سفر راعوث | المقدمة | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر راعوث
للقس . وليم مارش
سفر راعوث
تمهيد
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الادب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة. إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت أستيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
مقدمة
المقدمة
(١) تاريخ الحوادث المذكورة: كانت هذه الحوادث في أيام حكم القضاة (ص ١: ١) وظنّ بعضهم أنها حدثت في أيام جدعون والجوع المشار إليه نتج عن ظلم المديانيين (قضاة ٦: ١ – ٦). والأرجح أنها حدثت في أيام عالي الكاهن (١صموئيل ص ١) وهذا قول يوسيفوس وكثيرين من أفضل المفسرين. قيل في آخر سفر راعوث إن «بوعز ولد عوبيد وعوبيد ولد يسى ويسى ولد داود». فكان دواد القرن (الجيل) الثالث من راعوث وهذا يؤيد القول إن حوادث سفر راعوث كانت في زمان عالي. ولعل الجوع كان من أسباب طبيعية لعدم المطر أو قلّته.
(٢) الكاتب وزمانه: الكاتب مجهول. والأرجح أنه كان في زمان مُلك داود لأنه من المنتظر أن داود أحبّ أن يبحث عن أسلافه وأن يُظهر فضائل الموآبيين التي كانت راعوث منهم.
(٣) الغاية من كتابة هذا السفر: هي أن تظهر
- (أولاً) العلاقة بين راعوث والملك داود فكانت راعوث من أسلاف داود وأسلاف المسيح أيضاً. ونرى في سلسلة نسب المسيح في (متّى ١: ١ – ١٦) أسماء أربع نساء وهنّ ثامار الكنعانية وراحاب الكنعانية وراعوث الموآبية وبثشبع وثلاث منهن أجنبيات ولعلّ قصد الله في ذلك أن يبيّن أن المسيح هو ابن الإنسان أي أخذ لنفسه طبيعة كل البشر وليس طبيعة اليهود فقط وهو مخلّص لكل بني البشر.
- (ثانياً) إن ملكوت الله يتضمن كل البشر فكان انضمام راعوث إلى شعب الله عربون انضمام الأمم ونقض حائط السياج المتوسط بين اليهود والأمم وجعلهما شعباً واحداً في المسيح (أفسس ٢: ١٤).
- (ثالثاً) فضيلة المحبة المخلصة وأجرها.
- (رابعاً) إن محبة كنّة لحماتها وتركها كل شيء لأجلها وتعلّقها بها في كل الأحوال تمثل محبة المؤمنين أفراداً للكنيسة وتمثل أيضاً اتحاد جميع المؤمنين بالمسيح وهو رأس الكنيسة.
ونفَس السفر بسيط فصيح مؤثر يناسب الموضوع. وهذه القصة الحقيقية التاريخية من أجمل قصص الكتاب وليس في كل التواريخ والروايات أجمل منها. ومكانها في الكتاب بعد سفر القضاة الذي جاء فيه ذكر حروب العظماء وأعمالهم وخطايا فظيعة. فنظرنا إلى هذا السفر بعد النظر إلى سفر القضاة كالانتقال من ميدان الحرب والوغى وسفك الدم إلى بيت فيه السلام والمحبة والراحة والهدوء.
التالي |