سفر يشوع

سفر يشوع | 16 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر يشوع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ

ميراث يوسف أي سبطي أفرايم ومنسى ص ١٦ إلى ص ١٨

١ «وَخَرَجَتِ ٱلْقُرْعَةُ لِبَنِي يُوسُفَ مِنْ أُرْدُنِّ أَرِيحَا إِلَى مَاءِ أَرِيحَا نَحْوَ ٱلشُّرُوقِ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ ٱلصَّاعِدَةِ مِنْ أَرِيحَا فِي جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ».

وَخَرَجَتِ ٱلْقُرْعَةُ (انظر تفسير ص ١٤: ٢).

لِبَنِي يُوسُفَ أي ذرية يوسف من ابنيه أفرايم ومنسى.

وكان يذكر في ترتيب الأسباط يهوذا أولاً وبنو يوسف ثانياً «لأَنَّ يَهُوذَا ٱعْتَزَّ عَلَى إِخْوَتِهِ وَمِنْهُ ٱلرَّئِيسُ، وَأَمَّا ٱلْبَكُورِيَّةُ فَلِيُوسُفَ» (١أيام ٥: ٢). وكان تقسيم الأرض على بني إسرائيل كما يأتي الأول إن معاقل جنوبي فلسطين لسبط يهوذا. والثاني إن أواسط الأرض لأفرايم ومنسى. والثالث أن ما بقي كان لسائر الأسباط التسعة ونصف السبط.

وبين نصيب أفرايم ومنسى ونصيب يهوذا فرقان الأول أنه ذُكرت حدود البلاد أو أرض ميراثهما ولم يُذكر جدول المدن كما ذُكر جدول مدن يهوذا في (ص ١٥). والثاني أنه وقع اختلاط في نصيب بني يوسف فكان بعض ميراث أفرايم في ميراث منسى وبعض ميراث منسى في ميراث أفرايم وفي ميراثي يساكر وأشير (ع ٦ وص ١٧: ١١).

وخرجت القرعة لأفرايم ومنسى معاً ليكون الواحد بجانب الآخر لأنهما أخوان ولكن بعد ذلك كل منهما أخذ نصيباً خاصاً. وبما أن منسى بكر يوسف أخذ نصيبين أحدهما شرقي الأردن وثانيهما غربيه (تثنية ٢١: ١٧). غير أن سبط أفرايم نما وتقوّى أكثر من سبط منسى وكان نصيبه أفضل مكان في أرض كنعان فيه سهول وأودية مخصبة وجبال توافق لبناء مدن محصّنة. ومن أشهر مدنه السامرة ويزرعيل وشكيم وترصة. ولكن بمقابلة هذه الامتيازات كان صعوبات لأن كثيرين من الكنعانيين بقوا في الأرض.

ويجب أن نذكر هنا أن منسى في هذه القرعة ليس كل سبط منسى بل نصفه لأن نصفه الآخر ورث أرضاً في شرقي الأردن. وكان نصيب سبط أفرايم ونصف سبط منسى من الأردن شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً.

أُرْدُنِّ أَرِيحَا أي جزء الأردن المجاور لأريحا.

مَاءِ أَرِيحَا عين في جوار أريحا أبرأ ماءها أليشع (٢ملوك ٢: ١٩ – ٢٢).

جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ أي جبل قرب بيت إيل لا جبل اسمه بيت إيل.

٢ «وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ إِيلَ إِلَى لُوزَ وَعَبَرَتْ إِلَى تُخُمِ ٱلأَرَكِيِّينَ إِلَى عَطَارُوتَ».

تكوين ٣٥: ٦ وص ١٨: ١٣ وقضاة ١: ٢٦

مِنْ بَيْتِ إِيلَ إِلَى لُوزَ أو من جبل بيت إيل إلى لوز.

يصعب التمييز بين الاسمين لوز وبيت إيل فإنه يظهر من (تكوين ٢٨: ١٩ ويشوع ١٦: ٢ و١٨: ١٣) إن بيت إيل اسم مكان ولوز اسم مكان آخر. ولكن الظاهر من (تكوين ٣٥: ٦ وقضاة ١: ٢٣) إن الاسمين هما لمكان واحد فقط. والأرجح أنه قبل فتح أرض كنعان كانت لوز اسم مدينة بيت إيل اسم مكان مذبح يعقوب وهو قريب من المدينة. وبعد فتح الأرض سقطت مدينة لوز وبُنيت في موقعها مدينة بيت إيل. وبيت إيل شرقي منتصف خط بين نابلس والقدس تُعرف اليوم ببيتين.

تُخُمِ ٱلأَرَكِيِّينَ تخم أفرايم الجنوبي نُسب إلى الأركيين لأنهم كانو يسكنون هناك وهم قوم حوشاي الأركي صديق داود (٢صموئيل ١٦: ١٦).

عَطَارُوتَ ولعلها عطارة في الشمال الغربي من بيت إيل وعلى بُعد ٦ أميال منها.

٣ «وَنَزَلَتْ غَرْباً إِلَى تُخُمِ ٱلْيَفْلَطِيِّينَ إِلَى تُخُمِ بَيْتِ حُورُونَ ٱلسُّفْلَى وَإِلَى جَازَرَ، وَكَانَتْ مَخَارِجُهَا عِنْدَ ٱلْبَحْرِ».

ص ١٨: ١٣ و٢أيام ٨: ٥ و١ملوك ٩: ١٥ و١أيام ٧: ٢٨

تُخُمِ ٱلْيَفْلَطِيِّينَ لا يُعرفون.

بَيْتِ حُورُونَ ٱلسُّفْلَى (انظر تفسير ص ١٠: ١٠ و١١).

جَازَرَ (انظر تفسير ص ١٠: ٣٣ و١٢: ١٢).

عِنْدَ ٱلْبَحْرِ قُرئ في بعض النسخ عند بحر الملح أي بحر لوط.

٤ «فَمَلَكَ ٱبْنَا يُوسُفَ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمُ».

ص ١٧: ١٤

مَنَسَّى وَأَفْرَايِمُ أي نصف سبط منسى وكل سبط أفرايم (انظر تفسير ع ١). وكان ملكهم نحو ٧٠ ميلاً طولاً و٥٥ ميلاً عرضاً.

٥ «وَكَانَ تُخُمُ بَنِي أَفْرَايِمَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ. وَكَانَ تُخُمُ نَصِيبِهِمْ شَرْقاً: عَطَارُوتَ أَدَّارَ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ ٱلْعُلْيَا».

ص ١٨: ١٣ و٢أيام ٨: ٥

وَكَانَ خبر «كان» محذوف تقديره ما أتى بعد قوله «وكان تخم نصيبهم الخ».

عَطَارُوتَ أَدَّارَ (انظر تفسير ع ٢).

بَيْتِ حُورُونَ ٱلْعُلْيَا (انظر تفسير ص ١٠: ١٠).

٦ «وَخَرَجَ ٱلتُّخُمُ نَحْوَ ٱلْبَحْرِ إِلَى ٱلْمَكْمَتَةِ شِمَالاً، وَدَارَ ٱلتُّخُمُ شَرْقاً إِلَى تَآنَةِ شِيلُوهَ وَعَبَرَهَا شَرْقِيَّ يَنُوحَةَ».

ص ١٧: ٧

ٱلْمَكْمَتَةِ ظنها بعضهم مخنة شرقي نابلس.

تَآنَةِ شِيلُوهَ أي تآنة التي هي شيلوه أو مدخل شيلوه على قول بعضهم. ورأى بعضهم أنها خربة تعلة شرقي نابلس وعلى غاية نحو ١١ ميلاً منها.

يَنُوحَةَ المرجّح أنها بنون في الجنوب الشرقي من نابلس وعلى غاية ٨ أميال منها.

٧ «وَنَزَلَ مِنْ يَنُوحَةَ إِلَى عَطَارُوتَ وَنَعَرَاتَ وَوَصَلَ إِلَى أَرِيحَا وَخَرَجَ إِلَى ٱلأُرْدُنِّ».

١أيام ٧: ٢٨

نَعَرَاتَ قرية تبعد خمسة أميال عن أريحا على قول أوسيبيوس ورأى كوندر أنها عند العوجا قرب أريحا.

٨ «وَجَازَ ٱلتُّخُمُ مِنْ تَفُّوحَ غَرْباً إِلَى وَادِي قَانَةَ، وَكَانَتْ مَخَارِجُهُ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ».

ص ١٧: ٩

تَفُّوحَ قرية في منسى غربي شكيم (انظر ص ١٧: ٨) حيث قيل أن تفوح لبني أفرايم مع أنها في أرض منسى.

وَادِي قَانَةَ ويُسمّى الآن أيضاً وادي قانا رأسه على بُعد ٦ أميال إلى الجنوب الشرقي من نابلس وهو ينحدر إلى البحر شمالي يافا.

٩ «هٰذَا هُوَ نَصِيبُ سِبْطِ بَنِي أَفْرَايِمَ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ مَعَ ٱلْمُدُنِ ٱلْمُفْرَزَةِ لِبَنِي أَفْرَايِمَ فِي وَسَطِ نَصِيبِ بَنِي مَنَسَّى. جَمِيعُ ٱلْمُدُنِ وَضِيَاعِهَا».

ص ١٧: ٩

انظر أخر تفسير (ع ١). والمظنون أن أرض أفرايم وُجدت ضيقة على أهلها فأُعطوا مدناً في منسى.

١٠ «فَلَمْ يَطْرُدُوا ٱلْكَنْعَانِيِّينَ ٱلسَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ ٱلْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ، وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ ٱلْجِزْيَةِ».

قضاة ١: ٢٩ و١ملوك ٩: ١٦

فَلَمْ يَطْرُدُوا الخ كان الواجب أن يطردوهم لكنهم طمعوا في الجزية والتسخير ولهوا بلذّاتهم وراحتهم ورضوا بالحياة الدنيا من الآخرة.

كان ذكر الأماكن بالتفصيل وكتابتها في كتاب الله أمراً مهماً للإسرائيليين لأنه حفظهم من الاختلاف فيما بينهم من جهة التخوم. وهذه الأصحاحات تشهد في كل القرون لجودة الرب وأمانته فإنه أعطى شعبه كل ما وعدهم به إذ أدخلهم أرض كنعان وأعطاهم مقاماً فيها ولولا كسلهم وعدم إيمانهم لكان أعطاهم الأرض تماماً.

فوائد

  1. إن الله يُتبع بالخطاء عاقبته وينصبه أمام عيني الخاطئ تأديباً له وعبرة لغيره. فإن الكنعانيين بقوا أمام عيون الإسرائيليين تأديباً لهم وشهادة على عجزهم عن إتمام إرادة الله وحجّة عليهم وموعظة لغيرهم ليخشوا مخالفة إرادته تعالى (ع ١٠).
  2. إن التواني والتوغل في الرفاهية علة العجز والخيبة.
  3. إن الخُلق القبيح مرض معدٍ يفسد الأخلاف الصالحة. فقد فسدت أخلاق الإسرائيليين من مخالطة الكنعانيين.
  4. إن بقاء الكنعانيين بين الإسرائيليين كالزوان بين الحنطة وبقية الشهوات في قلوب المسيحيين.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى