سفر القضاة | 01 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر القضاة
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ
السعي في الاستيلاء على ما بقي من أرض كنعان
مشتملات هذا الأصحاح حروب يهوذا وشمعون وانكسار أدوني بازق والاستيلاء على أورشليم (ع ١ – ٨). وإخراج يهوذا وكالب العناقيين من حبرون (ع ٩ و١٠). واستيلاء عثنيئيل على دبير (ع ١١ – ١٣). وطلبة عكسة (ع ١٤ و١٥). وسكنى بني القيني مع إسرائيل (ع ١٦) ونجاح يهوذا أيضاً (ع ١٧ – ٢٠). ونجاح بني بنيامين شيئاً في أورشليم (ع ٢١). واستيلاء بني يوسف على بيت إيل بخيانة أحد سكانها (ع ٢٣ – ٢٦). ونجاح منسى وأفرايم وزبولون وأشير ونفتالي ودان بعض النجاح (ع ٢٧ – ٣٦).
والغاية في ذكر الأماكن التي لم يطرد الإسرائيليون الكنعانيين منها إيضاح نسبة الإسرائيليين إلى الكنعانيين وسبب الضيقات والحروب التي سيأتي نبأها وكيفية نموّ المملكة الإسرائيلية.
١ «وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا ٱلرَّبَّ: مَنْ مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى ٱلْكَنْعَانِيِّينَ أَوَّلاً لِمُحَارَبَتِهِم».
عدد ٢٧: ٢١ وص ٢٠: ١٨
وَكَانَ الواو عاطفة هذا الكلام على الكلام المضاف في آخر سفر يشوع أتى بها كاتب سفر القضاة وهو صموئيل على الأرجح وهو الذي أضاف ما في آخر سفر يشوع كذلك. وجاءت هذه الواو في أول سفري صموئيل وسفري الملوك والغاية منها جعل التاريخ المقدس سلسلة متصلة من الخليقة إلى السبي. ولنا من ذلك أن تلك الأسفار قُصد منها علاوة على الشريعة والفرائض والسُنن تاريخ شعب الله على توالي الزمان.
بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ وليس بعد موته بكثير لأن عثنيئيل كان صهر كالب رفيق يشوع.
سَأَلُوا ٱلرَّبَّ لأن الرب كان ملكهم ولم يكن لهم ملك من الناس ولا خليفة ليشوع. وسألوا بالأوريم والتميم بواسطة الحبر الأعظم وكان هذا الحبر العازار بن هارون (يشوع ١٤: ١) أو فينحاس بن العازار (يشوع ٢٤: ٣٣) وهذا ما ذهب إليه يوسيفوس (التاريخ القديم). وذُكر الأوريم والتميم في سفر الخروج (انظر خروج ٢٨ – ٣٠) وحاشية التوراة ذات الشواهد والتفسير (وانظر أيضاً عدد ٢٧: ٢١ والتفسير).
مَنْ مِنَّا أي أيّ الأسباط من أسباطنا.
يَصْعَدُ إِلَى ٱلْكَنْعَانِيِّينَ الخ أي يزحف عليهم للحرب أولاً كأنه قائد لسائر الأسباط على قول بعضهم. أو من يقوم أولاً بتلك الحرب وله أن يطلب مساعدة غيره من الأسباط بعد ذلك.
٢ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ: يَهُوذَا يَصْعَدُ. هُوَذَا قَدْ دَفَعْتُ ٱلأَرْضَ لِيَدِهِ».
تكوين ٤٩: ٨
فَقَالَ ٱلرَّبُّ أي أعلن لرئيس الأحبار بالأوريم والتميم ورئيس الأحبار أعلم الشعب. وهذا الرئيس هو فينحاس على قول يوسيفوس.
يَهُوذَا يَصْعَدُ أي سبط يهوذا يصعد للحرب. وتسمية السبط والقبيلة والجماعة باسم السلف الذي تُنسب إليه كثير في اللغات السامية وهي وافرة جداً في العبرانية والعربية فيقال وائل ويُراد قبيلة وائل ومثل ذلك هُذَبل وتميم وعبس وقضاعة وغيرهم للقبائل المنسوبة إليهم.
وعلة اختيار يهوذا دون غيره من الأسباط كثرته وما كان له من العظمة والقوة كما دل على ذلك كثرته في البرية (عدد ١: ٢٦ و ٢٧) وما شاع عنه من مباركة يعقوب له «يَهُوذَا، إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ. يَدُكَ عَلَى قَفَا أَعْدَائِكَ» (تكوين ٤٩: ٨ قابل هذا بما في عدد ٢٤: ١٩ ويشوع ١٥: ١). فترى أن يهوذا مع عظمته وقوته واسع الأرض مقدماً على سواه من الأسباط. وكانت منزلة يهوذا في محلة الإسرائيليين في الشرق وكان يجاوره يساكر وزبولون وكان يذهب أولاً عند الارتحال وكان شبيه الأسد دلالة على شجاعته (تكوين ٤٩: ٩ ورمية ٥: ٥).
هُوَذَا قَدْ دَفَعْتُ ٱلأَرْضَ لِيَدِهِ أي قد قدّرته على أخذ ما بقي له من أرض الميعاد من الأعداء فلا بد من أن يستولي عليه. وعبّر عن المستقبل بصيغة الماضي للتأكيد.
٣ «فَقَالَ يَهُوذَا لِشَمْعُونَ أَخِيهِ: اِصْعَدْ مَعِي فِي قُرْعَتِي لِنُحَارِبَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ، فَأَصْعَدَ أَنَا أَيْضاً مَعَكَ فِي قُرْعَتِكَ. فَذَهَبَ شَمْعُونُ مَعَهُ».
ع ١٧
فَقَالَ يَهُوذَا لِشَمْعُونَ أَخِيهِ: اِصْعَدْ مَعِي فِي قُرْعَتِي الخ هذه الآية تدل على وهن القول بأن الإسرائيليين كلهم صعدوا للحرب وإن سبط يهوذا كان مقدمتهم قائداً لهم فإنه ظاهر من نصها أن يهوذا صعد بمقتضى القرعة التي أُلقيت لقسمة أرض الميعاد بين الأسباط.
وبقي هنا أنه طلب يهوذا مساعدة شمعون دون غيره من الأسباط مع ضعفه وقلة عدده حتى كاد يتلاشى ولم يباركه موسى مع الأسباط (تثنية ص ٣٣) فإنه في الإحصاء الأول كان عدده ٥٩٣٠٠ (عدد ١: ٢٣) وصار في الإحصاء الثاني ٢٢٢٠٠ (عدد ٢٦: ١٤) وعلة ذلك ضربه بالوبإ على ذنبه العظيم (عدد ٢٥: ١ – ١٥). والجواب أن يهوذا وشمعون كانا ابني يعقوب من أم واحدة هي ليئة فكان من مقتضى الطبع أن يساعد أحدهما الآخر وإن شمعون كان ساكناً في أرض يهوذا (يشوع ١٩: ١) وإنه على ضعفه وقلّة عدده كان في غاية الافتقار إلى من يساعده فرأى يهوذا أن يساعده على أخذ قرعته جزاء على مساعدته له. وهذا مما يقضي به الحب والحكمة.
ثم يظهر مما ظهر من الشمعونيين في عصر حزقيا أن الله غفر لهم وأنعشهم (١أيام ٤: ٤٢ و٤٣).
٤ «فَصَعِدَ يَهُوذَا. وَدَفَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ بِيَدِهِمْ، فَضَرَبُوا مِنْهُمْ فِي بَازَقَ عَشَرَةَ آلاَفِ رَجُلٍ».
١صموئيل ١١: ٨
فَصَعِدَ يَهُوذَا أي ذهب سبط يهوذا لمحاربة الكنعانيين ومعه سبط شمعون والمرجّح أن القائد كان كالب بن يفنة فإنه كان من يهوذا وأمامهم (يشوع ١٤: ٦) وشجاعاً خبيراً في الحرب (يشوع ١٤: ٧ – ١١).
ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ (انظر تكوين ١٣: ٧ و٣٤: ٣٠ والتفسير) كان الكنعانيون غوريين أي من الأغوار أعني الأرضين المنخفضة على أن بعضهم سكن الجبل (ع ٩) إذ كانو ساكنين «عِنْدَ ٱلْبَحْرِ وَعَلَى جَانِبِ ٱلأُرْدُنِّ» (عدد ١٣: ٢٩) «في الشرق والغرب» (يشوع ١١: ٣). وقد ذُكر أنهم سكان الجبال ووعورها (يشوع ١١: ٣ و١٧: ١٥). وهم أمة قديمة ذات شأن (تكوين ١٣: ٧ و٣٤: ٣٠ و١ملوك ٩: ٢٠). وكانوا أرباب زراعة وقرى (١صموئيل ٦: ١٨ وتثنية ٣: ٥). ولم يُذكر اسمهم في مختصر أصول الأمم المذكور في الأصحاح العاشر من التكوين (انظر تفسير ما ذُكر من الآيات الكتابية ووصف الكنعانيين والفرزيين في قاموس الكتاب المقدس).
فَضَرَبُوا أي قتلوا بحد السيف (انظر ع ٨).
بَازَقَ موقعها مجهول. في (١صموئيل ١١: ٨) ذُكرت بازق وفيها عدّ شاول الشعب قبل زحفه لإنقاذ يابيش جلعاد وهي على غاية تسعة عشر ميلاً من شكيم فكانت في سهم أفرايم. ويظن البعض أن السبطين المجاورين يعني يهوذا وشمعون زحفا إلى قلب فلسطين ليضرب أقوى جيوش الكنعانيين فضربوهم. وأتوا بملكهم إلى أورشليم. ثم أخذ يهوذا أورشليم وساروا على الكنعانيين فضربوهم وأتوا بملكهم إلى أورشليم. ثم أخذ يهوذا أورشليم وساروا على الكنعانيين الساكنين في الجنوب. والبعض يفرضون أن بازق كانت بقرب أورشليم والبعض أنها اسم قطيعة لا اسم مدينة وإنها بين بحر الجليل وبحر لوط أو على شط بحر لوط الغربي.
٥ «وَوَجَدُوا أَدُونِيَ بَازَقَ فِي بَازَقَ، فَحَارَبُوهُ وَضَرَبُوا ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ».
وَوَجَدُوا ربما كان ذلك اتفاقاً وهم زاحفون والظاهر أنهم زحفوا فجأة فلم يعلم الأعداء.
أَدُونِيَ بَازَقَ أي رب بازق أي البارق أو البرق أو البزوغ كما أن أدوني صادق رب البرّ وملكي صادق ملك البر. وهذا الملك القوي كما يُعلم من (ع ٧) لم يُذكر في سفر يشوع فهو على ما قال أحد العلماء ممن نشأوا على أثر موت يشوع.
وَضَرَبُوا ٱلْكَنْعَانِيِّينَ وَٱلْفِرِزِّيِّينَ أي قتلوهم بحد السيف (ع ٨).
٦ «فَهَرَبَ أَدُونِي بَازَقَ. فَتَبِعُوهُ وَأَمْسَكُوهُ وَقَطَعُوا أَبَاهِمَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْه».
أَمْسَكُوهُ أي أسروه.
وَقَطَعُوا أَبَاهِمَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ قطعوا إبهامي يديه ليستحيل عليه أن يرمي سهماً أو يستل سيفاً. وقطعوا إبهامي رجليه لكي يمنعوه من سرعة السير. كان بعض الرومانيين يتخلصون من أخذهم جنوداً للحرب بقطع إبهام الأيدي والأرجل. وفي أشعار أوميروس اليوناني أن هذا القطع كان يحرم الملك أو ولي العهد من الملك لأنهم لم يكونوا يحتملون أن يكون في الملك مثل هذا النقص.
٧ «فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ: سَبْعُونَ مَلِكاً مَقْطُوعَةٌ أَبَاهِمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي. كَمَا فَعَلْتُ كَذٰلِكَ جَازَانِيَ ٱللّٰهُ. وَأَتَوْا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَمَاتَ هُنَاكَ».
لاويين ٢٤: ١٩ و١صموئيل ١٥: ٣٣ ويعقوب ٢: ١٣
فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ قول ذكرى إذ ذكره ما جوزي به ما ارتكبه من أمثاله ورأى أن الجزاء من جنس العمل وحكم بأنه مستحق ذلك العقاب على أن مجرد ذكرى الآثام عند الحكيم عقاب شديد فليتأمل أُلوا الألباب.
وظهر من قوله هذا أنه في كل إنسان ضمير يبكته على خطيئة الظلم والقساوة. والكنعانيون الذين كانوا سقطوا إلى أعماق الآثام والنجاسات وكان قد انقطع كل رجاء بإصلاحهم لم يفقدوا كل الفقد الضمير والشعور بالعدل والحق.
سَبْعُونَ مَلِكاً ولعله بالغ في الأمر قصد الافتخار فكان عدد الملوك أقل من سبعين. ونتذكر أيضاً أن فلسطين كانت مقسومة إلى كثير من الممالك الصغيرة بدليل أن كل مدينة استولى عليها يشوع كان لها ملك (انظر يشوع ص ١٢) ولا ريب في أن كثيراً من أولئك الملوك كانوا ولاة مدن أو قرىً يؤدون الجزية إلى ملوك أكبر منهم فلا بد من أن يكونوا كثيرين. ولم يذكر اسم أدوني بازق في قائمة الملوك (يشوع ١٢: ٧ – ٢٤).
كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي جعلهم بمنزلة الهررة أو الكلاب (متّى ١٥: ٢٧). والالتقاط هنا يشير في الأصل إلى جمع المتفرق واحداً بعد واحد جمعاً بطيئاً كالتقاط السنابل في الحق وراء الحاصدين (راعوث ٢: ٢ الخ). وكان ذلك دأب الملوك القساة المتكبرين في العصور الخالية لمن هم دونهم حتى ندمائهم. قال بوسبدونيوس إن ملك يرثيا كان يطرح الطعام لجلسائه فيتنازعونه كالكلاب. وأمثال ذلك كثيرة في التاريخ.
كَمَا فَعَلْتُ كَذٰلِكَ جَازَانِيَ ٱللّٰهُ وهذا كقول صموئيل لأجاج «كَمَا أَثْكَلَ سَيْفُكَ ٱلنِّسَاءَ كَذٰلِكَ تُثْكَلُ أُمُّكَ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ» (١صموئيل ١٥: ٣٣). وقول شمشون في الفلسطينيين «كَمَا فَعَلُوا بِي هٰكَذَا فَعَلْتُ بِهِمْ» (قضاة ١٥: ١١) «لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهُ مُجَازَاةٍ يُكَافِئُ مُكَافَأَةً» (إرميا ٥١: ٥٦). وكقول يثرون لموسى في المصريين وسائر أعداء إسرائيل «فِي ٱلشَّيْءِ ٱلَّذِي بَغَوْا بِهِ كَانَ عَلَيْهِمْ» (خروج ١٨: ١١). (انظر أيضاً متّى ٧: ٢ وغلاطية ٦: ٧ ويعقوب ٢: ١٣). وهذه القاعدة اشتهرت بين كثير من الأمم ففي العربية (إن الجزاء من جنس العمل. وفي اليونانية العقاب مثل الذنب. ولا يستدل من قول أدوني بازق «جازاني الله» أنه كان يعبد الرب (يهوه) بل اعترف بأن إلهه عاقبه على إثمه بمثله.
قال بولس الرسول «لاَ تُجَازُوا أَحَداً عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ… لاَ تَنْتَقِمُوا… لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ ٱلنَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (رومية ١٢: ١٧ و١٩). أي إذا فهمنا أن الإسرائيليين عملوا ما عملوه بأدوني بازق بأمر الرب نقول إن الرب جازاه مجازاة عادلة. وإن لم يكن بأمر الرب لا نقدر أن نبررهم.
وفي العهد الجديد تعليم أوضح من جهة محبة الأعداء والصلاة لأجلهم يرجعون عن طرقهم فيخلصون. وأما بالنظر الإجمالي إلى حروب الإسرائيليين فالأمر واضح أنها كانت بأمر الرب فبأمره قتلوا الكنعانيين وأخذوا منهم مدنهم لأن الكنعانيين كانوا أخطأوا إلى الرب ودنسوا الأرض واستهانوا برحمة الله وطول أناته حتى ثار غضب الله عليهم فلم يكن لهم منقذ.
وَأَتَوْا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ أي مضوا به أسيراً وأبقوه في معسكرهم ودخلوا به أورشليم بعد أن حاربوها واستولوا عليها.
فَمَاتَ هُنَاكَ هذا يدل على أنه مات موتاً طبيعياً وهو في الأسر وإن الإسرائيليين لم يقتلوه ولعله مات ألماً وغماً.
٨ «وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ وَأَشْعَلُوا ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ».
يشوع ١٥: ٦٣
وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ وَأَخَذُوهَا هذا بيان لما ذُكر في آخر الآية السابعة وتفصيل له فإنه قال إن بني إسرائيل «أتو بأدوني بازق إلى أورشليم» وهذا كلام مجمل فبيّنه هنا بالتفصيل بأن الإسرائيليين حاربوا أهل أورشليم واستولوا عليها ودخلوها بذلك الملك فعلم من ذلك أن الملك المذكور كان أسيراً في معسكرهم وهم آخذون في حصار المدينة فافتتحوها ودخلوها بذلك حياً فمات فيها. ونسب الحرب إلى بني يهوذا دون بني شمعون لأنهم هم المختارون لتلك الحرب بحسب مشورة الرب وإعلانه (انظر ١ و٢ وتفسيرهما) وإنهم هم سألوا مساعدة الشمعونيين ليساعدوهم هم على امتلاك نصيبهم من الأرض كما ذُكر مفصلاً (انظر تفسير ع ٢).
وبقي هنا أنه يرجّح من مقابلة هذه الآية بما في (يشوع ١٥: ٦٣ و٢صموئيل ٥: ٦ و٧) إنه مع أن يهوذا وشمعون أخذا أورشليم وأحرقاها رجع اليابوسيون إلى حصنهم الحصين جبل صهيون فعجز السبطان عن أخذه ثم رجعوا إلى أورشليم وبقي ذلك الحصن لهم إلى أيام داود.
يظن البعض أن يهوذا وشمعون أخذا المدينة ما عدا الحصن فبقي لليابوسيين إلى أيام داود.
ضَرَبُوهَا بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ أي ذبحوا كثيرين من سكانها بدليل أنهم بقوا زماناً طويلاً كما ذُكر في أول هذه الآية. وفي العبرانية «بفم السيف» بدلاً من «حد السيف» كأن حدود السيوف كانت تذهب بهم كما تذهب الأفواه بالأطعمة وهذا كناية عن شدة الحرب.
وَأَشْعَلُوا ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ أي أحرقوا بعضها من باب المجاز المرسل وهو كثير فتقول احترق الثوب مع أن المحترق جزء صغير منه. والقرينة على ذلك أن أورشليم بقيت وسكنها اليبوسيون مع بني يهوذا وبينامين (ع ٢١ ويشوع ١٥: ٦٣) وهذه العبارة في الأصل العبراني «وأرسلوا المدينة إلى النار» ولم يسبق لها نظير فهي دليل على أن هذا السفر مستقل عن سفر يشوع وكاتبه غير كاتب سفر يشوع.
٩ «وَبَعْدَ ذٰلِكَ نَزَلَ بَنُو يَهُوذَا لِمُحَارَبَةِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ ٱلْجَبَلِ وَٱلْجَنُوبِ وَٱلسَّهْلِ».
يشوع ١٠: ٣٦ و١١: ٢١ و١٥: ١٣
وَبَعْدَ ذٰلِكَ نَزَلَ يدل هذا على أن أورشليم أعلى من الأراضي الجبلية الواقعة جنوب أورشليم أو أولها. وحبرون أعلى من أورشليم فإن علوّها عن سطح البحر ٣٠٤٠ قدماً وعلو أورشليم ٢٥٩٣ قدماً.
ٱلْجَبَلِ وَٱلْجَنُوبِ وَٱلسَّهْلِ هذه ثلاثة أقسام من بلاد اليهودية الأرض الجبلية في وسط البلاد الجنوبي أورشليم وفيها بيت لحم وحبرون. والجنوب في العبرانية نجب مشتقة من أصل معناه اليبس (والنجب في العربية لحاء الشجر أو قشر عروقها أو القشر الصلب منها والمعنى القشر اليابس لأنه يقال فيها نجب الشجرة قشر نجبها ولا يُقشر إلا ما كان يابساً من لحائها لئلا يضرها). والنجب هذا أي الجنوب يمتد من حبرون جنوباً ٧٠ ميلاً إلى التيه أي القفر ويحده شرقاً بحر لوط وغرباً سواحل البحر.
وقال القس ستنلي (في كتابه في سيناء وفلسطين صفحة ١٦١) في وصف تلك البلاد أنها تلال مستديرة وجواء (أي أودية واسعة) قليلة النبات كثيرة الآبار فهي في كل وادٍ وآثار الأهراء والمعاصر والخرب الكثيرة تشهد بأن تلك الأرض كانت عامرة بكثير من السكان. وفي العبرانية كلمتان معنى الأولى الجنوب أي الجهة المقابلة للشمال ومعنى الثانية وهي نجب المذكورة في هذه الآية وتُرجمت بالجنوب ومعناها في الأصل اليبس والقحط. وهذا ما دل عليه قول عكسة في (ع ١٥). ولكن الأرض تكون هنا في الأسابيع الأخيرة من فصل الربيع تبسم عن شقيق واقحوان وغيرها من حسان الأزهار. ولكن هذا الجمال يزول سريعاً على أن الأرض لا تكون بعد ذلك قبيحة المنظر لكنها تكون شبيهة بالقفر.
والكلمة العبرانية المترجمة في الآية بالسهل «هشفلة» تعني أرضاً متخطرة تخطر نباتها وأشجارها وهي السهل الممتد من النجب إلى البحر وهي خصبة خلاف معنى النجب وهي بلاد الفلسطينيين.
سعي كالب ونتيجته ع ١٠ إلى ١٥
١٠ «وَسَارَ يَهُوذَا عَلَى ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي حَبْرُونَ (وَكَانَ ٱسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةَ أَرْبَعَ) وَضَرَبُوا شِيشَايَ وَأَخِيمَانَ وَتَلْمَايَ».
يشوع ١٤: ١٥ و١٥: ١٣ و١٤
وَسَارَ يَهُوذَا أي سار للحرب والقائد كالب كما يعلم من (يشوع ١٥: ١٤ – ١٩) فالحرب هنا هي الحرب التي في سفر يشوع.
حَبْرُونَ (انظر يشوع ١٠: ٣٦ و٣٧) وهذه المدينة على منتصف الطريق بين أورشليم وبئر سبع وعلى غاية عشرين ميلاً من كل منهما. وهي من أقدم مدن العالم فإنها بُنيت قبل صوعن مصر بسبع سنين (عدد ١٣: ٢٢). وارتفاعها فوق سطح البحر المتوسط ٣٠٤٠ قدماً. وكان سكانها من الكنعانيين الذين اشتهروا بالبأس وطول القامة وهم العناقيون (عدد ١٣: ٢٨ و٣٣ وتثنية ٩: ٢) فكان الانتصار عليهم يقتضي أشجع الإسرائيليين وأشدهم بأساً. وكان أقدم أسمائها ممرا (تكوين ٢٣: ١٩) وهو اسم رجل من سكانها الأموريين (تكوين ١٤: ١٣). ثم استولى عليها بعد قليل من ذلك بنو حثّ أو الحثيون (تكوين ٢٣: ١ الخ). وكانت في أيام القضاة للكنعانيين. ثم سُميت بالخليل ذكرى لإبراهيم خليل الله لأنه ضرب خيامه فيها ودُفن هو وسارة فيها (تكوين ٢٥: ٧ – ١١) فهي مكان مقدس عند الإسرائيليين. وتواتر عندهم أنها كانت عاصمة مملكة داود قبل الاستيلاء على أورشليم وكانت مدينة حصينة ذات أسوار عالية متينة ويشهد بذلك ما هنالك من عاديات الحجارة الكبيرة فكان يعسر على الإسرائيليين الاستيلاء عليها. وقبر إبراهيم معروف يها إلى الآن وقد أثبت أن القبر المنسوب إليه هو قبره بالتواتر المتصل ويُعرف مقامه اليوم بالحرَم. وكانت حبرون من مدن الملجإ (يشوع ٢١: ١١ – ١٣).
قَرْيَةَ أَرْبَعَ أو مدينة أربع. ومن احتمال العبراني معنى مدينة أربعة جاء عن بعض الربانيين أي معلمي اليهود أنها سميت مدينة أربعة لأنه دُفن فيها أربعة من الآباء وهم آدم وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وأزواجهم (انظر تكوين ٢٣: ١٩ و٢٥: ٩ و٤٩: ٣٠ و٣١). وإنه سكن فيها أربعة من المشاهير وهم إبراهيم وعانر وأشكول وممرا. لكن أربع على ما في يشوع ١٤: ١٥ هو الرجل الأعظم العناقيين وفي يشوع ١٥: ١٣ إنه «أبو عناق» وكل المدن المصدّرة بقرية كقرية أربع المذكورة وقرية سفر وغيرها كانت قبل الاستيلاء على فلسطين.
شِيشَايَ وَأَخِيمَانَ وَتَلْمَايَ وهم آباء ثلاث قبائل من العناقيين سُميت القبائل بأسمائهم جرياً على الاصطلاح الشائع. وقيل صريحاً أنهم «بنو عناق» (انظر تفسر ع ١ وانظر أيضاً عدد ١٣: ٢٢ و٢٣). وجاء في تقاليد اليهود أن العناقيين اختلطوا بالنفليم أي الجبابرة الذين نشأوا من اقتران أبناء الله ببنات الناس. وقال يوسيفوس إن عظام الجبابرة من هؤلاء كانت تُشاهد في أيامه (التاريخ القديم ليوسيفوس فصل ٢ و٣). قال الدكتور فارار «لا ريب في أن تلك العظام كانت عظام بهائم منقرضة حُسبت عظام أناس فحمل كبرها يوسيفوس على قوله بأنها عظام جبابرة».
وبقي هنا أنه جاء في هذه الآية أن بني يهوذا «ضربوا شيشاي وأخيمان وتلماي» أي قتلوهم أو ذبحوهم وجاء في يشوع ١٥: ١٤ أن كالب طردهم وشتان بين القتل والطرد. والجواب على ذلك أولاً بأن طرد كالب لهؤلاء لا يستلزم نفي قتل بعض رجال يهوذا الذين كالب قائدهم لأولئك المطرودين. ثانياً أن كالب طرد أبناء عناق الثلاثة (راجع الآية في يشوع ١٥: ١٤) وإن بني يهوذا قتلوا عشائرهم أي بعض رجال الحرب من تلك العشائر. ثالثاً كما قال العلامة جورج بوش إن طرد الأعداء لا يستلزم قتلهم بالضرورة ولكن قتلهم يستلزم طردهم لأنهم طُردوا من بين الأحياء. رابعاً إن القتل كان على أثر الطرد.
١١ «وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ عَلَى سُكَّانِ دَبِيرَ (وَٱسْمُ دَبِيرَ قَبْلاً قَرْيَةُ سَفَرٍ)».
يشوع ١٥: ١٥
وَسَارَ أي يهوذا.
مِنْ هُنَاكَ أي من حبرون.
دَبِيرَ (انظر يشوع ١٥: ١٥ و٤٩). معنى دبير «وحي» على قول الدكتور فارار أو «مقدس» على قول الدكتور بوست في قاموس الكتاب. وتُسمى أيضاً «قرية سفر» أي مدينة كتاب أو الكتاب على ما في الآية نفسها و«قرية سنّة» (يشوع ١٥: ٤٩) ولعلها مدينة السنة أو الشريعة. ويظهر من تلك الأسماء أنها كانت مركز العلم والدين عند الكنعانيين. ورأى كوندر حديثاً أنها الظهرية. وقال كثيرون من أهل الأسفار أنها كانت مدينة ذات شأن. وكان من جملة أدلتهم أنها ملتقى عدة طرق وأن فيها كثيراً من أطلال المساكن القديمة وإنها قرب عدة ينابيع أو عيون (انظر ع ١٥). والمتفق عليه أنها قرب حبرون. وكانت هذه المدينة حصناً لبني عناق استولى عليها يشوع (يشوع ١٠: ٣٨ و٣٩) وأعطاها سبط يهوذا ثم استردها الكنعانيون ثم أخذها الإسرائيليون (يشوع ١٥: ١٥ – ١٧) ثم صارت للاويين (يشوع ٢: ١٥).
١٢ «فَقَالَ كَالِبُ: ٱلَّذِي يَضْرِبُ قَرْيَةَ سَفَرٍ وَيَأْخُذُهَا، أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ٱبْنَتِي ٱمْرَأَةً».
يشوع ١٥: ١٦ و١٧
فَقَالَ كَالِبُ (انظر يشوع ١٥: ١٦). كان كالب قنزياً فإنه بن يفنة القنزي وهو أحد الجواسيس الاثني عشر الذين أرسلهم موسى إلى أرض كنعان (عدد ١٣: ٦) فهو من سلالة قنز أو قناز حفيد عيسو (تكوين ٣٦: ٩ – ١١). وكان رئيس سبط يهوذا على ما يظهر من سفر العدد (انظر عدد ١٣: ١ – ٦) مع أنه ليس منهم فهو على الراجح من اللفيف الذي التصق بالإسرائيليين من الأمم (خروج ١٢: ٣٨) وهم بنو القيني (ص ٤: ١١) وكان هو ممن التصقوا بسبط يهوذا وهو مؤمن بإله إسرائيل. وكان حسن السلوك والإيمان ومن أرباب العقول الرفيعة وأصحاب الرأي والتدبير والشجاعة. وربما كان بعض بني يهوذا تبنّاه أو تبنى أحد أسلافه فنُسب إلى سبط يهوذا هو ونسله (انظر يشوع ١٥: ١٣).
أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ٱبْنَتِي ٱمْرَأَةً قابل بهذا ما في (١صموئيل ١٧: ٢٥ و١٨: ١٧ و١أيام ١١: ٦). وهذه الآية دلت على عزم كالب وشدة رغبته في الاستيلاء على ما بقي من نصيب يهوذا.
١٣ «فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ أَخُو كَالِبَ ٱلأَصْغَرِ مِنْهُ. فَأَعْطَاهُ عَكْسَةَ ٱبْنَتَهُ ٱمْرَأَةً».
ص ٣: ٩
فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ أَخُو كَالِبَ الخ (يشوع ١٥: ١٥ – ١٧) في سفر يشوع أنه «أخو كالب» وزيد هنا «الأصغر» أي أنه أخو كالب الأصغر (انظر أيضاً ص ٣: ٩). والأصل العبراني يحتمل معنيين الأول أن عثنيئيل هو ابن قناز وأخو كالب فيكون قد تزوج ابنة أخيه والثاني أن قناز هو أخو كالب وعلى ذلك تُترجم العبارة «فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ أَخُو كَالِبَ الخ» فيكون قد تزوج ابنة عمه (انظر حاشية الكتاب المقدس ذي الشواهد) وعلى الترجمة الأولى بعض الترجمات القديمة. على أن معنى «ابن قناز» يحتمل أن يكون من قبيلة قناز لا ابنه حقيقة كما قيل أن المسيح ابن داود بمعنى أنه من عشيرته أو نسله. وكذا يقال على كل إنسان أنه ابن آدم وكل إسرائيلي أنه ابن إبراهيم وذلك كثير في الكتاب وكل اللغات الساميّة (انظر يشوع ١٤: ٦ وعدد ٣٢: ١٢). وترى أهمية عشيرة عثنيئيل في (١أيام ٢٧: ١٥).
١٤ «وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهَا أَنَّهَا غَرَّتْهُ بِطَلَبِ حَقْلٍ مِنْ أَبِيهَا. فَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْحِمَارِ، فَقَالَ لَهَا كَالِبُ: مَا لَكِ؟».
يشوع ١٥: ١٨ و١٩
وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهَا أي قرب دخولها بيته عروساً.
غَرَّتْهُ في بعض التراجم الأوربية «حرّكته» أو هاجته أو حملته على الخ. وفي الأصل العبراني ما يفيد الإغراء على طريق الغرور.
حَقْلٍ وفي الأصل العبراني «الحقل» فهو تربة معينة معهودة. وقد جاء في (يشوع ١٥: ١٨) منكراً فتنكيره في سفر يشوع لأنها طلبت حقلاً من الحقول وتعريفه في سفر القضاة لأنه تعيّن بحصولها عليه.
فَنَزَلَتْ عَنِ ٱلْحِمَارِ احتراماً كما فعلت رفقة (تكوين ٢٤: ٦٤) وإبيجايل (١صموئيل ٢٥: ٢٣) ولرغبة في شيء والأصل العبراني يدل على ما يماثل ذلك ولهذا جاءت العبارة في السبعينية «فصرخت من على الحمار» وفي الفلغاتا «فتنهدت وهي على الحمار».
فَقَالَ لَهَا كَالِبُ: مَا لَكِ أي ما حملك على النزول أو ما شأنك ولعلها نزلت عن الحمار بسرعة وركعت أو جثت أمام أبيها.
١٥ «فَقَالَتْ لَهُ: أَعْطِنِي بَرَكَةً. لأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي أَرْضَ ٱلْجَنُوبِ فَأَعْطِنِي يَنَابِيعَ مَاءٍ. فَأَعْطَاهَا كَالِبُ ٱلْيَنَابِيعَ ٱلْعُلْيَا وَٱلْيَنَابِيعَ ٱلسُّفْلَى».
تكوين ٣٣: ١١
بَرَكَةً أي هبة (تكوين ٣٣: ١١ ويشوع ١٤: ١٣ و٢ملوك ٥: ١٥).
أَرْضَ ٱلْجَنُوبِ أي الأرض الجدباء فإنها في الأصل العبراني «نجب» (انظر تفسير ع ٩).
يَنَابِيعَ مَاءٍ أي أرضاً في الوادي عند سفح الجبل ترويها مياه العيون. وبهذا السؤال أبانت عكسة أنها أشجع من زوجها وأكثر منه سعياً وراء النفع.
ٱلْيَنَابِيعَ ٱلْعُلْيَا وَٱلْيَنَابِيعَ ٱلسُّفْلَى أي الأرض ذات الينابيع من النجد والغور فالينابيع المذكورة عَلَمان كبيت هورون العليا وبيت هورون السفلى المعروفة اليوم ببيتور الفوقى وبيتور التحتى في لغة العامة. وقال المفسر لياس بقول الكتاب «الينابيع العليا والينابيع السفلى» وإنها على غاية ستة أميال ونصف ميل من الظهرية شمالاً أربعة عشر ينبوعاً يرتفع بعضها عن بعض ولا ريب في أنها هي الينابيع العليا والينابيع السفلى المذكورة هنا (انظر تفسير ع ١١).
حركات بني القينيّ ع ١٦
١٦ «وَبَنُو ٱلْقِينِيِّ حَمِي مُوسَى صَعِدُوا مِنْ مَدِينَةِ ٱلنَّخْلِ مَعَ بَنِي يَهُوذَا إِلَى بَرِّيَّةِ يَهُوذَا ٱلَّتِي فِي جَنُوبِ عَرَادَ، وَذَهَبُوا وَسَكَنُوا مَعَ ٱلشَّعْبِ».
تكوين ١٥: ١٩ وص ٤: ١١ و١٧ و١صموئيل ١٥: ٦ و١أيام ٢: ٥٥ وإرميا ٣٥: ٢ تثنية ٣٤: ٣ و٢أيام ٢٨: ١٥ عدد ٢١: ١ عدد ١٠: ٣٢
ٱلْقِينِيِّ قابل بهذا (تكوين ١٥: ١٩ وعدد ٢١: ١ وانظر ص ٤: ١١ و١صموئيل ١٥: ٦ و٢٧: ١٠ و٣٠: ٢٩ و١أيام ٢: ٥٥).
كان القينيون فرقة كبيرة أو شعباً عظيماً من قبيلة المديانين وكانوا يسكنون على شواطئ خليج العقبة الصخرية (عدد ٢٤: ٢١ و١صموئيل ١٥: ٦). والظاهر أنهم نُسبوا إلى زعيم اسمه قين أو قاين (تكوين ١٥: ١٩ وعدد ٢٤: ٢٢) وكانوا في أول أمرهم من سكان الكهوف.
وبقي أنه من الصعوبة التفريق بين يثرون ورعوئيل وحوباب (ص ٤: ١١). قال الدكتور فارار في تفسير سفر القضاة أن يثرون ورعوئيل واحد والاسم الثاني اسمه المحليّ باعتبار أنه كاهن مديان. ومعنى رعوئيل خليل الله أو صديق الله وإنه هو أبو صفورة وحوباب. وإن يثرون أبى أن يبقى مع الإسرائيليين (خروج ١٨: ٢٧) ولكن حوباب بقي معهم وكان لهم دليلاً.
حَمِي مُوسَى بدل من القيني ويحتمل أنه أبو زوجة موسى وإنه أخوها الثاني هو المراد هنا ولهذا جاء في الترجمة السبعينية «بنو حوباب القيني». فالحمو في العبرانية يطلق على أبي الزوجة وأبي الزوج وأخيهما وغيرهما من أقرباء الأبوين. وكذا هو في العربية ففي القاموس المحيط للفيروزبادي ما نصه «حمو المرأة وحموها وحماها وحمُها وحموّها أبو زوجها ومن كان من قِبله والأنثى حماة وحمو الرجل أبو امرأته أو أخوها أو عمها».
صَعِدُوا من أول الشروع في الحرب على ما يرجّح.
مَدِينَةِ ٱلنَّخْلِ أي أريحا (انظر ص ٣: ١٣ وتثنية ٣٤: ٣ و٢أيام ٢٨: ١٥). ولماذا لم يقل صعدوا من أريحا بدلاً من قوله «من مدينة النخل» فالمظنون أن علة ذلك أن أريحا كانت قد أُخربت ولُعنت فاعتزل اليهود ذكرها لما فيه من المؤلمات على ما عُرف من نبأها (انظر يشوع ص ٦ و٧) ولم يبق من إثرٍ لآجام النخل فيها (انظر ص ٣: ١٣ والتفسير).
بَرِّيَّةِ يَهُوذَا وهي البرية التي بشر فيها يوحنا المعمدان بمجيء المسيح (متّى ٣: ١). وليس معنى المراد هنا من برية يهوذا أنها كلها قفر لأن فيها مرعى كثير على أن قسماً كبيراً من برية يهوذا كان شبيهاً بالقفر. وسكن القينيون هناك لأنهم كانوا يكرهون سكنى المدن كسائر أهل البدو (إرميا ٣٥: ٦ و٧).
عَرَادَ هي مدينة على غاية عشرين ميلاً من حبرون على الطريق إلى العربية الصخرية ولا يزال موقعها يُعرف بتل عراد.
ٱلشَّعْبِ أي الكنعانيين أهل تلك الأرض (عدد ٢١: ١) ولعلهم سكنوا الكهوف التي في جوار عراد.
حملات أخرى ليهوذا وشمعون ع ١٧ إلى ٢١
١٧ «وَذَهَبَ يَهُوذَا مَعَ شَمْعُونَ أَخِيهِ وَضَرَبُوا ٱلْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانَ صَفَاةَ وَحَرَّمُوهَا، وَدَعَوُا ٱسْمَ ٱلْمَدِينَةِ «حُرْمَةَ».
ع ٣ عدد ٢١: ٣ ويشوع ١٩: ٤
صَفَاةَ لم يُذكر هذا الاسم سوى مرتين هنا وفي (٢أيام ١٤: ١٠) لكن سُميت في سفر الأيام «صفاتة» وكان في واديها الحرب بين زارح الكوشي والملك آسا. والأرجح أنها هي المعروفة اليوم بسبيطة تصحيف صفاتة وهي على غاية عشرين ميلاً من عين قادس. ودعوا اسمها «حرمة» أي خراباً أو دماراً لما قاسوا فيها من البلاء في حرب العمالقة (عدد ١٤: ٤٥).
١٨ «وَأَخَذَ يَهُوذَا غَزَّةَ وَتُخُومَهَا وَأَشْقَلُونَ وَتُخُومَهَا وَعَقْرُونَ وَتُخُومَهَا».
يشوع ١١: ٢٢ و١٣: ٣
وَأَخَذَ… غَزَّةَ… وَأَشْقَلُونَ… وَعَقْرُونَ وزادت الترجمة السبعينية «أشدود» وهذه المدن الثلاث من عواصم الفلسطينيين الخمس. وفي سفر يشوع أن الإسرائيليين لم يستولوا على هذا المدن الخمس ولهذا جاء في الترجمة السبعينية «لم يأخذ» بدل «أخذ» هنا. وترجم بعضهم ما في السبعينية بقوله «لم يرث» وهو الصواب (يشوع ١٣: ٣). ويوفق بين القولين أن يهوذا أخذ تلك المدن ولكن لم يستطع أن يبقى زماناً طويلاً فلم يرثها وبقي فيها الفلسطينيون إذ لم يستطع أن يطردهم لما يأتي في (ع ١٩) فترجمة السبعينية معنوية والعمدة الأصل العبراني. و«غزّة» هي مشهد علم شمشون العجيب (ص ١٦: ٣) إذ كانت لم تزل للفلسطينيين ولم يزل اسمها غزة إلى اليوم وهي على غاية ثلاثة أميال من شاطئ البحر وعشرة أميال من جنوبي أشقلون.
و«اشقلون» تٌعرف اليوم بعسقلان وهي مولد هيرودس الأكبر هُدمت السنة ١٢٧٠ م وفي أطلالها عُمد وحجارة مكتوبة نُقل كثير من حجارتها إلى يافا وغزة.
و«عقرون» أخذها يهوذا واستردها الفلسطينون سريعاً (انظر ١صموئيل ٥: ١٠ و٦: ١٧) ثم استولى عليها الإسرائيليون في ملك داود (١أيام ١٨: ١). وتسمى اليوم عاقر وهي في هذه الأيام قرية حقيرة على تل يبعد ١٢ ميلاً من يافا وإلى الجنوب الشرقي منها.
١٩ «وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ ٱلْجَبَلَ، وَلٰكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ ٱلْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ».
ع ٢ و٢ملوك ١٨: ٧ يشوع ١٧: ١٦ و١٨
وَكَانَ ٱلرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا ولكن يهوذا لم يكن مع الرب كما يجب لضعف إيمانه وإلا لأخذ الوادي كما أخذ الجبل ولم يخش مركبات الحديد وقال قول المرنم «هٰؤُلاَءِ بِٱلْمَرْكَبَاتِ وَهٰؤُلاَءِ بِٱلْخَيْلِ أَمَّا نَحْنُ فَٱسْمَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا نَذْكُرُ» (مزمور ٢٠: ٧).
فَمَلَكَ ٱلْجَبَلَ الفاء سببية أي لأن الرب كان مع يهوذا ملك الجبل. وأراد بالجبل سكان الأرضين الجبلية على المجاز المرسل ودلّ على ذلك قوله على الأثر «سكان الوادي».
وَلٰكِنْ لَمْ يُطْرَدْ أي لم يطرد يهوذا وعلى ذلك جاء في الترجمة السبعينية «لأنهم لم يقدروا أن يطردوا» وعلى عجزهم عن ذلك ضعف إيمانهم بأن الله الذي وعدهم بالأرض قادر على نصرهم على أرباب مركبات الحديد. أسند الفعل على المفعول فبُني له أو للمجهول ولعل العرض الإيجاز لتفصيل يطول دلت عليه القرينة والمعنى ولكن يهوذا كان ضعيف الإيمان بوعد الرب أو لا إيمان له بأنه «لا يخلف الميعاد» فجبن عن محاربة سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد فلم يقدر أن يطردهم.
ٱلْوَادِي أي السهل الواسع المنخفض الذي يمتد غرباً من جبال يهوذا إلى البحر.
مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ تقتل من يقابلها ولا يُستطاع كسرها بسهولة ولعل المراد أنها مغشاة بالحديد. انظر الكلام على المركبات في قاموس الكتاب.
٢٠ «وَأَعْطُوا لِكَالِبَ حَبْرُونَ كَمَا تَكَلَّمَ مُوسَى. فَطَرَدَ مِنْ هُنَاكَ بَنِي عَنَاقَ ٱلثَّلاَثَةَ».
عدد ١٤: ٢٤ وتثنية ١: ٣٦ ويشوع ١٤: ٩ و١٣ و١٥: ١٣ و١٤
وَأَعْطُوا لِكَالِبَ حَبْرُونَ (انظر يشوع ١٤: ٢ – ١٥ و١٥: ١٣ و١٤).
كَمَا تَكَلَّمَ مُوسَى (عدد ١٤: ٢٤ وتثنية ١: ٣٦ ويشوع ١٤: ٩).
بَنِي عَنَاقَ ٱلثَّلاَثَةَ وهم شيشاي وأخيمان وتلماي (انظر ع ١٠ والتفسير).
٢١ «وَبَنُو بِنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا ٱلْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ ٱلْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بِنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
يشوع ١٥: ٦٣ و١٨: ٢٨
وَبَنُو بِنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا ٱلْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ ٱلْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بِنْيَامِينَ قيل هذا على بني يهوذا أيضاً (انظر يشوع ٥: ٦٣) وكانت أورشليم على حدود يهوذا (يشوع ١٥: ٨). وعلّة ذلك أن أورشليم كانت مشتركة بين يهوذا وبنيامين وكان القسم الجنوبي ليهوذا والقسم الشمالي لبنيامين وبقي اليبوسيون في أورشليم إلى زمان داود فكانوا فيها زمان كتابة هذا السفر. وهذا دليل قاطع على أن هذا السفر كُتب قبل ملك داود وقبل الاستيلاء على ذلك الجزء من أورشليم.
الاستيلاء على بيت إيل ع ٢٢ إلى ٢٦
٢٢ «وَصَعِدَ بَيْتُ يُوسُفَ أَيْضاً إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَٱلرَّبُّ مَعَهُمْ».
ع ١٩
بَيْتُ يُوسُفَ أي أفرايم ومنسى.
بَيْتِ إِيلَ كان موقعها على منتصف الطريق بين حبرون وشكيم وهما اليوم الخليل ونابلس. وكانت بيت إيل مدينة ذات شأن وكان اسمها لوز وسماها يعقوب بيت إيل إذ رأى هنالك الله الذي هو الكلمة المتجسد (تكوين ٢٨: ١١ – ١٩ و٣١: ١٣). وسماها هوشع النبي بعد ذلك «بيت آون» أي بيت الأصنام لأن يربعام أقام فيها العجلين الذهبيين (هوشع ١٠: ٤ و٨ و١ملوك ١٢: ٢٨ – ٣٣). وبيت إيل اليوم قرية حقيرة اسمها بيتين محرّف اسمه الأصلي. وتقدم الكلام عليها مفصلاً في ما مرّ من تفسير الأسفار السابقة (انظر يشوع ١٦: ٢).
٢٣ «وَٱسْتَكْشَفَ بَيْتُ يُوسُفَ عَنْ بَيْتِ إِيلَ (وَكَانَ ٱسْمُ ٱلْمَدِينَةِ قَبْلاً لُوزَ)».
يشوع ٢: ١ و٨: ٢ وص ١٨: ٢ تكوين ٢٨: ١٩
وَٱسْتَكْشَفَ بَيْتُ يُوسُفَ عَنْ بَيْتِ إِيلَ أي أرسل مراقبين ليكشفوا طريقها ويعرفوا ما يستطيعون من أمورها فكشفوا عن الطريق والمدخل إليها (ع ٢٤) فكانوا مثل الجاسوسين اللذين أرسلهما يشوع لمعرفة أمور أريحا (يشوع ٢: ١).
٢٤ «فَرَأَى ٱلْمُرَاقِبُونَ رَجُلاً خَارِجاً مِنَ ٱلْمَدِينَةِ، فَقَالُوا لَهُ: أَرِنَا مَدْخَلَ ٱلْمَدِينَةِ فَنَعْمَلَ مَعَكَ مَعْرُوفاً».
يشوع ٢: ١٢ و١٤
فَرَأَى ٱلْمُرَاقِبُونَ وفي بعض التراجم الأجنبية «الجواسيس» والمراقبون هو معنى الأصل العبراني. والمراقبون هنا هم الذين يشاهدون الأمر وينتظرون ماذا يحدث من أحواله لانتهاز الفرصة المناسبة لإدراك المراد منه. وكان غاية هؤلاء المراقبين معرفة الطريق إلى المدينة والمدخل إليها.
رَجُلاً خَارِجاً مِنَ ٱلْمَدِينَةِ أي هو من سكان بيت إيل.
أَرِنَا مَدْخَلَ ٱلْمَدِينَةِ فَنَعْمَلَ مَعَكَ مَعْرُوفاً كان هذا المعروف إنقاذه هو وعشيرته وليس المراد بالمدخل باب المدينة لأن أبوابها لا تخفى بل مكان في أسوارها يمكنهم أن يدخلوا منه ليستولوا على المدينة والأبواب مغلقة.
٢٥ «فَأَرَاهُمْ مَدْخَلَ ٱلْمَدِينَةِ، فَضَرَبُوا ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ، وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ وَكُلُّ عَشِيرَتِهِ فَأَطْلَقُوهُمْ».
فَأَرَاهُمْ مَدْخَلَ ٱلْمَدِينَةِ لعله اعتنق عبادة الإله الحقيقي كراحاب (يشوع ٢: ٨ – ١٤). غير أنه لم ينضم إلى إسرائيل كراحاب بل انطلق إلى أرض الحثيين فالأرجح أنه سلّم المدينة ليخلص نفسه لأنه صدق أن بني يوسف قادرين عليها.
فَضَرَبُوا ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ أي فرجعوا وأنبأوا قومهم بما عرفوه فزحفوا على المدينة فضربوها. وحذف مثل هذه الجمل كثير في العبرانية والعربية ففي سورة النمل من القرآن «وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَّزُ» (النمل ٢٧: ١٠) أي فألقاها فاهتزت فلما رآها الخ. ومعنى قوله «ضربوا المدينة» الخ أي ضربوا رجالها وهذا مجاز مرسل وهو كثير في اللغات السامية.
وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ أي الذي أراهم مدخل المدينة.
وَكُلُّ عَشِيرَتِهِ كان جزاءه كجزاء راحاب على معروفها للجاسوسين (يشوع ٦: ١٧).
٢٦ «فَٱنْطَلَقَ ٱلرَّجُلُ إِلَى أَرْضِ ٱلْحِثِّيِّينَ وَبَنَى مَدِينَةً وَدَعَا ٱسْمَهَا «لُوزَ» وَهُوَ ٱسْمُهَا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
يشوع ١: ٤ و١ملوك ١٠: ٢٩ و٢ملوك ٧: ٦
أَرْضِ ٱلْحِثِّيِّينَ الظاهر أن سكان بيت إيل كانوا من قبيلة الحثيين وهي إحدى قبائل الكنعانيين. والظاهر من يشوع ١: ٤ أن اسمهم أُطلق على كل سكان كنعان والأرجح أنه عنى سكان الشواطئ منهم وكثيراً ما ظن أنهم من سكان كتيم في قبرس. وأول ما عُرفوا ببني حث في (تكوين ص ٢٣) لكن كان يظهر حينئذ أنهم قبيلة صغيرة فإن إبراهيم قصد الأموريين للمحالفة لكن لم يقصد الحثيين إلا للإستيلاء على قبر لامرأته. ولكن الاكتشافات الحديثة أبانت أن الحثيين كانوا أمة قوية وظلوا زماناً طويلاً يبارون المصريين والأشوريين ويفوزون. وكانت عاصمتهم كركميش. وكانوا على جانب عظيم من التقدم في المعارف والزراعة والصناعة كما ثبت مما اكتشف من عادياتهم. وفي السنة ١٨٨١ اكتشف كوندر موقع مدينتهم المقدسة على شاطئ بحيرة قدس قرب مخرج نهر العاصي منها وشاهدوا فيها رسوماً ونقوشاً عميقة في بعض الحجارة وصور صفوف المحاربين تجاه قادش. وكانت تلك المدينة المقدسة تُعرف بقدس عند العرب وأُضيفت البحيرة إليها فُعرفت ببحيرة قدس وتُعرف اليوم عند أهل حمص ببحيرة قطينة وبعضهم يقول بحيرة قدينة نسبة إلى قرية في جوار البحيرة ومخرج العاصي ولعلها محرّفة عن قدس وهي قرية حقيرة اليوم.
وَبَنَى مَدِينَةً وَدَعَا ٱسْمَهَا «لُوزَ» جاء في التلمود أن لوز هذه اشتهرت بصبغ الأرجوان ولذلك رأى طمسون أنها قلب لوزة على أمد غير بعيد من أنطاكية. وكان من عادات كثيرين من القدماء إذا هاجروا من مدينة بنوا في الأرض التي هاجروا إليها مدينة وسموها باسم المدينة التي تركوها.
كسل سائر الأسباط ع ٢٧ إلى ٣٦
٢٧ «وَلَمْ يَطْرُدْ مَنَسَّى أَهْلَ بَيْتِ شَانَ وَقُرَاهَا، وَلاَ أَهْلَ تَعْنَكَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ دُورَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ يِبْلَعَامَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ مَجِدُّو وَقُرَاهَا. فَعَزَمَ ٱلْكَنْعَانِيُّونَ عَلَى ٱلسَّكَنِ فِي تِلْكَ ٱلأَرْضِ».
يشوع ١٧: ١١ و١٢ و١٣
بَيْتِ شَانَ سُميت بعد ذلك سكيثوبوليس وتُسمى اليوم بيسان وهو محرّف بيت شان وكانت حقولها خصبة حتى دعاها الربانيون الفردوس وهي واقعة على عدوة كلسية عالية يحيط بها مأزق عميق لا يكاد يبلغ إليه فهي تشبه جبل طارق في بعض الوجوه كانت أولاً ليساكر ثم أُعطيت لمنسى لصغر أرضه (يشوع ١٧: ١١). وهي على غاية خمسة أميال من غربي نهر الأردن. ومن الحوادث ذات الشأن المتعلقة بها أن الفلسطينيين سمّروا جسد شاول الملك على سورها.
وَقُرَاهَا وفي العبرانية «وبناتها» وهي القرى الصغيرة التابعة لها كأنها بنات صغار حول أمها.
تَعْنَكَ كانت مدينة ليساكر ثم صارت للاويين واشتهرت بانتصار باراق على سيسرا ولا يزال اسمها تعنك. قال الدكتور بوسب «إنها إحدى مدن منسى وكانت في الأصل ليساكر ثم أعطيت لمنسى ثم للاويين (يشوع ١٧: ١١) وكانت جزاً من دوائر سليمان (١ملوك ٤: ١٢) المعدّة لموازرة مائدة الملك. وكانت تعنك قريبة من مجدّو التي كثيراً ما كانت تُذكر معها وهي على بُعد ٤ أميال من لجون أي مجدّو و١٣ ميلاً من الناصرة و٤٨ ميلاً من القدس».
دُورَ والمرجّح أنها كانت في سهم أشير ثم أخذها منسى وصارت أخيراً لأفرايم (يشوع ١١: ٢ و١٧: ١١ و١أيام ٧: ٢٩). وظلّت زماناً طويلاً ذات شأن (١مكا ١٥: ١١) وهي على شاطئ بحر الروم عند حضيض جبل الكرمل وعلى غاية تسعة أميال من شمالي قيصرية واسمها اليوم طنطورة. وكانت قديماً مُتَّجر الأرجوان.
يِبْلَعَامَ وسُميت أيضاً بلعام (١أيام ٦: ٧٠) وكانت مدينة للاويين ويرجّح أنها خربة بلعمة قرب مجدّو في مرج ابن عمير. وعندها عقبة تُعرف بعقبة حور ضُرب عندها أخزيا الملك (٢ملوك ٩: ٢٧).
مَجِدُّو وتُسمى مجدّون أيضاً وهي قرب تعنك واسمها اليوم لجون اسم لاتيني أصله ليجو لأنها صارت في بعض ما مرّ من الأزمنة مركزاً للجيش الروماني. حصّنها سليمان في أيام ملكه (١ملوك ٩: ١٥). ومنها أُخذ اسم «هرمجدون» مشهد الحرب والويل العظيم (رؤيا ١٦: ١٦).
فَعَزَمَ ٱلْكَنْعَانِيُّونَ عَلَى ٱلسَّكَنِ فِي تِلْكَ ٱلأَرْضِ أي فاستمروا على السكن فيها (يشوع ١٧: ١٢).
٢٨ «وَكَانَ لَمَّا تَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ أَنَّهُ وَضَعَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ وَلَمْ يَطْرُدْهُمْ طَرْداً».
وَضَعَ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ (انظر يشوع ١٧: ١٣) وكان هذا مما نُهي الإسرائيليون عنه فارتكبوه فصار علة كل مصائبهم (انظر خروج ٢٣: ٣١ وتثنية ٧: ١ – ٦).
وَلَمْ يَطْرُدْهُمْ طَرْداً كما هو الواجب وهذا تعبير وتبكيت وإشارة إلى ما يعقبه من الويلات.
٢٩ «وَأَفْرَايِمُ لَمْ يَطْرُدِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ، فَسَكَنَ ٱلْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِهِ فِي جَازَرَ».
يشوع ١٦: ١٠ و١ملوك ٩: ١٦
جَازَرَ (انظر يشوع ١٠: ٣٣). صارت هذه المدينة للاويين (يشوع ٢١: ٢١ و١أيام ٦: ٦٧) لكن بقي الكنعانيون فيها ساكنين مع اللاويين (يشوع ١٦: ١٠). ومن لاذّات نتائج التنقيب أنهم اكتشفوا عندما يُعرف اليوم بتلّ الجزر (ولعل الأصل تل جازر فحُرّف) وهو على غاية أربعة أميال من نيكوبوليس بقايا سور أو حدّ حجري لتلك المدينة وعلى بعض الحجارة رسوم عبرانية ويونانية تبين أن ذلك السور أو الحدد بني على أثر سبي بابل. ومن تلك الرسوم اسم المدينة. وهذه المدينة بقيت للكنعانيين إلى أن استولى عليها فرعون ثم وهبها لابنته زوجة سيلمان ( ١ملوك ٩: ١٦) وكانت من المدن الحصينة في عصر المكابيين.
٣٠ «زَبُولُونُ لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ قِطْرُونَ وَلاَ سُكَّانَ نَهْلُولَ، فَسَكَنَ ٱلْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِهِ وَكَانُوا تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ».
يشوع ١٩: ١٥
قِطْرُونَ… نَهْلُولَ لم يُعرف موقع هاتين المدينتين إلى الآن إلا أن نهلول وتُسمى أيضاً نهلال ظُنّ أنها محلول أو عين ماحل على غاية ٤ أميال من الناصرة وفي الشمال الشرقي منها. ومما يستحق الاعتبار أن يساكر لم يذكر في هذا الأصحاح مع سائر الأسباط انظر قول إشعياء بجليل الأمم (إشعياء ٩: ١ ومتّى ٤: ١٥) الذي يشير إلى وجود أمم كثيرة ساكنين في الجليل مع الإسرائيليين أي أسباط زبولون ويساكر ونفتالي.
٣١ «وَلَمْ يَطْرُدْ أَشِيرُ سُكَّانَ عَكُّو وَلاَ سُكَّانَ صَيْدُونَ وَأَحْلَبَ وَأَكْزِيبَ وَحَلْبَةَ وَأَفِيقَ وَرَحُوبَ».
يشوع ١٩: ٢٤ إلى ٣٠
عَكُّو هي عكا وقد اشتهرت في الأزمنة الأخيرة أكثر مما اشتهرت قديماً هي شمالي جبل الكرمل وعلى غاية عشرة أميال منه. وسُميت في عصر الرومانيين بتولمايس لأنه جدد بناءها أحد البطالسة أيام سلطتهم على فلسطين (١مكا ٥: ١٥ و٢٢ و١٠: ١ الخ انظر أيضاً أعمال ٢١: ٧). واستولى عليها بلدوين في الحرب الصليبية الأولى السنة ١١٠٤ للميلاد واستردها صلاح الدين السنة ١١٨٧ ثم أخذها ريكرد الأول وبقيت نحو ٤٠ سنة كرسي مملكة أورشليم. وأخذها المسلمون السنة ١٢٩١.
صَيْدُونَ هي صيدا ودُعيت في سفر يشوع «صيدون العظيمة» (يشوع ١١: ٨). وكانت من أشهر المدن التجارية ولم يبق من تجارتها في هذه الأيام إلا ما هو في منزلة العدم. وكانت في أيام هيرودس مشهد الصناعات ومركز التمدن الفينيقي. وفيها كثير من بقايا العصور الخالية من منحوتات الصخور العظيمة لقدماء الفينيقيين إلى بقايا هياكل الرومانيين.
أَحْلَبَ لعلها جسكالا وتُعرف اليوم بالجيش وهو محرّف جسكالا وهي قرب صفد في الشمال الغربي من بحر الجليل.
أَكْزِيبَ وسماها اليونانيون أكديبا أو أكدبّا واسمها اليوم الزيب وهي قرب شاطئ البحر شمالي عكاء وعلى غاية عشرة أميال منها.
حَلْبَةَ مجهولة الموقع.
أَفِيقَ المرجّح أنها هي أفيق المذكورة في (يشوع ١٣: ٤ و١٩: ٣٠) كان فيها معبد لأفوديت ومناحة تموز أدونيس السوريين (حزقيال ٨: ١٤) وتُعرف اليوم بأفقة أو أفقا وهي على سفح جبل لبنان الشمالي الغربي على التخم الشمالي من كنعان غير بعيدة عن بيروت كثيرة المياه وكان فيها هيكل الزهرة ولم يزل قسم منه إلى الآن. وهدم هذا الهيكل الملك قسطنطين على ما قال أوسابيوس.
رَحُوبَ مدينة للاويين (يشوع ٢١: ٢٧ – ٣١ و١أيام ٦: ٧٥) والمرجّح أنها كانت قرب صيدا.
٣٢ «فَسَكَنَ ٱلأَشِيرِيُّونَ فِي وَسَطِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَطْرُدُوهُم».
مزمور ١٠٦: ٣٤ و٣٥
فَسَكَنَ ٱلأَشِيرِيُّونَ فِي وَسَطِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ يظهر من هذا أنه كانت للكنعانيين اليد العليا في سهم أشير وإن أشير بلغ أدنى الانحطاط والذل وإن أسباط إسرائيل اكتفى كل منهم بنفسه ولم يلتفت إلى مساعدة غيره إلا نادراً وعلى الجملة كلهم كسلوا وقلّ إيمانهم وأهملوا ما يجب عليهم ولهذا «لَمْ يَسْتَأْصِلُوا ٱلأُمَمَ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلرَّبُّ عَنْهُمْ، بَلِ ٱخْتَلَطُوا بِٱلأُمَمِ وَتَعَلَّمُوا أَعْمَالَهُمْ وَعَبَدُوا أَصْنَامَهُمْ، فَصَارَتْ لَهُمْ شَرَكاً… وَضَغَطَهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ فَذَلُّوا تَحْتَ يَدِهِمْ الخ)» (مزمور ١٠٦: ٣٤ – ٣٦ و٤٢).
٣٣ «وَنَفْتَالِي لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ بَيْتِ شَمْسٍ وَلاَ سُكَّانَ بَيْتِ عَنَاةَ، بَلْ سَكَنَ فِي وَسَطِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ. فَكَانَ سُكَّانُ بَيْتِ شَمْسٍ وَبَيْتِ عَنَاةَ تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ لَهُمْ».
يشوع ١٩: ٣٨ ع ٣٢ ع ٣٠
بَيْتِ شَمْسٍ سُميت هذه المدينة «بيت شمس» لأنه كان فيها هيكل الشمس ومعبدها وكانت الشمس تُسمى البعل أو كان البعل الإله الذي هو الشمس (يشوع ١٩: ٣٨) وتُعرف اليوم بعين الشمسية على قول كوندر. وسمي في الكتاب المقدس أربع مدن بهذا الاسم فيجب التمييز بينها.
بَيْتِ عَنَاةَ المرجّح أنها المعروفة اليوم بعين آته. وقال الدكتور فارار لم يُعرف شيء من أمر هذه المدينة ولعل معناها بيت الصّدى فرأى بعضهم أنها بانياس فإن فيها مكان مشهور بالصّدى.
٣٤ «وَحَصَرَ ٱلأَمُورِيُّونَ بَنِي دَانَ فِي ٱلْجَبَلِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوهُمْ يَنْزِلُونَ إِلَى ٱلْوَادِي».
حَصَرَ ٱلأَمُورِيُّونَ بَنِي دَانَ الخ هم سكان الأرضين الجبلية من فلسطين (يشوع ١٠: ٦ وعدد ١٣: ٢٩ وتثنية ١: ٤٤). كان سبط دان في قسم صغير من الأرض في الشمال الغربي من يهوذا فكان يضيق بهم (انظر يشوع ١٩: ٤٧ وقضاة ١٨: ١). ومع أن الأموريين كانوا سكان الجبل استولوا على السهل فمنعوا الدانيين من النزول إليه. فكان الدانيون في شرّ الأحوال.
٣٥ «فَعَزَمَ ٱلأَمُورِيُّونَ عَلَى ٱلسَّكَنِ فِي جَبَلِ حَارَسَ فِي أَيَّلُونَ وَفِي شَعَلُبِّيمَ. وَقَوِيَتْ يَدُ بَيْتِ يُوسُفَ فَكَانُوا تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ».
يشوع ١٩: ٤٢
جَبَلِ حَارَسَ في تفسير سفر القضاة للدكتورين كيل ودلتز «إن معنى جبل حارس جبل الشمس وهو اسم آخر لعير شمس أي مدينة الشمس». ويُظن أنها ما يُعرف اليوم بعين شمس. أو لعل جبل حارس جبل كان قرب تلك المدينة وكان عليه هيكل للشمس فكان بمنزلة مقدس لها.
وسُميت الشمس بالحارس في قول أيوب «ٱلآمِرُ ٱلشَّمْسَ فَلاَ تُشْرِقُ» فإنه في الأصل العبراني «الآمر الحارس فلا تشرق» (أيوب ٩: ٧).
أَيَّلُونَ كانت مدينة على تخم الفلسطينيين (١صموئيل ١٤: ٣١) خاضعة لسليمان (١ملوك ٤: ٩) مدينة الحصار لرحبعام (٢أيام ١١: ١٠) اقتحمها الفلسطينيون (٢أيام ٢٨: ١٨) غربي أورشليم وعلى غاية أربعة عشر ميلاً منها وهي اليوم قرية صغيرة اسمها يالو.
شَعَلُبِّيمَ هي اليوم قرية في الجنوب الشرقي من لدّ اسمها سلبيت على المرجّح.
وَقَوِيَتْ يَدُ بَيْتِ يُوسُفَ فَكَانُوا تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ وفي العبرانية «ثقلت» بدل «قويت» ولهذا جاء في الترجمة السبعينية وثقلت يد بيت يوسف على الأموريين ومعنى العبارة أن بيت يوسف أي سبطا أفرايم ومنسى قوي على الأموريين وضرب عليهم الجزية. قال بعضهم يحتمل أن سبطي أفرايم ومنسى لما رأيا مضايقة الأموريين لسبط دان ساعداه عليهم وأذلاهم وفرضوا عليهم الجزية وفي عبارة الأصل إيجاز حسن.
٣٦ «وَكَانَ تُخُمُ ٱلأَمُورِيِّينَ مِنْ عَقَبَةِ عَقْرِبِّيمَ مِنْ سَالِعَ فَصَاعِداً».
عدد ٣٤: ٤ ويشوع ١٥: ٣ و٢ملوك ١٤: ٧ وإشعياء ١٦: ١
تُخُمُ ٱلأَمُورِيِّينَ قبل حرب الإسرائيليين. والظاهر أنهم كانوا مملكة مستقلة عن مملكة سيحون والفاصل بين المملكتين مملكتا موآب وعمون.
عَقَبَةِ عَقْرِبِّيمَ جانب من الجبل يفصل غور بحر لوط عن العربة الجنوبية.
سَالِعَ ظن البعض أنها سالع وسماها اليونانيون والرومانيون «بترا» وكلاهما بمعنى صخر وكانت هذه المدينة قصبة أدوم ومن أشهر المدن قديماً. وهي قرب جبل هور على منتصف الطريق بين أريحا وجبل سيناء. وأما الكلمة الأصلية فمعناها صخر وهكذا في الترجمة اليسوعية (من عقبة العقارب من الصخرة إلى ما فوق) فليست الإشارة إلى المدينة المشهورة بل إلى صخرة عُرف بها التخم في تاريخ كتابة هذا السفر ولكنها مجهولة اليوم. ويقال أيضاً أن المدينة سالع كانت في أقصى الشرق والجنوب ولا دلالة على أن مملكة الأموريين انتهت إليها.
فوائد
- إنه يجب علينا أن نسأل الله الإرشاد في كل أمر قبل شروعنا فيه (ع ١).
- إن وعد الله حق وإنه لا يخلف الميعاد فما يَعِد به لا بدّ من أن يكون كأنه قد كان (ع ٢ انظر التفسير).
- إنه يجب أن لا نأبى مساعدة من هو أضعف منا فإن الاتحاد قوة وقد شاع في الأقوال ضعيفان يغلبان قوياً (ع ٣).
- إن النصر لله في الحرب لا لشعبه المحارب (ع ٤) وقس على ذلك كل أنواع الفوز والنجاح.
- إن الجزاء من جنس العمل (ع ٧).
- إن الإثم لا يذهب بلا عقاب (ع ٥ – ٧).
- العظمة العالمية تزول فالملك اليوم قد يكون أسيراً غداً (ع ٧).
- يسرّ الله بمن يسأله أموراً كثيرة وعظيمة لأن ذلك علامة الإيمان. كما طلبت عكسة الينابيع العليا والينابيع السفلى زيادة على ما كانت أخذت. فنسأل الله أن يعطينا من السماء روحه القدوس الذي دونه لا تنفعنا خيراتنا الجسدية (ع ١٤ و١٥).
- إن الله لا يترك شعبه كل الترك على إثمه بل يؤدبه ليرجع إليه فإنه لم يرفض إسرائيل ويخذله كل الخذلان بل بقي معه مع تأديبه إياه (ع ١٩ و٢٢).
- إن الذي يُحسن إلى شعب الله يُحسن الله إليه (ع ٢٤ و٢٥).
- ليست بركات الله محدودة بقدرته ولا بمحبته بل بإيماننا الضعيف فلو آمن الإسرائيليون حق الإيمان بمواعيد الله لاستولوا على كل أرض كنعان لكن ضعف إيمانهم أدّى بهم إلى الجبن فبقي الأمم بينهم فكانوا لهم فخاً وويلاً عظيماً (ع ٢٧).
-
أهمل الإسرائيليون وصية الله بقرض الكنعانيين وحسب رأي أنفسهم سخروهم. فيجب أن لا نعترض على وصايا الله ولا نزيد عليها ولا ننقص منها (ع ٢٧ – ٣٤).
السابق |
التالي |