سفر صموئيل الأول | 25 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
١ «وَمَاتَ صَمُوئِيلُ فَٱجْتَمَعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَنَدَبُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي بَيْتِهِ فِي ٱلرَّامَةِ. وَقَامَ دَاوُدُ وَنَزَلَ إِلَى بَرِّيَّةِ فَارَانَ».
ص ٢٨: ٣ تثنية ٣٤: ٨ و٢ملوك ٢١: ١٨ و٢أيام ٣٣: ٢٠ تكوين ٢١: ٢١ وعدد ١٠: ١٢ و١٣: ٣
ندبوا صموئيل كما ندبوا موسى (تثنية ٣٤: ٨) ندبه جميع إسرائيل لأنهم كانوا عرفوه واعتبروه. كان له من العمر نحو ٩٠ سنة لما مات ولما دعاه الرب كان سنّه ١٢ سنة. كان نبياً وقاضياً ومشيراً للملك الأول ومؤسساً لمدارس الأنبياء وكان خادماً أميناً للرب وشاهداً للحق بلا خوف من الشعب أو من الملك وبلا غايات نفسية. لم يكن كاهناً ولكنه كان يمارس الخدمة الكهنوتية لأن الوقت كان وقت إصلاح روحي وأعظم خدمته للشعب صلواته لأجلهم. والرب أقامه وأعطاه للشعب عند شدة احتياجهم إليه ليحفظهم من السقوط الروحي والسياسي. ولا شك أن داود كان أول النادبين لأن صموئيل كان له أباً روحياً ومرشداً خاصاً وبعد موته أصبح داود المسؤول أكثر من غيره في إرشاد الشعب في الروحيات.
دَفَنُوهُ فِي بَيْتِهِ ليس في نفس البيت الذي كان نجساً إذ ذاك (عدد ١٩: ١٦) وربما كان في بستان بيته (قابل ما قيل في دفن منسى في ٢ملوك ٢١: ١٨ بما قيل في ٢أيام ٣٣: ٢٠).
فِي ٱلرَّامَةِ (١: ١) هي الرامة الحالية أو النبي صموئيل أو رام الله. والرام الحالية شمالي أورشليم وتبعد عنها نحو خمسة أميال.
بَرِّيَّةِ فَارَانَ (انظر فاران وبرية فاران في قاموس الكتاب) بادية واسعة جنوبي أرض اليهودية يحدها شرقاً أرض أدوم وجنوباً برية سيناء وغرباً برية شور.
٢، ٣ «٢ وَكَانَ رَجُلٌ فِي مَعُونٍ وَأَمْلاَكُهُ فِي ٱلْكَرْمَلِ. وَكَانَ ٱلرَّجُلُ عَظِيماً جِدّاً وَلَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ وَأَلْفٌ مِنَ ٱلْمَعْزِ وَكَانَ يَجُزُّ غَنَمَهُ فِي ٱلْكَرْمَلِ. ٣ وَٱسْمُ ٱلرَّجُلِ نَابَالُ وَٱسْمُ ٱمْرَأَتِهِ أَبِيجَايِلُ. وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ جَيِّدَةَ ٱلْفَهْمِ وَجَمِيلَةَ ٱلصُّورَةِ. وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ فَكَانَ قَاسِياً وَرَدِيءَ ٱلأَعْمَالِ. وَهُوَ كَالِبِيٌّ».
ص ٢٣: ٢٤ يشوع ١٥: ٥٥ و٢صموئيل ١٩: ٣٢ و٢صموئيل ١٣: ٢٣ ص ٣٠: ١٤ ويشوع ١٥: ١٣
مَعُونٍ اسمها الحالي معين وهي على بعد ٨ أميال جنوبي حبرون. ويسمى ما حولها برية معون (٢٣: ٢٤).
ٱلْكَرْمَلِ (١٥: ١٢) تبعد عن معون نحو ميل حيث ترى اليوم آثاراً تسمت بنفس الاسم (يشوع ١٥: ٥٥).
عَظِيماً جِدّاً أي بالأملاك وسنرى أنه لم يكن عظيماً في شيء آخر.
يَجُزُّ غَنَمَهُ (٢صموئيل ١٣: ٢٣ و٢٤) كان وقت الفرح والأكل والشرب والترحيب والإكرام.
نَابَالُ معنى الاسم بالعبراني جاهل (مزمور ١٤: ١ وأمثال ٣٠: ٢٢) وربما تسمى نابال بهذا الاسم لأن الجهل من صفاته.
كَالِبِيٌّ من نسل كالب الذي سكن حبرون وجوارها (يشوع ١٥: ١٣) ولكنه ابن دني لأب شريف والاسم الشريف أشهر دنائته «وبضدها تتبيّن الأشياء».
٤ – ٩ «٤ فَسَمِعَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَنَّ نَابَالَ يَجُزُّ غَنَمَهُ. ٥ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ عَشَرَةَ غِلْمَانٍ وَقَالَ دَاوُدُ لِلْغِلْمَانِ: ٱصْعَدُوا إِلَى ٱلْكَرْمَلِ وَٱدْخُلُوا إِلَى نَابَالَ وَٱسْأَلُوا بِٱسْمِي عَنْ سَلاَمَتِهِ ٦ وَقُولُوا هٰكَذَا: حَيِيتَ وَأَنْتَ سَالِمٌ وَبَيْتُكَ سَالِمٌ وَكُلُّ مَالِكَ سَالِمٌ. ٧ وَٱلآنَ قَدْ سَمِعْتُ أَنَّ عِنْدَكَ جَزَّازِينَ. حِينَ كَانَ رُعَاتُكَ مَعَنَا لَمْ نُؤْذِهِمْ وَلَمْ يُفْقَدْ لَهُمْ شَيْءٌ كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كَانُوا فِيهَا فِي ٱلْكَرْمَلِ. ٨ اِسْأَلْ غِلْمَانَكَ فَيُخْبِرُوكَ. فَلْيَجِدِ ٱلْغِلْمَانُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ لأَنَّنَا قَدْ جِئْنَا فِي يَوْمٍ طَيِّبٍ. فَأَعْطِ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ لِعَبِيدِكَ وَلٱبْنِكَ دَاوُدَ. ٩ فَجَاءَ ٱلْغِلْمَانُ وَكَلَّمُوا نَابَالَ حَسَبَ كُلِّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ بِٱسْمِ دَاوُدَ وَكَفُّوا».
١أيام ١٢: ١٨ و٢صموئيل ١٣: ٢٣ و٢٤ ع ١٥ و٢١ نحميا ٨: ١٠ – ١٢
سَمِعَ دَاوُدُ سمع خبر الفرح والأكل والشرب.
فَأَعْطِ مَا وَجَدَتْهُ يَدُكَ كان داود ورجاله خدموا نابال خدمة مفيدة ضرورية إذ حفظوه هو ومواشيه من الوحوش واللصوص ولم يأخذوا منه شيئاً ولم يريدوا أن يأخذوا الآن إلا برضاه.
لٱبْنِكَ دَاوُدَ كان داود شاباً وسمى نفسه ابناً لنابال علامة الاعتبار له لكونه صاحب الأملاك.
كَفُّوا اكتفوا بالسلام والكلام الطيب ولم يذكروا قوتهم وسلاحهم وما سيعملونه إذا رفض طلبهم.
١٠، ١١ «١٠ فَأَجَابَ نَابَالُ عَبِيدَ دَاوُدَ: وَقَالَ مَنْ هُوَ دَاوُدُ وَمَنْ هُوَ ٱبْنُ يَسَّى؟ قَدْ كَثُرَ ٱلْيَوْمَ ٱلْعَبِيدُ ٱلَّذِينَ يَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَمَامِ سَيِّدِهِ! ١١ أَآخُذُ خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ ٱلَّذِي ذَبَحْتُ لِجَازِّيَّ وَأُعْطِيهِ لِقَوْمٍ لاَ أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُمْ؟».
قضاة ٩: ٢٨
مَنْ هُوَ دَاوُدُ كلام احتقار. ولا شك أنه كان عرف داود جيداً وسمع خبر اقتداره في حروب الفلسطينيين.
أَآخُذُ خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ كرر ضمير المتكلم والكلام يدل على طمع وكبرياء وبخل فإنه لم يفتكر إلا بنفسه. وإذا أكل وشرب لا يهمه إذا جاع غيره. استفاد من داود ورجاله بالماضي وربما ظن أن الماضي مضى وبالمستقبل يقدر أن يستغني عنه. ولكن الكتاب يعلمنا أن جميع الخيرات منه تعالى والذي بيدنا ليس لنا بل نحن موكلون عليه.
١٢، ١٣ «١٢ فَتَحَوَّلَ غِلْمَانُ دَاوُدَ إِلَى طَرِيقِهِمْ وَرَجَعُوا وَجَاءُوا وَأَخْبَرُوهُ حَسَبَ كُلِّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. ١٣ فَقَالَ دَاوُدُ لِرِجَالِهِ: لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَيْفَهُ. فَتَقَلَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ. وَتَقَلَّدَ دَاوُدُ أَيْضاً سَيْفَهُ. وَصَعِدَ وَرَاءَ دَاوُدَ نَحْوُ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُلٍ، وَمَكَثَ مِئَتَانِ مَعَ ٱلأَمْتِعَةِ».
ص ٢٣: ١٣ ص ٣: ٢٤
غضب داود ورجاله من جواب نابال لأنه من بخله لم يعطهم ما كان يحق لهم وزاد على ذلك فأهانهم. ولا شك أن داود أخطأ بغضبه القاسي وبقصده أن يقتل كثيرين من الأبرياء بسبب جهالة واحد.
١٤ – ١٧ «١٤ فَأَخْبَرَ أَبِيجَايِلَ ٱمْرَأَةَ نَابَالَ غُلاَمٌ مِنَ ٱلْغِلْمَانِ: هُوَذَا دَاوُدُ أَرْسَلَ رُسُلاً مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا فَثَارَ عَلَيْهِمْ. ١٥ وَٱلرِّجَالُ مُحْسِنُونَ إِلَيْنَا جِدّاً، فَلَمْ نُؤْذَ وَلاَ فُقِدَ مِنَّا شَيْءٌ كُلَّ أَيَّامِ تَرَدُّدِنَا مَعَهُمْ وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقْلِ. ١٦ كَانُوا سُوراً لَنَا لَيْلاً وَنَهَاراً كُلَّ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا مَعَهُمْ نَرْعَى ٱلْغَنَمَ. ١٧ وَٱلآنَ ٱعْلَمِي وَٱنْظُرِي مَاذَا تَعْمَلِينَ، لأَنَّ ٱلشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عَلَى سَيِّدِنَا وَعَلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ ٱبْنُ لَئِيمٍ لاَ يُمْكِنُ ٱلْكَلاَمُ مَعَهُ».
ص ٢٣: ١٠ و١٥: ١٣ ع ٧ و٢١ خروج ١٤: ٢٢
فَأَخْبَرَ أَبِيجَايِلَ لم يقدر الغلام أن يكلم سيده لأنه عرف طبعه وإنه لا يسمع له. فما أعظم جهالة نابال وجهالة جميع الذين لا يسمعون كلام الإنذار.
كَانُوا سُوراً لنا إن أربعة آلاف من الغنم والمعز ليس بعدد قليل وكانت متفرقة على مساحة واسعة من البرية. واللصوص كالعمالقة والجشوريين والجرزيين (٢٧: ٨) كانوا يرونها ويشتهونها. ولولا داود ورجاله لكانوا نهبوها. وبما أن نابال من بني إسرائيل رأى داود أنه من واجباته أن يحامي عنه. وبما أن الملك شاول لم يهتم لهم صار داود كملكهم.
١٨ – ٢٢ «١٨ فَبَادَرَتْ أَبِيجَايِلُ وَأَخَذَتْ مِئَتَيْ رَغِيفِ خُبْزٍ وَزِقَّيْ خَمْرٍ وَخَمْسَةَ خِرْفَانٍ مُهَيَّأَةً وَخَمْسَ كَيْلاَتٍ مِنَ ٱلْفَرِيكِ وَمِئَتَيْ عُنْقُودٍ مِنَ ٱلزَّبِيبِ وَمِئَتَيْ قُرْصٍ مِنَ ٱلتِّينِ وَوَضَعَتْهَا عَلَى ٱلْحَمِيرِ ١٩ وَقَالَتْ لِغِلْمَانِهَا: ٱعْبُرُوا قُدَّامِي. هَئَنَذَا جَائِيَةٌ وَرَاءَكُمْ. وَلَمْ تُخْبِرْ رَجُلَهَا نَابَالَ. ٢٠ وَفِيمَا هِيَ رَاكِبَةٌ عَلَى ٱلْحِمَارِ وَنَازِلَةٌ فِي سُتْرَةِ ٱلْجَبَلِ إِذَا بِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ مُنْحَدِرُونَ لٱسْتِقْبَالِهَا، فَصَادَفَتْهُمْ. ٢١ وَقَالَ دَاوُدُ: إِنَّمَا بَاطِلاً حَفِظْتُ كُلَّ مَا لِهٰذَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يُفْقَدْ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ شَيْءٌ، فَكَافَأَنِي شَرّاً بَدَلَ خَيْرٍ. ٢٢ هٰكَذَا يَصْنَعُ ٱللّٰهُ لأَعْدَاءِ دَاوُدَ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنْ أَبْقَيْتُ ذَكَراً مِنْ كُلِّ مَا لَهُ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ».
٢صموئيل ١٦: ١ و١أيام ١٢: ٤٠ تكوين ٣٢: ١٦ و٢٠ ص ٣: ١٧ و٢٠: ١٣ و١ملوك ١٤: ١٠
بَادَرَتْ أَبِيجَايِلُ سمعت الكلام ولم تحتد على غلامها كأنه تدخل في ما لا يعنيه. وأظهرت حكمتها لأنها لم تضع الوقت بالكلام والولولة بل بادرت إلى العمل.
وَزِقَّيْ خَمْرٍ كانت الزقاق من جلود الجداء أو البقر أو المعز وعلى الغالب من الأخير. والخمر والزبيب والتين من غلال حبرون.
خَمْسَةَ خِرْفَانٍ مُهَيَّأَةً لأجل وليمة الجزازين.
وَخَمْسَ كَيْلاَتٍ مِنَ ٱلْفَرِيكِ نحو عشرة أرطال.
نَازِلَةٌ فِي سُتْرَةِ ٱلْجَبَلِ نازلة لتقطع الوادي أمامها وكان داود ورجاله منحدرين في عبر هذا الوادي لاستقبالها.
فَصَادَفَتْهُمْ لم يعرفوا أنها آتية وأما هي فقصدتهم.
وَقَالَ دَاوُدُ لا نفهم أنه قال هذا الكلام لأبيجايل بل إنه كان قصد أن يقطع كل من كان لنابال.
يَصْنَعُ ٱللّٰهُ لأَعْدَاءِ دَاوُدَ (٢٠: ١٦) تكملة القسم تستلزم القول يصنع الله لداود ولكن حسب الاصطلاح الشرقي قال هكذا يصنع الله لأعداء داود وهو يعني داود.
٢٣ – ٢٥ «٢٣ وَلَمَّا رَأَتْ أَبِيجَايِلُ دَاوُدَ أَسْرَعَتْ وَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْحِمَارِ، وَسَقَطَتْ أَمَامَ دَاوُدَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى ٱلأَرْضِ، ٢٤ وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَقَالَتْ: عَلَيَّ أَنَا يَا سَيِّدِي هٰذَا ٱلذَّنْبُ، وَدَعْ أَمَتَكَ تَتَكَلَّمُ فِي أُذُنَيْكَ وَٱسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ. ٢٥ لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي قَلْبَهُ عَلَى ٱلرَّجُلِ ٱللَّئِيمِ هٰذَا، عَلَى نَابَالَ، لأَنَّ كَٱسْمِهِ هٰكَذَا هُوَ. نَابَالُ ٱسْمُهُ وَٱلْحَمَاقَةُ عِنْدَهُ. وَأَنَا أَمَتَكَ لَمْ أَرَ غِلْمَانَ سَيِّدِي ٱلَّذِينَ أَرْسَلْتَهُمْ».
ص ٢٠: ٤١
سقطت أبيجايل أمام داود أول ما رأته وهو بعيد ولما اقترب سقطت على رجليه ساجدة لتقدم له طلبتها. وقالت عليّ أنا يا سيدي هذا الذنب أي أنها قبلت على نفسها كل ما استوجبه زوجها من العقاب وعدت نابال مجنوناً لا يعتد به.
٢٦ – ٢٨ «٢٦ وَٱلآنَ يَا سَيِّدِي حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ عَنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ. وَٱلآنَ فَلْيَكُنْ كَنَابَالَ أَعْدَاؤُكَ وَٱلَّذِينَ يَطْلُبُونَ ٱلشَّرَّ لِسَيِّدِي. ٢٧ وَٱلآنَ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةُ ٱلَّتِي أَتَتْ بِهَا جَارِيَتُكَ إِلَى سَيِّدِي فَلْتُعْطَ لِلْغِلْمَانِ ٱلسَّائِرِينَ وَرَاءَ سَيِّدِي. ٢٨ وَٱصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ أَمَتِكَ لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لِسَيِّدِي بَيْتاً أَمِيناً، لأَنَّ سَيِّدِي يُحَارِبُ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيكَ شَرٌّ كُلَّ أَيَّامِكَ».
عبرانيين ١٠: ٣٠ و٢صموئيل ١٨: ٣٢ ص ٣٠: ٢٦ وتكوين ٣٣: ١١ ع ٢٤ ص ٢٢: ١٤ و٢صموئيل ٧: ١٦ ص ١٨: ١٧ ص ٢٤: ١١ ومزمور ٧: ٣
ٱلرَّبَّ قَدْ مَنَعَكَ كأن الرب أرسلها لأنه لم يرد أن داود يخطي هذه الخطية. وأشارت إلى ما كان داود عمله في أمر شاول فإنه لم ينتقم لنفسه.
فَلْيَكُنْ كَنَابَالَ مثله بالضعف لأنه لا يقدر أن يعمل شيئاً يستحق التفات رجل مثل داود. وكلامها مثل نبوءة غير أنها لم تعرف أن رجلها يموت عن قريب بيد الرب.
يُحَارِبُ حُرُوبَ ٱلرَّبِّ آمنت هي وغيرها أن داود هو المدعو من الرب ليخلّص شعبه من أعدائهم وهو رجل سرّ الرب به وليس فيه شر. يُستنتج من كلامها أنه لا يليق بمن قد اختاره الرب ومن كان بلا لوم إلى ذلك الوقت أن يدنّس يديه بدم الأبرياء بسبب إهانة رجل جاهل له.
٢٩ «وَقَدْ قَامَ رَجُلٌ لِيُطَارِدَكَ وَيَطْلُبَ نَفْسَكَ، وَلٰكِنْ نَفْسُ سَيِّدِي لِتَكُنْ مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ ٱلْحَيَاةِ مَعَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. وَأَمَّا نَفْسُ أَعْدَائِكَ فَلْيَرْمِ بِهَا كَمَا مِنْ وَسَطِ كَفَّةِ ٱلْمِقْلاَعِ».
إرميا ١٠: ١٨
قَدْ قَامَ رَجُلٌ لِيُطَارِدَكَ وهو شاول.
مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ ٱلْحَيَاةِ في الأصل صرّة الحياة والصرّة ما توضع فيه الفضة (تكوين ٤٢: ٣٥) فتُحفظ بكل اعتناء. وأما أعداء الرب فهم مثل الحجارة التي تطرحها كفة المقلاع.
٣٠، ٣١ «٣٠ وَيَكُونُ عِنْدَمَا يَصْنَعُ ٱلرَّبُّ لِسَيِّدِي حَسَبَ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ مِنَ ٱلْخَيْرِ مِنْ أَجْلِكَ، وَيُقِيمُكَ رَئِيساً عَلَى إِسْرَائِيلَ، ٣١ أَنَّهُ لاَ تَكُونُ لَكَ هٰذِهِ مَصْدَمَةً وَمَعْثَرَةَ قَلْبٍ لِسَيِّدِي أَنَّكَ قَدْ سَفَكْتَ دَماً عَفْواً، أَوْ أَنَّ سَيِّدِي قَدِ ٱنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ. وَإِذَا أَحْسَنَ ٱلرَّبُّ إِلَى سَيِّدِي فَٱذْكُرْ أَمَتَكَ».
ص ١٣: ١٤ ع ٣٠ وتكوين ٤٠: ١٤
آمنت بمواعيد الرب ولا سيما بوعده بأن داود يملك على إسرائيل. وكان رجاءها أنه لا يعمل في الوقت الحاضر ما يحزنه ويخجله بعدما يصير ملكاً.
٣٢ – ٣٥ «٣٢ فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيجَايِلَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلَكِ هٰذَا ٱلْيَوْمَ لٱسْتِقْبَالِي، ٣٣ وَمُبَارَكٌ عَقْلُكِ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ لأَنَّكِ مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ مِنْ إِتْيَانِ ٱلدِّمَاءِ وَٱنْتِقَامِ يَدِي لِنَفْسِي. ٣٤ وَلٰكِنْ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي مَنَعَنِي عَنْ أَذِيَّتِكِ، إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُبَادِرِي وَتَأْتِي لٱسْتِقْبَالِي لَمَا أُبْقِيَ ذَكَرٌ لِنَابَالَ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ. ٣٥ فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْ يَدِهَا مَا أَتَتْ بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهَا: ٱصْعَدِي بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِكِ. اُنْظُرِي. قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ وَرَفَعْتُ وَجْهَكِ».
خروج ١٨: ١٠ ع ٢٦ ص ٢٠: ٤٢ و٢ملوك ٥: ١٩ تكوين ١٩: ٢١
كان كلامها الجواب اللين الذي يصرف الغضب (أمثال ١٥: ١) وكان داود رجلاً عاقلاً يسمع ويتأمل وإن كان قد غاظه نابال. ومجد الله الذي أرسلها وبواسطتها منعه عن الانتقام لنفسه. يُظن أن أبيجايل كانت تعلمت من صموئيل لأن قليلين في أيامها كان لهم إيمانها ومعرفتها. وهذه القصة وغيرها من الكتاب المقدس تعلّمنا أنه ليس للرجل أن يحتقر المرأة لكونها أضعف منه في الجسد لأنها كثيراً ما تكون أقوى منه في العقل والحكمة والتدبير. كان داود أقسم بالرب (ع ٢٢) إنه لا يُبقي أحداً ممن لنابال ولكن الحنث بحل كهذا أولى من حفظه.
٣٦ – ٣٨ «٣٦ فَجَاءَتْ أَبِيجَايِلُ إِلَى نَابَالَ وَإِذَا وَلِيمَةٌ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ. وَكَانَ نَابَالُ قَدْ طَابَ قَلْبُهُ وَكَانَ سَكْرَانَ جِدّاً، فَلَمْ تُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ. ٣٧ وَفِي ٱلصَّبَاحِ عِنْدَ خُرُوجِ ٱلْخَمْرِ مِنْ نَابَالَ أَخْبَرَتْهُ ٱمْرَأَتُهُ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ، فَمَاتَ قَلْبُهُ دَاخِلَهُ وَصَارَ كَحَجَرٍ. ٣٨ وَبَعْدَ نَحْوِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ضَرَبَ ٱلرَّبُّ نَابَالَ فَمَات».
٢صموئيل ١٣: ٢٣ ع ١٩ ص ٢٦: ١٠
كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ لم يعط شيئاً لداود ورجاله ولكن كان عنده كثير لينفقه على نفسه.
طَابَ قَلْبُهُ المسكر يغوي شاربه. طاب قلبه والموت والهلاك عند بابه.
سَكْرَانَ جِدّاً زاد على جهله الطبيعي جهل السكر.
مَاتَ قَلْبُهُ زال الخطر عنه بمساعي زوجته ولكنه خاف لما صوّر لنفسه ما كاد يصيبه لولا قليل. ويظن أن امرأته غاظته لما قالت له أنها ذهبت إلى داود وأهدته الهدايا وذلك بعدما كان طرد غلمان داود. فنابال من شدة غيظه أصابه داء السكتة.
ضَرَبَ ٱلرَّبُّ نَابَالَ أي لم يمت عن يد داود أو غيره من الناس بل مات حتف أنفهِ وربما ضربه الرب بواسطة مرض كمرض القلب أو داء السكتة.
٣٩ – ٤٣ «٣٩ فَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ أَنَّ نَابَالَ قَدْ مَاتَ قَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي ٱنْتَقَمَ نَقْمَةَ تَعْيِيرِي مِنْ يَدِ نَابَالَ، وَأَمْسَكَ عَبْدَهُ عَنِ ٱلشَّرِّ، وَرَدَّ ٱلرَّبُّ شَرَّ نَابَالَ عَلَى رَأْسِهِ. وَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَتَكَلَّمَ مَعَ أَبِيجَايِلَ لِيَتَّخِذَهَا لَهُ ٱمْرَأَةً. ٤٠ فَجَاءَ عَبِيدُ دَاوُدَ إِلَى أَبِيجَايِلَ إِلَى ٱلْكَرْمَلِ وَقَالُوا لَهَا: إِنَّ دَاوُدَ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكِ لِنَتَّخِذَكِ لَهُ ٱمْرَأَةً. ٤١ فَقَامَتْ وَسَجَدَتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى ٱلأَرْضِ وَقَالَتْ: هُوَذَا أَمَتُكَ جَارِيَةٌ لِغَسْلِ أَرْجُلِ عَبِيدِ سَيِّدِي. ٤٢ ثُمَّ بَادَرَتْ وَقَامَتْ وَرَكِبَتِ ٱلْحِمَارَ مَعَ خَمْسِ فَتَيَاتٍ لَهَا ذَاهِبَاتٍ وَرَاءَهَا، وَسَارَتْ وَرَاءَ رُسُلِ دَاوُدَ وَصَارَتْ لَهُ ٱمْرَأَةً. ٤٣ ثُمَّ أَخَذَ دَاوُدُ أَخِينُوعَمَ مِنْ يَزْرَعِيلَ فَكَانَتَا لَهُ كِلْتَاهُمَا ٱمْرَأَتَيْنِ. ٤٤ فَأَعْطَى شَاوُلُ مِيكَالَ ٱبْنَتَهُ ٱمْرَأَةَ دَاوُدَ لِفَلْطِي بْنِ لاَيِشَ ٱلَّذِي مِنْ جَلِّيمَ».
ص ٢٤: ١٥ ع ٢٦: ٣٤ و٢صموئيل ٣: ٢٨ و٢٩ نشيد الأناشيد ٨: ٨ ع ٢٣ مرقس ١: ٧ تكوين ٢٤: ٦١ – ٦٧ يشوع ١٥: ٥٦ ص ١٨: ٢٧ و١صموئيل ١٣: ١٤ إشعياء ١٠: ٣٠
ٱنْتَقَمَ نَقْمَةَ تَعْيِيرِي علينا أن نسلّم النقمة للرب (١) لأنه يعرف قلوب جميع الناس وربما نكون نحن المخطئين. (٢) لأنه خلق الإنسان فله أن يأخذه من هذا العالم حينما يريد وكما يريد. (٣) لأنه عادل فلا يبرئ الخاطي. ومحب لكل بني البشر وليس عنده محاباة فنقدر أن نتكل عليه أن يعمل كل شيء حسناً.
لِيَتَّخِذَهَا لَهُ ٱمْرَأَةً كان أخذ أولاً ميكال بنت شاول ولكن أباها زفها لفلطي (ع ٤٤) وأخينوعم (ع ٤٣). وزيجته في ذلك الوقت دليل على أن أحواله تيّسرت قليلاً. ولا نقدر أن نستصوب تعدد الزوجات. ويزرعيل في يهوذا (يشوع ١٥: ٥٦) وليست التي صارت عاصمة مملكة إسرائيل في تخم يساكر. وكانت جلّيم قريبة من جبعة شاول. وأبيجايل أظهرت إيمانها بالرب وبداود حينما سلّمت نفسها له وهو لم يزل في حال الضيق والخوف.
- فلنعش هكذا حتى عندما نموت يندبنا كثيرون.
- يتعظم الإنسان أحياناً ويستغني فإذا لم يسخُ لا يندبه أحدٌ عند موته (ع ٣٨).
- شرف الحسب والنسب والمال الكثير والمرأة الفاضلة لا تنفع إنساناً بلا حكمة.
- من أعظم المصائب اقتران فاضلة بلئيم. والرب قادر أن ينجيها أو يعطيها نعمة لتحتمل.
- عند الغضب يجب التبصر لئلا نعمل ما يحزننا ويخجلنا فيما بعد (٣٠ و٣١).
- نشكر لله فضله إنه لا يسمح لنا أن نعمل كل ما نريد أن نعمله (٣٤).
-
الرب يعتني بشعبه كما يعتني الإنسان بالفضة فلا ينساهم ولا يخطفهم أحد من يده. ويقدر أن يدخل إلى حزمة الحياة كل من يريد بواسطة المسيح (ع ٢٩).
السابق |
التالي |