سفر صموئيل الثاني | 18 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ
١ – ٥ «١ وَأَحْصَى دَاوُدُ ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي مَعَهُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ. ٢ وَأَرْسَلَ دَاوُدُ ٱلشَّعْبَ ثُلُثاً بِيَدِ يُوآبَ وَثُلْثاً بِيَدِ أَبِيشَايَ ٱبْنِ صَرُويَةَ أَخِي يُوآبَ وَثُلْثاً بِيَدِ إِتَّايَ ٱلْجَتِّيِّ. وَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلشَّعْبِ: إِنِّي أَنَا أَيْضاً أَخْرُجُ مَعَكُمْ. ٣ فَقَالَ ٱلشَّعْبُ: لاَ تَخْرُجْ، لأَنَّنَا إِذَا هَرَبْنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا، وَإِذَا مَاتَ نِصْفُنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا. وَٱلآنَ أَنْتَ كَعَشَرَةِ آلاَفٍ مِنَّا. وَٱلآنَ ٱلأَصْلَحُ أَنْ تَكُونَ لَنَا نَجْدَةً مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ٤ فَقَالَ لَهُمُ ٱلْمَلِكُ: مَا يَحْسُنُ فِي أَعْيُنِكُمْ أَفْعَلُهُ. فَوَقَفَ ٱلْمَلِكُ بِجَانِبِ ٱلْبَابِ وَخَرَجَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مِئَاتٍ وَأُلُوفاً. ٥ وَأَوْصَى ٱلْمَلِكُ يُوآبَ وَأَبِيشَايَ وَإِتَّايَ: تَرَفَّقُوا لِي بِٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. وَسَمِعَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ حِينَ أَوْصَى ٱلْمَلِكُ جَمِيعَ ٱلرُّؤَسَاءِ بِأَبْشَالُومَ».
خروج ١٨: ٢٥ وعدد ٣١: ١٤ و١صموئيل ٢٢: ٧ قضاة ٧: ١٦ و١صموئيل ١١: ١١ ص ١٥: ١٩ – ٢٢ ص ٢١: ١٧ ع ٢٤ ع ١٢
إن بين المذكور في هذا الأصحاح والمذكور في الأصحاح السابق بضعة أسابيع فيها مُسح أبشالوم ملكاً على إسرائيل (١٩: ١٠) وجمع جيشه (١٧: ١١) وعبر الأردن. ونظم داود جيشه في محنايم.
رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ حسب نظام موسى (خروج ١٨: ٢٥) ونظام شاول (١صموئيل ٢٢: ٧) ونستنتج أن جيش داود كان كبيراً.
أَرْسَلَ ثُلُثاً بِيَدِ يُوآبَ (ع ٢) أي جعل يوآب قائداً لذلك الثلث. وخروج الجيش مذكور بعد ذلك في (ع ٦). وجدعون قسم جيشه إلى ثلاث فرق (قضاة ٧: ١٥) وكذلك فعل أبيمالك (قضاة ٩: ٤٣) وشاول (١صموئيل ١١: ١١) والفلسطينيون (١صموئيل ١٣: ١٧). وقصد داود أن يكون قائداً للجيش كله ويخرج معه.
فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لاَ تَخْرُجْ (ع ٣) لأن الحرب كلها من أجله ومن أجل تثبيت مملكته فإذا خرج وقُتل سقط الجيش كله (٢١: ١٧) وإذا بقي في المدينة يقدر أن يرسل لهم نجدات وينفعهم بمشورته وتدبيره ويستقبلهم إذا انكسروا ورجعوا.
تَرَفَّقُوا لِي بِٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ (ع ٥) هذا كلام والد حنون وليس كلام ملك وقائد. وكأنه نسي خطايا أبشالوم الفظيعة وقصده القبيح أن يقتل أباه ويستوي على العرش وتذكر فقط أنه ابنه الجميل المحبوب.
٦ – ٨ «٦ وَخَرَجَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْحَقْلِ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ ٱلْقِتَالُ فِي وَعْرِ أَفْرَايِمَ، ٧ فَٱنْكَسَرَ هُنَاكَ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ أَمَامَ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَكَانَتْ هُنَاكَ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. قُتِلَ عِشْرُونَ أَلْفاً. ٨ وَكَانَ ٱلْقِتَالُ هُنَاكَ مُنْتَشِراً عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ، وَزَادَ ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلْوَعْرُ مِنَ ٱلشَّعْبِ عَلَى ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلسَّيْفُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».
ص ١٧: ٢٦ ويشوع ١٧: ١٥ و١٨
وَعْرِ أَفْرَايِمَ كان وعر لأفرايم غربي الأردن (يشوع ١٧: ١٨) ولكن الوعر المذكور هنا كان شرقي الأردن بقرب محنايم لأن داود وشعبه كانوا قبل القتال وبعده أيضاً وكان أبشالوم وشعبه قد عبروا الأردن من الغرب إلى الشرق والظاهر أن هذا الوعر سُمي وعر أفرايم لأن الأفرايميين انكسروا فيه حينما حاربوا يفتاح وأهل جلعاد (قضاة ١٢: ٦) أو لأن الأفرايميين لم يكتفوا بأرضهم في الغرب بل حاولوا أن يأخذوا شرقي الوعر الذي كان لسبط جاد ولإخوتهم سبط منسى (يشوع ١٧: ١٤ – ١٨).
ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلْوَعْرُ (ع ٨) نفهم من هذا أن شعب أبشالوم انكسروا وهربوا وتشتتوا في الوعر فتبعهم رجال داود وقتلوا منهم في الوعر أكثر مما قتلوا في ساحة الحرب فكان الوعر لشعب أبشالوم مهلكة أعظم من السيف.
٩ – ١٥ «٩ وَصَادَفَ أَبْشَالُومُ عَبِيدَ دَاوُدَ، وَكَانَ أَبْشَالُومُ رَاكِباً عَلَى بَغْلٍ، فَدَخَلَ ٱلْبَغْلُ تَحْتَ أَغْصَانِ ٱلْبُطْمَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلْمُلْتَفَّةِ، فَتَعَلَّقَ رَأْسُهُ بِٱلْبُطْمَةِ وَعُلِّقَ بَيْنَ ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ، وَٱلْبَغْلُ ٱلَّذِي تَحْتَهُ مَرَّ. ١٠ فَرَآهُ رَجُلٌ وَأَخْبَرَ يُوآبَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَبْشَالُومَ مُعَلَّقاً بِٱلْبُطْمَةِ. ١١ فَقَالَ يُوآبُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي أَخْبَرَهُ: إِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَهُ، فَلِمَاذَا لَمْ تَضْرِبْهُ هُنَاكَ إِلَى ٱلأَرْضِ، وَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَ عَشَرَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ وَمِنْطَقَةً؟ ١٢ فَقَالَ ٱلرَّجُلُ لِيُوآبَ: فَلَوْ وُزِنَ فِي يَدِي أَلْفٌ مِنَ ٱلْفِضَّةِ لَمَا كُنْتُ أَمُدُّ يَدِي إِلَى ٱبْنِ ٱلْمَلِكِ، لأَنَّ ٱلْمَلِكَ أَوْصَاكَ فِي آذَانِنَا أَنْتَ وَأَبِيشَايَ وَإِتَّايَ قَائِلاً: ٱحْتَرِزُوا أَيّاً كَانَ مِنْكُمْ عَلَى ٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. ١٣ وَإِلاَّ فَكُنْتُ فَعَلْتُ بِنَفْسِي زُوراً، إِذْ لاَ يَخْفَى عَنِ ٱلْمَلِكِ شَيْءٌ، وأَنْتَ كُنْتَ وَقَفْتَ ضِدِّي. ١٤ فَقَالَ يُوآبُ: إِنِّي لاَ أَصْبِرُ هٰكَذَا أَمَامَكَ. فَأَخَذَ ثَلاَثَةَ سِهَامٍ بِيَدِهِ وَنَشَّبَهَا فِي قَلْبِ أَبْشَالُومَ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ فِي قَلْبِ ٱلْبُطْمَةِ، ١٥ وَأَحَاطَ بِهَا عَشَرَةُ غِلْمَانٍ حَامِلُو سِلاَحِ يُوآبَ وَضَرَبُوا أَبْشَالُومَ وَأَمَاتُوهُ».
ص ١٤: ٢٦ ع ٥ ص ١٤: ١٩ و٢٠ ص ١٤: ٣٠
وَصَادَفَ أَبْشَالُومُ كان بين الأشجار ولم ير عبيد داود حتى صار قريباً منهم فهرب.
رَاكِباً عَلَى بَغْلٍ وهو مركوب مخصص للملك وأبنائه وربما كان بغل داود (١٣: ٢٩ و١ملوك ١: ٣٣).
فَتَعَلَّقَ رَأْسُهُ لعل شعره الجميل المسترسل (١٤: ٢٦) كان سبباً لتعلق رأسه بالبطمة.
فَرَآهُ رَجُلٌ (ع ١٠) أحد عبيد داود. رأى أبشالوم عبيد داود وهرب منهم فلم يروه لما تعلق بالبطمة. وهذا الرجل رآه بالاتفاق.
عَشَرَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ (ع ١١) أي عشرة شواقل قيمتها نحو جنيه وربع إنكليزية وهي أجرة كاهن ميخا بالسنة (قضاة ١٧: ١٠).
وَمِنْطَقَةً كانت المنطقة أحياناً مطرزة وجميلة فكانوا يفتخرون بها. يوناثان أعطى داود منطقته وسيفه وقوسه أي أعطاه أفضل ما عنده (١صموئيل ١٨: ٤) وإذا أعطى قائد الجيش منطقة كانت علامة الإكرام والامتياز كالوسام (النيشان) في أيامنا.
لَمَا كُنْتُ أَمُدُّ يَدِي إِلَى ٱبْنِ ٱلْمَلِكِ (ع ١٢) دليل على أمانة الشعب عموماً لداود ومحبتهم له.
لاَ يَخْفَى عَنِ ٱلْمَلِكِ شَيْءٌ، وأَنْتَ كُنْتَ وَقَفْتَ ضِدِّي (ع ١٣) هذا القول شهادة من الجندي بنباهة داود وشهادة أيضاً على يوآب أنه لا يوثق به.
فَقَالَ يُوآبُ: إِنِّي لاَ أَصْبِرُ هٰكَذَا (ع ١٤) كان يوآب رئيس الجيش رجلاً فهيماً مقتدراً في الحرب وفي السياسة وكان أميناً لداود ولكنه عمل ما رآه موافقاً لداود والمملكة وإن كان ذلك مخالفاً لأمر الملك ولم يستحسن الرحمة والغفران لأبشالوم بل رأى أن بقاءه في قيد الحياة يكون سبباً للتعب والخطر.
نَشَّبَهَا فِي قَلْبِ أَبْشَالُومَ أي في بدنه وليس من الضرورة أن يكون هذا في القلب نفسه فلم يمت حالاً ولكن حاملي سلاح يوآب أحاطوا بالبطمة وضربوا أبشالوم وأماتوه.
١٦ – ١٨ «١٦ وَضَرَبَ يُوآبُ بِٱلْبُوقِ فَرَجَعَ ٱلشَّعْبُ عَنِ اتِّبَاعِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ يُوآبَ مَنَعَ ٱلشَّعْبَ. ١٧ وَأَخَذُوا أَبْشَالُومَ وَطَرَحُوهُ فِي ٱلْوَعْرِ فِي ٱلْجُبِّ ٱلْعَظِيمِ وَأَقَامُوا عَلَيْهِ رُجْمَةً عَظِيمَةً جِدّاً مِنَ ٱلْحِجَارَةِ. وَهَرَبَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. ١٨ وَكَانَ أَبْشَالُومُ قَدْ أَخَذَ وَأَقَامَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ حَيٌّ ٱلنَّصَبَ ٱلَّذِي فِي وَادِي ٱلْمَلِكِ، لأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِيَ ٱبْنٌ لأَجْلِ تَذْكِيرِ ٱسْمِي. وَدَعَا ٱلنَّصَبَ بِٱسْمِهِ، وَهُوَ يُدْعَى «يَدَ أَبْشَالُومَ» إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
ص ٢: ٢٨ و٢٠: ٢٢ تثنية ٢١: ٢٠ و٢١ ويشوع ٧: ٢٦ و٨: ٢٩ ص ١٩: ٨ و٢٠: ١ و٢٢ و١صموئيل ١٥: ١٢ تكوين ١٤: ١٧ ص ١٤: ٢٧
وَضَرَبَ يُوآبُ بِٱلْبُوقِ انتهى القتال بموت أبشالوم. وكان ذلك القتال كله وموت عشرين ألفاً من إسرائيل بسبب ذلك الشاب الشرير الجاهل. «طرحوا أبشالوم في الجب» لم يدفنوه بالاحترام اللائق العادي. وأقاموا عليه رجمة عظيمة من الحجارة ليس للاعتبار بل للاحتقار وكانت ذكراه كذكرى لص وقاطع طريق. وأما هو فقصد قبل موته أن يجعل تذكاراً آخر لنفسه حينما أقام النصب. ولكن ذاك النصب العظيم الجميل لم ينفع شيئاً. وما يُذكر به الإنسان حياته المفيدة وسلوكه الحسن وعلمه النافع. وُلد لأبشالوم ثلاثة بنين (١٤: ٢٧) وماتوا في حياة أبيهم، ومكان هذا النصب مجهول. والنصب العجيب المسمى باسم أبشالوم اليوم هو حديث البناء (اطلب أبشالوم في قاموس الكتاب).
وَهُوَ يُدْعَى يَدَ أَبْشَالُومَ (ع ١٨) أي نصبه والكلمة العبرانية في (١صموئيل ١٥: ١٢ وإشعياء ٥٦: ٥) المترجمة بنصب معناها يد كما هنا ولعل العلاقة بين اليد والنصب أنه في القديم كانوا يصورون يداً على النصب لأن اليد آلة العمل ولها اعتبار خاص.
١٩ – ٢٣ «١٩ وَقَالَ أَخِيمَعَصُ بْنُ صَادُوقَ: دَعْنِي أَجْرِ فَأُبَشِّرَ ٱلْمَلِكَ، لأَنَّ ٱللّٰهَ قَدِ ٱنْتَقَمَ لَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ. ٢٠ فَقَالَ لَهُ يُوآبُ: مَا أَنْتَ صَاحِبُ بِشَارَةٍ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ. فِي يَوْمٍ آخَرَ تُبَشِّرُ، وَهٰذَا ٱلْيَوْمَ لاَ تُبَشِّرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ قَدْ مَاتَ. ٢١ وَقَالَ يُوآبُ لِكُوشِي: ٱذْهَبْ وَأَخْبِرِ ٱلْمَلِكَ بِمَا رَأَيْتَ. فَسَجَدَ كُوشِي لِيُوآبَ وَرَكَضَ. ٢٢ وَعَادَ أَيْضاً أَخِيمَعَصُ بْنُ صَادُوقَ فَقَالَ لِيُوآبَ: مَهْمَا كَانَ فَدَعْنِي أَجْرِ أَنَا أَيْضاً وَرَاءَ كُوشِي. فَقَالَ يُوآبُ: لِمَاذَا تَجْرِي أَنْتَ يَا ٱبْنِي وَلَيْسَ لَكَ بِشَارَةٌ تُجَازَى؟ ٢٣ قَالَ: مَهْمَا كَانَ أَجْرِي. فَقَالَ لَهُ: ٱجْرِ. فَجَرَى أَخِيمَعَصُ فِي طَرِيقِ ٱلْغَوْرِ وَسَبَقَ كُوشِيَ».
ص ١٥: ٣٦ ع ٣١ ع ٢٩
عرف يوآب أن الملك يهتم أولاً بابنه فلا يكون خبر قتله بشارة ولا ينال المخبر شكراً أو أجراً ولو حمل له بشرى الانتصار في الحرب. ولم يدر يوآب أن أخيمعص ابن الكاهن يخبر الملك بما لا يسره فأرسل رسولاً آخر. وسمى هذا الرسول كوشي كأن كوشي اسم علم. وترى في (ع ٢٢ و٢٣ و٣١ و٣٢) بالعبراني أن لفظة كوشي معرفة بآل التعريف نسبة إلى بلاد كوش جنوبي مصر. والمظنون أن الحرف هـ وهو أل التعريف بالعبراني تُرك سهواً في (ع ٢١). وكان هذا الكوشي من بلاد كوش وعبداً ليوآب واسمه مجهول. ونزل أخيمعص إلى الغور أي وادي الأردن وسار فيه ثم صعد إلى محنايم. وكان طريقه أسهل من طريق الكوشي مع أنه أطول. ونستنتج أن المكان الذي قُتل فيه أبشالوم كان إلى الجنوب الغربي من محنايم.
٢٤ – ٣٣ «٢٤ وَكَانَ دَاوُدُ جَالِساً بَيْنَ ٱلْبَابَيْنِ، وَطَلَعَ ٱلرَّقِيبُ إِلَى سَطْحِ ٱلْبَابِ إِلَى ٱلسُّورِ وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا بِرَجُلٍ يَجْرِي وَحْدَهُ. ٢٥ فَنَادَى ٱلرَّقِيبُ وَأَخْبَرَ ٱلْمَلِكَ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: إِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَفِي فَمِهِ بِشَارَةٌ. وَكَانَ يَسْعَى وَيَقْرُبُ. ٢٦ ثُمَّ رَأَى ٱلرَّقِيبُ رَجُلاً آخَرَ يَجْرِي، فَنَادَى ٱلرَّقِيبُ ٱلْبَوَّابَ وَقَالَ: هُوَذَا رَجُلٌ يَجْرِي وَحْدَهُ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: وَهٰذَا أَيْضاً مُبَشِّرٌ. ٢٧ وَقَالَ ٱلرَّقِيبُ: إِنِّي أَرَى جَرْيَ ٱلأَوَّلِ كَجَرْيِ أَخِيمَعَصَ بْنِ صَادُوقَ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: هٰذَا رَجُلٌ صَالِحٌ وَيَأْتِي بِبِشَارَةٍ صَالِحَةٍ. ٢٨ فَنَادَى أَخِيمَعَصُ وَقَالَ لِلْمَلِكِ: ٱلسَّلاَمُ. وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ. وَقَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي دَفَعَ ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ. ٢٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ؟ فَقَالَ أَخِيمَعَصُ: قَدْ رَأَيْتُ جُمْهُوراً عَظِيماً عِنْدَ إِرْسَالِ يُوآبَ عَبْدَ ٱلْمَلِكِ وَعَبْدَكَ، وَلَمْ أَعْلَمْ مَاذَا. ٣٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: دُرْ وَقِفْ هٰهُنَا. فَدَارَ وَوَقَفَ. ٣١ وَإِذَا بِكُوشِي قَدْ أَتَى، وَقَالَ كُوشِي: لِيُبَشَّرْ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱنْتَقَمَ لَكَ ٱلْيَوْمَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيْكَ. ٣٢ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِكُوشِي: أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ؟ فَقَالَ كُوشِي: لِيَكُنْ كَٱلْفَتَى أَعْدَاءُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ قَامُوا عَلَيْكَ لِلشَّرِّ. ٣٣ فَٱنْزَعَجَ ٱلْمَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عُلِّيَّةِ ٱلْبَابِ وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ وَهُوَ يَتَمَشَّى: يَا ٱبْنِي أَبْشَالُومُ، يَا ٱبْنِي يَا ٱبْنِي! أَبْشَالُومُ، يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضاً عَنْكَ! يَا أَبْشَالُومُ ٱبْنِي يَا ٱبْنِي».
ص ١٩: ٨ ص ١٣: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٧ و٢ملوك ٩: ١٧ و٢ملوك ٩: ٢٠ و١ملوك ١: ٤٢ ص ١٤: ٤ و١صموئيل ٢٠: ٢٣ و١صموئيل ١٧: ٤٦ ص ٢٠: ٩ و٢ملوك ٤: ٢٦ ع ٢٢ ع ١٩ وقضاة ٥: ٣١ ع ٢٩ و١صموئيل ٢٥: ٢٦ ص ١٩: ٤ خروج ٣٢: ٣٢ ورومية ٩: ٣
جَالِساً بَيْنَ ٱلْبَابَيْنِ كان مدخل المدينة مكاناً مسقوفاً له باب خارجي إلى جهة البرية وباب داخلي إلى جهة المدينة وفوق هذا المكان سطح. وطلع الرقيب إلى سطح الباب إلى السور أي إلى مكان فوق الباب الخارجي. وعلى السطح علّية صعد إليها داود ليبكي على أبشالوم.
إِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَفِي فَمِهِ بِشَارَةٌ (ع ٢٥) عرف من اختباره أنه لو كان الشعب منكسراً لكان رأى كثيرين هاربين.
رَجُلاً آخَرَ (ع ٢٦) أي الكوشي.
هٰذَا رَجُلٌ صَالِحٌ (ع ٢٧) عرف أن يوآب لا يرسل معه إلا بشارة.
وَقَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ (ع ٢٨) بشّر الملك بانتصار شعبه ولم يقل شيئاً في أبشالوم بل ترك هذا الخبز المحزن لكوشي. وأما الملك فكان مهتماً بابنه فلم يقدر أن يفتكر بغيره وكانت سلامة المملكة عنده أقل أهمية من سلامة ابنه.
عَبْدَ ٱلْمَلِكِ وَعَبْدَكَ (ع ٢٩) ربما أشار إلى الكوشي بقوله عبد الملك وإلى نفسه بقوله عبدك أو أشار إلى نفسه فقط. وقوله عبدك قول تفسيري فقط لما سبق. وكلّم الملك الكوشي كما كلم أخيمعص أي سأله بإلحاح عن أبشالوم فجاوبه الكوشي جواباً يُفهم منه أن أبشالوم قد قُتل.
يَا ٱبْنِي أَبْشَالُومُ (ع ٣٣) الخ كلام يؤثر في كل من يسمعه وإن كان أبشالوم لا يستحق نُدبة كهذه. وحزن داود حزناً شديداً (١) لأن الحزن على موت الولد أمر طبيعي فلا بد منه. (٢) لأن أبشالوم كان جميلاً وفيه ما يجذب الناس إليه (٣) لأن داود كان يرجو لابنه مستقبلاً حسناً (٤) لأن أبشالوم غير مستعد للموت وليس له رجاء بالآخرة (٥) لأن داود شعر بأن الله افتقد ذنوبه في ابنه (خروج ٢٠: ٥) (٦) لأنه شعر أيضاً بقصوره في تربيته.
- لذوي المناصب والملوك قيمة خاصة لأن حياة الألوف متعلقة بهم فعلى هؤلاء الصلاة من أجلهم والخدمة والطاعة لهم (ع ٣).
- من أهم واجبات الوالدين محبة أولادهم ولكن واجباتهم لله أعظم (ع ٥ و٣٣).
- ما يفتخر به الإنسان قد يكون سبباً لهلاكه (ع ٩ و١٤: ٢٦).
- أفضل ذكر للإنسان سجاياه وأعماله المفيدة وعمله النافع (ع ١٨).
- ثبات المملكة قائم على أمانة كل فرد من شعبها. وامتداد ملكوت المسيح يتم بأمانة كل مؤمن به (ع ١٠ – ١٣).
- إن كل مؤمن حقيقي يشتهي أن يبشر بالمسيح وبالانتصار على الخطية بنعمته (ع ١٩).
- على الوالدين أن يسألوا عن سلامة أولادهم الروحية وليس عن سلامتهم الجسدية فقط (ع ٢٩).
-
سلامة الفتيان الروحية من أعظم اهتمامات الكنيسة.
السابق |
التالي |