سفر التثنية

سفر التثنية | 32 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التثنية

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلثَّلاَثُونَ

١ «اُنْصُتِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ ٱلأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي».

ص ٤: ٢٦ و٣٠: ١٩ و٣١: ٢٨ ومزمور ٥٠: ٤ وإشعياء ١: ٢ وإرميا ٢: ١٢ و٦: ١٩

اُنْصُتِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ الخ فاتحة هذا النشيد تكاد تكون فاتحة كلام إشعياء (انظر إشعياء ١: ٢). (وأراد بالسموات والأرض كل العالمين).

٢ «يَهْطِلُ كَٱلْمَطَرِ تَعْلِيمِي، وَيَقْطُرُ كَٱلنَّدَى كَلاَمِي. كَٱلطَّلِّ عَلَى ٱلْكَلإِ، وَكَالْوَابِلِ عَلَى ٱلْعُشْبِ».

إشعياء ٥٥: ١٠ و١١ و١كورنثوس ٣: ٦ إلى ٨ مزمور ٧٢: ٦ وميخا ٥: ٧

تَعْلِيمِي أو علمي الذي تلقيته. وهذا قليل النظير في العبرانية لكنه من أجمل العبارات فيها. إن كل ما ينحدر من «أبي الأنوار» ينحدر مع رسول من السماء إلى آخر حتى يهبط على قلب البشر في أحسن الصور المناسبة لقبوله إياه. قال ابن الله «تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني»«أنا تكلمت بما رأيت عند أبي». وقال في الروح القدس «إنه يأخذ مما لي ويخبركم به». والرسل تكلموا بالكلام الذي علمهم الروح القدس إياه. ومعنى الآية إن التعليم الذي أعلنه والكلام الذي أنطق به من أسباب حياة العقول والقلوب كما أن المطر والندى من أسباب حياة الكلإ أي العشب. (فقوله كالطل والوابل على العشب بمعنى واحد والثاني مقرر للأول وهذا من خواص الشعر العبراني).

٣ «إِنِّي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ أُنَادِي. أَعْطُوا عَظَمَةً لإِلٰهِنَا».

١أيام ٢٩: ١١

الخبر في أول هذه الآية علة للأمر في آخرها. فالمعنى أنا أنادي باسم الرب لا سواه فعظموه أو عظموا من أتكلم باسمه وأنادي به لأنه هو إلهنا.

٤ «هُوَ ٱلصَّخْرُ ٱلْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلٰهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ».

٢صموئيل ٢٢: ٣ و٢٣: ٣ ومزمور ١٨: ٢ و٣١ و٤٦ وحبقوق ١: ١٢ و٢صموئيل ٢٢: ٣١ دانيال ٤: ٣٧ ورؤيا ١٥: ٣ إرميا ١٠: ١٠ أيوب ٣٤: ١٠ ومزمور ٩٢: ١٥

هُوَ ٱلصَّخْرُ أي القوي المنيع وهذا التشبيه من المختصات بالعهد القديم في الأصل العبراني وكثيراً ما يُستعار لله ولم يُستعر فيه لإنسان. (واعتاد العرب أن يشبهوا القوي الثابت بصخرة الوادي وعليه قول المتنبي:

أنا صخرة الوادي إذا ما زُوحمت وإذا نطقتُ فإنني الجوزاء


والظاهر من الآية أن المقصود ما يقرب من هذا).

ورأى بعضهم أنه من أسماء الله وعلى ذلك ترجم في السبعينية بثاوس أي الله. ولكنها ترجمت الصخرة (بترا لا الصخر بتروس) بمعناها الأصلي. وأول ذكر الكلمة العبرانية المترجمة بالصخر هنا وهو «صور» («צור») في سفر الخروج (خروج ١٧: ٦) حين ضرب موسى الصخرة في حوريب «وتلك الصخرة كانت المسيح» ومن ذلك الوقت نرى بعض أسماء قواد إسرائيل يتمضن هذا المعنى كاليصور أي إلهي صخرة وصور يشداي أي القدير صخرتي وفدهصور أي فداه الصخر أو مفدي بالصخرة (انظر عدد ١: ٥ و٦ و١٠). وهذا يحملني على اليقين أن المقصود بالصخرة (بترا) في إنجيل متّى (متّى ١٦: ١٨) ما فهمه بها اليهود أي الله وأنها لم يرد بها يسوع باعتبار أنه المسيح بل باعتبار أنه الله وليس غير هذا لمعنى يوافقها بمقتضى اصطلاح الكتاب المقدس.

وهذه الآية (أي ع ٤) أربعة أشطر في العبرانية هكذا:

هو الصخر الكامل صنيعه

إن جميع سبله عدل

إله أمانة لا جور فيه

صديق وعادل هو

والشطر الأول موافقه المقرر الشطر الثالث والشطر الثاني موافقة المحقق الشطر الرابع.

٥ «فَسَدُوا تِجَاهَهُ ٱلَّذِينَ هُمْ عَارٌ وَلَيْسُوا أَوْلاَدَهُ، جِيلٌ أَعْوَجُ مُلْتَوٍ».

ص ٩: ١٢ و٣١: ٢٩ متّى ١٧: ١٧ ولوقا ٩: ٤١ وفيلبي ٢: ١٥

فَسَدُوا تِجَاهَهُ الخ عسر فهم معنى هذه الآية على كثيرين بالنظر إلى الأصل العبراني مع بساطة كلماتها فيه. فكلماتها في العبرانية واضحة المعنى والعسر معنى المركب منها. والمعنى الصحيح أن الله اختار إسرائيل مصلحين لأنفسهم فكانوا مفسدين لها واختارهم أبناء فلم يكونوا كذلك بل التووا واعوجوا فلم يسلكوا في سنن الاستقامة. والمعنى التركيبي عيب الذين ليسوا بأولاده افسدهم فهم جيل أعوج ملتوٍ.

٦ «هَلْ تُكَافِئُونَ ٱلرَّبَّ بِهٰذَا يَا شَعْباً غَبِيّاً غَيْرَ حَكِيمٍ؟ أَلَيْسَ هُوَ أَبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ، هُوَ عَمِلَكَ وَأَنْشَأَكَ».

مزمور ١١٦: ١٢ إشعياء ٦٣: ١٦ مزمور ٧٤: ٢ ع ١٥ وإشعياء ٢٧: ١١ و٤٤: ٢

هَلْ تُكَافِئُونَ ٱلرَّبَّ بِهٰذَا هذه الآية أربعة أشطر في العبرانية هكذا:

الرب تكافئون بهذا

يا شعباً غبياً غير حكيم

أليس هو أباك ومقتنيك

هو عملك وأنشأك

فالشكر الأول استفهام إنكاري للتوبيخ. ومقتنيك في الشطر الثالث من الفعل الذي نطقت به حواء عندما ولدت قايين (تكوين ٤: ١) والفعل الذي ذكر في تاريخ الحكمة (أمثال ٨: ٢٢) وهو في قول الحكيم «الرب قناني أول طريقه».

٧ «اُذْكُرْ أَيَّامَ ٱلْقِدَمِ، وَتَأَمَّلُوا سِنِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ. اِسْأَلْ أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ، وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لَكَ».

خروج ١٣: ١٤ ومزمور ٤٤: ١ و٧٨: ٣ و٤

هذه الآية أيضاً أربعة أشطر هكذا:

اذكر أيام القدَم

تأملوا سني جيل فجيل

اسأل أباك فيخبرك

وشيوخك فيقولوا لك

(قال في الشطر الأول «اذكر» معتبراً الشعب جمعاً واحداً. وفي الشطر الثاني «تأملوا» معتبراً الشعب أفراداً. والكلام في الشطر الأول والثاني للشيوخ الذين شاهدوا الحوادث فأمرهم بذكرها والتأمل فيها. وفي الشطر الثالث والرابع للشبان والأحداث الذين لم يشاهدوا تلك الحوادث فأمرهم أن يسألوا الآباء والشيوخ عنها).

٨، ٩ «٨ حِينَ قَسَمَ ٱلْعَلِيُّ لِلأُمَمِ، حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُوماً لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٩ إِنَّ قِسْمَ ٱلرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ. يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ».

زكريا ٩: ٢ وأعمال ١٧: ٢٦ تكوين ١١: ٨ خروج ١٥: ١٦ و١٩: ٥ و١صموئيل ١٠: ١ ومزمور ٧٨: ٧١

(قابل بهاتين الآيتين ص ٢١: ١٦).

حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ الإشارة هنا إلى تفرقهم على أثر بناء برج بابل. وانوا على قول اليهود سبعين أمة كانت ألسنتها سبعين إذ كان لكل أمة لسان على وفق عدد آل يعقوب حين ذهبوا إلى مصر. وقالوا إن المعنى هنا إن الله قسم الأرض للشعوب وترك محلاً لشعبه المختار فكان ميراثهم أرض الموعد حقاً لهم لم يظلموا به أحداً من الأمم ولهذا لم يأخذ الإسرائيليون أرض بني لوط وعيسو (ص ٢). وأحسن من هذا التفسير تفسير بولس الرسول في قوله لأهل أثينا «ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْعَالَمَ… وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ ٱلأَرْضِ، وَحَتَمَ بِٱلأَوْقَاتِ ٱلْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، لِكَيْ يَطْلُبُوا ٱللّٰهَ» (أعمال ١٧: ٢٤ – ٢٧). فالناس وُزعوا هكذا في الأرض لكي يطلبوا الرب في كل حين فيلتفت إليهم وإن كان مع شعبه على نوع خاص فإنه يمكنهم أن يتلمسوه «فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيداً. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضاً: لأَنَّنَا أَيْضاً ذُرِّيَّتُهُ» (أعمال ١٧: ٢٧ و٢٨). ولهذا عُيّن لنا ميراثاً. وبهذا التصور تُرجم في السبعينية قوله «حسب عدد بني إسرائيل» (ع ٨) بما نصه «حسب عدد ملائكة الله» فإن الإسرائيليين كانوا ملائكة أي رسلاً من الله إلى الأمم. فإنه اختار إسرائيل لنفسه نصيباً حتى يرث به العالم ومع هذه الدعوة المجيدة والإرسالية العظمى اتخذ الإسرائيليون المعصية نصيباً مع أن ذلك المقام السامي عُرض عليهم مجاناً فرفضوه.

١٠ «وَجَدَهُ فِي أَرْضِ قَفْرٍ، وَفِي خَلاَءٍ مُسْتَوْحِشٍ خَرِبٍ. أَحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ».

ص ٨: ١٥ وإرميا ٢: ٦ وهوشع ١٣: ٥ ص ٤: ٣٦ مزمور ١٧: ٨ وأمثال ٧: ٢ وزكريا ٢: ٨

هذه الآية من أحسن أنواع التمثيل وأفعاله في العبرانية مضارعة (يراد بها الدوام أو التجدد المتصل هكذا).

يجده في أرض قفرٍ

وفي خلاء مستوحش خربٍ

يحيط به ويلاحظه

ويصونه كإنسان عينه

وَجَدَهُ مثل هذه العبارة الجميلة كثير في كتاب العهد القديم وكتاب العهد الجديد وهي تدل على أن الله برحمته يُعلن نفسه للإنسان لكي يعرفه. ومن أمثال ذلك قوله في أمر هاجر «فَوَجَدَهَا مَلاَكُ ٱلرَّبِّ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» (تكوين ١٦: ٧) وقول هوشع في يعقوب «وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ» (هوشع ١٢: ٤) يوم قال يعقوب «حَقّاً إِنَّ ٱلرَّبَّ فِي هٰذَا ٱلْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ» (تكوين ٢٨: ١٦). ومن أمثلة ذلك ما في أمثال الخروف الضال والدرهم المفقود والابن الشاطر (لوقا ص ١٥).

أَحَاطَ بِهِ قال راشي «جعلهم محيطين بمجده أي أنزلهم حول خيمة الاجتماع إذ كانوا في جهاتها الأربع» (قلت وهو تفسير على خلاف النص فإن الكلام نص بأن الإسرائيليين محاط بهم لا محيطون بمسكن المجد فالمعنى الصحيح أن الله كان سوراً لهم).

صَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ (هذا تذييل وتقرير لقوله أحاط به. وفي الأصل العبراني كإنسان عينه بدل كحدقة عينه. والحدقة في اللغة العربية سواد العين الأعظم وإنسان العين المثال يُرى في سوادها ويُعرف بالبؤبؤ أيضاً ويُطلق على السواد الأصغر وهو المحيط بثقب العين الذي يدخله النور للإبصار من باب ذكر الحال وإرادة المحل).

١١، ١٢ «١١ كَمَا يُحَرِّكُ ٱلنَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَنَاكِبِهِ، ١٢ هٰكَذَا ٱلرَّبُّ وَحْدَهُ ٱقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلٰهٌ أَجْنَبِيٌّ».

خروج ١٩: ٤ وص ١: ٣١ وإشعياء ٣١: ٥ و٤٦: ٤ و٦٣: ٩ وهوشع ١١: ٣

كَمَا يُحَرِّكُ ٱلنَّسْرُ أي اعتنى الله بكم كما يعتني النسر بفراخه ويحسن العناية بها لقوته. وقد شرّف الله النسر بوصفه إياه تقدس وتعالى (أيوب ٣٩: ٢٧ – ٣٠) وما يشبه هذا ويظهر عظيم العناية واللطف والمحبة قول مخلصنا الرحيم «كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا» (لوقا ١٣: ٣٤).

عَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وفي العبرانية «على جوزليو يرحف» أي على جوزله يرفّ. واستُعمل الجوزل لفرخ النسر وهو صحيح في العبرانية لكنه في العربية فرخ الحمام قبل أن ينبت ريشه ولذلك ترجمه المترجم بالفرخ. ومعنى قوله يرف يبسط جناحه لكن قال بعضهم المستعمل في العربية يرفرف والثلاثي لم يُستعمل. وجاء هذا الفعل في أول سفر التكوين في قوله «وروح الله يرف على المياه» ولكن الذي في العبرانية «مرحفة» أي رافة أو مرفرفة. والذي قال الثلاثي غير مستعمل الفيزوزبادي ولكن الجوهري وابن سيده قالا باستعماله ويؤيد قولهما قول عم ربن أبي ربيعة المخزومي القرشي وقريش أفصح العرب:

قد جرى بالبين منها طائر رف بالفرقة ثم ارتفعا


قال بعضهم في ترجمة هذا الشاعر كان يقال إن العرب كانت تقر لقريش بالتقدم إلا في الشعر حتى كان ابن أبي ربيعة فأقرت له بالشعر أيضاً.

١٣، ١٤ «١٣ أَرْكَبَهُ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ ٱلأَرْضِ فَأَكَلَ ثِمَارَ ٱلصَّحْرَاءِ، وَأَرْضَعَهُ عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ، وَزَيْتاً مِنْ صَوَّانِ ٱلصَّخْرِ، ١٤ وَزُبْدَةَ بَقَرٍ وَلَبَنَ غَنَمٍ، مَعَ شَحْمِ خِرَافٍ وَكِبَاشٍ أَوْلاَدِ بَاشَانَ، وَتُيُوسٍ مَعَ دَسَمِ لُبِّ ٱلْحِنْطَةِ، وَدَمَ ٱلْعِنَبِ شَرِبْتَهُ خَمْراً».

ص ٣٣: ٢٩ وإشعياء ٥٨: ١٤ وحزقيال ٣٦: ٢ أيوب ٢٩: ٦ ومزمور ٨١: ١٦ مزمور ٨١: ١٦ و١٤٧: ١٤ تكوين ٤٩: ١١

الأفعال كلها في هاتين الآيتين في صيغة المضارع في العبرانية ففيها «يركبه الخ».

مُرْتَفَعَاتِ ٱلأَرْضِ (رباها وجبالها الحصينة).

عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ (كثيراً ما يجمع النحل العسل في نُقر الصخر إلى البرية كما يجمعه في الخلية).

زَيْتاً مِنْ صَوَّانِ ٱلصَّخْرِ (ينضر الزيتون في التربة الحجرة وتنتشر عروقه في شقوق الصخور).

دَسَمِ لُبِّ ٱلْحِنْطَةِ (وفي العبرانية «لب كُلى الحنطة» والمعنى لب الحنطة كالكلي في الشكل والحجم أو في الدسم. فالترجمة العربية معنوية. وفي الترجمة الانكليزية «شحم كلى الحنطة» والمعنى واحد. وفي مجموع التفسير للدكتور أليكوت) ترجم هذا التمثيل من العبرانية حرفياً فالكلى محاطة بأحسن شحم الحيوان وأوجبت الشريعة اللاوية أشد الإيجاب حفظ الشحم لمذبح الرب.

١٥ «فَسَمِنَ يَشُورُونَ وَرَفَسَ. سَمِنْتَ وَغَلُظْتَ وَٱكْتَسَيْتَ شَحْماً! فَرَفَضَ ٱلإِلٰهَ ٱلَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ».

ص ٣٣: ٥ و٢٦ وإشعياء ٤٤: ٢ و١صموئيل ٢: ٢٩ ص ٣١: ٢٠ ونحميا ٩: ٢٥ ومزمور ١٧: ١٠ وإرميا ٢: ٧ و٥: ٧ و٢٨ وهوشع ١٣: ٦ ص ٣١: ١٦ وإشعياء ١: ٤ ع ٦ وإشعياء ٥١: ١٣ و٢صموئيل ٢٢: ٤٧ ومزمور ٨٩: ٢٦ و٩٥: ١

يَشُورُونَ المستقيم أو المحبوب. وهذه اللفظة لم ترد إلا في سفر التثنية (هنا وفي ص ٣٣: ٥ و٢٦ وإشعياء ٤٤: ٢) والمقصود به في المعنيين الشعب الإسرائيلي لأنه كان مستقيماً بالنظر إلى الحق الذي عنده ومحبوباً لأن الله أحبه واختاره لنفسه) فتُرجمت الكلمة في ترجومين بإسرائيل وفي ثالث بيشورون وفي السبعينية بالمحبوب.

رَفَسَ (كما يرفس الفرس البطر من كثرة العلف وجودته). لم ترد هذه الكلمة إلا هنا وفي (١صموئيل ٢: ٢٩) (لكنها ترجمت في العربية «بتدسون» وفي الانكليزية «بترفسون» وهي في العبرانية في الموضعين من البعط ففي سفر التثنية «يبعط» وفي سفر صموئيل الأول «تعبط». وبعط في العربية يستعمل في ما لا يحسن. ففيها بعط في الجهل والشؤم بالغ وأفرط).

غَلُظْتَ أي صعبت وقسوت ويوضح معنى هذا الفعل هنا قول رحبعام «خنصري أغلظ من متَني أبي».

١٦ «أَغَارُوهُ بِٱلأَجَانِبِ، وَأَغَاظُوهُ بِٱلأَرْجَاسِ».

١ملوك ١٤: ٢٢ و١كورنثوس ١٠: ٢٢

بِٱلأَجَانِبِ (الآلهة الغريبة).

بِٱلأَرْجَاسِ (الأوثان وعبادتها).

١٧ «ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ لَيْسَتِ ٱللّٰهَ. لآلِهَةٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ لَمْ يَرْهَبْهَا آبَاؤُكُمْ».

لاويين ١٧: ٧ وع ٢١ ومزمور ١٠٦: ٣٧ و١كورنثوس ١٠: ٢٠ ورؤيا ٩: ٢٠

ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ (في بعض التراجم الأجنبية «ذبحوا للشياطين». وفي العبرانية «يزبحوا لشديم لا إله». ومعنى شديم المهلكات والمهلك من ألقاب الشيطان لأنه كما قال المسيح «كان قتالاً للناس من البدء» وهو معنى بعض أسمائه في غير العربية. ففي سفر الرؤيا اسمه (أي اسم ملاك الهاوية) بالعبرانية أبدون وله باليونانية اسم أبوليون وكلاهما بمعنى المهلك. ولا شك في أن عبادة الأوثان هي عبادة الشيطان). وكون عبادة الأوثان عبادة الشيطان والذبح لها الذبح له موافق لقول بولس الرسول «فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ ٱلْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبِحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ ٱلأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ» (١كورنثوس ١٠: ١٩ و٢٠).

لآلِهَةٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ (أي حديثة بنت أمس إذ هي مصنوعة لا أزلية لا بداءة لها كالله الأزلي الأبدي مبدع البرايا). قابل وصف الأصنام في كتاب نبوءة إشعياء بوصفها في سفر إشعياء «قَطَعَ لِنَفْسِهِ أَرْزاً وَأَخَذَ سِنْدِيَاناً وَبَلُّوطاً، وَٱخْتَارَ لِنَفْسِهِ مِنْ أَشْجَارِ ٱلْوَعْرِ… يَأْخُذُ مِنْهُ وَيَتَدَفَّأُ… نِصْفُهُ أَحْرَقَهُ بِٱلنَّارِ. عَلَى نِصْفِهِ يَأْكُلُ لَحْماً… وَبَقِيَّتُهُ قَدْ صَنَعَهَا إِلٰهاً» (إشعياء ٤٤: ١٢ – ١٧). وفي الحكمة «يقطع نجّار شجرة من الغابة… ثم يأخذ قطعة من نفايتها لا تصلح لشيء خشبة ذات اعوجاج وعُقَد ويعتني بنقشها أوان فراغه ويصورها بخبرة صناعته الخ» (حكمة ١٣: ١١ – ١٩).

١٨ «ٱلصَّخْرُ ٱلَّذِي وَلَدَكَ تَرَكْتَهُ وَنَسِيتَ ٱللّٰهَ ٱلَّذِي أَبْدَأَكَ».

إشعياء ١٧: ١٠ إرميا ٢: ٣٢

ٱلصَّخْرُ ٱلَّذِي وَلَدَكَ أي الإله القدير الواقي الأزلي الذي أنشأك (انظر تفسير ع ٤). ومن موضحات هذه العبارة قول موسى في صلاته «مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ ٱلْجِبَالُ أَوْ أَبْدَأْتَ ٱلأَرْضَ وَٱلْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ ٱلأَزَلِ إِلَى ٱلأَبَدِ أَنْتَ ٱللّٰهُ» (مزمور ٩٠: ٢). وقال بعضهم يمكن ترجمة هذه الآية هكذا «الصخر قد ولدك شكوراً وأنت قد نسيت الله الذي ولدك».

١٩ «فَرَأَى ٱلرَّبُّ وَرَذَلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ».

قضاة ٢: ١٤ ومراثي إرميا ٢: ٦ إشعياء ١: ٢

فَرَأَى ٱلرَّبُّ (لأنه يرى كل شيء ويعلم الغيوب).

رَذَلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ (الغيظ أشد الغضب) (قابل بهذا إرميا ١٤: ٢١).

بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ أي الإسرائيليين ذكوراً وإناثاً لأنه اتخذهم أولاداً فأهانوه بما أثموا.

٢٠ «وَقَالَ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ، وَأَنْظُرُ مَاذَا تَكُونُ آخِرَتُهُمْ. إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ، أَوْلاَدٌ لاَ أَمَانَةَ فِيهِمْ».

ص ٣١: ١٧ إشعياء ٣٠: ٩ ومتّى ١٧: ١٧

جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ لا يثبت على العهد.

أَوْلاَدٌ لاَ أَمَانَةَ فِيهِمْ اتخذ الله الإسرائيليين أولاداً فانقلبوا عنه وخانوه فكانوا أولاداً لا موثق لهم ولا إيمان.

٢١ «هُمْ أَغَارُونِي بِمَا لَيْسَ إِلٰهاً، أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا لَيْسَ شَعْباً، بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ».

ع ١٦ ومزمور ٧٨: ٥٨ و١صموئيل ١٢: ٢١ و١ملوك ١٦: ١٣ و٢٦ ومزمور ٣١: ٦ وإرميا ٨: ١٩ و١٠: ٨ و١٤: ٢٢ ويونان ٢: ٨ وأعمال ١٤: ١٥ هوشع ١: ١٠ ورومية ١٠: ١٩

هذه الآية أربعة أشطر هكذا:

هم أغاروني بما ليس إلهاَ

أغاظوني بأباطيلهم

فأنا أغيرهم بما ليس شعباً

بأمة غبية أغيظهم

الجزاء على الشطر الأول الشطر الثالث وعلى الشطر الثاني الشطر الرابع والشطر الثاني تذييل وتقرير للأول والشطر الرابع تذييل وتقرير للثالث.

بِمَا لَيْسَ شَعْباً قال راشي أراد بما ليس شعباً الكلدانيين بناء على قول إشعياء (إشعياء ٢٣: ١٣) «هُوَذَا أَرْضُ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ. هٰذَا ٱلشَّعْبُ لَمْ يَكُنْ» وقال إن معنى قوله ليس شعباً لا اسم له. وتفسير بولس الرسول أحسن من تفسيره وهو ما يفيد أن الأمة الغبية كل أمة من الأمم الوثنية لأن عبادة الأوثان غباوة وإن الأمم مدعوون إلى الإيمان الحق وسوف يؤمنون فيرفض اليهود لعدم إيمانهم ويقوم مؤمنو الأمم مقامهم فيكونون بنين وبنات للرب. قال ذلك الرسول «لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ ٱلْيَهُودِيِّ وَٱلْيُونَانِيِّ، لأَنَّ رَبّاً وَاحِداً لِلْجَمِيعِ، غَنِيّاً لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَخْلُص… لٰكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلاً مُوسَى يَقُولُ: أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ. ثُمَّ إِشَعْيَاءُ يَتَجَاسَرُ وَيَقُولُ: وُجِدْتُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي، وَصِرْتُ ظَاهِراً لِلَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي» (انظر إشعياء ٦٥: ١ ورومية ١٠: ١١ – ٢٠).

٢٢ «إِنَّهُ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ نَارٌ بِغَضَبِي فَتَتَّقِدُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ ٱلسُّفْلَى، وَتَأْكُلُ ٱلأَرْضَ وَغَلَّتَهَا، وَتُحْرِقُ أُسُسَ ٱلْجِبَالِ».

إرميا ١٥: ١٤ و١٧: ٤ ومراثي إرميا ٤: ١١

ٱشْتَعَلَتْ نَارٌ بِغَضَبِي اقتبس هذا الكلام إرميا (إرميا ١٥: ١٤ قابل به إرميا ١٧: ٤ يتضح لك المعنى).

أُسُسَ ٱلْجِبَالِ قال راشي «أي أورشليم التي أساسها على الجبال كما قال المرنم أورشليم الجبال حولها» (مزمور ١٢٥: ٢).

٢٣ «أَجْمَعُ عَلَيْهِمْ شُرُوراً وَأُنْفِدُ سِهَامِي فِيهِمْ».

إشعياء ٢٦: ١٥ الخ مزمور ٧: ١ و١٣ وحزقيال ٥: ١٦

شُرُوراً قابل بهذا قوله تعالى بلسان حزقيال «إِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ سِهَامَ ٱلْجُوعِ ٱلشِّرِّيرَةَ… وَأَزِيدُ ٱلْجُوعَ عَلَيْكُمْ» (حزقيال ٥: ١٦).

٢٤، ٢٥ «٢٤ إِذْ هُمْ خَاوُونَ مِنْ جُوعٍ، وَمَنْهُوكُونَ مِنْ حُمَّى وَدَاءٍ سَامٍّ. أُرْسِلُ فِيهِمْ أَنْيَابَ ٱلْوُحُوشِ مَعَ حُمَةِ زَوَاحِفِ ٱلأَرْضِ. ٢٥ مِنْ خَارِجٍ ٱلسَّيْفُ يُثْكِلُ، وَمِنْ دَاخِلِ ٱلْخُدُورِ ٱلرُّعْبَةُ. ٱلْفَتَى مَعَ ٱلْفَتَاةِ وَٱلرَّضِيعُ مَعَ ٱلأَشْيَبِ».

حبقوق ٣: ٥ لاويين ٢٦: ٢٢ مراثي إرميا ١: ٢٠ وحزقيال ٧: ١٥ و٢كورنثوس ٧: ٥

كل من هاتين الآيتين أربعة أشطر هكذا:

إذ هم خاوون من جوع

ومنهوكون من حمى وداء سام

أرسل فيهم أنياب الوحوش

مع حمة زواحف الأرض

من خارج السيف يُثكل

ومن داخل الخدور الرعبة

الفتى مع الفتاة

والرضيع مع الأشيب

وفيهما أربع ضربات من ضربات الله الهائلة السيف والجوع والوحوش الضارية والوبأ. ويوضح الآية الخامسة والعشرين قول إرميا «إِذَا خَرَجْتُ إِلَى ٱلْحَقْلِ، فَإِذَا ٱلْقَتْلَى بِٱلسَّيْفِ. وَإِذَا دَخَلْتُ ٱلْمَدِينَةَ، فَإِذَا ٱلْمَرْضَى بِٱلْجُوعِ، لأَنَّ ٱلنَّبِيَّ وَٱلْكَاهِنَ كِلَيْهِمَا يَطُوفَانِ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يَعْرِفَانِ شَيْئاً» (إرميا ١٤: ١٨).

٢٦، ٢٧ «٢٦ قُلْتُ أُبَدِّدُهُمْ إِلَى ٱلزَّوَايَا، وَأُبَطِّلُ مِنَ ٱلنَّاسِ ذِكْرَهُمْ. ٢٧ لَوْ لَمْ أَخَفْ مِنْ إِغَاظَةِ ٱلْعَدُوِّ، مِنْ أَنْ يُنْكِرَ أَضْدَادُهُمْ، مِنْ أَنْ يَقُولُوا: يَدُنَا ٱرْتَفَعَتْ وَلَيْسَ ٱلرَّبُّ فَعَلَ كُلَّ هٰذِهِ».

حزقيال ٢٠: ١٣ و١٤ و٢٣ إرميا ١٩: ٤ مزمور ١٤٠: ٨

لا يستطيع إنسان أن يقول هذا البرهان وينسبه إلى الله نعم إن موسى احتج بمثل ذلك ولكنه لم ينسب الخوف إلى الله جل وعلا فلا يستطيع أن يقول على الله تعالى ذلك لكنه تعالى يقدر أن يقول لو لم أخف إغاظة العدو (والخوف هنا مستعار للكراهة الشديدة التي تعتزل كما يعتزل الخائف ما يخيفه ومع ذلك لا يحسن بالعبد أن يستعيره لكراهة الله الدنايا).

يُنْكِرَ أَضْدَادُهُمْ أي ينكر أعداء الإسرائيليين إن الرب فعل بالإسرائيليين ذلك تأديباً فيظنون أنهم بقوتهم لا بقصد الرب أذلُوا إسرائيل.

٢٨ «إِنَّهُمْ أُمَّةٌ عَدِيمَةُ ٱلرَّأْيِ وَلاَ بَصِيرَةَ فِيهِمْ».

إشعياء ٢٧: ١١ وإرميا ٤: ٢٢

عَدِيمَةُ ٱلرَّأْيِ النظر في العواقب.

٢٩ «لَوْ عَقَلُوا لَفَطِنُوا بِهٰذِهِ وَتَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ».

ص ٥: ٢٩ ومزمور ٨١: ١٣ و١٠٧: ٤٣ ولوقا ١٩: ٤٢ إشعياء ٤٧: ٧ ومراثي إرميا ١: ٩

تَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ أي نظروا إلى عاقبة المعصية وشدة تأديب الله عليها فرجعوا عنها.

٣٠ «كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ أَلْفاً، وَيَهْزِمُ ٱثْنَانِ رَبْوَةً، لَوْلاَ أَنَّ صَخْرَهُمْ بَاعَهُمْ وَٱلرَّبَّ سَلَّمَهُمْ؟».

لاويين ٢٦: ٨ ويشوع ٢٣: ١٠ و٢أيام ٢٤: ٢٤ وإشعياء ٣٠: ١٧ مزمور ٤٤: ١٢ وإشعياء ٥٠: ١ و٥٢: ٣

كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ من أعدائهم.

أَلْفاً منهم (قابل بهذا ص ٢٨: ٢٥ ولاويين ٢٦: ٨ و١٧ و٣٦).

بَاعَهُمْ أي دفعهم إلى أيدي أعدائهم (كما يدفع البائع المبيع إلى المشتري). وكثر مثل هذه العبارة في سفري القضاة وصموئيل (انظر قضاة ٢: ١٤ و٣: ٨ و٤: ٢ و١٠: ٧ و١صموئيل ١٢: ٩).

سَلَّمَهُمْ إلى الأعداء. جاء في سفر المزامير «دَفَعَ إِلَى ٱلسَّيْفِ شَعْبَهُ وَغَضِبَ عَلَى مِيرَاثِهِ» (مزمور ٧٨: ٦٢).

٣١ «لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ، وَلَوْ كَانَ أَعْدَاؤُنَا حَاكِمِينَ».

١صموئيل ٢: ٢ و١صموئيل ٤: ٨ وإرميا ٤٠: ٣

لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ أي آلهة الأعداء التي هي ملاذهم ليست كالرب الذي هو ملاذنا فلو لم نغظ الرب ما سادوا علينا لأن آلهتهم الباطلة لا تستطيع أن تحارب إسرائيل كما يستطيع الرب أن يحارب أعداءه. وقال راشي في هذه العبارة «لأن صخرهم أي إله الأعداء ليس كصخرنا أي الرب ومع ذلك أعداؤنا قضاة أي أسياد يسودوننا» وما قلناه قبلاً هو المعنى الحقّ.

٣٢ «لأَنَّ مِنْ جَفْنَةِ سَدُومَ جَفْنَتَهُمْ وَمِنْ كُرُومِ عَمُورَةَ. عِنَبُهُمْ عِنَبُ سُمٍّ، وَلَهُمْ عَنَاقِيدُ مَرَارَةٍ».

إشعياء ١: ١٠

جَفْنَتَهُمْ الخ أي جفنة إسرائيل لا جفنة الأعداء فهذه الآية متعلقة بالآية الثلاثين والآية الحادية والثلاثون دليل معترض بينهما. فيكون ترتيب الكلام هكذا «صخرهم باعهم والرب سلمهم لأن من جفنة سدوم جفنتهم الخ». جاء في نبوءة هوشع «إِسْرَائِيلُ جَفْنَةٌ مُمْتَدَّةٌ. يُخْرِجُ ثَمَراً لِنَفْسِهِ» (هوشع ١٠: ١). جاء في نبوءة إشعياء «غَرَسَهُ كَرْمَ سَوْرَقَ… فَٱنْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَباً فَصَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً… إِنَّ كَرْمَ رَبِّ ٱلْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا. فَٱنْتَظَرَ حَقّاً فَإِذَا سَفْكُ دَمٍ، وَعَدْلاً فَإِذَا صُرَاخٌ» (إشعياء ٥: ٢ – ٧).

٣٣ «خَمْرُهُمْ حُمَةُ ٱلثَّعَابِينِ وَسُمُّ ٱلأَصْلاَلِ ٱلْقَاتِلُ».

مزمور ٥٨: ٤ مزمور ١٤٠: ٣ ورومية ٣: ١٣

حُمَةُ ٱلثَّعَابِينِ أي سمّ الحيات.

سُمُّ ٱلأَصْلاَلِ ٱلْقَاتِلُ بيان لحمة الثعابين. والأصلال الحيّات.

٣٤ «أَلَيْسَ ذٰلِكَ مَكْنُوزاً عِنْدِي، مَخْتُوماً عَلَيْهِ فِي خَزَائِنِي».

أيوب ١٤: ١٧ وإرميا ٢: ٢٢ وهوشع ١٣: ١٢ ورومية ٢: ٥

أَلَيْسَ ذٰلِكَ الإشارة إلى ما ذُكر في (ع ٣٢ و٣٣) وهو ما خلاصته إن أعمال إسرائيل رديئة.

٣٥ «لِيَ ٱلنَّقْمَةُ وَٱلْجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ هَلاَكِهِمْ قَرِيبٌ وَٱلْمُهَيَّئَاتُ لَهُمْ مُسْرِعَةٌ».

مزمور ٩٤: ١ ورومية ١٢: ١٩ وعبرانيين ١٠: ٣ و٢بطرس ٢: ٣

لِيَ ٱلنَّقْمَةُ وَٱلْجَزَاءُ (أي أنا المنتقم والمجازي لا سواي). وقد اقتبس الرسول هذه العبارة في المعنى مع تغيير زهيد في اللفظ بقوله في رسالة العبرانيين «فَإِنَّنَا نَعْرِفُ ٱلَّذِي قَالَ: لِيَ ٱلانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ» وبقوله في رسالة الرومانيين «لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ ٱلنَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (عبرانيين ١٠: ٣٠ ورومية ١٢: ١٩).

فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ أي حين تزل أقدامهم (كما لو قرأت الوقت بلا تنوين. وزلة القدم هنا استعارة للخطإ).

٣٦ «لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. حِينَ يَرَى أَنَّ ٱلْيَدَ قَدْ مَضَتْ وَلَمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ».

مزمور ١٣٥: ١٤ قضاة ٢: ١٨ ومزمور ١٠٦: ٤٥ وإرميا ٣١: ٢٠ ويوئيل ٢: ١٤ و١ملوك ١٤: ١٠ و٢١: ٢١ و٢ملوك ٩: ٨ و١٤: ٢٦

لأَنَّ ٱلرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ أي يعاقب (لأن الدينونة تستلزم العقاب ولهذا قيل لا دينونة على الذين هم بيسوع المسيح) وقد اقتبس ذلك كاتب رسالة العبرانيين بقوله «وَأَيْضاً: ٱلرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ. مُخِيفٌ هُوَ ٱلْوُقُوعُ فِي يَدَيِ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» فأبان إن الدينونة هنا تستلزم العقاب (عبرانيين ١٠: ٣٠ و٣١) (لا الانتقام لشعبه كما فسر بعضهم. وهذه الآية نص على أن الله لا يحابي في القضاء فيدين شعبه على المعصية كما يدين غيره).

وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ (بيّن الله هنا رحمته وحنوه على التائبين الخاضعين له كما بيّن في العبارة السابقة عدله بلا محاباة على العصاة فكان ذلك تعزية للشعب). وبعض هذه الآية في قول حزقيال النبي «وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَتَشَفَّيْتُ، يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ الخ» (حزقيال ٥: ١٣). وقول إشعياء «إِنِّي أَسْتَرِيحُ مِنْ خُصَمَائِي وَأَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي» (إشعياء ١: ٢٤).

وَلَمْ يَبْقَ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ (قال بعضهم أراد بالمحجوز هنا من كان من سكان المدن وبالمطلق من كان من سكان القرى المتفرقة) (انظر ١ملوك ١٤: ١٠ و٢١: ٢١ و٢ملوك ٩: ٨ و١٤: ٢٦).

٣٧، ٣٨ «يَقُولُ: أَيْنَ آلِهَتُهُمُ، ٱلصَّخْرَةُ ٱلَّتِي ٱلْتَجَأُوا إِلَيْهَا، ٣٨ ٱلَّتِي كَانَتْ تَأْكُلُ شَحْمَ ذَبَائِحِهِمْ وَتَشْرَبُ خَمْرَ سَكَائِبِهِمْ؟ لِتَقُمْ وَتُسَاعِدْكُمْ وَتَكُنْ عَلَيْكُمْ حِمَايَةً».

قضاة ١٠: ١٤ وإرميا ٢: ٢٨

يَقُولُ: أَيْنَ آلِهَتُهُمُ… لِتَقُمْ وَتُسَاعِدْكُمْ (الذي يقول هو الرب فإنه يقول لبني إسرائيل عند بليتهم أين آلهة الأمم التي عبدتموها أمامي إنها بلا قوة إذ لا تقدر أن تقوم وتساعدكم). وقال الرب لإسرائيل مثل هذا في سفر القضاة (قضاة ١٠: ١٤).

٣٩ «اُنْظُرُوا ٱلآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلٰهٌ مَعِي. أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي. سَحَقْتُ وَإِنِّي أَشْفِي، وَلَيْسَ مِنْ يَدِي مُخَلِّصٌ».

مزمور ١٠٢: ٢٧ وإشعياء ٤١: ٤ و٤٨: ١٢ ص ٤: ٢٥ وإشعياء ٤٥: ٥ و١٨ و٢٢ و١صموئيل ٢: ٦ و٢ملوك ٥: ٧ وأيوب ٥: ١٨ ومزمور ٦٨: ٢٠ وهوشع ٦: ١

أَنَا أَنَا هُوَ في العبرانية «إني أنا هو» فالظاهر إن «أنا» الأولى متبدأ «وأنا هو» خبره وهو علم مركب. والمركب جملة اسمية وهو اسم الرب يهوه ومعناه واجب الوجود أو الأزلي الأبدي غير المتغير وهو كاسمه الذي أعلنه لموسى وهو «اهيه الذي اهيه» (أي أكون الذي أكون) أي الكائن أزلاً وأبداً «أنا هو». (انظر إشعياء ٤١: ٤ و٤٣: ١٠ و١٣ و٤٨: ١٢).

وَلَيْسَ إِلٰهٌ مَعِي أي لا شريك لي ولا إله إلا أنا.

أَنَا أُمِيتُ وَأُحْيِي جاءت هذه العبارة في كلام حنة مع إبدال الضمير «أنا» بالرب والفعل للمتكلم بالفعل للغائب أي «الرب يميت ويحيي» (١صموئيل ٢: ٦) وجاء في نبوءة إشعياء «مِنَ ٱلْيَوْمِ (أو البدء) أَنَا هُوَ، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِي. أَفْعَلُ، وَمَنْ يَرُدُّ» (إشعياء ٤٣: ١٣).

٤٠، ٤١ «٤٠ إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلَى ٱلأَبَدِ. ٤١ إِذَا سَنَنْتُ سَيْفِي ٱلْبَارِقَ، وَأَمْسَكَتْ بِٱلْقَضَاءِ يَدِي، أَرُدُّ نَقْمَةً عَلَى أَضْدَادِي، وَأُجَازِي مُبْغِضِيَّ».

تكوين ١٤: ٢٢ وخروج ٦: ٨ وعدد ١٤: ٣٠ إشعياء ٢٧: ١ و٣٤: ٥ و٦٦: ١٦ وحزقيال ٢١: ٩ و١٠ و١٤ و٢٠ إشعياء ١: ٢٤ وناحوم ١: ٢

من عادة الناس يومئذ أن يرفعوا أيديهم إلى السماء عند القسم بياناً أنهم يقسمون بالإله الحق العلي والله هنا أقسم بنفسه إذ ليس أعظم منه ولا مثله ليقسم به.

سَنَنْتُ سَيْفِي ٱلْبَارِقَ (أي عزمت على الانتقام).

وَأَمْسَكَتْ بِٱلْقَضَاءِ يَدِي الخ (أي قطعت بأن أُجري حكمي الخ).

٤٢ «أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ، وَيَأْكُلُ سَيْفِي لَحْماً. بِدَمِ ٱلْقَتْلَى وَٱلسَّبَايَا وَمِنْ رُؤُوسِ قُوَّادِ ٱلْعَدُوِّ».

إرميا ٤٦: ١٠ أيوب ١٣: ٢٤ وإرميا ٣٠: ١٤ ومراثي إرميا ٢: ٥

أُسْكِرُ سِهَامِي بِدَمٍ هو دم القتلى والسبابا ورؤوس قواد الأعداء كما يظهر من آخر الآية.

يَأْكُلُ سَيْفِي لَحْماً أي لحم القتلى والسبايا الخ. (ومعنى الآية أنه تعالى ينتقم من أعدائه انتقاماً شديداً كاملاً). ويشبه هذا قوله جل وعلا «ٱلرَّبَّ بِٱلنَّارِ يُعَاقِبُ وَبِسَيْفِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، وَيَكْثُرُ قَتْلَى ٱلرَّبِّ» (إشعياء ٦٦: ١٦).

٤٣ «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ شَعْبُهُ، لأَنَّهُ يَنْتَقِمُ بِدَمِ عَبِيدِهِ، وَيَرُدُّ نَقْمَةً عَلَى أَضْدَادِهِ، وَيَصْفَحُ عَنْ أَرْضِهِ عَنْ شَعْبِهِ».

رومية ١٥: ١٠ رؤيا ٦: ١٠ و١٩: ٢ ع ٤١ مزمور ٨٥: ١

تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ شَعْبُهُ (الشعب هنا بيان للأمم وذلك دليل على أن للأمم أن يكونوا شعب الله وأنباء بأن يكونوا كذلك. وفي بعض التراجم غير العربية «تهللوا أيها الأمم مع شعبه» وهو يستلزم معنى ما سبق. وقد ترجم هذه العبارة بولس الرسول بذلك فقال في الرسالة إلى الرومانيين مبيناً أن الأمم مجدوا الله «وَيَقُولُ أَيْضاً: تَهَلَّلُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ» (رومية ١٥: ١٠). ولعله نقلها عن الترجمة السبعينية فإنها ترجمت فيها كذلك).

يَصْفَحُ عَنْ أَرْضِهِ أي عن سكان أرضه كما أبان بقوله على أثر ذلك عن شعبه فإنه تعالى سيغفر لشعبه ويطهّره ويرحمه.

شروع يشوع في إتمام التاريخ

٤٤ «فَأَتَى مُوسَى وَنَطَقَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ فِي مَسَامِعِ ٱلشَّعْبِ هُوَ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ».

هُوَ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ (يشوع هنا في الأصل العبراني هوشع) ولماذا دُعي هوشع في هذا الموضع فإن تغيير اسمه هوشع إلى يشوع كان يوم دخل أرض الميعاد مع أحد عشر من الجواسيس. فالظاهر أن العلة كانت شروعه في أن يقود الشعب بدلاً من موسى ويخلصهم فأُعيد إليه الاسم الأول هوشع أي خلاص الرب. قابل بهذا تغيير اسم يعقوب إلى إسرائيل (تكوين ٣٢: ٢٢ و٣٥: ١٠). وانظر أيضاً قوله له حين كاد يدخل مصر في رؤيا الليل «يعقوب يعقوب» ومن المحتمل أن اسمه كُتب هنا هوشع لأنه أول مرة كتبه هو نفسه في التاريخ المقدس فاختار أن يكون الاسم الأصلي. وكل ما كُتب بعد نهاية النشيد إلى آخر سفر التثنية ليس لموسى بل ليشوع على ما يرجّح أو لمؤلف غيره من الملهمين فلا نعلم من هو.

٤٥، ٤٦ «٤٥ وَلَمَّا فَرَغَ مُوسَى مِنْ مُخَاطَبَةِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ بِكُلِّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، ٤٦ قَالَ لَهُمْ: وَجِّهُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَنَا أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ بِهَا ٱلْيَوْمَ، لِكَيْ تُوصُوا بِهَا أَوْلاَدَكُمْ، لِيَحْرِصُوا أَنْ يَعْمَلُوا بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذِهِ ٱلتَّوْرَاةِ».

ص ٦: ٦ و١١: ١٨ وحزقيال ٤٠: ٤

وَجِّهُوا قُلُوبَكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ فسر راشي هذه العبارة بقول الرجل لحزقيال «يَا ٱبْنَ آدَمَ، ٱنْظُرْ بِعَيْنَيْكَ وَٱسْمَعْ بِأُذُنَيْكَ وَٱجْعَلْ قَلْبَكَ إِلَى كُلِّ مَا أُرِيكَهُ» (حزقيال ٤٠: ٤).

لِكَيْ تُوصُوا بِهَا أَوْلاَدَكُمْ من أخص أغراض حفظ الشريعة تعليمها لمن يأتي في الزمن الآتي.

٤٧ «لأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْراً بَاطِلاً عَلَيْكُمْ، بَلْ هِيَ حَيَاتُكُمْ. وَبِهٰذَا ٱلأَمْرِ تُطِيلُونَ ٱلأَيَّامَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ ٱلأُرْدُنَّ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا».

لاويين ١٨: ٥ وص ٣٠: ١٩ وأمثال ٣: ٢ و٢٢ و٤: ٢٢ ورومية ١٠: ٥

لأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْراً بَاطِلاً أي هي أمر نافع ذو شأن تستحق تأملكم وانتباهكم وعنايتكم.

هِيَ حَيَاتُكُمْ (أي وسيلة حياتكم أو تتوقف عليها حياتكم). هذا آخر ما قيل في هذا الكتاب من المحققات لإسرائيل إن غاية إقامتهم بأرض كنعان اعتبار شريعة الرب شريعة لكل تلك الأرض.

٤٨ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».

عدد ٢٧: ١٢ و١٣

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى فِي نَفْسِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أي اليوم الذي تكلم فيه بالنشيد في مسامع بني إسرائيل.

٤٩ «اِصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هٰذَا، جَبَلِ نَبُو ٱلَّذِي فِي أَرْضِ مُوآبَ ٱلَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا، وَٱنْظُرْ أَرْضَ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مُلْكاً».

عدد ٣٣: ٤٧ و٤٨ وص ٣٤: ١

اِصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هو جبل من سلسلة جبال عباريم وهي شرقي الأردن تمتد من الشمال إلى الجنوب (انظر عدد ٢٨: ١٢). والوصية نفسها أُعطيت هناك جواباً لطلب موسى خليفة وكل ما قصّ بين تلك المقالة وهذه يُعد مقدمة لنبإ وفاة موسى.

جَبَلِ نَبُو أحد جبال سلسلة عباريم المذكورة آنفاً ولم يزل يسمى بذلك عند العرب إلا أنهم يدعونه نبا لا نبو. وعلو هذا الجبل ٤٠٠٠ قدم فوق السهل.

٥٠، ٥١ «٥٠ وَمُتْ فِي ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي تَصْعَدُ إِلَيْهِ، وَٱنْضَمَّ إِلَى قَوْمِكَ كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ وَضُمَّ إِلَى قَوْمِهِ. ٥١ لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةِ قَادِشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينٍ، إِذْ لَمْ تُقَدِّسَانِي فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

عدد ٢٠: ٢٥ و٢٨ عدد ٢٠: ١١ إلى ١٣ و٢٧: ١٤ لاويين ١٠: ٣

وَمُتْ فِي ٱلْجَبَلِ أي جبل نبو (أو نبا).

كَمَا مَاتَ هَارُونُ أَخُوكَ فِي جَبَلِ هُورٍ… لأَنَّكُمَا خُنْتُمَانِ العلة هنا الخيانة والمعلول على ما في الآية إما موت كل من هارون وموسى بقطع النظر عن الموضع وإما هو مع الموضع. ورجّح بعضهم الآخر فقال: لماذا كان على كل من هارون وموسى أن يصعد إلى جبل ليموت. إني أعتقد بناء على التعليل الذي في الآية والخيانة التي أتياها إن المعلول الموت ومكانه. وخيانتهما هي أنهما أُمرا أن يكلما الصخرة في قادش لا أن يصرباها فضرباها. وقال موسى حينئذ «ٱسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمَرَدَةُ! أَمِنْ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً» (عدد ٢٠: ١٠ و١١). والصخرة هنا في العبرانية «سلع» والصخرة التي خرج منها الماء في حوريب «صور». وخطأ موسى وهارون ظنهما على ما أظن أنه من الضروري أن يقفا على الصخرة ويضرباها بدلاً من أن يجمعا بني إسرائيل ويكلما الصخرة من تحتها. فالصخرة التي ضُربت في حوريب كانت رمزاً إلى المسيح (باعتبار كونه ضُرب من أجل ذنب شعبه) والصخرة التي كان عليهما أن لا يضرباها كانت رمزاً إلى المسيح (بعد أن صعد وتمجد) فكان لا يجوز إلا أن يكمل أي يصلّى له. على أن موسى علم في بعض كلامه الآخر ما يفيد ذلك وهو قوله «لَيْسَتْ هِيَ فِي ٱلسَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَصْعَدُ لأَجْلِنَا إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا… بَلِ ٱلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدّاً، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» (ص ٣٠: ١٢ – ١٤). فصعود موسى وهارون على الصخرة وضربها على خلاف أمر الله كان علة صعود كل منهما إلى جبل وضربه بالموت.

٥٢ «فَإِنَّكَ تَنْظُرُ ٱلأَرْضَ مِنْ قُبَالَتِهَا، وَلٰكِنَّكَ لاَ تَدْخُلُ إِلَى هُنَاكَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ».

عدد ٢٧: ١٢ وص ٣٤: ٤

تَنْظُرُ ٱلأَرْضَ مِنْ قُبَالَتِهَا (انظر ص ٣٤: ٤ وعدد ٢٧: ١٢ – ١٤ والتفسير).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى