الملوك الأول

سفر الملوك الأول | 20 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر الملوك الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ

١ – ١٢ «١ وَجَمَعَ بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ كُلَّ جَيْشِهِ، وَٱثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ مَلِكاً مَعَهُ، وَخَيْلاً وَمَرْكَبَاتٍ وَصَعِدَ وَحَاصَرَ ٱلسَّامِرَةَ وَحَارَبَهَا. ٢ وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى أَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا يَقُولُ بَنْهَدَدُ: ٣ لِي فِضَّتُكَ وَذَهَبُكَ، وَلِي نِسَاؤُكَ وَبَنُوكَ ٱلْحِسَانُ. ٤ فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: حَسَبَ قَوْلِكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ، أَنَا وَجَمِيعُ مَا لِي لَكَ. ٥ فَرَجَعَ ٱلرُّسُلُ وَقَالُوا: هٰكَذَا تَكَلَّمَ بَنْهَدَدُ: إِنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ أَنَّ فِضَّتَكَ وَذَهَبَكَ وَنِسَاءَكَ وَبَنِيكَ تُعْطِينِي إِيَّاهُمْ. ٦ فَإِنِّي فِي نَحْوِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ غَداً أُرْسِلُ عَبِيدِي إِلَيْكَ فَيُفَتِّشُونَ بَيْتَكَ وَبُيُوتَ عَبِيدِكَ، وَكُلَّ مَا هُوَ شَهِيٌّ فِي عَيْنَيْكَ يَضَعُونَهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَيَأْخُذُونَهُ. ٧ فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ شُيُوخِ ٱلأَرْضِ وَقَالَ: ٱعْلَمُوا وَٱنْظُرُوا أَنَّ هٰذَا يَطْلُبُ ٱلشَّرَّ، لأَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ بِطَلَبِ نِسَائِي وَبَنِيَّ وَفِضَّتِي وَذَهَبِي وَلَمْ أَمْنَعْهَا عَنْهُ. ٨ فَقَالَ لَهُ كُلُّ ٱلشُّيُوخِ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ: لاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تَقْبَلْ. ٩ فَقَالَ لِرُسُلِ بَنْهَدَدَ: قُولُوا لِسَيِّدِي ٱلْمَلِكِ إِنَّ كُلَّ مَا أَرْسَلْتَ فِيهِ إِلَى عَبْدِكَ أَوَّلاً أَفْعَلُهُ. وَأَمَّا هٰذَا ٱلأَمْرُ فَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَهُ. فَرَجَعَ ٱلرُّسُلُ وَرَدُّوا عَلَيْهِ ٱلْجَوَابَ. ١٠ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَنْهَدَدُ وَقَالَ: هٰكَذَا تَفْعَلُ بِي ٱلآلِهَةُ وَهٰكَذَا تَزِيدُنِي إِنْ كَانَ تُرَابُ ٱلسَّامِرَةِ يَكْفِي قَبَضَاتٍ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي يَتْبَعُنِي. ١١ فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: قُولُوا: لاَ يَفْتَخِرَنَّ مَنْ يَشُدُّ كَمَنْ يَحِلُّ. ١٢ فَلَمَّا سَمِعَ هٰذَا ٱلْكَلاَمَ وَهُوَ يَشْرَبُ مَعَ ٱلْمُلُوكِ فِي ٱلْخِيَامِ قَالَ لِعَبِيدِهِ: «ٱصْطَفُّوا» فَٱصْطَفُّوا عَلَى ٱلْمَدِينَةِ».

ص ١٥: ١٨ و٢٠ و٢ملوك ٦: ٢٤ ص ٢٢: ٣١ ص ١٦: ٢٤ و٢ملوك ٦: ٢٤ – ٢٩ و٢ملوك ٥: ٧ ص ١٩: ٢ و٢ملوك ٦: ٣١ أمثال ٢٧: ١ ص ١٦: ٩

كان ثلاثة ملوك من ملوك دمشق باسم بنهدد (١) المذكور في (١ملوك ١٥: ١٧ – ٢١) استغاث به آسا ملك يهوذا حينما حارب بعشا ملك إسرائيل (٢) المذكور هنا. ومن المحتمل أنه هو المذكور سابقاً لأنه بين موت بعشا وأول ملك أخآب ١٤ سنة فقط. والأرجح أنه ابن المذكور أولاً (٣) ابن حزائيل الذي قتل بنهدد وملك عوضاً عنه فتسمى الابن باسم الملك المقتول (٢ملوك ١٣: ٣ – ٧).

ًوَٱثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ مَلِكا نستنتج من كثرتهم أنهم كانوا أمراء أو شيوخاً فقط وإنما كانوا تحت رئاسة بنهدد.

حَاصَرَ ٱلسَّامِرَةَ لم يظهر سبب لمحاربته إسرائيل إلا طمعه. ولم يقدر أخآب أن يقاوم بنهدد وخيله ومركباته وجيشه العظيم فالتجأ إلى السامرة وهي مدينة محصنة على رأس تل. ومما يدل على مناعتها أن ملك أشور حاصرها ثلاث سنين (٢ملوك ١٧: ٥).

وَلِي نِسَاؤُكَ (ع ٣) في هذه الطلبة أعظم إهانة ولو قبلها أخآب لكان خلع نفسه عن الملك وصار عبداً مطيعاً لبنهدد.

حَسَبَ قَوْلِكَ يَا سَيِّدِي (ع ٤) ربما سلّم لبنهدد في هذا الأمر لأمله أن جوابه اللين يصرف غضب الملك أو لأنه قصد تأجيل الأمر قليلاً لكي يستشير شيوخه ويستعد للحصار.

فَيُفَتِّشُونَ بَيْتَكَ (ع ٦) خضوع أخآب في هذه الطلبة ساق بنهدد إلى طلبة أعظم وأثقل. وهذه أثقل من الأولى لأن عبيد بنهدد أولاً سيدخلون البيوت يفتشون ويأخذون مهما استحسنوا وثانياً لأن هذه الطلبة الثانية أقلقت جميع الشعب وليس الملك فقط.

جَمِيعَ شُيُوخِ ٱلأَرْضِ (ع ٧) وليس فقط شيوخ السامرة وربما كانوا مجتمعين في السامرة خوفاً من الأراميين.

ٱلشُّيُوخِ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ (ع ٨) أي الشيوخ وغيرهم من العظماء جاوبوا الملك بصوت واحد. وعرفوا أنهم ليسوا قادرين على مقاومة بنهدد ولكنهم فضلوا الموت على التسليم. وربما اتكلوا على مناعة مدينتهم.

قَبَضَاتٍ لِكُلِّ ٱلشَّعْبِ (ع ١٠) صرّح بقصده أن يدمّر السامرة وافتخر بكثرة الشعب الذي معه. وحلف بآلهته وطلب منها أن تفعل به كما قصد أن يفعل بأهل السامرة إن لم يعملوا كما قال.

لاَ يَفْتَخِرَنَّ مَنْ يَشُدُّ كَمَنْ يَحِلُّ (ع ١١) (١) لأن لا أحد يعرف المستقبل وربما يحدث ما لم ينتظره ولا استعد له. (٢) لأن هنالك قوات روحية لا يقدر الإنسان أن يزنها ويقيسها. ومنها محبة الوطن والشفقة على المظلومين وسلطة الصدق والعدل والحق على قلوب الناس (٣) لأن الانتصار من الرب وعلى من يفتخر أن يفتخر بالرب. والغلبة لمن يسير مع الرب والرب معه.

وَهُوَ يَشْرَبُ (ع ١٢) رأى وهو يسكر أن الغلبة أكيدة فلا يلزمه السهر والاستعداد. وكان الملوك معه أي لم يبق من كان صاحياً مستعداً ليقود الجيش. وربما شرب الجنود أيضاً اقتداء بقوّادهم.

١٣ – ٢١ «١٣ وَإِذَا بِنَبِيٍّ تَقَدَّمَ إِلَى أَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَلْ رَأَيْتَ كُلَّ هٰذَا ٱلْجُمْهُورِ ٱلْعَظِيمِ؟ هَئَنَذَا أَدْفَعُهُ لِيَدِكَ ٱلْيَوْمَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ. ١٤ فَقَالَ أَخْآبُ: بِمَنْ؟ فَقَالَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: بِغِلْمَانِ رُؤَسَاءِ ٱلْمُقَاطَعَاتِ. فَقَالَ: مَنْ يَبْتَدِئُ بِٱلْحَرْبِ؟ فَقَالَ: أَنْتَ. ١٥ فَعَدَّ غِلْمَانَ رُؤَسَاءِ ٱلْمُقَاطَعَاتِ فَبَلَغُوا مِئَتَيْنِ وَٱثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ. وَعَدَّ بَعْدَهُمْ كُلَّ ٱلشَّعْبِ، كُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَبْعَةَ آلاَفٍ. ١٦ وَخَرَجُوا عِنْدَ ٱلظُّهْرِ وَبَنْهَدَدُ يَشْرَبُ وَيَسْكَرُ فِي ٱلْخِيَامِ هُوَ وَٱلْمُلُوكُ ٱلاثْنَانِ وَٱلثَّلاَثُونَ ٱلَّذِينَ سَاعَدُوهُ. ١٧ فَخَرَجَ غِلْمَانُ رُؤَسَاءِ ٱلْمُقَاطَعَاتِ أَوَّلاً. وَأَرْسَلَ بَنْهَدَدُ فَأَخْبَرُوهُ: قَدْ خَرَجَ رِجَالٌ مِنَ ٱلسَّامِرَةِ. ١٨ فَقَالَ: إِنْ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا لِلسَّلاَمِ فَأَمْسِكُوهُمْ أَحْيَاءً، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا لِلْقِتَالِ فَأَمْسِكُوهُمْ أَحْيَاءً. ١٩ فَخَرَجَ غِلْمَانُ رُؤَسَاءِ ٱلْمُقَاطَعَاتِ هٰؤُلاَءِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ هُمْ وَٱلْجَيْشُ ٱلَّذِي وَرَاءَهُمْ ٢٠ وَضَرَبَ كُلُّ رَجُلٍ رَجُلَهُ، فَهَرَبَ ٱلأَرَامِيُّونَ وَطَارَدَهُمْ إِسْرَائِيلُ، وَنَجَا بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ عَلَى فَرَسٍ مَعَ ٱلْفُرْسَانِ. ٢١ وَخَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فَضَرَبَ ٱلْخَيْلَ وَٱلْمَرْكَبَاتِ، وَضَرَبَ أَرَامَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً».

ع ٢٨ ص ١٨: ٣٦ ع ١٢ و٢ملوك ١٤: ٨ – ١٢

وَإِذَا بِنَبِيٍّ لا نعرف من هو. كانت إيزابل قد قتلت كثيرين من الأنبياء وأما عوبديا فكان قد خبأ مئة منهم (١٨: ٤) ولم يخف النبي المذكور هنا لأنه أتى إلى الملك ببشارة في وقت الضيق وكان الشعب مهتمين بالخلاص من الأراميين وليس بقتل أنبياء الرب. انظر تنازل الرب ورحمته لأنه أرسل نبياً للذين كانوا قد رفضوا كلامه.

فَقَالَ أَخْآبُ بِمَنْ (ع ١٤) بسؤاله أظهر إيمانه فإنه صدق أن الرب يخلّصهم وطلب أن يعرف العمل المعيّن من الرب لإجراء قصده.

رُؤَسَاءِ ٱلْمُقَاطَعَاتِ هم وكلاء الملك أو ولاة المقاطعات (٤: ٧ و١٠: ١٥) وغلمانهم هم خدامهم.

مَنْ يَبْتَدِئُ بِٱلْحَرْبِ فَقَالَ أَنْتَ وهنا امتحان إيمان أخآب فإنه كان عليه المسؤولية والتدبير وعليه الخسارة والعار إن لم ينجح. وحسب الظاهر إن لم يكن أدنى أمل بالنجاح. وعلى كل من يطلب الخلاص لشعب الله أن يقدم نفسه أولاً للخدمة ويكون هو الأول في مكان الخطر والتعب.

كُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَبْعَةَ آلاَفٍ (ع ١٥) كانوا قليلين جداً بالنسبة إلى ما كانوا عليه قبلاً (٢أيام ١٣: ٣) والنسبة إلى جيش بنهدد. ولا شك في أن رجال إسرائيل كانوا أكثر من العدد المذكور ولكن لم يقدر أخآب أن يجمع أكثر من سبعة آلاف في ذلك الوقت.

خَرَجُوا عِنْدَ ٱلظُّهْرِ (ع ١٦) كان ذلك الوقت موافقاً لغايتهم لأن بنهدد والملوك كانوا يأكلون ويسكرون وكان الجنود غير منتبهين وغير مستعدين. انظر نبأ إيلة (١٦: ٩) وبلشصر (دانيال ٥: ١ الخ) وأحشويوس (أستير ١: ١٠) وهيرودس (متّى ١٤: ١ – ١٢).

فَأَمْسِكُوهُمْ أَحْيَاءً (ع ١٨) لعله لم يأمر بقتلهم بالحاضر لأنه قصد سجنهم أو تعذيبهم أو قتلهم على طريقة أخرى. ولم يرد أن يفتح باباً للمفاوضات بالصلح فلم يعامل الخارجين كسفراء.

فَهَرَبَ ٱلأَرَامِيُّونَ (ع ٢٠) من خوفهم وعدم النظام والاستعداد. كالكنعانيين (قضاة ٤: ١٢ – ١٦) والمديانيين (قضاة ٧: ١٩ – ٢٣) وفي الكثرة خطر إذا كان الجيش بلا نظام.

عَلَى فَرَسٍ أي من عجلته لم يذهب بمركبة كما كان أتى وكما يليق بملك.

وَخَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ (ع ٢١) والظاهر أن أخآب لم يخرج في الأول بل أرسل جيشه بعد أن عدهم وأوصاهم فتبعهم بعدما انتصروا.

٢٢ – ٣٤ «٢٢ فَتَقَدَّمَ ٱلنَّبِيُّ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: ٱذْهَبْ تَشَدَّدْ، وَٱعْلَمْ وَٱنْظُرْ مَا تَفْعَلُ. لأَنَّهُ عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ يَصْعَدُ عَلَيْكَ مَلِكُ أَرَامَ. ٢٣ وَأَمَّا عَبِيدُ مَلِكِ أَرَامَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ آلِهَتَهُمْ آلِهَةُ جِبَالٍ، لِذٰلِكَ قَوُوا عَلَيْنَا. وَلٰكِنْ إِذَا حَارَبْنَاهُمْ فِي ٱلسَّهْلِ فَإِنَّنَا نَقْوَى عَلَيْهِمْ. ٢٤ وَٱفْعَلْ هٰذَا ٱلأَمْرَ: ٱعْزِلِ ٱلْمُلُوكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ، وَضَعْ قُوَّاداً مَكَانَهُمْ. ٢٥ وَأَحْصِ لِنَفْسِكَ جَيْشاً كَٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي سَقَطَ مِنْكَ فَرَساً بِفَرَسٍ وَمَرْكَبَةً بِمَرْكَبَةٍ، فَنُحَارِبَهُمْ فِي ٱلسَّهْلِ وَنَقْوَى عَلَيْهِمْ. فَسَمِعَ لِقَوْلِهِمْ وَفَعَلَ كَذٰلِكَ. ٢٦ وَعِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ عَدَّ بَنْهَدَدُ ٱلأَرَامِيِّينَ وَصَعِدَ إِلَى أَفِيقَ لِيُحَارِبَ إِسْرَائِيلَ. ٢٧ وَأُحْصِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَتَزَوَّدُوا وَسَارُوا لِلِقَائِهِمْ. فَنَزَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُقَابِلَهُمْ نَظِيرَ قَطِيعَيْنِ صَغِيرَيْنِ مِنَ ٱلْمِعْزَى. وَأَمَّا ٱلأَرَامِيُّونَ فَمَلأُوا ٱلأَرْضَ. ٢٨ فَتَقَدَّمَ رَجُلُ ٱللّٰهِ وَقَالَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ ٱلأَرَامِيِّينَ قَالُوا إِنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهُ جِبَالٍ وَلَيْسَ إِلٰهَ أَوْدِيَةٍ، أَدْفَعُ كُلَّ هٰذَا ٱلْجُمْهُورِ ٱلْعَظِيمِ لِيَدِكَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ. ٢٩ فَنَزَلَ هٰؤُلاَءِ مُقَابِلَ أُولَئِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ ٱشْتَبَكَتِ ٱلْحَرْبُ، فَضَرَبَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلأَرَامِيِّينَ مِئَةَ أَلْفِ رَاجِلٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. ٣٠ وَهَرَبَ ٱلْبَاقُونَ إِلَى أَفِيقَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، وَسَقَطَ ٱلسُّورُ عَلَى ٱلسَّبْعَةِ وَٱلْعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ ٱلْبَاقِينَ. وَهَرَبَ بَنْهَدَدُ وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ. ٣١ فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: إِنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ مُلُوكَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ هُمْ مُلُوكٌ حَلِيمُونَ، فَلْنَضَعْ مُسُوحاً عَلَى أَحْقَائِنَا وَحِبَالاً عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَخْرُجُ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ لَعَلَّهُ يُحْيِي نَفْسَكَ. ٣٢ فَشَدُّوا مُسُوحاً عَلَى أَحْقَائِهِمْ وَحِبَالاً عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَأَتَوْا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ وَقَالُوا: يَقُولُ عَبْدُكَ بَنْهَدَدُ: لِتَحْيَ نَفْسِي. فَقَالَ: أَهُوَ حَيٌّ بَعْدُ؟ هُوَ أَخِي. ٣٣ فَتَفَاءَلَ ٱلرِّجَالُ وَأَسْرَعُوا وَلَجُّوا هَلْ هُوَ مِنْهُ. وَقَالُوا: أَخُوكَ بَنْهَدَدُ. فَقَالَ: «ٱدْخُلُوا خُذُوهُ» فَخَرَجَ إِلَيْهِ بَنْهَدَدُ فَأَصْعَدَهُ إِلَى ٱلْمَرْكَبَةِ. ٣٤ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَرُدُّ ٱلْمُدُنَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا أَبِي مِنْ أَبِيكَ، وَتَجْعَلُ لِنَفْسِكَ أَسْوَاقاً فِي دِمَشْقَ كَمَا جَعَلَ أَبِي فِي ٱلسَّامِرَةِ. فَقَالَ: وَأَنَا أُطْلِقُكَ بِهٰذَا ٱلْعَهْدِ. فَقَطَعَ لَهُ عَهْداً وَأَطْلَقَهُ».

ع ١٣ ع ٢٦ و٢صموئيل ١١: ١ ص ١٤: ٢٣ ع ٢٢ و٢ملوك ١٣: ١٧ قضاة ٦: ٣ – ٥ و١صموئيل ١٣: ٥ – ٨ ص ١٧: ١٨ ع ٢٣ ع ١٣ ع ٢٦ ص ٢٢: ٢٥ و٢أيام ١٨: ٢٤ ع ٢٣ – ٢٦ تكوين ٣٧: ٣٤ و٢صموئيل ٣: ٢١ ع ٢١ ع ٣ – ٦ ص ١٥: ٢٠

فَتَقَدَّمَ ٱلنَّبِيُّ المذكور سابقاً (ع ١٣).

ٱذْهَبْ الخ أي لا تجلس ولا تسترح ولا تظن أنك خلصت تماماً من أرام.

عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ أي في الصيف القادم لأن الصيف هو أحسن وقت للحرب.

آلِهَةُ جِبَالٍ (ع ٢٣) اعتقدوا بوجود آلهة كثيرة ولكل قطيعة من الأرض إله يملك فيها كما يملك ملك من البشر في مملكته. وكان الأراميون أقوى من الإسرائيليين في السهول لأن لهم خيلاً ومركبات فنرى في كلامهم سياسة حربية مع خرافات دينية.

ٱعْزِلِ ٱلْمُلُوكَ (ع ٢٤) فضلوا القواد على الملوك لأن القواد كانوا متمرنين في الحرب وكانوا تحت الأمر والنظام العسكري فيكون الجيش كله بقيادتهم جيشاً واحداً.

كَٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي سَقَطَ (ع ٢٥) كانت مشورتهم موافقة لكبرياء الملك لأنه حينما ينظر إلى الجيش الجديد يتوهم أنه الجيش الأول البائد فيكون كأنه لم يخسر شيئاً.

أَفِيقَ (ع ٢٦) الأرجح أنها بلدة واقعة عند رأس وادي أفيق على بعد ٦ أميال شرق بحر الجليل. فكان أن بني إسرائيل تشجعوا وتشددوا وخرجوا من حصونهم ليحاربوا الأراميين في السهل. وكان ذلك من الرب ليعلم الأراميون إنه إله السهول كالجبال.

تَزَوَّدُوا (ع ٢٧) الكلمة تدل على أنهم ابتعدوا عن مساكنهم.

قَطِيعَيْنِ صَغِيرَيْنِ ربما انقسموا كما في السنة السابقة أي غلمان رؤساء المقاطعات أولاً ثم الباقي من الجيش وكانوا كقطيعين صغيرين من المعزى أي قليلون في العدد وضعفاء في القوة بالنسبة إلى جيش الأراميين.

فَتَقَدَّمَ رَجُلُ ٱللّٰهِ (ع ٢٨) لم يُقل النبي فالأرجح أن المذكور هنا غير المذكور في (ع ١٣ وع ٢٢).

سَبْعَةَ أَيَّامٍ (ع ٢٩) الأراميون خافوا لأنهم تذكروا انكسارهم في السنة السابقة والإسرائيليون خافوا من كثرة الجيش الذي كان مقابلهم وربما اعتبروا العدد سبعاً وتذكروا سقوط أريحا في اليوم السابع (يشوع ٦: ١٥ – ٢١).

مِئَةَ أَلْفِ رَاجِلٍ كان القتلى كثيرين جداً نظراً لقلة القاتلين وربما اعتراهم روع كما اعترى المديانيين (قضاة ٧: ٢٢) فقتلوا بعضهم بعضاً.

وَسَقَطَ ٱلسُّورُ (ع ٣٠) من الأمور العجيبة أنه قُتل سبعة وعشرون ألفاً بهذه الطريقة وربما حدثت زلزلة فسقط السور وأبنية المدينة أيضاً. وظهر جلياً أن يد الرب كانت في الأمر.

مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ دليل على خوفه. ولا شك في أنه فهم أن الرب كان يحارب عن إسرائيل ولا سيما إذا حدثت زلزلة (انظر رؤيا ٦: ١٥ – ١٧).

مُسُوحاً عَلَى أَحْقَائِنَا علامة الاتضاع والنوح (٢ملوك ٦: ٣٠ وإشعياء ٣٧: ١ و٢).

حِبَالاً عَلَى رُؤُوسِنَا ربما الحبال ليُربطوا بها فقدموا أنفسهم لأخآب كأسرى ليعمل فيهم كما يريد. في العاديات المصرية صورة شيشق ملك مصر (١٤: ٢٥) وراءه صفوف من الأسرى مربوطون بحبال على رقابهم حبل واحد لكل صف وأطراف الحبال بيد الملك.

لَعَلَّهُ يُحْيِي نَفْسَكَ ولم يقولوا أنفسنا كأن حياتهم لا شيء بالنسبة إلى حياة الملك.

هُوَ أَخِي (ع ٣٢) اعتبره ملكاً وإن كان مغلوباً وبهذه الكلمة المختصرة غلطة خطيرة. للرحمة واللطف مكان وأما بنهدد فكان قد حرمه الرب (ع ٤٢) وكان قتله رحمة لشعب إسرائيل. والرحمة لكثيرين أفضل من الرحمة لواحد.

فَتَفَاءَلَ (ع ٣٣) استنتجوا خيراً من الكلمة وتمسكوا بها وحاولوا أن يقيدوا أخآب بها.

ٱلْمُدُنَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا أَبِي مِنْ أَبِيكَ (ع ٣٤) قابل قول بنهدد هذا بما قاله لما صعد إلى السامرة (ع ١٠) إن الجبانة تعقب الافتخار والسقوط يعقب الكبرياء. والظاهر أن أبا بنهدد كان قد أخذ مدناً من عمري أبي أخآب مع أن ذلك غير مذكور في الكتاب.

أَسْوَاقاً فِي دِمَشْقَ أحياء أو حارات خاصة لليهود يسكنون فيها ويعملون ويتجرون كما يريدون وأطلقه أخآب بهذا العهد ولكن بنهدد لم يبرّ بوعده وتجددت الحرب مع آرام بعد ذلك بثلاث سنين (٢٢: ١ الخ).

٣٥ – ٤٣ «٣٥ وَإِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ قَالَ لِصَاحِبِهِ: عَنْ أَمْرِ ٱلرَّبِّ ٱضْرِبْنِي. فَأَبَى ٱلرَّجُلُ أَنْ يَضْرِبَهُ. ٣٦ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ ٱلرَّبِّ فَحِينَمَا تَذْهَبُ مِنْ عِنْدِي يَقْتُلُكَ أَسَدٌ. وَلَمَّا ذَهَبَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ أَسَدٌ وَقَتَلَهُ. ٣٧ ثُمَّ صَادَفَ رَجُلاً آخَرَ فَقَالَ: ٱضْرِبْنِي. فَضَرَبَهُ ٱلرَّجُلُ ضَرْبَةً فَجَرَحَهُ. ٣٨ فَذَهَبَ ٱلنَّبِيُّ وَٱنْتَظَرَ ٱلْمَلِكَ عَلَى ٱلطَّرِيقِ، وَتَنَكَّرَ بِعِصَابَةٍ عَلَى عَيْنَيْهِ. ٣٩ وَلَمَّا عَبَرَ ٱلْمَلِكُ نَادَى ٱلْمَلِكَ: خَرَجَ عَبْدُكَ إِلَى وَسَطِ ٱلْقِتَالِ، وَإِذَا بِرَجُلٍ مَالَ وَأَتَى إِلَيَّ بِرَجُلٍ وَقَالَ: ٱحْفَظْ هٰذَا ٱلرَّجُلَ. وَإِنْ فُقِدَ تَكُونُ نَفْسُكَ بَدَلَ نَفْسِهِ، أَوْ تَدْفَعُ وَزْنَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ. ٤٠ وَفِيمَا عَبْدُكَ مُشْتَغِلٌ هُنَا وَهُنَاكَ إِذَا هُوَ مَفْقُودٌ. فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: هٰكَذَا حُكْمُكَ. أَنْتَ قَضَيْتَ. ٤١ فَبَادَرَ وَرَفَعَ ٱلْعِصَابَةَ عَنْ عَيْنَيْهِ فَعَرَفَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ. ٤٢ فَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: لأَنَّكَ أَفْلَتَّ مِنْ يَدِكَ رَجُلاً قَدْ حَرَّمْتُهُ، تَكُونُ نَفْسُكَ بَدَلَ نَفْسِهِ، وَشَعْبُكَ بَدَلَ شَعْبِهِ. ٤٣ فَمَضَى مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى بَيْتِهِ مُكْتَئِباً مَغْمُوماً وَجَاءَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ».

٢ملوك ٢: ٣ – ٧ ص ١٣: ١٧ و١٨ ص ١٣: ٢٤ ص ١٤: ٢ و٢ملوك ١٠: ٢٤ ع ٣٩ ص ٢١: ٤

بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ (ع ٣٥) أي تلاميذ الأنبياء وكانت مدارس للأنبياء منذ زمان صموئيل أو قبله.

صَاحِبِهِ أحد رفقائه في المدرسة.

مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ (ع ٣٦) لم يفهم الرفيق الغاية فما استحسن أن يضربه ولكن كان يجب أن يطيع أمر الرب. وكذلك كان يجب على أخآب أن يطيع أمر الرب ويقتل بنهدد وإن لم يستحسن الأمر.

يَقْتُلُكَ أَسَدٌ انظر نبأ رجل الله الذي أتى من يهوذا ليوبخ يربعام (١٣: ١ الخ). إن كل مخالفة لأمر الرب تستوجب غضبه وليس لنا أن نحكم من جهة أوامره فنعتبر هذه ونستخف بتلك.

تَنَكَّرَ (ع ٣٨) لأن الملك لو عرفه أنه نبي لما سمع كلامه.

إِذَا بِرَجُلٍ مَالَ (ع ٣٩) ربما كان قائداً له حق أن يأمر الذي سلّم له الأسير.

وَزْنَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ نحو ٤٠٠ ليرة إنكليزية له حق أن يأمر الذي سلم له الأسير.

مُشْتَغِلٌ هُنَا وَهُنَاكَ (ع ٤٠) عذر باطل لأن الاشغال التي التهى بها كانت أقل أهمية من حفظ الأسير المسلم له من قائده.

أَنْتَ قَضَيْتَ ظهر هنا فائدة التعليم بواسطة أمثال فإن هذا المثل ألزم أخآب أن يحكم على نفسه (٢صموئيل ١٢: ٥ – ٧).

عَرَفَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ (ع ٤١) عرف من لباسه أنه نبي لأن الأنبياء كانوا يلبسون ما يُعرفون به (٢ملوك ١: ٨ زكريا ١٣: ٤).

قَدْ حَرَّمْتُهُ (ع ٤٢) كما كان قد حرّم العمالقة (خروج ١٧: ١٤) والكنعانيين (تثنية ٢٠: ١٧ و١٨).

نَفْسُكَ بَدَلَ نَفْسِهِ في (ص ٢٢) خبر قتل أخآب في الحرب مع الأراميين.

مُكْتَئِباً مَغْمُوماً (ع ٤٣) لا أحد يحب التوبيخ ولا سيما رجل عظيم مثل أخآب.

فوائد

ع ١٦ «وبنهدد يشرب ويسكر». فعل المسكر

  1. إنه يجعل الإنسان يظن أنه قوي وهو بالحقيقة ضعيف.
  2. إنه يجعله أن يكثر الكلام ويظن أنه حكيم وهو بالحقيقة جاهل.
  3. إنه يجعله يظن أنه فرح وهو بالحقيقة على حافة الهلاك.

ع ٢٨ «فتعلمون أني أنا الرب» النصرة من الله

  1. إن الرب إله غيور فينتقم من الذين يجدفون على اسمه القدوس.
  2. إنه يستعمل الوسائل ويستخدم الناس. وخدمته أعظم كرامة.
  3. إنه يستخدم الضعفاء وغير المستحقين ليظهر أن المجد له وحده.

ع ٤٠ «وبينما عبدك مشتغل هنا وهناك إذا هو مفقود» فوات الفرصة

  1. إن أعظم الخطايا وأعظم الخسارة قد تكون بلا قصد من الإنسان.
  2. إن كثيرين يهملون الأمور الجوهرية المهمة ويلتهون بأمور جزئية.
  3. إنه ربما تأتينا فرص جديدة ولكن التي مضت لا ترجع.
  4. إنه مهما كثرت الأعمال لا نقدر أن نستغني عن أوقات الصلاة والتأمل.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى