سفر صموئيل الثاني | 07 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ
١ – ٥ «١ وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ ٱلْمَلِكُ فِي بَيْتِهِ وَأَرَاحَهُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ ٱلْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ ٢ أَنَّ ٱلْمَلِكَ قَالَ لِنَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ: ٱنْظُرْ. إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ، وَتَابُوتُ ٱللّٰهِ سَاكِنٌ دَاخِلَ ٱلشُّقَقِ. ٣ فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ: ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَكَ. ٤ وَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ: ٥ اِذْهَبْ وَقُلْ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتاً لِسُكْنَايَ؟».
١أيام ١٧: ١ – ٢٧ ع ١٧ وص ١٢: ١ و١ملوك ١: ٢٢ و١أيام ٢٩: ٢٩ و٢أيام ٩: ٢٩ ص ٥: ١١ خروج ٢٦: ١ و١ملوك ٨: ١٧ و ١٨ و١ملوك ٥: ٣ و٤ و٨: ١٩
نجد مضمون هذا الأصحاح أيضاً في (١أيام ص ١٨). والأرجح أن المذكور في هذا الأصحاح حدث بعد الحرب المذكورة في (ص ٨) بدليل القول «وأراحه الرب من كل الجهات من جميع أعدائه» ولكن لموضوع هذا الأصحاح علاقة بموضوع الأصحاح السابق لأن داود أصعد التابوت ووضعه في مسكن وقتي قاصداً أن يبني له بيتاً ثابتاً.
نَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ هذه هي المرة الأولى التي ذُكر فيها وكان نبياً أميناً للرب وللملك ومعتبراً. وهو وبّخ داود على خطيئته في أمر أوريا (١٢: ١ – ١٥) وقام هو وجاد رائي الملك بترتيب خدمة بيت الرب (٢أيام ٢٩: ٢٥) وعمل هو وبثشبع على إقامة سليمان ملكاً (١ملوك ١: ٨ و٤٥) وألّف سفر أخبار ناثان النبي (١أيام ٢٩: ٢٩) غير أن هذا السفر ليس من الأسفار القانونية وهو مفقود.
إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ البيت الذي بناه له حيرام ملك صور (٥: ١١) ورأى أنه لا يليق أن يكون بيته أحسن من بيت الرب. وكان داود يحب الرب من كل قلبه فأراد أن يقدم له أفضل تقدمة وأعظم خدمة.
دَاخِلَ ٱلشُّقَقِ (خروج ٢٦: ١) كانت الخيمة الأصلية في جبعون. والظاهر أن داود عمل خيمة وقتية على مثالها.
فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ لم يشك في أن هذا المسعى صالح ومقبول فأجاب من نفسه قبلما استشار الرب.
كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ برؤيا في الليل (ع ١٧). ولم يكلم الرب داود رأساً مع أن داود كان نبياً أيضاً (أعمال ٢: ٣٠) لأن لكل واحد موهبة خاصة ولم يستحسن الله أن يعطي كل المواهب لواحد حتى أن الواحد يحتاج إلى خدمة الآخر كأعضاء الجسد (١كورنثوس ص ١٢). ومن صفات داود الحميدة أنه قبل التعليم والإنذار وإن كان مخالفاً لرأيه.
٦ – ١٧ «٦ لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ. ٧ فِي كُلِّ مَا سِرْتُ مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ قُلْتُ لأَحَدِ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعَوْا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا لَمْ تَبْنُوا لِي بَيْتاً مِنَ ٱلأَرْزِ؟ ٨ وَٱلآنَ فَهٰكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هٰكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيساً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ٩ وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ ٱسْماً عَظِيماً كَٱسْمِ ٱلْعُظَمَاءِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلأَرْضِ. ١٠ وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَغَرَسْتُهُ، فَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ، وَلاَ يَضْطَرِبُ بَعْدُ وَلاَ يَعُودُ بَنُو ٱلإِثْمِ يُذَلِّلُونَهُ كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ ١١ وَمُنْذُ يَوْمَ أَقَمْتُ فِيهِ قُضَاةً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أَرَحْتُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ. وَٱلرَّبُّ يُخْبِرُكَ أَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لَكَ بَيْتاً. ١٢ مَتَى كَمَلَتْ أَيَّامُكَ وَٱضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. ١٣ هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٤ أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْناً. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ ٱلنَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. ١٥ وَلٰكِنَّ رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ. ١٦ وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى ٱلأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتاً إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٧ فَحَسَبَ جَمِيعِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ وَحَسَبَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا كَذٰلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ».
خروج ٤٠: ١٨ و٣٤ ويشوع ١٨: ١ و١ملوك ٨: ١٦ لاويين ٢٦: ١١ و١٢ ص ٥: ٢ و١صموئيل ١٦: ١١ و ١٢ ومزمور ٧٨: ٧٠ و٧١ ص ٦: ٢١ ص ٥: ١٠ مزمور ١٨: ٣٧ – ٤٢ خروج ١٥: ١٧ وإشعياء ٥: ٢ و٧ مزمور ٨٩: ٢٢ و٢٣ وإشعياء ٦٠: ١٨ قضاة ٢: ١٤ – ١٦ و١صموئيل ١٢: ٩ – ١١ ع ١ ع ٢٧ و١صموئيل ٢٥: ٢٨
أوضح له الرب أسباب عدم سماحه له بأن يبني له بيتاً. منها أنه لم يسكن في بيت أي بيت من خشب أو حجر بل في خيمة. ولم يأمر أحد القضاة أن يبني له بيتاً لأنه ليس إنساناً فيحتاج إلى بيت (إشعياء ٦٦: ١) وأخبره أن سليمان ابنه سيبني له بيتاً. وقيل أيضاً في (١أيام ٢٢: ٨) أن داود سفك دماً كثيراً وعمل حروباً عظيمة. لذلك لا يليق أن يبني بيتاً للرب. ولم يخطئ داود في حروبه لأن الرب كان معه فيها ولكنه ارتبك بها وتلوّث بدمها فصار لا يليق لبناء الهيكل. والرب أكرمه إذ قال له أن سليمان ابنك يبني الهيكل لأنه يكون في أيامه سلام.
أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعَوْا شَعْبِي كان إسرائيل شعب الله وكان هو ملك إسرائيل وأما القضاة فكانوا تحت أمره. وعليهم أن يرعوا شعب الله أي أن يسيروا أمامهم ويحاموا عنهم ويعتنوا بهم اعتناء الراعي بغنمه.
عَبْدِي دَاوُدَ ليس لقب أعظم من هذا وأكرم وكان لقب موسى الخاص ولقب إسرائيل (إشعياء ٤١: ٨) ولقب المسيح (إشعياء ٤٢: ١).
أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ قيل زمان داود لم تكن الأسباط متحدة اتحاداً ثابتاً. وكان القاضي يقضي لسبط واحد أو لبعض الأسباط فقط لا لإسرائيل كله ولما اختار الرب داود ثبت الملك فيه وفي سبط يهوذا. وذلك كله حسب اختيار الرب. لذلك لا يقدر داود أن يفتخر بما فيه ولا بما عمل.
قَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ دليل على أن حروب داود لم تكن لمجد نفسه ولا بإرادته بل أن الرب أمره وأرسله ونصره.
ٱسْماً عَظِيماً كان داود أعظم ملوك إسرائيل والذي أكسبه هذه العظمة الخاصة أن المسيح نسله وكان هو رمزاً إلى المسيح بمعنى لا يصح في غيره فلم يقل الكتاب إن المسيح ابن سليمان أو ابن حزقيا أو ابن يوشيا بل ابن داود. ويظهر هذا ظهوراً خاصاً في المزامير حيث نرى عظمة داود الحقيقية وهي عظمة روحية. اسمه بين عظماء الأرض بل هو أعظم منهم جداً.
وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي أي أرض كنعان بالوعد أولاً ثم أعطاهم إياها على التدريج وتأخر امتلاكهم للأرض كان بسبب خطاياهم فلم يتم سكنهم إياها وغرسهم وراحتهم حتى تعين داود ملكاً عليهم.
نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ أي سليمان الذي وُلد بعد هذا الكلام.
أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ (مزمور ٨٩: ٢٧ و٣٦ و٣٧) تم هذا القول أولاً بسليمان الذي ملك بالسلم ٤٠ سنة. وثانياً بنسله الذين ملكوا إلى نهاية المملكة. وثالثاً بالمسيح الذي ليس لمملكته نهاية. ومسكن الله على الأرض بالحقيقة ليس هيكل سليمان الذي هدمه نبوخذ نصر بل جسد المسيح (يوحنا ١: ١٤ و٢: ١٩ و٢١) الذي به سكن في هذا العالم زماناً يسيراً وبه قام من الأموات وصعد إلى السماء والمسيح لم يزل إلهاً وإنساناً إلى الأبد وبه صار المؤمنون شركاء الطبيعة الإلهية (انظر رؤيا ٢١: ٣).
أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً يحبه كما يحب الأب ابنه ويكون بينهما اتحاد كاتحاد الأب والابن فكل ما للآب هو للابن أيضاً (انظر مزمور ٢ ومزمور ٧٢ ومزمور ٨٩: ١٩ – ٣٧). ولم ينل سليمان هذه المواعيد كلها ولا يمكن أحداً من بني البشر أن ينالها لأنها أكثرها للمسيح (انظر متّى ٢٨: ١٨) «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» و(يوحنا ١٠: ٣٠) «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» و (فيلبي ٢: ١٠) «لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ» و(رؤيا ١١: ١٥) «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ ٱلْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ».
أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ ٱلنَّاسِ أي التأديب الذي يستوجبه الناس بسبب خطاياهم وهذا القول في سليمان وفي نسله. وسقط سليمان ونسله في خطايا عظيمة فأدبهم الرب وأخيراً سقطت مظلة داود (عاموس ٩: ١١) أي انتهت المملكة الأرضية ولكن من أنقاضها أقام الرب مملكة المسيح التي ستمتد في كل الأرض وتدوم إلى الأبد.
كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ لم يملك احدٌ من نسله وأما نسل داود فثبت لهم الملك ودام دوام المملكة من أجل داود عبد الرب ليكون سراج لداود كل الأيام أمام الرب (١ملوك ١١: ٣١ – ٣٦).
ٱلَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ لتتخلص منه وجرى ذلك كله في حياة داود وبعلمه.
هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا لم يرَ هذه الأمور بعينه الجسدية بل بعين ذهنه فعرفها وفهمها بإعلان خاص من الله.
١٨ – ٢٩ «١٨ فَدَخَلَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَقَالَ: مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ، وَمَا هُوَ بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هٰهُنَا؟ ١٩ وَقَلَّ هٰذَا أَيْضاً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ فَتَكَلَّمْتَ أَيْضاً مِنْ جِهَةِ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ. وَهٰذِهِ عَادَةُ ٱلإِنْسَانِ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ. ٢٠ وَبِمَاذَا يَعُودُ دَاوُدُ يُكَلِّمُكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ؟ ٢١ فَمِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هٰذِهِ ٱلْعَظَائِمَ كُلَّهَا لِتُعَرِّفَ عَبْدَكَ. ٢٢ لِذٰلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلٰهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا. ٢٣ وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى ٱلأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي سَارَ ٱللّٰهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْباً، وَيَجْعَلَ لَهُ ٱسْماً، وَيَعْمَلَ لَكُمُ ٱلْعَظَائِمَ وَٱلتَّخَاوِيفَ لأَرْضِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ ٱلَّذِي ٱفْتَدَيْتَهُ لِنَفْسِكَ مِنْ مِصْرَ مِنَ ٱلشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ. ٢٤ وَثَبَّتَّ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ شَعْباً لِنَفْسِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَأَنْتَ يَا رَبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلٰهاً. ٢٥ وَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ أَقِمْ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَٱفْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. ٢٦ وَلْيَتَعَظَّمِ ٱسْمُكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَلْيَكُنْ بَيْتُ عَبْدِكَ دَاوُدَ ثَابِتاً أَمَامَكَ. ٢٧ لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ قَائِلاً إِنِّي أَبْنِي لَكَ بَيْتاً. لِذٰلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هٰذِهِ ٱلصَّلاَةَ. ٢٨ وَٱلآنَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ أَنْتَ هُوَ ٱللّٰهُ وَكَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ، وَقَدْ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ بِهٰذَا ٱلْخَيْرِ. ٢٩ فَٱلآنَ ٱرْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى ٱلأَبَدِ أَمَامَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمْتَ. فَلْيُبَارَكْ بَيْتُ عَبْدِكَ بِبَرَكَتِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».
خروج ٣: ١١ و١صموئيل ١٨: ١٨ ع ١١: ١٦ و١ايام ١٧: ١٧ إشعياء ٥٥: ٨ و٩ و١صموئيل ١٦: ٧ ويوحنا ٢١: ١٧ و١أيام ١٧: ١٩ تثنية ٣: ٢٤ ومزمور ٤٨: ١ و٨٦: ١٠ خروج ١٥: ١١ و١صموئيل ٢: ٢ خروج ١٠: ٢ ومزمور ٤٤: ١ تثنية ٤: ٣٢ – ٣٨ تثنية ١٠: ٢١ تثنية ١٥: ١٥ تثنية ٩: ٢٦ تثنية ٣٢: ٦ تكوين ١٧: ٧ و٨ وخروج ٦: ٧ مزمور ٧٢: ١٨ و١٩ ع ١٣ خروج ٣٤: ٦ ويوحنا ١٧: ١٧ عدد ٦: ٢٤ – ٢٦
جَلَسَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ زعم الربانيون أنه للملوك أن يصلّوا وهم قعود وعلى غيرهم أن يصلّوا وهم وقوف أو جاثون وزعمهم فاسد. وربما جلس داود على كرسي أو قعد على الأرض وحنى رأسه وتأمل في كلام الرب ثم اعترف بعدم استحقاقه وأقر بأن كل ما وصل إليه من الخير والعظمة هو من عند الرب وشكر لله مواعيده التي صدّقها وقبلها بالإيمان.
إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ (ع ١٩) لعله لم يفهم أولاً معنى وعد الرب الكامل كما فهم بالآخر وأظهر هذا في المزامير.
وَهٰذِهِ عَادَةُ ٱلإِنْسَانِ وفي (١أيام ١٧: ١٧) نظرت إليّ من العلاء كعادة الإنسان أي تنازل الرب وتكلّم كما يتكلّم إنسان إلى إنسان وأظهر محبته لداود كمحبة إنسان إلى إنسان فتجاسر داود وكلّم الرب كعادة الإنسان.
أَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ (ع ٢٠) عرف خطاياه وضعفه وعرف أيضاً محبته وغيرته في خدمته وعرف تجاربه وضيقاته فلم يخف داود من إظهار خطاياه السرّية لأن الرب عرفها كلها وهي مغفورة.
مِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ (ع ٢٠) وفي (١أيام ١٧: ١٩) من أجل عبدك أي كلمة الرب لعبده داود والكلمة هي التي كان الرب تكلم بها بواسطة ناثان (ع ١٢ – ١٦).
وَحَسَبَ قَلْبِكَ عمل الرب كل شيء لمجرد مسرّته وليس لاستحقاق سابق في داود.
هٰذِهِ ٱلْعَظَائِمَ المواعيد العظمى لداود المذكورة سابقاً.
قَدْ عَظُمْتَ (ع ٢٢) لم يذكر من الأعمال التي فيها عظم الرب أعماله في الخلق ولا أعماله في إهلاك أعدائه بل أعمال المحبة والرحمة لشعبه.
وَيَعْمَلَ لَكُمُ هنا كلّم داود شعب إسرائيل كأنهم أمامه.
مِنَ ٱلشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ (٢٣) الشعوب الكنعانيون. وليس لآلهتهم قدرة لأنها ليست إلا تماثيل بلا عقل وبلا حياة. وظهر عدم قدرتها بانهزام الساجدين لها.
وَثَبَّتَّ لِنَفْسِكَ (ع ٢٤) ثبّت شعبه في أرض كنعان حينما أقام داود ملكاً عليهم لأنهم قبل ذلك كانوا متضايقين من أعدائهم وأحياناً مستعبدين لهم.
وَأَنْتَ صِرْتَ لَهُمْ إِلٰهاً افتدى الرب شعبه إسرائيل من مصر ونصرهم على الكنعانيين ليس ليتعظموا ويتمجدوا هم بل ليتعظم ويتمجد هو بهم واختارهم لكي يأتمنهم على الدين الحق وحفظ الأسفار المقدسة ويولد منهم المسيح حسب الجسد ومنهم تنتشر بشرى الخلاص في كل المسكونة. ولم يتمّ قصد الرب هذا في شعبه إسرائيل حسب الجسد بل في الكنيسة المسيحية وهي شعب الله الحقيقي الثابت إلى الأبد وفي الكنيسة لا يهودي ولا أممي بل الجميع واحد في المسيح.
فَٱلآنَ ٱرْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ (ع ٢٩) الصلاة الحقيقية مبنية على مواعيد الله لأنه لولا الوعد لما كان لنا رجاء في الصلاة. وأما الوعد فلا يكفينا الاتكال عليه بل مع اتكالنا تُطلب منا الصلاة لإنجاز الوعد والعمل بموحبه فتتحول المواعيد إلى الصلاة والصلاة إلى العمل.
- لا يليق بالمؤمن أن ينفق الكثير على بيته والقليل على بيت الرب وانتشار إنجيله (ع ٢).
- كل إنسان يقدر أن يبني بيتاً للرب بوقفه نفسه له وبتربيته في باطنه كل ما يرضي الله ويمجده.
- قد يغلط الأفاضل. لم يكن الأنبياء معصومين عن الغلط إلا حينما كانوا يعلنون أوامر الرب ومناهيه (ع ٣).
- إننا نقصد مقاصد كثيرة وهي وإن كانت صالحة بذاتها لا يسمح الله بإجرائها لأن له مقاصد أفضل ويستخدمنا لإتمامها بطريقة لم نحلم بها (ع ٥).
- يجب أن لا نطلب لأنفسنا اسماً عظيماً بل اسماً صالحاً والله يعظم اسمنا إذا أراد (ع ٩).
- يجب أن مواعيد الله تنشطنا في الخدمة ولا تحملنا على الكسل والكبرياء (ع ١٨).
-
إثمار التأمل (١) الاتضاع أمام الله (٢) الشكر على مراحمه الكثيرة (٣) الشعور بما يُطلب منا من الخدمة وطهارة السيرة (٤) اتساع قلوبنا والغيرة لامتداد ملكوت الله في العالم (ع ١٨).
السابق |
التالي |