الملوك الثاني

سفر الملوك الثاني | 02 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

١ – ١٨ «١ وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ ٱلرَّبِّ إِيلِيَّا فِي ٱلْعَاصِفَةِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ أَنَّ إِيلِيَّا وَأَلِيشَعَ ذَهَبَا مِنَ ٱلْجِلْجَالِ. ٢ فَقَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: ٱمْكُثْ هُنَا لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى بَيْتِ إِيلَ. فَقَالَ أَلِيشَعُ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَنَزَلاَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. ٣ فَخَرَجَ بَنُو ٱلأَنْبِيَاءِ ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِ إِيلَ إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: أَتَعْلَمُ أَنَّهُ ٱلْيَوْمَ يَأْخُذُ ٱلرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَٱصْمُتُوا. ٤ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: يَا أَلِيشَعُ، ٱمْكُثْ هُنَا لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى أَرِيحَا. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَأَتَيَا إِلَى أَرِيحَا. ٥ فَتَقَدَّمَ بَنُو ٱلأَنْبِيَاءِ ٱلَّذِينَ فِي أَرِيحَا إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: أَتَعْلَمُ أَنَّهُ ٱلْيَوْمَ يَأْخُذُ ٱلرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَٱصْمُتُوا. ٦ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: ٱمْكُثْ هُنَا لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى ٱلأُرْدُنِّ. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ. وَٱنْطَلَقَا كِلاَهُمَا. ٧ فَذَهَبَ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ وَوَقَفُوا قُبَالَتَهُمَا مِنْ بَعِيدٍ. وَوَقَفَ كِلاَهُمَا بِجَانِبِ ٱلأُرْدُنِّ. ٨ وَأَخَذَ إِيلِيَّا رِدَاءَهُ وَلَفَّهُ وَضَرَبَ ٱلْمَاءَ، فَٱنْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي ٱلْيَبَسِ. ٩ وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: ٱطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ. فَقَالَ أَلِيشَعُ: لِيَكُنْ نَصِيبُ ٱثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ. ١٠ فَقَالَ: صَعَّبْتَ ٱلسُّؤَالَ. فَإِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذٰلِكَ، وَإِلاَّ فَلاَ يَكُونُ. ١١ وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي ٱلْعَاصِفَةِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ. ١٢ وَكَانَ أَلِيشَعُ يَرَى وَهُوَ يَصْرُخُ: يَا أَبِي يَا أَبِي، مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا! وَلَمْ يَرَهُ بَعْدُ. فَأَمْسَكَ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا قِطْعَتَيْنِ، ١٣ وَرَفَعَ رِدَاءَ إِيلِيَّا ٱلَّذِي سَقَطَ عَنْهُ، وَرَجَعَ وَوَقَفَ عَلَى شَاطِئِ ٱلأُرْدُنِّ. ١٤ فَأَخَذَ رِدَاءَ إِيلِيَّا ٱلَّذِي سَقَطَ عَنْهُ وَضَرَبَ ٱلْمَاءَ وَقَالَ: أَيْنَ هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِيلِيَّا؟ ثُمَّ ضَرَبَ ٱلْمَاءَ أَيْضاً فَٱنْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَ أَلِيشَعُ. ١٥ وَلَمَّا رَآهُ بَنُو ٱلأَنْبِيَاءِ ٱلَّذِينَ فِي أَرِيحَا قُبَالَتَهُ قَالُوا: قَدِ ٱسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ. فَجَاءُوا لِلِقَائِهِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى ٱلأَرْضِ. ١٦ وَقَالُوا لَهُ: هُوَذَا مَعَ عَبِيدِكَ خَمْسُونَ رَجُلاً ذَوُو بَأْسٍ، فَدَعْهُمْ يَذْهَبُونَ وَيُفَتِّشُونَ عَلَى سَيِّدِكَ، لِئَلاَّ يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ رُوحُ ٱلرَّبِّ وَطَرَحَهُ عَلَى أَحَدِ ٱلْجِبَالِ أَوْ فِي أَحَدِ ٱلأَوْدِيَةِ. فَقَالَ: لاَ تُرْسِلُوا. ١٧ فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ حَتَّى خَجِلَ وَقَالَ: أَرْسِلُوا. فَأَرْسَلُوا خَمْسِينَ رَجُلاً، فَفَتَّشُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَجِدُوهُ. ١٨ وَلَمَّا رَجَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ مَاكِثٌ فِي أَرِيحَا قَالَ لَهُمْ: أَمَا قُلْتُ لَكُمْ لاَ تَذْهَبُوا؟».

تكوين ٥: ٢٤ وعبرانيين ١١: ٥ و١ملوك ١٩: ١٦ – ٢١ يشوع ٤: ١٩ راعوث ١: ١٥ و١ملوك ١٢: ٢٨ و٢٩ ع ٤ و٦ و١صموئيل ١: ٢٦ ص ٤: ١ و٣٨ و٥: ٢٢ ع ٢ يشوع ٦: ٢٦ ع ٢ ع ٣ يشوع ٣: ٨ و١٥ – ١٧ ع ١٥ و١٦ و١ملوك ١٩: ١٣ و١٩ ع ١٤ وخروج ١٤: ٢١ و٢٢ ص ٦: ١٧ ص ١٣: ١٤ تكوين ٣٧: ٣٤ وأيوب ١: ٢٠ ع ٨ ع ٧ و١ملوك ١٨: ١٢ وأعمال ٨: ٣٩ ص ٨: ١١

في ٢أيام ٢١: ١٢ – ١٥ أتت كتابة من إيليا النبي إلى يهورام ومضمونها يدل على أنها كانت في آخر ملكه وبعد موت أبيه. فنستنتج أن الخبر هنا بإصعاد إيليا إلى السماء لم يكن في محله نظراً إلى ترتيب الحوادث حسب الزمان بل وضعه الكاتب هنا لكي يكمل كلامه في إيليا ثم رجع إلى ذكر بعض أمور حدثت قبل إصعاد إيليا.

إِيلِيَّا وَأَلِيشَعَ كان أليشع يخدم إيليا (١ملوك ١٩: ٢١ و٢ملوك ٣: ١١) وكان معه غير أنه ليس مذكوراً في التاريخ من زمان دعوته إلى زمان إصعاد إيليا.

ٱلْجِلْجَالِ ليست الجلجال التي حل فيها بنو إسرائيل بعدما عبروا الأردن (يشوع ٤: ١٩) والجلجال المذكورة هنا كانت في جبل أفرايم على بعد ٨ أميال شمال بيت إيل وهي جلجلية الحالية وكان فيها مقر للأنبياء (٢ملوك ٤: ٣٨).

فَقَالَ إِيلِيَّا (ع ٢) عرف أن زمان انتقاله قد حضر. وربما عرف أليشع أيضاً أن سيده سيفارقه ولكن في قلبيهما ما لا يقدران أن يعبّرا عنه بالكلام. كان إيليا على وشك الوقوف أمام الرب في السماء وعلى أليشع أن يتسلم منه أثقال الخدمة وأخطارها. وكانا مزمعين أن يتفارقا.

ٱلرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي كان الرب قد رسم له حوادث تلك الساعات الأخيرة فأرسله ليزور الأنبياء في محلاتهم المختلفة ويكلمهم كلامه الأخير. وربما طلب إيليا من أليشع أن يمكث في الجلجال لأنه أراد الانفراد قبل انتقاله أو لأنه أشفق على خادمه أو لأنه قصد امتحان محبته وأمانته. وأليشع أظهر محبته الشديدة بقوله «حي هو الرب الخ».

بَنُو ٱلأَنْبِيَاءِ (ع ٣) هم التلاميذ في مدرسة الأنبياء وكان رئيسهم كأبيهم. وربما علموا أن انتقال إيليا قريب إما بإعلان وإما بواسطة إيليا. وأما أليشع فلم يرد زيادة حزنه بكثرة الكلام.

أَرْسَلَنِي إِلَى ٱلأُرْدُنِّ (ع ٦) بعد زيارة مدارس الأنبياء ذهب إلى برية في عبر الأردن ليكون صعوده في مكان منفرد كما صعد موسى ليموت في جبل نبو.

فَذَهَبَ خَمْسُونَ (ع ٧) وهم من مدرسة الأنبياء في أريحا وهي إحدى المدارس فقط فلا شك في أن عدد جميع الأنبياء كان كثيراً وربما أكثر عبدة الرب التجأوا إلى هذه المدراس خوفاً من اضطهاد أخآب وبنيه.

رِدَاءَهُ (ع ٨) الرداء الذي طرحه على أليشع حينما دعاه (١ملوك ١٩: ١٩).

وَضَرَبَ ٱلْمَاءَ كما مدّ موسى يده فانشق البحر وانفلق نهر الأردن أمام يشوع. وكان عمل إيليا شهادة لإسرائيل لينتبهوا إلى كلامه فيخلصوا من عبودية شرّ من عبودية مصر ويدخلوا راحة أعظم من راحة كنعان.

ٱطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ (ع ٩) لم يكن له مال ليتركه لتلميذه. وفعل إيليا لأجل أليشع هو صلاته لأجله.

نَصِيبُ ٱثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ أشار إلى القول في (تثنية ٢١: ١٧) فإن نصيب اثنين من مال الأب هو من حقوق البكر. كان الأنبياء أبناء لأبيهم الروحي أي لإيليا وطلب أليشع أن يكون أولهم ورئيسهم كالبكر بين الأولاد. ولا ننسب له الطمع ولا الكبرياء لأنه طلب أن يكون الأول في الخدمة والخطر والتعب. والطمع من هذا النوع هو من الفضائل والواجبات.

صَعَّبْتَ ٱلسُّؤَالَ (ع ١٠) كان الأمر صعباً على أليشع لأنه ربما لم يشعر بعظمة الخدمة التي كانت أمامه. وصعباً على إيليا لأن تعيين خليفته ليس له بل للرب.

فَإِنْ رَأَيْتَنِي نستنتج أن صعوده كان مخفياً عن النظر الجسدي كما كانت الخيل والمركبات من النار مخفية عن نظر غلام أليشع في دوثان (٦: ١٧) فلما رآه أليشع عرف أن الله قد أعطاه قوة النظر في الروحيات ليرى ويفهم ما لا يقدر غيره أن يراه فعرف أليشع بهذه العلامة أنه تعيّن من الله ليكون رئيساً للأنبياء ومتكلماً عند الناس في أمور الله.

مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ لا شك أن المنظر بقي في بال أليشع كل أيام حياته وبه تقوّى إيمانه ليقول في وقت المقاومة «ٱلَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ ٱلَّذِينَ مَعَهُمْ» (٦: ١٦). ومن ذلك الوقت فصاعداً لم يكن إيليا سيده بل الرب.

يَا أَبِي (ع ١٢) دليل على محبته واعتباره لإيليا. والعبادة توافق طلبته (ع ٩) إنه يأخذ من أبيه الروحي نصيب اثنين.

مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ كان إيليا لإسرائيل كمركبات وفرسان وأفضل منها لأنه به كان الرب يرشد شعبه ويحذّرهم وينصرهم.

فَأَمْسَكَ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا ثياب نفسه ومزّقها علامة لحزنه كعادة القدماء.

وَرَفَعَ رِدَاءَ إِيلِيَّا (ع ١٣) أخذه ليس ليلبسه بل إشارة إلى المقام الذي تسلّمه من إيليا. وكان قد أخذ هذا الرداء سابقاً حينما دعاه إيليا (١ملوك ١٩: ١٩) ثم رجّعه لأن وقته ليخلفه في الخدمة لم يكن قد حضر.

وَضَرَبَ ٱلْمَاءَ (ع ١٤) والظاهر أن الضرب كان بلا نتيجة لأن القوة ليست من الرداء بل من الرب. ثم دعا إله إيليا وضرب الماء أيضاً فانفلق كما في الأول حينما ضربه إيليا. غير أن بعضهم يترجمون العبارة كما يأتي «أين الرب إله إيليا الآن أيضاً وضرب الماء فانفلق» ففهموا أن ضرب الماء كان مرة فقط.

ٱلَّذِينَ فِي أَرِيحَا أي الذين كانوا من أريحا ومسكنهم فيها. ولم يروا المركبة والخيل من النار ولكنهم رأوا أن إيليا قد اختفى وأليشع رجع وانفلق ماء الأردن حينما ضربه فعلموا أن روح إيليا أي قوّته وسلطانه قد استقرت على أليشع فقبلوه رئيساً عليهم.

مَعَ عَبِيدِكَ خَمْسُونَ رَجُلاً (ع ١٦) ربما أن العدد خمسين عدد فرقة من الأنبياء كما كان عدد فرقة من الجنود (١: ٩ – ١٣) وذهابهم وتفتيشهم مدة ثلاثة أيام برهان على أن إيليا بالحقيقة صعد بالجسد.

حَمَلَهُ رُوحُ ٱلرَّبِّ (انظر ١ملوك ١٨: ١٢ وأعمال ٨: ٣٩). وكان من عادة إيليا أن يختفي ويظهر بغتة.

انتهت حياة إيليا ولكنه لم يُنس. وبناء على الوعد في أخر العهد القديم (ملاخي ٤: ٥) «هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا ٱلنَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ ٱلرَّبِّ ٱلْيَوْمِ ٱلْعَظِيمِ وَٱلْمَخُوفِ» كان اليهود ينتظرون رجوعه غير أنهم لم يفهموا أن هذه النبوءة تمت في يوحنا المعمدان الذي كان فيه روح إيليا (متّى ١٧: ١٠ – ١٣). وكان موسى وإيليا مع يسوع في جبل التجلي فكان موسى خادم الناموس الذي حفظه يسوع حفظاً كاملاً وكان إيليا رمزاً إلى القيامة وصعود يسوع إلى السماء. وكان شاهداً أميناً للرب في شر الأزمنة. وبمقاومته لعبادة البعل شجع وشدد كثيرين من عبدة الرب.

١٩ – ٢٢ «١٩ وَقَالَ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ لأَلِيشَعَ: هُوَذَا مَوْقِعُ ٱلْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا ٱلْمِيَاهُ فَرَدِيئَةٌ وَٱلأَرْضُ مُجْدِبَةٌ. ٢٠ فَقَالَ: ٱئْتُونِي بِصَحْنٍ جَدِيدٍ وَضَعُوا فِيهِ مِلْحاً. فَأَتَوْهُ بِهِ. ٢١ فَخَرَجَ إِلَى نَبْعِ ٱلْمَاءِ وَطَرَحَ فِيهِ ٱلْمِلْحَ وَقَالَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: قَدْ أَبْرَأْتُ هٰذِهِ ٱلْمِيَاهَ. لاَ يَكُونُ فِيهَا أَيْضاً مَوْتٌ وَلاَ جَدْبٌ. ٢٢ فَبَرِئَتِ ٱلْمِيَاهُ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ حَسَبَ قَوْلِ أَلِيشَعَ ٱلَّذِي نَطَقَ بِهِ».

ص ٤: ٤١ و٦: ٦ وخروج ١٥: ٢٥ و٢٦

رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ كانوا قد سمعوا من بني الأنبياء ما فعل إيليا بالأردن فاغتنموا الفرصة ليطلبوا منه بركة لمدينتهم. إن موقع مدينة أريحا حسن وكان عند سفح الجبل وأمام المدينة سهل الأردن وحولها النخل وغيرها من الأشجار والأعشاب التي لها رائحة طيبة. وكان موقع المدينة حسناً أيضاً للتجارة. ولكن المياه ردية والأرض مجدبة أي غير مثمرة ونسبوا جدبها إلى رداءة مياهها. والكلمة العبرانية المترجمة مجدبة «مشكلة» أي مثكلة أو مُسقطة وهي الكلمة الواردة في (هوشع ٩: ١٤) المترجمة مسقطاً.

صَحْنٍ جَدِيدٍ ليس في الصحن ولا في الملح قوة الشفاء ولكن استعمالها موافق لأن من يطهّر غيره يجب أن يكون هو طاهراً. والملح ضد الفساد. قال يسوع لتلاميذه الذين بواسطتهم يتجدّد العالم «أنتم ملح الأرض».

إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ (ع ٢٢) يُظن أن المياه التي برئت هي التي تخرج من عين السلطان الحالية وهي اليوم عذبة جيدة.

٢٣ – ٢٥ «٢٣ ثُمَّ صَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي ٱلطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: ٱصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! ٱصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! ٢٤ فَٱلْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ ٱلْوَعْرِ وَٱفْتَرَسَتَا مِنْهُمُ ٱثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً. ٢٥ وَذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى جَبَلِ ٱلْكَرْمَلِ، وَمِنْ هُنَاكَ رَجَعَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ».

نحميا ١٣: ٢٥ – ٢٧ ص ٤: ٢٥ و١ملوك ١٨: ١٩ و٢٠

ٱصْعَدْ يَا أَقْرَعُ ربما كانوا قد سمعوا خبر صعود إيليا وبقولهم ازدروا بعمل الله العجيب واحتقروا خادمه. ولم يكن أليشع كبيراً في العمر وربما كانت قرعته غير اعتيادية وبخلاف إيليا إذا فهمنا من العبارة «رجل أشعر» (١: ٨) إنه طويل الشعر مرخيّه.

لَعَنَهُمْ (ع ٢٤ انظر ١: ١٠ وتفسيره) احتضن الأولاد وباركهم (مرقس ١٠: ١٦) وأما أولئك الأولاد في بيت إيل فكانوا كفرقة من جيش الشرير مرسلة لمقاومة أليشع ووراءهم كثيرون مستعدون ليتبعوهم ويكملوا عملهم. فلم يكن عمل أليشع للأولاد الأفراد بل لجيش الأشرار القادم عليه فلم يترك الرب عبده ليعملوا فيه كما أرادوا بل ردهم وقهرهم وعلّم أهل بيت إيل وشعب إسرائيل كلهم إنه الإله الحي القدير الغيور لمجد نفسه ولعبيده الأنبياء.

رَجَعَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ (ع ٢٥) كانت السامرة قاعدة المملكة وكان لأليشع بيت فيها (٥: ٣ و٩ و٦: ٣٢) وكان يعاشر الملك والشيوخ وله اعتبار بينهم. من ينفرد دائماً ومن لا ينفرد أبداً لا يقدران أن يعملا عمل الرب.

فوائد

ع ١١ «الانتقال»

  1. إنه كان بلا جنازة وبلا دفن. فإن هذه الفرائض الدينية لائقة وليست ضرورية.
  2. إنه كان فجأة. وكان ذلك رحمة من الله لأنه انتقل بلا مرض وبلا ألم.
  3. إنه كان بالإيمان بالمسيح الذي رآه أولاً بالإيمان ثم بالجسد على جبل التجلي. وبالإيمان خلص لأنه كان رجلاً خاطئاً مثلنا.

    إنه كان مثالاً لنا لأن لنا رجاء بالصعود إلى السماء بعد القيامة لنكون مع الرب.

ع ١٩ – ٢٢ «برئت المياه» مياه رديئة

(١) شرب المسكر (٢) الكفر (٣) المقامرة (٤) قلوبنا الشريرة.

لا شيء يبرئ هذه المياه إلا إنجيل المسيح.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى