سفر صموئيل الثاني | 14 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
١ – ٣ «١ وَعَلِمَ يُوآبُ ٱبْنُ صَرُويَةَ أَنَّ قَلْبَ ٱلْمَلِكِ عَلَى أَبْشَالُومَ. ٢ فَأَرْسَلَ يُوآبُ إِلَى تَقُوعَ وَأَخَذَ مِنْ هُنَاكَ ٱمْرَأَةً حَكِيمَةً وَقَالَ لَهَا: تَظَاهَرِي بِٱلْحُزْنِ وَٱلْبَسِي ثِيَابَ ٱلْحُزْنِ، وَلاَ تَدَّهِنِي بِزَيْتٍ بَلْ كُونِي كَٱمْرَأَةٍ لَهَا أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ وَهِيَ تَنُوحُ عَلَى مَيِّتٍ. ٣ وَٱدْخُلِي إِلَى ٱلْمَلِكِ وَكَلِّمِيهِ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ. وَجَعَلَ يُوآبُ ٱلْكَلاَمَ فِي فَمِهَا».
ص ١٣: ٣٩ ص ٢٣: ٢٦ و٢أيام ١١: ٦ وعاموس ١: ١ و١ملوك ٢٠: ٣٥ – ٣٤ ص ١٢: ٢٠ ع ١٩
قَلْبَ ٱلْمَلِكِ عَلَى أَبْشَالُومَ (انظر ١٣: ٣٩) وتفسيره.
تَقُوعَ (ع ٢) مدينة ليهوذا قرب بيت لحم وإلى الجنوب الشرقي من أورشليم وتدعى الآن تقوعة وهي قرية عاموس النبي. كان يوآب من بيت لحم ولا شك أن الامرأة كانت معروفة عنده لأنها حكيمة شهيرة. جعل يوآب الكلام في فمها ولكنها احتاجت إلى حكمتها في إتمام الأمر بطريقة بسيطة حتى لا يدرك الملك الحيلة.
وَلاَ تَدَّهِنِي بِزَيْتٍ الدهن بالزيت من الأمور اللازمة للاعتناء بالجسد حسب العادات القديمة وتركه علامة الحزن (١٢: ٢٠). كان في كل مدينة شيوخ يسمعون الدعاوي ويحكمون بها (خروج ١٨: ٢٤ – ٢٦). كان الملك يسمع بعضها ويحكم فيها حسب استحسانه (١٢: ١ – ٦ و١٥: ١ – ٦). إن قصة المرأة الحكيمة طابقت قصة أبشالوم في الجوهر واختلفت عنها في الأحوال. والغاية أن الملك يحكم فيها قبلما يدرك المقصود منها ويربط نفسه فيلتزم أن يحكم في أمر أبشالوم كما حكم في أمر ابنها لأن للدعويين جوهراً واحداً.
٤ – ٧ «٤ وَكَلَّمَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلتَّقُوعِيَّةُ ٱلْمَلِكَ وَخَرَّتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَتْ وَقَالَتْ: أَعِنْ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ!. ٥ فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلِكُ: مَا بَالُكِ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي أَرْمَلَةٌ قَدْ مَاتَ رَجُلِي. ٦ وَلِجَارِيَتِكَ ٱبْنَانِ، فَتَخَاصَمَا فِي ٱلْحَقْلِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا ٱلآخَرَ وَقَتَلَهُ. ٧ وَهُوَذَا ٱلْعَشِيرَةُ كُلُّهَا قَدْ قَامَتْ عَلَى جَارِيَتِكَ وَقَالُوا: سَلِّمِي ضَارِبَ أَخِيهِ لِنَقْتُلَهُ بِنَفْسِ أَخِيهِ ٱلَّذِي قَتَلَهُ، فَنُهْلِكَ ٱلْوَارِثَ أَيْضاً. فَيُطْفِئُونَ جَمْرَتِي ٱلَّتِي بَقِيَتْ، وَلاَ يَتْرُكُونَ لِرَجُلِي ٱسْماً وَلاَ بَقِيَّةً عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
١صموئيل ٢٥: ٢٣ و٢ملوك ٦: ٢٦ – ٢٨ ع ٥ – ٢١ مع ص ١٢: ١ – ٧ عدد ٣٥: ١٩ وتثنية ١٩: ١٢ و١٣ متّى ٢١: ٣٨
ٱلْعَشِيرَةُ كُلُّهَا قَدْ قَامَتْ (ع ٧) (عدد ٣٥: ١٩ تثنية ١٩: ١٢ و١٣).
فَنُهْلِكَ ٱلْوَارِثَ إشارة إلى أن غايتهم في قتل الوارث أن يكون الميراث لهم (متّى ٢١: ٣٨).
فَيُطْفِئُونَ جَمْرَتِي شبهت الابن الباقي الوحيد بجمرة تضطرم منها النار وقالت أنهم يودون لغاية في النفس إطفاءها (١ملوك ١١: ٣٦ و٢ملوك ٨: ١٩).
٨ – ١١ «٨ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلْمَرْأَةِ: ٱذْهَبِي إِلَى بَيْتِكِ وَأَنَا أُوصِي فِيكِ. ٩ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلتَّقُوعِيَّةُ لِلْمَلِكِ: عَلَيَّ ٱلإِثْمُ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي، وَٱلْمَلِكُ وَكُرْسِيُّهُ نَقِيَّانِ. ١٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: إِذَا كَلَّمَكِ أَحَدٌ فَأْتِي بِهِ إِلَيَّ فَلاَ يَعُودَ يَمَسُّكِ بَعْدُ. ١١ فَقَالَتِ: ٱذْكُرْ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ حَتَّى لاَ يُكَثِّرَ وَلِيُّ ٱلدَّمِ ٱلْقَتْلَ لِئَلاَّ يُهْلِكُوا ٱبْنِي. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ ٱبْنِكِ إِلَى ٱلأَرْضِ».
تكوين ٤٣: ٩ و١صموئيل ٢٥: ٢٤ و١ملوك ٢: ٣٣ عدد ٣٥: ١٩ و٢١ وتثنية ١٩: ٤ – ١٠ و١صموئيل ١٤: ٤٥ و١ملوك ١: ٥٢ ومتّى ١٠: ٣٠
وَأَنَا أُوصِي فِيكِ (ع ٨) أي وعدها بأنه يعمل لها حسب مطلوبها. ولم ينتبه إلى أنه بهذا الحكم حكم أيضاً في مسئلة أبشالوم.
عَلَيَّ ٱلإِثْمُ الإثم هو إلغاء الشريعة الموسوية غير أن ذلك جائزاً أحياناً لأجل الرحمة (تثنية ٩: ١٣ و١٢: ٧) وألحت على الملك حتى حلف لها فالتزم أن يحكم في أمر أبشالوم كما حكم في أمر ابنها.
١٢ – ١٧ «١٢ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: لِتَتَكَلَّمْ جَارِيَتُكَ كَلِمَةً إِلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ. فَقَالَ: تَكَلَّمِي ١٣ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: وَلِمَاذَا ٱفْتَكَرْتَ بِمِثْلِ هٰذَا ٱلأَمْرِ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ؟ وَيَتَكَلَّمُ ٱلْمَلِكُ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ كَمُذْنِبٍ بِمَا أَنَّ ٱلْمَلِكَ لاَ يَرُدُّ مَنْفِيَّهُ. ١٤ لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ وَنَكُونَ كَٱلْمَاءِ ٱلْمُهْرَاقِ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّذِي لاَ يُجْمَعُ أَيْضاً. وَلاَ يَنْزِعُ ٱللّٰهُ نَفْساً بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَاراً حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ. ١٥ وَٱلآنَ حَيْثُ إِنِّي جِئْتُ لأُكَلِّمَ ٱلْمَلِكَ سَيِّدِي بِهٰذَا ٱلأَمْرِ، لأَنَّ ٱلشَّعْبَ أَخَافَنِي، فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ أُكَلِّمُ ٱلْمَلِكَ لَعَلَّ ٱلْمَلِكَ يَفْعَلُ كَقَوْلِ أَمَتِهِ. ١٦ لأَنَّ ٱلْمَلِكَ يَسْمَعُ لِيُنْقِذَ أَمَتَهُ مِنْ يَدِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُهْلِكَنِي أَنَا وَٱبْنِي مَعاً مِنْ نَصِيبِ ٱللّٰهِ. ١٧ فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ لِيَكُنْ كَلاَمُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ عَزَاءً، لأَنَّهُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِنَّمَا هُوَ كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ لِفَهْمِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ، وَٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَكُونُ مَعَكَ».
ص ١٢: ٧ و١ملوك ٢٠: ٤ – ٤٢ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ أيوب ٣٠: ٢٣ و٣٤: ١٥ وعبرانيين ٩: ٢٧ مزمور ٥٨: ٧ عدد ٣٥: ١٥ و٢٥ و٢٨ تثنية ٣٢: ٩ و١صموئيل ٢٦: ١٩ ع ٢٠ وص ١٩: ٢٧ و١صموئيل ٢٩: ٩
لم يغتظ الملك منها إذ وجهت الكلام إلى أمر أبشالوم وظهرت غايتها لأنه كان يحب أن يرد منفيه أبشالوم إلا أنه لم ير لذلك طريقة وبكلامها شبهت شعب الله بالأم وأبشالوم بابنها والملك بولي الدم. ولا شك أن أبشالوم كان محبوباً عند الشعب (ع ٢٥ و١٥: ١ – ٦) الذين برأوه في قتله أمنون لأنه اغتضب ثامار وأرادوا الآن رجوع أبشالوم.
كَمُذْنِبٍ (ع ١٣) كان داود قد عفا عن ابن التقوعية فإن لم يعف نفس العفو عن أبشالوم يكون مذنباً.
لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ (ع ١٤) معناها أنه يجب أن نحتمل بعضنا بعضاً ونسامح بعضنا بعضاً ما دمنا معاً في هذا العالم وليس لنا وقت للغضب والقساوة لأن أيامنا قليلة فالأولى بنا أن نستخدمها كلها بما يفيد ويفرّح.
لاَ يَنْزِعُ ٱللّٰهُ نَفْساً لا بد من الموت الطبيعي في وقته المجهول ولكن الموت على سبيل القصاص قبل الأجل الطبيعي ليس مما يرضي الله أو يوافق مقاصده الحبية لأن الرحمة من صفات الله فيجب على الإنسان أن يرحم. وربما أشارت المرأة إلى رحمة الله لداود إذ لم يطرده حينما أخطأ. إن التقوعية تكلمت بما وافق غايتها وأما أبشالوم فلم يستحق الرجوع إلى أبيه كما ظهر جلياً بعد ذلك والله لا يُبرئ المذنب بل يجازي كل إنسان حسب أعماله إن لم يتب عنها.
لأَنَّ ٱلشَّعْبَ أَخَافَنِي (ع ١٥) أشارت إلى ولي الدم الطالب حياة ابنها وأشارت أيضاً إلى شعب إسرائيل الطالبين رجوع أبشالوم الذين يغتاظون منها إذا لم تنجح في مسعاها مع الملك.
كَلاَمُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ عَزَاءً (ع ١٧) حكمه في هذه المسألة يجعل نهاية للخصام.
مَلاَكِ ٱللّٰهِ اي مرسل من الله وله نعمة خاصة منه ليميز الخير من الشر ويحكم بالعدل.
١٨ – ٢٠ «١٨ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلْمَرْأَةِ: لاَ تَكْتُمِي عَنِّي أَمْراً أَسْأَلُكِ عَنْهُ. فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: لِيَتَكَلَّمْ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ. ١٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: هَلْ يَدُ يُوآبَ مَعَكِ فِي هٰذَا كُلِّهِ؟ فَأَجَابَتِ ٱلْمَرْأَةُ: حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ، لاَ يُحَادُ يَمِيناً أَوْ يَسَاراً عَنْ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، لأَنَّ عَبْدَكَ يُوآبَ هُوَ أَوْصَانِي وَهُوَ وَضَعَ فِي فَمِ جَارِيَتِكَ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. ٢٠ لأَجْلِ تَحْوِيلِ وَجْهِ ٱلْكَلاَمِ فَعَلَ عَبْدُكَ يُوآبُ هٰذَا ٱلأَمْرَ، وَسَيِّدِي حَكِيمٌ كَحِكْمَةِ مَلاَكِ ٱللّٰهِ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي ٱلأَرْضِ».
ع ٣ ع ١٧ وص ١٩: ٢٧
لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي ٱلأَرْضِ (ع ٢٠) في كلامها مدح ومبالغة كالعادة في مخاطبة العظماء.
٢١ – ٢٤ «٢١ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِيُوآبَ: هَئَنَذَا قَدْ فَعَلْتُ هٰذَا ٱلأَمْرَ، فَٱذْهَبْ رُدَّ ٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. ٢٢ فَسَقَطَ يُوآبُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ وَبَارَكَ ٱلْمَلِكَ، وَقَالَ يُوآبُ: ٱلْيَوْمَ عَلِمَ عَبْدُكَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ إِذْ فَعَلَ ٱلْمَلِكُ قَوْلَ عَبْدِهِ. ٢٣ ثُمَّ قَامَ يُوآبُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَأَتَى بِأَبْشَالُومَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٢٤ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: لِيَنْصَرِفْ إِلَى بَيْتِهِ وَلاَ يَرَ وَجْهِي. فَٱنْصَرَفَ أَبْشَالُومُ إِلَى بَيْتِهِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ».
ع ١١ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ ص ١٣: ٢٠
فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِيُوآبَ أجاب الملك يوآب لأن كلام المرأة هو كلامه.
وَسَجَدَ وَبَارَكَ ٱلْمَلِكَ (ع ٢٢) شكر يوآب للملك لأنه أناله سؤله. لا نستنتج من هذا أن يوآب أحب أبشالوم بل ربما كان الأمر بالعكس لأن يوآب هو الذي قتله (١٨: ١٤) ووبخ الملك على حزنه المفرط على أبشالوم (١٩: ٥ – ٧) ولكنه طلب الآن رجوعه لأنه رأى أن الانشقاق بين الملك وابنه ونفي مَنْ كان الشعب يحبونه لا يوافقان سياسة المملكة.
وَلاَ يَرَ وَجْهِي (ع ٢٤) (انظر ١٣: ٣٩) لعل الملك لم يستحسن رؤية وجهه لئلا يظهر للشعب أنه اجاز عمله في قتله أمنون ولكن في هذه السياسة خطراً لأن وجود أبشالوم في أورشليم والاتفاق غير تام بينه وبين أبيه كان من أسباب فتنته (ص ١٥) وربما كان أبشالوم محبوساً في بيته لا يؤذن له بالخروج منه. ويظن أن بثشبع لم ترد صلحاً بين الملك وأبشالوم لأنها كانت تطلب المُلك لابنها سليمان.
٢٥ – ٢٧ «٢٥ وَلَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ جَمِيلٌ وَمَمْدُوحٌ جِدّاً كَأَبْشَالُومَ، مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ حَتَّى هَامَتِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ. ٢٦ وَعِنْدَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ، إِذْ كَانَ يَحْلِقُهُ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ، لأَنَّهُ كَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَحْلِقُهُ، كَانَ يَزِنُ شَعْرَ رَأْسِهِ مِئَتَيْ شَاقِلٍ بِوَزْنِ ٱلْمَلِكِ. ٢٧ وَوُلِدَ لأَبْشَالُومَ ثَلاَثَةُ بَنِينَ وَبِنْتٌ وَاحِدَةٌ ٱسْمُهَا ثَامَارُ، وَكَانَتِ ٱمْرَأَةً جَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ».
تثنية ٢٨: ٢٥ وأيوب ٢: ٧ وإشعياء ١: ٦ حزقيال ٤٤: ٢٩ ص ١٨: ١٨ ص ١٣: ١
هذا مقدمة لما سيأتي في موضوع فتنة أبشالوم. السواد الأعظم من الناس ينظرون إلى الجمال الخارجي ولا يهتمون كثيراً بالصفات الأدبية والروحية.
مِئَتَيْ شَاقِلٍ (ع ٢٦) لا يُعرف تماماً ما هو الشاقل المذكور هنا. يقول بعضهم أن وزن الشعر كان نصف رطل ويقول غيرهم أنه رطل (اطلب أبشالوم في قاموس الكتاب). والخلاصة أن شعره كان غزيراً جداً وجميلاً وكان يدهنه بالأدهان ويضمخه بالروائح الطيبة كالعادة القديمة. وربما كان يزينه ببرادة الذهب مما زاد ثقله. وبما أن هذا الجمال جمال خارجي فقط بلا جمال قلبي فكان من أسباب هلاكه (١٨: ٩).
ثَلاَثَةُ بَنِينَ (ع ٢٧) ماتوا قبلما قُتل أبوهم (١٨: ١٨).
ثَامَارُ على اسم عمتها وكانت مثلها بارعة في الجمال (١٣: ١) والظاهر أنها تزوجت أوريئيل وابنتها معكة تزوجت رحبعام الملك (١ملوك ١٥: ٢ و٢أيام ١٣: ٢ و٢أيام ١١: ٢٠ – ٢٢).
٢٨ – ٣٣ «٢٨ وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ فِي أُورُشَلِيمَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ. ٢٩ فَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى يُوآبَ لِيُرْسِلَهُ إِلَى ٱلْمَلِكِ فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً ثَانِيَةً فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ. ٣٠ فَقَالَ لِعَبِيدِهِ: ٱنْظُرُوا. حَقْلَةَ يُوآبَ بِجَانِبِي، وَلَهُ هُنَاكَ شَعِيرٌ. ٱذْهَبُوا وَأَحْرِقُوهُ بِٱلنَّارِ. فَأَحْرَقَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ ٱلْحَقْلَةَ بِٱلنَّارِ. ٣١ فَقَامَ يُوآبُ وَجَاءَ إِلَى أَبْشَالُومَ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا أَحْرَقَ عَبِيدُكَ حَقْلَتِي بِٱلنَّارِ؟ ٣٢ فَقَالَ أَبْشَالُومُ لِيُوآبَ: هَئَنَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ قَائِلاً: تَعَالَ إِلَى هُنَا فَأُرْسِلَكَ إِلَى ٱلْمَلِكِ لِتَسْأَلَهُ: لِمَاذَا جِئْتُ مِنْ جَشُورَ؟ خَيْرٌ لِي لَوْ كُنْتُ بَاقِياً هُنَاكَ. فَٱلآنَ إِنِّي أَرَى وَجْهَ ٱلْمَلِكِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيَّ إِثْمٌ فَلْيَقْتُلْنِي. ٣٣ فَجَاءَ يُوآبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَأَخْبَرَهُ. وَدَعَا أَبْشَالُومَ فَأَتَى إِلَى ٱلْمَلِكِ وَسَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ قُدَّامَ ٱلْمَلِكِ، فَقَبَّلَ ٱلْمَلِكُ أَبْشَالُومَ».
ع ٢٤ قضاة ١٥: ٣ – ٥ و١صموئيل ٢٠: ٨ تكوين ٣٣: ٤ ولوقا ١٥: ٢٠
وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ (انظر ع ٢٤ وتفسيره).
فَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى يُوآبَ (ع ٢٩) لعل أبشالوم لم يقدر أن يخرج من بيته.
فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ لأنه خاف من غضب الملك ولم يستحسن المداخلة في أمر أبشالوم.
فَأَحْرَقَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ ٱلْحَقْلَةَ (ع ٣٠) ليحملوا يوآب على تلبية طلب أبشالوم. فعندما علم يوآب بالحريق غضب وذهب إلى بيت أبشالوم وبهذه الطريقة نال أبشالوم مطلوبه.
وَإِنْ وُجِدَ فِيَّ إِثْمٌ (ع ٣٢) لم يعتقد أبشالوم إن قتله أمنون كان إثماً والملك لم يحكم عليه ولم يبرئه وهذا لم يرض أبشالوم فطلب إما الحكم عليه أو تبرئته.
فَقَبَّلَه (ع ٣٣) علامة المصالحة (تكوين ٣٣: ٤ و٤٥: ١٥ ولوقا ١٥: ٢٠) ولكن ظهر من تصرُّف أبشالوم بعد ذلك أنه لم يصالح أباه من قلبه.
السابق |
التالي |