سفر صموئيل الأول | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الأول
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
مضمونه: كسر الفلسطينيين لإسرائيل في أفيق وأخذ تابوت العهد وموت عالي عندما سمع خبر قتل ابنيه حفني وفينحاس وأخذ التابوت وموت امرأة فينحاس بعدما ولدت إيخابود.
١ «وَكَانَ كَلاَمُ صَمُوئِيلَ إِلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. وَخَرَجَ إِسْرَائِيلُ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلْحَرْبِ وَنَزَلُوا عِنْدَ حَجَرِ ٱلْمَعُونَةِ، وَأَمَّا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ فَنَزَلُوا فِي أَفِيقَ».
ص ٥: ١ و٧: ١٢ يشوع ١٢: ١٨ و١٣: ٤ و١٩: ٣٠ وص ٢٩: ١
وَكَانَ كَلاَمُ صَمُوئِيلَ إِلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ هذه العبارة تتمة للكلام السابق فليس المعنى أن خروج إسرائيل لمحاربة الفلسطينيين كان بأمر صموئيل بل أن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه فكلم صموئيل جميع إسرائيل واعتبروه نبياً وقاضياً.
لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ قيل في (قضاة ١٣: ١) إن الرب دفع إسرائيل ليد الفلسطينيين أربعين سنة وربما أن الحوادث المذكورة في هذا الأصحاح كانت في منتصف هذه المدة. وكان بين الإسرائيليين والفلسطينيين حروب كثيرة من أيام القضاة والملوك إلى أيام المكابيين.
حَجَرِ ٱلْمَعُونَةِ تسمى بهذا الاسم بعد الحوادث المذكورة بعشرين سنة (ص ٧: ١٢).
أَفِيقَ كان نحو خمس مدن بهذا الاسم وكانت المذكورة هنا على تخم يهوذا وبنيامين اسمها الآن بلدة الفوقة وكانت قريبة من حجر المعونة.
٢ «وَٱصْطَفَّ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ، وَٱشْتَبَكَتِ ٱلْحَرْبُ فَٱنْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَضَرَبُوا مِنَ ٱلصَّفِّ فِي ٱلْحَقْلِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ رَجُلٍ».
انكسر إسرائيل في الحقل ولكنهم رجعوا إلى المحلة وأما انهزامهم النهائي فكان بعد ذلك (ع ١٠).
٣ «فَجَاءَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. وَقَالَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا كَسَّرَنَا ٱلْيَوْمَ ٱلرَّبُّ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ لِنَأْخُذْ لأَنْفُسِنَا مِنْ شِيلُوهَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ فَيَدْخُلَ فِي وَسَطِنَا وَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ أَعْدَائِنَا».
فَجَاءَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ لفظة «شعب» تشير إلى عدم وجود جيش منظم فكانت الحرب للشعب كلهم.
وَقَالَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ كان رؤساء البيوت الحكام الأولين وذلك بلا انتخاب أو تعيين وكان للإسرائيليين شيوخ في مصر قبل الخروج. وفي القفر تعيّن سبعون من الشيوخ ليساعدوا موسى في الحكم على الشعب (عدد ١١: ١٦). وبعد حلولهم في أرض كنعان ذُكر شيوخ مدن (يشوع ٢٠: ٤ وقضاة ٨: ١٦ وراعوث ٤: ٢ و١صموئيل ٣٠: ٢٦ و٢صموئيل ١٩: ١١). وشيوخ إسرائيل المجموعون هم الذين تبصروا في أمر الحرب (ع ٣) وأمور سياسية (ص ٨: ٤ و٥) وفي ما يمسُّ عموم الشعب (قضاة ٢١: ١٦).
لِمَاذَا كَسَّرَنَا ٱلرَّبُّ اعترفوا بأن انكسارهم هو من الرب ولكنهم جهلوا أن خطاياهم أبعدتهم عنه.
فَيَدْخُلَ فِي وَسَطِنَا ظنوا أنه من الضرورة أن الرب يحضر متى حضر التابوت فغيرته لتابوته تحمله على أن ينصر شعبه. وأما الشيوخ فليس لهم أن يحكموا في أمر التابوت بل الكهنة وهؤلاء عليهم أن يسألوا الرب قبل أخذه وإذا أخذوه دون إرادته لا يكون هو مع التابوت ولا معهم لينصرهم.
٤ «فَأَرْسَلَ ٱلشَّعْبُ إِلَى شِيلُوهَ وَحَمَلُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ عَهْدِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ. وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي حُفْنِي وَفِينَحَاسُ مَعَ تَابُوتِ عَهْدِ ٱللّٰهِ».
٢صموئيل ٦: ٢ ومزمور ٨٠: ١ و٩٩: ١ خروج ٢٥: ١٨ و٢٢ وعدد ٧: ٨٩
رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ (خروج ٢٥: ١٨ – ٢٢) أي المكان الذي كان الرب يُظهر نفسه فيه ويتكلم منه.
حُفْنِي وَفِينَحَاسُ مَعَ تَابُوتِ عَهْدِ ٱللّٰهِ اعتبروا حرف الناموس لأن حفني وفينحاس كانا كاهنين لابسين حُللهما الرسمية ومعهما الأوريم والتميم ولكنهما كانا بلا تقوى قلبية مدنسين بخطايا قبيحة فظيعة. ومثلهما كان الشعب عموماً إذ كان لهم صورة الدين لا جوهره.
٥ «وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِ تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ هَتَفُوا هُتَافاً عَظِيماً حَتَّى ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ».
هَتَفُوا لاتكالهم الباطل على وجود التابوت معهم غير أن هذا التابوت هو صندوق خشب فقط لا يقدر أن ينفعهم من نفسه وهم المغضوب عليهم لأنهم أهانوا الله بخطاياهم وأهانوه أيضاً إذ جعلوا للتابوت الاعتبار الذي يليق بالرب وحده.
ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ ليس هذا حقيقة بل مجازاً وفي الكلام مبالغة تصف الهتاف العظيم. ومثل هذا كثير في كل اللغات.
٦ – ٨ «٦ فَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ صَوْتَ ٱلْهُتَافِ فَقَالُوا: مَا هُوَ صَوْتُ هٰذَا ٱلْهُتَافِ ٱلْعَظِيمِ فِي مَحَلَّةِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ؟ وَعَلِمُوا أَنَّ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ جَاءَ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. ٧ فَخَافَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ جَاءَ ٱللّٰهُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. وَقَالُوا: وَيْلٌ لَنَا لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هٰذَا مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ مَا قَبْلَهُ! ٨ وَيْلٌ لَنَا! مَنْ يُنْقِذُنَا مِنْ يَدِ هٰؤُلاَءِ ٱلآلِهَةِ ٱلْقَادِرِينَ؟ هٰؤُلاَءِ هُمُ ٱلآلِهَةُ ٱلَّذِينَ ضَرَبُوا مِصْرَ بِجَمِيعِ ٱلضَّرَبَاتِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».
ٱلْعِبْرَانِيِّينَ معنى الكلمة الأصلي الذين عبروا أي الذين أتوا من الشرق وعبروا نهر الفرات والإسرائيليون عبرانيون لأنهم من نسل عابر الذي أتى من عبر الفرات (تكوين ١٠: ٢١ – ٣٠). والاسم مستعمل للتمييز بين الإسرائيليين والأمم.
فَخَافَ ما كان للإسرائيليين سبباً للهتاف كان للفلسطينيين سبباً للخوف لأنهم ظنوا أن وجود التابوت يستلزم وجود إله التابوت أي أن إله الإسرائيليين مثل آلهتهم الذين لا ينفصلون عن تماثيلهم.
ٱلآلِهَةِ ٱلْقَادِرِينَ ذكروا بصيغة الجمع لأنهم وثنيون لهم آلهة كثيرة وظنوا أنه للإسرائيليين أيضاً آلهة كثيرة.
ٱلَّذِينَ ضَرَبُوا مِصْرَ الخ إشارة إلى طرح المصريين في البحر الذي شطّه طرف البرية (خروج ١٣: ٢٠) وجعلوا الضربات في البرية لأنهم لم يميزوا بين ما حدث في مصر وبين ما حدث في البرية.
٩ «تَشَدَّدُوا وَكُونُوا رِجَالاً أَيُّهَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ لِئَلاَّ تُسْتَعْبَدُوا لِلْعِبْرَانِيِّينَ كَمَا ٱسْتُعْبِدُوا هُمْ لَكُمْ. فَكُونُوا رِجَالاً وَحَارِبُوا».
١كورنثوس ١٦: ١٣ قضاة ١٣: ١
تَشَدَّدُوا لم يحملهم خوفهم على الفشل بل على زيادة البأس والشجاعة. فصاروا مثالاً لنا وإن كانوا وثنيين يجب أن تتشدد في الضيقات ولا نفشل وإذا تعاظم الخطر فلنتعاظم أيضاً شجاعتنا.
لِئَلاَّ تُسْتَعْبَدُوا تذكروا ما كانوا عملوه للعبرانيين من القساوة والظلم (قضاة ١٣: ١) وحسبوا أن الإسرائيليين سيفعلون هكذا بهم إذا انتصروا في هذه الحرب. ويظهر من (ص ١٤: ٢١) أنه كان للفلسطينيين عبيد من الإسرائيليين.
١٠ «فَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ، وَٱنْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ عَظِيمَةً جِدّاً. وَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ ثَلاَثُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ».
لاويين ٢٦: ١٧ وتثنية ٢٨: ٢٥ وع ٢ ومزمور ٧٨: ٩ و٦٢
كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ ينكسر الجيش أحياناً ويرجع إلى الوراء ولكنه يحفظ نظامه وأما الإسرائيليون فانكسروا كل الانكسار ولم يبقَ لهم نظام مطلقاً. ولفظة «خيمة» تفيد معنى مسكن والمسكن يكون خيمة أو بيت من الحجارة (٢صموئيل ٢٠: ١).
ثَلاَثُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ الراجل الماضي وهو خلاف الفارس. قيل «راجل» لأن ليس للإسرائيليين خيل ومركبات. وفي الحروب القديمة كان الغالبون يتبعون الهاربين ويذبحونهم بلا رحمة وإن كانوا قد سلّموا.
١١ «وَأُخِذَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ. وَمَاتَ ٱبْنَا عَالِي حُفْنِي وَفِينَحَاسُ».
ص ٢: ٣٢ ومزمور ٧٨: ٦١ ص ٢: ٣٤ ومزمور ٧٨: ٦٤
لا تتصور خسارة أعظم من المشار إليها. سقطت كهنتهم وقضاتهم وتركهم الرب إلههم فلم يبقَ لهم ما يستندون عليه. وكان موت حفني وفينحاس العلامة المذكورة في (ص ٢: ٣٤) لسقوط بيت عالي النهائي (انظر مزمور ٧٨: ٥٦ – ٦٤).
١٢ «فَرَكَضَ رَجُلٌ مِنْ بِنْيَامِينَ مِنَ ٱلصَّفِّ وَجَاءَ إِلَى شِيلُوهَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ وَتُرَابٌ عَلَى رَأْسِهِ».
٢صموئيل ١: ٢ يشوع ٧: ٦ و٢صموئيل ١٣: ١٩ و١٥: ٣٢ ونحميا ٩: ١ وأيوب ٢: ١٢
فَرَكَضَ رَجُلٌ كان الراكض في القديم مهما كالتلغراف اليوم فكان للراكض اعتبار (٢صموئيل ١٨: ١٩). وكانت شيلوه على بُعد ٢٠ ميلاً من حجر المعونة أي مكان الحرب وكانت الثياب الممزقة والتراب على الرأس علامة أعظم حزن (يشوع ٧: ٦ و٢صموئيل ١: ٢).
١٣ «وَلَمَّا جَاءَ فَإِذَا عَالِي جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بِجَانِبِ ٱلطَّرِيقِ يُرَاقِبُ، لأَنَّ قَلْبَهُ كَانَ مُضْطَرِباً لأَجْلِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. وَلَمَّا جَاءَ ٱلرَّجُلُ لِيُخْبِرَ فِي ٱلْمَدِينَةِ صَرَخَتِ ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا».
ص ١: ٩
جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ كرسي القضاء بقرب باب دار خيمة الاجتماع وليس باب المدينة لأن الخبر وصل إلى أهل المدينة قبل ما وصل إليه.
لأَجْلِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ لم يُذكر ابنا عالي اللذان كانا في الحرب لأن المكان الأول في قلب عالي كان لعبادة الله ومجده. ولعله لم يكن قد رضي عن أخذ التابوت من الخيمة إلى مكان الحرب.
١٤، ١٥ «١٤ فَسَمِعَ عَالِي صَوْتَ ٱلصُّرَاخِ فَقَالَ: مَا هُوَ صَوْتُ ٱلضَّجِيجِ هٰذَا؟ فَأَسْرَعَ ٱلرَّجُلُ وَأَخْبَرَ عَالِيَ. ١٥ وَكَانَ عَالِي ٱبْنَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَضَعُفَتْ عَيْنَاهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُبْصِرَ».
ص ٣: ٢
وَضَعُفَتْ عَيْنَاهُ قيل في (ص ٣: ٢) إن «عيناه ابتدأتا تضعفان» وقيل هنا «قامت عيناه» أي كان ازداد الضعف حتى لم يقدر أن يبصر مطلقاً وذلك من الشيخوخة.
١٦ – ١٨ «١٦ فَقَالَ ٱلرَّجُلُ لِعَالِي: أَنَا جِئْتُ مِنَ ٱلصَّفِّ، وَأَنَا هَرَبْتُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلصَّفِّ. فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ ٱلأَمْرُ يَا ٱبْنِي؟ ١٧ فَأَجَابَ ٱلْمُخَبِّرُ: هَرَبَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَانَتْ أَيْضاً كَسْرَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ٱلشَّعْبِ، وَمَاتَ أَيْضاً ٱبْنَاكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، وَأُخِذَ تَابُوتُ ٱللّٰهِ. ١٨ وَكَانَ لَمَّا ذَكَرَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ أَنَّهُ سَقَطَ عَنِ ٱلْكُرْسِيِّ إِلَى ٱلْوَرَاءِ إِلَى جَانِبِ ٱلْبَابِ، فَٱنْكَسَرَتْ رَقَبَتُهُ وَمَاتَ لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً شَيْخاً وَثَقِيلاً. وَقَدْ قَضَى لإِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً».
٢صموئيل ١: ٤
ذُكر أربع ضربات وكل ضربة أعظم من سابقتها (١) حرب إسرائيل أمام الفلسطينيين. (٢) موت ٣٠٠٠٠ من الشعب. (٣) موت حفني وفينحاس. (٤) أخذ تابوت الله. وعالي احتمل الأخبار الثلاثة الأولى وحينما سمع الخبر الأخير وقع ومات. لأن تابوت الله كان علامة وجود الله معهم وأخذه علامة تركه إياهم وإذ تركهم الله لم يبق لهم رجاء.
أَرْبَعِينَ سَنَةً زمان طويل وفيه فرص كثيرة لخدمة نافعة لشعب الله ولكنه أهمل كل هذه الفرص فانتهت حياته بظلام دامس لنفسه ولإسرائيل.
١٩ – ٢١ «١٩ وَكَنَّتُهُ ٱمْرَأَةُ فِينَحَاسَ كَانَتْ حُبْلَى تَكَادُ تَلِدُ. فَلَمَّا سَمِعَتْ خَبَرَ أَخْذِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ وَمَوْتَ حَمِيهَا وَرَجُلِهَا، رَكَعَتْ وَوَلَدَتْ، لأَنَّ مَخَاضَهَا ٱنْقَلَبَ عَلَيْهَا. ٢٠ وَعِنْدَ ٱحْتِضَارِهَا قَالَتْ لَهَا ٱلْوَاقِفَاتُ عِنْدَهَا: لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ ٱبْناً. فَلَمْ تُجِبْ وَلَمْ يُبَالِ قَلْبُهَا. ٢١ فَدَعَتِ ٱلصَّبِيَّ «إِيخَابُودَ» قَائِلَةً: قَدْ زَالَ ٱلْمَجْدُ مِنْ إِسْرَائِيلَ! لأَنَّ تَابُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أُخِذَ وَلأَجْلِ حَمِيهَا وَرَجُلِهَا. ٢٢ فَقَالَتْ: زَالَ ٱلْمَجْدُ مِنْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّ تَابُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أُخِذَ».
تكوين ٣٥: ١٦ – ١٩ مزمور ٢٦: ٨ وإرميا ٢: ١١ ع ١١
لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ قَدْ وَلَدْتِ ٱبْناً ظنّت الواقفات أن النفساء تنسى أوجاعها بفرحها بالمولود (يوحنا ١٦: ٢١) ولكنها لم تجب للاضطراب أفكارها من أخذ التابوت.
فَدَعَتِ ٱلصَّبِيَّ إِيخَابُودَ هذا الاسم مركّب من لفظتين عبرانيتين وهما «إي» ومعناها لا أو عدم و «خابود» ومعناها مجد فيكون معنى الاسم عدم المجد. انظر قول راحيل (تكوين ٣٥: ١٨) وهي دعت الولد الذي ماتت بولادته «بن أوني» أي ابن حزني. ونستنتج أن امرأة فينحاس كانت فاضلة تقية مهتمة بعبادة الله ومجده وإن كان رجلها من بني بليعال (ص ٢: ١٢). وفهمت أن خسارتها بموت رجلها وخسارة ابنها بموت أبيه قبلما وُلد أمرٌ لا يُذكر بالنسبة إلى خسارة الأمة الإسرائيلية. وخسارة ثلاثين ألفاً من الرجال لا تُذكر بالنسبة إلى خسارة التابوت التي كانت علامة ترك الله شعبه. وكل من يعرف الله حق المعرفة يحتمل بالصبر خسارة المال والصحة والراحة وموت الأحباء ولكنه يطلب من الله من كل قبله قائلاً «لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني».
- في يوم البليّة يجب الفحص عن أسباب الكسر. فليس الكسر من الضعف في الله ولا من الضعف الجسدي في الإنسان بل من ضعف الإنسان الروحي (ع ٣).
- كل أمة تترك الله ضعيفة وإن كان لها جيوش عظيمة.
- لا يجوز الاعتبار للرموز الخارجية دون جوهرها. وأمثلة ذلك سرّا الكنيسة.
- ليس للإنسان أن يحكم على الله بل أن يخضع لحكم الله عليه (ع ٤).
- لا يكون الله في كل طريق يختاره الإنسان بل هو مع الإنسان ما دام في الطريق الذي يختاره الله.
- يحرمنا الله الوسائل الخارجية كالمعمودية والعشاء الربي والعبادة الجمهورية ليعلّمنا الاقتراب إليه بالروح والحق.
- الذباب الميّت ينتن أفاويه العطار ويتلفها ونقائص الأتقياء تفسد أعمالهم الصالحة.
- ليس العمر الطويل بركة إن لم يُقض في خدمة الرب (ع ١٨).
- قد يكون الموت رحمة من الرب لأنه به ينقل أحباءه من مشقات الحياة إلى الراحة الأبدية (ع ١٩ – ٢٢).
-
زال المجد عن إسرائيل غير المؤمنين عند ولادة إيخابود. وحلّ المجد على إسرائيل المؤمنين بولادة يسوع (ع ٢١).
السابق |
التالي |