صموئيل الأول

سفر صموئيل الأول | 23 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر صموئيل الأول

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

١ – ٥ «١ فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ: هُوَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ يُحَارِبُونَ قَعِيلَةَ وَيَنْهَبُونَ ٱلْبَيَادِرَ. ٢ فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: أَأَذْهَبُ وَأَضْرِبُ هٰؤُلاَءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ: ٱذْهَبْ وَٱضْرِبِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَخَلِّصْ قَعِيلَةَ. ٣ فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ: هَا نَحْنُ هٰهُنَا فِي يَهُوذَا خَائِفُونَ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ إِذَا ذَهَبْنَا إِلَى قَعِيلَةَ ضِدَّ صُفُوفِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ ٤ فَعَادَ أَيْضاً دَاوُدُ وَسَأَلَ مِنَ ٱلرَّبِّ، فَأَجَابَهُ ٱلرَّبُّ: قُمِ ٱنْزِلْ إِلَى قَعِيلَةَ، فَإِنِّي أَدْفَعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيَدِكَ. ٥ فَذَهَبَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إِلَى قَعِيلَةَ وَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَسَاقَ مَوَاشِيَهُمْ وَضَرَبَهُمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً، وَخَلَّصَ دَاوُدُ سُكَّانَ قَعِيلَةَ».

يشوع ١٥: ٤٤ ونحميا ٣: ١٧ و١٨ ع ٤ و٦ و٩ – ١٢ و٢صموئيل ٥: ١٩ و٢٣ يشوع ٨: ٧ وقضاة ٧: ٧

فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ لم يخبروا شاول لأن نظر الشعب تحوّل إلى داود وصار رجاؤهم به فالتجأوا إليه.

قَعِيلَةَ مدينة في سهل يهوذا بقرب تخم الفلسطينيين (يشوع ١٥: ٤٤) فوق وادي البطم وإلى جنوبي مغارة عدلام وعلى بعد ثلاثة أميال منها واسمها اليوم كيلا.

سَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ كان النبي جاد عنده في موآب ولعله ذهب معه إلى أرض يهوذا (٢٢: ٥) وكان الواسطة بين الرب وداود. وكانوا يسألون الرب أحياناً بواسطة نبي (١ملوك ٢٢: ٥ و٧ و٨) وغالباً عن يد كاهن. ولم يرد داود أن يعمل شيئاً من غير مشورة الرب. ولنا وسائل لمعرفة الواجب وهي مطالعة الكتاب المقدس والصلاة وإرشاد الأتقياء والضمير.

فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ إن قصد الرب بمجيء داود إلى أرض يهوذا تخليص قعيلة.

فَقَالَ رِجَالُ دَاوُدَ ذكروا ما كان موافقاً حسب أفكارهم أي أنهم لا يذهبون ويضربون الفلسطينيين أولاً لأنهم قليلو العدد بالنسبة إلى الفلسطينيين وثانياً أنهم إذا ضربوا وانتصروا عليهم يأتيهم جيش أعظم فلا يقدرون عليهم وهم ست مئة رجل فقط.

فَعَادَ أَيْضاً دَاوُدُ وَسَأَلَ مِنَ ٱلرَّبِّ حينما عرف آراء رجاله ونظر الصعوبات والخطر ظنّ أنه لم يفهم أمر الرب وطلب الاستفهام ثانية. ولكن لما تحقق الأمر لم يتأخر عما يجب عمله وإن كان غير موافق حسب الظاهر عند رجاله وغير مقبول. وظهر تسلط داود على رجاله وثقتهم لأنهم أطاعوه في ما يخالف رأيهم. وتعلموا من نتيجة هذا الأمر أن يطيعوا الرب وقائدهم في كل أمر.

٦ «وَكَانَ لَمَّا هَرَبَ أَبِيَاثَارُ بْنُ أَخِيمَالِكَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى قَعِيلَةَ نَزَلَ وَبِيَدِهِ أَفُودٌ».

ص ٢٢: ٢٠

هَرَبَ أَبِيَاثَارُ إلى داود بعدما قتل شاول الكهنة ونجا هو وحده (٢٢: ٢٠) فوجد داود في قعيلة. والكلام بينه وبين داود المذكور في (٢٢: ٢١ – ٢٣) كان بعد وصوله إلى قعيلة وبعد الحوادث المذكورة في (٢٣: ١ – ٥).

وَبِيَدِهِ أَفُودٌ (١٤: ٣ وتفسيره) وذكر الأفود هنا لإيضاح ما سيأتي في (٩ – ١٢ و٣٠: ٧ و٨) أي بعدما حضر أبياثار وبيده أفود أخذ داود يسأل من الرب بواسطته.

٧ «فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ جَاءَ إِلَى قَعِيلَةَ. فَقَالَ شَاوُلُ: قَدْ نَبَذَهُ ٱللّٰهُ إِلَى يَدِي، لأَنَّهُ قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ بِٱلدُّخُولِ إِلَى مَدِينَةٍ لَهَا أَبْوَابٌ وَعَوَارِضُ».

نَبَذَهُ ٱللّٰهُ إِلَى يَدِي معنى الكلمة العبرانية «جعله أجنبياً» أي رفضه فلم يعرفه. فإن شاول وهو مرفوض من الله ظن أن الله معه وإن داود هو المرفوض.

مَدِينَةٍ لَهَا أَبْوَابٌ مدينة محصنة من زمان الكنعانيين (يشوع ١١: ١٣) أو حصنها شاول احتراساً من الفلسطينيين.

قَدْ أُغْلِقَ عَلَيْهِ إما أن أهل المدينة يسلمونه وإما أن تسقط المدينة عند المحاصرة وعلى الوجهين ظن شاول أن داود لا يقدر أن يفلت.

٨ – ١٣ «٨ وَدَعَا شَاوُلُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ لِلْحَرْبِ لِلنُّزُولِ إِلَى قَعِيلَةَ لِمُحَاصَرَةِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ. ٩ فَلَمَّا عَرَفَ دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ مُنْشِئٌ عَلَيْهِ ٱلشَّرَّ، قَالَ لأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنِ قَدِّمِ ٱلأَفُودَ. ١٠ ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ: يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ سَمِعَ بِأَنَّ شَاوُلَ يُحَاوِلُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى قَعِيلَةَ لِيُخْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِسَبَبِي. ١١ فَهَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ لِيَدِهِ؟ هَلْ يَنْزِلُ شَاوُلُ كَمَا سَمِعَ عَبْدُكَ؟ يَا رَبُّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ، أَخْبِرْ عَبْدَكَ. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: يَنْزِلُ. ١٢ فَقَالَ دَاوُدُ: هَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ مَعَ رِجَالِي لِيَدِ شَاوُلَ؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: يُسَلِّمُونَ. ١٣ فَقَامَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ، نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ، وَخَرَجُوا مِنْ قَعِيلَةَ وَذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا. فَأُخْبِرَ شَاوُلُ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدْ أَفْلَتَ مِنْ قَعِيلَةَ، فَعَدَلَ عَنِ ٱلْخُرُوجِ».

ص ٢٢: ٢٠ ع ٦ وص ٣٠: ٧ ع ٢٠ وقضاة ١٥: ١ – ١٣ ص ٢٢: ٢ و٢٥: ١٣ و٢صموئيل ١٥: ٢٠

دَعَا شَاوُلُ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ أي جميع جيشه وهو أقل مما كان في أول ملكه (٢٢: ٧) ولكنه أعظم بكثير من رجال داود ولا يقدر داود وأهل قعيلة أن يقاوموه لو أرادوا المقاومة.

قَدِّمِ ٱلأَفُودَ لم يلبس الكاهن الأفود أي الرداء دائماً بل عند دخوله إلى القدس أمام الرب (خروج ٢٨: ٢٩) وعند السؤال من الرب وكان على الأفود الصدرة وعلى الصدرة الحجارة الكريمة الاثنا عشر والأوريم والتميم (خروج ٢٨: ٣٠) غير أننا لا نعرف ما هي الأوريم والتميم سوى أنهما واسطة للسؤال من الرب. ومعنى أوريم «أنوار» وتميم «تمام». وكان لداود رجاء خاص عند سؤاله من الرب لأن الرب كان أمره أن يذهب إلى أرض يهوذا ويخلص قعيلة فمن كل بدٍ يخلصه مما وقع عليه بسبب طاعته لهذين الأمرين.

هَلْ يُسَلِّمُنِي أَهْلُ قَعِيلَةَ سأل نفس السؤال مرتين وهذا يدل على لجاجته وشدة ضيقه.

يُسَلِّمُونَ وهنا امتحان لإيمان داود ورجاله لأنهم وإن كانوا خلصوا من الفلسطينيين لم يخلصوا من شاول إلا بهربهم منه. وكان أهل قعيلة قليلي الشكر لأنهم لم يحاموا عمن كان خلصهم وقليلي الإيمان لأنهم لم يصدقوا أن الرب الذي أرسل لهم عبده داود ليخلصهم من الفلسطينيين يقدر أن يخلصهم أيضاً من شاول (قضاة ١٥: ١٠ – ١٣) وقصد شاول أن يحارب قعيلة لو بقي داود فيها لأنه اعتبر داود وكل الذين قبلوه عصاة.

سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ كانوا أربعة مئة فصاروا ست مئة.

ذَهَبُوا حَيْثُمَا ذَهَبُوا لم يقصدوا مكاناً ولم يثبتوا في مكان بل تاهوا في البرية الواقعة في شرقي أرض يهوذا الممتدة إلى البحر الميت.

١٤ «وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي ٱلْحُصُونِ وَمَكَثَ فِي ٱلْجَبَلِ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ. وَكَانَ شَاوُلُ يَطْلُبُهُ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، وَلٰكِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ ٱللّٰهُ لِيَدِهِ».

يشوع ١٥: ٥٥ و٢أيام ١١: ٨ مزمور ٣٢: ٧

فِي ٱلْحُصُونِ حصون طبيعية كالصخور والأودية والمغاور.

بَرِّيَّةِ زِيفٍ في الجنوب الشرقي من حبرون وعلى بعد أربعة أميال منها حيث ترى اليوم تلاً وآثاراً قديمة واسمها تل زيف. وهذه البرية قفر مخيف خالٍ من السكان والأشجار والنباتات.

لَمْ يَدْفَعْهُ ٱللّٰهُ لِيَدِهِ لولا عناية الله لكان شاول وجده وأخذه لأنه لم ينفك عن طلبه نحو أربع سنين فما أكره حياة داود في تلك الأيام إذ لم يكن له مكان يستقر به ولم يكن له يوم من الراحة والأمان. ولكنه تشدد في الرب. ومن مراحم الله أننا لا نعرف المستقبل فنرجو كل يوم أنه يكون آخر أيام ضيقاتنا.

١٥ – ١٨ «١٥ فَرَأَى دَاوُدُ أَنَّ شَاوُلَ قَدْ خَرَجَ يَطْلُبُ نَفْسَهُ. وَكَانَ دَاوُدُ فِي بَرِّيَّةِ زِيفٍ فِي ٱلْغَابِ. ١٦ فَقَامَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ وَذَهَبَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى ٱلْغَابِ وَشَدَّدَ يَدَهُ بِٱللّٰهِ. ١٧ وَقَالَ لَهُ: لاَ تَخَفْ لأَنَّ يَدَ شَاوُلَ أَبِي لاَ تَجِدُكَ، وَأَنْتَ تَمْلِكُ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِياً. وَشَاوُلُ أَبِي أَيْضاً يَعْلَمُ ذٰلِكَ. ١٨ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا عَهْداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْغَابِ، وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ».

ص ٣٠: ٦ ونحميا ٢: ١٨ ص ٢٠: ٣١ و٢٤: ٢٠ ص ١٨: ٣ و٢٠: ١٢ – ١٧ و٢صموئيل ٩: ١

فِي ٱلْغَابِ قال كوندر لا شيء من الأشجار والنباتات في هذا القفر ولا يمكن أن يكون وذلك لعدم وجود الماء وجدوبة الأرض. ولكننا نستنتج من الكلام هنا انه في زمان داود كان شيء من الشجيرات.

قَامَ يُونَاثَانُ خاطر بنفسه بذهابه إلى داود فوجده لأن المحبة تعمل ما لا يقدر البغض عليه. والصديق يُعرف وقت الضيق.

وَشَدَّدَ يَدَهُ بِٱللّٰهِ لم يأت بنجدات أو ذخائر بل بما هو أفضل منها فإنه أولاً حقق له محبته المخلصة غير المتغيرة في أعظم الضيقات وثانياً شدد يده بالله وقوى إيمانه بمواعيده.

وَأَنْتَ تَمْلِكُ آمن بمواعيد الله ووثق بداود أنه ينال هذه المواعيد.

وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِياً أحبه أكثر من نفسه وفضله على نفسه. لو عاش يوناثان ورأى داود ملكاً لكان على الأرجح على قوله هذا وقبل أن يكون ثاني الملك وهذا أمر صعب جداً على من كان وارث الملك. وبحكمة الله مات قبلما تبوّأ داود العرش وترك لنا مثال المحبة المخلصة إلى المنتهى.

١٩، ٢٠ «١٩ فَصَعِدَ ٱلزِّيفِيُّونَ إِلَى شَاوُلَ إِلَى جِبْعَةَ قَائِلِينَ: أَلَيْسَ دَاوُدُ مُخْتَبِئاً عِنْدَنَا فِي حُصُونٍ فِي ٱلْغَابِ فِي تَلِّ حَخِيلَةَ ٱلَّتِي إِلَى يَمِينِ ٱلْقَفْرِ. ٢٠ فَٱلآنَ حَسَبَ كُلِّ شَهْوَةِ نَفْسِكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ فِي ٱلنُّزُولِ ٱنْزِلْ، وَعَلَيْنَا أَنْ نُسَلِّمَهُ لِيَدِ ٱلْمَلِكِ».

ص ٢٦: ١ وعنوان مزمور ٥٤ ص ٢٦: ٣ ع ١٢

ٱلزِّيفِيُّونَ غايتهم في عملهم هذا أن يُرضوا شاول لأنهم خافوا منه لأنه إذا عرف أن داود عندهم وهم لم يخبروه يحسبهم أصدقاء لداود وأعداء لنفسه. ومن تلهم (ع ١٤) كانوا يراقبون داود ورجاله (انظر مزمور ٥٤).

تَلِّ حَخِيلَةَ ظن كوندر أنها موضع يكين الحالية وهي رأس يشرف على البرية فيُرى منه شواهق عين جدي والبحر الميت وجبال موآب (قاموس الكتاب).

يَمِينِ ٱلْقَفْرِ أي جنوبيه لأن القدماء كانوا يشيرون إلى الجهات والوجه متجه للشرق فيكون الجنوب عن اليمين. والقفر هو البرية المذكورة في (ع ١٤) وهي برية اليهودية (متّى ٣: ١).

٢١ – ٢٣ «٢١ فَقَالَ شَاوُلُ: مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ ٱلرَّبِّ لأَنَّكُمْ قَدْ أَشْفَقْتُمْ عَلَيَّ. ٢٢ فَٱذْهَبُوا أَكِّدُوا أَيْضاً وَٱعْلَمُوا وَٱنْظُرُوا مَكَانَهُ حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ وَمَنْ رَآهُ هُنَاكَ. لأَنَّهُ قِيلَ لِي إِنَّهُ مَكْراً يَمْكُرُ. ٢٣ فَٱنْظُرُوا وَٱعْلَمُوا جَمِيعَ ٱلْمُخْتَبَئَاتِ ٱلَّتِي يَخْتَبِئُ فِيهَا ثُمَّ ٱرْجِعُوا إِلَيَّ عَلَى تَأْكِيدٍ، فَأَسِيرَ مَعَكُمْ. وَيَكُونُ إِذَا وُجِدَ فِي ٱلأَرْضِ أَنِّي أُفَتِّشُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا».

ص ٢٢: ٨

مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ ٱلرَّبِّ رأى كل شيء مقلوباً لأنه رأى نفسه المظلوم وداود الظالم. وحسب نفسه عبد الرب وحسب داود مرفوضاً. وظن أنه في حالة يُرثى لها وأن داود هو سبب ضيقاته.

حَيْثُ تَكُونُ رِجْلُهُ شبّه داود بوحش والزيفيين بصيادين يتبعونه بواسطة أثر رجله.

مَكْراً يَمْكُرُ كان داود أظهر اقتداره واختباره بنجاته من شاول مرات كثيرة.

بِجَمِيعِ أُلُوفِ يَهُوذَا ألوف يهوذا أقسامها الكبرى (عدد ١: ١٦ و١٠: ٤) ومعنى قول شاول أنه يفتش عن داود بتدقيق في أرض يهوذا كلها.

٢٤، ٢٥ «٢٤ فَقَامُوا وَذَهَبُوا إِلَى زِيفٍ قُدَّامَ شَاوُلَ. وَكَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ فِي ٱلسَّهْلِ عَنْ يَمِينِ ٱلْقَفْرِ. ٢٥ وَذَهَبَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ لِلتَّفْتِيشِ، فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ فَنَزَلَ إِلَى ٱلصَّخْرِ وَأَقَامَ فِي بَرِّيَّةِ مَعُونٍ. فَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ تَبِعَ دَاوُدَ إِلَى بَرِّيَّةِ مَعُونٍ».

ص ٢٥: ٢ ويشوع ١٥: ٥٥

ذَهَبُوا إِلَى زِيفٍ قُدَّامَ شَاوُلَ ونفرض أنهم نظروا المختبآت التي اختبأ فيها وعلموا طرقها ثم رجعوا وأخبروا شاول.

مَعُونٍ لعلها معين الحالية موقعها عند تل مخروطي الشكل على بعد ٨ أميال جنوبي حبرون (يشوع ١٥: ٥٥) وكانت مسكن نابال (٢٥: ٢).

عَنْ يَمِينِ ٱلْقَفْرِ أي جنوبي القفر.

فَنَزَلَ إِلَى ٱلصَّخْرِ المذكور في (ع ٢٨).

٢٦ «فَذَهَبَ شَاوُلُ عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مِنْ هُنَا، وَدَاوُدُ وَرِجَالُهُ عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مِنْ هُنَاكَ. وَكَانَ دَاوُدُ يَفِرُّ فِي ٱلذَّهَابِ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ، وَكَانَ شَاوُلُ وَرِجَالُهُ يُحَاوِطُونَ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ لِيَأْخُذُوهُمْ».

مزمور ١٧: ٩

قال كوندر أنه بين حخيلة ومعون وادٍ فيه صخور كثيرة لا يمكن عبوره. وكان شاول ورجاله على جانب من الوادي وداود ورجاله على الجانب الآخر وكانوا يرون بعضهم بعضاً. ولكن لا يمكن شاول أن يصل إلى داود إلا بعد دورة طويلة. وقصد شاول ورجاله أن يحيطوا بداود ورجاله أي أن ينقسموا قسمين يدور القسم الواحد يميناً والآخر شمالاً فيجتمعون وراء داود فلا يمكنه أن يفلت منهم. وداود فهم هذا القصد ففرّ من أمام شاول.

عَنْ جَانِبِ ٱلْجَبَلِ لا نفهم من هذا القول أن الجبل كان بين داود وشاول. لأن الجبل اسم يُطلق على المكان كله وكان الوادي المذكور داخلاً في الجبل. وكان داود على جانب الجبل النازل إلى الوادي من هنا وشاول على جانب الجبل النازل إلى الوادي من هناك وبينهما الوادي كما سبق الكلام.

٢٧ «فَجَاءَ رَسُولٌ إِلَى شَاوُلَ يَقُولُ: أَسْرِعْ وَٱذْهَبْ لأَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قَدِ ٱقْتَحَمُوا ٱلأَرْضَ».

فَجَاءَ رَسُولٌ هكذا الرب خلّص داود ولولا هذا الخبر عن اقتحام الفلسطينيين لكان خلاص داود من شاول مستحيلاً. يُظن أن الأرض التي اقتحمها الفلسطينيون أملاك شاول الخاصة.

٢٨، ٢٩ «٢٨ فَرَجَعَ شَاوُلُ عَنِ اتِّبَاعِ دَاوُدَ، وَذَهَبَ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. لِذٰلِكَ دُعِيَ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعُ «صَخْرَةَ ٱلزَّلَقَاتِ». ٢٩ وَصَعِدَ دَاوُدُ مِنْ هُنَاكَ وَأَقَامَ فِي حُصُونِ عَيْنِ جَدْيٍ».

يشوع ١٥: ٦٢ و٢أيام ٢٠: ٢

دُعي ذلك الموضع صخرة الزلقات لأن شاول زلق أي عثر فلم يمسك داود. والكلمة العبرانية المترجمة زلقات معناها «محلقة» وبعضهم يترجمونها بمفارقة أي مفارقة داود وشاول. وجد كوندر وادياً اسمه وادي ملكه ورأى مشابهة بين هذا الاسم والاسم العبراني. ولم ير مكاناً آخر بقرب معون يمكنه أن يكون موقع هذه الحادثة.

حُصُونِ عَيْنِ جَدْيٍ أي حصون طبيعية كالصخور والمغاور. وعين جدي حصّون تامار المذكورة في (تكوين ١٤: ٧). وموضعها في يهوذا تبعد عن بحيرة لوط نحو ميل وارتفاعها عن سطح بحر لوط نحو ٤٠٠ قدم وانحطاطها عن سطح بحر الروم ٩٠٠ قدم وتعلو الشواهق فوق عين جدي نحو ١٢٠٠ قدم والوصول إليها صعب جداً فكانت ملجأ موافقاً لداود ويقربها مغاور كثيرة. وفيها عينان وأشجار ونباتات. وهي مذكورة في (نشيد الأناشيد ١: ١٤ انظر مزمور ٦٣) (قاموس الكتاب).

فوائد

  1. إن الله يرشد الذي يطلب منه الإرشاد ويعلن مشيئته لمن هو مستعد أن يعملها (ع ٢).
  2. إذا أرسلنا الرب لإتمام أمرٍ يعطينا ما نحتاج إليه من النعمة. ونستطيع كل شيء بالمسيح (ع ٢ – ٥).
  3. ليس لمن يعمل مشيئة نفسه أن يقول الله معي (ع ٧).
  4. إذا تركنا الذين وثقنا بهم فذلك بمشيئة الله لكي نتعلم أن نتكل عليه وحده (ع ١٢ و١٩).
  5. إننا في أيام كثيرة نكون كمن يتيه في قفر بلا عمل وبلا مرشد وبلا معرفة الغد ولكن الرب لا يتركنا بل يمتحننا فيعلن نفسه لنا في الوقت الملائم (ع ١٣).
  6. إن الله برحمته إلى بعض أتقيائه ينقلهم في شرخ الشباب من هذا العالم لأنه يعرف التجارب التي تصيبهم وتغلبهم لو بقوا على قيد الحياة (ع ١٧) (وأنا أكون لك ثانياً و٣١: ٢ ضرب الفلسطينيون يوناثان).
  7. إن الله الذي بيده جميع الناس يقدر أن ينجي أتقياءه مهما كثرت أعداؤهم وعسرت أحوالهم.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى