سفر الملوك الأول | 19 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الملوك الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ
١ – ٨ «١ وَأَخْبَرَ أَخْآبُ إِيزَابَلَ بِكُلِّ مَا عَمِلَ إِيلِيَّا، وَكَيْفَ أَنَّهُ قَتَلَ جَمِيعَ ٱلأَنْبِيَاءِ بِٱلسَّيْفِ. ٢ فَأَرْسَلَتْ إِيزَابَلُ رَسُولاً إِلَى إِيلِيَّا تَقُولُ: هٰكَذَا تَفْعَلُ ٱلآلِهَةُ وَهٰكَذَا تَزِيدُ إِنْ لَمْ أَجْعَلْ نَفْسَكَ كَنَفْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَحْوِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ غَداً. ٣ فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ قَامَ وَمَضَى لأَجْلِ نَفْسِهِ، وَأَتَى إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ ٱلَّتِي لِيَهُوذَا وَتَرَكَ غُلاَمَهُ هُنَاكَ. ٤ ثُمَّ سَارَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ ٱلْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: قَدْ كَفَى ٱلآنَ يَا رَبُّ! خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْراً مِنْ آبَائِي! ٥ وَٱضْطَجَعَ وَنَامَ تَحْتَ ٱلرَّتَمَةِ. وَإِذَا بِمَلاَكٍ قَدْ مَسَّهُ وَقَالَ: قُمْ وَكُلْ. ٦ فَتَطَلَّعَ وَإِذَا كَعْكَةُ رَضْفٍ وَكُوزُ مَاءٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ رَجَعَ فَٱضْطَجَعَ. ٧ ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: قُمْ وَكُلْ لأَنَّ ٱلْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ عَلَيْكَ. ٨ فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ ٱلأَكْلَةِ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ ٱللّٰهِ حُورِيبَ»
ص ١٨: ٤٠ ص ٢٠: ١٠ و٢ملوك ٦: ٣١ تكوين ٢١: ٣١ عدد ١١: ١٥ وإرميا ٢٠: ١٤ – ١٨ ويونان ٤: ٣ و٨ تكوين ٢٨: ١١ – ١٥ خروج ٢٤: ١٨ و٣٤: ٢٨ وتثنية ٩: ٩ – ١١ و١٨ ومتّى ٤: ٢ خروج ٣: ١ و٤: ٢٧
أَرْسَلَتْ إِيزَابَلُ الخ (ع ٢) أخبرت إيليا بقصدها قتله فصار له فرصة لينجي نفسه. يقول بعضهم أنها لم تقدر أن تقتله لأن الملك وجميع الشعب كانوا قد شاهدوا عمله العظيم فخافوا منه وقصدت الملكة أن تخوّفه فقط فيهرب وهكذا تتخلص منه. والأرجح أنها تكلمت بالغيظ والحماقة وإن كان كلامها لا يوافق قصده عن قتل إيليا.
قَامَ وَمَضَى (ع ٣) نستنتج من قول الرب في ع ٩ وع ١٣ وهو «ما لك ههنا يا إيليا» إن هربه لم يكن بأمر الرب. ونرى أن خوفه من امرأة شريرة لا يتفق مع كونه نبياً عظيماً أنزل النار من السماء وقتل الأنبياء الكذبة. ولكنه كان بشراً تحت الآلام مثلنا نشيطاً بالروح وضعيفاً بالجسد. وكان قد تعب كثيراً في النهار السابق ويئس جداً حينما رأى أن الملكة الشريرة لم تزل تضطهده.
بِئْرِ سَبْعٍ في أقصى الجنوب تبعد عن يزرعيل نحو ٩٥ ميلاً. كانت ليهوذا وكان يهوشافاط ملك يهوذا ملكاً صالحاً يخاف الرب وأما إيليا فلم يأتمنه على نفسه لأن يهوشافاط كان قد صاهر أخآب.
وَتَرَكَ غُلاَمَهُ تركه في بئر سبع لأنه لم يقدر أن يسير معه أو لأنه ليس عليه خطر كما كان على إيليا إذا بقي في أرض يهوذا أو لأن إيليا طلب الانفراد لأجل الصلاة.
رَتَمَةٍ (ع ٤) انظر قاموس الكتاب.
وَطَلَبَ ٱلْمَوْتَ لِنَفْسِهِ لا يجوز للإنسان أن يطلب الموت بل أن يسلّم نفسه لأمر الرب فيموت حين يريد الرب وكما يريد الرب. وقول إيليا يدل على ضعفه الجسدي ويأسه من إصلاح الشعب ولكن الرب لم يدِنه بل عزاه. فلا ندنه نحن.
وَنَامَ (ع ٥) لم يمت بل أعطى الرب حبيبه نوماً (مزمور ١٢٧: ٢).
مَلاَكٍ مرسل من قبل الرب لخدمته ونوع الخدمة أي تدبير الأكل مما يدل على شفقة الرب على عبده الضعيف بالجسد. وكثيراً ما يكون ضعف الإيمان نتيجة ضعف الجسد.
كَعْكَةُ رَضْفٍ (ع ٦) أي مخبوزة على حجارة محماة كعادة العرب.
أَرْبَعِينَ نَهَاراً (ع ٨) في هذا الأمر أشبه موسى (خروج ٢٤: ١٨ و٣٤: ٢٨) والمسيح (متّى ٤: ٢) وبنو إسرائيل أكلوا المن أربعين سنة. ومن بئر سبع إلى حوريب أي جبل سيناء نحو ١٨٠ ميلاً والمدة المذكورة أي أربعين يوماً هي مدة إقامة إيليا في البرية وليست مدة سفره فيها.
٩ – ١٨ «٩ وَدَخَلَ هُنَاكَ ٱلْمَغَارَةَ وَبَاتَ فِيهَا. وَكَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَيْهِ: مَا لَكَ هٰهُنَا يَا إِيلِيَّا؟ ١٠ فَقَالَ: قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلٰهِ ٱلْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِٱلسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي. وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا. ١١ فَقَالَ: ٱخْرُجْ وَقِفْ عَلَى ٱلْجَبَلِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَإِذَا بِٱلرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ وَشَدِيدَةٌ قَدْ شَقَّتِ ٱلْجِبَالَ وَكَسَّرَتِ ٱلصُّخُورَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَلَمْ يَكُنِ ٱلرَّبُّ فِي ٱلرِّيحِ. وَبَعْدَ ٱلرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ ٱلرَّبُّ فِي ٱلزَّلْزَلَةِ. ١٢ وَبَعْدَ ٱلزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ ٱلرَّبُّ فِي ٱلنَّارِ. وَبَعْدَ ٱلنَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ. ١٣ فَلَمَّا سَمِعَ إِيلِيَّا لَفَّ وَجْهَهُ بِرِدَائِهِ وَخَرَجَ وَوَقَفَ فِي بَابِ ٱلْمَغَارَةِ، وَإِذَا بِصَوْتٍ إِلَيْهِ يَقُولُ: مَا لَكَ هٰهُنَا يَا إِيلِيَّا؟ ١٤ فَقَالَ: غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلٰهِ ٱلْجُنُودِ لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِٱلسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا. ١٥ فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: ٱذْهَبْ رَاجِعاً فِي طَرِيقِكَ إِلَى بَرِّيَّةِ دِمَشْقَ، وَٱدْخُلْ وَٱمْسَحْ حَزَائِيلَ مَلِكاً عَلَى أَرَامَ، ١٦ وَٱمْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَٱمْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيّاً عِوَضاً عَنْكَ. ١٧ فَٱلَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ حَزَائِيلَ يَقْتُلُهُ يَاهُو، وَٱلَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ يَاهُو يَقْتُلُهُ أَلِيشَعُ. ١٨ وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ سَبْعَةَ آلاَفٍ، كُلَّ ٱلرُّكَبِ ٱلَّتِي لَمْ تَجْثُ لِلْبَعْلِ وَكُلَّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلْهُ».
خروج ٣٣: ٢١ و٢٢ خروج ٢٠: ٥ و٣٤: ١٤ رومية١١: ٤ خروج ١٩: ٢٠ و٢٤: ١٢ و١٨ أيوب ٤: ١٦ وزكريا ٤: ٦ خروج ٣: ٦ ع ٩ ع ١٠ و٢ملوك ٨: ٨ – ١٥ و٢ملوك ٩: ١ – ١٠ ع ١٩ – ٢١ و٢ملوك ٢: ٩ و١٥ و٢ملوك ٨: ١٢ و١٣: ٣ و٢٢ و٢ملوك ٩: ١٤ – ١٠: ٢٥ رومية ١١: ٤ هوشع ١٣: ٢
ٱلْمَغَارَةَ أل التعريف تشير إلى مغارة معروفة فيظن بعضهم أنها نقرة الصخرة التي وضع الرب موسى فيها (خروج ٣٣: ٢٢).
مَا لَكَ هٰهُنَا في قول الرب ما يدل على أن إيليا أتى إلى حوريب دون أمر منه فكان يجب عليه أن يبقى في مقره وفي عمله ويتكل على الرب القادر أن يحفظه من إيزابل.
فَقَالَ (ع ١٠) كان إيليا قد غار غيرة للرب وكانت خدمته للرب مرضية عنده ولكنه لم ينتبه إلى أمرين أولهما أنه لم يكن المؤمن الوحيد بل له شركاء كثيرون وثانيهما أن إقامة ملكوت الله في العالم لا تكون بالقوة الجسدية كقوة الريح والزلزلة والنار بل بالصوت المنخفض أي إظهار الحق لدى ضمير كل إنسان.
وتَرَكُوا عَهْدَكَ كان بنو إسرائيل قد أخذوا العهد في ذلك المكان أي حوريب أو سيناء.
نَقَضُوا مَذَابِحَكَ نستنتج وجود مذابح قدموا عليها ذبائح مرضية للرب لا مذبح واحد فقط في أورشليم.
قَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ كانت إيزابل قد قطعت أنبياء الرب ولكن كان ذلك بعلم الشعب ورضاهم فقال أنهم قتلوا الأنبياء.
فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي لم يذكر عوبديا والمئة من الأنبياء الذين خبأهم وأعالهم ولا سبعة الآلاف الذين لم يجثو للبعل. ومن استولى عليه اليأس لا يرى إلا ما يقلق الأفكار ويُضعف العزم.
يَطْلُبُونَ نَفْسِي كان يرجو رجوع الشعب إلى الرب بعد قتله أنبياء البعل فيكون هو نبيهم ومرشدهم ولكن خاب سعيه تماماً كما ظنّ. وربما كان في قوله شيء من التذمّر.
رِيحٌ… زَلْزَلَةٌ… نَارٌ… صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ (ع ١١ و١٢) جميع القوى الطبيعية بيد الرب وفيها يُظهر قوته غير المحدودة كما في ضربات مصر وفي البحر الأحمر حينما عبر بنو إسرائيل وفي نزول النار على ذبيحة إيليا. وربما هنا إشارة أيضاً إلى الحروب وانقلاب الممالك. ولكنه كلم إيليا بالصوت المنخفض وعلّمه أن ملكوته هو ملكوت روحي وصوت الله للناس هو في العقل والضمير فيقنعهم ويجذبهم إليه.
لَفَّ وَجْهَهُ (ع ١٣) علامة الاحترام كالسيرافيم الذين رآهم إشعياء (إشعياء ٦: ٢). وعلامة الخوف كخوف موسى الذي غطّى وجهه عندما ظهر له الرب في العليقة (خروج ٣: ٦) وكل من يقترب إلى الله في العبادة والصلاة يجب أن يقترب بالثقة وبالاحترام أيضاً.
مَا لَكَ هٰهُنَا (انظر ع ٩) تثنّى السؤال من الرب وتثنّى الجواب من إيليا فلم يكن قد فهم مقصود الرب في ما رآه.
ٱذْهَبْ رَاجِعاً (ع ١٥) رجّعه إلى العمل. والعمل للرب هو أحسن علاج لليأس. ورجع في الطريق التي كان قد هرب فيها ومرّ في البلاد التي كان يخاف المرور فيها ولكن الرب كان معه في رجوعه وفي ذلك الوقت كانت حرب بين بنهدد ملك دمشق وأخآب ملك إسرائيل فحامى بنهدد عمن كان أخآب قد طلب قتله.
وَٱمْسَحْ حَزَائِيلَ أحد جلساء الملك بنهدد فقتله وملك عوضاً عنه (٢ملوك ٨: ٧ – ١٥). وليس من خبر أن إيليا مسح حزائيل وربما المسح هنا بمعنى التعيين.
وَٱمْسَحْ يَاهُوَ (ع ١٦) كان ذلك بواسطة أحد بني الأنبياء أرسله أليشع (٢ملوك ٩: ١).
وَٱمْسَحْ أَلِيشَعَ وليس من خبر بأن إيليا مسح أليشع بل إنه دعاه (ع ١٩) والمقصود في كلام الرب لإيليا هو أنه سيقيم في دمشق من يُجري أحكامه على إسرائيل. ويقيم في إسرائيل من يلاشي عبادة البعل. ويقيم أيضاً نبياً يتسلم العمل من إيليا عند انتقاله. فيجب على إيليا أن لا يظن أن الرب غافل عن شيء أو قاصر عن شيء كأن ليس غير إيليا قادراً على العمل.
مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ جنوب بيت شان في وادي الأردن (٤: ١٢).
يَقْتُلُهُ أَلِيشَعُ (ع ١٧) القول مجاز لأن أليشع لم يقتل أحداً بالسيف ولكنه قاوم عبادة البعل بتعليمه فقتلهم بسيف فمه (إشعياء ١١: ٤).
وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ (ع ١٨) كان كثيرون حفظوا إيمانهم بالرب لم يعرفهم إيليا ولم يظهروا للعالم ولكن الرب يعرف خاصته وأكثر المفسرين يترجمون الكلمة بالمضارع أي سأُبقي في إسرائيل إلخ. كان الرب قد ذكر حزائيل وياهو وهما كالريح الشديدة والزلزلة والنار لأنهما أخربا وأتلفا ولكنه أبقى سبع آلاف من إسرائيل. ولا نفهم أن سبعة آلاف هي عدد محدود بل هي عبارة تشير إلى الكثرة وربما تكون البقية من إسرائيل أكثر من سبعة آلاف.
لَمْ يُقَبِّلْهُ (هوشع ١٣: ٢) ربما كان من عبادة الأصنام إن عبدتها يقبّلونها.
١٩ – ٢١ «١٩ فَذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ وَوَجَدَ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ يَحْرُثُ، وَٱثْنَا عَشَرَ فدان (زَوْجَ) بَقَرٍ قُدَّامَهُ وَهُوَ مَعَ ٱلثَّانِي عَشَرَ. فَمَرَّ إِيلِيَّا بِهِ وَطَرَحَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ. ٢٠ فَتَرَكَ ٱلْبَقَرَ وَرَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا وَقَالَ: دَعْنِي أُقَبِّلْ أَبِي وَأُمِّي وَأَسِيرَ وَرَاءَكَ. فَقَالَ لَهُ: ٱذْهَبْ رَاجِعاً، لأَنِّي مَاذَا فَعَلْتُ لَكَ؟ ٢١ فَرَجَعَ مِنْ وَرَائِهِ وَأَخَذَ زَوْجَ بَقَرٍ وَذَبَحَهُمَا، وَسَلَقَ ٱللَّحْمَ بِأَدَوَاتِ ٱلْبَقَرِ وَأَعْطَى ٱلشَّعْبَ فَأَكَلُوا. ثُمَّ قَامَ وَمَضَى وَرَاءَ إِيلِيَّا وَكَانَ يَخْدِمُهُ».
٢ملوك ٢: ٨ و١٣ و١٤ و١صموئيل ٢٨: ١٤ متّى ٨: ٢١ و٢٢ ولوقا ٩: ٦١ و٦٢ وأعمال ٢٠: ٣٧ و٢صموئيل ٢٤: ٢٢ ص ١٨: ٤٣ و٢ملوك ٢: ٣
فَذَهَبَ (ع ١٩) إلى آبل محولة (ع ١٦) في وادي الأردن فرجع إلى بلاد إسرائيل التي كان قد هرب منها ورجع لأن الرب أرسله فكان كمن يمشي في النهار فلا يعثر (يوحنا ١١: ٩).
أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ صار خادماً وتلميذاً لإيليا وبعد انتقاله خلفه في المنصب النبوي وكان من أعظم الأنبياء (انظر ٢ملوك ص ٢ – ١٢).
ٱثْنَا عَشَرَ فدان (زَوْجَ) بَقَرٍ استنتج بعضهم أن الاثني عشر فداناً كانت لأبيه فتدل على أنه كان غنياً. وربما كان أليشع يحرث مع حراث القرية ولم يكن له إلا فدان واحد. وبما أنه مع الثاني عشر أي آخر الكل كان يقدر أن يتركها ولا يعيقها بتركه إياها.
طَرَحَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ كان هذا الرداء خصوصياً يُعرف به أنه نبي. ونستنتج من (زكريا ١٣: ٤) أن الأنبياء كانوا يلبسون ثوب شعر (انظر أيضاً ٢ملوك ١: ٨ ومتى ٣: ٤) وطرح الرداء على أليشع علامة تعيينه ليكن نبياً ويكون مع إيليا خادماً وتلميذاً.
رَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا (ع ٢٠) ربما لم يكلّمه إيليا بكلام ما فلم يفهم أليشع المقصود حتى تأمل قليلاً وبينما كان متأملاً تركه إيليا ولكنه بعد قليل اعتمد على ما يعمله فترك البقر وركض وراء إيليا.
دَعْنِي أُقَبِّلْ أَبِي ليست طلبة أليشع كطلبة التلميذ من يسوع (متّى ٨: ٢١) لأن أليشع لم يقصد أن يتأخر عن الطاعة للدعوة بل امتثلها حالاً لكنه أراد أن يودع أهل بيته لأنه قصد أن يتركهم. والمقصود في جواب إيليا أي «ماذا فعلت لك» هو أنه دعاه لخدمة الله ولم يطلب منه إماتة كل العواطف الطبيعية اللطيفة.
وَأَخَذَ فدان (زَوْجَ) بَقَرٍ الخ (ع ٢١) ذبح البقر وأحرق الأدوات ليعلم جميع الشعب أنه ترك حياته السابقة ولا يمكن الرجوع إليها. وربما كانت الوليمة في بيت والديه.
ع ٤ «اليأس»
- إنه كثيراً ما يصيب اليأس العظماء والأفاضل لأنهم يطمحون إلى أمور سامية فإذا لم يصلوا إليها ييأسون. وأما العامة فلا ييأسون منها لأنهم لا يتوقعونها.
- إن اليأس يصيب من يترك منصبه وعمله.
- إن اليأس نتيجة ضعف الإيمان والنظر إلى الأمور الحاضرة دون النظر إلى مواعيد الله والنظر إلى ما يختص بأنفسنا دون النظر إلى ملكوت الله في العالم.
- إن اليأس ينتج أحياناً من أسباب جسدية كانحراف الصحة وقلة الطعام والنوم.
ع ٢٠ و٢١ «دعوة أليشع»
- كانت هذه الدعوة لرجل عامل لا لكسلان وبطال. وعلينا أن ننتظر دعوة الله ونحن في عملنا الخاص ولا نترك العمل الذي نحن فيه لكي يدعونا الله إلى عمل أعظم.
- إنه يجب الطاعة حالاً. فيجب أن لا نفتكر ونتأمل أكثر من اللازم. وربما إذا تأخرنا إن الله لا يدعونا ثانية.
- إنه يجب الطاعة بلا مراجعة وبلا استثناء كما ذبح أليشع البقر وأحرق الأدوات فجعل رجوعه إلى عمله الجسدي من الأمور المستحيلة.
- إن دعوة الله لا تمنع المحبة لأهل البيت بل تقويها إذا كانت بالرب.
- إن الله يدعونا أولاً إلى خدمة بسيطة كما كان أليشع يصب ماء على يدي سيده. وإذا كنا أمناء فيها يدعونا لخدمة أعلى كما خلف أليشع سيده في المنصب النبوي.
السابق |
التالي |