سفر التثنية | 05 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر التثنية
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
١ «وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ ٱلَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مَسَامِعِكُمُ ٱلْيَوْمَ، وَتَعَلَّمُوهَا وَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوهَا».
دَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ ما يأتي وعظ مع تكرار ما تقدم في غير هذا السفر من أمور بني إسرائيل.
ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ القوانين والمطاليب أو الوصايا من إيجابية وسلبية وأمر ونهي ولا سيما الوصايا العشر (انظر ص ٦: ١).
٢ «اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْداً فِي حُورِيبَ».
خروج ١٩: ٥ وص ٤: ٢٣
اَلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْداً فِي حُورِيبَ المقصود بالعهد هنا الشريعة الموعود بحفظها ومراعاتها (انظر تفسر ع ٦).
٣ «لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا قَطَعَ ٱلرَّبُّ هٰذَا ٱلْعَهْدَ، بَلْ مَعَنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ هُنَا ٱلْيَوْمَ جَمِيعُنَا أَحْيَاءٌ».
متّى ١٣: ١٧ وعبرانيين ٨: ٩
لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا… بَلْ مَعَنَا أي ليس مع آبائنا فقط بل معنا أيضاً لأن العهد لم يكن لآبائنا إلا ليكون لأولادهم كما كان لهم. على أن كل من كان من الإسرائيليين يومئذ فوق سن الثانية والأربعين كان يستطيع أن يذكر أمور إعطاء الشريعة على طور سيناء.
٤ «وَجْهاً لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مَعَنَا فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ».
خروج ١٩: ٩ و١٩ و٢٠: ٢٢ وص ٤: ٣٣ و٣٦ و٣٤: ١٠
وَجْهاً لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مَعَنَا وإن لم نر شبهاً أو صورة (ص ٤: ١٢) لكن بلغت كلمات الرب أسماعنا وأتى الصوت إليها من أمامنا. وعلى هذا قوله تعالى لهم «أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ أَنَّنِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ تَكَلَّمْتُ مَعَكُمْ» (خروج ٢٠: ٢٢).
٥ «أَنَا كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ ٱلرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ لِأُخْبِرَكُمْ بِكَلاَمِ ٱلرَّبِّ، لأَنَّكُمْ خِفْتُمْ مِنْ أَجْلِ ٱلنَّارِ وَلَمْ تَصْعَدُوا إِلَى ٱلْجَبَلِ. فَقَالَ».
خروج ٢٠: ٢١ وغلاطية ٣: ١٩ خروج ١٩: ١٦ و٢٠: ١٨ و٢٤: ٢
أَنَا كُنْتُ وَاقِفاً بَيْنَ ٱلرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ الخ فأتكلم عن اختبار بنفسي ولا أحتاج إلى شاهد بصدق دعواي لأنكم رأتيموني بأعينكم بينكم وبين ربي وربكم. والمقصود بقوله «خفتم من أجل النار» إنهم لم يصعدوا الجبل خشية من الله الذي تجلى لهم بالنار (انظر خروج ص ١٩).
٦ «أَنَا هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ».
خروج ٢٠: ٢ الخ ولاويين ٢٦: ١ وص ٦: ٤ ومزمور ٨١: ١٠
أَنَا هُوَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يجب أن لا يُنسى أن هذه الجملة جزء صحيح أصلي من وصايا الله العشر (وإن كان كالمقدمة لها) وإنها الجزء الأول من هذا العهد العظيم. وإعلان علاقة الرب بكل ما تتضمنه وتستلزمه وهي علاقة اختباره تعالى لإسرائيل وتبنيه إياه بالعهد والميثاق يفوق ويفضل كل مطاليب الشريعة. وعلى ذلك يظهر كل الظهور أن الشريعة عهد صحيح جلي وإن ذلك أول معانيها وأظهرها.
٧ «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي».
خروج ٢٠: ٣
لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي قوله «أمامي» يحرّم الشرك في كل مكان لأن الإنسان أين كان لا يخلو من أن يكون أمام الله تعالى في كل مكان ولا يحصره المكان. وما أحسن قول المرنم «أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ» (مزمور ١٣٩: ٧). وهذا القول يستلزم استلزاماً بيّناً أن الأصنام حاجز بين الإنسان وخالقه تحجب عنه وجه الله ونوره وجماله وعظمته.
٨، ٩ «٨ لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً صُورَةً مَا مِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي ٱلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ ٱلأَرْضِ. ٩ لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلٰهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلآبَاءِ فِي ٱلأَبْنَاءِ وَفِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ مِنَ ٱلَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي».
خروج ٢٠: ٤ خروج ٣٤: ٧
هاتان الآيتان تمنع عن عبادة الله بواسطة الصور والتماثيل على اختلاف أنواعها وصنوفها.
اَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلآبَاءِ فِي ٱلأَبْنَاءِ هذا لا يلزم منه أن الله يقاص الأبناء على ذنب الآباء فإن ذلك الافتقاد في من يبغضونه.
١٠ «وَأَصْنَعُ إِحْسَاناً إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ».
إرميا ٣٢: ١٨ ودانيال ٩: ٤
مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ لنا صدى هذه الوصية في قول المخلص «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَٱحْفَظُوا وَصَايَايَ» (يوحنا ١٤: ١٥). والقاعدة في ذلك أن من يحب الله يحفظ وصاياه وإن من لا يحفظ وصاياه لا يحبه.
١١ «لاَ تَنْطِقْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ ٱلرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِٱسْمِهِ بَاطِلاً».
خروج ٢٠: ٧ ولاويين ١٩: ١٢ ومتّى ٥: ٣٣
لاَ تَنْطِقْ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ بَاطِلاً أي لا تلفظ اسم الرب عبثاً كأن تقسم به على الكذب أو تذكره في الحديث غير اللائق أو الأمور الدنيئة (كما يفعل أكثر الناس اليوم) فيجب على الإنسان أن يحترم اسم ربه ولا يفوه به إلا لسبب حق في مقام الخشية والاحترام.
١٢ – ١٥ «١٢ اِحْفَظْ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ كَمَا أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. ١٣ سِتَّةَ أَيَّامٍ تَشْتَغِلُ وَتَعْمَلُ جَمِيعَ أَعْمَالِكَ، ١٤ وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَسَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ، لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَٱبْنُكَ وَٱبْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ وَكُلُّ بَهَائِمِكَ وَنَزِيلُكَ ٱلَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لِيَسْتَرِيحَ عَبْدُكَ وَأَمَتُكَ مِثْلَكَ. ١٥ وَٱذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْداً فِي أَرْضِ مِصْرَ فَأَخْرَجَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ مِنْ هُنَاكَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ. لأَجْلِ ذٰلِكَ أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ أَنْ تَحْفَظَ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ».
خروج ٢٠: ٨ خروج ٢٣: ١٢ و٣٥: ٢ وحزقيال ٢٠: ١٢ تكوين ٢: ٢ وخروج ١٦: ٢٩ و٣٠ وعبرانيين ٤: ٤ ص ١٥: ١٥ و١٦: ١٢ و٢٤: ١٨ و٢٢ ص ٤: ٣٤ و٣٧
هذه الآيات كالآيات التي في الأصحاح العشرين من سفر الخروج إلا ذكر الثور والحمار في (ع ١٤) فإنهما لم يُذكرا في الوصية في سفر الخروج وذكرهما هنا مثالاً ولأنهما أكثر البهائم استخداماً. والعلة التي في مقدمة الوصية والخاتمة هنا غير العلة هناك فإن العلة هناك استراحة الرب من خلق العالمين وهنا الإخراج من مصر. ولا منافاة بين القولين لأن الوصية وُضعت لأسباب كثيرة منها السببان المذكوران فإن من أسبابها أيضاً نفع الإنسان الجسدي والتفرغ لمطالعة كتاب الله وعبادته الجمهورية والانفرادية. ولنا في التعليل هنا بالخروج بشرى إنجيلية سماها بعضهم ببشرى التثنية فإنها رمز إلى إخراج المسيح إيّانا من مصر الخطية وعبودية فرعون الأرواح النجسة فتحفظ الأحد تذكاراً لقيامته التي أخرجنا بها من ذلك.
ومما يستحق الاعتبار هنا إن الإسرائيليين أعلنوا أن الله منحهم سلطاناً على إجبار الأمم على حفظ السبت إذا كانوا غرباء داخل أبوابهم. والمقصود بهؤلاء الأمم هم الذين يهوّدون ويلتصقون بالإسرائيليين ويخدمون الرب وغيرهم (إشعياء ٥٦: ٦ و٧). وقد أجرى الإسرائيليون ذلك فعلاً على غيرهم من غرباء الأمم (انظر نحميا ١٣: ١٦ – ٢١).
ولا اختلاف في معنى الوصية بين ما ذُكر هنا وما ذُكر في سفر الخروج (خروج ٢٠: ٩ و١٠) وندفع صعوبة الاختلاف في الصورة بأمرين:
الأول: إن الوصية نفسها لم تتغير (قابل ع ١٣ و١٤ بما في خروج ٢٠: ٩ و٢٠).
الثاني: إن موسى بهذه الموعظة دعا الإسرائيليين إلى أن يسمعوا فرائض الرب وأحكامه باعتبار أنه الوسيط بينهم وبين الله على هذه الأرض فأوصاهم بما أعلن له الله وأجبرهم على حفظ ما أعلن له بمقتضى الإعلان والإرشاد إلى ما هو الأحسن.
١٦ «أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ، لِتَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ».
خروج ٢٠: ١٢ ولاويين ١٩: ٣ وص ٢٧: ١٦ وأفسس ٦: ٢ و ٣ وكولوسي ٣: ٢٠ ص ٤: ٤٠
يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ هذا أول وصية بوعد كما قال بولس الرسول (أفسس ٦: ٢ و٣). وبيان هذا الوعد بالتفصيل في تفسير (ص ٢٢: ٧) وفيه كلام من التلمود.
١٧ – ٢٠ «١٧ لاَ تَقْتُلْ، ١٨ وَلاَ تَزْنِ، ١٩ وَلاَ تَسْرِقْ، ٢٠ وَلاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ».
خروج ٢٠: ١٣ ومتّى ٥: ٢١ خروج ٢٠: ١٤ ولوقا ١٨: ٢٠ ويعقوب ٢: ١١ خروج ٢٠: ١٥ ورومية ١٣: ٩ خروج ٢٠: ١٦
كلمات هذه الوصايا الأربع على وفق كلماتها في سفر الخروج وتفسيرها هناك (خروج ٢٠: ١٣ – ١٦).
٢١ «وَلاَ تَشْتَهِ ٱمْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ وَلاَ حَقْلَهُ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ كُلَّ مَا لِقَرِيبِكَ».
خروج ٢٠: ١٧ وميخا ٢: ٢ وحبقوق ٢: ٩ ولوقا ١٢: ١٥ ورومية ٧: ٧ و١٣: ٩
وَلاَ حَقْلَهُ هذا لم يُذكر في هذه الوصية في سفر الخروج لأنه لم يكن الإسرائيليون حينئذ أصحاب حقول وأما الآن فكانوا على وشك أن يملكوا أرض كنعان ويكونوا كذلك فزاد المشترع هذا هنا بمقتضى وحي الله. ومن الزيادة هنا في هذه الوصية قوله «لا تشته» مرة ثانية منعاً للابتهاج بالشهوة وللشهوة عينها.
٢٢ «هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ كَلَّمَ بِهَا ٱلرَّبُّ كُلَّ جَمَاعَتِكُمْ فِي ٱلْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ وَٱلسَّحَابِ وَٱلضَّبَابِ، وَصَوْتٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَزِدْ. وَكَتَبَهَا عَلَى لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ وَأَعْطَانِي إِيَّاهَا».
خروج ٢٤: ١٢ و٣١: ١٨ وص ٤: ١٣
وَلَمْ يَزِدْ اي لم يتكلم بشيء فوق الوصايا العشر لا أنه لم يزد شيئاً على كلماتها.
٢٣، ٢٤ «٢٣ فَلَمَّا سَمِعْتُمُ ٱلصَّوْتَ مِنْ وَسَطِ ٱلظَّلاَمِ، وَٱلْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِٱلنَّارِ، تَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ، جَمِيعُ رُؤَسَاءِ أَسْبَاطِكُمْ وَشُيُوخُكُمْ ٢٤ وَقُلْتُمْ: هُوَذَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا قَدْ أَرَانَا مَجْدَهُ وَعَظَمَتَهُ، وَسَمِعْنَا صَوْتَهُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ. هٰذَا ٱلْيَوْمَ قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ يُكَلِّمُ ٱلإِنْسَانَ وَيَحْيَا».
خروج ٢٠: ١٨ و١٩ خروج ١٩: ١٩ ص ٤: ٣٣ وقضاة ١٣: ٢٢
كان كلام الرؤساء والشيوخ هنا أطول وأكمل من كلامهم في سفر الخروج وأطاله المشترع وأكمله هنا ليتضح ويرسخ في أذهان الشعب.
٢٥ «وَأَمَّا ٱلآنَ فَلِمَاذَا نَمُوتُ؟ لأَنَّ هٰذِهِ ٱلنَّارَ ٱلْعَظِيمَةَ تَأْكُلُنَا. إِنْ عُدْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا أَيْضاً نَمُوتُ!».
ص ١٨: ١٦
فَلِمَاذَا نَمُوتُ أُثير فيهم الخوف الغريزي من الموت بواسطة حضور الله ولا سيما إعلان شريعة الرب. وفي ذلك شهادة جلية بحقيقة أن الإنسان خُلق على صورة الله وشبهه ليحيا حياة مقدسة.
٢٦، ٢٧ «٢٦ لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ ٱلَّذِي سَمِعَ صَوْتَ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَسَطِ ٱلنَّارِ مِثْلَنَا وَعَاشَ؟ ٢٧ تَقَدَّمْ أَنْتَ وَٱسْمَعْ كُلَّ مَا يَقُولُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، وَكَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا، فَنَسْمَعَ وَنَعْمَلَ».
ص ٤: ٣٣ خروج ٢٠: ١٩ وعبرانيين ١٢: ١٩
لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْبَشَرِ ٱلَّذِي سَمِعَ الخ نُقل عن التلمود أن الله لما أعطى الشريعة سمعها كل أمة بلغتها. وفي هذا مشابهة بين ما أُعلن في سيناء وما أعلن في اليوم الخمسين إذ سمع الناس الرسل يتكلمون بألسنتهم بعظائم الله أي كل واحد سمع ذلك بلغته.
٢٨ «فَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ حِينَ كَلَّمْتُمُونِي وَقَالَ لِي ٱلرَّبُّ: سَمِعْتُ صَوْتَ كَلاَمِ هٰؤُلاَءِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي كَلَّمُوكَ بِهِ. قَدْ أَحْسَنُوا فِي كُلِّ مَا تَكَلَّمُوا.
ص ١٨: ١٧
فَسَمِعَ ٱلرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ لم يُذكر تفسير الله لكلام الشعب إلا في سفر التثنية ولكن البيان الكامل لذلك في (ص ١٨: ١٨ و١٩) ومقابلة ما هنا بما هناك فإنه يتبين بالمقابلة أن الوعد بنبي كموسى كان في هذا نفسه. قال المشترع هناك «قال لي الرب قد أحسنوا في ما تكلموا». «أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه». ومن عجيب العناية الإلهية أن الذي أعطى الشريعة من سيناء في «ضباب وظلام وزوبعة» في مثل ذلك اليوم عينه يعلن لشعبه تعليمه في النور. ويجب هنا أن لا ينسى أن «الذي صوته زعزع الأرض حينئذ» هو نفسه «الذي تكلم من السماء» الآن. وهو الذي كتب شريعته على القلب بإصبع روحه الروح القدس. وإن ملاك العهد والنبي الذي مثل موسى واحد. وإن الذي أعطى الناموس على سيناء هو الذي مات تحت الناموس على الجلجثة وأعد حفظها إلى الأبد أي حفظ كل الناموس عن المفديين.
٢٩ «يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هٰكَذَا فِيهِمْ حَتَّى يَتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَايَ كُلَّ ٱلأَيَّامِ، لِيَكُونَ لَهُمْ وَلأَوْلاَدِهِمْ خَيْرٌ إِلَى ٱلأَبَدِ».
ص ٣٢: ٢٩ ومزمور ٨١: ١٣ وإشعياء ٤٨: ١٨ ومتّى ٢٣: ٣٧ ولوقا ١٩: ٤٢ ص ١١: ١ ص ٤: ٤٠
يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هٰكَذَا الخ إن من طلب هذا الطلب إجابة بقوله «أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ» (عبرانيين ٨: ١٠). إنهم احتاجوا إلى وسيط كموسى فكان ذلك الوسيط هو الذي قال «أحسنوا في ما تكلموا».
٣٠ – ٣٣ «٣٠ اِذْهَبْ قُلْ لَهُمْ: ٱرْجِعُوا إِلَى خِيَامِكُمْ. ٣١ وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفْ هُنَا مَعِي فَأُكَلِّمَكَ بِجَمِيعِ ٱلْوَصَايَا وَٱلْفَرَائِضِ وَٱلأَحْكَامِ ٱلَّتِي تُعَلِّمُهُمْ فَيَعْمَلُونَهَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيهِمْ لِيَمْتَلِكُوهَا. ٣٢ فَٱحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوا كَمَا أَمَرَكُمُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ. لاَ تَزِيغُوا يَمِيناً وَلاَ يَسَاراً. ٣٣ فِي جَمِيعِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ تَسْلُكُونَ، لِتَحْيَوْا وَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ وَتُطِيلُوا ٱلأَيَّامَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي تَمْتَلِكُونَهَا».
غلاطية ٣: ١٩ ص ١٧: ٢٠ و٢٨: ١٤ ويشوع ١: ٧ و٢٣: ٦ وأمثال ٤: ٢٧ ص ١٠: ١٢ ومزمور ١١٩: ٦ وإرميا ٧: ٢٣ ولوقا ١: ٦ ص ٤: ٤٠
ذُكر مثل هذا الكلام وفُسّر على أنه لا يكاد يحتاج إلى تفسير.
السابق |
التالي |