سفر التثنية

سفر التثنية | 28 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر التثنية

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلْعِشْرُونَ

إثبات الشريعة في التثنية البركة واللعنة

يكاد كل جزء من الشريعة لا يخلو من خاتمة تشتمل على الجزاء الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية (انظر خروج ص ٢١ – ص ٢٣ ولاويين ص ٢٦ ومتّى ص ٢٣ وص ٢٥ ورؤيا ١٢: ١٠ – ١٩).

ولنا أن نقسم هذا الأصحاح إلى أربعة أقسام:

  1. بركات الأمة بالنظر إلى كونها شعب الله على الطاعة (ع ١ – ١٤).
  2. اللعنات المترتبة على المعصية (ع ١٥ – ٤٨).
  3. النبوءة بأن أمة غريبة تقهر إسرائيل ومصائب حصار العاصمة (ع ٤٩ – ٥٧).
  4. استمرار مصاب الأمة المرفوضة (ع ٥٨ – ٦٨).

ونبوءة هذا السفر تستحق اعتباراً عظيماً وإن صحّ قول بعضهم إن سفر التثنية أُلف في عصر الأنبياء المتأخرين وإن أحد أولئك الأنبياء كتبه. ومن المُجمع عليه أن هذا السفر كُتب قبل أن هدم تيطس أورشليم ولا مهرب من صدق نبوءة هذا الأصحاح لأحد. ولا أحد من نبهاء اليهود الذين ذاقوا الذلة والشقاء نحو ثمانية عشر جيلاً ينكر أن ذلك كان بمقتضى هذه النبوءة. ومما يحسن أن يُذكر هنا أن هذا الأصحاح ليس بخاتمة سفر التثنية فإنه قُطع عهد مع إسرائيل بعد هذا. وإن موسى توفي وكلمات البركة على شفتيه (انظر تفسير ص ٢٩: ١).

البركات المترتبة على الطاعة (ع ١ – ١٤)

١ «وَإِنْ سَمِعْتَ سَمْعاً لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، يَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مُسْتَعْلِياً عَلَى جَمِيعِ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ».

خروج ١٥: ٢٦ ولاويين ٢٦: ٣ وإشعياء ٥٥: ٢ ص ٢٦: ١٩

يَجْعَلُكَ… مُسْتَعْلِياً أو علّياً والعلّي من أسماء الله كما مر في تفسير (ص ٢٦: ١٩) وكما يظهر مما قيل في أورشليم من أنها تسمى «الرب برّنا» (إرميا ٣٣: ١٦) وإنها «يهوه شمة» (حزقيال ٤٨: ٣٥). قال المسيح في الظافر «أَكْتُبُ عَلَيْهِ ٱسْمَ إِلٰهِي، وَٱسْمَ مَدِينَةِ إِلٰهِي أُورُشَلِيمَ» (رؤيا ٣: ١٢) «وَٱسْمُهُ (الله) عَلَى جِبَاهِهِمْ» (رؤيا ٢٢: ٤).

٢ – ٤ «٢ وَتَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَاتِ وَتُدْرِكُكَ إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ. ٣ مُبَارَكاً تَكُونُ فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي ٱلْحَقْلِ. ٤ وَمُبَارَكَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ وَثَمَرَةُ بَهَائِمِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ».

ع ١٥ وزكريا ١: ٦ مزمور ١٢٨: ١ و ٤ تكوين ٣٩: ٥ تكوين ٢٢: ١٧ و٤٩: ٢٥ وص ٧: ١٣ وع ١١ ومزمور ١٠٧: ٣٨ و١٢٧: ٣ و١٢٨: ٣ وأمثال ١٠: ٢٢ و١تيموثاوس ٤: ٨

وَتُدْرِكُكَ البركات. وما أحسن هذا الوعد أن البركات تجري إليه وتدركه بدلاً من أن يجري وراءها لكي يدركها وهذا من أحسن الموضحات لمحبة الله.

٥ «مُبَارَكَةً تَكُونُ سَلَّتُكَ وَمِعْجَنُكَ».

سَلَّتُكَ أي ثمر أرضك فإن الثمار توضع في السلال عند الجنى وتُنقل بها ومثل هذا قوله «ومعجنك».

٦ «مُبَارَكاً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمُبَارَكاً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ».

مزمور ١٢١: ٨

فِي دُخُولِكَ… فِي خُرُوجِكَ أي في كل أعمالك هذه الحياة وسعيك في أسباب المعاش لأنها تستلزم الخروج والدخول (أعمال ١٣: ٢٤ ولوقا ٩: ٣١). وقال راشي «المعنى أنك تخرج من هذا العالم بلا خطيئة كما دخلت إليه بلا خطيئة» فإن اليهود لا يؤمنون بالخطية الأصلية المعروفة عند المسيحيين بالخطية الجدية.

٧ «يَجْعَلُ ٱلرَّبُّ أَعْدَاءَكَ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيْكَ مُنْهَزِمِينَ أَمَامَكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ يَخْرُجُونَ عَلَيْكَ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ».

لاويين ٢٦: ٧ و٨ وع ٢٥ و٢صموئيل ١٢: ٣٨ و٣٩ و٤١ ومزمور ٨٩: ٢٣

فِي سَبْعِ طُرُقٍ يَهْرُبُونَ أَمَامَكَ كذا تكون عادتهم حتى أنهم لشدة خوفهم يهربون متفرقين في كل جهة (راشي). انظر نبأ هرب المديانيين (قضاة ٧: ٢١ و٢٢) وهرب الآراميين (٢ملوك ٧: ٧).

٨ «يَأْمُرُ لَكَ ٱلرَّبُّ بِٱلْبَرَكَةِ فِي خَزَائِنِكَ وَفِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ، وَيُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

لاويين ٢٥: ٢١ وأمثال ٣: ١٠ ص ١٥: ١٠

خَزَائِنِكَ هذه الكلمة لم ترد إلا هنا وفي سفر الأمثال في قول الحكيم «أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شَبَعاً وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ مِسْطَاراً» (أمثال ٣: ٩ و١٠). وفي ذلك بركتان متقابلتان وهما كثرة النفقة وكثرة الدخل. وهذا نوع من البديع يُعرف في العربية بالطباق وهو مما كثر في اللغة العبرانية ولو لزوماً كما هنا.

يُبَارِكُكَ فِي ٱلأَرْضِ التي هي أرض الميعاد ميراث الرب الذي وعد به.

٩ «يُقِيمُكَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ شَعْباً مُقَدَّساً كَمَا حَلَفَ لَكَ، إِذَا حَفِظْتَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ وَسَلَكْتَ فِي طُرُقِهِ».

خروج ١٩: ٥ و٦ وص ٧: ٦ و٢٦: ١٨ و١٩ و٢٩: ١٣

يُقِيمُكَ ٱلرَّبُّ لِنَفْسِهِ شَعْباً مُقَدَّساً أي يختارك شعباً مقدساً أو يرفعك إلى مقام شعب مقدس والكلمة العبرانية تفيد مع ذلك الدوام وفي الترجمة السبعينية تشير إلى قيامة الأموات (انظر تفسير ص ١٨: ١٨ وقابل بذلك أعمال ٣٠: ٢٦ و٢صموئيل ٧: ١٢ و١أيام ١٧: ١١).

١٠ «فَيَرَى جَمِيعُ شُعُوبِ ٱلأَرْضِ أَنَّ ٱسْمَ ٱلرَّبِّ قَدْ سُمِّيَ عَلَيْكَ وَيَخَافُونَ مِنْكَ».

عدد ٦: ٢٧ و٢أيام ٧: ١٤ وإشعياء ٦٣: ١٩ ودانيال ٩: ١٨ و١٩ ص ١١: ٢٥

ٱسْمَ ٱلرَّبِّ قَدْ سُمِّيَ عَلَيْكَ أي تُدعى شعباً علياً أو شعب الرب.

يَخَافُونَ مِنْكَ (لأن الرب معك واسمه عليك). جاء في إرميا «فَتَكُونُ لِيَ ٱسْمَ فَرَحٍ لِلتَّسْبِيحِ وَلِلزِّينَةِ لَدَى كُلِّ أُمَمِ ٱلأَرْضِ، ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ بِكُلِّ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي أَصْنَعُهُ مَعَهُمْ، فَيَخَافُونَ وَيَرْتَعِدُونَ مِنْ أَجْلِ كُلِّ ٱلْخَيْرِ وَمِنْ أَجْلِ كُلِّ ٱلسَّلاَمِ ٱلَّذِي أَصْنَعُهُ لَهَا» (أي لأورشليم) (إرميا ٣٣: ٩).

١١ «وَيَزِيدُكَ ٱلرَّبُّ خَيْراً فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفَ ٱلرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ».

ع ٤ وص ٣٠: ٩ وأمثال ١٠: ٢٢

خَيْراً أي يجعلك ناجحاً كثير النسل والأملاك (إرميا ٣٣: ٩).

١٢ «يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ، ٱلسَّمَاءَ، لِيُعْطِيَ مَطَرَ أَرْضِكَ فِي حِينِهِ، وَلْيُبَارِكَ كُلَّ عَمَلِ يَدِكَ، فَتُقْرِضُ أُمَماً كَثِيرَةً وَأَنْتَ لاَ تَقْتَرِضُ».

لاويين ٢٦: ٤ وص ١١: ١٤ ص ١٤: ٢٩ ص ١٥: ٦

يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ ٱلسَّمَاءَ (السماء بيان للكنز الصالح فإن الخيرات كلها عند الإله العلي الذي يرسل الغيث من السماء فتأتي الأرض بالغلال ويُحيي الناس والبهائم). ذهب اليهود أن في يد القدوس تبارك وتعالى ثلاثة مفاتيح لا يسلمها إلى يد رسول وهي مفتاح الغيث ومفتاح الولادة ومفتاح القيامة أي الإقامة من الموت. ومفتاح الغيث أي المطر قوله في سفر التثنية ٢٨: ١٢ «يَفْتَحُ لَكَ ٱلرَّبُّ كَنْزَهُ ٱلصَّالِحَ، ٱلسَّمَاءَ» (نُقل ذلك عن التلمود).

١٣ «وَيَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ رَأْساً لاَ ذَنَباً وَتَكُونُ فِي ٱلارْتِفَاعِ فَقَطْ وَلاَ تَكُونُ فِي ٱلانْحِطَاطِ إِذَا سَمِعْتَ لِوَصَايَا ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، لِتَحْفَظَ وَتَعْمَلَ».

إشعياء ٩: ١٤ و١٥

رَأْساً لاَ ذَنَباً يفسر هذه العبارة ما بعدها.

١٤ «وَلاَ تَزِيغَ عَنْ جَمِيعِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً، لِتَذْهَبَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدَهَا».

ص ٥: ٣٢ و١١: ١٦

لاَ تَزِيغَ يصح في العبرانية أن يكون معطوفاً على «تعمل» في (ع ١٣) ولكن يُفهم من ترجمة السبعين أن هذه العبارة مستقلة استئنافية (والظاهر أنها من الوعد المقرون بالشرط أي سمعت لصوت الرب إلهك الخ يكن لك من جملة البركات أنك لا تزيغ. وذلك على وفق قوله تعالى «مَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ» (رؤيا ٢٢: ١١).

اللعنات المترتبة على المعصية (ع ١٥ – ٤٨)

١٥ «وَلٰكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ، تَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱللَّعْنَاتِ وَتُدْرِكُكَ».

لاويين ٢٦: ١٤ ومراثي إرميا ٢: ١٧ ودانيال ٩ – ١١ و١٣ وملاخي ٢: ٢ ع ٢

إِنْ لَمْ تَسْمَعْ (هذه الآية مع ما يليها إلى نهاية ع ٤٨ مقابلة لما في ع ١ – ١٤) وهي الآيات التي تشتمل على البركات المترتبة على الطاعة.

١٦ – ١٩ «١٦ مَلْعُوناً تَكُونُ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَمَلْعُوناً تَكُونُ فِي ٱلْحَقْلِ. ١٧ مَلْعُونَةً تَكُونُ سَلَّتُكَ وَمِعْجَنُكَ. ١٨ مَلْعُونَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ. ١٩ مَلْعُوناً تَكُونُ فِي دُخُولِكَ وَمَلْعُوناً تَكُونُ فِي خُرُوجِكَ».

ع ٣ الخ

(هذه الآيات تقابل ع ٣ – ٦).

٢٠ «يُرْسِلُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَ وَٱلاضْطِرَابَ وَٱلزَّجْرَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ يَدُكَ لِتَعْمَلَهُ، حَتَّى تَهْلِكَ وَتَفْنَى سَرِيعاً مِنْ أَجْلِ سُوءِ أَفْعَالِكَ إِذْ تَرَكْتَنِي».

ملاخي ٢: ٢ و١صموئيل ١٤: ٢٠ وزكريا ١٤: ١٣ مزمور ٨٠: ١٦ وإشعياء ٣٠: ١٧ و٥١: ٢٠ و٦٦: ١٥

ٱللَّعْنَ وَٱلاضْطِرَابَ وَٱلزَّجْرَ ونتيجة ذلك الخيبة في الأعمال والمطالب فإن الله يعاقب المذنبين ويقلقهم ويمنعهم من النجاح في كل الأعمال البشرية.

إِذْ تَرَكْتَنِي (أي إن الله يترك الإنسان لأن الإنسان يتركه) وترك موسى وترك الله هنا شيء واحد لأن موسى رسول الله خاطب بني إسرائيل بكلام الله ولأن موسى وغيره من الأنبياء قالوا للناس «هكذا يقول الرب» (قابل بهذا أعمال ٢١: ٢١).

٢١ «يُلْصِقُ بِكَ ٱلرَّبُّ ٱلْوَبَأَ حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا».

لاويين ٢٦: ٢٥ وإرميا ٢٤: ١٠

ٱلْوَبَأَ الوبأ من أحكام الله الأربعة على أورشليم (حزقيال ١٤: ١٩ – ٢١).

حَتَّى يُبِيدَكَ عَنِ ٱلأَرْضِ يتبين من (ع ٢١ – ٣٥) إن الله أنذر إسرائيل بالفناء على التدريج قبل السبي إلى بابل.

٢٢ «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِٱلسِّلِّ وَٱلْحُمَّى وَٱلْبُرَدَاءِ وَٱلالْتِهَابِ وَٱلْجَفَافِ وَٱللَّفْحِ وَٱلذُّبُولِ، فَتَتَّبِعُكَ حَتَّى تُفْنِيَكَ».

لاويين ٢٦: ١٦ عاموس ٤: ٩

بِٱلسِّلِّ لم يُذكر السل إلا هنا وفي (لاويين ٢٦: ١٦) «وهو مرص يُفنى به الجسم» (راشي).

ٱلْحُمَّى لم تُذكر إلا هنا وفي (لاويين ٢٦: ١٦) (وهي مرض التهابي) وهي ضربة من ضربات مَن غضبه نار تتوقد إلى الهاوية السفلى وتأكل الأرض (ص ٣٢: ٢٢).

ٱلْبُرَدَاءِ لم تُذكر إلا ههنا (وهي ما تعتري المحموم في أول النوبة فيرتعد بها بدنه) قال أحد المفسرين وهي مشتقة في العبرانية من فعل معناه أحرق أو أحمى كثيراً «فهي حرارة أشد من الحمى» (راشي).

ٱلالْتِهَابِ لم يُذكر إلا هنا «وهو مرض يُحمي باطن الجسد» (راشي).

وَٱلْجَفَافِ وَٱللَّفْحِ (انظر عاموس ٤: ٩ و١ملوك ٨: ٣٧ وحجي ٢: ١٧).

٢٣ «وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ ٱلَّتِي فَوْقَ رَأْسِكَ نُحَاساً، وَٱلأَرْضُ ٱلَّتِي تَحْتَكَ حَدِيداً».

لاويين ٢٦: ١٩

وَتَكُونُ سَمَاؤُكَ… نُحَاساً وَٱلأَرْضُ… حَدِيداً (فلا تمطر السماء ولا تنبت الأرض) وذلك بقصد الله لأنه يرفضه. قال الرب لإرميا «لاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ لِلْخَيْرِ» (إرميا ١٤: ١١).

٢٤ «وَيَجْعَلُ ٱلرَّبُّ مَطَرَ أَرْضِكَ غُبَاراً، وَتُرَاباً يُنَزِّلُ عَلَيْكَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ حَتَّى تَهْلِكَ».

غُبَاراً وَتُرَاباً يجعل الرياح تحمل إليه ذلك من الصحراء الكبيرة التي في الشرق من فلسطين.

٢٥ «يَجْعَلُكَ ٱلرَّبُّ مُنْهَزِماً أَمَامَ أَعْدَائِكَ. فِي طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ عَلَيْهِمْ وَفِي سَبْعِ طُرُقٍ تَهْرُبُ أَمَامَهُمْ، وَتَكُونُ قَلِقاً فِي جَمِيعِ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ».

لاويين ٢٦: ١٧ و٣٧ وع ٧ وص ٣٢: ٣٠ وإشعياء ٣٠: ١٧ إرميا ١٥: ٤ و٢٤: ٩ وحزقيال ٢٣: ٤٦

هذه الآية مقابلة للآية السابعة.

قَلِقاً مضطرباً خائفاً لأنك مرفوض من الله.

٢٦ «وَتَكُونُ جُثَّتُكَ طَعَاماً لِجَمِيعِ طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَوُحُوشِ ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُهَا».

١صموئيل ١٧: ٤٤ و٤٦ ومزمور ٧٩: ٢ وإرميا ٧: ٣٣ و١٦: ٤ و٣٤: ٢٠

تَكُونُ جُثَّتُكَ طَعَاماً كُرر هذا في نبوءة إرميا (إرميا ٧: ٣٣ و١٥: ٣).

وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُهَا إذ لا يبقى أحد منك يطرد الوحوش والجوارح عن جثتك ولا امرأة كرصفة التي دفعت عن ابنيها وغيرهما من القتلى فإنها «لَمْ تَدَعْ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ نَهَاراً وَلاَ حَيَوَانَاتِ ٱلْحَقْلِ لَيْلاً» (٢صموئيل ٢١: ١٠).

٢٧ «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِقُرْحَةِ مِصْرَ وَبِالْبَوَاسِيرِ وَٱلْجَرَبِ وَٱلْحِكَّةِ حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ».

خروج ٩: ٩ و١٥: ٢٦ وع ٣٥ و١صموئيل ٥: ٦ ومزمور ٧٨: ٦٦

بِقُرْحَةِ مِصْرَ أي القرحة التي ضُرب بها المصريون (خروج ٩: ٩ الخ) وسُميت بالبثور والدمامل والكلمة العبرانية واحدة (انظر أيصاً ٢ملوك ٢٠: ٧ وأيوب ٢: ٧). قال راشي كانت تلك القرحة خبيثة جداً رطبة من الداخل ويابسة من الخارج. قال أحد المفسرين أنبأني دلماتيان العالم اليهودي الذي قرأت عليه هذه العبارة أنه كثيراً ما شاهد هذه القرحة في يهود هنغاريا ويهود بولندا وإنها تفشت فيهم لقلة عنايتهم بالنظافة.

الْبَوَاسِيرِ علة تحدث في المقعدة والأنف والشفاه (انظر ١صمئويل ٥: ٦).

ٱلْجَرَبِ (لاويين ٢١: ٢٠ و٢٢: ٢٢) وهو مرض يتنجس به الكهنة فلا يصلحون لأن يخدموا الرب.

ٱلْحِكَّةِ «هي قرحة يابسة كالخزف» (راشي).

حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ لا لأن تلك الأمراض لا تُشفى بل لأن الله يمنع من شفائها.

٢٨ «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِجُنُونٍ وَعَمىً وَحَيْرَةِ قَلْبٍ».

إرميا ٤: ٩

بِجُنُونٍ وَعَمىً وَحَيْرَةِ ذُكرت هذه الضربات الثلاث في نبوءة زكريا (زكريا ١٢: ٤) لكن هدَّد بها أعداء أورشليم (انظر ص ٣٠: ٧).

٢٩ «فَتَتَلَمَّسُ فِي ٱلظُّهْرِ كَمَا يَتَلَمَّسُ ٱلأَعْمَى فِي ٱلظَّلاَمِ، وَلاَ تَنْجَحُ فِي طُرُقِكَ بَلْ لاَ تَكُونُ إِلاَّ مَظْلُوماً مَغْصُوباً كُلَّ ٱلأَيَّامِ وَلَيْسَ مُخَلِّصٌ».

أيوب ٥: ١٤ وإشعياء ٥٩: ١٠

وَلاَ تَنْجَحُ فِي طُرُقِكَ هذا مقابل الوعد ليشوع الذي كان شرطه أن يعمل بكتاب الشريعة (يشوع ١: ٨ قابل به إشعياء ٢٩: ١٠ – ١٤) فالذين لا يعتمدون شريعة الله يضلون وإن كانوا من كبار الحكماء «لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: سَأُبِيدُ حِكْمَةَ ٱلْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ ٱلْفُهَمَاءِ» (١كورنثوس ١: ١٩) فقد قال الله في الشعب الذي أبعد قلبه عنه «أَصْنَعُ بِهٰذَا ٱلشَّعْبِ عَجَباً وَعَجِيباً، فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِه» (إشعياء ٢٩: ١٤).

مَظْلُوماً قد ظُلم بنو إسرائيل وبنو يهوذا معاً (إرميا ٥٠: ٣٣) لكنهم وُعدوا بولي قوي (إرميا ٥٠: ٣٤).

مَغْصُوباً أي مأخوذاً على رغمك وقد جاءت هذه الكلمة في (ع ٣١).

وَلَيْسَ مُخَلِّصٌ من البشر.

٣٠ «تَخْطُبُ ٱمْرَأَةً وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْطَجِعُ مَعَهَا. تَبْنِي بَيْتاً وَلاَ تَسْكُنُ فِيهِ. تَغْرِسُ كَرْماً وَلاَ تَسْتَغِلُّهُ».

أيوب ٣١: ١٠ وإرميا ٨: ١٠ أيوب ٣١: ٨ وإرميا ١٢: ١٣ وعاموس ٥: ١١ وميخا ٦: ١٥ وصفنيا ١: ١٣ ص ٢٠: ٦

ما في هذه الآيات من شر المصائب (انظر أيوب ٣١: ٨ وإرميا ٨: ١٠ و١٢: ١٣ وعاموس ٥: ١١ وميخا ٦: ١٥ وصفنيا ١: ١٣).

٣١ «يُذْبَحُ ثَوْرُكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَلاَ تَأْكُلُ مِنْهُ. يُغْتَصَبُ حِمَارُكَ مِنْ أَمَامِ وَجْهِكَ وَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْكَ. تُدْفَعُ غَنَمُكَ إِلَى أَعْدَائِكَ وَلَيْسَ لَكَ مُخَلِّصٌ».

لَيْسَ لَكَ مُخَلِّصٌ من البشر وما أتاهم من منقذ إلا من قِبل الله كالقضاة وغيرهم فيكون المخلص الله لا الناس.

٣٢ «يُسَلَّمُ بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ لِشَعْبٍ آخَرَ وَعَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ إِلَيْهِمْ طُولَ ٱلنَّهَارِ، فَتَكِلاَّنِ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ طَائِلَةٌ».

مزمور ١١٩: ٨٢

بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ هذه العبارة من أشد عبارات هذا الأصحاح إحزاناً فكثيرون من المجاورين لبني إسرائيل اعتادوا إذا مروا ببلادهم أن لا يقتصروا على نهب الغنم والبقر وغيرهما من البهائم بل كانوا يسبون أولادهم عبيداً وإماءً. ومثل هذه الآية في الأحزان قوله تعالى «صَوْتٌ سُمِعَ فِي ٱلرَّامَةِ، نَوْحٌ بُكَاءٌ مُرٌّ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَتَأْبَى أَنْ تَتَعَزَّى عَنْ أَوْلاَدِهَا لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ» لكنه تعالى لا ينذر بالويل إلا يأتي بالتعزية غالباً ولهذا زاد على ذلك قوله «فَيَرْجِعُونَ مِنْ أَرْضِ ٱلْعَدُوِّ» (إرميا ٣١: ١٥ – ١٧).

عَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ… فَتَكِلاَّنِ وَلَيْسَ فِي يَدِكَ طَائِلَةٌ (الطائلة هنا القدرة أو الفائدة) أي تنظر ذلك المصاب ولا تستطيع أن تدفعه «وكل ما يُرى من المصاب ولا يُستطاع دفعه يعبر عنه بكلال العين» (راشي). وقوله «ليس في يدك طائلة» من العبارات العبرانية التي يعبر بها عن غاية العجز. فإن جاءت العبارة في طريق الإثبات كانت بياناً لغاية القدرة كقول لابان ليعقوب «فِي قُدْرَةِ يَدِي أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ شَرّاً» (تكوين ٣١: ٢٩). والمعنى المقصود بالعبارة هنا أنك تعجز عن إنقاذهم لأن الرب قضى بذلك فكأنه قال لا تستطيع أن تمد يدك إلى الله أي لا تقدر أن ترفع يدك إليه. ويحسن هنا أن نقابل بهذا مصارعة يعقوب للملاك ومحاربة موسى لعماليق فإن موسى حين كان يرفع يده يغلب إسرائيل وحين كان يضعها يغلب عماليق وللمفسرين غير ذلك من الأقوال في هذه الآية وما ذكرناه هو الموافق للغة العبرانية الخالصة (وللعربية الفصحى).

٣٣ «ثَمَرُ أَرْضِكَ وَكُلُّ تَعَبِكَ يَأْكُلُهُ شَعْبٌ لاَ تَعْرِفُهُ، فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ مَظْلُوماً وَمَسْحُوقاً كُلَّ ٱلأَيَّامِ».

لاويين ٢٦: ١٦ وع ٥١ وإرميا ٥: ١٧

شَعْبٌ لاَ تَعْرِفُهُ أي «هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ أُمَّةً مِنْ بُعْدٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. أُمَّةً قَوِيَّةً. أُمَّةً مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ. أُمَّةً لاَ تَعْرِفُ لِسَانَهَا وَلاَ تَفْهَمُ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» (إرميا ٥: ١٥ – ١٧).

٣٤ «وَتَكُونُ مَجْنُوناً مِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ ٱلَّذِي تَنْظُرُ».

ع ٦٧

تَكُونُ مَجْنُوناً مِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ (أي ترى ما يحزنك جداً ويحيّرك حتى يخرجك عن دائرة العقل).

٣٥ «يَضْرِبُكَ ٱلرَّبُّ بِقُرْحٍ خَبِيثٍ عَلَى ٱلرُّكْبَتَيْنِ وَعَلَى ٱلسَّاقَيْنِ، حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ ٱلشِّفَاءَ مِنْ أَسْفَلِ قَدَمِكَ إِلَى قِمَّةِ رَأْسِكَ».

ع ٢٧

بِقُرْحٍ خَبِيثٍ (انظر ع ٢٧ والتفسير).

عَلَى ٱلرُّكْبَتَيْنِ (فيكون الألم أشد والوهن أكثر مما لو كان على اليد مثلاً). وهذا يقرب من قول النبي «كُلُّ ٱلرُّكَبِ تَصِيرُ مَاءً» (حزقيال ٧: ١٧ و٢١: ٧).

٣٦ «يَذْهَبُ بِكَ ٱلرَّبُّ وَبِمَلِكِكَ ٱلَّذِي تُقِيمُهُ عَلَيْكَ إِلَى أُمَّةٍ لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ، وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ».

٢ملوك ١٧: ٤ و٦ و٢٤: ١٢ و١٤ و٢٥: ٧ و١١ و٢أيام ٣٣: ١١ و٣٦: ٦ و٢٠ ص ٤: ٢٨ وع ٦٤ وإرميا ١٦: ١٣

بِكَ ٱلرَّبُّ وَبِمَلِكِكَ ٱلَّذِي تُقِيمُهُ عَلَيْكَ قابل بهذا (ص ١٧: ١٤). وهذه الآية ليست بالآية الوحيدة للدلالة على أن موسى عرف أنه سيكون لبني إسرائيل ملك فلو كان كاتب هذا السفر من المتأخرين لذكر المملكتين أو ذكر كرسي داود أو أشار إليه. وقد تمت هذه النبوءة بسبي عدة ملوك فهو آحاز سُبي إلى مصر ويكنيا وصدقيا سُبيا إلى بابل. ويوشيا لم يُذكر سبيه في الكتاب لكنه على ما يظهر سباه الأشوريون.

تَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ (انظر تفسير ص ٤: ٢٨).

٣٧ «وَتَكُونُ دَهَشاً وَمَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ يَسُوقُكَ ٱلرَّبُّ إِلَيْهِمْ».

١ملوك ٩: ٧ و٨ وإرميا ٢٤: ٩ و٢٥: ٩ وزكريا ٨: ١٣ مزمور ٤٤: ١٤

وَتَكُونُ دَهَشاً وَمَثَلاً وَهُزْأَةً (أي يدهش الناس من مصابك ويضربون بك المثل في الذل والدناءة والشقاء ويسخرون بك كثيراً) وهذا مقابل لما في (ع ١٠) وقد حقق في السبي الأول ولم يبق إلى الاهتضام الأخير (انظر ١ملوك ٩: ٧ – ٩ وإرميا ٤٢: ١٨ وحزقيال ٣٦: ٢٠ – ٢٢).

٣٨ – ٤٤ «٣٨ بِذَاراً كَثِيراً تُخْرِجُ إِلَى ٱلْحَقْلِ وَقَلِيلاً تَجْمَعُ، لأَنَّ ٱلْجَرَادَ يَأْكُلُهُ. ٣٩ كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَجْنِي، لأَنَّ ٱلدُّودَ يَأْكُلُهَا. ٤٠ يَكُونُ لَكَ زَيْتُونٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ وَبِزَيْتٍ لاَ تَدَّهِنُ، لأَنَّ زَيْتُونَكَ يَنْتَثِرُ. ٤١ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تَلِدُ وَلاَ يَكُونُونَ لَكَ، لأَنَّهُمْ إِلَى ٱلسَّبْيِ يَذْهَبُونَ. ٤٢ جَمِيعُ أَشْجَارِكَ وَأَثْمَارِ أَرْضِكَ يَتَوَلاَّهُ ٱلصَّرْصَرُ. ٤٣ اَلْغَرِيبُ ٱلَّذِي فِي وَسَطِكَ يَسْتَعْلِي عَلَيْكَ مُتَصَاعِداً وَأَنْتَ تَنْحَطُّ مُتَنَازِلاً. ٤٤ هُوَ يُقْرِضُكَ وَأَنْتَ لاَ تُقْرِضُهُ. هُوَ يَكُونُ رَأْساً وَأَنْتَ تَكُونُ ذَنَباً».

ميخا ٦: ١٥ وحجي ١: ٦ يوئيل ١: ٤ مراثي إرميا ١: ٥ ع ١٢ ع ١٣

هذا مقابل لما في (ع ١١). و(ع ٤٤ مقابل لما في ع ١٢ و١٣) ومن ترتيب هذا المقال يتبين أن اضطراب الآباء كان سيقع على إسرائيل بعد سبيهم ولا يتوقع أن يتم ذلك عرضاً واتفاقاً كل ما في (ع ٣٨ – ٤٤) كما هو في (حجي ١: ٦ – ١١) (قابل بهذا إشعياء ٥: ١٠ وهو قوله تعالى «عشر فدادين كرم تصنع بثاً واحداً وحومر بذار يصنع إيفة»).

٤٥ – ٤٨ «٤٥ وَتَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱللَّعَنَاتِ وَتَتَّبِعُكَ وَتُدْرِكُكَ حَتَّى تَهْلِكَ، لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا. ٤٦ فَتَكُونُ فِيكَ آيَةً وَأُعْجُوبَةً وَفِي نَسْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ. ٤٧ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَعْبُدِ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ بِفَرَحٍ وَبِطِيبَةِ قَلْبٍ لِكَثْرَةِ كُلِّ شَيْءٍ. ٤٨ تُسْتَعْبَدُ لأَعْدَائِكَ ٱلَّذِينَ يُرْسِلُهُمُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعُرْيٍ وَعَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ. فَيَجْعَلُ نِيرَ حَدِيدٍ عَلَى عُنُقِكَ حَتَّى يُهْلِكَكَ».

ع ١٥ إشعياء ٨: ١٨ وحزقيال ١٤: ٨ نحميا ٩: ٣٥ إلى ٣٧ ص ٣٢: ١٥ إرميا ٢٨: ١٤

حَتَّى يُهْلِكَكَ أي حتى تزول كل قوتك فتشبه من هلك. ففي الكلام استعارة ومثلها كثير في الكتاب المقدس ومن ذلك قوله «مَلِكَ أَرَامَ أَفْنَاهُمْ وَوَضَعَهُمْ كَٱلتُّرَابِ لِلدَّوْسِ» (٢ملوك ١٣: ٧) ومثله الهلاك في (نهاية ع ٤٦ ونهاية ع ٤٨).

انتصار أمة غريبة على إسرائيل ونوازل الحصار (ع ٤٩ – ٥٧)

٤٩ «يَجْلِبُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ أُمَّةً مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ أَقْصَاءِ ٱلأَرْضِ كَمَا يَطِيرُ ٱلنَّسْرُ، أُمَّةً لاَ تَفْهَمُ لِسَانَهَا».

إرميا ٥: ١٥ و٦: ٢٢ و٢٣ ولوقا ١٩: ٤٣ إرميا ٤٨: ٤٠ و٤٩: ٢٢ ومراثي إرميا ٤: ١٩ وحزقيال ١٧: ٣ و١٢ وهوشع ٨: ١

يَجْلِبُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ أُمَّةً قال الله «هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكُمْ أُمَّةً مِنْ بُعْدٍ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. أُمَّةً قَوِيَّةً. أُمَّةً مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ. أُمَّةً لاَ تَعْرِفُ لِسَانَهَا وَلاَ تَفْهَمُ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ» (إرميا ٥: ١٥) والمقصود بهذا الأمة الكلدانيون «الأمة المرة» (حبقوق ١: ٦).

كَمَا يَطِيرُ ٱلنَّسْرُ (أي مسرعين سرعة النسر في الطيران) ربما أشار بهذا إلى نسور الرومانيين ونسور الكلدانيين الأمة التي «فُرْسَانُهَا يَنْتَشِرُونَ وَيَأْتُونَ مِنْ بَعِيدٍ، وَيَطِيرُونَ كَٱلنَّسْرِ ٱلْمُسْرِعِ إِلَى ٱلأَكْلِ» (حبقوق ١: ٨).

أُمَّةً لاَ تَفْهَمُ لِسَانَهَا قال أحد المفسرين «أنبأني صاحب من علماء اليهود وهو من البارعين في اللغات إن مئات من شعب اليهود لا يعرفون لغات البلاد المُذلين فيها وكأنهم فقدوا قدرة تعلّم اللغات وقد اختبرت أنا نفسي ذلك مع كثيرين من يهود لندن ولم يكن ذلك من عدم القدرة على التعلم لكن من مرض في القوة الفاهمة حتى أنهم لا يفهمون إلا قليلاً من الأفكار».

٥٠ «أُمَّةً جَافِيَةَ ٱلْوَجْهِ لاَ تَهَابُ ٱلشَّيْخَ وَلاَ تَحِنُّ إِلَى ٱلْوَلَدِ».

أمثال ٧: ١٣ وجامعة ٨: ١ ودانيال ٨: ٢٣ و٢أيام ٣٦: ١٧ وإشعياء ٤٧: ٦

لاَ تَهَابُ ٱلشَّيْخَ وَلاَ تَحِنُّ إِلَى ٱلْوَلَدِ هذا كان من صفات ملك الكلدانيين فقد جاء في سفر الأيام الثاني «فَأَصْعَدَ عَلَيْهِمْ مَلِكَ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ فَقَتَلَ مُخْتَارِيهِمْ بِٱلسَّيْفِ فِي بَيْتِ مَقْدِسِهِمْ. وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى فَتىً أَوْ عَذْرَاءَ وَلاَ عَلَى شَيْخٍ أَوْ أَشْيَبَ» (٢أيام ٣٦: ١٧).

٥١ «فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ حَتَّى تَهْلِكَ، وَلاَ تُبْقِي لَكَ قَمْحاً وَلاَ خَمْراً وَلاَ زَيْتاً، وَلاَ نِتَاجَ بَقَرِكَ وَلاَ إِنَاثَ غَنَمِكَ، حَتَّى تُفْنِيَكَ».

ع ٣٣ وإشعياء ١: ٧ و٦٢: ٨

(الهلاك والفناء هنا كالهلاك في ع ٤٥ فارجع إليه وإلى التفسير).

٥٢ «وَتُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ حَتَّى تَهْبِطَ أَسْوَارُكَ ٱلشَّامِخَةُ ٱلْحَصِينَةُ ٱلَّتِي أَنْتَ تَثِقُ بِهَا فِي كُلِّ أَرْضِكَ. تُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ فِي كُلِّ أَرْضِكَ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».

٢ملوك ٢٥: ١ و٢ و٤

تُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ تم ذلك تماماً (انظر إرميا ٣٤: ٧ وتاريخ يوسيفوس المؤرخ اليهودي في حروب اليهود).

٥٣ «فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ، لَحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ ٱلَّذِينَ أَعْطَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ».

لاويين ٢٦: ٢٩ و٢ملوك ٦: ٢٨ و٢٩ وإرميا ١٩: ٩ ومراثي إرميا ٢: ٢٠ و٤: ١٠

فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ تم ذلك في حصار الكلدانيين للسامرة (٢ملوك ٦: ٢٦ – ٢٩) وحصار نبوخذ نصر لأورشليم (انظر مراثي إرميا ٢: ٢٠ و٤: ١٠).

٥٤، ٥٥ «٥٤ ٱلرَّجُلُ ٱلْمُتَنَعِّمُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهُ جِدّاً، تَبْخَلُ عَيْنُهُ عَلَى أَخِيهِ وَٱمْرَأَةِ حِضْنِهِ وَبَقِيَّةِ أَوْلاَدِهِ ٱلَّذِينَ يُبْقِيهِمْ، ٥٥ بِأَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمْ مِنْ لَحْمِ بَنِيهِ ٱلَّذِي يَأْكُلُهُ، لأَنَّهُ لَمْ يُبْقَ لَهُ شَيْءٌ فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ».

ص ١٥: ٩ ص ١٣: ٦

تَبْخَلُ عَيْنُهُ… بِأَنْ يُعْطِيَ هذا من أهول المشاهد وأشدها إحزاناً وأي الأهوال والمحزنات مثل أن يبخل الوالد بلحم أحد بنيه على زوجته الوالدة وسائر أولاده.

٥٦ «وَٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهَةُ ٱلَّتِي لَمْ تُجَرِّبْ أَنْ تَضَعَ أَسْفَلَ قَدَمِهَا عَلَى ٱلأَرْضِ لِلتَّنَعُّمِ وَٱلتَّرَفُّهِ، تَبْخَلُ عَيْنُهَا عَلَى رَجُلِ حِضْنِهَا وَعَلَى ٱبْنِهَا وَٱبْنَتِهَا».

ع ٥٤

ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَٱلْمُتَرَفِّهَةُ تم ذلك على وفق معنى العبارة الحقيقي في محاصرة تيطس لأورشليم فقد قال يوسيفوس المؤرخ أن امرأة شريفة من بيت أزوب قتلت رضيعها وأكلت نصفه دفعة وخبأت النصف الآخر لتأكله في وقت آخر. وأنبأ بمثل ذلك أوسابيوس في تاريخ الكنيسة.

٥٧ «بِمَشِيمَتِهَا ٱلْخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهَا وَبِأَوْلاَدِهَا ٱلَّذِينَ تَلِدُهُمْ، لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ، فِي ٱلْحِصَارِ وَٱلضِّيقَةِ ٱلَّتِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ».

تكوين ٤٩: ١٠

بِمَشِيمَتِهَا محل الولد تخرج معه عند الولادة. وقُرئ في بعض النسخ القديمة ابنها.

٥٨، ٥٩ «٥٨ إِنْ لَمْ تَحْرِصْ لِتَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هٰذَا ٱلنَّامُوسِ ٱلْمَكْتُوبَةِ فِي هٰذَا ٱلسِّفْرِ لِتَهَابَ هٰذَا ٱلاسْمَ ٱلْجَلِيلَ ٱلْمَرْهُوبَ، ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ، ٥٩ يَجْعَلُ ٱلرَّبُّ ضَرَبَاتِكَ وَضَرَبَاتِ نَسْلِكَ عَجِيبَةً. ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً رَاسِخَةً وَأَمْرَاضاً رَدِيئَةً ثَابِتَةً».

خروج ٦: ٣ دانيال ٩: ١٢

(انظر تفسير ص ٢٥: ٢ و٣).

ٱلاسْمَ ٱلْجَلِيلَ ٱلْمَرْهُوبَ، ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ وإذا كان اسمه كذلك وجب على عارفه أن يحبه ويطيعه ويعترف به وإنه لم يفعل كذلك فمخيف هو الوقوع في يد الله الحي الجليل المرهوب وإنه الهلاك في الاستخفاف به. وقد وضع تعالى وتبارك قوله «أنا هو الرب إلهك» في مقدمة الوصايا العشر لتسمع بالخشية وتحفظ بالرهبة والوقار ويخشى من شديد العقاب على مخالفتها.

رَاسِخَةً أي طويلة المدة فإنه تقضى على اليهود في الذل والضيق والاضطهاد نحو ١٩٠٠ سنة ومصابهم كأنه جديد. قال راشي ما معناه إني أُودُّ بك أبداً كشعار للإسرائيليين.

٦٠ «وَيَرُدُّ عَلَيْكَ جَمِيعَ أَدْوَاءِ مِصْرَ ٱلَّتِي فَزِعْتَ مِنْهَا فَتَلْتَصِقُ بِكَ».

ص ٧: ١٥

جَمِيعَ أَدْوَاءِ مِصْرَ الخ أي أمراضها. وهذا مقابل ما في سفر الخروج من قوله تعالى «إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ… فَمَرَضاً مَا مِمَّا وَضَعْتُهُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ لاَ أَضَعُ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ شَافِيكَ» (خروج ١٥: ٢٦). وموافق ما في حزقيال من قوله «فَلاَ تُشْفِقُ عَيْنِي وَلاَ أَعْفُو بَلْ أَجْلِبُ عَلَيْكِ كَطُرُقِكِ، وَرَجَاسَاتُكِ تَكُونُ فِي وَسَطِكِ. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلضَّارِبُ» (حزقيال ٧: ٩).

٦١، ٦٢ «٦١ أَيْضاً كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لَمْ تُكْتَبْ فِي سِفْرِ ٱلنَّامُوسِ هٰذَا يُسَلِّطُهُ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ حَتَّى تَهْلَكَ. ٦٢ فَتَبْقُونَ نَفَراً قَلِيلاً عِوَضَ مَا كُنْتُمْ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ فِي ٱلْكَثْرَةِ لأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ».

ص ٤: ٢٧ ص ١٠: ٢٢ ونحميا ٩: ٢٣

كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لَمْ تُكْتَبْ… فَتَبْقُونَ نَفَراً قَلِيلاً «مُخِيفٌ هُوَ ٱلْوُقُوعُ فِي يَدَيِ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ» (عبرانيين ١٠: ٣١).

٦٣ «وَكَمَا فَرِحَ ٱلرَّبُّ لَكُمْ لِيُحْسِنَ إِلَيْكُمْ وَيُكَثِّرَكُمْ، كَذٰلِكَ يَفْرَحُ ٱلرَّبُّ لَكُمْ لِيُفْنِيَكُمْ وَيُهْلِكَكُمْ، فَتُسْتَأْصَلُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا».

ص ٣٠: ٩ وإرميا ٣٢: ٤١ أمثال ١: ٢٦ وإشعياء ١: ٢٤

كَمَا فَرِحَ (انظر تفسير ص ٣٠: ٩).

٦٤ «وَيُبَدِّدُكَ ٱلرَّبُّ فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ مِنْ أَقْصَاءِ ٱلأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ».

لاويين ٢٦: ٣٣ وص ٤: ٢٧ و٢٨ ونحميا ١: ٨ وإرميا ١٦: ١٣ ع ٣٦

وَيُبَدِّدُكَ ٱلرَّبُّ فِي جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ تم هذا فعلاً وكان في ذلك شر انحطاطهم وانضغاطهم.

وَتَعْبُدُ هُنَاكَ آلِهَةً أُخْرَى لم نعلم أن الإسرائيليين سقطوا في العبادة الوثنية فعلاً في زمن إذلالهم إلا في مصر (إرميا ٤٤: ١٧) وربما سقطوا فيها يوم كانوا مسبيين في بابل (حزقيال ١٤: ٢٢ و٢٣) لكنهم كانوا عبيداً لعبدة الأوثان (فربما قل إيمانهم بالرب لما صاروا إليه فمالت قلوبهم إلى أوثان مستعبديهم فكانوا بمنزلة عبدة الآلهة الباطلة في الباطن).

٦٥ «وَفِي تِلْكَ ٱلأُمَمِ لاَ تَطْمَئِنُّ وَلاَ يَكُونُ قَرَارٌ لِقَدَمِكَ، بَلْ يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ هُنَاكَ قَلْباً مُرْتَجِفاً وَكَلاَلَ ٱلْعَيْنَيْنِ وَذُبُولَ ٱلنَّفْسِ».

عاموس ٩: ٤ لاويين ٢٦: ٣٦ لاويين ٢٦: ١٦

فِي تِلْكَ ٱلأُمَمِ لاَ تَطْمَئِنُّ تكرار اضطهاد اليهود الذي أثاره عليهم الأمم الذين كانوا بينهم في زمن إذلالهم من أهول الحوادث وأعجبها في التاريخ.

كَلاَلَ ٱلْعَيْنَيْنِ «فتنظر إلى الخلاص ولا تراه» (راشي). (أي تتوقعه ولا يأتي فتكون بذلك كمن يحاول رؤية شبح ولا يراه لكلال عينيه). هذا والظاهر أن للعبارة غير المعنى الذي رآه راشي وإن كان ما رآه قريباً منه وهو أنه استعار كلال العينين للعمى العقلي أو غلظ الأذهان كقول بولس الرسول فيهم «بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى ٱلْيَوْمِ ذٰلِكَ ٱلْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ ٱلْعَهْدِ ٱلْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ» (انظر ٢كورنثوس ٣: ١٤ و١٥ والتفسير).

٦٦ «وَتَكُونُ حَيَاتُكَ مُعَلَّقَةً قُدَّامَكَ، وَتَرْتَعِبُ لَيْلاً وَنَهَاراً وَلاَ تَأْمَنُ عَلَى حَيَاتِكَ».

حَيَاتُكَ مُعَلَّقَةً قُدَّامَكَ أي «تتوقع الموت دائماً فتقول لعلّي أموت اليوم بالسيف الذي يأتي عليّ» (راشي).

٦٧ «فِي ٱلصَّبَاحِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلْمَسَاءُ! وَفِي ٱلْمَسَاءِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلصَّبَاحُ! مِنِ ٱرْتِعَابِ قَلْبِكَ ٱلَّذِي تَرْتَعِبُ، وَمِنْ مَنْظَرِ عَيْنَيْكَ ٱلَّذِي تَنْظُرُ».

أيوب ٧: ٤ ع ٣٤

فِي ٱلصَّبَاحِ تَقُولُ: يَا لَيْتَهُ ٱلْمَسَاءُ جاء في التلمود في معنى هذه الآية ما خلاصته إن كل وقت يأتي تكون أهواله أشد مما قبله فكل ساعة تزيد على التي قبلها لعنة. والآية لا تشير إلى توالي زيادة الأهوال بل تدل على ثقل الضربة الدائمة.

٦٨ «وَيَرُدُّكَ ٱلرَّبُّ إِلَى مِصْرَ فِي سُفُنٍ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي قُلْتُ لَكَ لاَ تَعُدْ تَرَاهَا، فَتُبَاعُونَ هُنَاكَ لأَعْدَائِكَ عَبِيداً وَإِمَاءً، وَلَيْسَ مَنْ يَشْتَرِي».

إرميا ٤٣: ٧ وهوشع ٧: ١٣ و٩: ٣ ص ١٧: ١٦

يَرُدُّكَ ٱلرَّبُّ إِلَى مِصْرَ فِي سُفُنٍ قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن تيطس أرسل كثيرين من اليهود في السفن إلى مصر.

ٱلَّتِي قُلْتُ لَكَ لاَ تَعُدْ تَرَاهَا (ص ١٧: ١٦). (إن الله لم يخلف بوعده إذ سمح برجوعهم إلى مصر لأن وعده كان معلقاً بشرط الطاعة فإذا عصوا بطل الوعد فإن الله وعد بكل خير للناس بشرط أن يحفظوا أقواله ويعملوا بها ولكن أكثر الناس إن لم نقل كلهم في شر عظيم وما ذلك إلا لجورهم عن حقه تعالى.

فَتُبَاعُونَ.. وَلَيْسَ مَنْ يَشْتَرِي قال راشي في هذا ما مترجمه «إنك تشتهي أن تُباع وتعرض نفسك عبداً لأعدائك وتأبى الأعداء أن تشتريك لأنك عُيّن لك أن تُقتل وتُباد أو أن بائعك يبيعك باعة آخرين لأنه لا يهتم أحد بأن يبقيك عنده». وقال أحد المفسرين: معنى قوله وليس من يشتري هو أنه ليس من يفديك بالشراء من العدو على وفق قول نحميا «نَحْنُ ٱشْتَرَيْنَا إِخْوَتَنَا ٱلْيَهُودَ ٱلَّذِينَ بِيعُوا لِلأُمَمِ حَسَبَ طَاقَتِنَا» (نحميا ٥: ٨).

العهد الثاني

٦٩ أو ص ٢٩: ١ «هذِهِ كَلِمَاتُ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ مُوآبَ، فَضْلاً عَنِ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ مَعَهُمْ فِي حُورِيبَ».

ص ٥: ٢ و٣

(هذه الآية في العبرانية الآية التاسعة والستون من الأصحاح الثامن والعشرين على ما وضعناها هنا وحُسبت في الترجمة العربية والانكليزية الآية الأولى من الأصحاح التاسع والعشرين لكنها كُتبت في العربية مع آيات (ص ٢٨) وأُشير إلى أنها الآية الأولى من (ص ٢٩) ووُضعت في الانكليزية في أول (ص ٢٩) وجعل أول آيات (ص ٢٩) في العبرانية الآية الثانية. وهذا أمر لا طائل تحته فالأصل والكلام واحد ولا أصحاحات في ما كتبه موسى).

هذِهِ كَلِمَاتُ ٱلْعَهْدِ هو العهد الثاني وهو الذي كان في حوريب وهو ما يأتي في (ص ٢٩) لا ما مرّ في (ص ٢٨) ولذلك جُعلت هذه الآية أول (ص ٢٩) في بعض الترجمات (كما ذكرنا).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى