سفر يشوع | 08 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر يشوع
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
١ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِيَشُوعَ: لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ، وَقُمِ ٱصْعَدْ إِلَى عَايَ. ٱنْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ مَلِكَ عَايٍ وَشَعْبَهُ وَمَدِينَتَهُ وَأَرْضَهُ».
لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ «لأن الرب إلهك معك» (ص ١: ٩) و «لأَنَّهُ هٰكَذَا يَفْعَلُ ٱلرَّبُّ بِجَمِيعِ أَعْدَائِكُمُ ٱلَّذِينَ تُحَارِبُونَهُمْ» (ص ١٠: ٢٥). والنهي عن الخوف والرعب يدل على أن الله عاد إلى شعبه إسرائيل لممارسة الحرب. وكان يشوع في حاجة إلى تشجيع الرب إياه لأن خيانة عخان وعاقبتها أثرتا تأثيراً عظيماً في نفسه فخاف وارتعب وكاد يقعد عن الحرب جُبناً. ولكن الله كان قد عاقب على تلك الخيانة وعزل الإسرائيليون الخطيئة من بينهم فما بقي إلا أن يرجمهم ويفي بوعده لهم ولآبائهم من قبلهم. ولنا من ذلك إنا إذا اعتزلنا الخطايا الفاصلة بيننا وبين إلهنا (إشعياء ٥٩: ١) توقعنا بقية رجوعه إلينا وإضاءة وجهه علينا فيشجعنا وينفي الخوف من قلوبنا.
خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ لا «نَحْوُ أَلْفَيْ رَجُلٍ أَوْ ثَلاَثَةُ آلاَفِ» فقط (ص ٧: ٣) ظاهر العبارة يدل على أن الله أمره بأخذ كل رجال الحرب إلى عاي وهم على ما يرجّح أكثر من ست مئة ألف وهؤلاء يحاربون مملكة كبيرة فلا يتوقع أنه يزحف بكل هؤلاء على عاي والذي تقتضيه الحال إن أولئك الرجال جماعة مختارة من الأبطال وهم الثلاثون ألفاً المذكورون في الآية الثالثة. وإنما أُطلق الأمر اعتماداً على القرينة العقلية هنا واللفظ في ع ٣ فكأنه تعالى قال ليشوع خُذ معك جميع رجال الحرب الممتازين أو المختارين أو خذ معك الأبطال الذين هم بمقام كل رجال الحرب لشدة بأسهم واختبارهم. فأخذهم وأبقى سائر الشعب في الجلجال.
ٱصْعَدْ إِلَى عَايَ كانت عاي على مرتفع عن الجلجال ولهذا قال «اصعد» (انظر تفسير ص ٧: ٢). سُمّيت عاي بعد أن أخربها بنو إسرائيل لأن معنى عاي كومة خراب أو طَلَلٌ وهو ما شخص من آثار البناء.
قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أي لا بد من أن أدفع بيدك وعبّر عن المستقبل بالماضي للتحقيق والتوكيد ولهذا أمثال كثيرة في الكتاب المقدس واللغات السامية وقد مرّ كثيرة منها في الأسفار الخمسة وهذا السفر.
وَأَرْضَهُ أي ضواحي مدينة عاي التي هم من مملكته. ولعل هذه الضواحي كانت مناسبة لأن تكون مركزاً حربياً حينئذ ولو إلى حين.
٢ «فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. ٱجْعَلْ كَمِيناً لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا».
ص ٦: ٢١ تثنية ٢٠: ١٤
فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا إجمالاً لا تفصيلاً والمراد أنك تخرب عاي وتقتل أهلها وملكها كما أخربت بمعجزتي أريحا وقتلت أهلها. وإلا فطريق إخراب أريحا غير طريق إخراب عاي وطريق قتل ملك أريحا غير طريق قتل ملك عاي (قابل ما في ص ٦: ٢١ بما في هذا الأصحاح ع ٢٩) ولعن من يبني أريحا (ص ٦: ٢٦) ولم يلعن من يبني عاي.
غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ هذا أعظم الفرق بين أمَري أريحا وعاي ولذلك خصّصه بالذِكر. فإن غنيمة أريحا حُرّمت على الشعب وغنيمة عاي حُلّلت له.
فإن قيل لماذا حُرّمت غنيمة أريحا وحُلّلت غنيمة عاي قلنا على المرجّح لنا أن الأبكار من الناس والبهائم والغلال كانت للرب وأريحا كانت أول الفتوح في أرض الميعاد فكانت بمنزلة بكر للفتوحات. وكان تحريم غنيمة أريحا امتحاناً للشعب أيضاً بل لرجال الحرب فيه وطاعتهم وصبرهم على ذلك الحرمان فأطاعوا وصبروا فجوزوا هنا بالغنيمة. قال بعض العلماء في هذا «لا يخسر من أنكر نفسه». وقال آخر «طريق الحصول على تعزية الله لنا أن نصبر على ما يحرمه الله علينا». ولم تكن الغنيمة رجال المدينة (انظر ص ١١: ١٤) بل أملاكها وبهائمها وخصّ البهائم بالذكر لأن حاجة الشعب إليها كانت حينئذ أشد الحاجات.
ٱجْعَلْ كَمِيناً لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا أي في جانبها الغربي بدليل أن الإسرائيليين كانوا حينئذ في جانبها الشرقي. والمراد «بالكمين» هنا جماعة تتوارى عن الأعداء في مكان تحمل منه عليهم بغتة.
٣ «فَقَامَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ لِلصُّعُودِ إِلَى عَايٍ. وَٱنْتَخَبَ يَشُوعُ ثَلاَثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ جَبَابِرَةَ ٱلْبَأْسِ وَأَرْسَلَهُمْ لَيْلاً».
فَقَامَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ أي شرع يشوع ونخبة رجال الحرب في الاستعداد للقتال والمشورة والتدبير واختيار الأسلوب وأمثال ذلك.
لِلصُّعُودِ إِلَى عَايٍ للزحف على عاي صعوداً لأنها أعلى من منزلتهم.
وَٱنْتَخَبَ يَشُوعُ ثَلاَثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ جَبَابِرَةَ ٱلْبَأْسِ وهم كل من اختارهم لهذا القتال.
وَأَرْسَلَهُمْ لَيْلاً لئلا يراهم الأعداء. أي أرسل بعضهم ليتواروا في مكان فاستعمل الكل للبعض كما ترى في تفسير العبارة الآتية.
٤ «وَأَوْصَاهُمْ: ٱنْظُرُوا! أَنْتُمْ تَكْمُنُونَ لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْمَدِينَةِ. لاَ تَبْتَعِدُوا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ كَثِيراً، وَكُونُوا كُلُّكُمْ مُسْتَعِدِّينَ».
قضاة ٢٠: ٢٩
وَأَوْصَاهُمْ أي أوصى الخمسة الآلاف الذين أرسلهم ليلاً.
أَنْتُمْ تَكْمُنُونَ لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْمَدِينَةِ أي تتوارون للدخول إلى المدينة من غربيّها. والذين كمنوا خمسة آلاف لا كل المخاطبين فأطلق الكل على البعض من باب المجاز المرسل بقرينة التفصيل الآتي لأنهم جماعة واحدة مقصدها واحد وهو الاستيلاء على عاي. وأمثال هذا كثير في الكتاب المقدس وفي العربية والعبرانية فلم يبقَ من إشكال على ما رأى بعض المفسرين. وهذا يشبه نسبة الخيانة في أريحا إلى الإسرائيليين والخائن بعضهم (ص ٧: ١١). وعلى الجملة إن الكلام هنا إجمالي وما يليه تفصيل له.
٥ «وَأَمَّا أَنَا وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعِي فَنَقْتَرِبُ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَيَكُونُ حِينَمَا يَخْرُجُونَ لِلِقَائِنَا كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ أَنَّنَا نَهْرُبُ قُدَّامَهُمْ».
قضاة ٢٠: ٣٢
جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعِي أي بقية الجماعة المختارة وهي ٢٥٠٠٠.
كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ أي كما في الخروج الأول على الثلاثة الآلاف الذين هربوا أمام أهل عاي وقتل أهل عاي ستة وثلاثين رجلاً منهم (ص ٧: ٤ و٥).
٦ «فَيَخْرُجُونَ وَرَاءَنَا حَتَّى نَجْذِبَهُمْ عَنِ ٱلْمَدِينَةِ. لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ هَارِبُونَ أَمَامَنَا كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ. فَنَهْرُبُ قُدَّامَهُمْ».
نَجْذِبَهُمْ الخ أي نبعدهم عن المدينة بإطماعهم بالجري وراءنا فيكون ذلك كأنّا جذبناهم عنها.
٧ «وَأَنْتُمْ تَقُومُونَ مِنَ ٱلْمَكْمَنِ وَتَمْلِكُونَ ٱلْمَدِينَةَ، وَيَدْفَعُهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ بِيَدِكُمْ».
وَأَنْتُمْ تَقُومُونَ مِنَ ٱلْمَكْمَنِ عند مشاهدتكم العلامة (ع ١٨).
٨ «وَيَكُونُ عِنْدَ أَخْذِكُمُ ٱلْمَدِينَةَ أَنَّكُمْ تُضْرِمُونَ ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ. كَقَوْلِ ٱلرَّبِّ تَفْعَلُونَ. ٱنْظُرُوا. قَدْ أَوْصَيْتُكُمْ».
٢صموئيل ١٣: ٢٨
تُضْرِمُونَ ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ أي تحرقون قسماً منها يصعد الدخان الكثير فنعلم أنكم دخلتم المدينة وإلا فلو أحرقوا المدينة كلها لاحترقت الغنيمة وهذا مجاز مرسل من إطلاق الكل وإرادة البعض وهذا كقولك لمست ثوب زيد وأنت لم تلمس سوى جزء صغير منه وقد سبق مثل هذا (ع ١ و٣ و٤) ولكن يشوع أحرق المدينة بعد ذلك (ع ٢٨).
٩ «فَأَرْسَلَهُمْ يَشُوعُ، فَسَارُوا إِلَى ٱلْمَكْمَنِ، وَلَبِثُوا بَيْنَ بَيْتِ إِيلَ وَعَايٍ غَرْبِيَّ عَايٍ. وَبَاتَ يَشُوعُ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ فِي وَسَطِ ٱلشَّعْبِ».
فَأَرْسَلَهُمْ يَشُوعُ أي أرسل الخمسة الآلاف (ع ١٢).
فَسَارُوا إِلَى ٱلْمَكْمَنِ بين بيت إيل وعاي (ع ١٢).
وَبَاتَ يَشُوعُ بِمُعتزل عن غير المنتخبين.
فِي وَسَطِ ٱلشَّعْبِ أي بين الباقين من المنتخبين وهم ٢٥٠٠٠ رجل الذين دعاهم «رجال الحرب» (ع ١١).
١٠ «فَبَكَّرَ يَشُوعُ فِي ٱلْغَدِ وَعَدَّ ٱلشَّعْبَ، وَصَعِدَ هُوَ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ قُدَّامَ ٱلشَّعْبِ إِلَى عَايٍ».
فَبَكَّرَ يَشُوعُ لشدة اهتمامه والظاهر أنه قام والظلام باقٍ كما يظهر من (ع ١٣).
عَدَّ ٱلشَّعْبَ الكلمة العبرانية «يفقد» أي يفتقد وتحتمل معنى يحشد ويمتحن ويراجع ويعدّ وذهب جماعة إلى المعنى الثاني ومترجم نسختنا وغيره إلى المعنى الآخر. ولعل الكلمة «عدّ» غير وافية بالمعنى الأصلي لكنها قريبة منه والافتقاد يشمل كل المراد والعدّ نفسه فإن يشوع افتقد الشعب وجمعه وعدّه لئلا يكون قد هرب بعضه ليلاً وهذا جمع وعدّ وامتحان وهذا الشعب هو الرجال الباقون مع يشوع وعددهم ٢٥٠٠٠ كما ذُكر.
صَعِدَ هُوَ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ قُدَّامَ ٱلشَّعْبِ باعتبار أنهم أرباب شورى الحرب ومدبريها ليبينوا أن هذا الزحف أمر ذو شأن وليعدلوا في قسمة الغنيمة وليعتبرهم الجميع أنهم قوّاد الشعب وأنهم يبذلون الجهد في نفعه. ولا ريب في أن ما أتوه يزيد الشعب شجاعة وحماسة.
١١ «وَجَمِيعُ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ صَعِدُوا وَتَقَدَّمُوا وَأَتَوْا إِلَى مُقَابِلِ ٱلْمَدِينَةِ. وَنَزَلُوا شِمَالِيَّ عَايٍ، وَٱلْوَادِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَايٍ».
ع ٥
نَزَلُوا شِمَالِيَّ عَايٍ كان المكمن الذي كمن فيه خمسة آلاف غربي عاي بين بيت إيل وعاي وكان بين الباقين وبين عاي مأزق أو وادٍ طويل ضيق يمتد شرقاً وغرباً على شمالي تل عاي فالمرجّح أن يشوع والباقين معه كانوا على النجد أو الأرض المرتفعة على شمالي هذا الوادي.
١٢ «فَأَخَذَ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ وَجَعَلَهُمْ كَمِيناً بَيْنَ بَيْتِ إِيلَ وَعَايٍ غَرْبِيَّ ٱلْمَدِينَةِ».
فَأَخَذَ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رأى بعضهم أن هذه الآية معترضة بين ع ١١ وع ١٣ أُتي بها هنا إيضاحاً لما ذُكر في ع ٣ وع ٩. ونرى أنه يصحّ أنها غير معترضة وإنها بداءة التفصيل لما أجمله آنفاً.
١٣ «وَأَقَامُوا ٱلشَّعْبَ، أَيْ كُلَّ ٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي شِمَالِيَّ ٱلْمَدِينَةِ، وَكَمِينَهُ غَرْبِيَّ ٱلْمَدِينَةِ. وَسَارَ يَشُوعُ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ إِلَى وَسَطِ ٱلْوَادِي».
ع ٤
وَأَقَامُوا ٱلشَّعْبَ أي أقام يشوع والشيوخ رجال الحرب أن أيقظوهم وأعدّوهم.
أَيْ كُلَّ ٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي شِمَالِيَّ ٱلْمَدِينَةِ، وَكَمِينَهُ غَرْبِيَّ ٱلْمَدِينَةِ أي نبّهوا كل رجال الحرب المنتهبين الذين بقوا مع يشوع وهم الخمسة والعشرون ألفاً الذين نزلوا شمالي عاي مقابل المدينة (ع ١١) والذين كمنوا غربيها وهم الخمسة الآلاف وكان تنبيه هؤلاء بإشارة من الأولين على ما نرجّح.
وَسَارَ يَشُوعُ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ على أثر قيامه باكراً وهذا نص على أنه قام والليل باقٍ.
وَسَطِ ٱلْوَادِي هذا الوادي غير المأزق (أي الوادي الضيق) المذكور في تفسير (ع ١١) بل الجو (أي الوادي الواسع) المتصل به كجزء منه في الجنوب كما يظهر من الأصل العبراني لأن الكلمة «وادي» هنا تختلف عن «وادي» في (ع ١١). وكان القصد من ذلك أن يخرج أهل عاي إلى الإسرائيليين فيتظاهر الإسرائيليون بالهرب فيتبعهم العدو في جهة الجلجال فيبعد عن المدينة فيدخلها الكمين. والكلام لا يوجب أن يشوع سار وحده فيحتمل أنه سار مع رجاله وأسند الفعل إليه لأنه قائد الجيش كما نقول حاصر القائد المدينة أو لأن الجيش سار بمقتضى أمره. وظن بعضهم أن يشوع سار إلى ذلك الوادي لينفرد للصلاة ثم أمر الجيش الباقي معه بالمسير.
وقال بعضهم أرجّح أن يشوع أرسل الخمسة الآلاف ليكمنوا غربي عاي في مساء اليوم السابق وبعد أن نام ساعات قليلة هو والخمسة والعشرون ألفاً الباقون معه بكّر في القيام ولعله قام لمضي قليل بعد نصف الليل ونبه الجند وأمرهم بالاستعداد والانتظار والسرعة عند الطلب بواسطة الشيوخ ولعله انفرد في الوادي للصلاة آخذاً فيها حينئذ وقد بلغ أصعبها أو إنه قاد الجيش في الوادي ولما طلع الصباح ظهروا أمام المدينة عاي لأعدائهم فخرج ملكها ورجاله لقتالهم.
١٤ «وَكَانَ لَمَّا رَأَى مَلِكُ عَايٍ ذٰلِكَ أَنَّهُمْ أَسْرَعُوا وَبَكَّرُوا، وَخَرَجَ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ لِلْحَرْبِ هُوَ وَجَمِيعُ شَعْبِهِ فِي ٱلْمِيعَادِ إِلَى قُدَّامِ ٱلسَّهْلِ، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ كَمِيناً وَرَاءَ ٱلْمَدِينَةِ».
قضاة ٢٠: ٣٤ وجامعة ٩: ١٢
وَكَانَ لَمَّا رَأَى مَلِكُ عَايٍ ذٰلِكَ أَنَّهُمْ أَسْرَعُوا وَبَكَّرُوا أي لما أخبر ملك عاي الحرس بظهور الإسرائيليين تجاه المدينة نبه رجاله فقاموا من مضاجعهم مسرعين وأخذوا يخرجون على الإسرائيليين.
هُوَ وَجَمِيعُ شَعْبِهِ أي هو وكل رجال الحرب من شعبه لأن الشيوخ والنساء والأولاد الصغار لا يخرجون للحرب فبقوا في المدينة (انظر ع ٢٤).
فِي ٱلْمِيعَادِ أي الوقت المعيّن الموعود أن تُرفع العلامة فيه (انظر قضاة ٢٠: ٣٨).
إِلَى قُدَّامِ ٱلسَّهْلِ أي تجاه سهل الأردن أو العربة وهو الوادي من جبل الشيخ إلى خليج العقبة وطوله ٢٥٠ ميلاً وفيه الحولة وبحر الجليل وبحر الملح وخرج الإسرائيليون إلى أمام جزء منه وهذا أيضاً من باب المجاز المرسل لقوله «قدّام السهل» وهذا المجاز كثير في هذا الأصحاح.
١٥ «فَأَعْطَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ ٱنْكِسَاراً أَمَامَهُمْ وَهَرَبُوا فِي طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ».
قضاة ٢٠: ٣٦ الخ
فَأَعْطَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ ٱنْكِسَاراً أي تظاهر بأنهم منكسرون.
وَهَرَبُوا فِي طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ جروا في الوادي إلى البلاد الجبلية بين عاي ووادي الأردن (أو أريحا أو الجلجال). وإذا قال معترض أن الخديعة لا تجوز نقول:
(١) إن الرب قال ليشوع (ع ٢) اجعل كميناً للمدينة.
(٢) الخديعة مما يتعلق بالحرب وإذا كان الحرب جائزاً فالخديعة في الحرب جائزة أيضاً.
(٣) حتى في الحرب لا يجوز جميع أنواع الخديعة وأمثلة ذلك مخالفة العهود كعهد هدنة وما أشبه ذلك.
١٦ «فَأُلْقِيَ ٱلصَّوْتُ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِلسَّعْيِ وَرَاءَهُمْ، فَسَعَوْا وَرَاءَ يَشُوعَ وَٱنْجَذَبُوا عَنِ ٱلْمَدِينَةِ».
فَأُلْقِيَ ٱلصَّوْتُ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَدِينَةِ مدينة عاي والمراد بالشعب هنا رجال الحرب من باب المجاز.
ٱنْجَذَبُوا عَنِ ٱلْمَدِينَةِ أي بعدوا عنها كأنهم انجذبوا بحبال الطمع بقتل الإسرائيليين وغنائمهم فتمت مكيدة يشوع لهم.
١٧ «وَلَمْ يَبْقَ فِي عَايٍ أَوْ فِي بَيْتِ إِيلٍ رَجُلٌ لَمْ يَخْرُجْ وَرَاءَ إِسْرَائِيلَ. فَتَرَكُوا ٱلْمَدِينَةَ مَفْتُوحَةً وَسَعَوْا وَرَاءَ إِسْرَائِيلَ».
وَلَمْ يَبْقَ فِي عَايٍ أَوْ فِي بَيْتِ إِيلٍ رَجُلٌ من رجال الحرب المختارين وممن لا يعجزون عن الحرب إذ بقي غيرهم فيها وهم الذين قُتلوا بعد الواقعة (ع ٢٤). وبيت إيل كانت على غاية ثلاثة أميال من عاي والظاهر أنها كانت مخالفة لعاي فحاربت معها وتسمى بيت إيل سماها يعقوب بيت إيل (انظر تكوين ٢٨: ١١ – ١٩ و٣١: ١٣) للرؤيا التي رآها هناك. ويُعلم مما ذُكر في هذه الآية إن الطريق بين بيت إيل وعاي كان مفتوحاً وهو يمر بالطرف الشمالي من المضيق الذي كان كمين الإسرائيليين فيه وكان يهون على الحراس أن يروا مرور الأعداء وهم متوارون من بعض الخلل وينبئوا الخمسة الآلاف الكامنين في الوقت المناسب وبكل ما يجري حتى يكونوا على غاية الاستعداد للهجوم على عاي وكان يسهل على طرف الكمين القريب من يشوع أن يرى العلامة فيُعلم الرائي غيره ويندفع الجميع إلى عاي.
ومن الغريب أن هذا الكتاب لم ينبئنا هنا أن الإسرائيليين استولوا على بيت إيل حينئذ مع أن ذلك كان هيّناً عليهم وإنه عد ملك بيت إيل شراً من الملوك الذي ضربهم يشوع (ص ١٢: ١٦) ولكن ذكر فتح الإسرائيليين إياها في سفر القضاة (قضاة ١: ٢٦) والمرجّح أن هذا فتح ثانٍ لها فيلزم من النبأين أنها كانت قد عصت بعد أن فُتحت فافتتحوها ثانية.
١٨ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِيَشُوعَ: مُدَّ ٱلْمِزْرَاقَ ٱلَّذِي بِيَدِكَ نَحْوَ عَايٍ لأَنِّي بِيَدِكَ أَدْفَعُهَا. فَمَدَّ يَشُوعُ ٱلْمِزْرَاقَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ نَحْوَ ٱلْمَدِينَةِ».
فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِيَشُوعَ مُدَّ ٱلْمِزْرَاقَ المزراق الرمح القصير وهذا لا يُرى إلا على القرب فالظاهر أنه كان على رأسه نسيج كبير حتى كان كالعلم وإن يشوع كان على ربوة أو تل عال وإن مد يده به كان إشارة للكمين إلى أن يسرع إلى عاي. وبقي مادّاً إياها به إلى أن قُضي الأمر كما يتبين من (ع ٢٦). فكأنه كان مد يد يشوع بالمزراق وإبقاؤها كذلك إلى النهاية كرفع يدي موسى في حرب عماليق آية لحضور الله معهم ومدّ يده لمساعدتهم ونصرهم (خروج ١٧: ١١ و١٢).
وكان الاستيلاء على عاي كالاستيلاء على أريحا بأن كان كل حركة من حركاته بأمر الرب وكانت يد الرب في الاستيلاء على أريحا هي العاملة دون أيدي الإسرائيليين لكنهم عملوا معه بمجرد حمل التابوت والدوران والهتاف. وكانت أيدي الإسرائيليين في الاستيلاء على عاي هي العاملة وأول عامل منها يد يشوع دلالة على أن يد الله كانت عاملة بتقديرهم على ذلك فالنصر والاستيلاء على المدينتين بعناية الله.
١٩ «فَقَامَ ٱلْكَمِينُ بِسُرْعَةٍ مِنْ مَكَانِهِ وَرَكَضُوا عِنْدَمَا مَدَّ يَدَهُ، وَدَخَلُوا ٱلْمَدِينَةَ وَأَخَذُوهَا، وَأَسْرَعُوا وَأَحْرَقُوا ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ».
فَقَامَ ٱلْكَمِينُ… عِنْدَمَا مَدَّ يَدَهُ هذا يستلزم إن مدّ يده بالمزراق كان علامة معيّنة لقيام الكمين. وسرعة قيامة دليل على أنهم مستعدين ومنتبهين.
٢٠ «فَٱلْتَفَتَ رِجَالُ عَايٍ إِلَى وَرَائِهِمْ وَنَظَرُوا وَإِذَا دُخَانُ ٱلْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ. فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَكَانٌ لِلْهَرَبِ هُنَا أَوْ هُنَاكَ. وَٱلشَّعْبُ ٱلْهَارِبُ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ ٱنْقَلَبَ عَلَى ٱلطَّارِدِ».
فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَكَانٌ لِلْهَرَبِ وفي الأصل العبراني «فلم يكن لهم أيدٍ» أي قوة لأنه يكنى باليد عنها. وكثر هذا في العبرانية والعربية حتى جرت دلالته مجرى الأدلة الوضعية فجاءت اليد فيها بمعنى القوة والقدرة والسلطان. وعلى هذا جرى مترجمو الكتاب المقدس إلى الانكليزية فجاء في ترجمتهم «فلم يبق لهم قوة على أن يهربوا في هذه الطريق أو في تلك». على أن كثيرين فسروا العبارة العبرانية بقولهم فلم يكن لهم مكان للهرب لأن عدم القوة علتها عدم المهرب وعلى هذا جرى مترجم كتابنا وترجمها البعض بأنه لم يكن لهم جهة للهرب والمؤدى واحد.
ٱنْقَلَبَ عَلَى ٱلطَّارِدِ أي رجعوا إليه إذ لا مهرب لهم.
٢١ «وَلَمَّا رَأَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ٱلْكَمِينَ قَدْ أَخَذَ ٱلْمَدِينَةَ، وَأَنَّ دُخَانَ ٱلْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ، ٱنْثَنَوْا وَضَرَبُوا رِجَالَ عَايٍ».
وَلَمَّا رَأَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ أي كل الإسرائيليين الذين كانوا هناك للحرب. فالكلام مطلق قيّدته القرينة وهي أن الإسرائيليين لم يكونوا كلهم هنالك ليروا.
ٱنْثَنَوْا أي رجعوا بعد أن ذهبوا متظاهرين بالهرب.
٢٢ «وَهٰؤُلاَءِ خَرَجُوا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ لِلِقَائِهِمْ، فَكَانُوا فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ، هٰؤُلاَءِ مِنْ هُنَا وَأُولٰئِكَ مِنْ هُنَاكَ. وَضَرَبُوهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ شَارِدٌ وَلاَ مُنْفَلِتٌ».
تثنية ٧: ٢
هٰؤُلاَءِ أي الخمسة الآلاف الذين كمنوا ودخلوا عاي وأحرقوا المدينة.
حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ شَارِدٌ وَلاَ مُنْفَلِتٌ المراد «بالشارد» هنا الهارب و «المنفلت» الناجي والمعنى أنهم لم يُبقوا حياً فلم يمكنوا أحداً من الهرب ولم يُنجوا أحداً فمحوا كل أهل عاي (ع ٢٥ و٢٩).
٢٣ «وَأَمَّا مَلِكُ عَايٍ فَأَمْسَكُوهُ حَيّاً وَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى يَشُوعَ».
وَأَمَّا مَلِكُ عَايٍ فَأَمْسَكُوهُ حَيّاً ليمثلوا به رهبة لغيره من ملوك كنعان الذين يقصدون مقاومة الإسرائيليين ومنعهم من أرض ميراثهم بمقتضى قضاء الله.
٢٤ «وَكَانَ لَمَّا ٱنْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي ٱلْحَقْلِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ، وَسَقَطُوا جَمِيعاً بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ».
بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ وفي العبرانية «بفي حرب» أي بفي السيف أو فمه ومعنى «فم السيف وحده» واستُعير له الفم لأنه يأكل الحياة.
رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا أي قتلوا الباقين فيها من الشيوخ والأولاد والنساء.
٢٥ «فَكَانَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ ٱثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ».
مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وفي العبرانية «مِ إيش عد إشه» أي من الإنسان إلى الإنسانة أو من الرجل إلى المرأة والمعنى واحد.
ٱثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ قوله «جميع أهل عاي» بدل من اثني عشر ألفاً وهذا حسب النصّ عدد الرجال والنساء من أهل عاي دون الأولاد من بنات وصبيان صغار فيكون عدد رجال الحرب نحو ستة آلاف إذ عدد الشيوخ العاجزين عن الحرب قليل كما عُرف من الاستقراء في كل قرية ومدينة. وهذا موافق لقول الجواسيس «لأنهم قليلون» (ص ٧: ٣). وهجوم هؤلاء على خمسة وعشرين ألف رجل لا يستلزم كثرتهم فإنهم ما حملوا على هذا الجيش إلا لما رأوهم هربوا منهم (ع ١٥).
٢٦ «وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ ٱلَّتِي مَدَّهَا بِٱلْحَرْبَةِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ».
تثنية ٢: ٣٤ و٣: ٦ و٧: ٢ و٢٠: ١٧
وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ ٱلَّتِي مَدَّهَا بِٱلْحَرْبَةِ سبق أن مدّ يشوع يده بالمزراق كان علامة للكمين على أن يهجم على عاي ويدخلها ويضرمها. وهنا تبين أنه كان علامة على شيء فوق هذا وهو أنهم لا يكفون عن القتال ما دام ماداً يده بالمزراق. وفيه ما هو أعظم من كل ذلك وهو الإِشارة إلى أن يد الله ممدودة لمساعدتهم ونصرهم (راجع تفسير ع ١٨).
فإن قيل كيف قدر يشوع أن يُبقي يده ممدودة بمزراق عليه نسيج كبير حتى صار به كالعلم كما يستلزم المقام ليراه الكمين والمحاربون كل المدة التي يقتضيها قتل أهل عاي أفلم تتعب يده فيثنيها. قلنا أن المحاربين الإسرائيليين كانوا مسرعين وأكثر من الأعداء فلم يشغلوا وقتاً طويلاً بقتل أعدائهم والرجال الأقوياء يقدرون أن يمدوا أيديهم ساعات. وعلى فرض أن الوقت كان طويلاً وأن يشوع لم يكن يقوى على ذلك بقوته الطبيعية نقول إن من أهون الأشياء على من شقّ البحر الأحمر وأسقط أسوار أريحا وهو القادر على كل شيء أن يقوي يد يشوع كل تلك المدة. وربما سند يده بعض الإسرائيليين كما سند بعضهم يدَي موسى.
حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ أي قتلهم أُسند القتل إليه والقاتلون جنوده لأنه هو الذي أمرهم بالقتل بمقتضى أمر الله. واستعمل «حرّم» بمعنى قتل لأن التحريم علة القتل.
٢٧ «لٰكِنِ ٱلْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ».
عدد ٣١: ٢٢ و٢٦ ع ٢
نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ الخ أي بنو إسرائيل. حذف المضاف للقرينة ويكثر مثل هذا الحذف في القبائل فيُطلق اسم الأب على القبيلة في اللغات الشرقية مثل جاءت هُذَيل أي قبيلة هُذَيل وغلبت قضاعة أي أبطال قضاعة وانتصرت عبس أي فرسان عبس أو رجالها. وفي الأمكنة نحو خرجت المدينة أي أهل المدينة أو سكانها وقس على ذلك. وهذا المجاز كثير في سفر يشوع كما مر في عدة مواضع. وكانت الغنمية هنا لإسرائيل بخلاف غنيمة أريحا فإنها كانت لله.
لو حفظ عخان وصية الرب ولم يأخذ من غنيمة أريحا لكان أخذ من غنيمة عاي ما يُشبعه بلا خوف وبلا خطيئة. لأن الرب لا يحرم عبيده شيئاً من الخير بل يعطيهم كل شيء بسخاء إذا انتظروا الوقت المعيّن منه. فلم يلزم سارة أن تعطي جاريتها لإبراهيم ليكون له نسل لأن الرب قصد أن يرزقها إسحاق. ولم يلزم يعقوب أن يغش أباه لأن الرب قاصد أن يعطي يعقوب البكورية.
٢٨ «وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيّاً خَرَاباً إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
تثنية ١٣: ١٦
تَلاًّ أَبَدِيّاً أي رُكام خراب زماناً طويلاً كأنه الأبد. فيُطلق الأبدي على طويل المدة في المستقبل كما يُطلق الأزلي على طويلها في الماضي فيقال الأهرام أبنية أزلية. فإن عاي بُنيت بعد نحو ألف سنة من ذلك. وبناها رجال بنيامين وسموها عيّا (نحميا ١١: ١٣) قال بعضهم واسمها اليوم التلّ.
إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ أي أواخر حياة يشوع.
٢٩ «وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ ٱلْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ ٱلْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
ص ١٠: ٢٦ ومزمور ١٠٧: ٤٠ و١١٠: ٥ تثنية ٢١: ٢٣ وص ١٠: ٢٧ ص ٧: ٢٦ و١٠: ٢٧
وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ أي صلبه وهو المرجّح (انظر تثنية ٢١: ٢٢ والتفسير) ولم يُعلم أحيّاً علّقه أم ميتاً فإنه يحتمل أنه قتله بغير التعليق ثم علّقه. وخصّصه بذلك لأنه كان شراً من كل أهل عاي لأنه أتى الشر وجرّأ رعيته على إتيانه ولأن التنكيل به يكون عبرة ورهبة لسائر ملوك الكنعانيين.
ولماذا قال «على الخشبة» ولم يقل «على خشبة» وهو الذي تقتضيه الحال فإن تعريفها باللام يقتضي إنها معهودة ذكراً أو ذهناً أو حضوراً ولم يجر لها ذكر ولم تُعهد فإن هذا العقاب ندر كثيراً فلم يكن له صورة في الذهن. فبقي أن اللام هنا جنسية لتعريف الحقيقة فيكون اللفظ المعرّف بها كالنكرة كقول الشاعر:
ولقد أمرُّ على اللئيم يسبُني | فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني |
فكأنه قال ولقد أمرّ على لئيم من اللؤماء يسبني الخ. وكأن الكاتب هنا قال علّقه على خشبة من الخشب.
قال بعضهم إن اللام هنا للعهد الذهني المدلول عليه بقوله «فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا» (ع ٢) فكان الإسرائيليون قد عهدوا تعليق ملك أريحا على خشبة وعلّقوا ملك عاي على تلك الخشبة. وهو قول مقبول والمرجّح أنه هو الواقع.
وَعِنْدَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ ٱلْخَشَبَةِ أي أمر يشوع بإنزال جثته عن الخشبة فأنزلوها عنها. فإن قيل لماذا أمر بإنزالها عند غروب الشمس قلنا ذلك جرى على الوصية التي أوصى بها موسى «لأن المعلّق ملعون من الله» (انظر تثنية ٢١: ٢٢ و٢٣).
وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ أي المكان الذي كان مدخل المدينة قبلما خربت. غلب أن تكون أبواب المدينة يومئذ أماكن القضاء فكان الناس يكثرون عندها ويشاهد ما يكون عندها الداخلون والخارجون علاوة على المجتمعين.
وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ كان هذا من أنواع الإهانة كالصلب على الخشبة وكان العرب يرجمون مدافن الأشرار حتى تصير مدافنهم ركاماً من الحجارة ولا يزال بعض أهل الشرق في بعض المدن والقرى والبوادي يأتون ذلك (قد رأيت أُناساً في دمشق يرجمون مدفناً عليه رجمة عظيمة من الحجارة فسألتهم عن علة ذلك فقالوا هذا قبر رجل من أعداء الله. وهذه الرجمة عند مدخل من مداخل دمشق).
إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ أي أواخر حياة يشوع. وقد ذُكرت أمثاله في ما مرّ من هذا السفر.
٣٠ «حِينَئِذٍ بَنَى يَشُوعُ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ فِي جَبَلِ عِيبَالَ».
تثنية ٢٧: ٤ و٥
حِينَئِذٍ أي على أثر الفراغ من هدم عاي وصلب ملكها.
حسب الحكمة البشرية كان أحسن ليشوع أن يذهب إلى شكيم ويقيم المذبح بعد ما يكون قد أخذ الأرض كلها واستراح من كل أعدائه ولكنه طلب أولاً ملكوت الله واتكل عليه بأنه يعطيهم الأرض ويحفظهم من أعدائهم. فنتعلم من هذا أهمية الدين فلا نسمح لعمل من أعمالنا العالمية أن يمنعنا عن ممارسة الخدمة الدينية أو يؤخرنا عنها.
بَنَى يَشُوعُ مَذْبَحاً… فِي جَبَلِ عِيبَالَ قياماً بوصية موسى (انظر تثنية ٢٧: ٤ و٥ وتفسير ع ٣١). وجبل عيبال يُعرف اليوم عند العامة «بستي سلامة» وفي جواره جبل نابلس وهي شكيم القديمة. وعلو عيبال عن سطح البحر ٣٠٧٦ قدماً أو نحو ١٣٦٧ ذراعاً سلطانية. ويسمع الذين على عيبال صوت المتكلم على جرزيم حسناً وترى من قنته أرض فلسطين من جبل حرمون (وهو المعروف اليوم بجبل الشيخ) إلى قرب بيت إيل (المعروفة اليوم ببيتين) ومن بحر الروح إلى حوران. وكان في شكيم بعد ذلك سبط أفرايم غير بعيد عن السامرة القديمة. وبنى المذبح على أثر دخولهم أرض كنعان جرياً على أمر موسى (تثنية ٢٧: ٢) وقدموا عليه الذبائح إطاعة لذلك الأمر (تثنية ٢٧: ٧). ولم نعهد أنه ذُكر في غير هذا الموضع تقديم الذبائح على عيبال. ولكن الذي نتيقنه أن الله قبل الذبائح في أماكن كثيرة من أرض كنعان (خروج ٢٠: ٢٤). وذبائح السلامة كانت تقدّم للشكر على السلامة والنجاة من الشر. وكان بعد انتصار الإسرائيليين على أهل عاي ونجاتهم مما حلّ ببعض الثلاثة الآلاف الذين كسرهم أهل عاي وقتلوا بعضهم وقت مناسب لتلك الذبائح. وما سلموا هنا إلا لأنهم قاموا بما يجب عليهم. وصدق قول بعضهم «طريق الواجب طريق السلامة». وكانت تلك الذبائح فوق ذلك لتجديد العهد مع الله وفى لهم بعهده وأدخلهم أرض الميعاد أرض كنعان التي تفيض لبناً وعسلاً.
٣١ «كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ ٱلرَّبِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ تَوْرَاةِ مُوسَى. مَذْبَحَ حِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ لَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ عَلَيْهَا حَدِيداً، وَأَصْعَدُوا عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ، وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ».
خروج ٢٠: ٢٥ وتثنية ٢٧: ٥ و٦ خروج ٢٠: ٢٤
لَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ عَلَيْهَا حَدِيداً أي آلة حديد من آلات البناء. وكان ذلك بمقتضى الشريعة (انظر خروج ٢٠: ٢٥ وتثنية ٢٧: ٥). ولعل غاية هذا النهي حفظهم من صنع الصور والتماثيل والسجود لها.
٣٢ «وَكَتَبَ هُنَاكَ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ نُسْخَةَ تَوْرَاةِ مُوسَى ٱلَّتِي كَتَبَهَا أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
تثنية ٢٧: ٢ و٨
وَكَتَبَ هُنَاكَ عَلَى ٱلْحِجَارَةِ إذا قابلت ما قيل هنا بما قيل في (تثنية ٢٧: ٢ – ٧) ترى أن تلك الحجارة كانت زائدة على بناء المذبح وكانت عدة أعمدة منصوبة مطلية بالشيد ليملّس سطحها ويستوي لتكون مناسبة لأن يُكتب عليها (راجع تثنية ٢٧: ٢ والتفسير).
نُسْخَةَ تَوْرَاةِ مُوسَى أي نسخة البركات واللعنات لأن ذلك الوقت كان وقت تلاوتها لا تلاوة الأسفار الخمسة ولا الوصايا العشر (انظر تثنية ٢٧: ٨).
ونتعلم من هذا أهمية الكتب المقدسة فإن يشوع كتب على الحجارة خلاصة الشريعة وقرأ جميع كلام التوراة ليسمعه كل الشعب ويفهموه لأن معرفة كلام الله من واجبات جميع الشعب وليس الرؤساء فقط.
وكتب اللعنات وليس البركات فقط وذلك مما يشير إلى محبة الله لشعبه كمحبة أب لابنه المسافر لأنه يعلمه الطريق وفوق ذلك يذكر الأخطار من لصوص أو من حفرة أو من وحوش إذا حاد عن الطريق.
٣٣ «وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَشُيُوخُهُمْ، وَٱلْعُرَفَاءُ وَقُضَاتُهُمْ، وَقَفُوا جَانِبَ ٱلتَّابُوتِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ مُقَابِلَ ٱلْكَهَنَةِ ٱللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ. ٱلْغَرِيبُ كَمَا ٱلْوَطَنِيُّ. نِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَنِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ عِيبَالَ، كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ ٱلرَّبِّ أَوَّلاً لِبَرَكَةِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ».
تثنية ٣١: ٩ و٢٥ تثنية ٣١: ١٢ تثنية ١١: ٢٩ و٢٧: ١٢
ٱلْعُرَفَاءُ وفي العبرانية «شطريم» أي المُسيطرون جمع مُسيطر وهو الرقيب الحافظ والمتسلط على الشيء ليشرف عليه ويتعهد أعماله ويكتبها وأصله من السطر أي الكابة. و«العرفاء» جمع عريف وهو رئيس القوم أو نائبه وهو الموافق هنا فإن المراد بالعرفاء هنا هم الذين كانوا بعد الشيوخ أي نواب الشيوخ في القضاء المدني وكانوا قواد الشعب في مصر وفي البرية مع السبعين شيخاً (انظر خروج ٥: ٦ – ١٩ وعدد ١١: ١٦ وتثنية ٢٠: ٥ – ٩ وانظر التفسير).
ٱلْغَرِيبُ كَمَا ٱلْوَطَنِيُّ (انظر تثنية ٣١: ١٢).
نِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَنِصْفُهُمْ إِلَى جِهَةِ جَبَلِ عِيبَالَ (انظر تثنية ٢٧: ١١ – ٢٦ والتفسير) ويظهر أن القسمين لم يكونا على قنتي الجبلين بل اصطفا عند الحضيضين ليسمعا.
لِبَرَكَةِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ وللعنته أيضاً (انظر تثنية ٢٧: ١٣).
٣٤، ٣٥ «٣٤ وَبَعْدَ ذٰلِكَ قَرَأَ جَمِيعَ كَلاَمِ ٱلتَّوْرَاةِ: ٱلْبَرَكَةَ وَٱللَّعْنَةَ، حَسَبَ كُلِّ مَا كُتِبَ فِي سِفْرِ ٱلتَّوْرَاةِ. ٣٥ لَمْ تَكُنْ كَلِمَةٌ مِنْ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى لَمْ يَقْرَأْهَا يَشُوعُ قُدَّامَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلأَطْفَالِ وَٱلْغَرِيبِ ٱلسَّائِرِ فِي وَسَطِهِمْ».
تثنية ٣١: ١١ ونحميا ٨: ٣ تثنية ٢٨: ٢ و١٥ و٤٥ و٢٩: ٢٠ و٢١ و٣٠: ١٩ تثنية ٣١: ١٢ ع ٣٣
وَبَعْدَ ذٰلِكَ قَرَأَ جَمِيعَ كَلاَمِ ٱلتَّوْرَاةِ: ٱلْبَرَكَةَ وَٱللَّعْنَةَ التي كُتبت على الحجارة والتي لم تُكتب عليها لأنه «لم تكن كلمة من كل ما أمر به موسى لم يقرأها يشوع» وكان كل ذلك لتجديد العهد مع الله.
وَٱلنِّسَاءِ وَٱلأَطْفَالِ كان تجديد عهد الله على الكبار والصغار ذكوراً وأناثاً.
وَٱلْغَرِيبِ المتهوّد من الأمم.
فوائد
- إن شعب الله ينتصر (ع ١ و٢) لكن عليه أن يستعد للمحاربة فعلى المسيحي أن يحارب الخطيئة والشيطان لينتصر عليهما ويدخل كنعان السماوية.
- إن على شعب الله أن لا يستخفّ بالأعداء ويأتي الحرب بكل ما يستطيعه من الوسائل وإلا انكسر (ع ٣ و٤). فمن استخفّ بالخطيئة غلبته وبالشيطان كسره وقتله.
- إن الفطنة والنباهة مما يجب في الجهاد المسيحي (ع ٢ – ٢٢).
- إن النجاح الوقتي يعمي الأشرار (قابل ما في ص ٧: ٤ بما في ص ٨: ١٤ – ١٧). إن انتصار أهل عاي أولاً أعمى أذهانهم حتى حسبوا إن جيش إسرائيل هرب أمامهم الآن كما هرب قبلاً ولم يفطنوا لخدعة الحرب.
- إن الثقة بوعد الله وكلامه والعمل بمقتضاه مصدر الانتصار (ع ١ و١٠ الخ).
- إن اختلاف الوسائل لا يلزم منه اختلاف المقاصد. (فبعض الإسرائيليين كمن وبعضهم ظهر وتظاهر بالانكسار وكان قصد الفريقين الانتصار).
- إن الانكسار في أول وقائع الحرب ليس بدليل على الانكسار الدائم فهو لا يوجب الجبن. (إن الإسرائيليين انكسروا في الواقعة الأولى لكنهم انتصروا الانتصار التام في الواقعة الثانية).
- إن خراب عاي بواسطة يشوع رمز إلى خراب مملكة الشيطان بواسطة يسوع لأنه أُظهر يسوع «ٱبْنُ ٱللّٰهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ» (١يوحنا ٣: ٨).
- إن الله يغضب على الخطيئة غضباً شديداً. (فخطيئة أهل عاي بالعبادة الوثنية ومقاومة شعب الله حملته تعالى على قتل رجالها ونسائها وأولادها وهدمها وصلب ملكها وجعل قبره جثوة حجارة عبرة للمعتبرين).
- إنه يجب تكرار الاجتهاد. فمن أمثال اليهود إن ثلاثة من الناس لا يستحقون الشفقة الدائن غير الواثق بإيفاء مدينه ما عليه. والرجل الذي تتسلط عليه زوجته ومن لا يكرر اجتهاده. فقوة تجديد الاجتهاد ومحاولة إدراك المطلوب من صفات الطباع الشريفة. إن الله أمر يشوع بعد انكسار رجاله في عاي بالاجتهاد ثانية فأدرك المراد. فيجب أن نتعلم من الخيبة الأولى ما يقوينا على الفوز.
- إنه يجب أن تكون ثمرة الانتصار الإكرام لله والشكر له فإن يشوع بنى على أثر انتصاره المذبح وقدم عليه ذبائح السلامة وهي ذبائح الشكر وتلا على الجميع شريعة الله.
- إن الشريعة بركة ولعنة بركة على الطائعين ولعنة على العاصين.
- إن الإيمان بلا أعمال ميت. آمن يشوع بقوة الله ونصره إياه ولكنه ما اكتفى بهذا بل بنى المذبح وكتب الشريعة وتلا الكتاب.
- إن الفضل لله في نجاحنا لا لنا (والعلة ظاهرة).
-
إن الناموس خادم الإنجيل.
السابق |
التالي |