سفر صموئيل الثاني | 16 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
١ – ٤ «١ وَلَمَّا عَبَرَ دَاوُدُ قَلِيلاً عَنِ ٱلْقِمَّةِ إِذَا بِصِيبَا غُلاَمِ مَفِيبُوشَثَ قَدْ لَقِيَهُ بِحِمَارَيْنِ مَشْدُودَيْنِ، عَلَيْهِمَا مِئَتَا رَغِيفِ خُبْزٍ وَمِئَةُ عُنْقُودِ زَبِيبٍ وَمِئَةُ قُرْصِ تِينٍ وَزِقُّ خَمْرٍ. ٢ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصِيبَا: مَا لَكَ وَهٰذِهِ؟ فَقَالَ صِيبَا: ٱلْحِمَارَانِ لِبَيْتِ ٱلْمَلِكِ لِلرُّكُوبِ، وَٱلْخُبْزُ وَٱلتِّينُ لِلْغِلْمَانِ لِيَأْكُلُوا، وَٱلْخَمْرُ لِيَشْرَبَهُ مَنْ أَعْيَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. ٣ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: وَأَيْنَ ٱبْنُ سَيِّدِكَ؟ فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: هُوَذَا هُوَ مُقِيمٌ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُ قَالَ: ٱلْيَوْمَ يَرُدُّ لِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مَمْلَكَةَ أَبِي. ٤ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصِيبَا: هُوَذَا لَكَ كُلُّ مَا لِمَفِيبُوشَثَ. فَقَالَ صِيبَا: سَجَدْتُ! لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ».
ص ١٥: ٣٢ ص ٩: ٢ – ١٣ و١صموئيل ٢٥: ١٨ قضاة ١٠: ٤ ص ١٧: ٢٩ ص ٩: ٩ و١٠ ص ١٩: ٢٦ و٢٧
عَنِ ٱلْقِمَّةِ قمة جبل الزيتون (١٥: ٣٢).
صِيبَا (انظر ٩: ٢ – ١٣). كان حكيماً ورأى أن الانتصار سيكون لداود وقصد أن يأخذ لنفسه أملاك مفيبوشث.
مِئَتَا رَغِيفِ خُبْزٍ انظر مقدمة أبيجائيل (١صموئيل ٢٥: ١٨).
ٱبْنُ سَيِّدِكَ (ع ٣) كان شاول سيد صيبا وكان مفيبوشث حفيد شاول.
يَرُدُّ لِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مَمْلَكَةَ أَبِي قول صيبا لا يُصدق لأن مفيبوشث كان أعرج ولم يظهر شيئاً من الطمع في المُلك ولم يكن له أمل بالنجاح لو طلب المُلك. وأما داود فكان في ذلك الوقت مهتماً بأمور كثيرة فحكم بالعجلة. واغتاظ لأنه كان قد عمل معروفاً مع مفيبوشث وأعطاه أملاكاً وأجلسه إلى مائدته فوجده حسب قول صيبا خائناً ومنكراً للجميل.
٥ – ١٤ «٥ وَلَمَّا جَاءَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى بَحُورِيمَ إِذَا بِرَجُلٍ خَارِجٍ مِنْ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَةِ بَيْتِ شَاوُلَ ٱسْمُهُ شَمْعِي بْنُ جِيرَا، يَسُبُّ وَهُوَ يَخْرُجُ، ٦ وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ دَاوُدَ وَجَمِيعَ عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَجَمِيعُ ٱلْجَبَابِرَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. ٧ وَهٰكَذَا كَانَ شَمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ: ٱخْرُجِ ٱخْرُجْ يَا رَجُلَ ٱلدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ! ٨ قَدْ رَدَّ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ كُلَّ دِمَاءِ بَيْتِ شَاوُلَ ٱلَّذِي مَلَكْتَ عِوَضاً عَنْهُ، وَقَدْ دَفَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْمَمْلَكَةَ لِيَدِ أَبْشَالُومَ ٱبْنِكَ، وَهَا أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ لأَنَّكَ رَجُلُ دِمَاءٍ! ٩ فَقَالَ أَبِيشَايُ ٱبْنُ صَرُويَةَ لِلْمَلِكِ: لِمَاذَا يَسُبُّ هٰذَا ٱلْكَلْبُ ٱلْمَيِّتُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ؟ دَعْنِي أَعْبُرْ فَأَقْطَعَ رَأْسَهُ. ١٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: مَا لِي وَلَكُمْ يَا بَنِي صَرُويَةَ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هٰكَذَا؟ ١١ وَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ وَلِجَمِيعِ عَبِيدِهِ: هُوَذَا ٱبْنِي ٱلَّذِي خَرَجَ مِنْ أَحْشَائِي يَطْلُبُ نَفْسِي، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلآنَ بِنْيَامِينِيٌّ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ. ١٢ لَعَلَّ ٱلرَّبَّ يَنْظُرُ إِلَى مَذَلَّتِي وَيُكَافِئَنِي ٱلرَّبُّ خَيْراً عِوَضَ مَسَبَّتِهِ بِهٰذَا ٱلْيَوْمِ. ١٣ وَإِذْ كَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ يَسِيرُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ كَانَ شَمْعِي يَسِيرُ فِي جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مُقَابِلَهُ وَيَسُبُّ وَهُوَ سَائِرٌ وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ مُقَابِلَهُ وَيَذْرِي ٱلتُّرَابَ. ١٤ وَجَاءَ ٱلْمَلِكُ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَقَدْ أَعْيَوْا فَٱسْتَرَاحُوا هُنَاكَ».
ص ٣: ١٦ و١٧: ١٨ ص ١٩: ١٦ – ٢٣ و١ملوك ٢: ٨ و٩ و٤٤ خروج ٢٢: ٢٨ و١صموئيل ١٧: ٤٣ ص ١٢: ٩ ص ٢١: ١ – ٩ ص ١٩: ٢١ و١صموئيل ٢٦: ٨ ولوقا ٩: ٥٤ ص ٩: ٨ خروج ٢: ٢٨ ص ٣: ٢٩ و١٩: ٢٢ يوحنا ١٨: ١١ رومية ٩: ٢٠ ص ١٢: ١١ تكوين ٤٥: ٥ و١صموئيل ٢٦: ١٩
بَحُورِيمَ (انظر ٣: ١٦ وتفسيره).
شَمْعِي (١٩: ١٦ – ٢٣ و١ملوك ٢: ٨ و٩) أعداء الإنسان يظهرون في وقت ضيقه. واغتاظ شمعي هذا الغيظ المفرط لأنه أحد أفراد أسرة شاول. ولم يتكلم عن نفسه فقط بل بالنيابة عن كثيرين من بيت شاول (٢٠: ١ و٢ ومزمور ٧).
وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ (ع ٦) كان بينه وبين داود والشعب وادٍ فكلامه كان مسموعاً وأما الحجارة فربما لم تصل إلى داود وما رشقها إلا علامة الغيظ والاحتقار. ومن حمقه لم يبال بالخطر الذي كان معرضاً له من جبابرة داود السائرين معه عن اليمين وعن اليسار.
يَا رَجُلَ ٱلدِّمَاءِ (ع ٧) أشار إلى حروب داود ولا سيما حروبه مع بيت شاول (٣: ١) وقتل أبنير الذي قتله يوآب قائد داود وقتل إيشبوشث غير أن هذين لم يُقتلا بإرادة داود.
رَجُلَ بَلِيَّعَالَ (١صموئيل ١: ١٦) المعنى الأصلي عديم الفائدة وهو لقب يدل على أعظم الأشرار.
أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ (ع ٨) يُظن أن قتل أبناء شاول المذكور في (٢١: ١ – ١٤) كان قبل فتنة أبشالوم وهو المشار إليه في كلام شمعي. هيّن الحكم على الإنسان بعد سقوطه.
فَقَالَ أَبِيشَايُ (ع ٩) كان غيوراً على داود. أراد قتل شاول (١صموئيل ٢٦: ٨).
كَلْبُ مَيِّتُ (راجع ٣: ٨ و٩: ٨).
يَا بَنِي صَرُويَة (ع ١٠) كان يوآب متفقاً مع أخيه أبيشاي في هذا الطلب من داود.
فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلآنَ بِنْيَامِينِيٌّ (ع ١١) قبل الحكم على إنسان يجب النظر إلى دعواه وما حرّكه على عمله. نظر داود إلى أفكار بيت شاول واعتبرها.
دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ أظهر داود تواضعه وشعوره بخطاياه فقبل التعييرات كأنها ليست من شمعي بل من الرب كتأديب يستحقه. وأما شمعي فلم يتبرر وإن كان الرب قد أدب داود بواسطته.
يُكَافِئَنِي خَيْراً (ع ١٢) إن شتائم شمعي أو غيره لا تقدر أن تؤذي داود أدنى أذية إن لم يسمح الرب بذلك.
أَعْيَوْا (ع ١٤) من التعب الجسدي والعقلي ويظن أن الكلمة الأصلية «عيفيم» المترجمة «أعيوا» اسم علم فيكون المعنى أن داود وشعبه أتوا إلى عيفيم واستراحوا والمكان مجهول والأرجح أنه بقرب الأردن إلى الغرب.
١٥ – ١٩ «١٥ وَأَمَّا أَبْشَالُومُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فَأَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَخِيتُوفَلُ مَعَهُمْ. ١٦ وَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ ٱلأَرْكِيُّ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى أَبْشَالُومَ، قَالَ: لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ! لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ! ١٧ فَقَالَ أَبْشَالُومُ لِحُوشَايَ: أَهٰذَا مَعْرُوفُكَ مَعَ صَاحِبِكَ؟ لِمَاذَا لَمْ تَذْهَبْ مَعَ صَاحِبِكَ؟ ١٨ فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: كَلاَّ، وَلٰكِنِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ ٱلرَّبُّ وَهٰذَا ٱلشَّعْبُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فَلَهُ أَكُونُ وَمَعَهُ أُقِيمُ. ١٩ وَثَانِياً: مَنْ أَخْدِمُ؟ أَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيِ ٱبْنِهِ؟ كَمَا خَدَمْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيكَ كَذٰلِكَ أَكُونُ بَيْنَ يَدَيْكَ».
ص ١٥: ١٢ و٣٧ ص ١٥: ٣٧ ص ١٥: ٣٤ و١صموئيل ١٠: ٢٤ و٢ملوك ١١: ١٢ ص ١٩: ٢٥ ص ١٥: ٣٤
فَأَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ في ذات النهار الذي فيه زايلها داود. فما أعظم حوادث ذلك النهار.
رِجَالُ إِسْرَائِيلَ تسمى الذين كانوا مع أبشالوم إسرائيل أو شعب إسرائيل والذين كانوا مع داود الشعب وليس تمييز هنا بين الأسباط الشمالية والأسباط الجنوبية لأن أكثر تابعي أبشالوم كانوا من يهوذا (١٥: ١٠).
لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ (ع ١٦) (١صموئيل ١٠: ٢٤) كان انحياز حوشاي إلى أبشالوم أمراً غير منتظر عند أبشالوم لأن صداقته القديمة لداود كانت معروفة. ولكنه جاوب أبشالوم بالحكمة وأقنعه فقبله ليكون مشيراً له. ومضمون جوابه أولاً أن أبشالوم هو مختار الرب والشعب. وثانياً أن أبشالوم هو ابن الملك ووارثه. ولمعرفة خداع حوشاي (انظر ١٥: ٣٤).
٢٠ – ٢٣ «٢٠ وَقَالَ أَبْشَالُومُ لأَخِيتُوفَلَ: أَعْطُوا مَشُورَةً مَاذَا نَفْعَلُ. ٢١ فَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: ٱدْخُلْ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيكَ ٱللَّوَاتِي تَرَكَهُنَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ، فَيَسْمَعَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ أَنَّكَ قَدْ صِرْتَ مَكْرُوهاً مِنْ أَبِيكَ، فَتَتَشَدَّدَ أَيْدِي جَمِيعِ ٱلَّذِينَ مَعَكَ. ٢٢ فَنَصَبُوا لأَبْشَالُومَ ٱلْخَيْمَةَ عَلَى ٱلسَّطْحِ، وَدَخَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيهِ أَمَامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. ٢٣ وَكَانَتْ مَشُورَةُ أَخِيتُوفَلَ ٱلَّتِي كَانَ يُشِيرُ بِهَا فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ كَمَنْ يَسْأَلُ بِكَلاَمِ ٱللّٰهِ. هٰكَذَا كُلُّ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ عَلَى دَاوُدَ وَعَلَى أَبْشَالُومَ جَمِيعاً».
ص ١٥: ١٦ ص ١٥: ١٦ و٢٠: ٣ ص ١٢: ١١ و١٢ ص ١٧: ١٤ و٢٣ ص ١٥: ١٢
ٱدْخُلْ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيكَ (ع ٢١) بهذا العمل أظهر أبشالوم لجميع إسرائيل أنه أخذ مكان أبيه وإنه لا يرجع عن عمل كهذا وإنه مصر على مشروعه إلى النهاية. ولم يقبح هذا العمل في عيون إسرائيل ما في عيوننا لأنهم كانوا معتادين تعدد النساء وكان ملوكهم يتزوجون أحياناً نساء أسلافهم (٣: ٧ و١ملوك ٢: ٢١ و٢٢).
عَلَى ٱلسَّطْحِ (ع ٢٢) ولعل هذا هو نفس السطح الذي تمشى داود عليه ورأى بثشبع وخطا أول خطوة في خطيئته فوفى الرب بوعيده (١٢: ١١ و١٢) وكان قصاص الخطيئة قبيحاً مكروهاً من نوع الخطيئة نفسها (٢ملوك ٩: ٢٥ و٢٦).
كَمَنْ يَسْأَلُ بِكَلاَمِ ٱللّٰهِ (ع ٢٣) أي كان أخيتوفل مصيباً في مشورته. غير أن حكمته كانت أرضية شهوانية شيطانية ومخالفة لشريعة الله (تكوين ٤٩: ٤ لاويين ١٨: ٨ تثنية ٢٧: ٢٠ عاموس ٢: ٧ و١كورنثوس ٥: ١) والله يجهل حكمة هذا العالم.
- محبة المال من الخطايا الدنيئة التي تقود الإنسان إلى الرياء والخيانة وشهادة الزور (ع ١ – ٥).
- من يحكم بالعجلة يتعرض للغلط (ع ٤).
- إننا نتمثل بالمسيح إذا شُتمنا ولم نرّد الشتم (ع ٩ – ١٢).
- إن الشتيمة تؤذي من يَشتم لا من يُشتم.
- ليس لنا أن ننتقم لأنفسنا.
- الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً (ع ٢١).
-
الحكمة بلا خوف الله شرك وهلاك (ع ٢٣).
السابق |
التالي |