِنُ (ع ٩) والأرجح أنه كان رئيس الكهنة.

ٱلدَّاخِلِينَ فِي ٱلسَّبْتِ مَعَ ٱلْخَارِجِينَ الداخلون هم الذين صار دورهم للخدمة والخارجون هم الذين أكملوا مدة خدمتهم ولكنهم لم ينصرفوا.

ٱلَّتِي لِلْمَلِكِ دَاوُدَ (ع ١٠) (انظر ٢صموئيل ٨: ٧ و١٠ و١١).

مِنْ جَانِبِ ٱلْبَيْتِ ٱلأَيْمَنِ (ع ١١) كانوا مصطفين في الدار أمام البيت وامتدت الصفوف من الجانب الواحد إلى الآخر. كان باب الهيكل إلى الشرق فكان جانب البيت الأيمن إلى الجنوب والأيسر إلى الشمال.

حَوْلَ ٱلْمَذْبَحِ مذبح المحرقة الذي كان في الدار أمام البيت.

وَأَعْطَاهُ ٱلشَّهَادَةَ (ع ١٢) قسم من أسفار موسى (تثنية ١٧: ١٨) أو ما كان صموئيل قد كتبه (١صموئيل ١٠: ٢٥) أو الوصايا العشر. والكلمة «أعطاه» ليست في الأصل فبعضهم يفهمون أن الكاهن وضع عليه التاج والشهادة أي جعلها فوق رأسه دليلاً على أن الملك تحت شريعة الرب.

صَوْتَ ٱلسُّعَاةِ وَٱلشَّعْبِ (ع ١٣) وهم صارخون ليحيَ الملك. ولم تكن عثليا تنتظر هذا الصوت فتعجبت منه.

ٱلْمِنْبَرِ (ع ١٤) (انظر ٢٣: ٣ و٢أيام ٣٤: ٣١).

طَرِيقِ مَدْخَلِ ٱلْخَيْلِ (ع ١٦) غير طريق باب السعاة المذكور في (ع ١٩) الذي كان الطريق الاعتيادي من بيت الرب إلى بيت الملك وربما الطريق الذي مضت فيه عثليا هو طريق مربط الخيل الذي لبيت الملك.

١٧ – ٢٠ «١٧ وَقَطَعَ يَهُويَادَاعُ عَهْداً بَيْنَ ٱلرَّبِّ وَبَيْنَ ٱلْمَلِكِ وَٱلشَّعْبِ لِيَكُونُوا شَعْباً لِلرَّبِّ، وَبَيْنَ ٱلْمَلِكِ وَٱلشَّعْبِ. ١٨ وَدَخَلَ جَمِيعُ شَعْبِ ٱلأَرْضِ إِلَى بَيْتِ ٱلْبَعْلِ وَهَدَمُوا مَذَابِحَهُ وَكَسَّرُوا تَمَاثِيلَهُ تَمَاماً، وَقَتَلُوا مَتَّانَ كَاهِنَ ٱلْبَعْلِ أَمَامَ ٱلْمَذَابِحِ. وَجَعَلَ ٱلْكَاهِنُ نُظَّاراً عَلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ١٩ وَأَخَذَ رُؤَسَاءَ ٱلْمِئَاتِ وَٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةَ وَكُلَّ شَعْبِ ٱلأَرْضِ، فَأَنْزَلُوا ٱلْمَلِكَ مِنْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَأَتَوْا فِي طَرِيقِ بَابِ ٱلسُّعَاةِ إِلَى بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلْمُلُوكِ. ٢٠ وَفَرِحَ جَمِيعُ شَعْبِ ٱلأَرْضِ. وَٱسْتَرَاحَتِ ٱلْمَدِينَةُ. وَقَتَلُوا عَثَلْيَا بِٱلسَّيْفِ عِنْدَ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ. ٢١ كَانَ يَهُوآشُ ٱبْنَ سَبْعِ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ».

يشوع ٢٤: ٢٥ و٢أيام ١٥: ١٢ – ١٤ و٣٤: ٣١ و١صموئيل ١٠: ٢٥ و٢صموئيل ٥: ٣ ص ١٠: ٢٦ و٢٧ تثنية ١٢: ٢ و٣ و١ملوك ١٨: ٤٠ ع ٤ ع ٦ و٢أيام ٢٤: ١ – ١٤

وَقَطَعَ يَهُويَادَاعُ كان الحكم له لأن الملك كان لم يزل ولداً. وفي هذا الفصل ذكر ثلاثة من أعماله الأولى ومنها تجديد العهد وهو أولاً بين الله الحلف الواحد والملك والشعب الحلف الآخر وثانياً بين الملك وبين الشعب. ولا شك في أن مضمون هذا العهد كان كما في (خروج ١٩: ٥ – ٨ و٢٤: ٣ – ٨ و٢٤: ٣ – ٨ و٣٤: ١٠ – ٢٨). وعلى الملك الحكم على الشعب حسب شريعة الرب وعلى الشعب الخضوع للملك.

والثاني من أعمال يهوياداع إبادة عبادة البعل والظاهر أن يهورام أو عثليا كان بنى معبداً للبعل في أورشليم المدينة التي كان الرب اختارها لنفسه. وربما كان متّان الذي قتلوه رئيس كهنة البعل والاسم اختصار متّان بعل وهو اسم اعتيادي عند الفينيقيين. وجعل الكاهن أي يهوياداع نُظاراً على بيت الرب عن يد الكهنة اللاويين لأجل إصعاد محرقات الرب كما هو مكتوب في شريعة موسى وأوقف بوابين (٢أيام ٢٣: ١٨ و١٩) وكانت خدمة الهيكل قد توقفت مدة ملك عثليا.

والثالث من أعمال يهوياداع إدخال الملك يوآش إلى بيت الملك وإجلاسه على كرسي الملوك وفي هذه الأعمال الثلاثة كان جميع الشعب مع يهوياداع. ويهوآش هو يوآش بالاختصار.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى