سفر يشوع

سفر يشوع | 14 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر يشوع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

قسمة غربي الأردن على التسعة الأسباط ونصف السبط ص ١٤ إلى ص ١٩

١ «فَهٰذِهِ هِيَ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، ٱلَّتِي مَلَّكَهُمْ إِيَّاهَا أَلِعَازَارُ ٱلْكَاهِنُ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ وَرُؤَسَاءُ آبَاءِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

عدد ٣٤: ١٧ و١٨

فَهٰذِهِ هِيَ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ أي هذه الأرض التي امتلكها الخ والإشارة إلى ما يأتي من البلاد.

ٱلَّتِي مَلَّكَهُمْ إِيَّاهَا أَلِعَازَارُ ٱلْكَاهِنُ وَيَشُوعُ قدّم العازار الكاهن على يشوع وربما كان القارئ ينتظر أن يُقال «ملكهم إياها يشوع والعازار الكاهن». وعلة ذلك قضاء الرب الذي أعلنه الرب لموسى. وهذا نصّ أمره تعالى لذلك النبي العظيم «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ… وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ ٱلْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. وَٱجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ ٱلْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ ٱلأُورِيمِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ» الخ (عدد ٢٧: ١٨ – ٢٣). فكان الكاهن الآمر من قبل الرب ويشوع القائم بما يأمر به.

والعازار الكاهن هو ثالث أبناء هارون (خروج ٦: ٢٣) وكان أبناء هارون أربعة ناداب وأبيهو والعازار وإيثامار.

رُؤَسَاءُ آبَاءِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وهم عشرة من كل سبط واحد كالب بن يفنّة ومشوئيل بن عميهود وأليداد بن كسلون وبقي بن يجلي وحنيئل بن إيفود وقموئيل بن شفطان وأليصافان بن فرناخ وفلطيئيل بن عزّان وأخيهود بن شلومي وفدهئيل بن عميهود ولم يذكر رئيساً لسبط رأوبين وآخر لسبط جاد لأن ذينك السبطين أخذا نصيبهما شرقي الأردن وخروج سبط لاوي من الميراث لم يجعل الأسباط الباقين أحد عشر سبط يوسف قُسم إلى سبطين منسى وأفرايم فبقي العدد اثني عشر.

٢ «نَصِيبُهُمْ بِٱلْقُرْعَةِ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى لِلتِّسْعَةِ ٱلأَسْبَاطِ وَنِصْفِ ٱلسِّبْطِ».

عدد ٢٦: ٥٥ و٣٣: ٥٤ و٣٤: ١٣

نَصِيبُهُمْ بِٱلْقُرْعَةِ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ قُمست الأرض على الأسباط بالقرعة وكانت تلك القرعة من عمل الله لا كالقرعة المعروفة فكانت أسماء الأسباط مكتوبة على رقوق أو على حصى وأسماء أقسام الأرض على أخرى فكانوا يضعون أسماء الأسباط متفرقة في إناء وأسماء أقسام الأرض في آخر ثم يأخذون اسم سبط وبعده اسم قسم من الأرض فما كان فهو نصيب ذلك السبط (عدد ٢٦: ٥٢ – ٥٦ ويشوع ١٨: ١٠ و١١).

لِلتِّسْعَةِ ٱلأَسْبَاطِ الخ متعلق «بأمر».

٣، ٤ «٣ لأَنَّ مُوسَى أَعْطَى نَصِيبَ ٱلسِّبْطَيْنِ وَنِصْفِ ٱلسِّبْطِ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ. وَأَمَّا ٱللاَّوِيُّونَ فَلَمْ يُعْطِهِمْ نَصِيباً فِي وَسَطِهِمْ. ٤ لأَنَّ بَنِي يُوسُفَ كَانُوا سِبْطَيْنِ، مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ. وَلَمْ يُعْطُوا ٱللاَّوِيِّينَ قِسْماً فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مُدُناً لِلسَّكَنِ، وَمَرَاعِيَهَا لِمَوَاشِيهِمْ وَمُقْتَنَاهُمْ».

ص ١٣: ٨ و٣٢ و٣٣ تكوين ٤٨: ٥ و١أيام ٥: ١ و٢

لأَنَّ مُوسَى أَعْطَى نَصِيبَ ٱلسِّبْطَيْنِ وَنِصْفِ ٱلسِّبْطِ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ أي أن الأرض غربي الأردن قُسمت على تسعة أسباط ونصف سبط من بني إسرائيل لا على الاثني عشر لأن السبطين ونصف السبط أخذوا نصيبهم شرقي الأردن (ص ١٣: ٨ و٣٢: ٣٣).

وَأَمَّا ٱللاَّوِيُّونَ فَلَمْ يُعْطِهِمْ نَصِيباً فِي وَسَطِهِمْ. لأَنَّ بَنِي يُوسُفَ كَانُوا سِبْطَيْنِ أي كون بني يوسف سبطين علّة حرمان واللاويين من ميراث الأرض ليبقى عدد الأسباط اثني عشر ولتتم نبوءة يعقوب أو وصيته في قوله «أَفْرَايِمُ وَمَنَسَّى كَرَأُوبَيْنَ وَشَمْعُونَ يَكُونَانِ لِي» (تكوين ٤٨: ٥) أي يحسبان ابنين ليعقوب كرأوبين وشمعون كلا رئيس سبطٍ (انظر تفسير تكوين ٤٨: ٥). ولكن اللاويين لم يحرموا كل الحرمان فكان لهم مدن للسكن ومسارح للمواشي وكان نصيبهم فوق ذلك الله وهو خير الأنصبة (تثنية ١٠: ٩).

٥ «كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى هٰكَذَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَقَسَمُوا ٱلأَرْضَ».

عدد ٣٥: ٢ وص ٢١: ٢

كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى الخ هذه الآية تأكيد للآية الثانية.

٦ «فَتَقَدَّمَ بَنُو يَهُوذَا إِلَى يَشُوعَ فِي ٱلْجِلْجَالِ. وَقَالَ لَهُ كَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ ٱلْقَنِزِّيُّ: أَنْتَ تَعْلَمُ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي كَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ مُوسَى رَجُلَ ٱللّٰهِ مِنْ جِهَتِي وَمِنْ جِهَتِكَ فِي قَادِشِ بَرْنِيعَ».

عدد ٣٢: ١٢ وص ١٥: ١٧ عدد ١٤: ٢٤ و٣٠ وتثنية ١: ٣٦ و٣٨ عدد ١٣: ٢٦

فَتَقَدَّمَ بَنُو يَهُوذَا (من هذه الآية إلى ص ١٥: ٦٣) بيان نصيب يهوذا.

كَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ كان كالب نائباً عن سبط يهوذا في قسمة الأرض (عدد ٣٤: ١٩).

ٱلْقَنِزِّيُّ إن القنزيين من الكنعانيين. فالمرجّح أن كالب من الذي هادوا والتصقوا بسبط يهوذا (انظر تفسير عدد ١٣: ٦).

أَنْتَ تَعْلَمُ ٱلْكَلاَمَ أول شيء طلبه نائب يهوذا أي كالب ما يتعلق بنفسه وهذا لم يكن عن إيثار نفسه على غيره بل عما كان يقتضيه الترتيب قبل القسمة وإنجاز ما وعد له الرب به بفم موسى.

مِنْ جِهَتِي وَمِنْ جِهَتِكَ فِي قَادِشِ بَرْنِيعَ إن كالب كان رفيق يشوع في التجسس (عدد ١٣: ١ – ٨) وفي دخول أرض الميعاد. و«قادش برنيع» تقدّم الكلام عليها منها ما في (عدد ١٣: ٢٦) فانظر التفسير هناك. ففي هذه المدينة كلم الرب موسى من جهة وجهة يشوع «وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ ٱتَّبَعَنِي تَمَاماً، أُدْخِلُهُ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا» (عدد ١٤: ٢٤). ونصّ قوله من جهة كالب ويشوع «لَنْ يَرَى إِنْسَانٌ مِنْ هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسِ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ ٱلشِّرِّيرِ ٱلأَرْضَ ٱلْجَيِّدَةَ ٱلَّتِي أَقْسَمْتُ أَنْ أُعْطِيَهَا لِآبَائِكُمْ، مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ. هُوَ يَرَاهَا، وَلَهُ أُعْطِي ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي وَطِئَهَا، وَلِبَنِيهِ، لأَنَّهُ قَدِ ٱتَّبَعَ ٱلرَّبَّ تَمَاماً… يَشُوعُ بْنُ نُونَ ٱلْوَاقِفُ أَمَامَكَ هُوَ يَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ. شَدِّدْهُ لأَنَّهُ هُوَ يَقْسِمُهَا لإِسْرَائِيلَ» (تثنية ١: ٣٥ – ٣٨) و«الأرض» في قوله من جهة كالب «وله أعطي الأرض التي وطئها» يراد بها أرض معيّنة وهي حبرون وهذا ما فهمه يشوع وغيره يومئذ (انظر عدد ١٣: ٢٢).

٧ «كُنْتُ ٱبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ أَرْسَلَنِي مُوسَى عَبْدُ ٱلرَّبِّ مِنْ قَادِشِ بَرْنِيعَ لأَتَجَسَّسَ ٱلأَرْضَ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ بِكَلاَمٍ عَمَّا فِي قَلْبِي».

عدد ١٣: ٦ و١٤: ٦

كُنْتُ ٱبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فيكون عمره عند هذا القول نحو ٨٥ سنة (انظر ع ١٠). وكان إرسال موسى الجواسيس من قادش برنيع في السنة الثانية من الخروج قبل قطع الأردن بنحو ٣٨ سنة ونصف سنة. و٤٠ و٣٨=٧٨ فتكون مدة حرب يشوع شرقي الأردن نحو سبع سنين أي الفاضل بين ٨٥ و٧٨. وبلغ كالب ذلك السن ولم يزل قوياً (ع ١١).

فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ بِكَلاَمٍ عَمَّا فِي قَلْبِي أي بخبر منقول عمّا كان في نفسي بلا زيادة ولا نقصان ولا تغيير أي أنبأته بالحق والإخلاص حسب اعتقادي جارياً على حكم ضميري. وكالب لم يذكر أن يشوع كان رفيقه وكلاهما اتّبعا تماماً الرب وليس كالب وحده ولعلّ علة ذلك أنه لم يرَ ما يستدعي ذكر أمر معلوم عند الجميع.

٨ «وَأَمَّا إِخْوَتِيَ ٱلَّذِينَ صَعِدُوا مَعِي فَأَذَابُوا قَلْبَ ٱلشَّعْبِ. وَأَمَّا أَنَا فَاتَّبَعْتُ تَمَاماً ٱلرَّبَّ إِلٰهِي».

عدد ١٣: ٣١ و٣٢ وتثنية ١: ٢٨ عدد ١٤: ٢٤ وتثنية ١: ٣٦

إِخْوَتِيَ أي رفقائي في التجسُّس.

فَأَذَابُوا قَلْبَ ٱلشَّعْبِ أي أخافوهم حتى لم يبقوا موضعاً للشجاعة فيهم.

أَمَّا أَنَا فَاتَّبَعْتُ تَمَاماً ٱلرَّبَّ إِلٰهِي أي جريت على سنن وصاياه ولم أحد عنه يميناً ولا شمالاً كأنه يجري أمامي وأنا أجري على أثره بلا أدنى ميلٍ إلى أحد الجانبين. وفي سفر العدد «أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى» (عدد ١٤: ٢٤) أي صفات وأميال غير صفات سائر الجواسيس وأميالهم كالإيمان والقداسة والاستقامة مع أنه دخيل في الديانة اليهودية.

٩ «فَحَلَفَ مُوسَى فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلاً: إِنَّ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي وَطِئَتْهَا رِجْلُكَ لَكَ تَكُونُ نَصِيباً وَلأَوْلاَدِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، لأَنَّكَ ٱتَّبَعْتَ ٱلرَّبَّ إِلٰهِي تَمَاماً».

عدد ١٤: ٢٣ و٢٤ وتثنية ١: ٣٦ وص ١: ٣ عدد ١٣: ٢٢

فَحَلَفَ مُوسَى فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أي أقسم الله بلسان موسى والمعنى أنه أكّد وعده وقرّره.

ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي وَطِئَتْهَا رِجْلُكَ لَكَ تَكُونُ نَصِيباً إن لم تكن هذه الأرض حبرون وجوارها أو الأرض التي ملكها كالب خصوصاً لم يبق لها معنىً إلا أنها أرض كنعان ومن البديهي أن أرض كنعان كانت لكل الإسرائيليين لا لكالب وحده. فإنه لما تجسّس أرض الجنوب مع الجواسيس وطئت قدماه حبرون.

إِلَى ٱلأَبَدِ أي زماناً طويلاً أو إلى نهاية العالمين إذا بقي الإسرائيليون حافظين شريعة الرب كما يجب بناء على أن كل وعد في الكتاب بشرط.

١٠ «وَٱلآنَ فَهَا قَدِ ٱسْتَحْيَانِيَ ٱلرَّبُّ كَمَا تَكَلَّمَ هٰذِهِ ٱلْخَمْسَ وَٱلأَرْبَعِينَ سَنَةً، مِنْ حِينَ كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ حِينَ سَارَ إِسْرَائِيلُ فِي ٱلْقَفْرِ. وَٱلآنَ فَهَا أَنَا ٱلْيَوْمَ ٱبْنُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً».

عدد ١٤: ٣٠

ٱسْتَحْيَانِيَ ٱلرَّبُّ اي أبقاني حيّاً وهذا لا يخلو من الإشارة إلى أنه كان بمقتضى الطبع وما قاسى من الأهوال والأتعاب في البرية أن يموت ولا يبقى إلى هذا اليوم. فهو يعترف بإحسان الله إليه بالاستبقاء كل تلك المدة ليوفي له بوعده وهو أن يملك الأرض التي وطئها.

كَمَا تَكَلَّمَ أي كما يستلزم وعده بأن يعطيني الأرض التي وطئتها.

هٰذِهِ ٱلْخَمْسَ وَٱلأَرْبَعِينَ سَنَةً هذا متعلق بقوله «استحياني» وهذه المدة من وقت إرسال الجواسيس إلى زمن هذا الكلام وكان عمره وقتئذ أربعين سنة كما ذُكر آنفاً. وتقضى عليه نحو ٣٨ سنة من هذه المدة في البرية وسبع سنين في أرض كنعان.

سَارَ إِسْرَائِيلُ فِي ٱلْقَفْرِ جزاء على معصيتهم وعدم إيمانهم.

ٱبْنُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً أي صاحب خمس وثمانين سنة استعاروا الابن للصاحب لأنه يصحب والده وشبّه الإنسان بصاحب لزمانه لأنه يحيا معه.

١١ «فَلَمْ أَزَلِ ٱلْيَوْمَ مُتَشَدِّداً كَمَا فِي يَوْمَ أَرْسَلَنِي مُوسَى. كَمَا كَانَتْ قُوَّتِي حِينَئِذٍ هٰكَذَا قُوَّتِي ٱلآنَ لِلْحَرْبِ وَلِلْخُرُوجِ وَلِلدُّخُولِ».

تثنية ٣٤: ٧ تثنية ٣١: ٢

فَلَمْ أَزَلِ ٱلْيَوْمَ مُتَشَدِّداً الخ إن التقوى تطيل الحياة وتحفظ الصحة وإن لم يعش بعض الأتقياء طويلاً فلعوارض أو خطإ أو عناية إلهية خاصة.

١٢ «فَٱلآنَ أَعْطِنِي هٰذَا ٱلْجَبَلَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ عَنْهُ ٱلرَّبُّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. لأَنَّكَ أَنْتَ سَمِعْتَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ ٱلْعَنَاقِيِّينَ هُنَاكَ، وَٱلْمُدُنُ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ. لَعَلَّ ٱلرَّبَّ مَعِي فَأَطْرُدَهُمْ كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ.

عدد ١٣: ٢٨ و٣٣ مزمور ١٨: ٣٢ و٣٤ و٦٠: ١٢ ورومية ٨: ٣ ص ١٥: ١٤ وقضاة ١: ٢٠

فَٱلآنَ أَعْطِنِي هٰذَا ٱلْجَبَلَ أي الأرض الجبلية ذات الكهوف والحصون التي لجأ إليها العناقيون ومنها مدينة حبرون. إن مدينة حبرون صارت بعد ذلك للاويين (ص ٢١: ١٣) فأعطاها كالب للكهنة خدم الرب عن رضىً واكتفى بما حولها.

إِنَّ ٱلْعَنَاقِيِّينَ هُنَاكَ، وَٱلْمُدُنُ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ الخ فاختار كالب ما يجب أن يبذل جهده في الحرب وملاقاة الأهوال للحصول عليه ولم يختر الغنيمة الباردة فتأمل واعرف صلاح ذلك الرجل وإيثار غيره على نفسه ووفرة إيمانه وشجاعته وقوة رجائه. وقد أعانه الله وأعطاه متمناه (انظر ص ١٥: ١٤ وقضاة ١: ٢٠). والعناقيون ذريّة عناق أبي أربع الذي سُميت حبرون قرية أربع بالإضافة إليه. وكان العناقيون جبابرة طوال القامات شديدي البأس (انظر تفسير تثنية ٩: ٢).

١٣ «فَبَارَكَهُ يَشُوعُ، وَأَعْطَى حَبْرُونَ لِكَالِبَ بْنِ يَفُنَّةَ مُلْكاً».

ص ٢٢: ٦ ص ١٠: ٣٧ و١٥: ١٣ و٢١: ١١ و١٢ وقضاة ١: ٢٠ و١أيام ٦: ٥٥ و٥٦

فَبَارَكَهُ يَشُوعُ أي مدحه على شجاعته ومروءته وسأل الله أن يباركه على حسن قصده وعمله علاوة على إعطائه إياه مبتغاه.

١٤ «لِذٰلِكَ صَارَتْ حَبْرُونُ لِكَالِبَ بْنِ يَفُنَّةَ ٱلْقَنِزِّيِّ مُلْكاً إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ، لأَنَّهُ ٱتَّبَعَ تَمَاماً ٱلرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ».

ص ٢١: ١٢ ع ٨ و٩

لأَنَّهُ ٱتَّبَعَ تَمَاماً ٱلرَّبَّ اتّباع الرب هو علّة ما كان لكالب فمن أراد نيل الخير فليتبع الله فإن لم يملّكه مدينة على الأرض يوله خير منزل في السماء.

١٥ «وَٱسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةُ أَرْبَعَ، ٱلرَّجُلِ ٱلأَعْظَمِ فِي ٱلْعَنَاقِيِّينَ. وَٱسْتَرَاحَتِ ٱلأَرْضُ مِنَ ٱلْحَرْبِ».

تكوين ٢٣: ٢ وص ١٥: ١٣ ص ١١: ٢٣

وَٱسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةُ أَرْبَعَ الخ (انظر تفسير ع ١٢) وسُميت حبرون باسم أحد أولاد كالب أو أحفاده على قول بعضهم واسمها اليوم الخليل (انظر تفسير تكوين ٢٣: ٢).

يظهر مما قيل في هذا الأصحاح أن حبرون أُعطيت لكالب قبلما أعطتها القرعة لسبط يهوذا ولما أخذ سبط يهوذا نصيبهم ثُبتت حبرون لكالب (ص ١٥: ١٣). وكالب طرد من هناك بني عناق شيشاي وأخيمان وتلماي.

وفي قضاة ١: ١٠ نسب طردهم إلى سبط يهوذا لأن كالب من ذلك السبط. ويظهر أيضاً إن طرد العناقيين لم يكن دفعة واحدة بل بالتدريج.

وَٱسْتَرَاحَتِ ٱلأَرْضُ مِنَ ٱلْحَرْبِ إذ لم يكن حينئذ من يجسر على محاربة إسرائيل من الأمم.

فوائد

  1. إن للأمانة جزاء حسناً (ع ٦ – ١٥).
  2. إن الشجاع يُعتبر ويُحترم ويُبارك (ع ١٣).
  3. إنه يحب الصدق دائماً (ع ٧).
  4. إن البار لا يُحرم من الثواب ولو طال الزمان (ع ٩ و١٣).
  5. إن للصالحين ثواباً على الأرض وثواباً في السماء (ع ١٢ وص ١٥: ١٣ و١٤).
  6. إن الشجاعة والإيمان والرجاء والاجتهاد أركان النجاح (ع ٦ – ١٤).
  7. إن العناية الإلهية هي التي تعيّن مساكن الناس وحدودها وكل أحوال حياتهم (ع ٢).
  8. إن مقاصد الإنسان الموافقة للعناية الإلهية لا بدّ من أن تُنال (ع ١٢ قابل بذلك ص ١٥: ١٤).
  9. إن الصالحين تطول أعمارهم وتُحفظ قواهم (ع ١٠ و١١).
  10. إن الله يورث المؤمنين به من الأمم كما يورث شعبه (ع ١٤).
  11. إنه يجب على خادم الرب أن يتخذ الله نصيبه (ع ٣).
  12. إن الله لا يترك خدمه معوزين لأنه هو حظهم وهو القاسم الحظوظ على العباد (ع ٤).
  13. إن الله تعالى لا بدّ من أن يتم نبوءة كل من أنبيائه (ع ٣ وتكوين ٤٨: ٥).
  14. إن شعب الله يكون مع الله إذا فعل كما أمره الله (ع ٥).
  15. إن المؤمن الحقيقي لا يأنف من سيادة من هو مثله عليه إذا كانت سيادته شريعة أو بمقتضى تعيين الله (ع ٦ – ١٥).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى